تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
كيف الأرض تشرق من مغربها ارجع الى وثائق وكاله ناسا الفضائية الأمريكية فستجد أن كوكب المريخ كان في اقرب نقطة له إلى الأرض في عام 2007 وقد استغلت وكالة ناسا في ذلك الوقت الفرصة لدراسة كوكب المريخ حيث أن كوكب المريخ يكون في اقرب نقطة له إلى الأرض كما حدث في عام 2007 مرة كل ستين ألف سنة فدرست وكالة ناسا المريخ في عام 2007 وفوجئوا عندما وجدوا أن المريخ يدور بالعكس أي ان الشمس في كوكب المريخ تشرق من المغرب وهذا يعني ان كوكب الارض ممكن جدا ان يأتي يوم ويدور بالعكس وتخرج الشمس من مغربها كما قال رسول الله عليه واله الصلاة والسلام وهي كما نعرف نحن المسلمون انها من علامات القيامة الكبرى وان بعد خروج الشمس من مغربها تقفل ابواب التوبة ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً (الأنعام:158
وهي خروج الشمس من مغربها وقفل ابواب التوبة .
فدرس علماء وكالة ناسا دوران الكواكب الذي ينتج عنه الليل والنهار كما نعلم فاكتشفوا ان الكواكب باكملها تدور بسبب تاثير قوة الانفجار الكوني الذي حدث منذ ملايين السنين
(أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون ) الأنبياء:30
تماما مثلما تاخذ قلم من جيبك مثلا وتضعه على الطاولة ثم تلفه بقوة وتتركه فانه سيبقى يدور الى ان تنتهي القوة التي اعطيتها له فتقف عن الدوران ووجدوا علماء ناسا ان الكون بسبب الانفجار الكوني لا زال يتوسع
( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون )الذاريات:47
وهذا يحدث في اي انفجار في الوجود حيث يبدأ الانفجار من نقطة البداية ثم يحدث توسع الى ان تنتهي قوة الانفجار ولكن في حالة الانفجار الكوني وجدوا انه عندما تنتهي قوة الانفجار الكوني فان الكواكب تبدا بالدوران بالعكس كي نرجع الى نقطة البداية وهي مركز الانفجار الكوني الذي بدانا منه
(يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) [الأنبياء:104].
ونقطة البداية للانفجار الكوني معروفة لدى العلماء اليوم باسم الثقوب السوداء والتي وصفها القرآن
(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) (التكوير: 15-16)
يعني مراكز موجودة في الفضاء لا ترى بالعين خانسة لا تراها ولا تشعر بها تجري في الفضاء وتكنس كل شيء حولها وهي النقطة التي سنعود اليها يوم القيامة
( وماقدرو الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماواتُ مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عما يُشركون ) سورة الزمر 67
ووجد علماء ناسا ان الارض الان تدور بسبب قوة تاثير الانفجار الكوني القديم وانه عندما تنتهي هذه القوة فان الارض ستقف عن الدوران كي تبدا الدوران بالعكس وان مدة وقوف الارض عن الدوران لكي تبدا بالدوران بالعكس ستكون سنة كاملة اي 365 يوم والارض واقفة عن الدوران ثم تبدا الارض بالدوران بالعكس حيث تبدا من سرعة صفر وتبدا بالتسارع فتحتاج الارض الى 30 يوم كي تتزايد سرعتها ثم تزداد سرعة الارض اكثر فتحتاج الارض الى 7 ايام ثم تعود الارض الى سرعتها الحالية ويعود الليل والنهار كما هو الان ولكن بخروج الشمس من مغربها ومعنى هذا الكلام ان الارض عندما تقف سنة كاملة لكي تحضر نفسها للدوران بالعكس فان منطقتنا العربية ستكون نهارا سنة كاملة لان رسول الله عليه واله الصلاة والسلام قال :
( اول يوم كسنة ) وكلمة يوم في اللغة العربية تعني النهار فقط وليس كما نفهمها نحن في عصرنا الحالي بان اليوم 24 ساعة لان في اللغة العربية يقال مثلا كم لبثتم فيقولون يوما وليله اي ان اليوم هو وقت النهار فقط ولذلك سأل الصحابة رسول الله عليه واله الصلاة والسلام عندما سمعوا باول يوم كسنة عن الصلاة لانه فهموا ان الدنيا ستكون سنة كاملة نهارا فقط فقال لهم عليه واله الصلاة والسلام : ( اقدروا له تقديرا ) .
وهذا يعني ان الدجال يخرج مع ظاهرة كونية تحدث في زمانه هو يعلمها والناس تجهلها فيتبعوه بجهلهم ويعتقدون انه فعلا رب العالمين وهو القادر على تغيير الكون
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة السبت يونيو 08, 2013 10:53 am
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 2:59 pm
أولا : ميراث الحمل :
الحمل لغة : بالفتح اسم لما في البطن ، أما بالكسر فهو الشيء المحمول .
الحمل شرعا : الحمل هو الجنين الذي لا زال في بطن أمه في المدة ما بين العلوق و الولادة .
شروط ميراث الحمل :
1) أن يكون الحمل حيا و موجودا وقت وفاة مورثه : و هذا شرط عام في جميع الورثة ـ سبق و أن تطرقنا إليه في درس شروط الميراث .
2) أن يولد الجنين حيا أو استهلال الجنين صارخا بعد خروجه من بطن أمه ، و ذلك لما روي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : (( من السنة لا يرث المنفوس و لا يورث حتى يستهل صارخا )) .
أقل مدة للحمل :
اتفق جميع الفقهاء على أن أقل مدة للحمل لا تقل عن الستة أشهر إلا ما لحق بها كاليوم و اليومين و الثلاثة ، و هذه المدة مستنبطة من قوله تعالى : (( و فصاله في عامين )) لقمان 14 ، و من قوله تعالى : (( و حمله و فصاله ثلاثون شهرا)) الأحقاف 15 .
و بطرح الحولين ( 24 شهرا ) و هي مدة الرضاع من الثلاثين و هي مدة الحمل و الرضاع ، تكون الباقية هي مدة الحمل فقط هي ستة أشهر .
كما روي أن رجلا تزوج امرأة فولدت ولدا لستة أشهر فهمّ عثمان ـ رضي الله عنه ـ برجمها فقا ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : أما أنها لو خاصمتكم بكتاب الله لخصمتكم ، قال الله تعالى : (( و حمله و فصاله ثلاثون شهرا )) و قال عز وجل (( و حمله و فصاله ثلاثون شهرا )) فإذا ذهب للفصال عامان لم يبق للحمل إلا ستة أشهر )) فدرأ عثمان ـ رضي الله عنها الحد و أثبت النسب .
أقصى مدة للحمل :
لم يحدث حولها أيّ اتفاق و ذلك لعدم ورود أيّ نص قرآني أو حديث نبوي صحيح معتمد في ذلك ، فاجتهد كل واحد و أقر ما صح عنده من أثر يروى عن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو أخبار الناس الموثوق بهم بأن فلان ولد بعد حمل استمر كذا من السنين ، و لم يكن لديهم من الأدلة الدامغة إلا هذه الأخبار ، و لعل مرد ذلك يرجع إلى مسألة الحمل المستكن الذي يطول بقاؤه في بطن أمه ، فذهب الحنفية إلى أن مدة الحمل هي سنتين ، و أما الشافعية و بعض المالكية فقدروها بأربع سنوات ، و ذهب بعض من المالكية إلى أن مدة الحمل سبع سنين ، و ذهب محمد بن الحكم و هو من فقهاء المالكية إلى أن مدة الحمل سنة قمرية ـ و هذه مدة معقولة و مقبولة ـ و قد أسس رأيه هذا على الغالب المألوف و بما جرت به العادات و ما أقرته التجارب .
أما نحن في الوقت الحاضر و نظرا لتقدم الطب فلا ضير إذا أخذنا برأي الطب من أهل الاختصاص في تحديد مدة الحمل حتى يزال الشك و يختصر الوقت ، و في قانون الأسرة عندنا أخذ بمدة عشرة أشهر .
صور الحمل في الميراث :
إذا كان الحمل وارثا فإنه لا يخلو أمره من أحد صور أربعة :
الصورة الأولى : أن يكون الحمل وارثا على أساس الذكورة و على أساس الأنوثة و لكن يختلف ميراثه من تقدير إلى تقدير :
ففي هذه الحالة تحل المسألة حلين أيهما أحسن له ترك له ، الحل الأول على أساس أن الحمل ذكر ، و الحل الثاني على أساس أن الحمل أنثى ، بينما بقية الورثة فإنهم يعاملون بأسوأ نصيب مع الحمل .
مثال : هلك و ترك : زوجة و أما حاملا من أبيه ، و ترك 156000 جنيها.
أ ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل ذكرا :
الزوجة :ــــــ 1/4
الأم :ــــــــ 1/3
الحمل ( أخ شقيق ) : الباقي تعصيبا
أصل المسألة : 12
الزوجة :ــــــ 3
الأم :ــــــــ 4
الحمل ( أخ شقيق ) : 5
قيمة السهم : 156000 : 12 = 13000 جنيها .
نصيب الزوجة : ـــــ 13000 * 3 = 39000 جنيها .
نصيب الأم : ـــــــ 13000 * 4 = 52000 جنيها .
نصيب الحمل ( أخ شقيق ) : 13000 * 5 = 65000 جنيها .
ب ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل أنثى :
الزوجة :ـــــــ 1/4
الأم :ـــــــــ 1/3
الحمل ( أخت شقيقة ) : 1/2
أصل المسألة : 12
الزوجة :ــــــ 3
الأم :ــــــــ 4
الحمل ( أخت شقيقة ) : 6
نلاحظ أن أصل المسألة ( 12 ) و عالت إلى ( 13 )
قيمة السهم : 156000 : 13 = 12000 جنيها .
نصيب الزوجة : ـــــ 12000 * 3 = 36000 جنيها .
نصيب الأم : ـــــــ 12000 * 4 = 48000 جنيها .
نصيب الحمل ( أخت شقيقة ) : 12000 * 6 = 72000 جنيها .
الصورة الثانية : أن يرث على كلا التقديرين و لا يختلف نصيبه :
كأن يكون الحمل ولدا لأم ففي هذه الحالة يترك له نصيبه و يعطى الباقون أنصبتهم .
مثال : هلك و ترك زوجة و أختين شقيقتين و أما ( حاملا من غير أبه )، و ترك 900 هكتار .
أ ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل ذكرا :
الزوجة : ـــــ 1/4 لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
الأم : ـــــــ 1/6 لوجود العدد من الإخوة .
الأختين الشقيقتين : 2/3 لتعددهما و انعدام المعصب لهما .
الحمل ( أخ لأم ) : 1/6 لانفراده و انعدام من يحجبه .
أصل المسألة : 12
الزوجة : ـــــ 3
الأم : ـــــــ 2
الأختين الشقيقتين : 8
الحمل ( أخ لأم ) : 2
أصل المسألة ( 12 ) و عالت إلى ( 15 ) .
قيمة السهم : 900 : 15 = 60 هكتارا .
نصيب الزوجة : 60 * 3 = 180 هكتار .
نصيب الأم : 60 * 2 = 120 هكتار .
نصيب الأختين الشقيقتين : 60 * 8 = 480 هكتار .
نصيب الحمل ( أخ لأم ) : 60 * 2 = 120 هكتار .
ب ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل أنثى :
الزوجة : ـــــ 1/4 لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
الأم : ـــــــ 1/6 لوجود العدد من الإخوة .
الأختين الشقيقتين : 2/3 لتعددهما و انعدام المعصب لهما .
الحمل ( أخت لأم ) : 1/6 لانفرادها و انعدام من يحجبها .
أصل المسألة : 12
الزوجة : ـــــ 3
الأم : ـــــــ 2
الأختين الشقيقتين : 8
الحمل ( أخت لأم ) : 2
أصل المسألة ( 12 ) و عالت إلى ( 15 ) .
قيمة السهم : 900 : 15 = 60 هكتارا .
نصيب الزوجة : 60 * 3 = 180 هكتار .
نصيب الأم : 60 * 2 = 120 هكتار .
نصيب الأختين الشقيقتين : 60 * 8 = 480 هكتار .
نصيب الحمل ( أخت لأم ) : 60 * 2 = 120 هكتار .
فنلاحظ أن الحمل أخذ على أساس كونه ذكرا 120 هكتارا ، و أخذ على أساس أنه أنثى 120 هكتارا ، و بالتالي تقسم التركة فيأخذ الورثة نصيبهم ، و يترك نصيب الحمل .
الصورة الثالثة : أن يرث على أحد التقديرين دون الآخر :
و في هذه الحالة يترك له نصيبه على أساس أنه وارث ، فإذا ما تبين أنه وارث أخذ ما ترك له ، و إن تبين أنه ليس بوارث رد ما ترك له إلى بقية الورثة .
مثال1 : هلك عن أم و جدة هي أم أب حاملا و ترك 9000 جنيها.
الأم : ـــــــ 1/3 لانعدام الفرع الوارث مطلقا ، و انعدام العدد من الإخوة .
الجدة : ــــــ محجوبة بالأم .
الحمــل ( عم ) : الباقي تعصيبا .
أصل المسألة : 3
الأم : ـــــ1
الحمل ( عم ) :2
قيمة السهم : 9000 : 3 = 3000 جنيها.
نصيب الأم : ـــــ 1 * 3000 = 3000 جنيها.
نصيب الحمل ( عم ) : 2 * 3000 = 6000 جنيها.
أما إذا كان الحمل أنثى ( عمة ) فهي غير وارثة أصلا لأنها معتبرة من ذوي الأرحام .
مثال 2 : هلكت عن زوج و بنت و أب و أم و زوجة ابن حامل ، و تركن 19500 ريال .
أ ـ حل المسألة على أساس كون الحمل أنثى :
الزوج : 1/4 لوجود الفرع الوارث .
البنت : 1/2 لانفرادها و انعدام من يعصبها .
الأب : 1/6 + الباقي تعصيبا لوجوده مع الفرع الوارث المؤنث فقط .
الأم : 1/6 لوجود الفرع الوارث .
الحمل (بنت ابن ) : 1/6 تكملة للثلثين ، لوجودها مع بنت صلبية واحدة .
أصل المسألة : 12
الزوج : 3
البنت : 6
الأب : 2
الأم : 2
الحمل ( بنت ابن) : 2
أصل المسألة (12 ) و عالت إلى ( 15 ) .
قيمة السهم : 19500 : 15 = 1300 جنيها.
نصيب الزوج : 3 * 1300 = 3900 جنيها.
نصيب البنت : 6 * 1300 = 7800 جنيها.
نصيب الأب : 2 * 1300 = 2600 جنيها.
نصيب الأم : 2 * 1300 = 2600 جنيها.
نصيب الحمل ( بنت ابن ) : 2 * 1300 = 2600 جنيها.
ب ـ حل المسألة على أساس كون الحمل ذكر :
الزوج : 1/4 لوجود الفرع الوارث .
البنت : 1/2 لانفرادها و انعدام من يعصبها .
الأب : 1/6 لوجوده مع الفرع الوارث .
الأم : 1/6 لوجود الفرع الوارث .
الحمل (ابن ابن ) : الباقي تعصيبا .
أصل المسألة : 12
الزوج : 3
البنت : 6
الأب : 2
الأم : 2
الحمل ( ابن ابن) : لم يبق له شيء من الميراث ليرثه
أصل المسألة (12 ) و عالت إلى ( 13 ) .
قيمة السهم : 19500 : 15 = 1500 جنيها.
نصيب الزوج : 3 * 1500 = 4500 جنيها.
نصيب البنت : 6 * 1500 = 9000 جنيها.
نصيب الأب : 2 * 1500 = 3000 جنيها.
نصيب الأم : 2 * 1500 = 3000 جنيها.
نصيب الحمل ( ابن ابن ) : لا شيء له .
نلاحظ أن الحمل على أساس كونه أنثى ورثت 2600 جنيها، و على أساس كونه ذكرا لم يرث شيئا ، و عليه فإننا نحفظ نصيب الحمل على أساس أنه أنثى ، فإذا تبين أن الحمل بعد الولادة أنثى أخذت نصيبها ، و إن تبين بأنه ذكر فإنه غير وارث لعدم بقاء أي شيء له و نقوم بتقسيم 2600 جنيها على الورثة حسب النقص ، فنكمل للزوج 600 حنيها حتى يصير نصيبه 4500 جنيها، و للبنت 1200 جنيهاحتى يصبح نصيبها 9000 جنيها ، و للأب 400 جنيها
حتى يصير 3000 جنيها، و للأم 400 جنيهاحتى يصير 3000 جنيها.
أثر الحمل على الورثة :
الورثة مع الحمل و قبل اتضاح أمره لا يخلو حالهم و لا يخرج عن أحد أمور أربع :
الحالة الأولى : أن يكون الشخص وارثا مع الحمل بكلا التقديرين دون نقصان :
كمن يتوفى و يترك : زوجة حاملا و ابنا ، حيث نصيب الزوجة في هذه الحالة لا يتغير سواء أكان الحمل ذكرا أو أنثى و هو الثمن و بالتالي فلا حرج في إعطاء الزوجة نصيبها .
الحالة الثانية : أن يكون الشخص وارثا على كلا التقديرين و لكن يختلف نصيبه من تقدير لآخر :
و في هذه الحالة يعطى الورثة أسوأ النصيبين ، كمن يتوفى و يترك : زوجة حاملا و أبا ، فنصيب الزوجة هو الثمن سواء كان الحمل ذكرا أو أنثى و بالتالي لا حرج في إعطائها نصيبها ، بينما الأب يتغير نصيبه ، ففي حالة كون الحمل ذكرا يكون نصيب الأب هو السدس فقط ، و في حالة كون الحمل أنثى أخذ السدس + الباقي تعصيبا .
و عليه لا حرج في أن يأخذ الأب نصيبه و هو السدس على أساس كون الحمل ذكرا ، و يترك ما بقي إلى حين التأكد من الحمل فإن كان الحمل ذكرا فقد أخذ الأب نصيبه ، و إن كان أنثى أخذ الأب ما بقي بعد أخذ الأنثى لنصيبها .
الحالة الثالثة : أن يكون الشخص وارثا على تقدير للحمل دون آخر :
ففي هذه الحالة لا يعط الشخص شيئا حتى يتبين كونه وارثا من عدمه ، كمن توفي و ترك : زوجة حاملا و أختا شقيقة ، فلو كان الحمل ذكرا ( ابن ) حجبت الأخت الشقيقة ، و لو كان أنثى ( بنت ) لورثت الأخت الشقيقة تعصيبا مع الغير ، و بالتالي لا تعط الأخت الشقيقة شيئا حتى يتضح أمر الحمل .
الحالة الرابعة : أن يكون الشخص الوارث مع الحمل ليس له نصيبا مقدرا بل وارث بالتعصيب :
ففي هذه الحالة لا يعط الشخص شيئا بل يترك حتى يتبين أمر الحمل ، كمن توفي و ترك : زوجة حاملا و ابنا ، فتأخذ الزوجة نصيبها و يوقف الباقي حتى يتضح أمر الحمل ذكرا كان أو أنثى ، فإن تبين أن الحمل ذكر ورث و أخوه التركة مناصفة ، و إن كان الحمل أنثى ورثت و أخاها التركة على أساس للذكر مثل حظ الأنثيين .
الحمل لغة : بالفتح اسم لما في البطن ، أما بالكسر فهو الشيء المحمول .
الحمل شرعا : الحمل هو الجنين الذي لا زال في بطن أمه في المدة ما بين العلوق و الولادة .
شروط ميراث الحمل :
1) أن يكون الحمل حيا و موجودا وقت وفاة مورثه : و هذا شرط عام في جميع الورثة ـ سبق و أن تطرقنا إليه في درس شروط الميراث .
2) أن يولد الجنين حيا أو استهلال الجنين صارخا بعد خروجه من بطن أمه ، و ذلك لما روي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : (( من السنة لا يرث المنفوس و لا يورث حتى يستهل صارخا )) .
أقل مدة للحمل :
اتفق جميع الفقهاء على أن أقل مدة للحمل لا تقل عن الستة أشهر إلا ما لحق بها كاليوم و اليومين و الثلاثة ، و هذه المدة مستنبطة من قوله تعالى : (( و فصاله في عامين )) لقمان 14 ، و من قوله تعالى : (( و حمله و فصاله ثلاثون شهرا)) الأحقاف 15 .
و بطرح الحولين ( 24 شهرا ) و هي مدة الرضاع من الثلاثين و هي مدة الحمل و الرضاع ، تكون الباقية هي مدة الحمل فقط هي ستة أشهر .
كما روي أن رجلا تزوج امرأة فولدت ولدا لستة أشهر فهمّ عثمان ـ رضي الله عنه ـ برجمها فقا ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : أما أنها لو خاصمتكم بكتاب الله لخصمتكم ، قال الله تعالى : (( و حمله و فصاله ثلاثون شهرا )) و قال عز وجل (( و حمله و فصاله ثلاثون شهرا )) فإذا ذهب للفصال عامان لم يبق للحمل إلا ستة أشهر )) فدرأ عثمان ـ رضي الله عنها الحد و أثبت النسب .
أقصى مدة للحمل :
لم يحدث حولها أيّ اتفاق و ذلك لعدم ورود أيّ نص قرآني أو حديث نبوي صحيح معتمد في ذلك ، فاجتهد كل واحد و أقر ما صح عنده من أثر يروى عن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو أخبار الناس الموثوق بهم بأن فلان ولد بعد حمل استمر كذا من السنين ، و لم يكن لديهم من الأدلة الدامغة إلا هذه الأخبار ، و لعل مرد ذلك يرجع إلى مسألة الحمل المستكن الذي يطول بقاؤه في بطن أمه ، فذهب الحنفية إلى أن مدة الحمل هي سنتين ، و أما الشافعية و بعض المالكية فقدروها بأربع سنوات ، و ذهب بعض من المالكية إلى أن مدة الحمل سبع سنين ، و ذهب محمد بن الحكم و هو من فقهاء المالكية إلى أن مدة الحمل سنة قمرية ـ و هذه مدة معقولة و مقبولة ـ و قد أسس رأيه هذا على الغالب المألوف و بما جرت به العادات و ما أقرته التجارب .
أما نحن في الوقت الحاضر و نظرا لتقدم الطب فلا ضير إذا أخذنا برأي الطب من أهل الاختصاص في تحديد مدة الحمل حتى يزال الشك و يختصر الوقت ، و في قانون الأسرة عندنا أخذ بمدة عشرة أشهر .
صور الحمل في الميراث :
إذا كان الحمل وارثا فإنه لا يخلو أمره من أحد صور أربعة :
الصورة الأولى : أن يكون الحمل وارثا على أساس الذكورة و على أساس الأنوثة و لكن يختلف ميراثه من تقدير إلى تقدير :
ففي هذه الحالة تحل المسألة حلين أيهما أحسن له ترك له ، الحل الأول على أساس أن الحمل ذكر ، و الحل الثاني على أساس أن الحمل أنثى ، بينما بقية الورثة فإنهم يعاملون بأسوأ نصيب مع الحمل .
مثال : هلك و ترك : زوجة و أما حاملا من أبيه ، و ترك 156000 جنيها.
أ ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل ذكرا :
الزوجة :ــــــ 1/4
الأم :ــــــــ 1/3
الحمل ( أخ شقيق ) : الباقي تعصيبا
أصل المسألة : 12
الزوجة :ــــــ 3
الأم :ــــــــ 4
الحمل ( أخ شقيق ) : 5
قيمة السهم : 156000 : 12 = 13000 جنيها .
نصيب الزوجة : ـــــ 13000 * 3 = 39000 جنيها .
نصيب الأم : ـــــــ 13000 * 4 = 52000 جنيها .
نصيب الحمل ( أخ شقيق ) : 13000 * 5 = 65000 جنيها .
ب ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل أنثى :
الزوجة :ـــــــ 1/4
الأم :ـــــــــ 1/3
الحمل ( أخت شقيقة ) : 1/2
أصل المسألة : 12
الزوجة :ــــــ 3
الأم :ــــــــ 4
الحمل ( أخت شقيقة ) : 6
نلاحظ أن أصل المسألة ( 12 ) و عالت إلى ( 13 )
قيمة السهم : 156000 : 13 = 12000 جنيها .
نصيب الزوجة : ـــــ 12000 * 3 = 36000 جنيها .
نصيب الأم : ـــــــ 12000 * 4 = 48000 جنيها .
نصيب الحمل ( أخت شقيقة ) : 12000 * 6 = 72000 جنيها .
الصورة الثانية : أن يرث على كلا التقديرين و لا يختلف نصيبه :
كأن يكون الحمل ولدا لأم ففي هذه الحالة يترك له نصيبه و يعطى الباقون أنصبتهم .
مثال : هلك و ترك زوجة و أختين شقيقتين و أما ( حاملا من غير أبه )، و ترك 900 هكتار .
أ ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل ذكرا :
الزوجة : ـــــ 1/4 لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
الأم : ـــــــ 1/6 لوجود العدد من الإخوة .
الأختين الشقيقتين : 2/3 لتعددهما و انعدام المعصب لهما .
الحمل ( أخ لأم ) : 1/6 لانفراده و انعدام من يحجبه .
أصل المسألة : 12
الزوجة : ـــــ 3
الأم : ـــــــ 2
الأختين الشقيقتين : 8
الحمل ( أخ لأم ) : 2
أصل المسألة ( 12 ) و عالت إلى ( 15 ) .
قيمة السهم : 900 : 15 = 60 هكتارا .
نصيب الزوجة : 60 * 3 = 180 هكتار .
نصيب الأم : 60 * 2 = 120 هكتار .
نصيب الأختين الشقيقتين : 60 * 8 = 480 هكتار .
نصيب الحمل ( أخ لأم ) : 60 * 2 = 120 هكتار .
ب ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل أنثى :
الزوجة : ـــــ 1/4 لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
الأم : ـــــــ 1/6 لوجود العدد من الإخوة .
الأختين الشقيقتين : 2/3 لتعددهما و انعدام المعصب لهما .
الحمل ( أخت لأم ) : 1/6 لانفرادها و انعدام من يحجبها .
أصل المسألة : 12
الزوجة : ـــــ 3
الأم : ـــــــ 2
الأختين الشقيقتين : 8
الحمل ( أخت لأم ) : 2
أصل المسألة ( 12 ) و عالت إلى ( 15 ) .
قيمة السهم : 900 : 15 = 60 هكتارا .
نصيب الزوجة : 60 * 3 = 180 هكتار .
نصيب الأم : 60 * 2 = 120 هكتار .
نصيب الأختين الشقيقتين : 60 * 8 = 480 هكتار .
نصيب الحمل ( أخت لأم ) : 60 * 2 = 120 هكتار .
فنلاحظ أن الحمل أخذ على أساس كونه ذكرا 120 هكتارا ، و أخذ على أساس أنه أنثى 120 هكتارا ، و بالتالي تقسم التركة فيأخذ الورثة نصيبهم ، و يترك نصيب الحمل .
الصورة الثالثة : أن يرث على أحد التقديرين دون الآخر :
و في هذه الحالة يترك له نصيبه على أساس أنه وارث ، فإذا ما تبين أنه وارث أخذ ما ترك له ، و إن تبين أنه ليس بوارث رد ما ترك له إلى بقية الورثة .
مثال1 : هلك عن أم و جدة هي أم أب حاملا و ترك 9000 جنيها.
الأم : ـــــــ 1/3 لانعدام الفرع الوارث مطلقا ، و انعدام العدد من الإخوة .
الجدة : ــــــ محجوبة بالأم .
الحمــل ( عم ) : الباقي تعصيبا .
أصل المسألة : 3
الأم : ـــــ1
الحمل ( عم ) :2
قيمة السهم : 9000 : 3 = 3000 جنيها.
نصيب الأم : ـــــ 1 * 3000 = 3000 جنيها.
نصيب الحمل ( عم ) : 2 * 3000 = 6000 جنيها.
أما إذا كان الحمل أنثى ( عمة ) فهي غير وارثة أصلا لأنها معتبرة من ذوي الأرحام .
مثال 2 : هلكت عن زوج و بنت و أب و أم و زوجة ابن حامل ، و تركن 19500 ريال .
أ ـ حل المسألة على أساس كون الحمل أنثى :
الزوج : 1/4 لوجود الفرع الوارث .
البنت : 1/2 لانفرادها و انعدام من يعصبها .
الأب : 1/6 + الباقي تعصيبا لوجوده مع الفرع الوارث المؤنث فقط .
الأم : 1/6 لوجود الفرع الوارث .
الحمل (بنت ابن ) : 1/6 تكملة للثلثين ، لوجودها مع بنت صلبية واحدة .
أصل المسألة : 12
الزوج : 3
البنت : 6
الأب : 2
الأم : 2
الحمل ( بنت ابن) : 2
أصل المسألة (12 ) و عالت إلى ( 15 ) .
قيمة السهم : 19500 : 15 = 1300 جنيها.
نصيب الزوج : 3 * 1300 = 3900 جنيها.
نصيب البنت : 6 * 1300 = 7800 جنيها.
نصيب الأب : 2 * 1300 = 2600 جنيها.
نصيب الأم : 2 * 1300 = 2600 جنيها.
نصيب الحمل ( بنت ابن ) : 2 * 1300 = 2600 جنيها.
ب ـ حل المسألة على أساس كون الحمل ذكر :
الزوج : 1/4 لوجود الفرع الوارث .
البنت : 1/2 لانفرادها و انعدام من يعصبها .
الأب : 1/6 لوجوده مع الفرع الوارث .
الأم : 1/6 لوجود الفرع الوارث .
الحمل (ابن ابن ) : الباقي تعصيبا .
أصل المسألة : 12
الزوج : 3
البنت : 6
الأب : 2
الأم : 2
الحمل ( ابن ابن) : لم يبق له شيء من الميراث ليرثه
أصل المسألة (12 ) و عالت إلى ( 13 ) .
قيمة السهم : 19500 : 15 = 1500 جنيها.
نصيب الزوج : 3 * 1500 = 4500 جنيها.
نصيب البنت : 6 * 1500 = 9000 جنيها.
نصيب الأب : 2 * 1500 = 3000 جنيها.
نصيب الأم : 2 * 1500 = 3000 جنيها.
نصيب الحمل ( ابن ابن ) : لا شيء له .
نلاحظ أن الحمل على أساس كونه أنثى ورثت 2600 جنيها، و على أساس كونه ذكرا لم يرث شيئا ، و عليه فإننا نحفظ نصيب الحمل على أساس أنه أنثى ، فإذا تبين أن الحمل بعد الولادة أنثى أخذت نصيبها ، و إن تبين بأنه ذكر فإنه غير وارث لعدم بقاء أي شيء له و نقوم بتقسيم 2600 جنيها على الورثة حسب النقص ، فنكمل للزوج 600 حنيها حتى يصير نصيبه 4500 جنيها، و للبنت 1200 جنيهاحتى يصبح نصيبها 9000 جنيها ، و للأب 400 جنيها
حتى يصير 3000 جنيها، و للأم 400 جنيهاحتى يصير 3000 جنيها.
أثر الحمل على الورثة :
الورثة مع الحمل و قبل اتضاح أمره لا يخلو حالهم و لا يخرج عن أحد أمور أربع :
الحالة الأولى : أن يكون الشخص وارثا مع الحمل بكلا التقديرين دون نقصان :
كمن يتوفى و يترك : زوجة حاملا و ابنا ، حيث نصيب الزوجة في هذه الحالة لا يتغير سواء أكان الحمل ذكرا أو أنثى و هو الثمن و بالتالي فلا حرج في إعطاء الزوجة نصيبها .
الحالة الثانية : أن يكون الشخص وارثا على كلا التقديرين و لكن يختلف نصيبه من تقدير لآخر :
و في هذه الحالة يعطى الورثة أسوأ النصيبين ، كمن يتوفى و يترك : زوجة حاملا و أبا ، فنصيب الزوجة هو الثمن سواء كان الحمل ذكرا أو أنثى و بالتالي لا حرج في إعطائها نصيبها ، بينما الأب يتغير نصيبه ، ففي حالة كون الحمل ذكرا يكون نصيب الأب هو السدس فقط ، و في حالة كون الحمل أنثى أخذ السدس + الباقي تعصيبا .
و عليه لا حرج في أن يأخذ الأب نصيبه و هو السدس على أساس كون الحمل ذكرا ، و يترك ما بقي إلى حين التأكد من الحمل فإن كان الحمل ذكرا فقد أخذ الأب نصيبه ، و إن كان أنثى أخذ الأب ما بقي بعد أخذ الأنثى لنصيبها .
الحالة الثالثة : أن يكون الشخص وارثا على تقدير للحمل دون آخر :
ففي هذه الحالة لا يعط الشخص شيئا حتى يتبين كونه وارثا من عدمه ، كمن توفي و ترك : زوجة حاملا و أختا شقيقة ، فلو كان الحمل ذكرا ( ابن ) حجبت الأخت الشقيقة ، و لو كان أنثى ( بنت ) لورثت الأخت الشقيقة تعصيبا مع الغير ، و بالتالي لا تعط الأخت الشقيقة شيئا حتى يتضح أمر الحمل .
الحالة الرابعة : أن يكون الشخص الوارث مع الحمل ليس له نصيبا مقدرا بل وارث بالتعصيب :
ففي هذه الحالة لا يعط الشخص شيئا بل يترك حتى يتبين أمر الحمل ، كمن توفي و ترك : زوجة حاملا و ابنا ، فتأخذ الزوجة نصيبها و يوقف الباقي حتى يتضح أمر الحمل ذكرا كان أو أنثى ، فإن تبين أن الحمل ذكر ورث و أخوه التركة مناصفة ، و إن كان الحمل أنثى ورثت و أخاها التركة على أساس للذكر مثل حظ الأنثيين .
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 2:59 pm
دور الحقائق العلمية المعاصرة
في ضبط ميراث الحمل
مازن إسماعيل هنية
كلية الشريعة - الجامعة الإسلامية
ص. ب. 108 غزة - فلسطين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
ملخص: يتناول هذا البحث مسألة فقهية من مسائل المواريث؛ وهي ميراث الحمل.
فناقش البحث ضوابط ميراث الحمل عند الفقهاء؛ مبينا مذاهبهم في أقل مدة الحمل، وأكثرها، ثم
قارن ذلك بالحقائق العلمية المعاصرة.
وانتهى البحث إلى ضرورة ضبط ميراث الحمل في ضوء الحقائق العلمية، وهذا في جوهره لا
يخالف أصل فلسفة العلماء.
وانتهى البحث بتطبيقات على ميراث الحمل.
Abstract: This research deals with an issue in “Fiqh” in the field of Heritages.
This issue is the “fetus’s heritage”.
The research discusses what scholars say about the conditions of fetus’s
heritage, illustrating their point views about the minimum and maximum time
of pregnancy. Then the research compares these point views with the modern
scientific facts.
Finally the research concludes to the necessity of clarifying the heritage of
fetus according to the scientific facts. This indeed doesn’t contradict with the
roots of scholar’s philosophy.
The research ends with some applications on fetus’s heritage.
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله،
وصحبه، ومن سار على هديه إلى يوم الدين، وبعد:
فإن لعلم الميراث مكانة عظيمة في التشريع الإسلامي، ويكفي هذا العلم شرفا أن الله تعالى قد تولاه بنفسه، فلم يوكل لملك مقرب، ولا نبي مرسل؛ فقد جاءت أحكامه مفصلة في كتاب
الله تفصيلا بينا، مع أن منهج القرآن الكريم يقوم غالبا على معالجة الأحكام على جهة الإجمال،
ويدع التفصيل والتبيين للسنة النبوية.
مازن هنية
66
ولكن لما كان الميراث يعالج قضية مالية، والمال سبب من أسباب المنازعات
والخصومات، فقد تولاه الله بنفسه قطعا لدابر كل فتنة، ووضعا للحق في نصابه، وقطعا للطريق
على كل من تسول له نفسه بجحد الحقوق، أو إهدارها.
ولقد تناول العلماء أحكام المواريث بالدراسة في ثنايا كتب الفقه، أو بإفراد دراسات
خاصة به، فلم تعد خدمة هذا العلم من حيث الجملة بأكثر من فهمه ، وبيانه للناس، والالتزام
به في واقع الحياة؛ ولكن هناك بعض الجزئيات التي قد تحتاج للبحث والنظر؛ خاصة في ضوء
تطور الحياة الإنسانية، ومن هذه المسائل ميراث الحمل.
فقد وضع العلماء لميراث الحمل معايير لضبطه، وهذه المعايير كانت استقراء لواقعهم،
وفي ضوء تصوراتهم، ومفاهيم في عصورهم.
ولكن بعد أن تطورت الحياة الإنسانية، تطورا هائلا في كافة المجلات، وتكشفت حقائق
لم تكن معروفة من قبل، فإن ذلك أفضى إلى الوقوف على خطأ بعض الضوابط التي وضعها
العلماء لضبط ميراث الحمل، والمتعلقة بمدة الحمل؛ فدعاني هذا لقراءة ميراث الحمل في ضوء
الحقائق العلمية المعاصرة الثابتة المتعلقة بمدة الحمل؛ والتي لا يتطرق إليها الاحتمال.
وذلك من خلال هذا البحث المشتمل على هذه المقدمة، وثلاثة مباحث، وخاتمة متضمنة
لأهم النتائج:
المبحث الأول: ضوابط ميراث الحمل.
المبحث الثاني: معايير التحقق من شروط ميراث الحمل؛ بين الحقائق العلمية، وآراء الفقهاء.
المبحث الثالث: حل مسائل الحمل، وتقسيم تركته.
دور الحقائق العلمية المعاصرة
67
المبحث الأول
ضوابط ميراث الحمل
من العلوم أن الميراث له أركان، وشروط، وأسباب، وموانع، يجب ملاحظتها في
الميراث من حيث الجملة مع كل وارث؛ سواء أكان حملا، أم غير ذلك، و لكن للحمل شروط
خاصة به.
نعم لقد اتفق العلماء على أنه إذا مات الإنسان وترك جنينا في بطن أمه، فإن هذا الجنين
أهل للميراث؛ إذا تحققت الشروط الخاصة بميراثه؛ والشروط الخاصة به تتمثل في شرطين؛ هم
الشرط الأول
التحقق من وجود الحمل في بطن أمه لحظة وفاة مورثه، فإذا ثبت وجوده ثبت ميراثه،
الشرط الثاني
أن ينفصل الحمل عن أمه حيا حياة مستقرة، وتعرف هذه الحياة بالعلامات الدالة على
وجود الحياة؛ وذ لك كالحركة والصراخ؛ فيكون الحمل حينئذ وارثا؛ لما ثبت في السنة ع ن جابِرِ
لا يرِ ُ ث ال صبِ ي حتَّى يسَتهِلَّ َقالا : َقالَ رسولُ اللَّهِ والْمِس ورِ بنِ مخْرم َ ة بنِ عبدِ اللَّهِ
ابن ماجة : 2751 ؛ صححه الألباني : ] صارِ ً خا؛ َقا لَ: واستِهلاُل ه أَ ن يبكِ ي ويصِي ح أَ و يعطِ س
[ السلسلة الصحيحة: 152
أبو داود : ] إَِذا استَهلَّ اْل م وُلود و ر َ ث : َقا لَ ع ن النَّبِ ي وجاء أيضا ع ن أَبِي هريرَة
[ 2920 ؛ وله طريق أخري؛ الدارمي: 3130 ؛ صححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 153
وقد اختلف الحنفية والجمهور في أمرين في هذا الشرط:
فيرى الجمهور : أن الحمل إذا انفصل عن أمه ميتا لا يرث؛ سواء مات في رحم الأم،
أو أثناء الولادة قبل تمامها واكتمال خروجه حيا.
؛308/ وكذلك لا يرث الحمل إذا انفصل ميتا بنفسه، أو بسبب اعتداء على أمه . [ 19 2
[91/ 22 2 ؛36/ 30 6
ويخالف الحنفية الجمهور في أمرين
الأول: إذا انفصل أكثر الحمل عن أمه حيا، ثبت ميراثه؛ وقد تمسكوا بنفس الآثار
[52 ،51/ السابقة التي تمسك بها الجمهور؛ معتبرين حكم الأكثر هو حكم الكل [ 13 30
مازن هنية
68
الثاني: أن الحمل إذا انفصل عن أمه بنفسه لا يرث؛ وأما إذا انفصل بسبب اعتداء على
أمه ورث.
وعللوا ذلك بأن المشرع قد أوجب الغرم بالاعتداء على أمه وانفصاله حيا؛ فهذا دليل
[54/ على اعتباره حيا من قبل المشرع. [ 13 30
والراجح: ما ذهب إليه الجمهور؛ للأسباب التالية:
1. إن ظاهر النص يدل على اشتراط خروج كامل الحمل حيا؛ ليثبت ميراثه.
2. إن ظاهر النص يثبت الميراث لمن انفصل حيا، ولم يثبته لغيره مطلقا.
3. إن تعليل الحنفية لميراث من انفصل عن أمه بسبب جناية عليها؛ بإيجاب المشرع
للغرم على المعتدي لا يقبل؛ لأن الغرم الواجب بالاعتداء ليس دية لحي، بل هو عقوبة مالية على
الجاني لجنايته المتسببة للضرر.
التحقق من الشروط
1. التحقق من الشرط الأول : إن في التحقق من الشرط الأول وهو وجود الحمل في رحم الأم
إشكال؛ ولقد سلك العلماء القدامى طريق الحساب الزماني للتحقق من وجود الحمل في رحم
الأم حين وفاة المورث؛ وذلك على النحو التالي:
أولا: إذا كان الحمل ينتسب للميت، كأن تكون الحامل زوجة الميت؛ مات عنها
والزوجية بينهما قائمة، أو كانت في عدة الطلاق ( 1)؛ فتعطى الحد الأقصى لوضع الحمل؛ أي
تعطى أكثر مدة الحمل؛ لأنها ليست تحت رجل يجامعها؛ ويلحق بهذا كل حامل لم تكن تحت رجل
يجامعها.
توجيه هذا القول
إن الحامل التي ليست تحت رجل يجامعها، كزوجة الميت، أو زوجة ابنه المتوفى في
حياته، أو أمه الحامل من أبيه المتوفى، أو زوجة أخيه المتوفى حاملا؛ أو أمه الحامل من غير
أبيه الغائب أو المفقود؛ لا خوف من نشوء الحمل لها بعد وفاة المورث؛ لذا أعطيت الحامل أكثر
مدة الحمل.
1) من المعلوم أن المطلقة لا تخرج من العدة حال حملها؛ فما دامت حاملا فهي في العدة؛ وعليه فمن
انقضت عدتها ليس لها الحق في دعوى الحمل؛ لذا فقد قيدت الحامل بقي ام الزوجية، أو وجودها في
عدة الطلاق.
دور الحقائق العلمية المعاصرة
فإن و ضعت الحامل خلال أكثر مدة الحمل اعتبر الحمل وارثا في هذه الأحوال، ويثبت
نسبه للميت إن كان ينتسب له.
وإن وضعت الحمل بعد ذلك فلا ميراث له، ولا ينسب للميت إن كان ينتسب إليه؛ لأننا
/ 20 3 ؛50/ 13 30 ؛540/ نعلم حينئذ عدم وجود الحمل في بطن أمه لحظة الوفا ة. [ 17 3
[316/ 23 6 ؛28/ 14 3 ؛1108
2. إذا لم يكن الحمل ينتسب للميت، وكانت الحامل تحت رجل يجامعها؛ كأن تكون الحامل أما
للميت متزوجة من غير أبيه، فتعطى هذه الحامل هنا الحد الأدنى للميلاد؛ أي تعطى أقل مدة
الحمل؛ وهي ستة أشهر.
توجيه هذا القول
إن الحامل التي تحت رجل يجامعه ا، يمكن أن ينشأ لها الحمل في كل لحظة؛ لذا أعطيت
أقل مدة الحمل لانفصال الحمل؛ حيث إن انفصال الحمل عن أمه في هذه المدة، يقطع بوجوده في
رحمها لحظة وفاة المورث.
فإذا وضعت هذه الحامل خلال أقل مدة الحمل وهي ستة أشهر، اعتبر الحمل وارثا؛
حيث إننا نقطع بوجود الحمل لحظة الوفاة.
وأما إذا وضعته بعد ستة أشهر، فلا ميراث له، لعدم القدرة على التحقق من وجوده في
.[316/ 23 6 ؛28/ 14 3 ؛487/ 9 4 ؛50/ رحم أمه لحظة الوفاة. [ 13 6
وقد أشار العلماء لعدد من الصور التي يمكن فيها لحمل أمه تحت رجل يجامعها أن
يرث ولو وضعته بعد أقل مدة الحمل، ومن هذه الصور:
1. إقرار الورثة بالحمل : إذا كانت الحامل تحت رجل يجامعها، ووضعت بعد مضي ستة أشهر
على موت المورث، وأقر الورثة بوجود الحمل لحظة الوفاة فإن الحمل يعتبر وارث ا. [ 30 6
[463/ 3 4 ؛37/
2. غياب الزوج: كذلك إذا كانت الحامل تحت رجل يجامعها؛ لكنه غائب غيبة بعيدة، لا يتهيأ له
[411/ الوصول إليها، ووضعت بعد ستة أشهر فإن الحمل يعتبر وارثا. [ 6 6
3. ظهور الحمل : كذلك إذا كانت الحامل تحت رجل يجامعها؛ وكان حملها حين وفاة المورث
[411/ حملا ظاهرا؛ فإنه يرث حتى لو وضعت بعد الستة أشهر. [ 6 6
والحق أيضا ثبوت الميراث في هذه الحا لة إذا ثبت الحمل بالأدلة الطبية القطعية،
فالغرض هو التحقق من وجود الحمل والزمن علامة، فإذا حصل اليقين بغيره سرنا إليه، وتعين
القول بميراث الحمل؛ وهذا سأفصل فيه القول لاحقا.
مازن هنية
70
ثانيا: التحقق من الشرط الثاني : باستثناء الخلاف الذي ذكرناه بين الحنفية والجمهور، فإ نني أجزم
بأن العلماء متفقون على أن شرط ميراث الحمل هو انفصاله حيا عن أمه.
وقد اتفقوا على أن استهلال الحمل صارخا، علامة على حياته؛ لنص الحديث السابق :
انظر ] لا يرِ ُ ث ال صبِ ي حتَّى يسَتهِلَّ صارِ ً خا؛ َقا لَ: واستِهلاُل ه أَ ن يبكِ ي ويصِي ح أَ و ي عطِ س
تخريجه ص: 3 من هذا البحث]
وكذلك اتفقوا في إثبات الحياة بمص الثدي؛ وبالحركة العظيمة، والتنفس غير
[91/ 22 2 ؛316/ 23 6 ؛37/ 30 6 ؛50/ اليسير. [ 13 30
واختلفوا في التنفس اليسير؛ ومثله الحركة اليسير؛ فهل يحكم بمثلها على حياة:
فذهب الجمهور إلى عدم إثب ات الحياة بالتنفس الميسرة، ومثله الحركة اليسيرة؛ فلعلها
[91/ 22 2 ؛316/ 23 6 ؛37/ حركة كحركة المذبوح. [ 30 6
[50/ وأما الحنفية فقد أثبتوا الحياة بهما؛ فهما أمارات عليها. [ 13 30
المبحث الثاني
معيار التحقق من شروط الحمل بين الحقائق العلمية، وآراء الفقهاء
لقد ظهر واضحا أن شرط ميراث الحمل؛ وجوده في رحم الأم لحظة وفاة المورث، ثم
انفصاله حيا حياة مستقرة؛ وقد كان للعلماء منهج للتحقق من الشرطين، وسأقوم بدراسة المعايير
التي وضعها العلماء مقارنة بالحقائق العلمية المعاصرة:
أولا: التحقق من وجود الحمل لحظة الوفاة : لقد قيد الفقهاء وجود الحمل بمدة الوضع، فجعلوا
لمن كانت أمه تحت رجل يجامعها، أقل مدة الحمل للوضع، والتي ليست تحت رجل يجامعها أكثر
مدة الحمل؛ ومن تجاوزت المدة المقررة، لا يحكم بميراث حملها؛ ومن هنا لابد من بيان أقل مدة
الحمل، وأكثرها، ومقارنة ذلك بالحقائق العلمية.
أولا: أقل مدة الحمل
اتفق الفقهاء على أن أقل مدة الحمل هي ستة أشهر، واستدلوا لذلك بالقرآن الكريم،
[463/ 3 4 ؛37/ 30 6 ؛92/ 19 2 ؛116/ والأثر، على النحو التالي: [ 4 2
و و صيَنا : جعل القرآن الكريم مدة الحمل والرضاع معا ثلاثين شهرا، وذلك في قول الله تعالى
الإِن س ا ن بِ والِديهِ إِ ح ساًنا ح مَلْت ه أُ م ه ُ ك ر ها و و ض عتْ ه ُ ك ر ها و حمُل ه وفِ صاُل ه َثلاُثون َ ش ه ر ا
[ [الأحقاف: 15
دور الحقائق العلمية المعاصرة
71
و و صيَنا الإِنسا ن بِوالِديهِ : وجعل القرآن مدة الرضاع عامين؛ وذلك في قول الله تعالى
[ لقمان: 14 ] حمَلتْ ه أُم ه و هًنا عَلى وهنٍ وفِصاُل ه فِي عا مينِ أَ ن ا ْ ش ُ ك ر لِي ولِوالِدي ك إِلَ ي الْمصِي ر
وبإنقاص مدة الفصال وهي : العامان، من مدة الحمل والفصال معا وهي : الثلاثون
شهرا؛ فتتبقى مدة الحمل وهي ستة أشهر.
أُتِ ي بِامرأَةٍ َق د وَلدتْ فِي سِتَّةِ أَشْ هرٍ َفأَمر بِ ها أَ ن ُتر جم أَ ن عثْما ن ب ن عفَّا ن : وقد جاء
و حمُل ه َليس َذلِك عَلي ها إِ ن اللَّ ه تَبا ر ك وَتعالَى يقُولُ فِي كِتَابِهِ َفَقالَ لَ ه علِ ي ب ن أَبِي طَالِبٍ
وفِصاُل ه َثلاُثون َ ش ه را
واْل والِدا ُ ت يرضِع ن أَولاد هن ح وَلينِ كَامَِلينِ لِ من أَراد أَ ن يتِم ال ر ضاع َ ة وَقالَ
َفاْل ح ملُ يكُو ن سِتَّ َ ة أَشْ هرٍ َفلا رجم عَلي ها َفبع َ ث عثْما ن ب ن عفَّا ن فِي أََثرِ ها َف و جد ها َق د
[ الموطأ: ص: 593 ] رجِ متْ
الموقف العلمي من أقل مدة الحمل
لا يوجد اختلاف بين الحقيقة العلمية وما اتفق عليه العلماء بشأن أقل مدة الحمل، ففي
رأي العلم أقل مدة الحمل هي ستة أشهر.[ 32 الطبيب المسلم]
الإشكال في التقدير بأقل مدة الحمل
نعم لقد اتفق العلم والفقه في أقل مدة الحمل، ولكن هذ ا التقدير إذا أُلزمت به الحامل التي
هي تحت رجل يجامعها، لا يحقق العدالة بمعناها الدقيق وعلى وجهها الأكمل؛ وذلك أن هذا
التقدير يوصلنا إلى يقين وجود الحمل إذا وضعت الحامل حملها خلال مدة الستة شهور، فلا يمكن
معه أن يدخل على التركة حمل ليس أهلا للميراث؛ ولكنه قد يحرم حمل يستحق الميراث؛ وذلك
إذا افترضنا أن امرأة حامل وهي تحت رجل يجامعها، فمات مورث لحملها، وكان عمر الحمل
وقت الوفاة شهرا واحدا، ثم وضعت وضعا طبيعيا فوضعت بعد تسعة أشهر من حملها؛ فحينئذ
يكون وضعها للحمل بعد ثمانية أشهر من وفاة المورث لحملها؛ وحينئذ لا يستحق الحمل الميراث،
فالحمل في الشهر الأول لا يمكن أن يكون ظاهرا، والورثة قد يجحدونه!!
ثانيا: أكثر مدة الحمل
اختلف العلماء في أكثر مدة الحمل، وذلك على أقوال، منها:
23 ؛50/ القول الأول : أكثر مدة الحمل سنتان؛ قال به الحنفية، وهو رواية عند الحنابلة . [ 13 30
[316/6-
القول الثاني : أكثر مدة الحمل أربع سنين ؛ قال به الشافعية، وهو الرواية الراجحة عند الحنابلة،
[316/ 23 6 ؛387/ 14 3 ؛407/ وهو أحد قولي المالكية. [ 9 4
مازن هنية
72
القول الثالث : أكثر مدة الحمل خمس سنين ، قال به المالكية في قولهم الثاني، وللمالكية روايات
[1109 ،1108/ 20 3 ؛407/ أخرى. [ 9 4
[133/ القول الرابع: أكثر مدة الحمل تسعة أشهر، قال به الظاهرية. [ 5 10
سبب الخلاف
يرجع الخلاف في المسألة إلى سببين رئيسين، هما:
الأول: عدم وجود دليل شرعي صريح وصحيح يحدد أكثر مدة الحمل؛ مما أدى إلى هذا
التباين والاختلاف في الأقوال والمذاهب.
الثاني : اعتماد هذه الأقوال على استقراء الواقع؛ أدى إلى هذا التشعب في الآراء؛ فمن
العلماء من وجد أن غالب النساء يضعن الحمل في تسعة أشهر فأخذ بهذا الرأي.
ومنهم من وقعت في عهده واقعة؛ وضعت فيها الحامل حملها خلال سنتين، أو أربع
سنين، أو خمس سنين؛ فحكم كل عالم مستندا للوقعة التي اطلع عليها.
الموقف العلمي من أكثر مدة الحمل
لقد بات واضحا في حياتنا أن القول بمكوث الحمل في بطن أمه لسنوات، يعد ضربا من
الخيال؛ فالعلم اليوم يحدد الحمل بالأيام؛ فيحدد وقت التبويض؛ ثم الإخصاب؛ ثم تطور الحمل
باليوم والأسبوع، ومع تفاوت الآراء العلمية حول مدة الحمل؛ وذلك بالنظر لبداية وقت الحساب،
هل من انقطاع الحيض أو وقت الإخص اب؛ فالآراء العلمية تجعل أمدا لمدة الحمل القصوى
تتراوح ما بين 266 يوم إلى 270 يوم إلى 290 يوم والمتوسط 280 يوم؛ ولو فرض للحمل
التأخر عن الموعد الطبيعي فلا يتأخر عن موعده أكثر من شهر وإلا هلك . [ 32 الطبيب المسلم؛
[ 33 الصحة؛ 31 964
وما ذهب إليه العلم من حقائق يشهد به الواقع؛ ويسلم به الجميع؛ بل إن القول بمكث
الحمل لسنوات في بطن أمه؛ يعد موقع استغراب من عامة الناس قبل خواصهم.
وعليه : فإن تقدير الفقهاء لأكثر مدة الحمل بالسنين يعد تقديرا منكرا في زماننا الذي
نحن فيه.
قد وإنني أرى أن الشرع يشهد للموقف العلمي في حساباته الدقيقة؛ وذلك أن النبي
أشار إلى بعض المراحل التي يمر بها الحمل في بطن أمه، وقدر لها أزمانا ثاب تة ودقيقة؛ مما
يوحي إلى أن الحمل له مراحل دقيقة من بداية وجوده في ر حم أمه إلى انفصاله عنها حيا؛ فقد
إِ ن أَحد ُ كم يجم ع خَلْقُ ه فِي بطْنِ أُ مهِ أَ ربعِي ن ي و ما : قال جاء في صحيح البخاري أن رسول الله
دور الحقائق العلمية المعاصرة
73
ثُم ي ُ كو ن عَلَقةً مِثْلَ َذلِك ُثم ي ُ كو ن مض َ غةً مِثْلَ َذلِك ُثم يب ع ُ ث اللَّ ه مَل ً كا فَ يؤْم ر بِأَربعِ كَلِماتٍ ويقَالُ لَ ه
[ البخاري: 3036 ] ... ا ْ كُت ب عمَل ه ورِزَق ه وأَجَل ه و َ شقِ ي أَ و سعِيد ُثم ينْفَخُ فِيهِ ال رو ح
تبرير أقوال الفقهاء
حيث لا توجد نصوص تبين أكثر مدة الحمل، فقد رجع العلماء إلى استقراء الواقع، كما
ذكرت آنفا؛ وليس لهم سبيل غير ذلك؛ فوجدوا وقائع ادعت فيها النساء مكث الحمل في بطنها
لسنوات، ومدعية ذلك غير متهمة في دينها أوصدقها؛ فهي امرأة تتصف بالعدالة، فأخذ كل عالم
في عصره بدعوى النساء في أكثر مدة الحمل.
ولا أريد التشكيك بصدق الروايات، ولكن أشكك في دقة قراءة مثل هذه الوقائع؛ فالمرأة
اعتادت أن تربط بين انقطاع حيضها وحملها، فإذا أرادت حساب مدة الحمل، فإنها تحسب المدة
ما بين انقطاع الحيض والميلاد، فتكون هذه المدة هي مدة الحمل من وجهة نظرها.
وهذا يقع فيه الخطأ لا محالة، فكثير ما ينقطع الحيض لغير الحمل، وتح مل المرأة أثناء
انقطاع حيضها؛ فإذا حدث الحمل أثناء انقطاع الحيض؛ فتظن الحامل أن مدة حملها بدأت من
وقت انقطاع حيضها، وهذا غير صحيح؛ فتقع في خطأ التقدير حينئذ.
وعليه: فإن العلماء يعذرون إذا أخذوا بهذه الروايات في ذلك الزمان، حيث لا سبيل لهم
سوى ذلك؛ ولكن بعد تكشف الحقائق العلمية لا عذر لمن قال بأن أكثر مدة الحمل خمس سنوات،
أو أربع سنوات أو غير ذلك.
التحقق من شروط ميراث الحمل، في ظل ما تقدم
من خلال كل ما تقدم، وبالرجوع إلى الحقائق العلمية؛ يمكن التثبت من شرطي ميراث
الحمل على النحو التالي:
أولا: التثبت من وجود الحمل في بطن
مما لا شك فيه أن التقدير بأكثر مدة الحمل، أو بأقلها ليس مقصودا لذاته، بل إن
المقصود هو التثبت من وجود الحمل في رحم الأم لحظة وفاة المورث للحمل.
وبات واضحا أن الضبط بأقل مدة الحمل لمن كانت تحت رجل يجامعها، فيه هامش من
عدم الانصاف للحمل.
وأن تقدير أكثر مدة الحمل بالسنين كما ذكر الفقهاء؛ لمن لم تكن تحت رجل يجامعها؛
يجافي الحقائق العلمية، وما يشهد به الواقع.
وفي ظل التطور الطبي المعاصر؛ والذي بات فيه الوقوف على وجود الحمل في رحم
الأم من القضايا اليسيرة؛ لم يعد التمسك بالتقدير بالزمان أمرا مقبولا.
مازن هنية
74
وعليه : فإن الواجب إذا ادعت امرأة الحمل في قضية ميراث، أن تقدم إلى جهة طبية
مسئولة، لتتثبت من دعواها؛ ويحدد لها مدة زمنية تتقدم خلالها لإثبات حملها؛ فلا تتأخر عنها.
وأقترح أن تكون هذه المدة ثلاثة أسابيع من تاريخ وفاة المورث؛ والسبب في ذلك أن
المرأة يبدأ الظن بحملها، بعد وقوع الحمل بأسبوعين؛ وهي الفترة ما بين وقت الإخصاب، وموعد
[ الحيض، ونضيف الأسبوع الثالث لتتمكن المرأة من التثبت من حملها. [ 18 ص 467
وإذا لم تتقدم الحامل لإثبات حملها لأي سبب من الأسباب؛ فتلزم بأقل مدة الحمل إن
كانت تحت رجل يجامعها، وإن لم تك ن تحت رجل يجامعها فتعطى أربعين أسبوعا؛ وهي المدة
التي قررها العلم؛ تضاف إليها إمكانية تأخر الحمل لمدة لا تبلغ الشهر الواحد.
وإذا كانت المرأة الحامل تحت رجل يجامعها، فيمكن متابعة حملها، حذرا من سقوطه
ونشوء حمل جديد؛ بل إن الدوائر الطبية في زماننا هذا تهتم بمتابعة الحمل في جميع مراحله،
فيمكن للقضاء ملاحظة هذا الأمر ومتابعته؛ رعاية للحقوق وحفظا لها.
ثاينا: التثبت من انفصال الحمل حيا
إن الأمر المتفق عليه لميراث الحمل هو خروجه إلى الحياة حيا، فوضع الفقهاء ما
وضعوه لمجرد التثبت من ذلك، ووجدناهم يتفقون على إثبات الحياة بالصراخ، أو ما كان في
معناه من عطس أو غيره؛ فهي علامات حقيقية على الحياة.
ووجدناهم يختلفون في الحركة اليسيرة؛ وذلك أن الحركة اليسيرة قد لا تكون حركة
حقيقية تدل على الحياة؛ بل لعلها حركة موهومة؛ فكان التشدد في الحركة للتثبت من أنها حركة
مبنية على وجود حياة حقيقية.
ونحن اليوم ومع التقدم العلمي في مجال الطب هذا التقدم العظيم، والذي يتمكن الطبيب
من خلاله من الوقوف على حياة الجنين في رحم أمه، بل سماع دقات قلبه، فلا يمكن أن يكون
التحقق من هذا الشرط معضلة؛ وهو مردود إلى الجهة الطبية الموثوق بها لإثبات حياة الحمل،
فيأتي دور الفقهاء في بناء الحكم على شهادة الأطباء ليس أكثر من ذلك.
لا يرِ ُ ث ال صبِ ي حتَّى يسَتهِلَّ الذي كرناه آنفا وهذا لا يتعارض مع حديث النبي
انظر تخريجه ص: 3 من هذا البحث] ] صارِ ً خا؛ َقالَ: واستِهلاُل ه أَ ن يبكِ ي ويصِي ح أَ و يعطِ س
فالحديث إنما أشار إلى إثبات الحياة بوسائل تدل عليها دلالة واضحة؛ وهذا لا ينفي
إثباته بكل وسيلة أخرى تدل على إثبات الحياة.
دور الحقائق العلمية المعاصرة
75
المبحث الثالث
حل مسائل الحمل، وتقسيم تركته
إذا مات شخص وترك حملا من جملة ورثته، ووافق الورثة جميعا على وقف التركة
حتى الو ضع، فتوقف التركة حينئذ، وتقسم بعد الوضع قسمة عادية؛ إذ بالوضع تنكشف حال
الحمل من حيث الذكورة والأنوثة، ومن حيث العدد.
وكذلك إن كان الحمل هو الوارث وحده على كل أحواله، فإن التركة توقف لحين
الوضع.
وإذا أصر الورثة على قسمة التركة قبل الوضع، فقد اختلف العلم اء في تقسيمها، على
أقوال، على النحو التالي:
القول الأول
تقسم التركة على اعتبار الحمل أربعة بنين، أو أربع بنات، ثم يوقف له أفضل النصيبين،
؛241/ قال بهذا الإمام أبو حنيفة رحمه الله، وهو مقابل الأصح أو الصحيح عند الشافعية . [ 12 6
[31/ 11 6 ؛39/ 30 6
القول الثاني
تقسم التركة على اعتبار الحمل اثنين من الذكور، أو اثنتين من الإناث، ثم يوقف له
[86/ 16 2 ؛503/ أفضل النصيبين، قالت بهذا الحنابلة، ومحمد وأبو يوسف من الحنفية. [ 29 8
القول الثالث
تقسم التركة على اعتبار الحمل ابنا واحد، أو بنتا واحدة، ثم يوقف له أفضل النصيبين،
قال به أبو يوسف في رواية أخرى عنه، وهذا هو الراجح في المذهب الحنفي.
وعلى هذا القول فإن القاضي يأخذ كفيلا من الورثة، احتياطا لمجيء الحمل متعددا،
[503/ مستحقا لأكثر مما أوقف له. [ 29 8
القول الرابع
توقف التركة ولا يعطى منها شيء للورثة، إلا من كان نصيبه لا يختلف فيدفع له هذا
؛39/ النصيب، هذا في الصحيح المشهور عن الشافعية، كما ذكر النووي في الروضة . [ 30 6
[ 25 ص 237
مازن هنية
76
القول الخامس
توقف التركة ولا يعطى أحدًا من الورثة شيء، حتى من لا يختلف نصيبه، حذرا من
هلاك الموقوف للحمل، قال به المالكية في المشهور من مذهبهم، والشافع ية في رواية أخرى
[39/ 30 6 ؛514/ عنهم. [ 15 2
الأدلة
إن أراء العلماء مبنية على اجتهاد؛ غرضه رعاية مصلحة الورثة، ومصلحة الحمل؛
مع ملاحظة الاحتياط للحمل؛ فهذه هي جوهر الفلسفة التي استندت إليها الأقوال؛ ويمكن إيجاز
دليل كل قول على النحو التالي:
دليل القول الأول
علل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بما جرت به العادات، ونقل عن السابقين عدم
[39/ 30 6 ؛241/ وضع المرأة لأكثر من أربعة في الولادة الواحدة. [ 12 6
دليل القول الثاني
علل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه : بأن ما جرت به العادات في حال تعدد الحمل هو
أن يتعدد إلى اثنين ، وولادة المرأة لأربعة في الولادة الواحدة، من القليل النادر، والعبرة بالغالب لا
[315/ 23 6 ؛241/ بالقليل النادر. [ 12 6
دليل القول الثالث
علل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بأن الغالب ميلاد المرأة لمولود واحد سواء كان
[503/ ذكرا أو أنثى، وأما التعدد فقليل الوقوع، والعبرة بالمعتاد الغالب. [ 29 8
دليل القول الرابع
علل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بأن تعدد الحمل لا حدود له، فذكروا روايات
[39/ بميلاد خمسة في بطن، وميلاد اثني عشر في بطن واحد. [ 30 6
دليل القول الخامس
علل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بخشية هلاك الموقو ف، فيكون أحد الورثة أخذ من
[39/ 30 6 ؛514/ التركة دون غيره. [ 15 2
القول الراجح
مما لا خلاف فيه بين الفقهاء جواز تأخير القسمة حتى يأتي الحمل، وتتضح حاله؛
فتكون القسمة نهائية كما ذكرت آنفا ، والخلاف بين الفقهاء حاصل حال مطالبة الورثة
[313/ 23 6 ؛ بالمقسمة [ 25 ص 236
دور الحقائق العلمية المعاصرة
77
ولعل العلماء لما قالوا بتقسيم التركة قبل انفصال الحمل بسب ما قرروه من أكثر مدة
الحمل؛ فإذا كان الاحتمال حسب تقديراتهم أن يمكث الحمل في رحم أمه سنوات؛ فيفضي
للإضرار بالورثة إذا أُخر التقسيم كل هذه المدة.
وفي ضوء ما بيناه في ضوء ما يشهد به الواقع، و الحقائق العلمية المعاصرة من
انضباط أكثر مدة الحمل بالأشهر التي لا تصل إلى العام، وذلك على خلاف ما ذهب إليه الكثير
من الفقهاء؛ ففي نظري لم يعد لتقسيم التركة تلك الحاجة الملحة؛ فيمكن ترك القسمة حتى انفصال
الحمل ووضوح حاله؛ وذلك حفظا للحقوق، واحتياطا لحق الحمل.
ولكن إذا ما وجدت أسباب وحاجة تستدعي التعجيل بالقسمة؛ فإنني أرجح عدم قسمة
جميع التركة؛ بل قسمة ما تندفع به الحاجة؛ وإن كانت التركة لا تقبل التجزئة فتقسم جميع التركة
حينئذ.
فإن كان لا بد من القسمة فالذي أراه راجحا فيها هو القول الثالث، والذي قال به أبو
يوسف ومن وافقه، والقاضي بتقسيم التركة على اعتبار الحمل ابنا واحدا، أو بنتا واحدة، ثم
معاملة الحمل بالأفضل، فنوقف له أفضل النصيبين.
وأما الورثة؛ فمن كان نصيبه لا يتغير في الحالتين فيأخذ هذا النصيب، وأما الورثة
الذين يتغير نصيبهم بتغير حال الحمل، فنعطيهم النصيب الأقل.
ونأخذ كفيلا على الورثة برد الزيادة؛ إذا تبين أنهم أخذوا أكثر من حقهم؛ وذلك إذا جاء
الحمل مستحقا لأكثر من الموقوف له؛ بأن يأتي متعددا.
ثم إذا جاء الحمل مستحقا لما أوقفنا له دفعناه له، وإذا جاء مستحقا للنصيب الأقل فندفع
له هذا النصيب، ونعود بباقي الموقوف على مستحقيه، فبعد بيان حال الحمل تتضح حال الورثة،
فيعامل كل وارث بما يستحق.
وسبب ترجيحي للقول الثالث في حال القسمة -
1. التعدد لا ضابط له، ورعايته على جهة القطع متعذرة.
2. الغالب الشائع هو مجيء الحمل منفردا؛ ذكرا كان أو أنثى، والعبرة بالشائع الغالب.
حل مسائل الحمل
سنعتمد حل المسائل على أساس اعتبار الحمل منفردا، ذكرا أو أنثى، كما ذكرت في
الرأي الراجح، وعلى هذه الطريقة فقد قسم العلماء حالات الحمل إلىخمس حالات:
مازن هنية
78
الحالة الأولى
أن يكون الحمل محجوبا على كل حال : أي ألا يرث الحمل على حال الذكورة أو على
الأنوثة.
وفي هذه الحال لا نوقف للحمل شيئا من التركة، بل تقسم التركة على مستحقيها تقسيما
نهائيا؛ مثال ذلك:
توفي عن
زوجة، أم، أب، ابن، زوجة ابن حامل
زوجة أم أب ابن ابن ابن أو بنت ابن
6 عصبة بالنفس محجوب 24
1
6
1
8
1
0 13 4 4 3
لو جاء الحمل ذكر أو أنثى فإنه محجوب بالابن، فلا ميراث له، فتقسم التركة قسمة
نهائية.
الحالة الثانية
أن يكون الحمل وارثا جميع التركة، إما بكونه وارثا وحده، أو أن يوجد معه غيره، لكن
هذا الغير محجوب بالحمل، فتوقف جميع التركة للحمل؛ ومثال ذلك:
توفي عن: زوجة أب حامل
أخ أب أخت لأب
التركة فرضا وردا
على فرض الأنوثة
عصبة بالنفس
على فرض الذكورة
إذا جاء الحمل ذكرا فيكون أخا لأب؛ فيأخذ التركة بالتعصيب وإذا كان أنثى، فيكون
أختا لأب؛ فتأخذ التركة بالفرض والرد؛ فتوقف التركة للحمل.
الحالة الثالثة
أن يكون وارثا على حال الذكورة والأنوثة، مع وجود ورثة آخرين، ولا يختلف نصيبه
من حال إلى حال، فيوقف له حينئذ هذا النصيب، ويأخذ كل وارث نصيبه، وتنتهي المسألة؛ مثال
ذلك:
توفي عن: أم حامل من غير الأب، أخت شقيقة، أخ شقيق.
دور الحقائق العلمية المعاصرة
79
أم أخ لأم أخت شقيقة أخ شقيق
عصبة بالغير 6
6
1
6
1
4 1 1
على فرض الذكورة
أم أخت لأم أخت شقيقة أخ شقيق
عصبة بالغير 6
6
1
6
1
4 1 1
على فرض الأنوثة
في المسألة الأولى افتراضنا الحمل ذكر أخا لأم ، فكان مستحقا للسدس، وفي
المسألة الثانية افترضناه أنثى أختا لأم فكان مستحقا للسدس أيضا، فنوقفه له.
الحالة الرابعة
أن يكون الحمل وارثا في إحدى حالتيه، وغير وارث في الحالة الثانية، فنفرضه وارثا
ونوقف له نصيب الوارث، ونعطى الورثة الآخرين الأقل من نصيبيهم؛ مثال ذلك:
توفي عن: بنت، بنت ابن، أم، زوجة ابن الابن حامل.
بنت بنت ابن أم ابن ابن الابن
6 عصبة بالنفس 6
1
6
1
2
1
على فرض الذكورة
1 1 1 3
في ضبط ميراث الحمل
مازن إسماعيل هنية
كلية الشريعة - الجامعة الإسلامية
ص. ب. 108 غزة - فلسطين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
ملخص: يتناول هذا البحث مسألة فقهية من مسائل المواريث؛ وهي ميراث الحمل.
فناقش البحث ضوابط ميراث الحمل عند الفقهاء؛ مبينا مذاهبهم في أقل مدة الحمل، وأكثرها، ثم
قارن ذلك بالحقائق العلمية المعاصرة.
وانتهى البحث إلى ضرورة ضبط ميراث الحمل في ضوء الحقائق العلمية، وهذا في جوهره لا
يخالف أصل فلسفة العلماء.
وانتهى البحث بتطبيقات على ميراث الحمل.
Abstract: This research deals with an issue in “Fiqh” in the field of Heritages.
This issue is the “fetus’s heritage”.
The research discusses what scholars say about the conditions of fetus’s
heritage, illustrating their point views about the minimum and maximum time
of pregnancy. Then the research compares these point views with the modern
scientific facts.
Finally the research concludes to the necessity of clarifying the heritage of
fetus according to the scientific facts. This indeed doesn’t contradict with the
roots of scholar’s philosophy.
The research ends with some applications on fetus’s heritage.
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله،
وصحبه، ومن سار على هديه إلى يوم الدين، وبعد:
فإن لعلم الميراث مكانة عظيمة في التشريع الإسلامي، ويكفي هذا العلم شرفا أن الله تعالى قد تولاه بنفسه، فلم يوكل لملك مقرب، ولا نبي مرسل؛ فقد جاءت أحكامه مفصلة في كتاب
الله تفصيلا بينا، مع أن منهج القرآن الكريم يقوم غالبا على معالجة الأحكام على جهة الإجمال،
ويدع التفصيل والتبيين للسنة النبوية.
مازن هنية
66
ولكن لما كان الميراث يعالج قضية مالية، والمال سبب من أسباب المنازعات
والخصومات، فقد تولاه الله بنفسه قطعا لدابر كل فتنة، ووضعا للحق في نصابه، وقطعا للطريق
على كل من تسول له نفسه بجحد الحقوق، أو إهدارها.
ولقد تناول العلماء أحكام المواريث بالدراسة في ثنايا كتب الفقه، أو بإفراد دراسات
خاصة به، فلم تعد خدمة هذا العلم من حيث الجملة بأكثر من فهمه ، وبيانه للناس، والالتزام
به في واقع الحياة؛ ولكن هناك بعض الجزئيات التي قد تحتاج للبحث والنظر؛ خاصة في ضوء
تطور الحياة الإنسانية، ومن هذه المسائل ميراث الحمل.
فقد وضع العلماء لميراث الحمل معايير لضبطه، وهذه المعايير كانت استقراء لواقعهم،
وفي ضوء تصوراتهم، ومفاهيم في عصورهم.
ولكن بعد أن تطورت الحياة الإنسانية، تطورا هائلا في كافة المجلات، وتكشفت حقائق
لم تكن معروفة من قبل، فإن ذلك أفضى إلى الوقوف على خطأ بعض الضوابط التي وضعها
العلماء لضبط ميراث الحمل، والمتعلقة بمدة الحمل؛ فدعاني هذا لقراءة ميراث الحمل في ضوء
الحقائق العلمية المعاصرة الثابتة المتعلقة بمدة الحمل؛ والتي لا يتطرق إليها الاحتمال.
وذلك من خلال هذا البحث المشتمل على هذه المقدمة، وثلاثة مباحث، وخاتمة متضمنة
لأهم النتائج:
المبحث الأول: ضوابط ميراث الحمل.
المبحث الثاني: معايير التحقق من شروط ميراث الحمل؛ بين الحقائق العلمية، وآراء الفقهاء.
المبحث الثالث: حل مسائل الحمل، وتقسيم تركته.
دور الحقائق العلمية المعاصرة
67
المبحث الأول
ضوابط ميراث الحمل
من العلوم أن الميراث له أركان، وشروط، وأسباب، وموانع، يجب ملاحظتها في
الميراث من حيث الجملة مع كل وارث؛ سواء أكان حملا، أم غير ذلك، و لكن للحمل شروط
خاصة به.
نعم لقد اتفق العلماء على أنه إذا مات الإنسان وترك جنينا في بطن أمه، فإن هذا الجنين
أهل للميراث؛ إذا تحققت الشروط الخاصة بميراثه؛ والشروط الخاصة به تتمثل في شرطين؛ هم
الشرط الأول
التحقق من وجود الحمل في بطن أمه لحظة وفاة مورثه، فإذا ثبت وجوده ثبت ميراثه،
الشرط الثاني
أن ينفصل الحمل عن أمه حيا حياة مستقرة، وتعرف هذه الحياة بالعلامات الدالة على
وجود الحياة؛ وذ لك كالحركة والصراخ؛ فيكون الحمل حينئذ وارثا؛ لما ثبت في السنة ع ن جابِرِ
لا يرِ ُ ث ال صبِ ي حتَّى يسَتهِلَّ َقالا : َقالَ رسولُ اللَّهِ والْمِس ورِ بنِ مخْرم َ ة بنِ عبدِ اللَّهِ
ابن ماجة : 2751 ؛ صححه الألباني : ] صارِ ً خا؛ َقا لَ: واستِهلاُل ه أَ ن يبكِ ي ويصِي ح أَ و يعطِ س
[ السلسلة الصحيحة: 152
أبو داود : ] إَِذا استَهلَّ اْل م وُلود و ر َ ث : َقا لَ ع ن النَّبِ ي وجاء أيضا ع ن أَبِي هريرَة
[ 2920 ؛ وله طريق أخري؛ الدارمي: 3130 ؛ صححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 153
وقد اختلف الحنفية والجمهور في أمرين في هذا الشرط:
فيرى الجمهور : أن الحمل إذا انفصل عن أمه ميتا لا يرث؛ سواء مات في رحم الأم،
أو أثناء الولادة قبل تمامها واكتمال خروجه حيا.
؛308/ وكذلك لا يرث الحمل إذا انفصل ميتا بنفسه، أو بسبب اعتداء على أمه . [ 19 2
[91/ 22 2 ؛36/ 30 6
ويخالف الحنفية الجمهور في أمرين
الأول: إذا انفصل أكثر الحمل عن أمه حيا، ثبت ميراثه؛ وقد تمسكوا بنفس الآثار
[52 ،51/ السابقة التي تمسك بها الجمهور؛ معتبرين حكم الأكثر هو حكم الكل [ 13 30
مازن هنية
68
الثاني: أن الحمل إذا انفصل عن أمه بنفسه لا يرث؛ وأما إذا انفصل بسبب اعتداء على
أمه ورث.
وعللوا ذلك بأن المشرع قد أوجب الغرم بالاعتداء على أمه وانفصاله حيا؛ فهذا دليل
[54/ على اعتباره حيا من قبل المشرع. [ 13 30
والراجح: ما ذهب إليه الجمهور؛ للأسباب التالية:
1. إن ظاهر النص يدل على اشتراط خروج كامل الحمل حيا؛ ليثبت ميراثه.
2. إن ظاهر النص يثبت الميراث لمن انفصل حيا، ولم يثبته لغيره مطلقا.
3. إن تعليل الحنفية لميراث من انفصل عن أمه بسبب جناية عليها؛ بإيجاب المشرع
للغرم على المعتدي لا يقبل؛ لأن الغرم الواجب بالاعتداء ليس دية لحي، بل هو عقوبة مالية على
الجاني لجنايته المتسببة للضرر.
التحقق من الشروط
1. التحقق من الشرط الأول : إن في التحقق من الشرط الأول وهو وجود الحمل في رحم الأم
إشكال؛ ولقد سلك العلماء القدامى طريق الحساب الزماني للتحقق من وجود الحمل في رحم
الأم حين وفاة المورث؛ وذلك على النحو التالي:
أولا: إذا كان الحمل ينتسب للميت، كأن تكون الحامل زوجة الميت؛ مات عنها
والزوجية بينهما قائمة، أو كانت في عدة الطلاق ( 1)؛ فتعطى الحد الأقصى لوضع الحمل؛ أي
تعطى أكثر مدة الحمل؛ لأنها ليست تحت رجل يجامعها؛ ويلحق بهذا كل حامل لم تكن تحت رجل
يجامعها.
توجيه هذا القول
إن الحامل التي ليست تحت رجل يجامعها، كزوجة الميت، أو زوجة ابنه المتوفى في
حياته، أو أمه الحامل من أبيه المتوفى، أو زوجة أخيه المتوفى حاملا؛ أو أمه الحامل من غير
أبيه الغائب أو المفقود؛ لا خوف من نشوء الحمل لها بعد وفاة المورث؛ لذا أعطيت الحامل أكثر
مدة الحمل.
1) من المعلوم أن المطلقة لا تخرج من العدة حال حملها؛ فما دامت حاملا فهي في العدة؛ وعليه فمن
انقضت عدتها ليس لها الحق في دعوى الحمل؛ لذا فقد قيدت الحامل بقي ام الزوجية، أو وجودها في
عدة الطلاق.
دور الحقائق العلمية المعاصرة
فإن و ضعت الحامل خلال أكثر مدة الحمل اعتبر الحمل وارثا في هذه الأحوال، ويثبت
نسبه للميت إن كان ينتسب له.
وإن وضعت الحمل بعد ذلك فلا ميراث له، ولا ينسب للميت إن كان ينتسب إليه؛ لأننا
/ 20 3 ؛50/ 13 30 ؛540/ نعلم حينئذ عدم وجود الحمل في بطن أمه لحظة الوفا ة. [ 17 3
[316/ 23 6 ؛28/ 14 3 ؛1108
2. إذا لم يكن الحمل ينتسب للميت، وكانت الحامل تحت رجل يجامعها؛ كأن تكون الحامل أما
للميت متزوجة من غير أبيه، فتعطى هذه الحامل هنا الحد الأدنى للميلاد؛ أي تعطى أقل مدة
الحمل؛ وهي ستة أشهر.
توجيه هذا القول
إن الحامل التي تحت رجل يجامعه ا، يمكن أن ينشأ لها الحمل في كل لحظة؛ لذا أعطيت
أقل مدة الحمل لانفصال الحمل؛ حيث إن انفصال الحمل عن أمه في هذه المدة، يقطع بوجوده في
رحمها لحظة وفاة المورث.
فإذا وضعت هذه الحامل خلال أقل مدة الحمل وهي ستة أشهر، اعتبر الحمل وارثا؛
حيث إننا نقطع بوجود الحمل لحظة الوفاة.
وأما إذا وضعته بعد ستة أشهر، فلا ميراث له، لعدم القدرة على التحقق من وجوده في
.[316/ 23 6 ؛28/ 14 3 ؛487/ 9 4 ؛50/ رحم أمه لحظة الوفاة. [ 13 6
وقد أشار العلماء لعدد من الصور التي يمكن فيها لحمل أمه تحت رجل يجامعها أن
يرث ولو وضعته بعد أقل مدة الحمل، ومن هذه الصور:
1. إقرار الورثة بالحمل : إذا كانت الحامل تحت رجل يجامعها، ووضعت بعد مضي ستة أشهر
على موت المورث، وأقر الورثة بوجود الحمل لحظة الوفاة فإن الحمل يعتبر وارث ا. [ 30 6
[463/ 3 4 ؛37/
2. غياب الزوج: كذلك إذا كانت الحامل تحت رجل يجامعها؛ لكنه غائب غيبة بعيدة، لا يتهيأ له
[411/ الوصول إليها، ووضعت بعد ستة أشهر فإن الحمل يعتبر وارثا. [ 6 6
3. ظهور الحمل : كذلك إذا كانت الحامل تحت رجل يجامعها؛ وكان حملها حين وفاة المورث
[411/ حملا ظاهرا؛ فإنه يرث حتى لو وضعت بعد الستة أشهر. [ 6 6
والحق أيضا ثبوت الميراث في هذه الحا لة إذا ثبت الحمل بالأدلة الطبية القطعية،
فالغرض هو التحقق من وجود الحمل والزمن علامة، فإذا حصل اليقين بغيره سرنا إليه، وتعين
القول بميراث الحمل؛ وهذا سأفصل فيه القول لاحقا.
مازن هنية
70
ثانيا: التحقق من الشرط الثاني : باستثناء الخلاف الذي ذكرناه بين الحنفية والجمهور، فإ نني أجزم
بأن العلماء متفقون على أن شرط ميراث الحمل هو انفصاله حيا عن أمه.
وقد اتفقوا على أن استهلال الحمل صارخا، علامة على حياته؛ لنص الحديث السابق :
انظر ] لا يرِ ُ ث ال صبِ ي حتَّى يسَتهِلَّ صارِ ً خا؛ َقا لَ: واستِهلاُل ه أَ ن يبكِ ي ويصِي ح أَ و ي عطِ س
تخريجه ص: 3 من هذا البحث]
وكذلك اتفقوا في إثبات الحياة بمص الثدي؛ وبالحركة العظيمة، والتنفس غير
[91/ 22 2 ؛316/ 23 6 ؛37/ 30 6 ؛50/ اليسير. [ 13 30
واختلفوا في التنفس اليسير؛ ومثله الحركة اليسير؛ فهل يحكم بمثلها على حياة:
فذهب الجمهور إلى عدم إثب ات الحياة بالتنفس الميسرة، ومثله الحركة اليسيرة؛ فلعلها
[91/ 22 2 ؛316/ 23 6 ؛37/ حركة كحركة المذبوح. [ 30 6
[50/ وأما الحنفية فقد أثبتوا الحياة بهما؛ فهما أمارات عليها. [ 13 30
المبحث الثاني
معيار التحقق من شروط الحمل بين الحقائق العلمية، وآراء الفقهاء
لقد ظهر واضحا أن شرط ميراث الحمل؛ وجوده في رحم الأم لحظة وفاة المورث، ثم
انفصاله حيا حياة مستقرة؛ وقد كان للعلماء منهج للتحقق من الشرطين، وسأقوم بدراسة المعايير
التي وضعها العلماء مقارنة بالحقائق العلمية المعاصرة:
أولا: التحقق من وجود الحمل لحظة الوفاة : لقد قيد الفقهاء وجود الحمل بمدة الوضع، فجعلوا
لمن كانت أمه تحت رجل يجامعها، أقل مدة الحمل للوضع، والتي ليست تحت رجل يجامعها أكثر
مدة الحمل؛ ومن تجاوزت المدة المقررة، لا يحكم بميراث حملها؛ ومن هنا لابد من بيان أقل مدة
الحمل، وأكثرها، ومقارنة ذلك بالحقائق العلمية.
أولا: أقل مدة الحمل
اتفق الفقهاء على أن أقل مدة الحمل هي ستة أشهر، واستدلوا لذلك بالقرآن الكريم،
[463/ 3 4 ؛37/ 30 6 ؛92/ 19 2 ؛116/ والأثر، على النحو التالي: [ 4 2
و و صيَنا : جعل القرآن الكريم مدة الحمل والرضاع معا ثلاثين شهرا، وذلك في قول الله تعالى
الإِن س ا ن بِ والِديهِ إِ ح ساًنا ح مَلْت ه أُ م ه ُ ك ر ها و و ض عتْ ه ُ ك ر ها و حمُل ه وفِ صاُل ه َثلاُثون َ ش ه ر ا
[ [الأحقاف: 15
دور الحقائق العلمية المعاصرة
71
و و صيَنا الإِنسا ن بِوالِديهِ : وجعل القرآن مدة الرضاع عامين؛ وذلك في قول الله تعالى
[ لقمان: 14 ] حمَلتْ ه أُم ه و هًنا عَلى وهنٍ وفِصاُل ه فِي عا مينِ أَ ن ا ْ ش ُ ك ر لِي ولِوالِدي ك إِلَ ي الْمصِي ر
وبإنقاص مدة الفصال وهي : العامان، من مدة الحمل والفصال معا وهي : الثلاثون
شهرا؛ فتتبقى مدة الحمل وهي ستة أشهر.
أُتِ ي بِامرأَةٍ َق د وَلدتْ فِي سِتَّةِ أَشْ هرٍ َفأَمر بِ ها أَ ن ُتر جم أَ ن عثْما ن ب ن عفَّا ن : وقد جاء
و حمُل ه َليس َذلِك عَلي ها إِ ن اللَّ ه تَبا ر ك وَتعالَى يقُولُ فِي كِتَابِهِ َفَقالَ لَ ه علِ ي ب ن أَبِي طَالِبٍ
وفِصاُل ه َثلاُثون َ ش ه را
واْل والِدا ُ ت يرضِع ن أَولاد هن ح وَلينِ كَامَِلينِ لِ من أَراد أَ ن يتِم ال ر ضاع َ ة وَقالَ
َفاْل ح ملُ يكُو ن سِتَّ َ ة أَشْ هرٍ َفلا رجم عَلي ها َفبع َ ث عثْما ن ب ن عفَّا ن فِي أََثرِ ها َف و جد ها َق د
[ الموطأ: ص: 593 ] رجِ متْ
الموقف العلمي من أقل مدة الحمل
لا يوجد اختلاف بين الحقيقة العلمية وما اتفق عليه العلماء بشأن أقل مدة الحمل، ففي
رأي العلم أقل مدة الحمل هي ستة أشهر.[ 32 الطبيب المسلم]
الإشكال في التقدير بأقل مدة الحمل
نعم لقد اتفق العلم والفقه في أقل مدة الحمل، ولكن هذ ا التقدير إذا أُلزمت به الحامل التي
هي تحت رجل يجامعها، لا يحقق العدالة بمعناها الدقيق وعلى وجهها الأكمل؛ وذلك أن هذا
التقدير يوصلنا إلى يقين وجود الحمل إذا وضعت الحامل حملها خلال مدة الستة شهور، فلا يمكن
معه أن يدخل على التركة حمل ليس أهلا للميراث؛ ولكنه قد يحرم حمل يستحق الميراث؛ وذلك
إذا افترضنا أن امرأة حامل وهي تحت رجل يجامعها، فمات مورث لحملها، وكان عمر الحمل
وقت الوفاة شهرا واحدا، ثم وضعت وضعا طبيعيا فوضعت بعد تسعة أشهر من حملها؛ فحينئذ
يكون وضعها للحمل بعد ثمانية أشهر من وفاة المورث لحملها؛ وحينئذ لا يستحق الحمل الميراث،
فالحمل في الشهر الأول لا يمكن أن يكون ظاهرا، والورثة قد يجحدونه!!
ثانيا: أكثر مدة الحمل
اختلف العلماء في أكثر مدة الحمل، وذلك على أقوال، منها:
23 ؛50/ القول الأول : أكثر مدة الحمل سنتان؛ قال به الحنفية، وهو رواية عند الحنابلة . [ 13 30
[316/6-
القول الثاني : أكثر مدة الحمل أربع سنين ؛ قال به الشافعية، وهو الرواية الراجحة عند الحنابلة،
[316/ 23 6 ؛387/ 14 3 ؛407/ وهو أحد قولي المالكية. [ 9 4
مازن هنية
72
القول الثالث : أكثر مدة الحمل خمس سنين ، قال به المالكية في قولهم الثاني، وللمالكية روايات
[1109 ،1108/ 20 3 ؛407/ أخرى. [ 9 4
[133/ القول الرابع: أكثر مدة الحمل تسعة أشهر، قال به الظاهرية. [ 5 10
سبب الخلاف
يرجع الخلاف في المسألة إلى سببين رئيسين، هما:
الأول: عدم وجود دليل شرعي صريح وصحيح يحدد أكثر مدة الحمل؛ مما أدى إلى هذا
التباين والاختلاف في الأقوال والمذاهب.
الثاني : اعتماد هذه الأقوال على استقراء الواقع؛ أدى إلى هذا التشعب في الآراء؛ فمن
العلماء من وجد أن غالب النساء يضعن الحمل في تسعة أشهر فأخذ بهذا الرأي.
ومنهم من وقعت في عهده واقعة؛ وضعت فيها الحامل حملها خلال سنتين، أو أربع
سنين، أو خمس سنين؛ فحكم كل عالم مستندا للوقعة التي اطلع عليها.
الموقف العلمي من أكثر مدة الحمل
لقد بات واضحا في حياتنا أن القول بمكوث الحمل في بطن أمه لسنوات، يعد ضربا من
الخيال؛ فالعلم اليوم يحدد الحمل بالأيام؛ فيحدد وقت التبويض؛ ثم الإخصاب؛ ثم تطور الحمل
باليوم والأسبوع، ومع تفاوت الآراء العلمية حول مدة الحمل؛ وذلك بالنظر لبداية وقت الحساب،
هل من انقطاع الحيض أو وقت الإخص اب؛ فالآراء العلمية تجعل أمدا لمدة الحمل القصوى
تتراوح ما بين 266 يوم إلى 270 يوم إلى 290 يوم والمتوسط 280 يوم؛ ولو فرض للحمل
التأخر عن الموعد الطبيعي فلا يتأخر عن موعده أكثر من شهر وإلا هلك . [ 32 الطبيب المسلم؛
[ 33 الصحة؛ 31 964
وما ذهب إليه العلم من حقائق يشهد به الواقع؛ ويسلم به الجميع؛ بل إن القول بمكث
الحمل لسنوات في بطن أمه؛ يعد موقع استغراب من عامة الناس قبل خواصهم.
وعليه : فإن تقدير الفقهاء لأكثر مدة الحمل بالسنين يعد تقديرا منكرا في زماننا الذي
نحن فيه.
قد وإنني أرى أن الشرع يشهد للموقف العلمي في حساباته الدقيقة؛ وذلك أن النبي
أشار إلى بعض المراحل التي يمر بها الحمل في بطن أمه، وقدر لها أزمانا ثاب تة ودقيقة؛ مما
يوحي إلى أن الحمل له مراحل دقيقة من بداية وجوده في ر حم أمه إلى انفصاله عنها حيا؛ فقد
إِ ن أَحد ُ كم يجم ع خَلْقُ ه فِي بطْنِ أُ مهِ أَ ربعِي ن ي و ما : قال جاء في صحيح البخاري أن رسول الله
دور الحقائق العلمية المعاصرة
73
ثُم ي ُ كو ن عَلَقةً مِثْلَ َذلِك ُثم ي ُ كو ن مض َ غةً مِثْلَ َذلِك ُثم يب ع ُ ث اللَّ ه مَل ً كا فَ يؤْم ر بِأَربعِ كَلِماتٍ ويقَالُ لَ ه
[ البخاري: 3036 ] ... ا ْ كُت ب عمَل ه ورِزَق ه وأَجَل ه و َ شقِ ي أَ و سعِيد ُثم ينْفَخُ فِيهِ ال رو ح
تبرير أقوال الفقهاء
حيث لا توجد نصوص تبين أكثر مدة الحمل، فقد رجع العلماء إلى استقراء الواقع، كما
ذكرت آنفا؛ وليس لهم سبيل غير ذلك؛ فوجدوا وقائع ادعت فيها النساء مكث الحمل في بطنها
لسنوات، ومدعية ذلك غير متهمة في دينها أوصدقها؛ فهي امرأة تتصف بالعدالة، فأخذ كل عالم
في عصره بدعوى النساء في أكثر مدة الحمل.
ولا أريد التشكيك بصدق الروايات، ولكن أشكك في دقة قراءة مثل هذه الوقائع؛ فالمرأة
اعتادت أن تربط بين انقطاع حيضها وحملها، فإذا أرادت حساب مدة الحمل، فإنها تحسب المدة
ما بين انقطاع الحيض والميلاد، فتكون هذه المدة هي مدة الحمل من وجهة نظرها.
وهذا يقع فيه الخطأ لا محالة، فكثير ما ينقطع الحيض لغير الحمل، وتح مل المرأة أثناء
انقطاع حيضها؛ فإذا حدث الحمل أثناء انقطاع الحيض؛ فتظن الحامل أن مدة حملها بدأت من
وقت انقطاع حيضها، وهذا غير صحيح؛ فتقع في خطأ التقدير حينئذ.
وعليه: فإن العلماء يعذرون إذا أخذوا بهذه الروايات في ذلك الزمان، حيث لا سبيل لهم
سوى ذلك؛ ولكن بعد تكشف الحقائق العلمية لا عذر لمن قال بأن أكثر مدة الحمل خمس سنوات،
أو أربع سنوات أو غير ذلك.
التحقق من شروط ميراث الحمل، في ظل ما تقدم
من خلال كل ما تقدم، وبالرجوع إلى الحقائق العلمية؛ يمكن التثبت من شرطي ميراث
الحمل على النحو التالي:
أولا: التثبت من وجود الحمل في بطن
مما لا شك فيه أن التقدير بأكثر مدة الحمل، أو بأقلها ليس مقصودا لذاته، بل إن
المقصود هو التثبت من وجود الحمل في رحم الأم لحظة وفاة المورث للحمل.
وبات واضحا أن الضبط بأقل مدة الحمل لمن كانت تحت رجل يجامعها، فيه هامش من
عدم الانصاف للحمل.
وأن تقدير أكثر مدة الحمل بالسنين كما ذكر الفقهاء؛ لمن لم تكن تحت رجل يجامعها؛
يجافي الحقائق العلمية، وما يشهد به الواقع.
وفي ظل التطور الطبي المعاصر؛ والذي بات فيه الوقوف على وجود الحمل في رحم
الأم من القضايا اليسيرة؛ لم يعد التمسك بالتقدير بالزمان أمرا مقبولا.
مازن هنية
74
وعليه : فإن الواجب إذا ادعت امرأة الحمل في قضية ميراث، أن تقدم إلى جهة طبية
مسئولة، لتتثبت من دعواها؛ ويحدد لها مدة زمنية تتقدم خلالها لإثبات حملها؛ فلا تتأخر عنها.
وأقترح أن تكون هذه المدة ثلاثة أسابيع من تاريخ وفاة المورث؛ والسبب في ذلك أن
المرأة يبدأ الظن بحملها، بعد وقوع الحمل بأسبوعين؛ وهي الفترة ما بين وقت الإخصاب، وموعد
[ الحيض، ونضيف الأسبوع الثالث لتتمكن المرأة من التثبت من حملها. [ 18 ص 467
وإذا لم تتقدم الحامل لإثبات حملها لأي سبب من الأسباب؛ فتلزم بأقل مدة الحمل إن
كانت تحت رجل يجامعها، وإن لم تك ن تحت رجل يجامعها فتعطى أربعين أسبوعا؛ وهي المدة
التي قررها العلم؛ تضاف إليها إمكانية تأخر الحمل لمدة لا تبلغ الشهر الواحد.
وإذا كانت المرأة الحامل تحت رجل يجامعها، فيمكن متابعة حملها، حذرا من سقوطه
ونشوء حمل جديد؛ بل إن الدوائر الطبية في زماننا هذا تهتم بمتابعة الحمل في جميع مراحله،
فيمكن للقضاء ملاحظة هذا الأمر ومتابعته؛ رعاية للحقوق وحفظا لها.
ثاينا: التثبت من انفصال الحمل حيا
إن الأمر المتفق عليه لميراث الحمل هو خروجه إلى الحياة حيا، فوضع الفقهاء ما
وضعوه لمجرد التثبت من ذلك، ووجدناهم يتفقون على إثبات الحياة بالصراخ، أو ما كان في
معناه من عطس أو غيره؛ فهي علامات حقيقية على الحياة.
ووجدناهم يختلفون في الحركة اليسيرة؛ وذلك أن الحركة اليسيرة قد لا تكون حركة
حقيقية تدل على الحياة؛ بل لعلها حركة موهومة؛ فكان التشدد في الحركة للتثبت من أنها حركة
مبنية على وجود حياة حقيقية.
ونحن اليوم ومع التقدم العلمي في مجال الطب هذا التقدم العظيم، والذي يتمكن الطبيب
من خلاله من الوقوف على حياة الجنين في رحم أمه، بل سماع دقات قلبه، فلا يمكن أن يكون
التحقق من هذا الشرط معضلة؛ وهو مردود إلى الجهة الطبية الموثوق بها لإثبات حياة الحمل،
فيأتي دور الفقهاء في بناء الحكم على شهادة الأطباء ليس أكثر من ذلك.
لا يرِ ُ ث ال صبِ ي حتَّى يسَتهِلَّ الذي كرناه آنفا وهذا لا يتعارض مع حديث النبي
انظر تخريجه ص: 3 من هذا البحث] ] صارِ ً خا؛ َقالَ: واستِهلاُل ه أَ ن يبكِ ي ويصِي ح أَ و يعطِ س
فالحديث إنما أشار إلى إثبات الحياة بوسائل تدل عليها دلالة واضحة؛ وهذا لا ينفي
إثباته بكل وسيلة أخرى تدل على إثبات الحياة.
دور الحقائق العلمية المعاصرة
75
المبحث الثالث
حل مسائل الحمل، وتقسيم تركته
إذا مات شخص وترك حملا من جملة ورثته، ووافق الورثة جميعا على وقف التركة
حتى الو ضع، فتوقف التركة حينئذ، وتقسم بعد الوضع قسمة عادية؛ إذ بالوضع تنكشف حال
الحمل من حيث الذكورة والأنوثة، ومن حيث العدد.
وكذلك إن كان الحمل هو الوارث وحده على كل أحواله، فإن التركة توقف لحين
الوضع.
وإذا أصر الورثة على قسمة التركة قبل الوضع، فقد اختلف العلم اء في تقسيمها، على
أقوال، على النحو التالي:
القول الأول
تقسم التركة على اعتبار الحمل أربعة بنين، أو أربع بنات، ثم يوقف له أفضل النصيبين،
؛241/ قال بهذا الإمام أبو حنيفة رحمه الله، وهو مقابل الأصح أو الصحيح عند الشافعية . [ 12 6
[31/ 11 6 ؛39/ 30 6
القول الثاني
تقسم التركة على اعتبار الحمل اثنين من الذكور، أو اثنتين من الإناث، ثم يوقف له
[86/ 16 2 ؛503/ أفضل النصيبين، قالت بهذا الحنابلة، ومحمد وأبو يوسف من الحنفية. [ 29 8
القول الثالث
تقسم التركة على اعتبار الحمل ابنا واحد، أو بنتا واحدة، ثم يوقف له أفضل النصيبين،
قال به أبو يوسف في رواية أخرى عنه، وهذا هو الراجح في المذهب الحنفي.
وعلى هذا القول فإن القاضي يأخذ كفيلا من الورثة، احتياطا لمجيء الحمل متعددا،
[503/ مستحقا لأكثر مما أوقف له. [ 29 8
القول الرابع
توقف التركة ولا يعطى منها شيء للورثة، إلا من كان نصيبه لا يختلف فيدفع له هذا
؛39/ النصيب، هذا في الصحيح المشهور عن الشافعية، كما ذكر النووي في الروضة . [ 30 6
[ 25 ص 237
مازن هنية
76
القول الخامس
توقف التركة ولا يعطى أحدًا من الورثة شيء، حتى من لا يختلف نصيبه، حذرا من
هلاك الموقوف للحمل، قال به المالكية في المشهور من مذهبهم، والشافع ية في رواية أخرى
[39/ 30 6 ؛514/ عنهم. [ 15 2
الأدلة
إن أراء العلماء مبنية على اجتهاد؛ غرضه رعاية مصلحة الورثة، ومصلحة الحمل؛
مع ملاحظة الاحتياط للحمل؛ فهذه هي جوهر الفلسفة التي استندت إليها الأقوال؛ ويمكن إيجاز
دليل كل قول على النحو التالي:
دليل القول الأول
علل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بما جرت به العادات، ونقل عن السابقين عدم
[39/ 30 6 ؛241/ وضع المرأة لأكثر من أربعة في الولادة الواحدة. [ 12 6
دليل القول الثاني
علل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه : بأن ما جرت به العادات في حال تعدد الحمل هو
أن يتعدد إلى اثنين ، وولادة المرأة لأربعة في الولادة الواحدة، من القليل النادر، والعبرة بالغالب لا
[315/ 23 6 ؛241/ بالقليل النادر. [ 12 6
دليل القول الثالث
علل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بأن الغالب ميلاد المرأة لمولود واحد سواء كان
[503/ ذكرا أو أنثى، وأما التعدد فقليل الوقوع، والعبرة بالمعتاد الغالب. [ 29 8
دليل القول الرابع
علل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بأن تعدد الحمل لا حدود له، فذكروا روايات
[39/ بميلاد خمسة في بطن، وميلاد اثني عشر في بطن واحد. [ 30 6
دليل القول الخامس
علل أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بخشية هلاك الموقو ف، فيكون أحد الورثة أخذ من
[39/ 30 6 ؛514/ التركة دون غيره. [ 15 2
القول الراجح
مما لا خلاف فيه بين الفقهاء جواز تأخير القسمة حتى يأتي الحمل، وتتضح حاله؛
فتكون القسمة نهائية كما ذكرت آنفا ، والخلاف بين الفقهاء حاصل حال مطالبة الورثة
[313/ 23 6 ؛ بالمقسمة [ 25 ص 236
دور الحقائق العلمية المعاصرة
77
ولعل العلماء لما قالوا بتقسيم التركة قبل انفصال الحمل بسب ما قرروه من أكثر مدة
الحمل؛ فإذا كان الاحتمال حسب تقديراتهم أن يمكث الحمل في رحم أمه سنوات؛ فيفضي
للإضرار بالورثة إذا أُخر التقسيم كل هذه المدة.
وفي ضوء ما بيناه في ضوء ما يشهد به الواقع، و الحقائق العلمية المعاصرة من
انضباط أكثر مدة الحمل بالأشهر التي لا تصل إلى العام، وذلك على خلاف ما ذهب إليه الكثير
من الفقهاء؛ ففي نظري لم يعد لتقسيم التركة تلك الحاجة الملحة؛ فيمكن ترك القسمة حتى انفصال
الحمل ووضوح حاله؛ وذلك حفظا للحقوق، واحتياطا لحق الحمل.
ولكن إذا ما وجدت أسباب وحاجة تستدعي التعجيل بالقسمة؛ فإنني أرجح عدم قسمة
جميع التركة؛ بل قسمة ما تندفع به الحاجة؛ وإن كانت التركة لا تقبل التجزئة فتقسم جميع التركة
حينئذ.
فإن كان لا بد من القسمة فالذي أراه راجحا فيها هو القول الثالث، والذي قال به أبو
يوسف ومن وافقه، والقاضي بتقسيم التركة على اعتبار الحمل ابنا واحدا، أو بنتا واحدة، ثم
معاملة الحمل بالأفضل، فنوقف له أفضل النصيبين.
وأما الورثة؛ فمن كان نصيبه لا يتغير في الحالتين فيأخذ هذا النصيب، وأما الورثة
الذين يتغير نصيبهم بتغير حال الحمل، فنعطيهم النصيب الأقل.
ونأخذ كفيلا على الورثة برد الزيادة؛ إذا تبين أنهم أخذوا أكثر من حقهم؛ وذلك إذا جاء
الحمل مستحقا لأكثر من الموقوف له؛ بأن يأتي متعددا.
ثم إذا جاء الحمل مستحقا لما أوقفنا له دفعناه له، وإذا جاء مستحقا للنصيب الأقل فندفع
له هذا النصيب، ونعود بباقي الموقوف على مستحقيه، فبعد بيان حال الحمل تتضح حال الورثة،
فيعامل كل وارث بما يستحق.
وسبب ترجيحي للقول الثالث في حال القسمة -
1. التعدد لا ضابط له، ورعايته على جهة القطع متعذرة.
2. الغالب الشائع هو مجيء الحمل منفردا؛ ذكرا كان أو أنثى، والعبرة بالشائع الغالب.
حل مسائل الحمل
سنعتمد حل المسائل على أساس اعتبار الحمل منفردا، ذكرا أو أنثى، كما ذكرت في
الرأي الراجح، وعلى هذه الطريقة فقد قسم العلماء حالات الحمل إلىخمس حالات:
مازن هنية
78
الحالة الأولى
أن يكون الحمل محجوبا على كل حال : أي ألا يرث الحمل على حال الذكورة أو على
الأنوثة.
وفي هذه الحال لا نوقف للحمل شيئا من التركة، بل تقسم التركة على مستحقيها تقسيما
نهائيا؛ مثال ذلك:
توفي عن
زوجة، أم، أب، ابن، زوجة ابن حامل
زوجة أم أب ابن ابن ابن أو بنت ابن
6 عصبة بالنفس محجوب 24
1
6
1
8
1
0 13 4 4 3
لو جاء الحمل ذكر أو أنثى فإنه محجوب بالابن، فلا ميراث له، فتقسم التركة قسمة
نهائية.
الحالة الثانية
أن يكون الحمل وارثا جميع التركة، إما بكونه وارثا وحده، أو أن يوجد معه غيره، لكن
هذا الغير محجوب بالحمل، فتوقف جميع التركة للحمل؛ ومثال ذلك:
توفي عن: زوجة أب حامل
أخ أب أخت لأب
التركة فرضا وردا
على فرض الأنوثة
عصبة بالنفس
على فرض الذكورة
إذا جاء الحمل ذكرا فيكون أخا لأب؛ فيأخذ التركة بالتعصيب وإذا كان أنثى، فيكون
أختا لأب؛ فتأخذ التركة بالفرض والرد؛ فتوقف التركة للحمل.
الحالة الثالثة
أن يكون وارثا على حال الذكورة والأنوثة، مع وجود ورثة آخرين، ولا يختلف نصيبه
من حال إلى حال، فيوقف له حينئذ هذا النصيب، ويأخذ كل وارث نصيبه، وتنتهي المسألة؛ مثال
ذلك:
توفي عن: أم حامل من غير الأب، أخت شقيقة، أخ شقيق.
دور الحقائق العلمية المعاصرة
79
أم أخ لأم أخت شقيقة أخ شقيق
عصبة بالغير 6
6
1
6
1
4 1 1
على فرض الذكورة
أم أخت لأم أخت شقيقة أخ شقيق
عصبة بالغير 6
6
1
6
1
4 1 1
على فرض الأنوثة
في المسألة الأولى افتراضنا الحمل ذكر أخا لأم ، فكان مستحقا للسدس، وفي
المسألة الثانية افترضناه أنثى أختا لأم فكان مستحقا للسدس أيضا، فنوقفه له.
الحالة الرابعة
أن يكون الحمل وارثا في إحدى حالتيه، وغير وارث في الحالة الثانية، فنفرضه وارثا
ونوقف له نصيب الوارث، ونعطى الورثة الآخرين الأقل من نصيبيهم؛ مثال ذلك:
توفي عن: بنت، بنت ابن، أم، زوجة ابن الابن حامل.
بنت بنت ابن أم ابن ابن الابن
6 عصبة بالنفس 6
1
6
1
2
1
على فرض الذكورة
1 1 1 3
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:08 pm
الميــــــــــاه
مقدمة :
تعتبر التنمية الاقتصادية والإجتماعية مستحيلة بدون مياه ، لذلك فإن للقرارات التي يتخذها صانعو القرار في قطاع المياه ، تأثيرات لا تقتصر على الابعاد الاقتصادية فحسب بل تشمل أيضاً وبنفس الدرجة من الأهمية شروط سلامة الانسان وصحته وبقاءه وما يرتبط بهذه الشروط من أبعاد إقتصادية وإجتماعية. ولقد كان طلب الانسان على المياه في الماضي قليلاً بالنسبة لمصادرها المتوافرة وحين كانت قدراته التكنولوجية ضعيفة التأثير على البيئة، ولم تكن هناك ثمة مشكلة في تلبية الاحتياجات المائية لمختلف الاستعمالات .
أما اليوم فإن تزايد السكان وزيادة استهلاك المياه وتنامي القدرات التكنولوجية المؤثرة على نحو سلبي على البيئة قد أدت جميعها الى ظهور التنافس على استعمالات المياه وتلوث البيئة. ومن هنا تتضح أهمية المياه بالنسبة للإنسان وخاصة الدور الرئيس الذي يلعبه في حماية البيئة .
وقد كانت مصادر المياه السطحية والجوفية في المملكة موضوعاً للعديد من الدراسات والتقارير تفاوتت في الشمول والعمق والدقة. وتعتمد هذه المصادر كلية على مياه الأمطار التي يقدر حجمها الآيل لاراضي المملكة بحوالي (7200) مليون متر مكعب يعود حوالي 85% منها الى التبخر والباقي يتوزع على شكل مياه الفيضانات وتغذية المياه الجوفية مشكلة بذلك مصادر المياه المتجددة وهي المياه الجوفية التي تشكل نسبة لا تتعدى 4% من حجم مياه الأمطار. وتشكل المياه السطحية نسبة تقارب 11% من مياه الأمطار. والمياه السطحية هي تلك المياه التي تتكون من مياه الجريان الدائم للاودية وتصريف الينابيع ومياه الفيضانات. ويقدر المعدل السنوي للمياه السطحية بحوالي (755) مليون متر مكعب. أما المياه الجوفية المتجددة فهي تلك المياه التي تصل الى الطبقات المائية نتيجة تغذيتها بقسم من مياه الأمطار عبر الشقوق والمسامات الموجودة فيها. وكما هو واضح في معدلها السنوي تعتمد على معدل الساقط المطري. وللسهولة يمكن القول ان كمية هذه المياه هي الفرق بين كمية المياه التي تغذي الطبقات المائية وكمية مياه التصريف الطبيعي من هذه الطبقات، وقد قدر معدل المياه الجوفية المتجددة بحوالي (280) مليون متر مكعب سنوياً .
وعليه فإن مجموع المصادر المائية المعروفة أو المثبتة يبلغ في معدله السنوي حوالي (1035) مليون متر مكعب. يضاف الى ذلك المياه الجوفية غير المتجددة والتي تم التعرف عليها او اثباتها كما هو الحال في منطقة الديسي والشيدية حيث يقدر أن يستخرج منها سنويا ما مجموعه (118) مليون متر مكعب سنويا على ضوء الدراسات الحديثة التي أجريت على هذه المنطقة وذلك خلال فترة (100) عام .
الموارد المائية :
تمثل كافة مصادر المياه الجوفية والسطحية والمياه غير التقليدية (تصريف محطات الصرف الصحي)
ــ المياه الجوفية :
قدرت كمية المياه الجوفية المتجددة المتاحة (الاستخراج الآمن) للطبقات المائية التي تم التعامل معها حتى الآن من كافة الأحواض (12 حوضاً) بحوالي (280) مليون متر مكعب سنوياً. كما قدرت كمية المياه المتاحة من المياه الجوفية غير المتجددة (التي لا تصلها تغذية) بحوالي (118) مليون متر مكعب سنوياً على مدى 100 عام توجد هذه المياه في منطقة الديسي ـ المدورة ومنطقة الشيدية في حوض الجفر. وبذلك يبلغ مجموع كمية المياه الجوفية المتاحة (398) مليون متر مكعب سنوياً .
ــ المياه السطحية :
وتشكل مياه الأنهار وتصريف الينابيع والأودية الجارية بالإضافة الى مياه الفيضانات في فصل الشتاء. وتقدر كميتها بحوالي (755) مليون متر مكعب يقع أكثر من نصفها في حوض نهر اليرموك (411) مليون متر مكعب سنوياً، والباقي موزع على باقي أحواض المملكة. وتتوافر هذه المياه في الشمال والغرب وتقل في الجنوب والشرق من المملكة .
ــ المياه غير التقليدية :
وهي المياه المعالجة الخارجة من محطات الصرف الصحي وقدرت كميتها عام 1989 بحوالي (32) مليون متر مكعب ويتوقع أن تصل إلى (80) مليون متر مكعب عام 2000 .
الاستهلاك :
ويمثل كمية المياه المستعملة من كافة المصادر المائية في كافة مجالات استعمالات المياه. وقد بلغت كمية المياه المستغلة لكافة الاحتياجات عام 1989 حوالي (961) مليون متر مكعب منها (430) مليون من المياه الجوفية و (530) مليون من المياه السطحية ومياه الصرف الصحي التي قدرت كميتها عام 1989 بحوالي (32) مليون متر مكعب، 90% منها يتدفق من محطة الصرف الصحي في الخربة السمرا. ويتوقع أن يصل تصريف كافة محطات الصرف الصحي إلى (80) مليون متر مكعب سنوياً عام 2000 . وقدرت نسبة عدد السكان المخدومين بشبكات تزويد المياه بحوالي 97% من مجموع السكان، بينما قدرت نسبة عدد السكان المخدومين بشبكات الصرف الصحي بحوالي 54% من مجموع سكان المملكة .
ــ أهم مجالات استعمالات المياه :
* الري :
ويشمل كافة المياه المستغلة لري النباتات (أشجار مثمرة، خضراوات، حبوب، أعلاف ، وسقاية المواشي ) . وقد قدرت كمية المياه المستغلة من كافة المصادر لكافة أغراض الري لعام 1989 بحوالي (764) مليون متر مكعب، منها (264) مليون متر مكعب من المياه الجوفية و (500) مليون متر مكعب من المياه السطحية. وتستهلك معظم المياه السطحية المستغلة في منطقة الأغوار الشمالية والوسطى (460) مليون متر مكعب، وتستهلك معظم المياه الجوفية المستغلة للري في المناطق الصحراوية .
* استعمالات منزلية وصناعية :
وتمثل كافة المياه المستعملة في المنازل والحدائق المنزلية إضافة الى المياه المستعملة في كافة أنواع الصناعات. وقد قدرت كمية المياه المستغلة في هذا المجال عام 1989 بحوالي (197) مليون متر مكعب، منها (165) مليون من المياه الجوفية و (32) مليون من مياه الينابيع . ويستهلك معظم هذه المياه في مدينة عمان والمدن الرئيسة الأخرى ( الزرقاء، إربد، الكرك، العقبة ) ، وذلك نظراً لارتفاع مستوي المعيشة والكثافة السكانية العالية .
المياه الجوفية في الطبقات المائية والأحواض المائية غير المدروسة وغير المستغلة التالية :
ـ المياه الجوفية في الطبقات الرملية العميقة على مستوى مناطق المملكة باستثناء حوض الديسي .
ـ مناطق حوض الحماد .
ـ مناطق حوض السرحان .
ولم تحظ هذه المناطق بالدراسات الهيدروجيولوجية والهيدرولوجية اللازمة نظراً لبعدها عن مناطق التجمع السكاني وقلة الطلب على المياه .
ـ المياه المالحة : لم يتم لغاية الآن أي دراسة جادة لتحلية المياه الجوفية المالحة نظراً للمعرفة المسبقة بارتفاع كلفة التحلية، كما أن كمياتها وأماكن تواجدها غير مدروسة حتى الآن .
مياه الامطار والمياه السطحية التي يمكن حجزها خلف السدود :
يتوافر أكثر من (330) مليون متر مكعب من مياه الجريان السطحي والفيضانات تذهب هدراً في مياه البحر الميت نظراً لعدم وجود العدد الكافي من السدود لحجزها .
جمع مياه الأمطار في آبار الجمع والخزانات الخاصة لهذه الغاية :
لقد عزف الناس في الأرياف عن استعمال مياه آبار الجمع بعد أن وصلتهم المياه بالشبكة كما أن سكان المدن الرئيسة لا يقومون بجمع مياه الامطار التي تسقط على أسطح المنازل في خزانات يتم حفرها عند إنشاء البناء لاستعمالها في ري حديقة المنزل بدلاً من استعمال مياه الشبكة .
مياه السدود الصحراوية والحفائر :
تتميز الأمطار الصحراوية بشدتها وقصر ديمومتها، وينشأ عنها سيول جارفة. إن وجود السدود الصحراوية والحفائر يساعد على تجميع بعض هذه المياه لاستعمالها في فصل الصيف لسقاية الماشية والقيام ببعض الأنشطة الزراعية .
قضايا مصادر المياه :
ـ محدودية مصادر المياه حالياً ومستقبلاً .
تؤثر الظروف المناخية والموقع الجغرافي تأثيراً مباشراً على المصادر المائية، إذ يعتبر أكثر من 75% من أراضي المملكة مناطق صحراوية بالإضافة الى ارتفاع كلفة تطوير بعض مصادر المياه مثل سد الكرامة، كما أن البعض الآخر غير مؤكد مثل سد الوحدة .
ـ دراسات تقييم المصادر المائية .
أجريت دراسات عدة لتقييم مصادر المياه ولكنها لم تكن بالمستوى المطلوب من العمق والشمولية لتغطية كافة جوانب الموضوع .
ـ استنزاف بعض المصادر المائية .
أدى التركيز على بعض الأحوال المائية (عمان ـ الزرقاء، الأزرق) إلى استنزاف مخزونها المائي نظراً لعدم توفر مصادر مائية بديلة في مناطق الاستخراج .
ـ أدى استنزاف المياه الجوفية بالإضافة الى طرق الري القديمة (الري بالقنوات المفتوحة) إلى تردي نوعية المياه الجوفية في منطقة الضليل حيث ارتفعت الملوحة من 300 إلى 3500 جزء بالمليون كما ارتفع تركيز النيترات ليتجاوز 70 جزء بالمليون. كذلك أدى طرح النفايات الصناعية بمختلف أنواعها من المصانع دون معالجة في منطقة عمان إلى تلوث المياه الجوفية في الطبقات العلوية بكافة أنواع التلوث العضوي والكيماوي .
ـ بعد معظم مصادر المياه عن مواقع استعمالها كما هو الحال في مدن عمان والزرقاء واربد وغيرها.
ـ ارتفاع كلفة استخراج ونقل المياه إلى مواقع الاستهلاك، فمثلاً تنقل المياه إلى مدينة عمان من مجموعة آبار موزعة في مناطق القطرانة والسواقة والقسطل والأزرق. إن حفر الآبار وتجهيزها بالإضافة لكلفة خطوط النقل والكلفة التشغيلية والصيانة تؤدي جميعها إلى ارتفاع كلفة ايصال هذه المياه من مواقع الإنتاج إلى مواقع الاستهلاك .
ـ حماية مصادر المياه الجوفية والسطحية من :
ـ التلوث : تعرضت المياه الجوفية والسطحية في كثير من أحواض المملكة الى التلوث، ومن الأمثلة على ذلك تلوث المياه الجوفية في مناطق عمان ـ الزرقاء ـ الضليل بالملوثات العضوية والصناعية، وتلوث المياه السطحية في سد الملك طلال وقناة الملك عبد الله .
ـ الاستخراج الجائر من معظم الحقول المائية الجوفية .
ـ الاعتداء على منشآتها من قبل العابثين : تتعرض كثير من خطوط نقل المياه في المناطق النائية إلى إطلاق النار من قبل الرعاة والعابثين للحصول على كمية قليلة من المياه كما تتعرض أجهزة الرصد والمراقبة الميدانية الموزعة في مختلف مناطق المملكة إلى التكسير .ـ الحصاد المائي .
لا يوجد حتى الآن خطة متكاملة للإستفادة من مياه الأمطار في المناطق الصحراوية وذلك عن طريق بناء السدود وعمل الحفائر بالرغم من وجود بعضها وخاصة في المناطق الشرقية، من المملكة حوض الحماد .
ـ التغذية الجوفية الاصطناعية .
لقد تم إنشاء بعض السدود لتغذية المياه الجوفية (القطرانة، العاقب، شعيب) لكن هذا العدد لا يكفي ويجب إقامة المزيد من هذه السدود في المناطق التي تعرضت مياهها الجوفية للاستنزاف مثل البادية الشمالية ومنطقة الشوبك .
ـ البدء بدراسات تحلية المياه المالحة من البحر والمياه الجوفية وإعداد الكوادر الفنية اللازمة حيث لا تتوفر حتى الآن الخبرة العملية الكافية للكوادر الفنية العاملة في قطاع المياه .
ـ تطبيق نظام ترخيص الآبار وخاصة فيما يتعلق بكميات الاستخراج. ويوجد الآن نظام لمراقبة المياه الجوفية ينظم عملية منح رخص حفر الآبار للقطاع الخاص. ويطبق هذا النظام بكامله باستثناء البند المتعلق برخص الاستخراج لصعوبة السيطرة على هذا الموضوع .
ـ قناة الملك عبدالله وروافدها للتقليل من الفاقد وحمايتها من التلوث .
تتسرب كميات من القناة من خلال الشقوق كما تتعرض مياهها للتلوث نتيجة سقوط الحيوانات الضالة ورمي القضلات في مياهها .
ـ إقامة المصانع ومجمعات الإسكان في مناطق تغذية المياه الجوفية كما هو الحال في منطقة عمان .
ـ توحيد طرق تحضير وتحليل عينات المياه .
هناك عدة جهات رسمية تقوم بجمع وتحضير وتحليل العينات المائية من مصادرها ومواقع استعمالها أهمها سلطة المياه، وزارة الصحة، الجمعية العلمية الملكية وغيرها. ولكل جهة طريقتها الخاصة بتحضير وتحليل هذه العينات ينتج عنه اختلافات وجهات النظر في تقييم النتائج .
قضايا استعمالات المياه :
ــ التنافس على استعمالات المياه :
نظراً لعدم وجود سياسة مائية واضحة لتخصيص استعمالات المياه نشأ تنافس كبير على استعمالات المياه نظراً لشحها في المجالات التالية :
ـ شرب 20% من مجموع المياه المستغلة
ـ ري 79% من مجموع المياه المستغلة
ـ صناعة 1% من مجموع المياه المستغلة
ــ تحديد نوعية المياه المناسبة للإستعمالات المختلفة وخاصة في المجالات الزراعية .
ــ تحسين كفاءة أنظمة استعمالات المياه :
ـ الشرب : تقليل من الفاقد في الشبكة بتغيير الأنابيب القديمة المهترئة .
ـ صيانة قنوات الري واستعمال طرق الري الحديثة .
ـ الصناعة : دراسة إمكانية إعادة استعمال المياه خاصة في الصناعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه (غسيل الفوسفات) .
ــ ترشيد استهلاك المياه لجميع الإستعمالات .
ــ الزيادة المستمرة في احتياجات المياه لمختلف الأغراض :
ـ الشرب : بسبب ارتفاع معدل النمو السكاني في الأردن (6.3% سنوياً) وكذلك تطور مستوى معيشة سكان المدن الرئيسة الذين تزيد نسبتهم عن 80% من مجموع سكان المملكة .
ـ الري : هناك أوسع مستمر في الرقعة الزراعية المروية يرافقه زيادة مستمرة في استهلاك المياه .
ـ الصناعة : نشط القطاع الصناعي في الأردن في الآونة الأخيرة ولا يزال مستمراً ، وقد أدى هذا النشاط إلى زيادة مضطردة في استهلاك المياه .
ــ المياه المفقودة في أنظمة استعمالات المياه في الشبكة والأقنية .
ــ التزويد المتقطع وغير المنتظم للمياه في مختلف الأغراض :
مياه الشرب : يؤدي إلى إتلاف الشبكة والتالي الى تلوث المياه، كما يؤدي إلى تخزين المياه لدى المستهلكين بكميات تزيد عن الحاجة ومن ثم إهدارها .
مياه الري : إن عدم الانتظام في ري المزروعات يؤثر سلباً على نوع وكمية المحصول .
مقدمة :
تعتبر التنمية الاقتصادية والإجتماعية مستحيلة بدون مياه ، لذلك فإن للقرارات التي يتخذها صانعو القرار في قطاع المياه ، تأثيرات لا تقتصر على الابعاد الاقتصادية فحسب بل تشمل أيضاً وبنفس الدرجة من الأهمية شروط سلامة الانسان وصحته وبقاءه وما يرتبط بهذه الشروط من أبعاد إقتصادية وإجتماعية. ولقد كان طلب الانسان على المياه في الماضي قليلاً بالنسبة لمصادرها المتوافرة وحين كانت قدراته التكنولوجية ضعيفة التأثير على البيئة، ولم تكن هناك ثمة مشكلة في تلبية الاحتياجات المائية لمختلف الاستعمالات .
أما اليوم فإن تزايد السكان وزيادة استهلاك المياه وتنامي القدرات التكنولوجية المؤثرة على نحو سلبي على البيئة قد أدت جميعها الى ظهور التنافس على استعمالات المياه وتلوث البيئة. ومن هنا تتضح أهمية المياه بالنسبة للإنسان وخاصة الدور الرئيس الذي يلعبه في حماية البيئة .
وقد كانت مصادر المياه السطحية والجوفية في المملكة موضوعاً للعديد من الدراسات والتقارير تفاوتت في الشمول والعمق والدقة. وتعتمد هذه المصادر كلية على مياه الأمطار التي يقدر حجمها الآيل لاراضي المملكة بحوالي (7200) مليون متر مكعب يعود حوالي 85% منها الى التبخر والباقي يتوزع على شكل مياه الفيضانات وتغذية المياه الجوفية مشكلة بذلك مصادر المياه المتجددة وهي المياه الجوفية التي تشكل نسبة لا تتعدى 4% من حجم مياه الأمطار. وتشكل المياه السطحية نسبة تقارب 11% من مياه الأمطار. والمياه السطحية هي تلك المياه التي تتكون من مياه الجريان الدائم للاودية وتصريف الينابيع ومياه الفيضانات. ويقدر المعدل السنوي للمياه السطحية بحوالي (755) مليون متر مكعب. أما المياه الجوفية المتجددة فهي تلك المياه التي تصل الى الطبقات المائية نتيجة تغذيتها بقسم من مياه الأمطار عبر الشقوق والمسامات الموجودة فيها. وكما هو واضح في معدلها السنوي تعتمد على معدل الساقط المطري. وللسهولة يمكن القول ان كمية هذه المياه هي الفرق بين كمية المياه التي تغذي الطبقات المائية وكمية مياه التصريف الطبيعي من هذه الطبقات، وقد قدر معدل المياه الجوفية المتجددة بحوالي (280) مليون متر مكعب سنوياً .
وعليه فإن مجموع المصادر المائية المعروفة أو المثبتة يبلغ في معدله السنوي حوالي (1035) مليون متر مكعب. يضاف الى ذلك المياه الجوفية غير المتجددة والتي تم التعرف عليها او اثباتها كما هو الحال في منطقة الديسي والشيدية حيث يقدر أن يستخرج منها سنويا ما مجموعه (118) مليون متر مكعب سنويا على ضوء الدراسات الحديثة التي أجريت على هذه المنطقة وذلك خلال فترة (100) عام .
الموارد المائية :
تمثل كافة مصادر المياه الجوفية والسطحية والمياه غير التقليدية (تصريف محطات الصرف الصحي)
ــ المياه الجوفية :
قدرت كمية المياه الجوفية المتجددة المتاحة (الاستخراج الآمن) للطبقات المائية التي تم التعامل معها حتى الآن من كافة الأحواض (12 حوضاً) بحوالي (280) مليون متر مكعب سنوياً. كما قدرت كمية المياه المتاحة من المياه الجوفية غير المتجددة (التي لا تصلها تغذية) بحوالي (118) مليون متر مكعب سنوياً على مدى 100 عام توجد هذه المياه في منطقة الديسي ـ المدورة ومنطقة الشيدية في حوض الجفر. وبذلك يبلغ مجموع كمية المياه الجوفية المتاحة (398) مليون متر مكعب سنوياً .
ــ المياه السطحية :
وتشكل مياه الأنهار وتصريف الينابيع والأودية الجارية بالإضافة الى مياه الفيضانات في فصل الشتاء. وتقدر كميتها بحوالي (755) مليون متر مكعب يقع أكثر من نصفها في حوض نهر اليرموك (411) مليون متر مكعب سنوياً، والباقي موزع على باقي أحواض المملكة. وتتوافر هذه المياه في الشمال والغرب وتقل في الجنوب والشرق من المملكة .
ــ المياه غير التقليدية :
وهي المياه المعالجة الخارجة من محطات الصرف الصحي وقدرت كميتها عام 1989 بحوالي (32) مليون متر مكعب ويتوقع أن تصل إلى (80) مليون متر مكعب عام 2000 .
الاستهلاك :
ويمثل كمية المياه المستعملة من كافة المصادر المائية في كافة مجالات استعمالات المياه. وقد بلغت كمية المياه المستغلة لكافة الاحتياجات عام 1989 حوالي (961) مليون متر مكعب منها (430) مليون من المياه الجوفية و (530) مليون من المياه السطحية ومياه الصرف الصحي التي قدرت كميتها عام 1989 بحوالي (32) مليون متر مكعب، 90% منها يتدفق من محطة الصرف الصحي في الخربة السمرا. ويتوقع أن يصل تصريف كافة محطات الصرف الصحي إلى (80) مليون متر مكعب سنوياً عام 2000 . وقدرت نسبة عدد السكان المخدومين بشبكات تزويد المياه بحوالي 97% من مجموع السكان، بينما قدرت نسبة عدد السكان المخدومين بشبكات الصرف الصحي بحوالي 54% من مجموع سكان المملكة .
ــ أهم مجالات استعمالات المياه :
* الري :
ويشمل كافة المياه المستغلة لري النباتات (أشجار مثمرة، خضراوات، حبوب، أعلاف ، وسقاية المواشي ) . وقد قدرت كمية المياه المستغلة من كافة المصادر لكافة أغراض الري لعام 1989 بحوالي (764) مليون متر مكعب، منها (264) مليون متر مكعب من المياه الجوفية و (500) مليون متر مكعب من المياه السطحية. وتستهلك معظم المياه السطحية المستغلة في منطقة الأغوار الشمالية والوسطى (460) مليون متر مكعب، وتستهلك معظم المياه الجوفية المستغلة للري في المناطق الصحراوية .
* استعمالات منزلية وصناعية :
وتمثل كافة المياه المستعملة في المنازل والحدائق المنزلية إضافة الى المياه المستعملة في كافة أنواع الصناعات. وقد قدرت كمية المياه المستغلة في هذا المجال عام 1989 بحوالي (197) مليون متر مكعب، منها (165) مليون من المياه الجوفية و (32) مليون من مياه الينابيع . ويستهلك معظم هذه المياه في مدينة عمان والمدن الرئيسة الأخرى ( الزرقاء، إربد، الكرك، العقبة ) ، وذلك نظراً لارتفاع مستوي المعيشة والكثافة السكانية العالية .
المياه الجوفية في الطبقات المائية والأحواض المائية غير المدروسة وغير المستغلة التالية :
ـ المياه الجوفية في الطبقات الرملية العميقة على مستوى مناطق المملكة باستثناء حوض الديسي .
ـ مناطق حوض الحماد .
ـ مناطق حوض السرحان .
ولم تحظ هذه المناطق بالدراسات الهيدروجيولوجية والهيدرولوجية اللازمة نظراً لبعدها عن مناطق التجمع السكاني وقلة الطلب على المياه .
ـ المياه المالحة : لم يتم لغاية الآن أي دراسة جادة لتحلية المياه الجوفية المالحة نظراً للمعرفة المسبقة بارتفاع كلفة التحلية، كما أن كمياتها وأماكن تواجدها غير مدروسة حتى الآن .
مياه الامطار والمياه السطحية التي يمكن حجزها خلف السدود :
يتوافر أكثر من (330) مليون متر مكعب من مياه الجريان السطحي والفيضانات تذهب هدراً في مياه البحر الميت نظراً لعدم وجود العدد الكافي من السدود لحجزها .
جمع مياه الأمطار في آبار الجمع والخزانات الخاصة لهذه الغاية :
لقد عزف الناس في الأرياف عن استعمال مياه آبار الجمع بعد أن وصلتهم المياه بالشبكة كما أن سكان المدن الرئيسة لا يقومون بجمع مياه الامطار التي تسقط على أسطح المنازل في خزانات يتم حفرها عند إنشاء البناء لاستعمالها في ري حديقة المنزل بدلاً من استعمال مياه الشبكة .
مياه السدود الصحراوية والحفائر :
تتميز الأمطار الصحراوية بشدتها وقصر ديمومتها، وينشأ عنها سيول جارفة. إن وجود السدود الصحراوية والحفائر يساعد على تجميع بعض هذه المياه لاستعمالها في فصل الصيف لسقاية الماشية والقيام ببعض الأنشطة الزراعية .
قضايا مصادر المياه :
ـ محدودية مصادر المياه حالياً ومستقبلاً .
تؤثر الظروف المناخية والموقع الجغرافي تأثيراً مباشراً على المصادر المائية، إذ يعتبر أكثر من 75% من أراضي المملكة مناطق صحراوية بالإضافة الى ارتفاع كلفة تطوير بعض مصادر المياه مثل سد الكرامة، كما أن البعض الآخر غير مؤكد مثل سد الوحدة .
ـ دراسات تقييم المصادر المائية .
أجريت دراسات عدة لتقييم مصادر المياه ولكنها لم تكن بالمستوى المطلوب من العمق والشمولية لتغطية كافة جوانب الموضوع .
ـ استنزاف بعض المصادر المائية .
أدى التركيز على بعض الأحوال المائية (عمان ـ الزرقاء، الأزرق) إلى استنزاف مخزونها المائي نظراً لعدم توفر مصادر مائية بديلة في مناطق الاستخراج .
ـ أدى استنزاف المياه الجوفية بالإضافة الى طرق الري القديمة (الري بالقنوات المفتوحة) إلى تردي نوعية المياه الجوفية في منطقة الضليل حيث ارتفعت الملوحة من 300 إلى 3500 جزء بالمليون كما ارتفع تركيز النيترات ليتجاوز 70 جزء بالمليون. كذلك أدى طرح النفايات الصناعية بمختلف أنواعها من المصانع دون معالجة في منطقة عمان إلى تلوث المياه الجوفية في الطبقات العلوية بكافة أنواع التلوث العضوي والكيماوي .
ـ بعد معظم مصادر المياه عن مواقع استعمالها كما هو الحال في مدن عمان والزرقاء واربد وغيرها.
ـ ارتفاع كلفة استخراج ونقل المياه إلى مواقع الاستهلاك، فمثلاً تنقل المياه إلى مدينة عمان من مجموعة آبار موزعة في مناطق القطرانة والسواقة والقسطل والأزرق. إن حفر الآبار وتجهيزها بالإضافة لكلفة خطوط النقل والكلفة التشغيلية والصيانة تؤدي جميعها إلى ارتفاع كلفة ايصال هذه المياه من مواقع الإنتاج إلى مواقع الاستهلاك .
ـ حماية مصادر المياه الجوفية والسطحية من :
ـ التلوث : تعرضت المياه الجوفية والسطحية في كثير من أحواض المملكة الى التلوث، ومن الأمثلة على ذلك تلوث المياه الجوفية في مناطق عمان ـ الزرقاء ـ الضليل بالملوثات العضوية والصناعية، وتلوث المياه السطحية في سد الملك طلال وقناة الملك عبد الله .
ـ الاستخراج الجائر من معظم الحقول المائية الجوفية .
ـ الاعتداء على منشآتها من قبل العابثين : تتعرض كثير من خطوط نقل المياه في المناطق النائية إلى إطلاق النار من قبل الرعاة والعابثين للحصول على كمية قليلة من المياه كما تتعرض أجهزة الرصد والمراقبة الميدانية الموزعة في مختلف مناطق المملكة إلى التكسير .ـ الحصاد المائي .
لا يوجد حتى الآن خطة متكاملة للإستفادة من مياه الأمطار في المناطق الصحراوية وذلك عن طريق بناء السدود وعمل الحفائر بالرغم من وجود بعضها وخاصة في المناطق الشرقية، من المملكة حوض الحماد .
ـ التغذية الجوفية الاصطناعية .
لقد تم إنشاء بعض السدود لتغذية المياه الجوفية (القطرانة، العاقب، شعيب) لكن هذا العدد لا يكفي ويجب إقامة المزيد من هذه السدود في المناطق التي تعرضت مياهها الجوفية للاستنزاف مثل البادية الشمالية ومنطقة الشوبك .
ـ البدء بدراسات تحلية المياه المالحة من البحر والمياه الجوفية وإعداد الكوادر الفنية اللازمة حيث لا تتوفر حتى الآن الخبرة العملية الكافية للكوادر الفنية العاملة في قطاع المياه .
ـ تطبيق نظام ترخيص الآبار وخاصة فيما يتعلق بكميات الاستخراج. ويوجد الآن نظام لمراقبة المياه الجوفية ينظم عملية منح رخص حفر الآبار للقطاع الخاص. ويطبق هذا النظام بكامله باستثناء البند المتعلق برخص الاستخراج لصعوبة السيطرة على هذا الموضوع .
ـ قناة الملك عبدالله وروافدها للتقليل من الفاقد وحمايتها من التلوث .
تتسرب كميات من القناة من خلال الشقوق كما تتعرض مياهها للتلوث نتيجة سقوط الحيوانات الضالة ورمي القضلات في مياهها .
ـ إقامة المصانع ومجمعات الإسكان في مناطق تغذية المياه الجوفية كما هو الحال في منطقة عمان .
ـ توحيد طرق تحضير وتحليل عينات المياه .
هناك عدة جهات رسمية تقوم بجمع وتحضير وتحليل العينات المائية من مصادرها ومواقع استعمالها أهمها سلطة المياه، وزارة الصحة، الجمعية العلمية الملكية وغيرها. ولكل جهة طريقتها الخاصة بتحضير وتحليل هذه العينات ينتج عنه اختلافات وجهات النظر في تقييم النتائج .
قضايا استعمالات المياه :
ــ التنافس على استعمالات المياه :
نظراً لعدم وجود سياسة مائية واضحة لتخصيص استعمالات المياه نشأ تنافس كبير على استعمالات المياه نظراً لشحها في المجالات التالية :
ـ شرب 20% من مجموع المياه المستغلة
ـ ري 79% من مجموع المياه المستغلة
ـ صناعة 1% من مجموع المياه المستغلة
ــ تحديد نوعية المياه المناسبة للإستعمالات المختلفة وخاصة في المجالات الزراعية .
ــ تحسين كفاءة أنظمة استعمالات المياه :
ـ الشرب : تقليل من الفاقد في الشبكة بتغيير الأنابيب القديمة المهترئة .
ـ صيانة قنوات الري واستعمال طرق الري الحديثة .
ـ الصناعة : دراسة إمكانية إعادة استعمال المياه خاصة في الصناعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه (غسيل الفوسفات) .
ــ ترشيد استهلاك المياه لجميع الإستعمالات .
ــ الزيادة المستمرة في احتياجات المياه لمختلف الأغراض :
ـ الشرب : بسبب ارتفاع معدل النمو السكاني في الأردن (6.3% سنوياً) وكذلك تطور مستوى معيشة سكان المدن الرئيسة الذين تزيد نسبتهم عن 80% من مجموع سكان المملكة .
ـ الري : هناك أوسع مستمر في الرقعة الزراعية المروية يرافقه زيادة مستمرة في استهلاك المياه .
ـ الصناعة : نشط القطاع الصناعي في الأردن في الآونة الأخيرة ولا يزال مستمراً ، وقد أدى هذا النشاط إلى زيادة مضطردة في استهلاك المياه .
ــ المياه المفقودة في أنظمة استعمالات المياه في الشبكة والأقنية .
ــ التزويد المتقطع وغير المنتظم للمياه في مختلف الأغراض :
مياه الشرب : يؤدي إلى إتلاف الشبكة والتالي الى تلوث المياه، كما يؤدي إلى تخزين المياه لدى المستهلكين بكميات تزيد عن الحاجة ومن ثم إهدارها .
مياه الري : إن عدم الانتظام في ري المزروعات يؤثر سلباً على نوع وكمية المحصول .
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:09 pm
موسوعة العلماء
أهدى العالم تاجاًَ من إسهاماته الباهرة
أبو الهندسة أرخميدس (287212ق.م)
اكتشافاته سطرت اسمه في صفحات التاريخ
* إعداد سناء عيسى
ولد أرخميدس عام 287 قبل الميلاد في جزيرة صقلية، وكان والده فلكياً شهيراً، وكمعظم الشباب آنذاك سافر إلى الإسكندرية ثم إلى اليونان طلباً للدراسة، ويعد الكثير من مؤرخي الرياضيات والعلوم أن أرخميدس من أعظم علماء الرياضيات في العصور القديمة وهو أبو الهندسة.
من أشهر اكتشافاته، طرق حساب المساحات والأحجام والجانبية للأجسام، وأثبت القدرة على حساب تقريبي دقيق للجذور التربيعية وأخترع طريقة لكتابة الأرقام الكبيرة.
وهو نفسه الذي حدد قيمة (باي) (Pi) وهي العلاقة بين محيط الدائرة ونصف قطرها بدقة عالية.
أما في مجال الميكانيكا فأرخميدس هو مكتشف النظريات الأساسية لمركز الثقل للأسطح المستوية والأجسام الصلبة واستخدام الروافع ومخترع قلاووظ أرخميدس.
ومن أبرز القوانين التي اكتشفها يجيء قانون طفو الأجسام داخل المياه والذي صار يعرف بقانون أرخميدس.
وقد قتل أرخميدس عام 212 قبل الميلاد على يد الرومان بسبب أدوات القتال التي تسببت في أن يحارب الرومان ثمانية أشهر لفتح اليونان.
قانون أرخميدس
ملك سيراكوس شك في أن الصائغ الذي صنع له التاج قد غشه وأدخل في التاج فضة بدلاً من الذهب الخالص وطلب من أرخميدس أن يبحث له في هذا الموضوع بدون إتلاف التاج.
وعندما كان يغتسل في حمام عام، لاحظ أن منسوب الماء ارتفع عندما انغمس في الماء، وقد قيل إنه خرج عارياً في الشارع يجري ويصيح (أوريكا، أوريكا) أي وجدتها وجدتها، لأنه تحقق من أن هذا الاكتشاف سيحل معضلة التاج.
وقد تحقق أرخميدس من أن جسده أصبح أخف وزناً عندما نزل في الماء، وأن الانخفاض في وزنه يساوي وزن الماء الذي أزاحه، وأيضاً تحقق من أن حجم الماء المزاح يساوي حجم الجسم المغمور.
وعندئذ تيقن من أنه يمكنه أن يعرف مكونات التاج دون أن يتلفه وذلك بغمره في الماء !!! فإن حجم الماء المزاح بغمر التاج فيه لا بد أن يساوي نفس حجم الماء المزاح بغمر وزن ذهب خالص مساوً لوزن التاج.
وكانت النتيجة أن الصائغ فقد رأسه بهذه النظرية.
أرخميدس و(باي)
حدد أرخميدس قيمة (باي) وهي نسبة محيط الدائرة إلى قطرها، أو محيط الدائرة أطول كم مرة من قطرها، وهذه القيمة تستخدم في حساب مساحات الدوائر وما شابها وأحجام الكرات والاسطوانات.
وطريقته في حساب ذلك اعتمدت على رسم أشكال هندسية متساوية الأضلاع داخل وخارج الدائرة حتى حدد حدوداً لقيمة (باي).
وقال أرخميدس: إن القيمة الدقيقة (باي) هي بين 310/71 و31/7 وعندما وصل إلى قيمة (باي) اكتشف صعوبة الأرقام اليونانية وأنها لا تصلح للعمليات الرياضية المعقدة، ومن ثم اقترح نظاماً رقمياً آخر يمكنه تخزين أرقام كبيرة بسهولة.
وقيمة (باي) هي : 3.14159 26535 89793 23846 26433 83279 50288 41971 69399 37510 وهي قيمة تقترب من الحقيقة ولا يمكن قياسها تحديداً.
قلاووظ أرخميدس
هو عبارة عن أنبوب يحيط بحلزون استخدمه القدماء لرفع المياه من الخزانات. وهو مكون من قضيب خشبي طوله حوالي متر محاط بحلزوني من مواد مرنة مثبتة في ألواح خارجية، وقد علق فيتروفيوس في القرن الأول الميلادي على ذلك قائلا: (إنه محاكاة طبيعية) لقوقعة حلزونية.
وفي عصر الرومان كان قلاووظ أرخميدس يعمل بالسير فوقه مثل ماكينات الغزل اليدوية اليوم، ولكن في القرن الخامس عشر، كان يعمل بذراع تدوير.
في مايو 1839 سفينة أرخميدس حلت بدلاً عن البدال التقليدي الذي يدور بالبخار مستخدماً دافعاً يعمل بنظرية الحلزون.
في البداية عارض الناس التصميم وأحتاج إلى أربع سنوات ليثبت أنه أفضل من سابقه.
واستخدمه المصريون منذ 2000 عام ومازالوا إلى الآن يستخدمونه في الري ورفع المياه ويتراوح قطره من ربع بوصة إلى 12 قدماً.
أهدى العالم تاجاًَ من إسهاماته الباهرة
أبو الهندسة أرخميدس (287212ق.م)
اكتشافاته سطرت اسمه في صفحات التاريخ
* إعداد سناء عيسى
ولد أرخميدس عام 287 قبل الميلاد في جزيرة صقلية، وكان والده فلكياً شهيراً، وكمعظم الشباب آنذاك سافر إلى الإسكندرية ثم إلى اليونان طلباً للدراسة، ويعد الكثير من مؤرخي الرياضيات والعلوم أن أرخميدس من أعظم علماء الرياضيات في العصور القديمة وهو أبو الهندسة.
من أشهر اكتشافاته، طرق حساب المساحات والأحجام والجانبية للأجسام، وأثبت القدرة على حساب تقريبي دقيق للجذور التربيعية وأخترع طريقة لكتابة الأرقام الكبيرة.
وهو نفسه الذي حدد قيمة (باي) (Pi) وهي العلاقة بين محيط الدائرة ونصف قطرها بدقة عالية.
أما في مجال الميكانيكا فأرخميدس هو مكتشف النظريات الأساسية لمركز الثقل للأسطح المستوية والأجسام الصلبة واستخدام الروافع ومخترع قلاووظ أرخميدس.
ومن أبرز القوانين التي اكتشفها يجيء قانون طفو الأجسام داخل المياه والذي صار يعرف بقانون أرخميدس.
وقد قتل أرخميدس عام 212 قبل الميلاد على يد الرومان بسبب أدوات القتال التي تسببت في أن يحارب الرومان ثمانية أشهر لفتح اليونان.
قانون أرخميدس
ملك سيراكوس شك في أن الصائغ الذي صنع له التاج قد غشه وأدخل في التاج فضة بدلاً من الذهب الخالص وطلب من أرخميدس أن يبحث له في هذا الموضوع بدون إتلاف التاج.
وعندما كان يغتسل في حمام عام، لاحظ أن منسوب الماء ارتفع عندما انغمس في الماء، وقد قيل إنه خرج عارياً في الشارع يجري ويصيح (أوريكا، أوريكا) أي وجدتها وجدتها، لأنه تحقق من أن هذا الاكتشاف سيحل معضلة التاج.
وقد تحقق أرخميدس من أن جسده أصبح أخف وزناً عندما نزل في الماء، وأن الانخفاض في وزنه يساوي وزن الماء الذي أزاحه، وأيضاً تحقق من أن حجم الماء المزاح يساوي حجم الجسم المغمور.
وعندئذ تيقن من أنه يمكنه أن يعرف مكونات التاج دون أن يتلفه وذلك بغمره في الماء !!! فإن حجم الماء المزاح بغمر التاج فيه لا بد أن يساوي نفس حجم الماء المزاح بغمر وزن ذهب خالص مساوً لوزن التاج.
وكانت النتيجة أن الصائغ فقد رأسه بهذه النظرية.
أرخميدس و(باي)
حدد أرخميدس قيمة (باي) وهي نسبة محيط الدائرة إلى قطرها، أو محيط الدائرة أطول كم مرة من قطرها، وهذه القيمة تستخدم في حساب مساحات الدوائر وما شابها وأحجام الكرات والاسطوانات.
وطريقته في حساب ذلك اعتمدت على رسم أشكال هندسية متساوية الأضلاع داخل وخارج الدائرة حتى حدد حدوداً لقيمة (باي).
وقال أرخميدس: إن القيمة الدقيقة (باي) هي بين 310/71 و31/7 وعندما وصل إلى قيمة (باي) اكتشف صعوبة الأرقام اليونانية وأنها لا تصلح للعمليات الرياضية المعقدة، ومن ثم اقترح نظاماً رقمياً آخر يمكنه تخزين أرقام كبيرة بسهولة.
وقيمة (باي) هي : 3.14159 26535 89793 23846 26433 83279 50288 41971 69399 37510 وهي قيمة تقترب من الحقيقة ولا يمكن قياسها تحديداً.
قلاووظ أرخميدس
هو عبارة عن أنبوب يحيط بحلزون استخدمه القدماء لرفع المياه من الخزانات. وهو مكون من قضيب خشبي طوله حوالي متر محاط بحلزوني من مواد مرنة مثبتة في ألواح خارجية، وقد علق فيتروفيوس في القرن الأول الميلادي على ذلك قائلا: (إنه محاكاة طبيعية) لقوقعة حلزونية.
وفي عصر الرومان كان قلاووظ أرخميدس يعمل بالسير فوقه مثل ماكينات الغزل اليدوية اليوم، ولكن في القرن الخامس عشر، كان يعمل بذراع تدوير.
في مايو 1839 سفينة أرخميدس حلت بدلاً عن البدال التقليدي الذي يدور بالبخار مستخدماً دافعاً يعمل بنظرية الحلزون.
في البداية عارض الناس التصميم وأحتاج إلى أربع سنوات ليثبت أنه أفضل من سابقه.
واستخدمه المصريون منذ 2000 عام ومازالوا إلى الآن يستخدمونه في الري ورفع المياه ويتراوح قطره من ربع بوصة إلى 12 قدماً.
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:10 pm
مناهج البحث في أقسام الإعلام بالمملكة العربية السعودية
( بين الواقع واحتياجات المستقبل )
إعداد الدكتور / سعيد بن علي بن ثابت
أستاذ الإعلام الإسلامي المشارك في جامعة الإمام
بسم الله الرحمن الرحيم
المبحث الأول : المقدمة المنهجية
أولا ً: الموضوع وأهميته
الحمد لله الذي سهل لعباده المتقين إلى مرضاته سبيلا ،وخص أهل طاعته بالهداية إلى سبيل الرشاد وأوضح لهم طريق الهداية ،وجعل اتباع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليها دليلا , فهم أحسن الناس هدياً وأقومهم قيلا ً .
أما بعـــــــد :
فإنه لا يخفى تزايد دور الإعلام في تشكيل الوعي الاجتماعي ، والعلاقة الوثيقة بينه وبين نظم المجتمع الأخرى ، وفي مقدمتها النظام السياسي وصلته الوثيقة بإطار الأمة وفلسفتها الشاملة ، يدرك ذلك من يطالع أهداف برامج الدراسات العليا في أقسام الإعلام السعودية ، ومن ينظر أهداف الإعلام و مواد السياسة الإعلامية التي كانت مادتها الأولى تنص على أنه ينبغي أن يلتزم الإعلام السعودي في كل ما يصدر عنه بالإسلام إلا الممارسة الإعلامية تغفل الأهداف الاستراتيجية للإعلام السعودي كما تغفل السياسة الإعلامية في الطرح الإعلامي ، فهل نحن في أقسام الإعلام بالجامعات السعودية نعنى بأهداف الدراسات العليا وخاصة ما جاء فيها بخصوص تطوير البحث العلمي وتوجيهه لمعالجة قضايا المجتمع السعودي المسلم ؟ هل نربط في دراساتنا الإعلامية قيم الإعلام ومقومات العملية الإعلامية الذاتية والموضوعية بقيم مجتمعنا السعودي المسلم وأهداف الدراسات العليا في جامعاتنا وأهداف كل قسم من أقسام الإعلام في بلادنا ؟ ، ثم ألسنا في حاجة ماسة إلى مراجعة شاملة بعد ربع قرن لأبحاثنا العلمية ، لتكون لنا مدرستنا البحثية الخاصة ؟
هذه هي الفرضية التي تناقشها هذه الورقة العلمية التي يسعى الباحث من خلالها إلى الكشف عن المشكلات التي تعترض مسيرة البحث العلمي في الدراسات الإعلامية في أقسام الإعلام السعودية بهدف الوصول إلى حلول مناسبة تمكن أقسام الإعلام السعودية من توجيه البحث العلمي في هذا المجال في إطارها الصحيح الذي يربطها بإطاره الاجتماعي الخاص ..
ثانيا ًـ مشكلة البحث :
تتمحور مشكلة هذه الدراسة حول التعرف على الوضع الراهن للبحث العلمي في أقسام الإعلام السعودية ، وتحديد أهم المشكلات التي تعترضه وتعيق نموه وتقدمه على الوجه الأفضل، وترفع الازدواجية في منهجية البحث العلمي بين العلوم الاجتماعية والإنسانية ومنها الدراسات الإعلامية وبين العلوم الأخرى في جامعاتنا ، فنحن في العلوم الاجتماعية والإنسانية ينبغي أن نعترف أننا لم نصل بمنهجيتنا إلى منهجية إسلامية واضحة المعالم كمنهجية توثيق الأخبار عند علماء السنة ،أو منهجية نقد التاريخ عند المؤرخين أو المنهج الاستدلالي عند الأصوليين أو المنهج التجريبي وتطبيقاته في العلوم الطبيعية عند المسلمين مثلا ، ولازلنا عالة على منهجية منبتة عن المنهجية الإسلامية .
وتتركز أهداف الدراسة فيما يلي :
1ـ استعراض مقرر مناهج البحث في أقسام الإعلام بالجامعات السعودية .
2ـ استعراض انعكاسات مقرر منهج البحث على مخرجات برامج الدراسات العليا ، وخاصة في مرحلتي الماجستير والدكتوراه .
3ـ تحديد المشكلات والصعوبات التي تواجه البحث العلمي في أقسام الإعلام بالمملكة .
4ـ اقتراح الحلول المناسبة للخروج من تلك المشكلات و لتعزيز مسيرة البحث العلمي في الدراسات الإعلامية بأقسام الإعلام في جامعات المملكة بالشكل الذي يجمع لها بين الالتزام بالثوابت والمسلمات والأخذ بأساليب ووسائل العصر ، وعلاج الظواهر الإعلامية في إطار فلسفة مجتمعنا السعودي المسلم .
ثالثا ً : تساؤلات الدراسة
ـ ما المناهج البحثية التي تدرس لطلاب أقسام الإعلام وما النظريات التي تنتمي لها ؟
ـ ما انعكاس تلك المناهج على مخرجات الدراسات العليا من رسائل الدكتوراه والماجستير ؟
ـ ما أهمية الاستقلالية المنهجية في بناء المعرفة الإعلامية ؟و هل يمكن أن تكون لنا منهجيتنا الخاصة في الدراسات الإعلامية ؟
ـ ما التصور المقترح لتكون لنا مدرستنا الخاصة في الدراسات الإعلامية ؟
ثالثا ً : أسلوب جمع المعلومات والبيانات لهذا البحث
ـ لقد اقتضت طبيعة هذا البحث الأخذ بأكثر من منهج ، ففي مرحلة استعراض المناهج البحثية التي تدرس في أقسام الإعلام في المملكة وإيضاح العلاقة بينها وبين جذورها وما ترتبط به من الأطر والنظريات الغربية يأخذ الباحث في هذه المرحلة بالمنهج الوثائقي ، وفي مرحلة التأصيل يأخذ الباحث بالمنهج الاستنباطي التأملي في نصوص الوحي بشقية ، والوقف على فهم مفكري الإسلام لتلك النصوص التي أخرجت العقل المسلم من ركام مناهج الفكر الفلسفي المتهافت إلى الخط الإسلامي في مناهج البحث الذي تحاط فيه خطوات سير العقل لتحصيل المعرفة بنبل الغاية والمقصد وشرف الوسيلة ،وتربط فيه النتائج بآيات الله في الكون والحياة ودور الفكر الإنساني المهتدي بالوحي فيهما،ليأتي النتاج العلمي والفكري مهتدياً بالوحي متسقاً مع كينونة الإنسان المسلم والمجتمع المسلم ومع التصور الإسلامي للحقائق ، وهو بلا شك يختلف عن تصور الفلسفة المادية وما ينبثق عنها من أطر بحثية .
المبحث الأول : المفاهيم العامة لمصطلحات البحث
أولا ً : مفهوم العلم
العلم في اللغة : ـ ( العين واللام والميم )أصل صحيح يدل على أثر بالشيء يتميز به عن غيره والعلم نقيض الجهل وهو إدراك الشي بحقيقته(2) 0
والعلم في الاصطلاح : ـ أورد ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله تعالى ـ تعريف صاحب المنازل للعلم بأنه ( العلم ما قام بدليل ورفع الجهل) ثم قال يريد أن للعلم علامة قبله وعلامة بعده ، فعلامة قبله ما قام بدليل،وعلامته بعده : رفع الجهالة (3).
وهكذا حد ابن قيم الجوزية العلم ، أما شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ فقد قسمه إلى نوعين :
أ ـ العلم العملي وهو ما كان شرطا ً في حصول المعلوم ، كتصور أحدنا لما يريد أن يفعله فالمعلوم هنا متوقف على العلم به محتاج إليه .
ب ـ العلم الخبري النظري ، وهو ما كان المعلوم غير مفتقر في وجوده إلى العلم به ، كعلمنا بوحدانية الله تعالى وأسمائه وصفاته وصدق رسوله وبملائكته وكتبه وغير ذلك فإن هذه العلوم ثابتة سواء علمناها أو لم نعلمها فهي مستغنية عن علمنا بها (4).
وقسم ابن حجر العلم إلى قسمين ضروري ونظري ثم قال ( والفرق بين العلم الضروري والعلم النظري أن الضروري يفيد العلم بلا استدلال ، والنظري يفيده لكن مع الاستدلال على الإفادة وأن الضروري يحصل لكل سامع ، والنظري لا يحصل إلا لمن فيه أهلية النظر )(5)
وخلاصة القول أن الحقيقة العلمية لها شروطها وهي : ـ
ـ أن تقوم على الدليل والبرهان .
ـ أن يستخدم منهج البحث العلمي في كشفها .
ـ أن يتحقق من صحتها بأن تكون مطابقة للواقع ( الحسي ، أو الخبري ، أو العقلي . ) ولذلك قال ابن القيم ( العلم : نقل صورة المعلوم من الخارج وإثباتها في النفس .والعمل :نقل صورة علمية من النفس وإثباتها في الخارج ،فإن كان الثابت في النفس مطابقا ًً للحقيقة في نفسها فهو علم صحيح.(6)
وتأسيسا ً على ما تقدم فإن الحقائق ليست واحدة و المناهج تختلف تبعا ً لاختلاف الحقائق العلمية فمناهج العلوم الشرعية تختلف عن مناهج العلوم الطبيعية ، ومناهج العلوم الطبيعية تختلف عن مناهج العلوم الاجتماعية والإنسانية، وقد أثبت تاريخنا العلمي أنه كلما اقتربت العلوم الاجتماعية والإنسانية من هداية الوحي كلما استقامت ونأت عن الزيغ والالتياث ، وكلما خلطت مناهجها بمناهج العلوم الطبيعية ومرجعية العقل المجرد كلما كانت غريبة المضمون والوجهة والغاية عن أصول الإسلام ومقاصده الحسنة .
ثانيا ًمفهوم المنهج : ــ
1 ــ المنهج في اللغة
المنهج في لغة العرب مأخوذ من مادة [ نَـهَجَ](7) والنهج : الطريق الواضح ونهج سبيل فلان سلك مسلكه ، والجمع نُـهُج ومناهج .
وعلى هذا فالمنهج في اللغة الطريق الواضح البين الذي لا لبس فيه.(
جاء ذكر المنهج في القرآن الكريم بلفظه كما في قول الله تعالى { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا }(9)قال القرطبي : (الشرعة) في اللغة الطريق الذي يتوصل به إلى الماء والمنهاج الطريق المستمر البين
(10) وفي هذا المعنى تأكيد للمعنى اللغوي السابق للفظ المنهج كما جاء التعبير عن المنهج في القرآن بألفاظ متقاربة كالطريق ، والسبيل والصراط المستقيم ، وقد جمعت هذه الألفاظ المتقاربة في آية واحدة يقول الله تعالى{وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} (9)
وهكذا جاء معنى المنهج في الاصطلاح الشرعي المؤيد بنصوص الوحي مطابقا لمعنى المنهج في لغة العرب حيث تركز المعنى فيهما حول الطريقة الواضحة البينة التي تؤدي إلى الانتظام والاستقامة وثبات الوجهة واضطرادها في التفكير والتعبير للوصول إلى نتيجة معلومة ومعرفة حقيقية يؤسس عليها العمل الصالح في المجتمع المسلم .2ـ المنهج في أدبيات البحث العلمي
تعددت تعريفات المنهج في أدبيات البحث العلمي واختلفت وجهات نظر الباحثين نحوها، ولعل أكثر التعريفات شمولا وبساطة هو الذي يرى أن المنهج :هو الطريقة التي تعين الباحث على أن يلتزم باتباع مجموعة من القواعد العامة التي تهيمن على سير العقل سيرا ً مقصودا ً في البحث العلمي ، ويسترشد بها الباحث في سبيل الوصول إلى الحلول الملائمة لمشكلة البحث (10).
ويعرفه الدكتور محمد الصباغ بأنه : ( فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار، إمّا من أجل الكشف عن الحقيقة حين نكون بها جاهلين، وإما من أجل البرهنة عليها للآخرين وتعليمهم إيّاها حين نكون بها عارفين )(11)
ويعرف الدكتور علي عبد الحليم محمود منهج البحث الإسلامي بأنه :
( طريقة الإسلام في بحث الظواهر والمشكلات والتعرف على الأسباب التي أدت إليها وتحليلها بدقة ووضع الحل أو الحلول لها .)(12)
وقد تعددت تعريفات البحث العلمي إلى أكثر من مائة تعريف من أبرزها
تعريف [ هيلوي . ت. ](13) الذي يرى أن البحث وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة محددة ، وذلك عن طريق التقصي الشامل والدقيق لجميع الشواهد والأدلة التي يمكن التحقق منها والتي تتصل بهذه المشكلة المحددة .
3ـ العلاقة بين تعريفات المنهج اللغوية والاصطلاحية :
تؤكد تعريفات المنهج أنه الطريق الذي يسير فيه العقل سيرا ً مقصودا ً للكشف عن الحقيقة بواسطة طائفة من القواعد العامة التي تهيمن على سير العقل وتحدد عملياته الفكرية حتى يصل إلى نتيجة معلومة تثري مجالها المعرفي والفكري وتتسق مع أهداف الأمة وغاياتها وتطلعاتها،ومع ذلك
فمنهج البحث نشاط فكري إنساني متأثر في نشأته وتطوره وصورته الحالية ببيئة النشأة الفكرية والعقدية التي تبلور فيها حتى وصل إلينا وهو مع ذلك موروث إنساني مشاع يمكن إعادة تشكيله وفق نظرة أخرى للكون والحياة والإنسان والفكر، تختلف في الغاية والهدف والمداخل والاختيارات والوسائل والنتائج عـمّا توصل إليه المنهج العلمي السابق وخاصة عند التعرض بالدراسة للظواهر الاجتماعية والإنسانية ومنها الإعلامية .
وقد تأثر منهج البحث قديما ً وحديثا ً بنظرة العقل المجرد المرتبط بالفلسفة المادية في تتابع ظنونها من أرسطو إلى عصر النهضة الحديثة حين صاغ (بيكون) قواعد المنهج التجريبي في كتابه (الأورغانون الجديد) وكشف (ديكارت) عن قواعد المنهج الاستنباطي في كتابه(مقالة عن المنهج) وظن البعض أن القرن السادس عشر الميلادي هو القرن الذي شهد ميلاد المنهج العلمي وهو في الحقيقة عودة إلى البناء المنهجي الأرسططاليسي الذي رفضه مفكرو الإسلام ،(14) ومع أن العلوم والمعارف في الحضارة الغربية اليوم تأسس على المذهب العقلي والمادي فإن الدراسة النقدية لهذه الحضارة توضح أن أساسها ليس النزعة العقلية ولا مراعاة نواميس الطبيعة بل يقوم هيكلها كله على الحس فكل مالا يمكن أن يوزن أو يذرع وهما ً لا حقيقة له ، وكل مالا يترتب عليه نفع مادي محسوس أمر هين لا يحفل به (15)، هذا هو الإطار الاجتماعي العام لمناهج البحث ونظرياته ومدارسه في الحضارة الغربية المعاصرة ، وكما رفض مفكرو الإسلام منطق أرسطو و الفكر الفلسفي المتأثر به وما انبثق عنهما من أطر بحثية وأسسوا مناهجنا في البحث العلمي على هدي الوحي في إحكام حركة العقل وسيره في طريق البحث الرصين مما حقق له حرية الحركة وخلصه من الظنون والأوهام وعصمه من الزيغ والضلال ووظفه للرشد والصلاح ، فجاءت نتائج البحث متسقة مع آيات الله وسننه في الكون والحياة والإنسان .
ومن هنا أصبح لزاما علينا إعادة النظر في مناهج البحث في العلوم الإنسانية بعامة والإعلامية منها على وجه الخصوص حتى تتفق مع منهجية البحث العلمي عن الحقيقة في الإسلام سواء ما كان
متصلا ً منها بالعلوم الطبيعية أو الإنسانية ، وبهذا تزول الازدواجية وتتسق المنهجية في العلوم الاجتماعية مع الإطار الإسلامي للتفكير والمعرفة .
ثالثا ً : ـ مفهوم التأصيل
الأصل في اللغة : يأتي بعدة معان ٍ ، منها الأصل للشيء أسفل كل شيء
وجمعه أصول، وهو ما يبنى عليه غيره حسيا ً أو معنويا ً ،وأصل الشيء أساسه الذي يقوم عليه ومنشؤه الذي ينبت منه ، (16) وتأصيل الشيء إثبات أصله يقال رجل أصيل ثابت الرأي والعقل، وأصل الشجرة جذورها .(17)
التأصيل في الاصطلاح :
عرفته الندوة الأولى للتأصيل المنعقدة في رحاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في جمادى الآخرة عام 1407 هـ بأنه : العودة إلى الأصول الإسلامية الأولى باعتبارها المنبع الرئيس الذي تستمد منه هذه العلوم أسسها ومنطلقاتها بحيث ينفى ـ من خلال عملية التأصيل هذه ـ ما علق بتلك العلوم من شوائب نظرية ، وأفكار غربية لا تتفق وما جاء به الإسلام منهجا ًوغاية ً،ومسارا ً (18)
وتعرفه لجنة منبثقة عن اللجنة الدائمة للتأصيل في جامعة الإمام بأنه : مجموعة من القواعد والطرق التي يتوصل بها الباحث إلى استنباط الأحكام والتعميمات في مجال القضايا النظرية والميدانية من خلال المصادر الشرعية وغيرها.. مما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية .(19)
ويعرفه الأستاذ الدكتور مقداد يالجن فيقول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية هو : ( إبراز الأسس التي تقوم عليها هذه العلوم . من خلال جمعها أو استنباطها من مصادر الشريعة وقواعدها الكلية وضوابطها العامة ، ودراسة موضوعات هذه العلوم دراسة تقوم على الأسس السابقة ، وتستفيد مما توصل إليه العلماء المسلمون وغيرهم من نتائج ونظريات وآراء لا تتعارض مع تلك الأسس )ثم يقول والذي يدخل في التعريف هو الجزء الأول إبراز الأسس الإسلامية التي تقوم عليها هذه العلوم أما الباقي فهو شرح وبيان طريقة الإجراء والتطبيق . ثم يخلص إلى تعريف التأصيل بأنه : ( بناء العلوم الاجتماعية على نهج الإسلام ) (20)
ويعرفه البعض بأنه : النهج الذي نهجه علماء الإسلام في صياغة أفكارهم وثقافاتهم وتصرفاتهم وفق الأصول الكلية حتى تأخذ الصفة الدينية التي تستمد شرعيتها من عقيدة التوحيد ، وهو الميزان الذي توزن به كل المنطلقات والتصورات وتضبط به كل الآراء والفلسفات والمعتقدات مهما تعددت منابعها ومفاهيمها ، وهو مجموع الموازين التي تحفظ بها قداسة الوحي وعصمة الرسالة من فقدان معالمها ، لتظل الرؤية المهيمنة على العقل المسلم ، وصبغة الحياة بالصبغة الشرعية ، وأخيرا ً فالمنهج هو السياج الذي استخدمه علماء المسلمين للحفاظ على جوهر الإسلام من الذوبان والحفاظ على الذات الإسلامية وصقل الشخصية الإسلامية ونفض كل العلائق الأجنبية عنها (21)
تعريفات منهجية التأصيل :
أولا ً ـ تفاوتت تعريفات منهجية التأصيل ، حيث انصب تعريف ندوة التأصيل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتعريف الدكتور علي عبد الحليم محمود وكذلك تعريف الأستاذ الدكتور مقداد يالجن الذي يرى أن التأصيل هو بناء العلوم الاجتماعية على نهج الإسلام على ربط منهجية التأصيل بالإطار العام والفلسفة الشاملة للأمة .
بينما تنصب بعض التعريفات على آلية البحث وإجراءاته التطبيقية ومنها تعريف اللجنة المنبثقة عن اللجنة الدائمة للتأصيل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، والبعض جمع بين التأكيد على الناحيتين الأصول والمنطلقات الأساسية لفلسفة منهجية التأصيل و طريقة تطبيق تلك المنهجية
مثل تعريف الدكتور / محمد محمد امزيان حيث عرض الطريقة الإجرائية لتطبيق منهجية التأصيل في العلوم الاجتماعية ثم خلص إلى التأكيد على أصول فلسفة منهجية التأصيل .
ونحن في الدراسات الاجتماعية عامة وفي الإعلامية منها على وجه الخصوص ، نحتاج إلى هذين المنحيين في تعريف منهجية التأصيل ، فالباحث المسلم ينبغي أن ينطلق في بحثه عن الحقيقة العلمية من خلال ثوابته الإيمانية ومسلماته اليقينية في الوحي بشقيه ليستمد منه إطاره المرجعي حتى يكون على هدى وبصيرة مصداقا لقول الله تعالى {قال اهبطا منها جميعا ً بعضكم لبعض عدو،فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداي فلا يضلُ ولا يشقى }(22)
ومع ذلك فإن الباحث المسلم يجب أن يستفيد من الوسائل والأساليب المستحدثة في وسائل البحث العلمي التي هي في الحقيقة موروث إنساني مشاع ، إن العين المجردة ومثلها بقية الحواس قد زادت قدرتها بالمخترعات الحديثة على القراءة في ملكوت الله في الكون والحياة ، فمثلما كانت سماعة الطبيب تعزيزا ً لحاسة السمع و الترمومترات تعميقا ً لحاسة اللمس والحاسبات الآلية مساعدا ً للعمليات الحسابية والتخطيطية فإن أساليب الاحصاءات الحديثة ونظم المعلومات وبرامجها كل تلك المتغيرات على الباحث المسلم أن يستخدمها بعد التأكد من مشروعيتها و يجب عليه ألّا يكون محاكياً أو متلقياً عن غيره فيمثل هذه الوسائل ، بل عليه أن يكون مبدعا ً ومبتكرا ً لأشكال وبرامج وآليات جديدة تعينه في منهجه.
ـ التأصيل الإسلامي لمناهج البحث في العلوم الاجتماعية ضرورة لتجاوز فكر الآخر والخروج من دائرة التقليد والتبعية ، فالتقدم الحقيقي رهن بقدرتنا على الإبداع لحياتنا في إطار هويتنا الفكرية وقيمنا الدينية ومنهجيتنا الخاصة ، والتأصيل الإسلامي الذي ندعو إليه لا يعني تجاهل ماثبت صدقه من حقائق العلم ،كما لايعني التفريط في ما توصل إليه الفكر البشري من وسائل وأدوات وقوانين علمية بعيدا ً عن المنطلقات المادية التي ظهرت في مناهج البحث المرتبطة بنظريات المدرسة الإدراكية عند واطسن وبافلوف وفرويد واستراتيجية الاقناع عند ليون فستنجر التي تفسر السلوك الإنساني على أنه نتاج التفاعل الديناميكي بين الإنسان بميوله وحوافزه واتجاهاته مع البيئة وعواملها وتفترض هذه المدرسة دراسة العوامل الوسيطة بين المؤثر والاستجابة ، لأن المؤثرات يتحكم فيها مجموعة من العوامل الوسطية أو الطارئة وهي بناء معقد من المكونات البيولوجية والعاطفية والإدراكية ، إذا لابد من تركيز استراتيجية الإقناع في الإعلان والدعاية والإعلام التعبوي على العوامل العاطفية أو الإدراكية فقط ؛لأنه من الصعب التدخل في العوامل الوراثية بغية إيصال معلومة جديدة للفرد
المتلقي حتى تغير البناء النفسي له ويستجيب لهدف القائم بالاتصال بسلوك علني ، لكن مع أن هذه الاستراتيجية خيمت على مناهج البحث الإعلامي ردحا ً من الزمن ولا تزال رواسبها الفكرية في النماذج السائدة في مناهج البحث الإعلامي مثل نموذج لازويل الذي يشير إلى أنواع بحوث الاتصال[ دراسات التحكم ، تحليل المحتوى، تحليل الوسيلة ، تحليل الجمهور ، دراسات التأثير ](23) يقول أحد المهتمين بها إنه على الرغم من الشعبية الدائمة للاستراتيجية الإدراكية فإن الأدلة لا تؤيدها باعتبارها نهجا ً موثوقا ً به لتحقيق تغيير سلوكي عن طريق الإقناع (24)
المبحث الثالث : ــ الوضع الراهن لمناهج البحث في أقسام الإعلام السعودية
نشأة أقسام الإعلام السعودية وتطورها
لقد شهدت الدراسات الإعلامية عناية ملموسة في جامعات المملكة منذ أكثر من ربع قرن ـ الأمر الذي أسهم في إعداد المتخصصين في كثير من جوانب المعرفة الإعلامية ـ
وحرصا ً من المسؤولين في هذه البلاد المباركة على تعزيز البحث العلمي والإسهام في خدمة مجتمعنا المسلم ، وحل المشكلات التي تعترض الاتصال الإعلامي ، وتقديم الاستشارات العلمية لمؤسسات القطاع الحكومي والخاص ، ولذلك سارع القائمون على أقسام الإعلام إلى تلبية تلك الاحتياجات ، واستطاعت إنتاج أبحاث مشهود لها بالجدة والأصالة ، وتخرج من أقسام الإعلام في جامعات المملكة كوادر بشرية ذات طاقات فاعلة فرضت وجودها بقوة على الساحة الإعلامية ، وهذا الإنجاز العلمي يستحق منا وقفة نقد بناء متأنية لتوثيق مسيرته و للكشف عن ما تميز به من نقاط القوة وما يعتريه من جوانب النقص ،والمأمول في هذا الجهد العلمي المتواضع أن يزود أقسام الإعلام ، والمهتمين بالبحث الإعلامي في المملكة العربية السعودية بمؤشرات تسهم في تطوير منهجية البحث الإعلامي ، وتستشرف آفاق مستقبله في بلادنا المباركة .
أهداف البحث العلمي في أقسام الإعلام السعودية
إن أهداف البحث الإعلامي لا تخرج عن أهداف البحث العلمي في الدراسات العليا بالجامعات السعودية التي تتسم بشيء من الخصوصية التي تتناسب مع حاجة المجتمع السعودي المسلم وطبيعته يدرك ذلك من يطالع أهداف الدراسات العليا التي ترمي الدراسات العليا في المملكة إلى تحقيقها وهي(25) :
1ـ العناية بالدراسات الإسلامية والعربية والتوسع في بحوثها والعمل على نشرها .
2ـ الإسهام في إثراء المعرفة الإنسانية بكافة فروعها عن طريق الدراسات المتخصصة والبحث الجاد للوصول إلى إضافات علمية وتطبيقية مبتكرة والكشف عن حقائق جديدة
3 ـ تمكين الطلاب المتميزين من حملة الشهادات الجامعية من مواصلة دراساتهم العليا محليا ً .
4ـ إعداد الكفايات العلمية والمهنية المتخصصة وتأهيلهم تأهيلا ً عاليا ً في مجالات المعرفة المختلفة .
5ـ تشجيع الكفايات العلمية على مسايرة التقدم السريع للعلم والتقنية ودفعهم إلى الإبداع والابتكار وتطوير البحث العلمي وتوجيهه لمعالجة قضايا المجتمع السعودي .
6ـ الإسهام في تحسين مستوى برامج المرحلة الجامعية لتتفاعل مع برامج الدراسات العليا .
وخلاصة القول : أن الأهداف الآنفة الذكر كشفت عن الأهمية التي تضطلع بها الدراسات العليا في الجامعات السعودية ومنها الدراسات الإعلامية بلا شك التي هي في الحقيقة ترجمة لتلك الأهداف إلى برامج بحثية ودراسات علمية تلبي طموحات التنمية الشاملة في بلادنا ، لكن هل نجحت هذه الدراسات الإعلامية في تلبية احتياجات مجتمعنا الخاصة ، وهل ساهمت في تطوير إعلام مجتمعنا السعودي المسلم ؟ وهل تصدت لمشكلاته والاستجابة لمطالبه ؟ وهل انعكست هذه الأهداف على خطط الدراسات العليا( الماجستير والدكتوراه) ونتائجها العلمية ؟ وهل ربطت تحليل وتفسير تلك النتائج بمسلمات مجتمعنا المسلم ؟ لعل طبيعة مقرر منهج البحث الإعلامي الذي يدرس لطلاب أقسام الإعلام و الاتجاهات النوعية لبحوث الدراسات الإعلامية تكشف عن ذلك .
مقرر مناهج البحث الإعلامي في أقسام الإعلام السعودية (26)
أقسام الإعلام بالجامعات السعودية الكتاب المقرر في مناهج البحث المؤلف الجنسية طبيعة المقرر
قسم الإعلام في جامعة
الملك سعود البحث العلمي
مفهومه ، أدواته ، أساليبه ذوقان عبيدات وآخرون أردنيون مترجم
قسم الإعلام في جامعة الإمام مناهج البحث : (1) أساسيات البحث الكيفيـة ( للبحوث الكيفية )
(2) بحوث الإعلام
( للبحوث الكمية ) عبد الله الخليفة
محمد الحيزان سعودي
ســــعودي مترجم
بحث باللغة العربية معظمه مقتبس من الدراسات الغربية
قسم الإعلام في جامعة أم القرى مناهج البحث الإعلامي
بحوث الإعلام أحمد بدر
سمير محمد حسين مصري
مصري كلاهما بحث باللغة العربية
معظمه مقتبس من دراسات غربية
قسم الإ‘علام في جامعة الملك
عبد العزيز البحث العلمي
مفهومه ،أدواته ،أساليبه ذوقان عبيدات أردني مترجم
يظهر الجدول السابق طبيعة المراجع المقررة في أقسام الإعلام السعودية فمعظمها مترجمة عن مناهج البحث الغربية والأمريكية على وجه الخصوص فقسمي الإعلام في جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبد العزيز تدرس مقرراً مترجماً من قبل مجموعة من الباحثين الأردنيين عن مناهج البحث في الدراسات الأمريكية ، كما يدرس مقرر أساسيات البحث الكيفي ، في قسم الإعلام بجامعة الإمام
وهو مترجم يتناول البحوث الكيفية من خلال رؤية المدرسة الغربية للبحوث الكيفية التي تعد عندهم ذاتية ؛ نظرا ً لأن المنهج الغربي يقوم على ظن وتخمين الباحث فهو أقرب إلى الذاتية منه الموضوعية بينما منهج البحث عند مفكري الإسلام لا يقف عند عملية التحليل والتركيب و مرحلة العرض والتجميع والتخمين في المنهج الأوربي ، بل يصل من خلال ذلك إلى تعميمات ومحددات وقوانين تحكم الظواهر الاجتماعية وتحكم عليها ولذلك هدي كامل في القصص القرآني الذي يؤكد أن حركة التاريخ تخضع للنواميس والسنن التي لا تتخلف تلتقي بحركة الحياة الإنسانية مع حركة الكون كله التي لا تنفك عن سنن الله وآياته .
كما أن قسم الإعلام في جامعة أم القرى الذي أسسه أستاذنا المرحوم إبراهيم إمام وكان الهدف من إنشاء هذا القسم هو أن تكون الدراسة الإعلامية من منطلق إسلامي ، مع الأخذ بأحدث الأساليب المتطورة ، والاستخدام الأمثل للإنجازات العلمية(27) ، ومع ذلك نجد طلاب القسم يدرسون في مقرر منهج البحث الإعلامي كتابين معظم مادتهما العلمية مقتبسة من دراسات أمريكية وغربية ، وأيضا يشارك هذا القسم قسم الإعلام في جامعة الإمام حيث يدرس طلابه في مجال البحوث الكمية مثل ذلك ، ولقد انعكس ذلك على مخرجات القسم من رسائل الدكتوراه والماجستير والبحوث المكملة.
الاتجاهات البحثية لبحوث رسائل الدكتوراه والماجستير في قسم الإعلام بجامعة الإمام
اتجاهات البحثية للرسائل الدراسات التأصيلية الدراسات الميدانية المجموع
التكرار 6 18 24
رســـــائل الدكتوراه النسبة 25% 75% 100%
رسائل الماجستير التكرار 42 21 63
النسبة 66.7% 33.3% 100%
البحوث المكملة للماجستير التكرار 38 34 72
النسبة 52.78% 47.22% 100%
يشير الجدول السابق إلى الاتجاه البحثي لرسائل الدكتوراه والماجستير في قسم الإعلام بجامعة الإمام وهو القسم الوحيد الذي يطبق برنامج الدراسات العليا منذ قرابة ربع قرن وقد بدأ قسم الإعلام في جامعة الملك سعود يشاركه أخيرا ً لكن مخرجاته لا تزال محدودة العدد ومعظمها تندرج تحت اتجاه واحد هو الدراسات التطبيقية الميدانية .
أما قسم الإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فقد بلغت مخرجات هذا القسم من رسائل الدكتوراه والماجستير والبحوث المكملة للماجستير ( 159) دراسة تباينت اتجاهاتها فكانت رسائل الماجستير أكثر عناية بربط قيم الإعلام في مجتمعنا بمسلماته الدينية والاجتماعية ، أما البحوث المكملة للماجستير فقد تقاربت تكرارات الرسائل التي اتجهت نحو تأصيل الدراسات الإعلامية مع الدراسات التطبيقية .
أما رسائل الدكتوراه فلم يتجه نحو الدراسات التأصيلية إلا ست رسائل أي 25% من مجمل مخرجات هذا البرنامج خلال قرابة أربع وعشرين سنة أما الدراسات التطبيقية فقد بلغت 18رسالة نسبتها 75% ، وكان المأمول أن يكون التوسع في الدراسات التأصيلية في مرحلة الدكتوراه أكثر من الماجستير التي بلغ عدد الدراسات التي عنيت بهذا الجانب (80) دراسة ما بين رسالة ماجستير وبحث مكمل للماجستير ، ولعل ذلك بسبب التوسع في دراسة الماجستير بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية منذ عام 1396هـ الذي كان قسم الإعلام مرتبطاً به إلا أنه تحول فيما بعد إلى كلية الدعوة والإعلام عام 1400هـ هذا بالإضافة إلى تطبيق خطة القسم الحالية التي وصفت فيها مناهج البحث التي لا تزال تدرس إلى اليوم وقد ظهرت انعكاسات هذا المقرر على مخرجات الدراسات العليا من رسائل الدكتوراه والماجستير حيث إنه بالنظر إلى قائمة الرسائل المناقشة في كلية الدعوة والإعلام لا نجد ضمن الرسائل المناقشة منذ عام 1411هـ رسالة ذات اتجاه تأصيلي عدا رسالة واحدة ، ولعل ذلك من الأسباب التي دفعت القسم إلى تكوين لجنة في 26/8/1422هـ بهدف إعداد تصور لأولويات التوجهات البحثية في ضوء حاجات القسم وتطلعاته المستقبلية وانتهت اللجنة إلى تقديم تصور اشتمل على ما يلي :
ـ التركيز على الدراسات العلمية النظرية والتقليل من الدراسات ذات البعد التطبيقي .
ـ العناية بالدراسات التأصيلية والنقدية في فنون الإعلام المختلفة كالإعلان والعلاقات العامة والتحرير الإعلامي والإخراج وغيرها .
ـ العناية بتقنيات الاتصال الحديثة كالصحافة الإليكترونية .
المبحث الرابع : سبل النهوض بالبحث الإعلامي في أقسام الإعلام بالمملكة
أولا ًـ المنهج الذي ندعو إليه :
ينبغي أن نسأل أنفسنا هل نحن أمة لها منهجية واحدة ؟ أم أمة بمناهج متعددة ؟ لقد جاء القرآن الكريم بنقلة منهجية للعقل البشري حررته من المناهج الخاطئة وربطت الظواهر بالآيات والسنن
{ سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا )(28) وكما هدانا القرآن إلى منهجية التعامل مع الظواهر الإنسانية هدانا أيضا ً إلى كيفية التعامل مع الظواهر الطبيعية والتنقيب عن سنن الله فيها للتأمل في عظمة الخالق عن طريق تبصر الناس بالنظر الحسي في آفاق النفس والكون والإنسان بما حباه الله من نعمة السمع والبصر والعقل المدرك مسؤول لأن العلم النافع الذي سيصل إليه من خلال الحس المهتدي بالوحي هو الذي سيبوئه مركزه الذي أراد له الخالق قال الله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ً}(29) فإن قيل أين المنهجية الإسلامية التي يمكن القياس عليها وتعليمها للطلاب في الجامعات بدلا عن الأطر والمناهج المرتبطة بالفلسفة الوضعية ؟ وللإجابة على هذا السؤال نقول : إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يرى (أن القرآن الكريم ـ هو كتاب الوجود عند المسلمين ـ فهو الذي يمدهم بصور الاستدلال والأقيسة العقلية التي تجمع بين المتماثلات وتفـرق بين المختلفات التي فطرت عليها العقول السليمة ،(30) وقد تبلور هذا النهج فيما يعرف بالمنهج الأصولي وهو ذلك النهج الذي نهجه علماء الإسلام في صياغة أفكارهم وثقافتهم وتصرفاتهم وفق الأصول الشرعية الكلية حتى تأخذ الصفة التي تجعلها تتسق مع عقيدة التوحيد الخالص وتخضع لموازين الوحي الذي توزن به كل المنطلقات والتصورات وتضبط به كل الآراء والأنشطة مهما تعددت منابعها ومفاهيمها ، لتظل شريعة الإسلام هي المهيمنة عل العقل المسلم في التفكير والتعبير ، ونحن عندما ندعو إلى مزيد من الدراسات التأصيلية لا نعني بحال من الأحوال التنازل عن وسائل البحث العلمي وأدوات البحث عن الحقيقة أو المعلومة التي لم تتغير في ذاتها وإنما تطورت الأجهزة التي تعزز أداءها فالمجاهير البصرية والإلكترونية تعزيزاً لحاسة الإبصار مثلما كانت سماعة الطبيب تعزيزاً لحاسة السمع ، والحاسبات الآلية مساعدا ً للعقل في إجراء الحسابات والتخطيط وإجراء العمليات الإحصائية بأنواعها المختلفة ، كل هذا التيسير على الباحث أن يستفيد منه وألا يكون محاكيا ً للغير في مثل هذه الوسائل التقنية وإنما مخترع لها ومبتكر ومبدع فيها ، ثم يعرض ما توصل إليه من نتائج على إطاره المرجعي ، فالإعلام نشاط من أنشطة الحياة في المجتمع المسلم تحكمه الشريعة الإسلامية مثل بقية أنشطة الحياة المختلفة ، كما أن الإعلام سلوك إنساني مرتبط بقيم الإنسان الخلقية ،فمن يحدد هذه القيم ؟ وما الذي يجب أن يكون عليه السلوك لكي يكون خيرا ً أو يكون فاضلاً ؟: هل هو المنفعة المادية ومصلحة أكبر عدد من الناس ؟!! ، أم تحقيق السعادة واللذة العاجلة !! وهل رأي أغلب الناس دائما ً على الحق ؟! وهل حاجات الناس ورغباتهم غير المتناهية معيار للفضيلة ، كما أن الأخلاق لا توجهها ظنون الإنسان وفلسفته بل يوجهها الدين الحق ولذلك كان
لزاما ً علينا أن نربط النشاط الإعلامي في المجتمع المسلم بالدين الذي يشكل إطاره العام وفلسفته الشاملة ، وذلك ما يجعل الدراسات الإعلامية تتسق مع أهداف الدراسات العليا في الجامعات السعودية ، ومع أهدافها في أقسامها ، ويؤهلها للتطبيق في واقع الممارسة الإعلامية . .
ثانيا ً : ـ الخروج من وهم الحيدة وإشكالية الازدواجية
ينبغي أولاً تحرير العقل العربي من التبعية للمنهجية الغربية جريا ً وراء وهم الحياد التي بسببها نقلت لنا مناهج البحث مع نظرياته ومقاييسه ومعاييره الأجنبية وعد ذلك من حقائق العلم الموضوعي وبالتالي فهي من الحقائق المحايدة وغير المتحيزة حضاريا ً وهي صالحة لكل مجتمع ولذا درج الباحث الإعلامي على سبيل المثال على إعادة الدراسات الغربية من خلال نفس المنهج ونفس الأدوات و عندما يصل إلى نفس النتائج يعد ذلك فتحا عظيما ً ودليلا ً لا يدخله الشك ، ولكن هل نحن بهذا المنحى يمكن أن نحقق الريادة العلمية الأصيلة لإعلامنا ؟ وهل يمكن أن ننتزع تلك الأطر والنماذج البحثية من بيئتها الفكرية والعقدية بكل حيدة وموضوعية ؟ ثم هل نتائج هذه الأبحاث والدراسات ستحقق لنا السعادة ؟ هل حقا ما يسعد الآخرين سوف يسعدنا بالضرورة ؟
ـ منشأ هذه الإشكالية أن المنهج العلمي الذي نجح نجاحا باهرا ً في العلوم الطبيعية والذي يقوم على استقراء الظواهر الجزئية وصولا ً إلى قوانين وتعميمات تصدق في كل زمان ومكان ، وحرصا على إظهار العلوم الاجتماعية والإنسانية بعامة والإعلامية على وجه الخصوص بمظهر العلوم المنضبطة بالدليل الحسي السائد في الفلسفات المادية والوضعية في الفكر الغربي المعاصر ، بالإضافة إلى معاملة الظاهرة الاجتماعية والإنسانية كالظاهرة الطبيعية مع أن بينهما تباين كبير فالظواهر الطبيعية ترتبط بسنن إلهية حتمية لا تتخلف ، أما الظاهرة الاجتماعية والإنسانية فهي وأن ارتبطت بالآيات والسنن الإلهية فإنها متغيرة من حال إلى حال ولذلك تعهد الله تعالى البشرية بهداية الوحي حتى يستطيع الرسل والمصلحين إعادة الظواهر الاجتماعية والسلوك الإنساني إلى المسار الصحيح الموافق للآيات والسنن ، ولذلك كان من الخطأ التعامل مع هذه الظواهر كالظواهر الطبيعية المرتبطة بالسنن الثابتة .
كما ينبغي أن ندرك بوضوح أن المفاهيم والمصطلحات في العلوم الاجتماعية والإنسانية ليست حدية قطعية الدلالة وإنما هي مرنة ومصطلحاتها مطاطة ومتغيراتها ليست أسباباً حتمية ويقينية كالظاهرة الطبيعية وإنما السبب فيها مؤشر ولعل السبب في ذلك صعوبة التحكم في متغيرات الظاهرة الاجتماعية لكثرة العوامل التي تتدخل في الموقف الإنساني .
وتأسيسا ً على ذلك سارت البحوث في العلوم السلوكية والاجتماعية ومنها الدراسات الإعلامية في طريق مسدود لم تستطع تجاوزه في محاولاتها للتوصل إلى فهم واقعي للنفس الإنسانية والسلوك الإنساني على المستوى الفردي كما ظهر ذلك بجلاء في المدرسة السلوكية وما تلاها من النماذج
الاتصالية التي تفسر الأبعاد المختلفة للعملية الإعلامية ولا أدل على ذلك من كثرة النظريات التي تحاول تقويم الجهد الإعلامي سواء ً ما كان منها يقول بحتمية التأثير المباشر ، أو باحتمالية التأثير فكلها تنطلق من النظرة المادية الضيقة للإنسان والنظرة الحسية للحقيقة العلمية ليس إلا ، كما يرجع الإخفاق في الدراسات الإنسانية والاجتماعية ومنها الإعلامية إلى إغفال حقائق الوحي تلك الهداية الإلهية التي تعهد الله بها البشرية من لدن آدم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولن يمكن التوصل إلى معرفة حقيقة متكاملة للإنسان بدونها .
ثالثا ً ـ تأصيل بحوث الإعلام وربطها بقيم المجتمع السعودي المسلم
لقد أورث وهم الحياد الافتقار إلى الأصالة في كثير من البحوث الإعلامية العربية فقد اعتمدت على نظريات تأثير ومناهج نشأت أصلا في الولايات المتحدة الأمريكية تختلف في مسبباتها وأغراضها وخلفياتها التاريخية والاجتماعية مع طبيعة المشكلات الإعلامية في مجتمعنا المسلم ، يغلب عليها الطابع الإجرائي وتتمحور ملامحها حول استخدام الأساليب الكمية لدراسة الوسيلة الإعلامية وآثار الاتصال بهدف النهوض بكفاءة الإعلان وتنظيم عملياته ومسح السوق وهندسة مواقف الرأي العام بالتعاون بين وسائل الإعلام و معاهد الرأي العام وخبراء العلاقات العامة (31) ، ولا تهتم هذه المدرسة بالسياق الذي تتم في إطاره عملية الاتصال الإعلامي والبيئة العقدية والفكرية والثقافية والاجتماعية التي تحدد خصوصية كل مجتمع وعلى عكس ذلك جاءت المدرسة النقدية في الدراسات الإعلامية الغربية التي تستمد جذورها من مدرسة فرانكفورت(32) ، وقد أضافت المدرسة الفرنسية في هذا الصدد مجموعة جديدة من أساليب التحليل الكيفي مثل أساليب التحليل الدلالي ومسار البرهان وتحليل القوى الفاعلة والأطر المرجعية ، وعلى كل حال فإن المنتمين إلى هذه النظرية يسعون إلى تأكيد الحقيقة التي تشير إلى أنه ليس هناك نظرية للاتصال محايدة يمكن تطبيقها بمعزل عن البيئة الاجتماعية التي أفرزتها .
وهذه المنهجية لا تتفق مع منهجيتنا في العلوم الطبيعية وعلوم الشريعة ولا مع الرصيد المعرفي للعلوم الاجتماعية والإنسانية في حضارتنا الإسلامية وبالتالي تكون النتيجة الازدواجية في دراسة الظواهر الاجتماعية حيث تدرس في الحضارة الإسلامية بمنهج مهتدٍ بالوحي بشقيه ،و وتدرس الظواهر الإعلامية بالمنهجية الأمريكية التي لا تعترف بالوحي ولا تقيم وزنا ً إلا للحس والنتيجة عدم الاستفادة من تلك البحوث بالإضافة إلى تكريس التبعية المنهجية بوعي أو بلا وعي لاهتمامات وأولويات ومصالح واحتياجات النظم الغربية الرأسمالية وخصوصا الأمريكية المتمثلة في المدرسة الإمبريقية التي تركز على الأساليب الكمية في التحليل وتدرس جمهور وسائل الإعلام واتجاهاته وتحلل المحتوى الإعلامي كجزئية منفصلة عن الإطار الاجتماعي العام الذي ينبغي أن تربط به مخرجات وسائل الإعلام ،وتفسر نتائج البحث في إطار المنبه والاستجابة (33) وتستمد جذورها من فلسفة الفكر الوضعي ومع ما بين النظم الغربية وأمريكا من قواسم مشتركة فالعقيدة واحدة و القيم الاجتماعية والفكرية متقاربة ومع ذلك فالنظم الغربية قد شعرت بطغيان نموذج بحوث التأثير الأمريكي التي يغلب عليها الطابع الإجرائي وتتمحور ملامحها حول استخدام الأساليب الكمية لدراسة الوسيلة الإعلامية وآثار الاتصال بهدف النهوض بكفاءة الإعلان وتنظيم عملياته ومسح السوق وهندسة مواقف الرأي العام بالتعاون بين وسائل الإعلام و معاهد الرأي العام وخبراء العلاقات العامة3 بالتعاون بين وسائل الإعلام و معاهد الرأي العام وخبراء العلاقات العامة (34)
ولا تهتم هذه المدرسة بالسياق الذي تتم في إطاره عملية الاتصال الإعلامي والبيئة العقدية والفكرية والثقافية والاجتماعية التي تحدد خصوصية كل مجتمع وعلى عكس ذلك جاءت المدرسة النقدية في الدراسات الإعلامية الغربية التي تستمد جذورها من مدرسة فرانكفورت4 وقد أضافت المدرسة الفرنسية في هذا الصدد مجموعة جديدة من أساليب التحليل الكيفي مثل أساليب التحليل الدلالي ومسار البرهان وتحليل القوى الفاعلة والأطر المرجعية(35) وعلى كل حال فإن المنتمون إلى هذه النظرية يسعون إلى تأكيد الحقيقة التي تشير إلى أنه ليس هناك نظرية للاتصال محايدة يمكن تطبيقها بمعزل عن البيئة الاجتماعية التي أفرزتها .
والحقيقة أننا أولى من المجتمعات الغربية بربط بحوث الإعلام بما لنا من خصوصية فكرية واجتماعية كيف لا ؟ ولنا تاريخنا العلمي الذي أثبت، أنه كلما اقتربت العلوم الاجتماعية والإنسانية من هداية الوحي بشقيه في الكتاب والسنة اهتدت واستقامت ونأت عن الزيغ والالتياث يدرك ذلك من يطالع اتصال الحضارة الإسلامية بالثقافات المختلفة أبان العقد الأولى من القرن الثالث الهجري حيث اتسع نطاق الترجمة عن ثقافة اليونان وفلاسفتهم وتأثر بعض فلاسفة المسلمين بمنهجية الفلسفة اليونانية وكان من آثار ذلك ظهور ضباب عقلي كثيف التاثت، به عقول بعض الناس في المجتمع الإسلامي وإذا أخذنا بمناهج التبعية في البحوث الإعلامية لأي من المد والإنسانية والإعلامية على وجه الخصوص بأثر رجعي وندخل في موضوع تهافت الفلاسفة وتهافت التهافت ، والحل يكمن في أن تكون لنا منهجيتنا الأصيلة وهي ليست ترفا فكرياً ولا كلمة تقال لحب الظهور والتميز وإنما هي سياق فكري خاص وخطوات منظومة من المفاهيم الواضحة والمتماسكة ، لها رصيدها من التجارب الفذة في تاريخ منهجيتنا الإسلامية فعندما كان علماء الإسلام وباحثوهم متمسكين بموازينه ومعاييره مستبصرين بنوره جاءت كتاباتهم في السياسة و الحوادث والوقائع والاجتماع مهتدية مستقيمة فلم يفسروا التاريخ تفسيراً مادياً ولم تتخلل رؤاهم السياسية والاجتماعية نظرة فلسفية مادية ولا نزعة عنصرية عرقية بل ظهرت مؤلفاتهم وهي مشربة بهدي الإسلام قائمة على أصوله متوخية مقاصده متسقة مع سنن الله وآياته في الحياة الاجتماعية يدرك ذلك من ينظر في مؤلفات السياسة عند الماوردي ، وأبو يعلى ، وابن تيمية ، ومن يطالع ما كتبه ابن خلدون في مقدمته عن الاجتماع والعمران ، وعلم الإعلام جزء من هذه العلوم وهي جميعها جزء من العلوم الاجتماعية و الإنسانية المختلف فيها والعقل المهتدي بهداية الوحي يوفق بتوفيق الله له إلى الحق
كما قال تعالى { فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم }(36)
رابعا ً ـ تنقية المكتبة الإعلامية من الإلتياث الفكري وخاصة في مجال فلسفة الإعلام وإطره المنهجية والبحثية ، فالمكتبة الإعلامية العربية تفتقر إلى الأصالة الفكرية فمعظم الكتب والبحوث الإعلامية العربية ترجمة لدراسات أمريكية ونظريات نشأت أصلا في بيئة تختلف تختلف طبيعة الإعلام في مجتمعنا المسلم ، لاسيما وأن جامعتنا قد جعلت من أهدافها العامة أن يكون الطالب موصولا ً بعقيدته في جميع ما يدرسه ولذلك كان من أهداف كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الإمام مثلاً تدريس العلوم الاجتماعية من منطلق إسلامي (37،) وهذه التنقية تسهل مهمة تأصيل وتوجيه الدراسات الإعلامية وتخلصها من المنهجية الأمريكية
انطلاقا من الأهداف العلمية لجامعة الإمام أنشئت اللجنة الدائمة للتأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية في عمادة البحث العلمي(38) ، بالإضافة إلى ذلك كان من أهداف قسم الإعلام في كلية الدعوة والإعلام تأصيل وتوجيه الدراسات الإعلامية وتمشيا ً مع أهداف الجامعة والقسم المختص تأتي هذه الدراسة لرفع للبس ولتجلية أمر مناهج التأصيل وصياغة تصورا ً شاملا ً لمقاييسها ومعاييرها وأثارها المرجوة والمتوقعة .إنني أعلم أن هذا البحث يحتاج إلى فريق عمل إلا أنني أمل من خلال هذا البحث أن أفتح الباب للعصف الفكري والمناقشة والحوار ــ البحث العلمي نشاط فكري إنساني متأثر في نشأته وتطوره وصورته الحالية ببيئة النشأة الفكرية والعقدية التي تبلور فيها حتى وصل إلينا وهو مع ذلك موروث إنساني مشاع يمكن إعادة تشكيله وفق نظرة أخرى للكون والحياة ودور الفكر الإنساني فيهما تختلف في الغاية والهدف والمداخل والاختيارات والوسائل والنتائج عن ما يتوصل إليه المنهج العلمي السابق وخاصة عند التعرض بالدراسة للظواهر الاجتماعية والإنسانية ومنها الإعلامية ، والباحث المسلم مؤهل للقيام بهذا الدور الطليعي مستندا إلى ما حباه الله تعالى من هداية الوحي بشقيه لدراسة الظواهر الاجتماعية والإنسانية ومنها الإعلامية في إطار الآيات والسنن الإلاهية التي تحكم حركة الكون والإنسان والحياة حتى يمكن تخليص منهج البحث الإعلامي من عقم النظرة المادية الحسية كما خلص المسلمون المنهج التجريبي في العلوم الطبيعية من النظرة المغلقة في القياس الصورى الأرسطي العقيم إلى سعة الاستقراء القائم على المشاهدة والتحقق بالحواس في الظواهر الطبيعية وليس بمستبعد على المفكر والباحث المسلم أن يعيد منهج البحث في العلوم الإنسانية و
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:10 pm
المجال ألمفاهيمي:الجزائر والمجتمع الدولي المستوى:الرابعة متوسط
الوحدة التعليمية: منظمة اليونيسكو المادة/تربية مدنية
الكفاءة المرحلي:تبيان علاقة الجزائر بالمجتمع الدولي من خلال المفاهيم/الثقافة/التراث العالمي/المعالم الأثرية
المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية مكافحة الأمية
الكفاءة القاعدية:معرفة اليونيسكو كمنظمة تابع لهيئة الأمم المتحدة
تعمل لنشر الثقافة والحفاظ على التراث
المراحل السندات والوسائط
الوضعيات و الأنشطة المقترحة مؤشر الكفاءة
وضعية الانطلاق
الكتاب المدرسي
الوضعية الأولى:
قراءة التمهيد:تعرفت سابقا على منظمة الأمم المتحدة وألان تتعرف على إحدى المنظمات المتخصصة التابعة لها .فماهي منظمة اليونيسيف؟ يحد مفهوم الأمم المتحدة وفروعها
وضعية بناء التعلم
وضعية بناء التعلم
وثائق ونصوص
صور لنشاط منظمة اليونيسكو الوضعية الثانية:عرف منظمة اليونيسكو
أولا:تعريفها:
هي منظمة الأمم المتحدة للتربية العلوم والثقافة.أنشئت 1946 مقرها باريس
الوضعية الثالثة:حدد أهداف منظمة اليونيسكو
ثانيا:أهدافها/
تهدف إلى توطيد السلام والأمن في العالم عن طريق التعاون بين الأمم في مجال التربية والعلوم والثقافة ولتحقيق ذلك تقوم بعدة نشاطات منها:
1-محاربة الأمية
2-تشجيع البحث العلمي
3-تعزيز التعاون الثقافي
4-مساعدة الدول في إقامة أسس العلم
5-حماية التراث الإنساني
6-نشر الكتب والمؤلفات
7-دعم العلوم الإنسانية
8-دعم حرية الإعلام
الوضعية الرابعة:بين دور منظمة اليونيسكو
ثالثا: دورها/
تعمل المنظمة على تشجيع التعاون الفكري الدولي .وتقد يم المساعدة الميدانية للدول الأعضاء.وتعزيز السلام وحقوق الإنسان والتفاهم المتبادل بين الشعوب.
الوضعية الخامسة:حدد هياكل المنظمة
رابعا:هيكلة المنظمة/
1--المؤتمر العام:يتكون من ممثلي الدول الأعضاء
2--المجلس التنفيذي:يضم أشخاص من ذوي الكفاءة العلمية والأدبية
3--الأمانة العامة:تتكون من مدير عام وعدد من الموظفين
يعرف منظمة اليونسكو
يبين أهدافها
ونشاطاتها
يعرف دورها
يحدد هياكلها
م/استثمار المكتسبات
عمل التلميذ نشاط تقويمي: اذكر المناطق التاريخية في الجزائر التي صنفتها اليونسكو ضمن التراث العالمي
التحقق من اكتساب الكفاءة
الوحدة التعليمية: منظمة اليونيسكو المادة/تربية مدنية
الكفاءة المرحلي:تبيان علاقة الجزائر بالمجتمع الدولي من خلال المفاهيم/الثقافة/التراث العالمي/المعالم الأثرية
المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية مكافحة الأمية
الكفاءة القاعدية:معرفة اليونيسكو كمنظمة تابع لهيئة الأمم المتحدة
تعمل لنشر الثقافة والحفاظ على التراث
المراحل السندات والوسائط
الوضعيات و الأنشطة المقترحة مؤشر الكفاءة
وضعية الانطلاق
الكتاب المدرسي
الوضعية الأولى:
قراءة التمهيد:تعرفت سابقا على منظمة الأمم المتحدة وألان تتعرف على إحدى المنظمات المتخصصة التابعة لها .فماهي منظمة اليونيسيف؟ يحد مفهوم الأمم المتحدة وفروعها
وضعية بناء التعلم
وضعية بناء التعلم
وثائق ونصوص
صور لنشاط منظمة اليونيسكو الوضعية الثانية:عرف منظمة اليونيسكو
أولا:تعريفها:
هي منظمة الأمم المتحدة للتربية العلوم والثقافة.أنشئت 1946 مقرها باريس
الوضعية الثالثة:حدد أهداف منظمة اليونيسكو
ثانيا:أهدافها/
تهدف إلى توطيد السلام والأمن في العالم عن طريق التعاون بين الأمم في مجال التربية والعلوم والثقافة ولتحقيق ذلك تقوم بعدة نشاطات منها:
1-محاربة الأمية
2-تشجيع البحث العلمي
3-تعزيز التعاون الثقافي
4-مساعدة الدول في إقامة أسس العلم
5-حماية التراث الإنساني
6-نشر الكتب والمؤلفات
7-دعم العلوم الإنسانية
8-دعم حرية الإعلام
الوضعية الرابعة:بين دور منظمة اليونيسكو
ثالثا: دورها/
تعمل المنظمة على تشجيع التعاون الفكري الدولي .وتقد يم المساعدة الميدانية للدول الأعضاء.وتعزيز السلام وحقوق الإنسان والتفاهم المتبادل بين الشعوب.
الوضعية الخامسة:حدد هياكل المنظمة
رابعا:هيكلة المنظمة/
1--المؤتمر العام:يتكون من ممثلي الدول الأعضاء
2--المجلس التنفيذي:يضم أشخاص من ذوي الكفاءة العلمية والأدبية
3--الأمانة العامة:تتكون من مدير عام وعدد من الموظفين
يعرف منظمة اليونسكو
يبين أهدافها
ونشاطاتها
يعرف دورها
يحدد هياكلها
م/استثمار المكتسبات
عمل التلميذ نشاط تقويمي: اذكر المناطق التاريخية في الجزائر التي صنفتها اليونسكو ضمن التراث العالمي
التحقق من اكتساب الكفاءة
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:11 pm
المجال ألمفاهيمي:الجزائر والمجتمع الدولي المستوى:الرابعة متوسط
الوحدة التعليمية: منظمة المؤتمر المادة/تربية مدنية
الكفاءة المرحلي:تبيان علاقة الجزائر بالمجتمع الدولي من خلال المفاهيم/النشوء/الهيكلة/الأهداف
المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية /وسائل العمل/الدور
الكفاءة القاعدية:معرفة منظمة المؤتمر الإسلامي كهيئة إقليمية
تهتم بشؤون المسلمين السياسية والاقتصادية والثقافية
المراحل السندات والوسائط
الوضعيات و الأنشطة المقترحة مؤشر الكفاءة
وضعية الانطلاق
صور
قراءة التمهيد:/ماذا تعرف عن منظمة العالم الإسلامي؟
يحدد الإطار السياسي للعالم الإسلامي
وضعية بناء التعلم
م
وضعية بناء التعلم
وثائق
خريطة العالم الإسلامي الوضعية الثانية::متى تأسست منظمة المؤتمر الإسلامي؟
أولا: تعريفها
هي منظمة إسلامية تأسست 25سبتمبر 1969على اثر حريق المسجد الأقصى على يد الصهاينة تظم 57 دولة
الوضعية الثالثة:حدد أهدافها
ثانيا:أهداف المنظمة:
التضامن الإسلامي والتعاون بين الدول الإسلامية في مختلف المجالات من اجل تحقيق كرامة وحقوق الشعوب الإسلامية واحترام العقيدة الإسلامية
-التنسيق من اجل حماية الأماكن المقدسة ورموز الإسلام ودعم القضية الفلسطينية
-محاربة التميز العنصري والتعاون مع مختلف دول العالم
ثالثا مبادئ المنظمة:-المساواة بين الدول الأعضاء
- احترام حق تقرير المصير وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء
- احترام سيادة كل دولة
- تسوية النزاعات بالطرق السلمية
الوضعية الرابعة:بين أجهزة المنظمة
رابعا: أجهزة المنظمة:1-مؤتمر القمة
3-الأمانة العامة2-تمر وزراء الخارجية
الوضعية السادسة:اذكر المؤسسات التابعة للمنظمة
خامسا: المؤسسات المنتمية إلى المنظمة:
- البنك الإسلامي للتنمية --1395ه-1974م
- وكالة الأنباء الإسلامية( أينا)—1395ه-1974م
- الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة—1395ه-1974م
- منظمة العواصم والمدن الإسلامية-1398ه-1977م
- الاتحاد الإسلامي لمالكي البواخر—1401ه-1980م
- المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسيكو)
الوضعية السابعة:اذكر بعض الأجهزة الفرعية التابعة لمنظمة
سادسا:الأجهزة الفرعية:
ا أجهزة إجبارية المساهمة هي/
-مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية (تركيا)
-الجامعة الإسلامية (بنغلادش)
-المركز الإسلامي لتنمية التجارة(المغرب*)
-مجمع الفقه الإسلامي (السعودية)
صندوق التضامن الإسلامي(السعودية)
ب أجهزة طوعية المساهمة: صندوق القدس/يهدف إلى مقاومة تهويد القدس والمحافظة على الطابع الإسلامي للقدس ومساعدة الشعب الفلسطيني في كفاحه ضد اليهود.
التقويم:حدد دور هذه المنظمة في خدمة القضايا الأساسية للأمة الإسلامية
يذكر ظروف نشأتها
يحدد أهدافها وهياكلها
يذكر بعض الهيئات والمؤسسات التابعة لها
التحقق من اكتساب الكفاءة
الوحدة التعليمية: منظمة المؤتمر المادة/تربية مدنية
الكفاءة المرحلي:تبيان علاقة الجزائر بالمجتمع الدولي من خلال المفاهيم/النشوء/الهيكلة/الأهداف
المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية /وسائل العمل/الدور
الكفاءة القاعدية:معرفة منظمة المؤتمر الإسلامي كهيئة إقليمية
تهتم بشؤون المسلمين السياسية والاقتصادية والثقافية
المراحل السندات والوسائط
الوضعيات و الأنشطة المقترحة مؤشر الكفاءة
وضعية الانطلاق
صور
قراءة التمهيد:/ماذا تعرف عن منظمة العالم الإسلامي؟
يحدد الإطار السياسي للعالم الإسلامي
وضعية بناء التعلم
م
وضعية بناء التعلم
وثائق
خريطة العالم الإسلامي الوضعية الثانية::متى تأسست منظمة المؤتمر الإسلامي؟
أولا: تعريفها
هي منظمة إسلامية تأسست 25سبتمبر 1969على اثر حريق المسجد الأقصى على يد الصهاينة تظم 57 دولة
الوضعية الثالثة:حدد أهدافها
ثانيا:أهداف المنظمة:
التضامن الإسلامي والتعاون بين الدول الإسلامية في مختلف المجالات من اجل تحقيق كرامة وحقوق الشعوب الإسلامية واحترام العقيدة الإسلامية
-التنسيق من اجل حماية الأماكن المقدسة ورموز الإسلام ودعم القضية الفلسطينية
-محاربة التميز العنصري والتعاون مع مختلف دول العالم
ثالثا مبادئ المنظمة:-المساواة بين الدول الأعضاء
- احترام حق تقرير المصير وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء
- احترام سيادة كل دولة
- تسوية النزاعات بالطرق السلمية
الوضعية الرابعة:بين أجهزة المنظمة
رابعا: أجهزة المنظمة:1-مؤتمر القمة
3-الأمانة العامة2-تمر وزراء الخارجية
الوضعية السادسة:اذكر المؤسسات التابعة للمنظمة
خامسا: المؤسسات المنتمية إلى المنظمة:
- البنك الإسلامي للتنمية --1395ه-1974م
- وكالة الأنباء الإسلامية( أينا)—1395ه-1974م
- الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة—1395ه-1974م
- منظمة العواصم والمدن الإسلامية-1398ه-1977م
- الاتحاد الإسلامي لمالكي البواخر—1401ه-1980م
- المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسيكو)
الوضعية السابعة:اذكر بعض الأجهزة الفرعية التابعة لمنظمة
سادسا:الأجهزة الفرعية:
ا أجهزة إجبارية المساهمة هي/
-مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية (تركيا)
-الجامعة الإسلامية (بنغلادش)
-المركز الإسلامي لتنمية التجارة(المغرب*)
-مجمع الفقه الإسلامي (السعودية)
صندوق التضامن الإسلامي(السعودية)
ب أجهزة طوعية المساهمة: صندوق القدس/يهدف إلى مقاومة تهويد القدس والمحافظة على الطابع الإسلامي للقدس ومساعدة الشعب الفلسطيني في كفاحه ضد اليهود.
التقويم:حدد دور هذه المنظمة في خدمة القضايا الأساسية للأمة الإسلامية
يذكر ظروف نشأتها
يحدد أهدافها وهياكلها
يذكر بعض الهيئات والمؤسسات التابعة لها
التحقق من اكتساب الكفاءة
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:12 pm
الفصل الأول
مناهج الفكر الإداري
الأهداف التعليمية للفصل:
1- التعريف بمفهوم الإدارة.
2- التعريف بتطوير الفكر الإداري.
3- التعريف بمدارس الفكر الإداري وإيضاح الفروق بينها.
موضوعات المناقشة:
1- مفهوم الإدارة.
2- نشأة الفكر الإداري.
أ- في الحضارات القديمة.
ب – في عصر صدر الإسلام
ج – في الحضارة الغربية
3- مدارس الفكر الإداري:
أـ المدرسة العلمية.
ب ـ المدرسة السلوكية ( العلاقات الإنسانية).
ج ـ المدرسة الحديثة في التنظيم.
الفصل الأول
مناهج الفكر الإداري
المحاضرة الأولى والثانية والثالثة والرابعة
أولا: مفهوم الإدارة:
تقتضي المعالجة العليمة لأي موضوع من الموضوعات العناية بتحديد مسميات الألفاظ والمفاهيم المستخدمة، وللإدارة معنيان: أحدهما لغوي ، والآخر فني (اصطلاحي).
معنى الإدارة Administration في اللغة:
تقديم الخدمة للغير ، وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية minister tad المكونة من مقطعين ، أي تقديم العون للآخرين.
كما تعني الترتيب والتنظيم الخاص الذي يحقق أهدافاً معينة، كما تعني الإدارة النظام أو الانتظام ، فالإدارة الناجحة سر نجاح الدول في كل مكان وزمان ، وما سادت الحضارات إلا بالإدارة فكرا وتطبيقا، وما بادت إلا بالفوضى، وهذا نقيض للإدارة لأن الإدارة تعني النظام أو الانتظام.
وفي المجالات الإسلامية تعني الإدارة : الولاية أو الرعاية أو الأمانة ، وكلها ألفاظ تحمل معنى المسؤولية ، وأداء الواجب ، قال عليه الصلاة والسلام: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
معنى الإدارة في الاصطلاح (فني):
تعريف الإدارة من الأمور التي ليس هناك إجماع على تحديدها، ويتضح ذلك جلياً من خلال استعراض عدد من التعريفات ، ذلك لأن الإدارة من العلوم الاجتماعية ، ولأن مفهومها واسع ، ولأنها ليست مجرد مصطلح ، وإنما هي علم له أهميته ، وذو ارتباط بنظام المؤسسة ككل في جوانبه المختلفة ليشمل أهدافها ، وفلسفتها، والعاملين فيها، وطرق العمل المتبعة، والإشراف على الأنشطة، والفعاليات ، وتوطيد العلاقات بين المؤسسة والبيئة المحلية.
واستناداً لهذا العرض المجمل لطبيعة مفهوم الإدارة ، يتم عرض عدداً محدداً من التعريف العام لهذا المفهوم.
حيث عرف فينفر في كتابه" التنظيم الإداري" الإدارة بأنها: تنظيم وتوجيه الموارد البشرية والمادية لتحقيق أهداف مرغوبة.
ويتفق مدني علاقي في كتابه "الإدارة : دراسة تحليلية للوظائف والقرارات " مع فينفر، وقد عرف الإدارة بأنها: العملية الخاصة بتنسيق وتوحيد جهود العناصر المادية والبشرية في المنظمة من مواد وعدة ومعدات وأفراد وأموال عن طريق تخطيط وتنظيم وتوجيه ومراقبة هذه الجهود من أجل تحقيق الأهداف النهائية للمنظمة.
كما عرفها بيرس بوراب على أنها: الوسيلة لإيجاد التعاون المستمر الذي يؤدي إلى تحقيق الأهداف.
في حين ركز كل تيد ، وسيد الهواري في تعريفهما للإدارة على أهمية العنصر البشري ، حيث يرى تيد أن الإدارة هي عملية تكامل الجهود الإنسانية في الوصول إلى هدف مشترك ، ويرى سيد الهواري في كتابه " الإدارة العامة " أن ألإدارة عبارة عن تنفيذ الأعمال بواسطة آخرين عن طريق تنفيذ وتنظيم وتوجيه ومراقبة مجهوداتهم.
بينا نظر البعض إلى ألإدارة من خلال العمليات الإجرائية التي تمر بها ، فهي تعني تحديد الأهداف كخطوة أولى، يترتب عليها تحديد الوظائف التي تحقق الأهداف.
أما محمود عساف فيعرفها في كتابه " الأصول الإدارية" ـ مسترشدا بقوله تعالى " نحن قسمنا معيشتهم بينهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا"ـ إن الإدارة هي : الهيمنة على آخرين لجعلهم يعملون بكفاءة تحقيقا لهدف منشود.
ونخلص من التعاريف السابقة إلى أن هناك مجموعة اعتبارات هامة تفسر حقيقة معنى الإدارة ، وهذه الاعتبارات هي :ـ
1- إن النشاط الإداري هو نشاط متميز، يختلف عن نظائره من الأنشطة المختلفة الأخرى.
2- إن النشاط ألإداري ينصب إجمالا وتفصيلا على النشاطات الجماعية لا الفردية.
3- إن العناصر الرئيسية للعملية الإدارية علميا تشتمل على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
4- إن الإدارة ما هي إلا وسيلة وأداة علمية يستطيع بها ومن خلالها أن يحقق المسئولون الأغراض المستهدفة المحددة.
ومن خلال استعراض المفاهيم السابقة والاعتبارات المستخلصة منها، يمكن وضع تعريفاً إجرائياً للإدارة:
جملة عمليات وظيفية تشمل التخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ـ الرقابةـ تمارس بغرض تنفيذ مهام بواسطة آخرين من أجل تحقيق أهداف منظمة"
ثانيا: نشأة الفكر الإداري وتطوره:
عرفت الإدارة منذ وجدت المجتمعات الإنسانية على هذه البسيطة، ذلك أن الإنسان منذ وجد على هذه الأرض فرضت عليه ظروف الحياة أن يعيش مع غيره ، ولا يستطيع أن يعيش في عزله ، لذا أخذ يتعاون وينسق الجهود مع الآخرين لتوفير مطالب الحياة.
وتظهر العمليات الإدارية في أبسط صورها في الأسرة بحكم تكوينها وطبيعة الروابط التي تربط بين أعضائها ، حيث تبرز في إطار النظام الأسري كثير من العمليات الإدارية التي يهتم بدارستها علماء الإدارة المتخصصين كتقسيم العمل ، التخصص ، توزيع الأدوار ، القيادة ، التشاور ، الضبط، وقد أكد مارشل ديموك في كتابه : " تاريخ الإدارة العامة" على أن الإدارة قديمة قدم الحضارات الإنسانية ، حيث كانت موضع اهتمام الحضارات القديمة المصرية ، والإغريقية ، والصينية ، تدل على ذلك السجلات القديمة التي أمكن العثور عليها .
وقد كان ذلك الاهتمام نابعا من إدراك الإنسان أن الإدارة عنصر أساس ، وموجه رئيس في كافة شئون الحياة.
1- الإدارة في الحضارة القديمة:
لقد كان لمصر القديمة نصيب كبير في بزوغ العمليات الإدارية المعروفة في الوقت الحالي ، وفي ظهور الفكر الإداري والتنظيمي الذي مازال يعتبر معينا لا ينضب لكثير من النظريات الإدارية المعاصرة ، فالمجتمع المصري الفرعوني كان على جانب كبير من التنظيم الهرمي الذي هو رمز التنظيم الإداري على مر الزمن ، ففي قمة الهرم فرعون ملك مصر ، وتحت هذه القمة كان ينتظم في تسلسل تنازلي أخذ في الاتساع النبلاء ثم كبار موظفي الدولة ثم الكتاب والحرفين ثم العمال غير المهرة ثم الفلاحون. وهناك ثلاثة أقسام لإدارة شئون الدولة ، أولها لإدارة الشئون المدنية ، وكان يشرف عليها الوزير ، والثاني مخصص لإدارة شئون المعابد الدينية ، يشرف عليها كبار رجال الدين ، وقسم لإدارة شئون الحرب والجيش .
كما كان اهتمام مصر القديمة باختيار أفضل العناصر الإدارية لتوجيه دفة حياة المجتمع في جميع الظروف.
أما الصين القديمة فقد عرفت أقدم نظام في التاريخ لشغل الوظائف العامة على أساس عقد اختبارات للمتقدمين لدخول الخدمة واختيار الأصلح من بينهم.
2 - عصر صدر الإسلام:
جاء الإسلام ليرسي قواعد الأفكار والعمليات الإدارية التي تدعو إليها نظريات الإدارية المعاصرة.
فمبدأ الشورى أحد مبادئ الإسلام، وأصل من أصول علاقات العمل ، جاء الإسلام يحث على الشورى ، وينهى عن الاستبداد بالرأي قبل أن تعرف أوربا الشورى بمئات السنين، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى" وشاورهم في الأمر " ، ويقول أيضا" وأمرهم شورى بينهم " وجاء في الحديث الشريف " واستعينوا على أموركم بالمشاورة " وقد كان عليه الصلاة والسلام من أكثر الناس مشورة لأصاحبه .
والمبدأ الثاني الذي أرسى قواعده الإسلام هو العدل الكامل ، فينظر إلى العاملين وأصحاب العمل نظرة واحدة ، لا فرق بين سيد ومسود ، ومقياس التفاضل هو التقوى ، وتطبيقا لذلك المبدأ حرص الإسلام على تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات ، فالعاملون متساوون ، وكل حق يقابله واجب.
كما أرسى الإسلام مبدأ الحوافز في محيط العمل ، فالعاملون وإن كانوا متساويين بحسب خلقهم الأول ، إلا أنهم يتفاوتون فيما بينهم على أساس تفاوتهم في الكفاية والعلم والأعمال ، ولذلك أوجب الإسلام إعطاء كل عامل حسب كفايته ، يقول الله تعالى " ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون" وهدف الإسلام من ذلك دفع الناس إلى الكد والعمل.
وقد أرسى الإسلام قواعد الطاعة ، وهو مبدأ من مبادئ الإدارة ، لا يمكن بدونه أن تستقيم أمور الجماعات والمنظمات ، وفي ذلك يقول تعالى " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " والطاعة هنا مشروطة بشرط جوهري لأولي الأمر بحيث لا تكون طاعة في معصية الله.
ولعل أبرز الأفكار والعمليات الإدارية التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم تفويض السلطة ، حيث كان يقوم بإرسال الصحابة إلى القبائل لتفقيههم في أمور الدين الإسلامي ، كما أن عمر يعتبر أول من وضع لبنة التنظيم الإداري بإدخاله نظام الدواوين ، فكان هناك ديوان البريد و المظالم.
كما كان لذلك الفكر الإسلامي رواد نذكر منهم على سبيل المثال:
1- الماوردي : حيث ترك فكرا إداريا سياسيا لا غنى للدارسين والعلماء عنه.
2- ابن تيميه : ترك فكرا إصلاحيا.
3- القلقشندي : حفظ في كتابه صبح الأعشى كل ما نريد معرفته في إدارة المكتبات ، وهناك كثير من الشواهد العينية التي تفيد أن علم الإدارة له جذوره عند المسلمين ، تدل على ذلك الوثائق التي أرسلها الخلفاء إلى ولاتهم في الأمصار.
3 - الإدارة في الحضارة الغربية :
ورثت الحضارة الغربية ضمن ما ورثت عن الحاضرات القديمة المعرفة بأصول الإدارة وعملياتها ، ولكنها لم تقف عند هذا الحد ، بل اجتهدت في بلورة الأفكار الإدارية القديمة وصقلها ، وعملت على ضم البعض منها وصياغتها في نظريات جديدة كان لها أثر كبير في دفع الفكر الإداري وشحذه ، ولم يكن الفكر الإداري الغربي في بدايته مهتما بنفس القيم والأخلاقيات التي شغلت الفكر الإداري في العصور السابقة بقدر اهتمامه بالقيم المادية التي سيطرت على الفكر والحضارة الغربية بوجه عام ، وكان لعلماء الإدارة في غرب أوروبا وأمريكا دور بارز في تنشيط الفكر الإداري وفلسفته ، فظهرت الإدارة كعلم له أصوله وقوانينه ومبادئه ونظرياته في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، حيث وضع العالم ماكس فيبر نظريته " البيروقراطية في صورتها المثالية ، ثم تلى ذلك دراسات العالم الأمريكي فرديك تايلور عن الإدارة العلمية ، وفي أثناء تلك الفترة الزمنية ظهرت دراسات العالم الفرنسي هنري فايول ، ومن ثم ظهرت دراسات عرفت حينذاك بالمدرسة السلوكية ، ومن أبرز روادها جورج التون مايو ، وكانت تلك الفترة حافلة بالدراسات على مستوى الإدارة بوجه عام ، والإدارة العامة على وجه الخصوص ، حيث ظهر الاهتمام بعلم النفس الإداري ، ويبدو ذلك واضحا في دراسات ماسلو واتجاهات هيرزبرج ، وكونت هذه الدراسات ما يسمى بمدارس الفكر الإداري .
ومن الأسباب التي أدت إلى ظهور علم الإدارة وتطوره هي :
1- التطور التكنولوجي الحديث.
2- الثورة الصناعية : إذ كانت معظم محاولات المؤسسات الصناعية سواء في أمريكا أو أوروبا تهدف إلى إيجاد أساليب متطورة لزيادة الإنتاجية مع تخفيض التكلفة ، حيث نجد أن لكبار المستشارين في المؤسسات والشركات الدور الأساسي في وضع قواعد أساسية لتلك الوسائل التي تعتبر النواة للإدارة .
3- زيادة مجال النشاطات البشرية واتساعها.
4- الاتجاه نحو مزيد من التخصص والتنوع في المجتمعات الحديثة.
ثالثا : مدارس الفكر الإداري :
1 - المدرسة العلمية ( 1910- 1935)
يعتبر فردريك تايلور المؤسس الأول لحركة الإدارة العلمية ، ويهمنا في حياة العالم فرديك تايلور العملية أن كان في البداية عاملا في مصنع ، ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح مهندسا ، ثم أصبح على قمة الهرم الوظيفي للاستشاريين من المهندسين في احد المصانع الأمريكية ن وكان حجر الأساس في مبادئ تايلور العلمية هو تحقيق أقصى كفاية إنتاجية للأفراد والآلات المستخدمة في الإنتاج من خلال ما يعرف بدراسة الزمن والحركة . ويحدد تايلور مبادئه في الإدارة العلمية على النحو التالي:
أ- إحلال الأسلوب العلمي في تحديد العناصر الوظيفية بدلا من اسلوب الحدس والتقدير ، وذلك من خلال تعريف طبيعة العمل تعريفا دقيقا ، واختبار أفضل طرق الأداء ، وأهم الشروط للعمل من حيث المستوى ، والمدة الزمنية المطلوبة لتحقيقه.
ب - إحلال الأسلوب العلمي في اختيار وتدريب الأفراد لتحسين الكفاءة الإنتاجية .
ج - تحقيق التعاون بين الإدارة والعاملين من اجل تحقيق الأهداف.
د -تحديد المسئولية بين المديرين والعمال ، بحيث تتولى الإدارة التخطيط والتنظيم ، ويتولى العمال التنفيذ.
هـ - ربط تأدية أو نجاح الفرد في عمله بالأجر أو المكافآت لرفع الكفاءة الإنتاجية .
و - إحكام الإشراف والرقابة على العاملين في المستوى الأدنى لأنهم يفتقدون المقدرة والمسئولية في القدرة على التوجيه الذاتي.
ز - وفي الوقت نفسه نجد أن هناك دراسات أخرى حول أهمية المدخل العلمي للإدارة في حل المشكلات الإدارية ، ففي الوقت الذي كان فيه تايلور ينادي بالإدارة العلمية في أمريكا ، كان هنري فايول ينادي بمبادئ الإدارة في فرنسا ، ويهمنا في حياة العامل هنري فايول العملية أن كان في البداية مهندسا في شركة تعدين ، ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح مديرا تنفيذيا ، ثم أصبح على قمة الهرم ( مديرا) لذلك نجده يركز أبحاثه حول إدارة الموظفين باعتبارهم المفتاح السحري للنجاح وتطبيقها في مختلف المستويات الإدارية مكونا بذلك الأساس للنظرية الإدارية وهي :
- تقسيم العمل : وهو مبدأ التخصص وتقسيم أوجه النشاط سواء كان ذلك في مختلف العمليات أو العملية الواحدة.
- مبدأ السلطة والمسئولية : والسلطة كما يراها فايول تتكون من عنصرين : السلطة التي يستمدها الفرد من وظيفته، والسلطة الشخصية التي يستمدها من قوة ذكائه وخبرته وخلقه.
- مبدأ النظام والتأديب : أي ضروري احترام النظم واللوائح ، وعدم الإخلال بالأوامر.
- مبدأ وحدة الأمر : أي يجب أن يحصل الموظف على أوامره من رئيس أو مشرف واحد.
- مبدأ وحدة التوجيه : رئيس واحد وخطة واحدة لمجموعة من النشاطات التي تتماثل في الهدف .
- مبدأ المصلحة العامة : أي خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة.
- المكافأة : أي تعويض الأفراد المستخدمين تعويضا عادلا باستخدام المكافآت .
-مبدأ المركزية : ويقضي بتركيز السلطة في شخص معين ، ثم تفويضها حسبما تقتضي الظروف.
- مبدأ تدرج السلطة : أي تسلسل السلطة من أعلى الرتب إلى أدناها.
- مبدأ الترتيب والنظام : أي أن يكون هناك مكان معين لكل شيء ولكل شخص ، كما يجب أن يكون كل شيء وكل شخص في مكانه الخاص به.
- مبدأ المساواة : وهو خاص بحصول الرؤساء على ولاء المستخدمين عن طريق المساواة والعدل.
- استقرار العاملين : أي شعور العاملين بالراحة والاستقرار في عملهم ، وكذلك الاطمئنان على مستقبلهم ، والتأمين ضد ما قد يتعرضون له من الطرد والعقوبة بدون مبرر.
- مبدأ المبادأة : أي البدء في رسم الخطط وتنفيذها ، وعلى الرؤساء إيجاد روح المبادأة بين المرؤوسين.
- مبدأ روح التعاون : تشجيع روح الفريق والعمل الجماعي.
ومن أهم ما كتب فايول " عناصر الإدارة" أو ما يسمى بنظرية " التقسيمات الإدارية " واعتبرها فايول وظائف الإدارة ، ويرى أن عناصر الإدارة خمسة وهي:
- التخطيط : ويقصد به التنبؤ ، ووضع الخطة ، وخطة العمل هي في نفس الوقت تحديد الوقت ، والنتائج المرجوة ، والطريق الذي يجب أن يتبع ، وخطوات العمل.
- التنظيم : إمداد المشروع بكل ما يساعده على تأدية وظيفته مثل المواد الأولية ، رأس المال ، والمستخدمين.
- إصدار الأوامر : إشارة البدء بالعمل والتنفيذ.
- التنسيق : لم ينجح فايول في فصل عنصر التنسيق عن وظيفتي التخطيط والتنظيم ، فيرى أن التنسيق هو ترتيب وتنظيم الجهود من أجل الوصول إلى الهدف ، وفي حقيقة الأمر أن كل عملية الإدارة ـ التخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ما هي إلا تطبيق لمفهوم التنسيق.
- الرقابة: عملية الكشف عما إذا كان كل شيء يسير حسب الخطة الموضوعة والإرشادات والأوامر الصادرة والمبادئ والأصول المقررة.
ولقد اتفق مع فايول علماء كثيرون في تحديد وظائف الإدارة ، وأضافوا عناصر أخرى لتطوير النظرية الإدارية لتصبح (7) سبع وظائف مثل لوثر جوليك ، وكذلك لندل أوريك، وهي التخطيط ، التنظيم ، التوظيف ، التوجيه ، التنسيق ، التسجيل ، وضع الميزانية.
ومن خلال العناصر الإدارية نلاحظ أن اهم ثلاثة عناصر أشار إليها جوليك موجودة عند فايول وهي : التخطيط ـ التنظيم ـ التنسيق ، وأن عنصر الرقابة عند فايول قد شمل التسجيل ووضع الميزانية عند جوليك.
وفي سبيل الوصول إلى الكفاءة وزيادة الإنتاج ، ووضع معايير جديدة لنظرية التقسيم الإداري نجد عددا من العلماء قد اهتموا بدراسة التخطيط ـ التنظيم ـ الرقابة مثل هربرت سيمون وهوايت.
الفرق بين أفكار تايلور وأفكار فايول:
من خلال أفكارهما يمكننا الخروج بحقيقة أساسية وهي :
1- أن تايلور اهتم بأساليب الإدارة على مستوى التنفيذ ، أما فايول فقد اهتم بالإطار العام لموضوع الإدارة دون الدخول في التفاصيل ، وتعتبر أفكارهما مكملة لبعضها باعتبارهما يركزان على الكفاءة في المشروعات.
2- اهتم تايلور بالمستوى الأدنى من الإدارة في الصناعة ( العاملين) ، في حين اهتم فايول بالمستوى ألأعلى ، وكان اهتمامه منصبا على المدير .
3- أكد تايلور على تنميط مبادئ الإدارة العلمية وتطبيقها المتشدد ، في حين يرى فايول أن المدراء لابد أن يتمتعوا بالشعور والانسجام والمرونة حتى يستطيعوا تكييف مبادئهم حسب المواقف المتجددة.
وقد أصبحت الإدارة العلمية حركة عالمية بعد عقد أول مؤتمر للإدارة في براغ عام 1924م إلا أنها واجهت فيما بعد نقدا شديدا وأخذت عليها بعض المآخذ من أهمها:
1- نظر أصحاب هذه المدرسة إلى الفرد على أنه مخلوق رشيد ، يلتزم بالقوانين والأنظمة ، وأنه إنسان مادي سلبي ، وغير محب للعمل بطبعه ، ولكن يمكن استثارته وحفزه بواسطة المادة.
2- تجاهلت أهمية التنظيم غير الرسمي بين الجهاز الإداري والعاملين ، وبين العاملين وبعضهم البعض ، وبين العاملين والسلطة.
3- لم تهتم بالحاجات الإنسانية والاجتماعية والنفسية للفرد والعامل ، ونظرت إليه نظرة مادية بحته كأداة من أدوات الإنتاج.
4- ركزت على السلطة والقوانين الرسمية ، ولم تدع مجالا لمشاركة العاملين في اتخاذ القرارات الإدارية وغيرها.
وعلى الرغم من النقد الذي وجه للإدارة العلمية إلا أنها هيأت لميادين العمل كثيرا من النجاح، كما كان لها تأثير قوي على الفكر الإداري ، والممارسة الصناعية ، ومن محاسنها أنها لم تتحيز لأي من العمال أو أصحاب العمل ، وأيضا ، إحلال الأسلوب العلمي في الإدارة بدلاً من الاعتماد على الحدس والتخمين.
2 - المدرسة السلوكية ( 1935 ت 1950) .
تعتبر هذه المدرسة تحديا للمدرسة الإدارية ورد فعل للإدارة العلمية ، حيث ترى هذه المدرسة أن الفرد كائن اجتماعي يتفاعل مع البيئة الاجتماعية ، ويتأثر بأفرادها سلوكاً ، وأن شعور الفرد وإحساسه بانتمائه لهذه المجموعة هو الأساس الذي يدفعه ويحفزه للعمل والعطاء ، حيث ركزت على سلوك الإنسان ، وحاجاته النفسية والاجتماعية ، واهتمت بالعلاقات الإنسانية داخل التنظيم ، وبالتنظيم غيرا لرسمي للمنظمات.
وتعتبر ماري باركر أول ما اهتمت بدراسة العلاقات الإنسانية في الإدارة وأولت اهتماما كبيرا بالجانب السيكولوجي فيما يتعلق بالمبادئ الأساسية للتنظيم الإداري.
بيد أن حركة العلاقات الإنسانية في الإدارة ترتبط أكثر ما ترتبط بجورج إلتون مايو ، حيث قام إلتون وزملاؤه بتجاربهم في مصنع هوثورن في إحدى شركات الكهرباء الغربية في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكانت الدراسة تنصب حول : فهم السلوك الإنساني في المنظمة ن العلاقات الإنسانية ، الصلات بين الأفراد ، الاتجاهات النفسية ودوافعها ، وقد بدأت الدراسة بالتركيز على : ظروف العمل والإجهاد ، والعمل الرتيب ( الروتين) والتكرار فيما يختص بالعاملين ، وكانت الدراسة تهدف إلى الوصول إلى معرفة واضحة عن هذه العلاقات بتقييم موقف تجريبي يمكن قياس اثر المتغيرات مثل الحرارة والرطوبة وساعات العمل منفصلة عن أثر ظروف العمل المفروضة على العاملين ، أي معرفة أثر كل عامل من عوامل ظروف العمل ذاته ، وأجريت الدراسة الأولى على ثلاثة أقسام في المصنع ، وكان الضوء يزاد ويخفض في هذه الأقسام ، غير أنه لم تتبين أي علاقة للضوء بالإنتاج ، ثم اختبر أحد الأقسام لتجارب أعمق من ذلك، وقسم العاملون في هذا القسم إلى جماعة تجريبية وجماعة ضابطة ، كل منهما في مبنى مختلف ، وترك العمل على طبيعته في المجموعة الضابطة ، بينما كانت ظروفه تتغير مع المجموعة التجريبية ، فكانت الإنتاجية تزيد مع هذه المجموعة كلما زاد الضوء ، ولكن الأمر الغريب أن الإنتاجية زادت بنفس القدر مع المجموعة الضابطة وأعيدت التجربة مع مجموعتين أخريين ، إحداهما تجريبية والثانية ضابطة، واحتفظ بمستوى الضوء في المجموعة الضابطة بصفة مستمرة ، بينما خفض في المجموعة التجريبية ولكن لمجرد إحساس أعضائها بأنهم محل اختبار ، وعلى ذلك أمكن استنتاج أثر العامل المعنوي على زيادة الإنتاج ، وكان أهم ما أثبتته هذه الدراسات:
أ - وجود علاقة بين ظروف العمل المادية وبين إنتاج العاملين ، وتأثرها بالمتغيرات وكذلك الظروف الاجتماعية وبخاصة الرضا النفسي للعاملين.
ب- أظهرت جوانب متصلة بالعملية الإدارية : الروح المعنوية ، دينامكية الجماعة ، الإشراف الديمقراطي ، العلاقات الشخصية.
ج - تأكد أهمية الظروف الاجتماعية والنفسية لتحفيز العاملين لرفع معنوياتهم وزيادة حجم الإنتاج.
د - ارتباط الجو الإشرافي بنجاح المؤسسة.
هـ - أهمية الاتصالات بين ألإفراد.
و ـ أهمية تطوير مهارات العاملين.
ز - النواحي المادية ليس لها أهمية إلى جانب النواحي المعنوية والاجتماعية .
وقد ظهر على أثر لذلك دراسات هامة في مجال علم النفس الإداري ، كان من أهمها دراسة ماسلو الذي وضع سلما هرميا للحاجات الفردية ، وقد ظهرت اتجاهات هذه المدرسة في نظريتين:
1- نظرية التنظيم غير الرسمي.
2- نظرية العلاقات الإنسانية.
ويقوم التنظيم غير الرسمي بدراسة العلاقات والتفاعلات بين أعضاء المنظمة بعضهم البعض وبينهم وبين الإدارة.
أما العلاقات الإنسانية فتعرف بأنها الدارسة التي تعني بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية للعاملين، بهدف تحقيق الأهداف العامة للإدارة والخاصة بالعاملين ، إلا أن بعض البحوث الأخيرة أثبتت أن العلاقات الإنسانية وإن كانت عاملا مهما في الإدارة إلا أنها ليست كافية ، ومن ثم بدأ الاهتمام بالعلاقات الإنسانية يقل ن ويتركز الاهتمام حول ما يسمى بالنظرية في الإدارة ، بل إن الحملة ضد العلاقات الإنسانية بلغت ذروتها على يد مالكولم ماكير ، حيث قام في الستينات بهجوم واسع على انتشار العلاقات الإنسانية في مقالة له ، وأبدى قلقه تجاه الاهتمام الزائد بالعلاقات الإنسانية على حساب أداء العمل وإتقانه.
وقد أخذ على هذه المدرسة مآخذ منها:
1- أنها اتجهت اتجاها متطرفا نحو الاهتمام بالجانب الإنساني على حساب التنظيم الرسمي والجانب العملي للمنظمة.
2- أغفلت تأثير البيئة الخارجية على سلوك المنظمة ، ومن ثم أخذت المنظمة كوحدة مستقلة ومنعزلة لا كجزء من نظام اجتماعي متكامل.
3- أهملت مشكلة التخطيط والتنسيق.
ورغم ما يقوله النقاد فلا يزال لهذه المدرسة مزاياها، فهي أول من كشف النقاب عن الروابط الدقيقة التي ترتبط بين الظاهرة الاجتماعية والمستويات التنظيمية ، وبين الفرد والجماعة ، كما أنها شكل من التنظيم الذي يسمح للأفراد بتحقيق الذات ، ويحرك فيهم من داخلهم كل دوافع الاهتمام بعملهم.
3 - المدرسة الحديثة في التنظيم.
ظهرت هذه المدرسة كنتيجة للنقد الذي وجه لكل من النظريات التقليدية الكلاسيكية ( العلمية ) ، والعلاقات الإنسانية ، وكانت تهدف إلى إيجاد نظرية تنحى منحى متوسطا بين المدرسة العلمية والعلاقات الإنسانية ، ومن أهم نظريات هذه المدرسة:ـ
1- نظرية التوازن الوظيفي.
2- النظرية السلوكية التحليلية.
تدعو نظرية التوازن الوظيفي إلى محاولة تحقيق التوازن بين مصلحة الأفراد والمصلحة الخاصة بالمنظمة ، فهي تهتم بالعمل والعاملين في آن واحد ، ويعتبر شستر برنارد ، وهربرت سيمون في مقدمة رواد هذه المدرسة.
أما النظرية السلوكية التحليلية فإنها قامت على نقد الاتجاه المتطرف في التركيز على الناحية الإنسانية للأفراد العاملين ، ونادت بعد المبالغة في ذلك ، ومن ثم فهي تهتم بالجانب العملي في الوقت الذي تهتم فيه أيضا بمراعاة الجوانب الإنسانية ، وكانت نتائج التجارب التي قام بها ليكرت والتي أكدت عدم وجود علاقة طردية بين ارتفاع الروح المعنوية وزيادة الإنتاج عاملا فاعلا في ظهور تلك النظرية.
مناهج الفكر الإداري
الأهداف التعليمية للفصل:
1- التعريف بمفهوم الإدارة.
2- التعريف بتطوير الفكر الإداري.
3- التعريف بمدارس الفكر الإداري وإيضاح الفروق بينها.
موضوعات المناقشة:
1- مفهوم الإدارة.
2- نشأة الفكر الإداري.
أ- في الحضارات القديمة.
ب – في عصر صدر الإسلام
ج – في الحضارة الغربية
3- مدارس الفكر الإداري:
أـ المدرسة العلمية.
ب ـ المدرسة السلوكية ( العلاقات الإنسانية).
ج ـ المدرسة الحديثة في التنظيم.
الفصل الأول
مناهج الفكر الإداري
المحاضرة الأولى والثانية والثالثة والرابعة
أولا: مفهوم الإدارة:
تقتضي المعالجة العليمة لأي موضوع من الموضوعات العناية بتحديد مسميات الألفاظ والمفاهيم المستخدمة، وللإدارة معنيان: أحدهما لغوي ، والآخر فني (اصطلاحي).
معنى الإدارة Administration في اللغة:
تقديم الخدمة للغير ، وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية minister tad المكونة من مقطعين ، أي تقديم العون للآخرين.
كما تعني الترتيب والتنظيم الخاص الذي يحقق أهدافاً معينة، كما تعني الإدارة النظام أو الانتظام ، فالإدارة الناجحة سر نجاح الدول في كل مكان وزمان ، وما سادت الحضارات إلا بالإدارة فكرا وتطبيقا، وما بادت إلا بالفوضى، وهذا نقيض للإدارة لأن الإدارة تعني النظام أو الانتظام.
وفي المجالات الإسلامية تعني الإدارة : الولاية أو الرعاية أو الأمانة ، وكلها ألفاظ تحمل معنى المسؤولية ، وأداء الواجب ، قال عليه الصلاة والسلام: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
معنى الإدارة في الاصطلاح (فني):
تعريف الإدارة من الأمور التي ليس هناك إجماع على تحديدها، ويتضح ذلك جلياً من خلال استعراض عدد من التعريفات ، ذلك لأن الإدارة من العلوم الاجتماعية ، ولأن مفهومها واسع ، ولأنها ليست مجرد مصطلح ، وإنما هي علم له أهميته ، وذو ارتباط بنظام المؤسسة ككل في جوانبه المختلفة ليشمل أهدافها ، وفلسفتها، والعاملين فيها، وطرق العمل المتبعة، والإشراف على الأنشطة، والفعاليات ، وتوطيد العلاقات بين المؤسسة والبيئة المحلية.
واستناداً لهذا العرض المجمل لطبيعة مفهوم الإدارة ، يتم عرض عدداً محدداً من التعريف العام لهذا المفهوم.
حيث عرف فينفر في كتابه" التنظيم الإداري" الإدارة بأنها: تنظيم وتوجيه الموارد البشرية والمادية لتحقيق أهداف مرغوبة.
ويتفق مدني علاقي في كتابه "الإدارة : دراسة تحليلية للوظائف والقرارات " مع فينفر، وقد عرف الإدارة بأنها: العملية الخاصة بتنسيق وتوحيد جهود العناصر المادية والبشرية في المنظمة من مواد وعدة ومعدات وأفراد وأموال عن طريق تخطيط وتنظيم وتوجيه ومراقبة هذه الجهود من أجل تحقيق الأهداف النهائية للمنظمة.
كما عرفها بيرس بوراب على أنها: الوسيلة لإيجاد التعاون المستمر الذي يؤدي إلى تحقيق الأهداف.
في حين ركز كل تيد ، وسيد الهواري في تعريفهما للإدارة على أهمية العنصر البشري ، حيث يرى تيد أن الإدارة هي عملية تكامل الجهود الإنسانية في الوصول إلى هدف مشترك ، ويرى سيد الهواري في كتابه " الإدارة العامة " أن ألإدارة عبارة عن تنفيذ الأعمال بواسطة آخرين عن طريق تنفيذ وتنظيم وتوجيه ومراقبة مجهوداتهم.
بينا نظر البعض إلى ألإدارة من خلال العمليات الإجرائية التي تمر بها ، فهي تعني تحديد الأهداف كخطوة أولى، يترتب عليها تحديد الوظائف التي تحقق الأهداف.
أما محمود عساف فيعرفها في كتابه " الأصول الإدارية" ـ مسترشدا بقوله تعالى " نحن قسمنا معيشتهم بينهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا"ـ إن الإدارة هي : الهيمنة على آخرين لجعلهم يعملون بكفاءة تحقيقا لهدف منشود.
ونخلص من التعاريف السابقة إلى أن هناك مجموعة اعتبارات هامة تفسر حقيقة معنى الإدارة ، وهذه الاعتبارات هي :ـ
1- إن النشاط الإداري هو نشاط متميز، يختلف عن نظائره من الأنشطة المختلفة الأخرى.
2- إن النشاط ألإداري ينصب إجمالا وتفصيلا على النشاطات الجماعية لا الفردية.
3- إن العناصر الرئيسية للعملية الإدارية علميا تشتمل على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
4- إن الإدارة ما هي إلا وسيلة وأداة علمية يستطيع بها ومن خلالها أن يحقق المسئولون الأغراض المستهدفة المحددة.
ومن خلال استعراض المفاهيم السابقة والاعتبارات المستخلصة منها، يمكن وضع تعريفاً إجرائياً للإدارة:
جملة عمليات وظيفية تشمل التخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ـ الرقابةـ تمارس بغرض تنفيذ مهام بواسطة آخرين من أجل تحقيق أهداف منظمة"
ثانيا: نشأة الفكر الإداري وتطوره:
عرفت الإدارة منذ وجدت المجتمعات الإنسانية على هذه البسيطة، ذلك أن الإنسان منذ وجد على هذه الأرض فرضت عليه ظروف الحياة أن يعيش مع غيره ، ولا يستطيع أن يعيش في عزله ، لذا أخذ يتعاون وينسق الجهود مع الآخرين لتوفير مطالب الحياة.
وتظهر العمليات الإدارية في أبسط صورها في الأسرة بحكم تكوينها وطبيعة الروابط التي تربط بين أعضائها ، حيث تبرز في إطار النظام الأسري كثير من العمليات الإدارية التي يهتم بدارستها علماء الإدارة المتخصصين كتقسيم العمل ، التخصص ، توزيع الأدوار ، القيادة ، التشاور ، الضبط، وقد أكد مارشل ديموك في كتابه : " تاريخ الإدارة العامة" على أن الإدارة قديمة قدم الحضارات الإنسانية ، حيث كانت موضع اهتمام الحضارات القديمة المصرية ، والإغريقية ، والصينية ، تدل على ذلك السجلات القديمة التي أمكن العثور عليها .
وقد كان ذلك الاهتمام نابعا من إدراك الإنسان أن الإدارة عنصر أساس ، وموجه رئيس في كافة شئون الحياة.
1- الإدارة في الحضارة القديمة:
لقد كان لمصر القديمة نصيب كبير في بزوغ العمليات الإدارية المعروفة في الوقت الحالي ، وفي ظهور الفكر الإداري والتنظيمي الذي مازال يعتبر معينا لا ينضب لكثير من النظريات الإدارية المعاصرة ، فالمجتمع المصري الفرعوني كان على جانب كبير من التنظيم الهرمي الذي هو رمز التنظيم الإداري على مر الزمن ، ففي قمة الهرم فرعون ملك مصر ، وتحت هذه القمة كان ينتظم في تسلسل تنازلي أخذ في الاتساع النبلاء ثم كبار موظفي الدولة ثم الكتاب والحرفين ثم العمال غير المهرة ثم الفلاحون. وهناك ثلاثة أقسام لإدارة شئون الدولة ، أولها لإدارة الشئون المدنية ، وكان يشرف عليها الوزير ، والثاني مخصص لإدارة شئون المعابد الدينية ، يشرف عليها كبار رجال الدين ، وقسم لإدارة شئون الحرب والجيش .
كما كان اهتمام مصر القديمة باختيار أفضل العناصر الإدارية لتوجيه دفة حياة المجتمع في جميع الظروف.
أما الصين القديمة فقد عرفت أقدم نظام في التاريخ لشغل الوظائف العامة على أساس عقد اختبارات للمتقدمين لدخول الخدمة واختيار الأصلح من بينهم.
2 - عصر صدر الإسلام:
جاء الإسلام ليرسي قواعد الأفكار والعمليات الإدارية التي تدعو إليها نظريات الإدارية المعاصرة.
فمبدأ الشورى أحد مبادئ الإسلام، وأصل من أصول علاقات العمل ، جاء الإسلام يحث على الشورى ، وينهى عن الاستبداد بالرأي قبل أن تعرف أوربا الشورى بمئات السنين، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى" وشاورهم في الأمر " ، ويقول أيضا" وأمرهم شورى بينهم " وجاء في الحديث الشريف " واستعينوا على أموركم بالمشاورة " وقد كان عليه الصلاة والسلام من أكثر الناس مشورة لأصاحبه .
والمبدأ الثاني الذي أرسى قواعده الإسلام هو العدل الكامل ، فينظر إلى العاملين وأصحاب العمل نظرة واحدة ، لا فرق بين سيد ومسود ، ومقياس التفاضل هو التقوى ، وتطبيقا لذلك المبدأ حرص الإسلام على تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات ، فالعاملون متساوون ، وكل حق يقابله واجب.
كما أرسى الإسلام مبدأ الحوافز في محيط العمل ، فالعاملون وإن كانوا متساويين بحسب خلقهم الأول ، إلا أنهم يتفاوتون فيما بينهم على أساس تفاوتهم في الكفاية والعلم والأعمال ، ولذلك أوجب الإسلام إعطاء كل عامل حسب كفايته ، يقول الله تعالى " ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون" وهدف الإسلام من ذلك دفع الناس إلى الكد والعمل.
وقد أرسى الإسلام قواعد الطاعة ، وهو مبدأ من مبادئ الإدارة ، لا يمكن بدونه أن تستقيم أمور الجماعات والمنظمات ، وفي ذلك يقول تعالى " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " والطاعة هنا مشروطة بشرط جوهري لأولي الأمر بحيث لا تكون طاعة في معصية الله.
ولعل أبرز الأفكار والعمليات الإدارية التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم تفويض السلطة ، حيث كان يقوم بإرسال الصحابة إلى القبائل لتفقيههم في أمور الدين الإسلامي ، كما أن عمر يعتبر أول من وضع لبنة التنظيم الإداري بإدخاله نظام الدواوين ، فكان هناك ديوان البريد و المظالم.
كما كان لذلك الفكر الإسلامي رواد نذكر منهم على سبيل المثال:
1- الماوردي : حيث ترك فكرا إداريا سياسيا لا غنى للدارسين والعلماء عنه.
2- ابن تيميه : ترك فكرا إصلاحيا.
3- القلقشندي : حفظ في كتابه صبح الأعشى كل ما نريد معرفته في إدارة المكتبات ، وهناك كثير من الشواهد العينية التي تفيد أن علم الإدارة له جذوره عند المسلمين ، تدل على ذلك الوثائق التي أرسلها الخلفاء إلى ولاتهم في الأمصار.
3 - الإدارة في الحضارة الغربية :
ورثت الحضارة الغربية ضمن ما ورثت عن الحاضرات القديمة المعرفة بأصول الإدارة وعملياتها ، ولكنها لم تقف عند هذا الحد ، بل اجتهدت في بلورة الأفكار الإدارية القديمة وصقلها ، وعملت على ضم البعض منها وصياغتها في نظريات جديدة كان لها أثر كبير في دفع الفكر الإداري وشحذه ، ولم يكن الفكر الإداري الغربي في بدايته مهتما بنفس القيم والأخلاقيات التي شغلت الفكر الإداري في العصور السابقة بقدر اهتمامه بالقيم المادية التي سيطرت على الفكر والحضارة الغربية بوجه عام ، وكان لعلماء الإدارة في غرب أوروبا وأمريكا دور بارز في تنشيط الفكر الإداري وفلسفته ، فظهرت الإدارة كعلم له أصوله وقوانينه ومبادئه ونظرياته في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، حيث وضع العالم ماكس فيبر نظريته " البيروقراطية في صورتها المثالية ، ثم تلى ذلك دراسات العالم الأمريكي فرديك تايلور عن الإدارة العلمية ، وفي أثناء تلك الفترة الزمنية ظهرت دراسات العالم الفرنسي هنري فايول ، ومن ثم ظهرت دراسات عرفت حينذاك بالمدرسة السلوكية ، ومن أبرز روادها جورج التون مايو ، وكانت تلك الفترة حافلة بالدراسات على مستوى الإدارة بوجه عام ، والإدارة العامة على وجه الخصوص ، حيث ظهر الاهتمام بعلم النفس الإداري ، ويبدو ذلك واضحا في دراسات ماسلو واتجاهات هيرزبرج ، وكونت هذه الدراسات ما يسمى بمدارس الفكر الإداري .
ومن الأسباب التي أدت إلى ظهور علم الإدارة وتطوره هي :
1- التطور التكنولوجي الحديث.
2- الثورة الصناعية : إذ كانت معظم محاولات المؤسسات الصناعية سواء في أمريكا أو أوروبا تهدف إلى إيجاد أساليب متطورة لزيادة الإنتاجية مع تخفيض التكلفة ، حيث نجد أن لكبار المستشارين في المؤسسات والشركات الدور الأساسي في وضع قواعد أساسية لتلك الوسائل التي تعتبر النواة للإدارة .
3- زيادة مجال النشاطات البشرية واتساعها.
4- الاتجاه نحو مزيد من التخصص والتنوع في المجتمعات الحديثة.
ثالثا : مدارس الفكر الإداري :
1 - المدرسة العلمية ( 1910- 1935)
يعتبر فردريك تايلور المؤسس الأول لحركة الإدارة العلمية ، ويهمنا في حياة العالم فرديك تايلور العملية أن كان في البداية عاملا في مصنع ، ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح مهندسا ، ثم أصبح على قمة الهرم الوظيفي للاستشاريين من المهندسين في احد المصانع الأمريكية ن وكان حجر الأساس في مبادئ تايلور العلمية هو تحقيق أقصى كفاية إنتاجية للأفراد والآلات المستخدمة في الإنتاج من خلال ما يعرف بدراسة الزمن والحركة . ويحدد تايلور مبادئه في الإدارة العلمية على النحو التالي:
أ- إحلال الأسلوب العلمي في تحديد العناصر الوظيفية بدلا من اسلوب الحدس والتقدير ، وذلك من خلال تعريف طبيعة العمل تعريفا دقيقا ، واختبار أفضل طرق الأداء ، وأهم الشروط للعمل من حيث المستوى ، والمدة الزمنية المطلوبة لتحقيقه.
ب - إحلال الأسلوب العلمي في اختيار وتدريب الأفراد لتحسين الكفاءة الإنتاجية .
ج - تحقيق التعاون بين الإدارة والعاملين من اجل تحقيق الأهداف.
د -تحديد المسئولية بين المديرين والعمال ، بحيث تتولى الإدارة التخطيط والتنظيم ، ويتولى العمال التنفيذ.
هـ - ربط تأدية أو نجاح الفرد في عمله بالأجر أو المكافآت لرفع الكفاءة الإنتاجية .
و - إحكام الإشراف والرقابة على العاملين في المستوى الأدنى لأنهم يفتقدون المقدرة والمسئولية في القدرة على التوجيه الذاتي.
ز - وفي الوقت نفسه نجد أن هناك دراسات أخرى حول أهمية المدخل العلمي للإدارة في حل المشكلات الإدارية ، ففي الوقت الذي كان فيه تايلور ينادي بالإدارة العلمية في أمريكا ، كان هنري فايول ينادي بمبادئ الإدارة في فرنسا ، ويهمنا في حياة العامل هنري فايول العملية أن كان في البداية مهندسا في شركة تعدين ، ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح مديرا تنفيذيا ، ثم أصبح على قمة الهرم ( مديرا) لذلك نجده يركز أبحاثه حول إدارة الموظفين باعتبارهم المفتاح السحري للنجاح وتطبيقها في مختلف المستويات الإدارية مكونا بذلك الأساس للنظرية الإدارية وهي :
- تقسيم العمل : وهو مبدأ التخصص وتقسيم أوجه النشاط سواء كان ذلك في مختلف العمليات أو العملية الواحدة.
- مبدأ السلطة والمسئولية : والسلطة كما يراها فايول تتكون من عنصرين : السلطة التي يستمدها الفرد من وظيفته، والسلطة الشخصية التي يستمدها من قوة ذكائه وخبرته وخلقه.
- مبدأ النظام والتأديب : أي ضروري احترام النظم واللوائح ، وعدم الإخلال بالأوامر.
- مبدأ وحدة الأمر : أي يجب أن يحصل الموظف على أوامره من رئيس أو مشرف واحد.
- مبدأ وحدة التوجيه : رئيس واحد وخطة واحدة لمجموعة من النشاطات التي تتماثل في الهدف .
- مبدأ المصلحة العامة : أي خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة.
- المكافأة : أي تعويض الأفراد المستخدمين تعويضا عادلا باستخدام المكافآت .
-مبدأ المركزية : ويقضي بتركيز السلطة في شخص معين ، ثم تفويضها حسبما تقتضي الظروف.
- مبدأ تدرج السلطة : أي تسلسل السلطة من أعلى الرتب إلى أدناها.
- مبدأ الترتيب والنظام : أي أن يكون هناك مكان معين لكل شيء ولكل شخص ، كما يجب أن يكون كل شيء وكل شخص في مكانه الخاص به.
- مبدأ المساواة : وهو خاص بحصول الرؤساء على ولاء المستخدمين عن طريق المساواة والعدل.
- استقرار العاملين : أي شعور العاملين بالراحة والاستقرار في عملهم ، وكذلك الاطمئنان على مستقبلهم ، والتأمين ضد ما قد يتعرضون له من الطرد والعقوبة بدون مبرر.
- مبدأ المبادأة : أي البدء في رسم الخطط وتنفيذها ، وعلى الرؤساء إيجاد روح المبادأة بين المرؤوسين.
- مبدأ روح التعاون : تشجيع روح الفريق والعمل الجماعي.
ومن أهم ما كتب فايول " عناصر الإدارة" أو ما يسمى بنظرية " التقسيمات الإدارية " واعتبرها فايول وظائف الإدارة ، ويرى أن عناصر الإدارة خمسة وهي:
- التخطيط : ويقصد به التنبؤ ، ووضع الخطة ، وخطة العمل هي في نفس الوقت تحديد الوقت ، والنتائج المرجوة ، والطريق الذي يجب أن يتبع ، وخطوات العمل.
- التنظيم : إمداد المشروع بكل ما يساعده على تأدية وظيفته مثل المواد الأولية ، رأس المال ، والمستخدمين.
- إصدار الأوامر : إشارة البدء بالعمل والتنفيذ.
- التنسيق : لم ينجح فايول في فصل عنصر التنسيق عن وظيفتي التخطيط والتنظيم ، فيرى أن التنسيق هو ترتيب وتنظيم الجهود من أجل الوصول إلى الهدف ، وفي حقيقة الأمر أن كل عملية الإدارة ـ التخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ما هي إلا تطبيق لمفهوم التنسيق.
- الرقابة: عملية الكشف عما إذا كان كل شيء يسير حسب الخطة الموضوعة والإرشادات والأوامر الصادرة والمبادئ والأصول المقررة.
ولقد اتفق مع فايول علماء كثيرون في تحديد وظائف الإدارة ، وأضافوا عناصر أخرى لتطوير النظرية الإدارية لتصبح (7) سبع وظائف مثل لوثر جوليك ، وكذلك لندل أوريك، وهي التخطيط ، التنظيم ، التوظيف ، التوجيه ، التنسيق ، التسجيل ، وضع الميزانية.
ومن خلال العناصر الإدارية نلاحظ أن اهم ثلاثة عناصر أشار إليها جوليك موجودة عند فايول وهي : التخطيط ـ التنظيم ـ التنسيق ، وأن عنصر الرقابة عند فايول قد شمل التسجيل ووضع الميزانية عند جوليك.
وفي سبيل الوصول إلى الكفاءة وزيادة الإنتاج ، ووضع معايير جديدة لنظرية التقسيم الإداري نجد عددا من العلماء قد اهتموا بدراسة التخطيط ـ التنظيم ـ الرقابة مثل هربرت سيمون وهوايت.
الفرق بين أفكار تايلور وأفكار فايول:
من خلال أفكارهما يمكننا الخروج بحقيقة أساسية وهي :
1- أن تايلور اهتم بأساليب الإدارة على مستوى التنفيذ ، أما فايول فقد اهتم بالإطار العام لموضوع الإدارة دون الدخول في التفاصيل ، وتعتبر أفكارهما مكملة لبعضها باعتبارهما يركزان على الكفاءة في المشروعات.
2- اهتم تايلور بالمستوى الأدنى من الإدارة في الصناعة ( العاملين) ، في حين اهتم فايول بالمستوى ألأعلى ، وكان اهتمامه منصبا على المدير .
3- أكد تايلور على تنميط مبادئ الإدارة العلمية وتطبيقها المتشدد ، في حين يرى فايول أن المدراء لابد أن يتمتعوا بالشعور والانسجام والمرونة حتى يستطيعوا تكييف مبادئهم حسب المواقف المتجددة.
وقد أصبحت الإدارة العلمية حركة عالمية بعد عقد أول مؤتمر للإدارة في براغ عام 1924م إلا أنها واجهت فيما بعد نقدا شديدا وأخذت عليها بعض المآخذ من أهمها:
1- نظر أصحاب هذه المدرسة إلى الفرد على أنه مخلوق رشيد ، يلتزم بالقوانين والأنظمة ، وأنه إنسان مادي سلبي ، وغير محب للعمل بطبعه ، ولكن يمكن استثارته وحفزه بواسطة المادة.
2- تجاهلت أهمية التنظيم غير الرسمي بين الجهاز الإداري والعاملين ، وبين العاملين وبعضهم البعض ، وبين العاملين والسلطة.
3- لم تهتم بالحاجات الإنسانية والاجتماعية والنفسية للفرد والعامل ، ونظرت إليه نظرة مادية بحته كأداة من أدوات الإنتاج.
4- ركزت على السلطة والقوانين الرسمية ، ولم تدع مجالا لمشاركة العاملين في اتخاذ القرارات الإدارية وغيرها.
وعلى الرغم من النقد الذي وجه للإدارة العلمية إلا أنها هيأت لميادين العمل كثيرا من النجاح، كما كان لها تأثير قوي على الفكر الإداري ، والممارسة الصناعية ، ومن محاسنها أنها لم تتحيز لأي من العمال أو أصحاب العمل ، وأيضا ، إحلال الأسلوب العلمي في الإدارة بدلاً من الاعتماد على الحدس والتخمين.
2 - المدرسة السلوكية ( 1935 ت 1950) .
تعتبر هذه المدرسة تحديا للمدرسة الإدارية ورد فعل للإدارة العلمية ، حيث ترى هذه المدرسة أن الفرد كائن اجتماعي يتفاعل مع البيئة الاجتماعية ، ويتأثر بأفرادها سلوكاً ، وأن شعور الفرد وإحساسه بانتمائه لهذه المجموعة هو الأساس الذي يدفعه ويحفزه للعمل والعطاء ، حيث ركزت على سلوك الإنسان ، وحاجاته النفسية والاجتماعية ، واهتمت بالعلاقات الإنسانية داخل التنظيم ، وبالتنظيم غيرا لرسمي للمنظمات.
وتعتبر ماري باركر أول ما اهتمت بدراسة العلاقات الإنسانية في الإدارة وأولت اهتماما كبيرا بالجانب السيكولوجي فيما يتعلق بالمبادئ الأساسية للتنظيم الإداري.
بيد أن حركة العلاقات الإنسانية في الإدارة ترتبط أكثر ما ترتبط بجورج إلتون مايو ، حيث قام إلتون وزملاؤه بتجاربهم في مصنع هوثورن في إحدى شركات الكهرباء الغربية في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكانت الدراسة تنصب حول : فهم السلوك الإنساني في المنظمة ن العلاقات الإنسانية ، الصلات بين الأفراد ، الاتجاهات النفسية ودوافعها ، وقد بدأت الدراسة بالتركيز على : ظروف العمل والإجهاد ، والعمل الرتيب ( الروتين) والتكرار فيما يختص بالعاملين ، وكانت الدراسة تهدف إلى الوصول إلى معرفة واضحة عن هذه العلاقات بتقييم موقف تجريبي يمكن قياس اثر المتغيرات مثل الحرارة والرطوبة وساعات العمل منفصلة عن أثر ظروف العمل المفروضة على العاملين ، أي معرفة أثر كل عامل من عوامل ظروف العمل ذاته ، وأجريت الدراسة الأولى على ثلاثة أقسام في المصنع ، وكان الضوء يزاد ويخفض في هذه الأقسام ، غير أنه لم تتبين أي علاقة للضوء بالإنتاج ، ثم اختبر أحد الأقسام لتجارب أعمق من ذلك، وقسم العاملون في هذا القسم إلى جماعة تجريبية وجماعة ضابطة ، كل منهما في مبنى مختلف ، وترك العمل على طبيعته في المجموعة الضابطة ، بينما كانت ظروفه تتغير مع المجموعة التجريبية ، فكانت الإنتاجية تزيد مع هذه المجموعة كلما زاد الضوء ، ولكن الأمر الغريب أن الإنتاجية زادت بنفس القدر مع المجموعة الضابطة وأعيدت التجربة مع مجموعتين أخريين ، إحداهما تجريبية والثانية ضابطة، واحتفظ بمستوى الضوء في المجموعة الضابطة بصفة مستمرة ، بينما خفض في المجموعة التجريبية ولكن لمجرد إحساس أعضائها بأنهم محل اختبار ، وعلى ذلك أمكن استنتاج أثر العامل المعنوي على زيادة الإنتاج ، وكان أهم ما أثبتته هذه الدراسات:
أ - وجود علاقة بين ظروف العمل المادية وبين إنتاج العاملين ، وتأثرها بالمتغيرات وكذلك الظروف الاجتماعية وبخاصة الرضا النفسي للعاملين.
ب- أظهرت جوانب متصلة بالعملية الإدارية : الروح المعنوية ، دينامكية الجماعة ، الإشراف الديمقراطي ، العلاقات الشخصية.
ج - تأكد أهمية الظروف الاجتماعية والنفسية لتحفيز العاملين لرفع معنوياتهم وزيادة حجم الإنتاج.
د - ارتباط الجو الإشرافي بنجاح المؤسسة.
هـ - أهمية الاتصالات بين ألإفراد.
و ـ أهمية تطوير مهارات العاملين.
ز - النواحي المادية ليس لها أهمية إلى جانب النواحي المعنوية والاجتماعية .
وقد ظهر على أثر لذلك دراسات هامة في مجال علم النفس الإداري ، كان من أهمها دراسة ماسلو الذي وضع سلما هرميا للحاجات الفردية ، وقد ظهرت اتجاهات هذه المدرسة في نظريتين:
1- نظرية التنظيم غير الرسمي.
2- نظرية العلاقات الإنسانية.
ويقوم التنظيم غير الرسمي بدراسة العلاقات والتفاعلات بين أعضاء المنظمة بعضهم البعض وبينهم وبين الإدارة.
أما العلاقات الإنسانية فتعرف بأنها الدارسة التي تعني بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية للعاملين، بهدف تحقيق الأهداف العامة للإدارة والخاصة بالعاملين ، إلا أن بعض البحوث الأخيرة أثبتت أن العلاقات الإنسانية وإن كانت عاملا مهما في الإدارة إلا أنها ليست كافية ، ومن ثم بدأ الاهتمام بالعلاقات الإنسانية يقل ن ويتركز الاهتمام حول ما يسمى بالنظرية في الإدارة ، بل إن الحملة ضد العلاقات الإنسانية بلغت ذروتها على يد مالكولم ماكير ، حيث قام في الستينات بهجوم واسع على انتشار العلاقات الإنسانية في مقالة له ، وأبدى قلقه تجاه الاهتمام الزائد بالعلاقات الإنسانية على حساب أداء العمل وإتقانه.
وقد أخذ على هذه المدرسة مآخذ منها:
1- أنها اتجهت اتجاها متطرفا نحو الاهتمام بالجانب الإنساني على حساب التنظيم الرسمي والجانب العملي للمنظمة.
2- أغفلت تأثير البيئة الخارجية على سلوك المنظمة ، ومن ثم أخذت المنظمة كوحدة مستقلة ومنعزلة لا كجزء من نظام اجتماعي متكامل.
3- أهملت مشكلة التخطيط والتنسيق.
ورغم ما يقوله النقاد فلا يزال لهذه المدرسة مزاياها، فهي أول من كشف النقاب عن الروابط الدقيقة التي ترتبط بين الظاهرة الاجتماعية والمستويات التنظيمية ، وبين الفرد والجماعة ، كما أنها شكل من التنظيم الذي يسمح للأفراد بتحقيق الذات ، ويحرك فيهم من داخلهم كل دوافع الاهتمام بعملهم.
3 - المدرسة الحديثة في التنظيم.
ظهرت هذه المدرسة كنتيجة للنقد الذي وجه لكل من النظريات التقليدية الكلاسيكية ( العلمية ) ، والعلاقات الإنسانية ، وكانت تهدف إلى إيجاد نظرية تنحى منحى متوسطا بين المدرسة العلمية والعلاقات الإنسانية ، ومن أهم نظريات هذه المدرسة:ـ
1- نظرية التوازن الوظيفي.
2- النظرية السلوكية التحليلية.
تدعو نظرية التوازن الوظيفي إلى محاولة تحقيق التوازن بين مصلحة الأفراد والمصلحة الخاصة بالمنظمة ، فهي تهتم بالعمل والعاملين في آن واحد ، ويعتبر شستر برنارد ، وهربرت سيمون في مقدمة رواد هذه المدرسة.
أما النظرية السلوكية التحليلية فإنها قامت على نقد الاتجاه المتطرف في التركيز على الناحية الإنسانية للأفراد العاملين ، ونادت بعد المبالغة في ذلك ، ومن ثم فهي تهتم بالجانب العملي في الوقت الذي تهتم فيه أيضا بمراعاة الجوانب الإنسانية ، وكانت نتائج التجارب التي قام بها ليكرت والتي أكدت عدم وجود علاقة طردية بين ارتفاع الروح المعنوية وزيادة الإنتاج عاملا فاعلا في ظهور تلك النظرية.
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:12 pm
من هو الشيخ العلامة مبارك بن محمد الميلي الجزائري السلفي ؟
مولده ونشأته
وُلد الشيخ مبارك بن محمد الإبراهيمي الميلي في قرية "أورمامن" في جبال الميلية بشرق الجزائر حوالي سنة 1896. و مات والده وهو في الرابعة من عمره.
عكف منذ صغره -كغيره من الكثيرين من أبناء الجزائر آنذاك- على حفظ القرآن الكريم، فأتمّ حفظه على يد الشيخ أحمد بن الطاهر مزهود في جامع الشيخ عزوز بأولاد مبارك.
بعد إتمام حفظ القرآن، رَغبَ الشيخ مبارك الميلي في مواصلة مسيرة طلب العلم، فاتجه إلى مدرسة الشيخ محمد بن معنصر الشهير بالميلي ببلدة ميلة حيث مكث هناك أربع سنوات، ثم اتجه إلى مدينة قسنطينة وانضم إلى دروس الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس، وأصبح من بين أكبر تلاميذه وأكثرهم انتفاعاً بعلمه، ثم غادر الشيخ الميلي قسنطينة بعد ذلك إلى تونس لمواصلة دراسته بـجامع "الزيتونة" فدرس مثل شيخه ابن باديس على أبرز شيوخها من أمثال الشيخ عثمان خوجة ومحمد النخلي والصادق النيفر ومحمد بن القاضي والطاهر بن عاشور وغيرهم، ثم ليعود بعد تخرجه منها إلى بلده الجزائر سنة 1925.
نشاطه الإصلاحي بالجزائر :
استقر الشيخ مبارك الميلي فور عودته إلى الجزائر بمدينة قسنطينة حيث عمل مُعلماً في مدرسة قرآنية عصرية تأسست في مسجد "الشيخ بومعزة " الذي كان يقع في نفس شارع مطبعة وإدارة جريدة الشيخ ابن باديس "الشهاب".
و بقي في تلك المدرسة إلى بداية سنة 1927 ؛ ثم غادر قسنطينة إلى مدينة الأغواط في الجنوب الجزائري، والتي استقبله أهلها استقبالاً عظيماً. فقام فور وصوله إليها بتأسيس مدرسة تولى فيها الإشراف على تعليم أبناء الجزائريين بنفسه.
ذاع صيت الشيخ الميلي بين سكان المدينة، وعرفت مدرسته نشاطاً متنامياً وقبولاً متزايداً لدى الشباب خاصة، كما صار نشاطه يمثل وجوداً بارزاً للإصلاح وباتت أفكاره وآراؤه محل حديث الخاص والعام في المجتمع.
أثار تنامي نشاط الميلي تخوف السلطات الفرنسية من الانعكاسات التي قد تنتج عن تأثيره في فئة الشباب خاصة والمجتمع عامة، فأمرته بمغادرة الأغواط بعد سنوات من العمل والنشاط.
غادر الشيخ مبارك الأغواط متجها إلى بلدة بوسعادة فقام بالأعمال والنشاطات نفسها، إلا أن حظه مع الإدارة الفرنسية في تلك البلدة لم يكن أفضل من الأولى، حيث أمرته بدورها بمغادرة بوسعادة أيضاً.
بعد سنوات من العمل والنشاط في قسنطينة والأغواط وبوسعادة، عاد الشيخ الميلي إلى ميلة ليستأنف ما بدأه من أعمال منذ عودته من تونس، فاستقر بها، وسعى بمعية بعض أعيانها إلى تأسيس مسجد جامع تُقام فيه الصلوات، فكان هو خطيبَه والواعظَ فيه، وقد أُقيم المسجد على جزء من بيت فسيح أهداه أحد أعيان المدينة المناصرين للإصلاح إلى أهل البلدة. ثم أنشأ الإصلاحيون في ميلة بقيادة الشيخ الميلي، جمعيةً باسم "النادي الإسلامي" فانضمت جهودُها إلى ما كان يقوم به ذلك المسجد من أعمال في مجال الإصلاح. وتوسيعاً لدائرة الأعمال والنشاطات فقد كوّن المسجد والنادي المذكورين جمعيةً أخرى تحت اسم "جمعية حياة الشباب".
كما ساهم الشيخ مبارك الميلي بقلمه السيال في الحياة الصحفية في الجزائر في عهده، فأظهر نشاطاً بارزاً فيها، وكان أحدَ أبرز الطاقات التي قامت عليها الصحافة الإصلاحية بصفة خاصة؛ إذ كان من أول المحررين في "المنتقد" و"الشهاب" منذ أيامهما الأولى ثم في "السُنة" و"البصائر" التي تولى إدارة تحريرها بعد تخلي الشيخ الطيب العقبي عنها سنة 1935. فقد تولى إدارتها فأحسن الإدارة، وأجال قلمه البليغ في ميادينها، فما قصّر عن شأو، ولا كبا دون غاية...
حينما تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931 بنادي الترقي بعاصمة الجزائر، كان من الطبيعي لشخص بمثل صفات الشيخ مبارك الميلي أن يكون واحداً من أهم أركان ودعائم إدارتها، خاصة وأنه كان قد لازَم الشيخ عبد الحميد ابن باديس-قبل تأسيسها- طالباً جاداً ثم عاملاً ناجحاً مقتدراً في حقل الإصلاح بجانبيه التعليمي والصحفي. وكنتيجة لتلك المكانة، فقد تم انتخابه عند تأسيس الجمعية عضواً في مجلس إدارتها وأميناً للمال فيها. ولقد شَهِد له بعض من عرفه عن قرب بالأمانة وحسن التسيير والتدبير في أعماله التي اضطلع بها.
وقد كان الشيخ الميلي يقوم بتلك الأعمال جنباً إلى جنب مع الشيخ ابن باديس إلى أن توفي الأخير في 16/04/ 1940م ، .
ورغم شدة المرض، وتزايد تأثيراته على بدنه ونشاطه في أيامه الأخيرة، فقد كان الشيخ مبارك الميلي يحاول تحدي ذلك الوضع ولو بالقيام بالحد الأدنى من الأعمال، فلم تمنعه تلك الظروف الصحية من الحضور والتواجد في "مدرسة التربية والتعليم" بقسنطينة بيوم واحد قبل وفاته، حيث نُقِل-بطلب منه- إلى ميلة ليموت بين أهله، دخل في غيبوبة فارق بعدها الحياة في يوم 9 فبراير 1945.
وشيع جنازتَه الآلاف من المحبين و الطلبة الذين قدِموا من أنحاء مختلفة من البلاد، وأبَّنَه باسم العلماء رئيسُهم الشيخ محمد البشير الإبراهمي، وباسم الهيئات الوطنية فرحات عباس زعيم حزب البيان يومها. و دُفن بجانب قبر شيخه محمد بن معنصر الميلي فرحم الله الشيخ مبارك الميلي رحمة واسعة.
و من أشهر مؤلفاته كتابه الماتع : " الشرك و مظاهره " و هو مطبوع متداول ، و هو كتاب عظيم الفائدة ، ينصح باقتنائه و نشره .
منقول بتصرف
وهذا رابط منتديات العلامة مبارك محمد الميلي رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
مولده ونشأته
وُلد الشيخ مبارك بن محمد الإبراهيمي الميلي في قرية "أورمامن" في جبال الميلية بشرق الجزائر حوالي سنة 1896. و مات والده وهو في الرابعة من عمره.
عكف منذ صغره -كغيره من الكثيرين من أبناء الجزائر آنذاك- على حفظ القرآن الكريم، فأتمّ حفظه على يد الشيخ أحمد بن الطاهر مزهود في جامع الشيخ عزوز بأولاد مبارك.
بعد إتمام حفظ القرآن، رَغبَ الشيخ مبارك الميلي في مواصلة مسيرة طلب العلم، فاتجه إلى مدرسة الشيخ محمد بن معنصر الشهير بالميلي ببلدة ميلة حيث مكث هناك أربع سنوات، ثم اتجه إلى مدينة قسنطينة وانضم إلى دروس الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس، وأصبح من بين أكبر تلاميذه وأكثرهم انتفاعاً بعلمه، ثم غادر الشيخ الميلي قسنطينة بعد ذلك إلى تونس لمواصلة دراسته بـجامع "الزيتونة" فدرس مثل شيخه ابن باديس على أبرز شيوخها من أمثال الشيخ عثمان خوجة ومحمد النخلي والصادق النيفر ومحمد بن القاضي والطاهر بن عاشور وغيرهم، ثم ليعود بعد تخرجه منها إلى بلده الجزائر سنة 1925.
نشاطه الإصلاحي بالجزائر :
استقر الشيخ مبارك الميلي فور عودته إلى الجزائر بمدينة قسنطينة حيث عمل مُعلماً في مدرسة قرآنية عصرية تأسست في مسجد "الشيخ بومعزة " الذي كان يقع في نفس شارع مطبعة وإدارة جريدة الشيخ ابن باديس "الشهاب".
و بقي في تلك المدرسة إلى بداية سنة 1927 ؛ ثم غادر قسنطينة إلى مدينة الأغواط في الجنوب الجزائري، والتي استقبله أهلها استقبالاً عظيماً. فقام فور وصوله إليها بتأسيس مدرسة تولى فيها الإشراف على تعليم أبناء الجزائريين بنفسه.
ذاع صيت الشيخ الميلي بين سكان المدينة، وعرفت مدرسته نشاطاً متنامياً وقبولاً متزايداً لدى الشباب خاصة، كما صار نشاطه يمثل وجوداً بارزاً للإصلاح وباتت أفكاره وآراؤه محل حديث الخاص والعام في المجتمع.
أثار تنامي نشاط الميلي تخوف السلطات الفرنسية من الانعكاسات التي قد تنتج عن تأثيره في فئة الشباب خاصة والمجتمع عامة، فأمرته بمغادرة الأغواط بعد سنوات من العمل والنشاط.
غادر الشيخ مبارك الأغواط متجها إلى بلدة بوسعادة فقام بالأعمال والنشاطات نفسها، إلا أن حظه مع الإدارة الفرنسية في تلك البلدة لم يكن أفضل من الأولى، حيث أمرته بدورها بمغادرة بوسعادة أيضاً.
بعد سنوات من العمل والنشاط في قسنطينة والأغواط وبوسعادة، عاد الشيخ الميلي إلى ميلة ليستأنف ما بدأه من أعمال منذ عودته من تونس، فاستقر بها، وسعى بمعية بعض أعيانها إلى تأسيس مسجد جامع تُقام فيه الصلوات، فكان هو خطيبَه والواعظَ فيه، وقد أُقيم المسجد على جزء من بيت فسيح أهداه أحد أعيان المدينة المناصرين للإصلاح إلى أهل البلدة. ثم أنشأ الإصلاحيون في ميلة بقيادة الشيخ الميلي، جمعيةً باسم "النادي الإسلامي" فانضمت جهودُها إلى ما كان يقوم به ذلك المسجد من أعمال في مجال الإصلاح. وتوسيعاً لدائرة الأعمال والنشاطات فقد كوّن المسجد والنادي المذكورين جمعيةً أخرى تحت اسم "جمعية حياة الشباب".
كما ساهم الشيخ مبارك الميلي بقلمه السيال في الحياة الصحفية في الجزائر في عهده، فأظهر نشاطاً بارزاً فيها، وكان أحدَ أبرز الطاقات التي قامت عليها الصحافة الإصلاحية بصفة خاصة؛ إذ كان من أول المحررين في "المنتقد" و"الشهاب" منذ أيامهما الأولى ثم في "السُنة" و"البصائر" التي تولى إدارة تحريرها بعد تخلي الشيخ الطيب العقبي عنها سنة 1935. فقد تولى إدارتها فأحسن الإدارة، وأجال قلمه البليغ في ميادينها، فما قصّر عن شأو، ولا كبا دون غاية...
حينما تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931 بنادي الترقي بعاصمة الجزائر، كان من الطبيعي لشخص بمثل صفات الشيخ مبارك الميلي أن يكون واحداً من أهم أركان ودعائم إدارتها، خاصة وأنه كان قد لازَم الشيخ عبد الحميد ابن باديس-قبل تأسيسها- طالباً جاداً ثم عاملاً ناجحاً مقتدراً في حقل الإصلاح بجانبيه التعليمي والصحفي. وكنتيجة لتلك المكانة، فقد تم انتخابه عند تأسيس الجمعية عضواً في مجلس إدارتها وأميناً للمال فيها. ولقد شَهِد له بعض من عرفه عن قرب بالأمانة وحسن التسيير والتدبير في أعماله التي اضطلع بها.
وقد كان الشيخ الميلي يقوم بتلك الأعمال جنباً إلى جنب مع الشيخ ابن باديس إلى أن توفي الأخير في 16/04/ 1940م ، .
ورغم شدة المرض، وتزايد تأثيراته على بدنه ونشاطه في أيامه الأخيرة، فقد كان الشيخ مبارك الميلي يحاول تحدي ذلك الوضع ولو بالقيام بالحد الأدنى من الأعمال، فلم تمنعه تلك الظروف الصحية من الحضور والتواجد في "مدرسة التربية والتعليم" بقسنطينة بيوم واحد قبل وفاته، حيث نُقِل-بطلب منه- إلى ميلة ليموت بين أهله، دخل في غيبوبة فارق بعدها الحياة في يوم 9 فبراير 1945.
وشيع جنازتَه الآلاف من المحبين و الطلبة الذين قدِموا من أنحاء مختلفة من البلاد، وأبَّنَه باسم العلماء رئيسُهم الشيخ محمد البشير الإبراهمي، وباسم الهيئات الوطنية فرحات عباس زعيم حزب البيان يومها. و دُفن بجانب قبر شيخه محمد بن معنصر الميلي فرحم الله الشيخ مبارك الميلي رحمة واسعة.
و من أشهر مؤلفاته كتابه الماتع : " الشرك و مظاهره " و هو مطبوع متداول ، و هو كتاب عظيم الفائدة ، ينصح باقتنائه و نشره .
منقول بتصرف
وهذا رابط منتديات العلامة مبارك محمد الميلي رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:13 pm
من سير بعض أمهات المؤمنين
خديجة بنت خويلد
(أول نساء الرسول صلى الله عليه وسلم)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشية الأسدية الملقبة بالطاهرة، وهي أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من آمن به وهي التي آزرته وصدقته عندما كذبته قريش وعادته.
روى الإمام البخاري في صحيحه وغيره عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه عندما رجع رسول الله صلى الله وسلم أول ما أوحي إليه من غار حراء (فدخل على خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها- فقال: زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد - ابن عم خديجة- وكان امرأ تنصر في الجاهلية فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك. فقال لها: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى (أي في الغار). فقال ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا).
ولنسمع من المصطفى صلى الله عليه وسلم كيف كانت زوجته خديجة في نصرته ونصرة دين الله قال صلى الله عليه وسلم: (آمنت إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس).
(فكانت أول من آمن بالله ورسوله، وصدق بما جاء به فخفف الله بذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم فكان لا يسمع شيئا يكرهه من الرد عليه فيرجع إليها إلا تثبته وتهون عليه أمر الناس).
تزوجها رسول الله في أول شبابه وكان عمره خمسا وعشرين سنة وعمرها أربعين وعاشت مع الرسول خمسا وعشرين سنة ورزقت منه ابنين وأربع بنات هما القاسم، عبد الله، زينب، رقية، أم كلثوم، فاطمة. وأتى جبريل عليه السلام رسول الله فقال: هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من نصب لا صخب فيه ولا نصب.
فلما جاءت خديجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها:إن الله يقرأ على خديجة السلام. قالت: خديجة بنت خويلد إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام.
توفيت بمكة المكرمة قبل الهجرة بثلاث سنين بعد أن بلغت من العمر خمسة وستين عاما. فقد كانت- رضي الله عنها- مثالا عظيما للزوجة الصالحة المؤمنة.
عائشة بنت الصديق (المبرأة الصديقة بنت الصديق)إنها عائشة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سماوات من حادثة الإفك، وكانت أم المؤمنين من أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قلبه وأكثرهن تلقيا للعلم عنه فقد كانت- رضي الله عنها- من أعلم الناس بتعاليم الإسلام. قال الزهري: (لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المومنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل . وكانت- رضي الله عنها- زاهدة في الدنيا، فقد أخرج ابن سعد من طريق أم درة قالت: (أتيت عائشة بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذ صائمة فقلت لها أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه فقالت: لو كنت أذكرتيني لفعلت).
وعن هشام بن عروة بن القاسم بن محمد: سمعت ابن الزبير يقول: (ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف: أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه ..)
وفي فضل عائشة- رضي الله عنها- قال صلى الله عليه وسلم: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) .وعندما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عودته من حجة الوداع، وشعر بأنه قد آن الأوان للرحيل. وكان يقول وهو يطوف عند نسائه سائلا أين أنا غدا؟ أين أنا بعد غد استدعاء ليوم عائشة فطاب نفوس بقية أمهات المؤمنين- رضي الله عنهن جميعا. بأن يمرض حيث أحب فوهبنا أيامهن لعائشة. فسهرت عليه تمرضه وحانت لحظة الرحيل ورأسه صلى الله عليه وسلم في حجرها. قالت عائشة تصف هذه اللحظة(إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وبين سحري ونحري) ودفن صلى الله عليه وسلم حيث قبض في بيتها وقامت عائشة بعده تنشر العلم إلى أن وافتها المنية في السادسة والستين من عمرها في ليلة الثلاثاء لسبع مضين من
رمضان سنة سبع وخمسين من الهجرة.
رضي الله عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر.
زينب بنت جحش (أطول زوجات النبي يدا)أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب، أمها أميمة بنت المطلب اسمها برة، ولما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها زينب ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم كانت عند زيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد أن طلقها زيد زوجها الله تبارك وتعالى نبيه بنص كتابه، بلا ولي ولا شاهد قال تعالى: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا) [الأحزاب:37].
كانت رضي الله عنها، صالحة، تقية، صادقة، وقد شهدت لها بذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقالت: (وكانت زينب امرأة صناع اليدين فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله.. لقد ذهبت حميدة متعبدة مفزع اليتامى والأرامل) وفي صحيح مسلم عن عائشة أيضاً قالت: (كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت امرأة خيرا من زينب أتقى لله، وأصدق حديثاً وأوصل للرحم، وأعظم صدقة رضي الله عنها) .
وعن برزة بنت رافع قالت: (أرسل عمر إلى زينب بعطائها. فقالت:غفر الله لعمر، غيري كان أقوى على قسم هذا. قالوا: كله لك. قالت: سبحان الله ! واستترت منه بثوب وقالت: صبوه واطرحوه عليه ثوبا، وأخذت تفرقه في أرحامها وأيتامها، وأعطتني ما بقي، فوجدناه خمسة وثمانين درهما. ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت: اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا .
فتوفيت- رحمها الله- قبل أن تدرك عطاء العام التالي.
لقد قال صلى الله عليه وسلم لأزواجه: (أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا..) فكنا إذا اجتمعن بعده نمد أيدينا في الجدار، نتطاول: فلم نزل نفعله حتى توفيت زينب بنت جحش، ولم تكن بأطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد طول اليد بالصدقة).
حضرتها الوفاة سنة عشرين ولها من العمر ثلاث وخمسون سنة فرحم الله زينب أطول أزواجه صلى الله عليه وسلم يدا.
حفصة بنت عمر(حارسة القرآن) حفصة بنت عمر بن الخطاب أخوها عبد الله بن عمر لأبيها ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي عليه الصلاة والسلام بخمس سنين تزوجت خنيس بن حذافة السهمي أسلم وهاجر إلى الحبشة الهجرتين وهاجرت حفصة معه إلى المدينة فشهدا بدرا وخرج يوم أحد فأصابته جراحة فمات. ولما رأى عمر أن ابنته تأيمت لقي عثمان بن عفان فعرضها عليه فقال عثمان: مالي في النساء حاجة.
فلقي عمر رضي الله عنه أبا بكر الصديق فعرضها عليه فسكت فوجد على أبي بكر. فلما خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة لقي أبو بكر عمر بن الخطاب فقال له: لا تجد علي في نفسك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذكر حفصة فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لتزوجتها.
وزواج النبي صلى الله عليه وسلم على حفصة سنة ثلاث من الهجرة . وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة ، ثم راجعها بأمر جبريل عليه السلام له بذلك ، وقال: (إنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة) .
وعندما انتقل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وخلفه أبو بكر الصديق، كانت حفصة هي التي اختيرت من أمهات المؤمنين جميعا لتحفظ أول مصحف خطي للقرآن الكريم .
أقامت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها عاكفة على العبادة قوامة صوامة حتى ماتت في عهد معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنه .
جويرية بنت الحارث (امرأة عظيمة البركة على قومها) (جويرية بنت الحارث) هي برة بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية المصطلقية.
سماها رسول الله جويرية. وكان صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق. عندما أسرت مع قومها وعشيرتها في غزوة بني المصطلق أو المريسيع. فلقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون على مهاجمته، وقائدهم الحارث بن أبي ضرار، أبو جويرية. فلما سمع الرسول بهم خرج إليهم في شعبان سنة ست من الهجرة حتى لقيهم على ماء يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحف الناس، واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل، ونجا من نجا، وأسر أكثر القوم، وغنمت الأموال، وعندما كانت في سهم ثابت بن قيس بن الشماس وكاتبته على نفسها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه كتابتها فقال لها صلى الله عليه وسلم: فهل لك في خير من ذلك؟. قالت: وما هو يا رسول الله. قال: أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك. قالت: نعم يا رسول الله. قال: قد قبلت.
ثم خرج الخبر إلى الناس أن رسول الله تزوج جويرية بنت الحارث.
فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا ما بأيديهم فبلغ عتقهم مائة بيت. لذا قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها.
وذكر ابن حجر في الإصابة عن قوة إيمان جويرية رضي الله عنها فقال: جاء أبوها فقال للرسول: إن ابنتي لا يسبى مثلها، فأنا أكرم من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أرأيت إن خيرناها أليس قد أحسنت؟).
قال: بلى فأتاها أبوها فذكر لها ذلك فقالت: اخترت الله ورسوله .
وروى ابن هشام أن أباها الحارث أسلم وأسلم معه ابنان له وناس من قومه، وتوفيت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث سنة خمسين من الهجرة وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة، وصلى عليها مروان بن الحكم عامل معاوية- رضي الله عنه - على مدينة رسول الله ودفنت بالبقيع مع أمهات المؤمنين رحمها الله رحمة واسعة.
رملة بنت أبي سفيان (الوافية لدينها)أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان- رضي الله عنهما- أم المؤمنين زوجة وبنت عم الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت رضي الله عنها صادقة متمسكة بالإسلام وتعاليمه ولا تقدم على ذلك أقرب الأقربين إليها فعن الزهري، قال: (لما قدم أبو سفيان المدينة) .
والنبي صلى الله عليه وسلم يريد غزو مكة، فكلمه في أن يزيد في الهدنة. فلم يقبل عليه. فقام فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم، طوته دونه.
فقال: يا بنية، أرغبت بهذا الفراش عني، أم بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله، وأنت امرؤ نجس مشرك .
كانت تحت زوجها عبيد الله بن جحش وقد هاجرت مع زوجها إلى الحبشة، وهناك تنصر زوجها فوقفت وقفة المرأة المؤمنة بالله ورسوله وانفصلت عنه. ولقد وجدت رضي الله عنها من الشدائد والأهوال في الحبشة، وخافت أن يبطش بها والدها أبو سفيان إذا رجعت من الحبشة وهو من كبار رجال قريش وسيدها المطاع، وأمها سيدة قريش هند بنت عتبة، مات زوجها على ردته النصرانية وازدادت الشدائد عليها فتركت أمرها إلى الله والله يحميها ويرعاها.
ولما علم رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام: كتب إلى النجاشي ملك الحبشة ليزوجه إياها فأبلغها النجاشي ذلك ففرحت فرحا شديدا بهذه البشارة العظيمة. وأمهرها عنها، أربعة آلاف درهم وبعث بها إليه مع شرحبيل بن حسنة. وتم عقد الزواج الذي قام بتولي عقد النكاح عثمان بن عفان- رضي الله عنه-. وكانت أم حبيبة مع الوفد القادم، فبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك سنة ست أو سبع هجري وكانت قد بلغت الأربعين من عمرها.
ومن شدة تقواها رضي الله عنها أنها أرسلت إلى أمهات المؤمنين قبل وفاتها تستحلهم مما قد يكون وقع بينهن من شحناء.
عن عوف بن الحارث: سمعت عائشة تقول: دعتني أم حبيبة عند موتها، فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك. فقلت: غفر الله لك ذلك كله وحلك من ذلك، فقالت: سررتني , وأرسلت إلى أم سلمة، فقالت مثل ذلك .
توفيت بالمدينة سنة 42 هـ وقيل سنة 50 هـ- رضي الله- عن أم حبيبة وأرضاها.
زينب بنت خزيمة الهلالية (أم المساكين)
هي زينب بنت خزيمة بن الحارث ينتهي نسبها إلى قيس عيلان عامرية هلالية. أمها هند بن الحارث حميرية زوجها الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي فطلقها وتزوجها أخوه عبيدة بن الحارث، فقتل عنها يوم بدر شهيدا. ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان وكان ذلك على رأس واحد وثلاثين شهرا من الهجرة. أصدقها النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم.
وكانت حجرة زينب مجاورة لحجرة حفصة بنت عمر بن الخطاب ولكنها لم تمكث إلا ثمانية أشهر وتوفيت في آخر شهر ربيع الآخر على رأس تسعة وثلاثين شهرا من الهجرة فصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع. وكان عمرها ثلاثين سنة. وكانت أول من دفن من أمهات المؤمنين.
صفية بنت حيي(الحليمة العاقلة الفاضلة )هي صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية من سبط اللاوي بن نبي الله إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ثم من ذرية رسول هارون عليه السلام، كانت شريفة عاقلة، ذات حسب وجمال ودين كانت تحت سلام بن مشكم القرظي ثم فارقها، فتزوجها كنانة الربيع بن أبي الحقيق النضري فقتل كنانة يوم خيبر، وسبيت صفية فيمن سبي من النساء فقادها بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وابنة عم لها، ومر بهما على ساحة امتلأت بالقتلى من يهود. وتماسكت صفية بترفع ولم تجزع ولم تصرخ كما فعلت ابنة عمها التي صكت وجهها صارخة وحثت التراب على رأسها.
ثم جيء بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصفية في حزنها الصامت، والأخرى معفرة بالتراب ممزقة الثياب لا تكف عن النواح فقال صلى الله عليه وسلم وهو يشيح بوجهه عنها: (أغربوا عني هذه الشيطانة) .
وقعت صفية في سهم بعض المسلمين في غزوة خيبر فقال: أهل الرأي والمشورة: هذه سيدة بني قريظة لا تصلح إلا لرسول الله عليه الصلاة والسلام فعرضوا الأمر على الرسول فدعاها وخيرها بين أمرين: إما يعتقها ويتزوجها فتكون زوجة له أو أن يطلق سراحها فتلحق بأهلها فاختارت- رضي الله عنها- أن يعتقها وتكون زوجة له. فأسلمت على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكرمها رسول الله فقدمت إخلاصها وحبها لهذا النبي الأمين. كانت صفية حليمة عاقلة فاضلة .
ولما حاصر المتمردون بيت عثمان بن عفان- رضي الله عنه- وصنعت أم المؤمنين صفية معبرا بينها وبين منزل أمير المؤمنين عثمان فكانت تنقل الطعام والماء وهو في محنة الحصار.
توفيت أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه- فدفنت بالبقيع مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم .
سودة بنت زمعة (الكريمة المهاجرة) هي سودة بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية.
من فواضل نساء عصرها، كانت قبل أن تتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت ابن عم لها يقال له: السكران بن عمرو.
أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم زوجها معها، وهاجرا إلى الحبشة، فلما توفي عنها، جاءت خولة بنت حكيم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله ألا تتزوج؟.
فقال صلى الله عليه وسلم: ومن؟ قالت خولة: سودة بنت زمعة، قد آمنت بك واتبعتك. قال: اذكريها علي (أي اخطبيها لي).
فانطلقت خولة إلى سودة وأبوها شيخ. فحيته .
فقال لها: من أنت؟.
فقالت خولة بنت حكيم. فرحب بها. ثم قالت له: إن محمدا بن عبد الله بن عبد المطلب، يذكر سودة ابنة زمعة.
فقال: هو كريم، فما تقول صاحبتك؟.
قالت: هي تحب ذلك.
فقال لها: قولي له فليأت، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها، ولما تزوجها كانت في حالة الكبر حتى أنها بلغت من العمر حين تزوجها عليه الصلاة والسلام الخامسة والخمسين رضي الله عنها. وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب سودة وكان لها خمسة صبية أو ستة، فقالت: والله ما يمنعني منك وأنت أحب البرية إلي، ولكني أكرمك أن يتضاغى هؤلاء الصبية عند رأسك بكرة وعشيا.
فقال لها:- يرحمك الله- !! إن خير نساء ركبن أعجاز الإبل، صالح نساء قريش أحناهن على ولد في الصغر، وأرعاهن لبعل في ذات يده. ولما كبرت سودة وعلمت مكان عائشة رضي الله عنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت يا رسول الله جعلت يومي الذي يصيبني لعائشة وأنت منه في حل، فقبله النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقسم لعائشة يومين، يومها ويوم سودة وبقيت في عصمته صلى الله عليه وسلم حتى توفي عنها.
توفيت سودة- رضي الله عنها- بالمدينة في شوال سنة 54 هـ في خلافة معاوية وفي رواية أنها توفيت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي رواية أنها توفيت سنة 55 هـ.
خديجة بنت خويلد
(أول نساء الرسول صلى الله عليه وسلم)
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشية الأسدية الملقبة بالطاهرة، وهي أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من آمن به وهي التي آزرته وصدقته عندما كذبته قريش وعادته.
روى الإمام البخاري في صحيحه وغيره عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه عندما رجع رسول الله صلى الله وسلم أول ما أوحي إليه من غار حراء (فدخل على خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها- فقال: زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد - ابن عم خديجة- وكان امرأ تنصر في الجاهلية فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك. فقال لها: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى (أي في الغار). فقال ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا).
ولنسمع من المصطفى صلى الله عليه وسلم كيف كانت زوجته خديجة في نصرته ونصرة دين الله قال صلى الله عليه وسلم: (آمنت إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس).
(فكانت أول من آمن بالله ورسوله، وصدق بما جاء به فخفف الله بذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم فكان لا يسمع شيئا يكرهه من الرد عليه فيرجع إليها إلا تثبته وتهون عليه أمر الناس).
تزوجها رسول الله في أول شبابه وكان عمره خمسا وعشرين سنة وعمرها أربعين وعاشت مع الرسول خمسا وعشرين سنة ورزقت منه ابنين وأربع بنات هما القاسم، عبد الله، زينب، رقية، أم كلثوم، فاطمة. وأتى جبريل عليه السلام رسول الله فقال: هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من نصب لا صخب فيه ولا نصب.
فلما جاءت خديجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها:إن الله يقرأ على خديجة السلام. قالت: خديجة بنت خويلد إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام.
توفيت بمكة المكرمة قبل الهجرة بثلاث سنين بعد أن بلغت من العمر خمسة وستين عاما. فقد كانت- رضي الله عنها- مثالا عظيما للزوجة الصالحة المؤمنة.
عائشة بنت الصديق (المبرأة الصديقة بنت الصديق)إنها عائشة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سماوات من حادثة الإفك، وكانت أم المؤمنين من أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قلبه وأكثرهن تلقيا للعلم عنه فقد كانت- رضي الله عنها- من أعلم الناس بتعاليم الإسلام. قال الزهري: (لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المومنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل . وكانت- رضي الله عنها- زاهدة في الدنيا، فقد أخرج ابن سعد من طريق أم درة قالت: (أتيت عائشة بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذ صائمة فقلت لها أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه فقالت: لو كنت أذكرتيني لفعلت).
وعن هشام بن عروة بن القاسم بن محمد: سمعت ابن الزبير يقول: (ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف: أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه ..)
وفي فضل عائشة- رضي الله عنها- قال صلى الله عليه وسلم: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) .وعندما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عودته من حجة الوداع، وشعر بأنه قد آن الأوان للرحيل. وكان يقول وهو يطوف عند نسائه سائلا أين أنا غدا؟ أين أنا بعد غد استدعاء ليوم عائشة فطاب نفوس بقية أمهات المؤمنين- رضي الله عنهن جميعا. بأن يمرض حيث أحب فوهبنا أيامهن لعائشة. فسهرت عليه تمرضه وحانت لحظة الرحيل ورأسه صلى الله عليه وسلم في حجرها. قالت عائشة تصف هذه اللحظة(إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وبين سحري ونحري) ودفن صلى الله عليه وسلم حيث قبض في بيتها وقامت عائشة بعده تنشر العلم إلى أن وافتها المنية في السادسة والستين من عمرها في ليلة الثلاثاء لسبع مضين من
رمضان سنة سبع وخمسين من الهجرة.
رضي الله عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر.
زينب بنت جحش (أطول زوجات النبي يدا)أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب، أمها أميمة بنت المطلب اسمها برة، ولما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها زينب ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم كانت عند زيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد أن طلقها زيد زوجها الله تبارك وتعالى نبيه بنص كتابه، بلا ولي ولا شاهد قال تعالى: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا) [الأحزاب:37].
كانت رضي الله عنها، صالحة، تقية، صادقة، وقد شهدت لها بذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقالت: (وكانت زينب امرأة صناع اليدين فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله.. لقد ذهبت حميدة متعبدة مفزع اليتامى والأرامل) وفي صحيح مسلم عن عائشة أيضاً قالت: (كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت امرأة خيرا من زينب أتقى لله، وأصدق حديثاً وأوصل للرحم، وأعظم صدقة رضي الله عنها) .
وعن برزة بنت رافع قالت: (أرسل عمر إلى زينب بعطائها. فقالت:غفر الله لعمر، غيري كان أقوى على قسم هذا. قالوا: كله لك. قالت: سبحان الله ! واستترت منه بثوب وقالت: صبوه واطرحوه عليه ثوبا، وأخذت تفرقه في أرحامها وأيتامها، وأعطتني ما بقي، فوجدناه خمسة وثمانين درهما. ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت: اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا .
فتوفيت- رحمها الله- قبل أن تدرك عطاء العام التالي.
لقد قال صلى الله عليه وسلم لأزواجه: (أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا..) فكنا إذا اجتمعن بعده نمد أيدينا في الجدار، نتطاول: فلم نزل نفعله حتى توفيت زينب بنت جحش، ولم تكن بأطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد طول اليد بالصدقة).
حضرتها الوفاة سنة عشرين ولها من العمر ثلاث وخمسون سنة فرحم الله زينب أطول أزواجه صلى الله عليه وسلم يدا.
حفصة بنت عمر(حارسة القرآن) حفصة بنت عمر بن الخطاب أخوها عبد الله بن عمر لأبيها ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي عليه الصلاة والسلام بخمس سنين تزوجت خنيس بن حذافة السهمي أسلم وهاجر إلى الحبشة الهجرتين وهاجرت حفصة معه إلى المدينة فشهدا بدرا وخرج يوم أحد فأصابته جراحة فمات. ولما رأى عمر أن ابنته تأيمت لقي عثمان بن عفان فعرضها عليه فقال عثمان: مالي في النساء حاجة.
فلقي عمر رضي الله عنه أبا بكر الصديق فعرضها عليه فسكت فوجد على أبي بكر. فلما خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة لقي أبو بكر عمر بن الخطاب فقال له: لا تجد علي في نفسك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذكر حفصة فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لتزوجتها.
وزواج النبي صلى الله عليه وسلم على حفصة سنة ثلاث من الهجرة . وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة ، ثم راجعها بأمر جبريل عليه السلام له بذلك ، وقال: (إنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة) .
وعندما انتقل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وخلفه أبو بكر الصديق، كانت حفصة هي التي اختيرت من أمهات المؤمنين جميعا لتحفظ أول مصحف خطي للقرآن الكريم .
أقامت أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها عاكفة على العبادة قوامة صوامة حتى ماتت في عهد معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنه .
جويرية بنت الحارث (امرأة عظيمة البركة على قومها) (جويرية بنت الحارث) هي برة بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية المصطلقية.
سماها رسول الله جويرية. وكان صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق. عندما أسرت مع قومها وعشيرتها في غزوة بني المصطلق أو المريسيع. فلقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون على مهاجمته، وقائدهم الحارث بن أبي ضرار، أبو جويرية. فلما سمع الرسول بهم خرج إليهم في شعبان سنة ست من الهجرة حتى لقيهم على ماء يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحف الناس، واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل، ونجا من نجا، وأسر أكثر القوم، وغنمت الأموال، وعندما كانت في سهم ثابت بن قيس بن الشماس وكاتبته على نفسها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه كتابتها فقال لها صلى الله عليه وسلم: فهل لك في خير من ذلك؟. قالت: وما هو يا رسول الله. قال: أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك. قالت: نعم يا رسول الله. قال: قد قبلت.
ثم خرج الخبر إلى الناس أن رسول الله تزوج جويرية بنت الحارث.
فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا ما بأيديهم فبلغ عتقهم مائة بيت. لذا قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها.
وذكر ابن حجر في الإصابة عن قوة إيمان جويرية رضي الله عنها فقال: جاء أبوها فقال للرسول: إن ابنتي لا يسبى مثلها، فأنا أكرم من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أرأيت إن خيرناها أليس قد أحسنت؟).
قال: بلى فأتاها أبوها فذكر لها ذلك فقالت: اخترت الله ورسوله .
وروى ابن هشام أن أباها الحارث أسلم وأسلم معه ابنان له وناس من قومه، وتوفيت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث سنة خمسين من الهجرة وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة، وصلى عليها مروان بن الحكم عامل معاوية- رضي الله عنه - على مدينة رسول الله ودفنت بالبقيع مع أمهات المؤمنين رحمها الله رحمة واسعة.
رملة بنت أبي سفيان (الوافية لدينها)أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان- رضي الله عنهما- أم المؤمنين زوجة وبنت عم الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت رضي الله عنها صادقة متمسكة بالإسلام وتعاليمه ولا تقدم على ذلك أقرب الأقربين إليها فعن الزهري، قال: (لما قدم أبو سفيان المدينة) .
والنبي صلى الله عليه وسلم يريد غزو مكة، فكلمه في أن يزيد في الهدنة. فلم يقبل عليه. فقام فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم، طوته دونه.
فقال: يا بنية، أرغبت بهذا الفراش عني، أم بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله، وأنت امرؤ نجس مشرك .
كانت تحت زوجها عبيد الله بن جحش وقد هاجرت مع زوجها إلى الحبشة، وهناك تنصر زوجها فوقفت وقفة المرأة المؤمنة بالله ورسوله وانفصلت عنه. ولقد وجدت رضي الله عنها من الشدائد والأهوال في الحبشة، وخافت أن يبطش بها والدها أبو سفيان إذا رجعت من الحبشة وهو من كبار رجال قريش وسيدها المطاع، وأمها سيدة قريش هند بنت عتبة، مات زوجها على ردته النصرانية وازدادت الشدائد عليها فتركت أمرها إلى الله والله يحميها ويرعاها.
ولما علم رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام: كتب إلى النجاشي ملك الحبشة ليزوجه إياها فأبلغها النجاشي ذلك ففرحت فرحا شديدا بهذه البشارة العظيمة. وأمهرها عنها، أربعة آلاف درهم وبعث بها إليه مع شرحبيل بن حسنة. وتم عقد الزواج الذي قام بتولي عقد النكاح عثمان بن عفان- رضي الله عنه-. وكانت أم حبيبة مع الوفد القادم، فبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك سنة ست أو سبع هجري وكانت قد بلغت الأربعين من عمرها.
ومن شدة تقواها رضي الله عنها أنها أرسلت إلى أمهات المؤمنين قبل وفاتها تستحلهم مما قد يكون وقع بينهن من شحناء.
عن عوف بن الحارث: سمعت عائشة تقول: دعتني أم حبيبة عند موتها، فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك. فقلت: غفر الله لك ذلك كله وحلك من ذلك، فقالت: سررتني , وأرسلت إلى أم سلمة، فقالت مثل ذلك .
توفيت بالمدينة سنة 42 هـ وقيل سنة 50 هـ- رضي الله- عن أم حبيبة وأرضاها.
زينب بنت خزيمة الهلالية (أم المساكين)
هي زينب بنت خزيمة بن الحارث ينتهي نسبها إلى قيس عيلان عامرية هلالية. أمها هند بن الحارث حميرية زوجها الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي فطلقها وتزوجها أخوه عبيدة بن الحارث، فقتل عنها يوم بدر شهيدا. ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان وكان ذلك على رأس واحد وثلاثين شهرا من الهجرة. أصدقها النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم.
وكانت حجرة زينب مجاورة لحجرة حفصة بنت عمر بن الخطاب ولكنها لم تمكث إلا ثمانية أشهر وتوفيت في آخر شهر ربيع الآخر على رأس تسعة وثلاثين شهرا من الهجرة فصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع. وكان عمرها ثلاثين سنة. وكانت أول من دفن من أمهات المؤمنين.
صفية بنت حيي(الحليمة العاقلة الفاضلة )هي صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية من سبط اللاوي بن نبي الله إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ثم من ذرية رسول هارون عليه السلام، كانت شريفة عاقلة، ذات حسب وجمال ودين كانت تحت سلام بن مشكم القرظي ثم فارقها، فتزوجها كنانة الربيع بن أبي الحقيق النضري فقتل كنانة يوم خيبر، وسبيت صفية فيمن سبي من النساء فقادها بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وابنة عم لها، ومر بهما على ساحة امتلأت بالقتلى من يهود. وتماسكت صفية بترفع ولم تجزع ولم تصرخ كما فعلت ابنة عمها التي صكت وجهها صارخة وحثت التراب على رأسها.
ثم جيء بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصفية في حزنها الصامت، والأخرى معفرة بالتراب ممزقة الثياب لا تكف عن النواح فقال صلى الله عليه وسلم وهو يشيح بوجهه عنها: (أغربوا عني هذه الشيطانة) .
وقعت صفية في سهم بعض المسلمين في غزوة خيبر فقال: أهل الرأي والمشورة: هذه سيدة بني قريظة لا تصلح إلا لرسول الله عليه الصلاة والسلام فعرضوا الأمر على الرسول فدعاها وخيرها بين أمرين: إما يعتقها ويتزوجها فتكون زوجة له أو أن يطلق سراحها فتلحق بأهلها فاختارت- رضي الله عنها- أن يعتقها وتكون زوجة له. فأسلمت على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكرمها رسول الله فقدمت إخلاصها وحبها لهذا النبي الأمين. كانت صفية حليمة عاقلة فاضلة .
ولما حاصر المتمردون بيت عثمان بن عفان- رضي الله عنه- وصنعت أم المؤمنين صفية معبرا بينها وبين منزل أمير المؤمنين عثمان فكانت تنقل الطعام والماء وهو في محنة الحصار.
توفيت أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه- فدفنت بالبقيع مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم .
سودة بنت زمعة (الكريمة المهاجرة) هي سودة بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية.
من فواضل نساء عصرها، كانت قبل أن تتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت ابن عم لها يقال له: السكران بن عمرو.
أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم زوجها معها، وهاجرا إلى الحبشة، فلما توفي عنها، جاءت خولة بنت حكيم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله ألا تتزوج؟.
فقال صلى الله عليه وسلم: ومن؟ قالت خولة: سودة بنت زمعة، قد آمنت بك واتبعتك. قال: اذكريها علي (أي اخطبيها لي).
فانطلقت خولة إلى سودة وأبوها شيخ. فحيته .
فقال لها: من أنت؟.
فقالت خولة بنت حكيم. فرحب بها. ثم قالت له: إن محمدا بن عبد الله بن عبد المطلب، يذكر سودة ابنة زمعة.
فقال: هو كريم، فما تقول صاحبتك؟.
قالت: هي تحب ذلك.
فقال لها: قولي له فليأت، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها، ولما تزوجها كانت في حالة الكبر حتى أنها بلغت من العمر حين تزوجها عليه الصلاة والسلام الخامسة والخمسين رضي الله عنها. وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب سودة وكان لها خمسة صبية أو ستة، فقالت: والله ما يمنعني منك وأنت أحب البرية إلي، ولكني أكرمك أن يتضاغى هؤلاء الصبية عند رأسك بكرة وعشيا.
فقال لها:- يرحمك الله- !! إن خير نساء ركبن أعجاز الإبل، صالح نساء قريش أحناهن على ولد في الصغر، وأرعاهن لبعل في ذات يده. ولما كبرت سودة وعلمت مكان عائشة رضي الله عنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت يا رسول الله جعلت يومي الذي يصيبني لعائشة وأنت منه في حل، فقبله النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقسم لعائشة يومين، يومها ويوم سودة وبقيت في عصمته صلى الله عليه وسلم حتى توفي عنها.
توفيت سودة- رضي الله عنها- بالمدينة في شوال سنة 54 هـ في خلافة معاوية وفي رواية أنها توفيت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي رواية أنها توفيت سنة 55 هـ.
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:13 pm
بســـم الله الرحمـــن الرحيـــم
الاعتصام بالله و الاستعداد للقائه
قال الإمام إبراهيم بن ادهم رحمه الله:
* إياكم و الكبر اياكم و الاعجاب بالأعمال.
انظروا إلى من دونكم، ولا تنظروا إلى من فوقكم *
* من ذلل نفسه رفعه مولاه، ومن خضع له أعزه
* ومن اتقاه وقاه،
* ومن أطاعه أنجاه،
* ومن اقبل إليه أرضاه،
* ومن توكل عليه كفاه ومن ساله أعطاه،
* ومن اقرضه قضاه،
* ومن شكره جازاه،
فينبغي للعبد ان يزن نفسه قبل ان يوزن ويحاسب نفسه قبل ان يحاسب، ويتزين ويتهيأ للعرض على الله العلي الأكبر".
الاعتصام بالله و الاستعداد للقائه
قال الإمام إبراهيم بن ادهم رحمه الله:
* إياكم و الكبر اياكم و الاعجاب بالأعمال.
انظروا إلى من دونكم، ولا تنظروا إلى من فوقكم *
* من ذلل نفسه رفعه مولاه، ومن خضع له أعزه
* ومن اتقاه وقاه،
* ومن أطاعه أنجاه،
* ومن اقبل إليه أرضاه،
* ومن توكل عليه كفاه ومن ساله أعطاه،
* ومن اقرضه قضاه،
* ومن شكره جازاه،
فينبغي للعبد ان يزن نفسه قبل ان يوزن ويحاسب نفسه قبل ان يحاسب، ويتزين ويتهيأ للعرض على الله العلي الأكبر".
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:16 pm
مكانة مكة التاريخية
لقد اورد بطليموس اسم مكة بصيغة مكروبا و هو مشتق من الاسم السبئي مكروباس و معناه مقدس او حرم. سكنها قبائل العماليق ثم نزحت اليها قبائل جرهم و منهم تزوج اسماعيل الذي تفرع لخدمة البيت و امور الدين بعد ان تكونت حكومة مكة لحماية الحجيج و السهر على مصلحتهم و في سنة 208 ق.م ال الحكم الى قبيلة خزاعة و ظلت الحالة كذلك حتى سنة 440م و هو انتقال السلطات الى قريش و اصبحت امور الكبعة كلها في يد قصي بن كلاب.
مكانة مكة التجارية كان موقع مكة وسط طريق القوافل بين مارب و غزة سببا في رواج تجارة قريش فهي مصدر رزقها و ثرائها . فمهر اهلها في هذا النشاط و سنوات رحلة الشتاء الى اليمن و رحلة الصيف الى الشام و وطدوا بذلك مركزهم التجاري وفي البيت الحرام حسن استقبالهم للحجاج و العناية بمصلحتهم فازدادت شهرتها.
مكانة مكة الدينية ان قدسية مكة من بيت الله الحرام و الكعبة المشرفة فمنذ ان هتف ابراهيم لعيه السلام للحج و استحاب له الناس بالتلبية من مختلف البلاد. لم ينقطع عنها العرب لذلك الاشهر الحرم و جعلوا شهر رجب للعمرة و كان اسماعيل اول ما تلقن مراسيم و هي تبحث عن الماء لرضيعها و ارتباط ذلك بشعيرة الصفا و المروة و راجت منزلة مكة لعلو شان البيت العتيق فيها و بفضلها اصبح الحجاز اعظم مركز ديني في العالم. مكانة مكة الثقافية
قد كان لتحريم القتال عند حرم مكة و ان من دخله كان امنا و هو الامر الذي اتفق عليه العرب مما جعل الاسواق الادبية و التجارة فسحة للابداعات دون ان يمس المشتركين فيها بسوء. سمت منزلة سوق عكاظ اصبحت ملتقى الخطباء و قطب الدائرة الفكرية في الجزيرة و هو امر لم يسبق له مثيل في ثقافة اليمن القديمة او في مجالس الادب و حلقاته الزاهرة في بلاط الحيرة و الغساسنة
لقد اورد بطليموس اسم مكة بصيغة مكروبا و هو مشتق من الاسم السبئي مكروباس و معناه مقدس او حرم. سكنها قبائل العماليق ثم نزحت اليها قبائل جرهم و منهم تزوج اسماعيل الذي تفرع لخدمة البيت و امور الدين بعد ان تكونت حكومة مكة لحماية الحجيج و السهر على مصلحتهم و في سنة 208 ق.م ال الحكم الى قبيلة خزاعة و ظلت الحالة كذلك حتى سنة 440م و هو انتقال السلطات الى قريش و اصبحت امور الكبعة كلها في يد قصي بن كلاب.
مكانة مكة التجارية كان موقع مكة وسط طريق القوافل بين مارب و غزة سببا في رواج تجارة قريش فهي مصدر رزقها و ثرائها . فمهر اهلها في هذا النشاط و سنوات رحلة الشتاء الى اليمن و رحلة الصيف الى الشام و وطدوا بذلك مركزهم التجاري وفي البيت الحرام حسن استقبالهم للحجاج و العناية بمصلحتهم فازدادت شهرتها.
مكانة مكة الدينية ان قدسية مكة من بيت الله الحرام و الكعبة المشرفة فمنذ ان هتف ابراهيم لعيه السلام للحج و استحاب له الناس بالتلبية من مختلف البلاد. لم ينقطع عنها العرب لذلك الاشهر الحرم و جعلوا شهر رجب للعمرة و كان اسماعيل اول ما تلقن مراسيم و هي تبحث عن الماء لرضيعها و ارتباط ذلك بشعيرة الصفا و المروة و راجت منزلة مكة لعلو شان البيت العتيق فيها و بفضلها اصبح الحجاز اعظم مركز ديني في العالم. مكانة مكة الثقافية
قد كان لتحريم القتال عند حرم مكة و ان من دخله كان امنا و هو الامر الذي اتفق عليه العرب مما جعل الاسواق الادبية و التجارة فسحة للابداعات دون ان يمس المشتركين فيها بسوء. سمت منزلة سوق عكاظ اصبحت ملتقى الخطباء و قطب الدائرة الفكرية في الجزيرة و هو امر لم يسبق له مثيل في ثقافة اليمن القديمة او في مجالس الادب و حلقاته الزاهرة في بلاط الحيرة و الغساسنة
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:17 pm
من أبطال المقاومة الأمازيغية: يــوغرطــــة
تمهيـــــد:
يعد يوغرطة من أهم أبطال المقاومة الأمازيغية الذين وقفوا في وجه الحكومة الرومانية الجشعة التي أرادت إذلال نوميديا وتقسيمها، بعد أن وحدها الملك ماسينيسا ووسع نفوذها شرقا وغربا وجنوبا. وقد استطاع الملك يوغرطة بحنكته العسكرية أن ينظم جيشا أمازيغيا مدربا، وأن يقوم بإصلاحات اقتصادية واجتماعية قصد التصدي للمحتل الروماني الذي أعد سدا أمنيا عتيدا لحماية المركزية الرومانية في إفريقيا الشمالية ضد الثورات التحررية الأمازيغية المقاتلة. ولكن مقاومة يوغرطة ستؤثر بشكل سلبي على سياسة روما بعد أن ذاقت القوات الرومانية الغازية مرارة الهزائم المتكررة على أبواب نوميديا ، لكن مقاومة يوغرطة لن تدوم طويلا لكي يقتل هذا الملك الأمازيغي الشهم خيانة وغدرا على يد الرومان سنة 106 قبل الميلاد.
وسنحاول في هذه الدراسة التعريف بيوغرطة وبأهم منجزاته الإصلاحية داخل مملكته مع ذكر أهم المراحل التي عرفتها مقاومته ونتائجها المباشرة وغير المباشرة.
1- من هو يوغرطــــة أو يوغرثن ؟
تعني كلمة يوغرطة أو يوگرتن أو يوجيرتن Jugurtha في المعجم الأمازيغي أكبر القوم سنا، وقد تعني أيضا الملك أو كبير الأسرة أو القوم أو العشيرة أو القبيلة أو الجد الأكبر أو الرجل الكبير المحترم.
هذا، وقد ولد يوغرطة المازيلي بنوميديا سنة 118 قبل الميلاد ، وهو سليل أسرة ماسينيسا الحاكمة، ومن ملوك قبائل نوميديا، تولى الحكم بعد وفاة ميسبسا(148-118قبل الميلاد) الذي وسّع التجارة الداخلية والخارجية بين مملكة نوميديا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط.
وهناك من يذهب إلى أن يوغرطة " ابن غير شرعي لماستانابعل بن ماسينيسا، ألحقه عمه الملك" ميكيوسا" بابنيه" أذربعل" و"هيمسعال " وجعله شريكا لهما في عرشه. وبعد وفاة" ميكيوسا" حارب يوغرطة ابني عمه وتخلص منهما بالقتل على التوالي، وانفرد بالملك".
وقد اشتهر يوغرطة بين أقرانه بالشجاعة والهيبة والوقار والذكاء وحب العمل وممارسة الصيد والفروسية حتى امتلك موهبة في مجال الحرب والتنظيم العسكري. وكان معروفا بتفوقه في مجال السباق داخل حلبات الفروسية والمبارزة العسكرية، وأصبح بعد ذلك قائدا عسكريا محنكا وكون جيشا أمازيغيا ليدافع عن سيادة نوميديا مذكرا جيشه دائما بالهوية الأمازيغية وبضرورة الدفاع عن راية الوطن والوقوف بكل شراسة في وجه الرومان المتوحشين الذين لايريدون من الأمازيغيين سوى استغلالهم واستلابهم ونهب ثرواتهم وممتلكاتهم وإخضاعهم رقا وذلا.
ويعترف المؤرخ الروماني سالوست Salluste في كتابه" حرب يوغرطة" بعظمة هذا الملك الشاب الذي أظهر مقاومة بطولية في مقاتلة الرومان. يقول سالوست:" أثار يوغرطة انتباه الناس منذ أول شبابه، بفعل نشاطه وهيبته ووقاره وذكائه. ولم يكن من الذين ينخدعون بمظهر التبرج ويستلمون للراحة، ولكنه كان (...) يمارس الفروسية ويتدرب على الرمي بالرمح وينافس أقرانه للإحراز على جائزة أسرع سباق...وكان يصرف جزءا كبيرا من وقته في الصيد...ولم يكن أحد يشتغل، أكثر منه، ولم يكن أحد يتحدث عن أعماله أقل منه.
... وأمر بأن تستعرض أمامه الكوكبات والرايات ( الأمازيغية) واحدة بعد واحدة. فصار يرغبها في تذكير ماضيها المجيد وفي انتصارها....على الأعداء، وفي الدفاع عن حوزة الوطن والملك، ويحذرها من شر الرومان وجشعهم... لقد عمل كل ما يمكن أن يعمله قائد جيش ليهيئ لنفسه أحسن الظروف في ميدان القتال....وعندما يعرف جنديا سبق له أن جازاه على إقدامه وشجاعته، فإنه يقدمه كمثال للآخرين. وكان يعد ويوعد ويرغب ويرهب، ويستعمل كل الوسائل لحث جيوشه على الإقدام...."
ومن جهة أخرى، قام يوغرطة بإصلاحات اقتصادية واجتماعية وإدارية وعسكرية من أجل بناء مملكة أمازيغية قوية على غرار السياسة الإصلاحية التي قام بها عمه ماسينيسا. وفعلا، استطاعت قوات يوغرطة أن تقف في وجه ثلاثة قواد رومانيين كبار أرسلتهم المشيخة الرومانية للقضاء على ثورة يوغرطة النوميدية، وهم: ميتيلوس وماريوس وسيلاّ.
وخير من تحدث ومازال يتحدث عن تاريخ يوغرطة وحروبه القاسية ضد الرومان المؤرخ الروماني سالوست في كتابه" حروب يوغرطة"، إلا أن مدونات سالوست التاريخية كانت تعبر" عن تناقضات الجمهورية الرومانية بقدر ماتروي قصة ثورة يوغرطة. فقد يكون هذا الأخير قد خطط فعلا لتوحيد البربر وطرد الرومان، لكن يستحيل أن نجد لهذا الهدف صدى عند المؤرخ الروماني الذي يذكر أعمال يوغرطة لغرض واحد هو إصدار أحكام قاسية على زعماء روما وهي في دور الانحطاط.
لا نقول: إن سكوت سالوست- يقول عبد الله العروي- يدل على عدم وجود أي مشروع توحيدي وتحريري في ذهن يوغرطة، بل نقول إن الوثيقة المكتوبة، هي وثيقة رومانية، لا يمكن أن تسوق الأخبار من وجهة نظر مغربية. وهذا أمر بديهي". "
ويبين لنا هذا التوجه النقدي للوثيقة التاريخية للمؤرخ سالوست أن المؤرخين الرومان كانوا غير موضوعيين في أحكامهم القاسية التي يصدرونها في حق أبناء تامازغا، وكانوا يعتبرون الأبطال الأمازيغيين إرهابيين ومنشقين عن الحكم الروماني، وبمثابة زعماء العصابات ورؤساء جماعات اللصوص الذين يثيرون الهلع والذعر والخوف والفزع في نفوس المواطنين الذين يسكنون في القرى والمدن النوميدية وخاصة الجالية الرومانية التي كانت تسيطر على مراكز القرار ودواليب الاقتصاد و التجارة والخدمات.
2- تطور المقاومة الأمازيغية بقيادة يوغرطة:
بادرت الحكومة الرومانية منذ نزول قواتها على أراضي تمازغا وبعد وفاة الملك ماسينيسا إلى تقسيم شمال إفريقية إداريا إلى ثلاث مناطق رئيسية، وهي: أفريكا اللاتينية ويقصد بها تونس وكانت خاضعة كليا لقبضة الرومان، ونوميديا وتمتد من التراب التونسي إلى العاصمة الأمازيغية سيرتا ( قسنطينة)، وتنقسم هذه المملكة الجزائرية إلى قسمين: القسم الأول كان تحت نفوذ مسبسا ابن ماسينيسا(146-118 ق.م)، والقسم الآخر كان تحت تصرف يوغرطة. أما موريطانيا Maurétanie فقد وضعوها تحت تصرف القائد البربري بوكوس Boccus. ولقد اختار الرومان لمراقبة هذه الممالك الأمازيغية عاصمة في تونس تكون بديلا لقرطاجنة سموها بـــ "جنونيا".
ومن جهة أخرى، شرع الرومان في بناء سد أمني يسمى خط الليمس Limes وهو عبارة عن حصون وقلاع وخنادق ومراكز المراقبة للسيطرة على إفريقيا الشمالية والتحكم في مواردها الاقتصادية، وهذا الخط يمتد طولا بين الساحل المتوسطي وحدود التراب الصحراوي جنوبا. أما عرضا فيمتد الخط من طرابلس مرورا بالبحيرات التونسية وجبال الأوراس، فيمر ببسكرة جنوبا ، ثم يجتاز قرية بوسعادة حتى نهر وادي شلف. وبعد ذلك يقطع تاخمارت والزفيزف وتلمسان ومغنية. ويعبر هذا الخط الفاصل الحدودي المغرب مرورا بتازة ومنعرجا بمدينتي وليلي وطنجة حتى يصل إلى جنوب الرباط.
بيد أن الأمازيغ لم يرضوا بالحكم الروماني في إفريقيا الشمالية ولم يقبلوا بتدخلاته في نوميديا وموريطانيا، ولم يرضوا كذلك بخط الليمس الذي اعتبروه خطا استعماريا عنصريا يراد منه طرد الأمازيغيين من أراضيهم الخصبة وتحويلهم إلى شعب ذليل وفقير من الدرجة الدنيا. هذا ما دفع يوغرطة ليجمع الأمازيغ ويوحدهم في مملكة واحدة بعد أن اغتال أبناء عمه ماسينيسا "أذربعل" و"هيمسعال" ليسيطر على حكمهما، وۥيخضع مملكة نوميديا ليسيرها بنفسه. وبالتالي، اتخذ يوغرطة سيرتا ( قسنطينة) المدينة الجبلية الواقعة في جبال الأوراس عاصمته منذ سنة 104 ق.م، واستطاع أن ينظم الجيش ويقسمه إلى مشاة وفرسان ، وأن يدربه على أحدث الطرق العسكرية لمجابهة الاحتلال الروماني. وقد كان الجيش الأمازيغي كله تحت تصرف القائد يوغرطة الذي ضرب به الجيش الروماني مرات عدية، فانتصر عليه في عدة معارك وخاصة معركة سوتول قرب گالمة بالجزائر. وكانت الحروب التي خاضها يوغرطة ضد الرومان تسمى عند المؤرخ اللاتيني سالوست بـــ"حروب يوغرطة" التي وقعت بين 111 و105 ق.م.
هذا، وقد حقق يوغرطة انتصارا حاسما على ألبيونس سنة 110ق، وكان لهذه الهزيمة " وقع شديد في روما حيث ساد السخط والتذمر أوساط الشعب بقيادة زعمائه وخطبائه الشعبيين، الذين طالبوا بخوض حرب لاهوادة فيها ضد الملك النوميدي لرد الاعتبار والثأر للكرامة الرومانية. مما يبدو معه مدى انعكاس تناقضات المجتمع الروماني على سير الأحداث في شمال إفريقيا، فحرب نوميديا كانت ميدانا للحسم في الصراعات الاجتماعية السياسية بين الطبقات الرومانية.
في خضم ذلك الوضع المشحون صعد ميتيلوس إلى مركز الزعامة الرومانية فقاد حملته على نوميديا سنة 109 ق.م. وألحق الهزيمة بيوغرطة، ثم سيطر على عاصمته سيرتا ليزحف على شرق ووسط نوميديا. فاضطر يوغرطة إلى بذل جهود لإيجاد دعم لمواجهة الموقف، فاستطاع تجنيد قبائل جدالة القاطنة في الهوامش الصحراوية، كما أقنع بوكوس الأول ملك موريطانيا بضرورة التصدي المشترك للزحف الروماني".
وهكذا بدأت القوات الأمازيغية تتحرك بقيادة يوغرطة نحو سيرتا لمواجهة ميتيلوس الذي اتخذها قاعدة عسكرية، لكن الحكومة الرومانية ستعين قائدا عسكريا شعبيا محترفا في مجال التكتيك الحربي يسمى ماريوس الذي" ضم جموعا هائلة من الفقراء والرعاع إلى القوات المحاربة في نوميديا، وبدأ بنشر الذعر بين سكان القرى والمدن النوميدية لرفع معنويات جنوده. علاوة على ذلك نجح الرومان في جر الملك الموريطاني بوكوس الأول إلى التآمر على حليفه يوغرطة، إذ غدر به وألقي عليه القبض سنة 104 ق.م وسلمه لأعدائه الرومان ليعدم سنة 106 ق.م، وبذلك انتهت حرب نوميديا التحررية ضد روما.".
بيد أن مقاومة يوغرطة لم تدم كثيرا في مقاتلة الرومان بالمقارنة مع مقاومة تاكفاريناس ، إذ سرعان ما قضى الرومان على حكومته وجيشه بسبب الغدر والمكيدة ، وذلك عندما فر إلى صهره بوكوس ملك موريطانيا طلبا لمناصرته وإيوائه ، " ولكن الخائن بوكوس يخاف على عرشه، ويتسرب الجشع إلى نفسه الدنيئة، فيسلمه لسيلا (Sylla ) خليفة ماريوس القائد الروماني المشهور. ولايلبث الرومانيون أن يقدموا للملك بوكوس جائزة ذات قيمة واعتبار على خيانته، وذلك بضم الجهة الغربية من منطقة نوميديا( الجزائر الحالية) إلى موريطانيا الطنجية جزاء له على خيانته! ولما توفي بوكوس الذي سعى في توسيع مملكته بالصورة التي رأيت، حاول الإمبراطور الروماني أوگست (Auguste) أن يجعل من موريطانيا الغربية بلادا مستقلة، وأجلس على عرشها ملكا من أشهر ملوك البربر، نظرا لما أنجزه من إصلاحات وما قام به من أعمال جليلة في سبيل مصلحة بلاده، وهو يوبا الثانيJuba 2 " .
وهكذا، نجد بوكوس الأول ملك موريطانيا ويوبا الثاني ملك موريطانيا الطنجية يتحالفان ضد يوغرطة ويسلمانه أسيرا للروم سنة104 ق.م في طبق من ذهب ليموت يوغرطة في سجنه سنة 106 ق.م.
3- نتائج ثورة يوغرطة:
بعد وفاة يوغرطة تقسم مملكة نوميديا إلى قسمين: القسم الغربي من نصيب بوكوس الأول ملك موريطانيا وحليف روما، بينما القسم الشرقي يتولاه الملك گودا. وعند وفاة بوكوس ملك موريطانيا ستنقسم مملكته بدورها إلى قسمين: مملكة غربية يملكها بوگود، ومملكة شرقية يملكها بوكوس الثاني أو بوكوس الشاب.
" وفي عهد الإمبراطور الروماني أوكتافيوس (Octavianus ) (63ق.م-14 ق.م) تمكن بوكوس من الاستيلاء على ممتلكات بوگود، وامتدت موريطانيا- في ذلك التاريخ- من المحيط الأطلسي حتى نهر المساقة".
ومما يؤسف له حقا أن الرومان والبيزنطيين والوندال كانوا دائما يضربون الأمازيغيين بإخوانهم الأمازيغيين، ويشعلون نار الفتنة بينهم، ويستعملون كل وسائل الغواية والإغراء لكسب تحالفهم ؛ وقد شجع هذا الأمر الفظيع على انتشار الحسد والحقد والخيانة بين صفوف الأمازيغيين للتحايل على إخوانهم غدرا ومكرا؛ وهذا كان ييسر بطبيعة الحال المهمات و السبل أمام الأعداء الألدة للانقضاض عليهم بكل سهولة وسرعة.
وعلى الرغم من القضاء على ثورة يوغرطة من قبل الرومان وحلفائهم الخونة، إلا أن هذه الثورة ستبقى مشعلا للمقاومة الأمازيغية ودربا للكفاح والنضال من أجل نيل الحرية والاستقلال والتخلص من المستعمر الروماني . وستشعل ثورة يوغرطة الباسلة فعلا ثورات عسكرية أخرى كثورة تاكفاريناس، وثورات اجتماعية ذات طابع اقتصادي كثورة "الدوارين"، وثورات دينية كثورة "إدمون" التي كانت تطالب بطرد الرومان ورجال الدين الكاثوليك والنبلاء الأجانب المستغلين من أرض نوميديا ومن كل أراضي تامازغا.
خاتمـــــة:
وعليه، فبعد تصفية يوغرطة حساباته السياسية مع أبناء عمه ماسينيسا، وحّد القبائل الأمازيغية، ونظم جيشا عتيدا، وقام بإصلاحات اقتصادية واجتماعية وعسكرية. وكل هذا من أجل توسيع نفوذ مملكته قصد الاستعداد لمجابهة القوات الرومانية وأسوار خط الليمس المنيعة. ولكنه في الأخير سيقع أسيرا في أيدي الرومان بسبب خيانة بوكوس الأول ويوبا الثاني .
وبعد مقتل يوغرطة خيانة وغدرا ستضع الحكومة الرومانية نهاية لكل التطلعات الأمازيغية في تأسيس دولة تامازغا.
ويلاحظ المتتبعون للمقاومة الأمازيغية أن حركات القرن الأول التحررية ابتداء من ماسينيسا ويوغرطة وتاكفاريناس كانت مقاومة ضد الغزو الروماني واغتصاب الأرض، ولكن مع بداية القرن الثاني الميلادي ستتخذ الثورات الأمازيغية طابعا اجتماعيا بعد تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في الوسط الأمازيغي بسبب بطش الحكم الروماني واستيلائه المطلق على كل ثروات الأمازيغيين وطردهم خارج خط الليمس أو ما يسمى بالسد الأمني.
ونختم مقالنا المتواضع بقولة ليوغرطة يندد فيها بالإمبراطورية الرومانية ويشنع بسياستها التوسعية وبأطماعها الجشعة مستشرفا نهايتها الأكيدة:"روما، أيتها المدينة المعروضة للبيع! أنت هالكة لو تجدين مشتريا!"
ملاحظـــة:
جميل حمداوي، صندوق البريد 5021 أولاد ميمون، الناظور ، المغرب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الهوامش:
- محمد شفيق: لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين، دار الكلام بالرباط الطبعة الأولى سنة 1989، ص:38-39؛
-A regarder, Salluste : la guerre du Jugurtha, Paris 1968 ;
- عبد الله العروي: مجمل تاريخ المغرب، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء، ط1،1984م، ص:54؛
- محمد محيي الدين المشرفي: أفريقيا الشمالية في العصر القديم، دار الكتب العربية، ط4، 1969م، ص:77-78؛
- محمد بوكبوط: الممالك الأمازيغية في مواجهة التحديات، صفحات من تاريخ الأمازيغ القديم، مركز طارق بن زياد، الطبعة الأولى أكتوبر سنة2002م، ص:40؛
- محمد بوكبوط: الممالك الأمازيغية في مواجهة التحديات، صفحات من تاريخ الأمازيغ القديم، مركز طارق بن زياد، الطبعة الأولى أكتوبر سنة2002م، ص:40-41؛
- محمد محيي الدين المشرفي: نفس المرجع، ص:79-80؛
- عز الدين المناصرة: المسألة الأمازيغية في الجزائر والمغرب، مطبعة الشروق، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، سنة 1999م، ص:85؛
- د. العربي أكنينح: في المسألة الأمازيغية: أصول المغاربة، مطبعة الليدو بفاس، ط1، 2003م، ص:20؛
- محمد شفيق: لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين، ص:39.
الدكتور جميل حمداوي
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:17 pm
عبد القادر الجزائري
الأمير عبد القادرالجزائري
عبد القادر الجزائري أو الأمير عبد القادر، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة. رجل دين، شاعر، فيلسوف، سياسي و محارب في آن واحد. اشتهر بمناهضته للاحتلال الفرنسي للجزائر.
[تحرير] النشأة
هو الشيخ الأمير عبد القادر ابن الأمير محيي الدين ابن مصطفى ابن محمد ابن المختار ابن عبد القادر ابن أحمد ابن محمد ابن عبد القوي ابن يوسف ابن أحمد ابن شعبان ابن محمد ابن أدريس الأصغر ابن أدريس الأكبر ابن عبدالله ( الكامل ) أبن الحسن ( المثنى ) أبن الحسن ( السبط ) ابن فاطمة بنت محمد رسول الله وزوجة علي ابن أبي طالب بن عم الرسول[بحاجة لمصدر].
ولد في 23 رجب 1222هـ / مايو 1807م، وذلك بقرية "القيطنة" بوادي الحمام من منطقة معسكر "المغرب الأوسط" الجزائر، ثم انتقل والده إلى مدينة وهران.
لم يكن محيي الدين (والد الأمير عبد القادر) هملاً بين الناس، بل كان ممن لا يسكتون على الظلم، فكان من الطبيعي أن يصطدم مع الحاكم العثماني لمدينة "وهران"، وأدى هذا إلى تحديد إقامة الوالد في بيته، فاختار أن يخرج من الجزائر كلها في رحلة طويلة.
كان الإذن له بالخروج لفريضة الحج عام 1241هـ/ 1825م، فخرج الوالد واصطحب ابنه عبد القادر معه، فكانت رحلة عبد القادر إلى تونس ثم مصر ثم الحجاز ثم البلاد الشامية ثم بغداد، ثم العودة إلى الحجاز ، ثم العودة إلى الجزائر مارًا بمصر وبرقة وطرابلس ثم تونس، وأخيرًا إلى الجزائر من جديد عام 1828 م، فكانت رحلة تعلم ومشاهدة ومعايشة للوطن العربي في هذه الفترة من تاريخه، وما لبث الوالد وابنه أن استقرا في قريتهم "قيطنة"، ولم يمض وقت طويل حتى تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنت فرنسا من احتلال العاصمة فعلاً في 5 يوليو 1830م، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا، ولكن الشعب الجزائري كان له رأي آخر.
[تحرير] المبايعة
فرّق الشقاق بين الزعماء كلمة الشعب، وبحث أهالي وعلماء "وهران" عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعون على الجهاد تحت قيادته، واستقر الرأي على "محيي الدين الحسني" وعرضوا عليه الأمر، ولكن الرجل اعتذر عن الإمارة وقبل قيادة الجهاد، فأرسلوا إلى صاحب المغرب الأقصى ليكونوا تحت إمارته، فقبل السلطان "عبد الرحمن بن هشام" سلطان المغرب، وأرسل ابن عمه "علي بن سليمان" ليكون أميرًا على وهران، وقبل أن تستقر الأمور تدخلت فرنسا مهددة السلطان بالحرب، فانسحب السلطان واستدعى ابن عمه ليعود الوضع إلى نقطة الصفر من جديد، ولما كان محيي الدين قد رضي بمسئولية القيادة العسكرية، فقد التفت حوله الجموع من جديد، وخاصة أنه حقق عدة انتصارات على العدو، وقد كان عبد القادر على رأس الجيش في كثير من هذه الانتصارات، فاقترح الوالد أن يتقدم "عبد القادر" لهذا المنصب، فقبل الحاضرون، وقبل الشاب تحمل هذه المسؤولية، وتمت البيعة، ولقبه والده بـ "ناصر الدين" واقترحوا عليه أن يكون "سلطان" ولكنه اختار لقب "الأمير"، وبذلك خرج إلى الوجود "الأمير عبد القادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسني"، وكان ذلك في 13 رجب 1248هـ الموافق 20 نوفمبر 1832.
وحتى تكتمل صورة الأمير عبد القادر، فقد تلقى الشاب مجموعة من العلوم فقد درس الفلسفة (رسائل إخوان الصفا - أرسطوطاليس - فيثاغورس) ودرس الفقه والحديث فدرس صحيح البخاري ومسلم، وقام بتدريسهما، كما تلقى الألفية في النحو، والسنوسية، والعقائد النسفية في التوحيد، وايساغوجي في المنطق، والإتقان في علوم القرآن، وبهذا اكتمل للأمير العلم الشرعي، والعلم العقلي، والرحلة والمشاهدة، والخبرة العسكرية في ميدان القتال، وعلى ذلك فإن الأمير الشاب تكاملت لديه مؤهلات تجعله كفؤًا لهذه المكانة، وقد وجه خطابه الأول إلى كافة العروش قائلاً: "… وقد قبلت بيعتهم (أي أهالي وهران وما حولها) وطاعتهم، كما أني قبلت هذا المنصب مع عدم ميلي إليه، مؤملاً أن يكون واسطة لجمع كلمة المسلمين، ورفع النزاع والخصام بينهم، وتأمين السبل، ومنع الأعمال المنافية للشريعة المطهرة، وحماية البلاد من العدو، وإجراء الحق والعدل نحو القوى والضعيف، واعلموا أن غايتي القصوى اتحاد الملة المحمدية، والقيام بالشعائر الأحمدية، وعلى الله الاتكال في ذلك كله".
عبدالقادر الجزائري
[تحرير] دولة الأمير عبد القادر و عاصمته المتنقلة
وقد البطولة اضطرت فرنسا إلى عقد اتفاقية هدنة معه وهي اتفاقية "دي ميشيل" في عام 1834، وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر، وبذلك بدأ الأمير يتجه إلى أحوال البلاد ينظم شؤونها ويعمرها ويطورها، وقد نجح الأمير في تأمين بلاده إلى الدرجة التي عبر عنها مؤرخ فرنسي بقوله: «يستطيع الطفل أن يطوف ملكه منفردًا، على رأسه تاج من ذهب، دون أن يصيبه أذى!!». و كان الامير قد انشا عاصمة متنقلة كاي عاصمة اوربية متطورة انداك سميت الزمالة
وقبل أن يمر عام على الاتفاقية نقض القائد الفرنسي الهدنة، وناصره في هذه المرة بعض القبائل في مواجهة الأمير عبد القادر، ونادى الأمير قي قومه بالجهاد ونظم الجميع صفوف القتال، وكانت المعارك الأولى رسالة قوية لفرنسا وخاصة موقعة "المقطع" حيث نزلت بالقوات الفرنسية هزائم قضت على قوتها الضاربة تحت قيادة "تريزيل" الحاكم الفرنسي.
ولكن فرنسا أرادت الانتقام فأرسلت قوات جديدة وقيادة جديدة، واستطاعت القوات الفرنسية دخول عاصمة الأمير وهي مدينة "معسكر" وأحرقتها، ولولا مطر غزير أرسله الله في هذا اليوم ما بقى فيها حجر على حجر، ولكن الأمير استطاع تحقيق مجموعة من الانتصارات دفعت فرنسا لتغيير القيادة من جديد ليأتي القائد الفرنسي الماكر الجنرال "بيجو"؛ ولكن الأمير نجح في إحراز نصر على القائد الجديد في منطقة "وادي تافنة" أجبرت القائد الفرنسي على عقد معاهدة هدنة جديدة عُرفت باسم "معاهد تافنة" في عام 1837م. وعاد الأمير لإصلاح حال بلاده وترميم ما أحدثته المعارك بالحصون والقلاع وتنظيم شؤون البلاد، وفي نفس الوقت كان القائد الفرنسي "بيجو" يستعد بجيوش جديدة، ويكرر الفرنسيون نقض المعاهدة في عام 1839م، وبدأ القائد الفرنسي يلجأ إلى الوحشية في هجومه على المدنيين العزل فقتل النساء والأطفال والشيوخ، وحرق القرى والمدن التي تساند الأمير، واستطاع القائد الفرنسي أن يحقق عدة انتصارات على الأمير عبد القادر، ويضطر الأمير إلى اللجوء إلى بلاد المغرب الأقصى، ويهدد الفرنسيون السلطان المغربي، ولم يستجب السلطان لتهديدهم في أول الأمر ، وساند الأمير في حركته من أجل استرداد وطنه، ولكن الفرنسيين يضربون طنجة وموغادور بالقنابل من البحر، وتحت وطأة الهجوم الفرنسي يضطر السلطان إلى توقيع معاهدة الحماية، التي سبقت إحتلال المغرب الأقصى.
[تحرير] بداية النهاية
يبدأ الأمير سياسة جديد في حركته، إذ يسارع لتجميع مؤيديه من القبائل، ويصير ديدنه الحركة السريعة بين القبائل فإنه يصبح في مكان ويمسي في مكان آخر حتى لقب باسم "أبا ليلة وأبا نهار"، واستطاع أن يحقق بعض الانتصارات، ولكن فرنسا دعمت قواتها بسرعة، فلجأ مرة ثانية إلى بلاد المغرب، ومن ناحية أخرى ورد في بعض الكتابات أن بعض القبائل المغربية راودت الأمير عبد القادر أن تسانده لإزالة السلطان القائم ومبايعته سلطانًا بالمغرب، وعلى الرغم من انتصار الأمير عبد القادر على جيش الإستطلاع الفرنسي، إلا أن المشكلة الرئيسية أمام الأمير هي الحصول على سلاح لجيشه، ومن ثم أرسل لكل من بريطانيا وأمريكا يطلب المساندة والمدد بالسلاح في مقابل إعطائهم مساحة من سواحل الجزائر: كقواعد عسكرية أو لاستثمارها، وبمثل ذلك تقدم للعرش الإسباني ولكنه لم يتلقَ أي إجابة، وأمام هذا الوضع اضطر في النهاية إلى التفاوض مع القائد الفرنسي "الجنرال لامور يسيار" على الاستسلام على أن يسمح له بالهجرة إلى الإسكندرية أو عكا ومن أراد من اتباعه، وتلقى وعدًا زائفًا بذلك فاستسلم في 23 ديسمبر 1847م، ورحل على ظهر إحدى البوارج الفرنسية، وإذا بالأمير يجد نفسه بعد ثلاثة أيام في ميناء طولون ثم إلى إحدى السجون الحربية الفرنسية، وهكذا انتهت دولة الأمير عبد القادر، وقد خاض الأمير خلال هذه الفترة من حياته حوالي 40 معركة مع الفرنسيين والقبائل المتمردة .
[تحرير] الأمير الأسير
الأمير عبد القادر عام 1850
ظل الأمير عبد القادر في سجون فرنسا يعاني من الإهانة والتضييق حتى عام 1852م ثم استدعاه نابليون الثالث بعد توليه الحكم، وأكرم نزله، وأقام له المآدب الفاخرة ليقابل وزراء ووجهاء فرنسا، ويتناول الأمير كافة الشؤون السياسية والعسكرية والعلمية، مما أثار إعجاب الجميع بذكائه وخبرته، ودُعي الأمير لكي يتخذ من فرنسا وطنًا ثانيًا له، ولكنه رفض، ورحل إلى الشرق براتب من الحكومة الفرنسية. توقف في إسطنبول حيث السلطان عبد المجيد، والتقى فيها بسفراء الدول الأجنبية، ثم استقر به المقام في دمشق منذ عام 1856 م وفيها أخذ مكانة بين الوجهاء والعلماء، وقام بالتدريس في المسجد الأموي كما قام بالتدريس قبل ذلك في المدرسة الأشرفية، وفي المدرسة الحقيقية.
وفي عام 1276هـ/1860 م تتحرك شرارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في منطقة الشام، ويكون للأمير دور فعال في حماية أكثر من 15 ألف من المسيحيين، إذ استضافهم في منازله. لجأ إليه فردينان دو ليسبس لإقناع العثمانيين بمشروع قناة السويس.
[تحرير] وفاته
وافاه الأجل بدمشق في منتصف ليلة 19 رجب 1300هـ/ 24 مايو 1883 عن عمر يناهز 76 عامًا، وقد دفن بجوار الشيخ ابن عربي بالصالحية بدمشق.
بعد استقلال الجزائر نقلت جثمانه إلى الجزائر عام 1965.
1- مقدمة
تمثل هذه المقاومة مرحلة هامة من مراحل الكفاح المسلح ضد الاحتلال الفرنسي في طوره الأول،فبعد مبايعة الأميرعبد القادر في 27 نوفمبر 1832، وهو في عز شبابه شرع في وضع مشروع بناء دولة حديثة ،فكانت حياته مليئة بالإنجازات العسكرية والسياسية والحضارية.ويمكن تقسيم المقاومة إلى ثلاث فترات:
2- مرحلة القوة 1832-1837
عمل الأمير على توحيد صف مختلف القبائل حول مسألة الجهاد، وبسط نفوذه على أغلب الغرب الجزائري وأتخذ من مدينة معسكر عاصمة له وشرع في تنظيم المقاومة ، فاستولى على ميناء آرزيو لتموينها ، وشرع في تنظيم الجيش ، إضافة الى فرق المدفعية ودربهم على حرب العصابات ، وفي إطار التنظيم العسكري زيادة على توحيد الأوامر والقوانين العسكرية الدالة على الانضباط والصرامة في المؤسسة العسكرية مثل :
- وضع سلم تسلسلي للرتب العسكرية على النحو التالي : رقيب - رئيس الصف - السياف - الآغا.
-قسم الوحدات الأساسية في الجيش النظامي إلى كتائب و تضم الكتيبة الواحدة مائة جندي.
-وسـع دائرة نفوذه إلى أنحاء أخرى من الوطن شملت جزءا كبيرا من إقليم تلمسان ومليانة والتيطري (المدية).وتوسع نفوذ الأمير عبر الغرب الجزائري خاصة بعد انتصاراته العسكرية ، و أصبح يهدد الاحتلال الفرنسي في وهران وآرزيو مما أدى الى فرض هدنة على الفرنسيين نتج عنها ابرام معاهدة عرفت باسم القائد الفرنسي في وهران وهي معاهدة دي ميشال في 26 فبراير 1834،غير أن الجنرال تريزيل الذي خلف الجنرال ديميشال منذ عام 1835،لم يحترمها و حاول إيجاد الفرصة لمعاودة قتال الأمير و نقض معاهدة الصلح، و فعلا اغتنم فرصة لجوء قبائل الدوائر و الزمالة إليه . طلب الأمير من الجنرال تريزيل أن يرفع حمايته عن هذه القبائل ليعيدها إلى سلطته إلا أن هذا الأخير رفض ، فأستؤنف القتال من جديد حيث التقا في حوش غابة مولاي إسماعيل قرب مدينة سيق يوم 26 جوان 1835اين دارت بينهما معركة سيق ، انهزم فيها الفرنسيون. ثم التقيا مرة أخرى في معركة المقطع 27 جوان تكبدت فيها القوات الفرنسية هزيمة نكراء ترتبت عنها انعكاسات و آثار منها :
1-عزل الحاكم العام ديرلون والجنرال تريزل.
2-تعيين الماريشال كلوزيل حاكما عاما على الجزائر في جويلية 1835 وإرسال قوات كبيرة لمواجهة الأمير.
قام كلوزيل بمهاجمة معسكر عاصمة الأمير ، إلا أنه وجدها خالية فغادرها إلى تلمسان التي احتلها ، إلا أن جيوش الأمير بقيت تسيطر على الطريق الرابط بين تلمسان وهران، فأصبح الجيش الفرنسي محاصرا داخل أسوار المدينة. و لرفع الحصار ، قاد الجنرال بيجو حملة عسكرية كبيرة حقق على إثرها انتصارا في موقعه وادي السكاك سنة 1836 وأتسعت المقاومة ، مما أضطر ببيجو الى مهادنة الأمير مؤقتا و فوقع معه معاهدة التافنة يوم 30 ماي 1837 وهذا من أجل تحقيق الأغراض الآتية:
-التفرغ للقضاء على مقاومة أحمد باي في الشرق الجزائري.
-إعداد فرق عسكرية خاصة بحرب الجبال.
-فك الحصار عن المراكز الفرنسية.
-انتظار وصول الإمدادات العسكرية من فرنسا.
3- مرحلة تنظيم الدولة 1837-1839
استغل الأمير عبد القادر معاهدة التافنة لتعزيز قواته العسكرية و تنظيم دولته من خلال الإصلاحات الإدارية والتنظيمات العسكرية الآتية:
1-تشكيل مجلس وزاري مصغر يضم رئيس الوزراء ، نائب الرئيس ، وزير الخارجية ، وزير الخزينة الخاصة و وزير الأوقاف - وزير الأعشار ، الزكاة، ثم الوزراء الكتبة وهم ثلاثة حسب الحاجة و اتخذت هذه الوزارة من مدينة معسكر عاصمة لها.
2- تأسيس مجلس الشورى الأميري و يتكون من 11 عضوا يمثلون مناطق مختلفة.
3- التقسيم الإداري للبلاد إلى ولايات وكل ولاية يديرها خليفة، وقسم الولاية إلى عدة دوائر و وضع على رأس كل دائرة قائدا يدعى برتبة آغا و تضم الدائرة عددا من القبائل يحكمها قائد ،و يتبع القائد مسؤول إداري يحمل لقب شيخ.
4-تنظيم الميزانية وفق مبدأ الزكاة وفرض ضرائب إضافية لتغطية نفقات الجهاد وتدعيم مدارس التعليم…الخ.
5-تدعيم القوة العسكرية بإقامة ورشات للأسلحة و الذخيرة وبناء الحصون على مشارف الصحراء.حتى يزيد من فاعلية جيشه .
6-تصميم علم وطني وشعار رسمي للدولة.
7-ربط علاقات دبلوماسية مع بعض الدول .
4- مرحلة الضعف 1839-1847
بادر المارشال فالي إلى خرق معاهدة التافنة بعبور قواته الأراضي التابعة للأمير وبدأت الكفة ترجح لصالح العدو بعد استيلائه على عاصمة الأمير تاقدامت 1841 ،ثم سقوط الزمالة -عاصمة الأمير المتنقلة- سنة 1843 و على إثر ذلك اتجه الأمير إلى المغرب في أكتوبر عام 1843 الذي ناصره في أول الأمر ثم اضطر إلى التخلي عنه على إثر قصف الأسطول الفرنسي لمدينة طنجة و الصويرة، الأمر الذي دفعه إلى العودة إلى الجزائر في سبتمبر 1845 محاولا تنظيم المقاومة من جديد ، غير أن الأمر استعصى عليه خاصة بعد فقدان أبرز أعوانه، ففكر في عبور الحدود مرة أخرى إلا أن السلطان المغربي تحت تأثير التهديد الفرنسي أرغمه على مغادرة البلاد. وباشتداد الحصار عليه ،لم يجد بدا من التسليم الذي عرضه على القائد الفرنسي لامورسيير شريطة السماح له بالخروج حيث يشاء ، لكن السلطات الفرنسية لم تلتزم بالعهد فزجت به في سجن لا مبواز لمدة خمس سنوات ثم أطلق سراحه ، فاختار الهجرة مع عدد من أسرته وأنصاره، و أمضى بقية حياته بدمشق حتى أدركته المنية في شهر ماي 1883.
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:18 pm
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين
شبكة إمارات نيوز - قسم الدراسات - الباحثة خديجة عرفة:*
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
يشهد المجتمع الدولي منذ نهاية الحرب الباردة ظهور مجموعة جديدة من المفاهيم المغايرة للمنظومة المفاهيمية التي ظلت لفترة طويلة حاكمة لمسار العلاقات الدولية ومن بينها مفاهيم مثل العولمة، والتدخل الدولي الإنساني، وإجراءات بناء الثقة، والحرب الاستباقية، والأمن الإنساني وغيرها من المفاهيم و التي أصبحت أحد الأدوات الدبلوماسية غير التقليدية لإدارة العلاقات الدولية، فعادة ما تكون هناك قوى دولية تدفع بالمفاهيم الجديدة بما يحقق مصالحها الذاتية. ورغم أن هذه المفاهيم ليست جديدة، إذ إن هناك جذور لهذه المفاهيم منذ فترات سابقة، إلا إن الجديد هو السياق التاريخي والتحولات العالمية التى أفرزت هذه المفاهيم فى سياقها.
هذا، ويُشكل مفهوم الأمن الإنساني أحد تلك المفاهيم، فقد طُرح المفهوم من خلال تقرير التنمية البشرية لعام 1994، ثم أخذت بعض الدول في تبنى المفهوم كأحد أدوات سياستها الخارجية ومن بينها اليابان وكندا، وفى عام 2004 طرح الاتحاد الأوروبي للإستراتيجية الأوروبية لتحقيق الأمن الإنساني. وبوجه عام، يتخذ مفهوم الأمن الإنساني من الفرد وحدته الأساسية في التحليل انطلاقاً من أن أمن الدول رغم أهميته لم يعد ضامناً أو كفيلاً بتحقيق أمن الأفراد، والأكثر من ذلك إنه في أحيان كثيرة تفقد الدولة الشرعية فتتحول ضد أمن مواطنيها. ومن هذا المنطلق، جاء بروز مفهوم الأمن الإنساني فى محاولة لإدماج البعد الفردي ضمن دراسات الأمن، وذلك من خلال التركيز على تحقيق أمن الأفراد داخل وعبر الحدود بدلاً من التركيز على أمن الحدود ذاته، وهو ما جاء انعكاساً لمجموعة كبيرة من التحولات التي شهدتها البيئة الدولية فى فترة ما بعد الحرب الباردة و التي كشفت عن مدى خطورة مصادر تهديد أمن الأفراد وعدم ملائمة الاقتراب التقليدي للأمن لتحديد السبل الكفيلة بتحقيق الأمن الإنساني.
وعلى هذا الأساس، يمكننا تعريف مفهوم الأمن الإنساني على إنه "مفهوم الأمن الإنساني جوهره الفرد، إذ يُعنا بالتخلص من كافة ما يهدد أمن الأفراد السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي من خلال التركيز على الإصلاح المؤسسي وذلك بإصلاح المؤسسات الأمنية القائمة، وإنشاء مؤسسات أمنية جديدة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية مع البحث عن سبل تنفيذ ما هو قائم من تعهدات دولية تهدف إلى تحقيق أمن الأفراد، وهو ما لا يمكن تحقيقه بمعزل عن أمن الدول".
وعلى هذا الأساس، يتضح أن جوهر مفهوم الأمن الإنساني هو الإصلاح المؤسسي وهو ما يُشكل الفرق الجوهري بينه وبين مفهوم حقوق الإنسان، فرغم أن البعض قد يتصور أن كليهما يعنى الشئ ذاته ممثلاً في ضرورة توافر حد أدنى من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأفراد كافة بصرف النظر عن النوع، أو الدين، أو الجنس. بيد أنه في واقع الأمر، توجد مجموعة من التباينات بين المفهومين، فإذا كان مفهوم حقوق الإنسان يرتكز بالأساس على تحديد مجموعة واسعة من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللازم توافرها للأفراد، فإننا في المقابل نجد مفهوم الأمن الإنساني يمكن أن يسهم في خلق ترتيب أو وضع أولويات لتلك المجموعة واسعة النطاق من الحقوق الإنسانية من خلال إعلائه من شأن بعض الحقوق وذلك وفقاً لأجندات وحالات متباينة، ففي حالات الدول التي تُعانى من النزاعات المسلحة تصبح الأولوية في تلك الحالة للتركيز على البعد السياسي لمفهوم الأمن الإنساني من خلال العمل على حماية الأفراد من آثار تلك الحروب والنزاعات، بينما في حالات الدول التي تُعانى من أزمات اقتصادية تصبح الأولوية لتحقيق الأمن الاقتصادي للأفراد.
من ناحية ثانية، يمكن النظر إلى مفهوم الأمن الإنساني على كونه يخطو خطوة أبعد من مفهوم حقوق الإنسان وذلك فيما يتعلق بكون مفهوم حقوق الإنسان –في أغلب الأحيان- يأخذ شكل المطالبات القانونية ممثلة في ضرورة توافر تشريعات قانونية كفيلة بوضع التزامات محددة تجاه حقوق بعينها كاتفاقيات حقوق الطفل أو المرأة أو اللاجئين وغيرها من الاتفاقيات القانونية سواء أخذت الطابع العالمي أو الإقليمي. إلا أننا نجد مفهوم الأمن الإنساني يخطو خطوة أبعد نحو التركيز على الإصلاح المؤسسي. فمفهوم الأمن الإنساني يركز على كيفية إصلاح المؤسسات القائمة والمعنية بتحقيق أمن الأفراد أو إنشاء مؤسسات جديدة كفيلة بهذا الأمر. وربما ترجع أهمية هذا التطور نحو الإصلاح المؤسسي إلى ما أُثبت من عدم فاعلية القواعد القانونية وحدها لضمان احترام حقوق الأفراد، فوجود القاعدة القانونية أصبح لا يعنى بالضرورة الالتزام بتنفيذها، إضافة إلى الطبيعة المعقدة لمشاكل الأمن الإنساني في الوقت الحالي و التي أصبحت تتطلب أطراً أكثر ملائمة، وهنا تبرز أهمية الإصلاح المؤسسي، إذ يتجاوز مفهوم الأمن الإنساني التركيز على وضع مجموعة جديدة من القواعد القانونية الكفيلة بالتعامل مع مصادر تهديد الأمن الإنساني إلى التركيز على سبل تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها، وهو ما يتبدى بالأساس فيما أصبح مشاهداً من وجود ميل من الدول للتركيز على الاعتبارات السياسية واعتبارات الرشاد دون الاعتبارات الإنسانية وهو ما تجسد في وجود انفصال بين ما يوجد من اتفاقيات وقواعد قانونية تُشكل القانون الدولي الإنساني وبين مدى تنفيذ الدول لتعهداتها المنصوص عليها، بحيث أصبح وجود القاعدة القانونية لا يعنى بالضرورة الالتزام بها، وهو ما يرجع بالأساس إلى رغبة الدول الكبرى فى إيجاد الآليات الملائمة و التي من شأنها تحقيق مصالحها الخاصة، فنجد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصادر عام 1948 ينص على أن حقوق الإنسان أصبحت مسئولية عالمية من خلال التأكيد على عالمية الحقوق وتمحورها حول المساواة بين جميع الأفراد، والاعتراف بأن إعمال حقوق الإنسان هدف جماعي للإنسانية، وتحديد مجموعة من الحقوق المدنية، والسياسية، والاجتماعية لجميع الأفراد، وإيجاد نظام دولي لتعزيز إعمال حقوق الإنسان، وإرساء مبدأ خضوع الدولة للمساءلة بشأن التزاماتها الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي. كما تلا صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التوصل إلى مجموعة مهمة من الاتفاقيات الدولية وإنشاء بعض اللجان المعنية بمناقشة قضايا حقوق الإنسان منها إنشاء لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وذلك عام 1946، وفى عام 1948 تم التوصل إلى اتفاقية منع والمعاقبة على جريمة الإبادة الجماعية، وفى عام 1951 تم التوصل إلى اتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ثم الاتفاقية الدولية المتعلقة بالأشخاص عديمى الجنسية وذلك فى عام 1954، وفى عام 1957 تم التوصل إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على العمل بالسخرة، وفى عام 1965 تم التوصل إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على أشكال التمييز العنصرى كافة، وفى العام التالى صدرت عن الأمم المتحدة كل من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفى عام 1967 صدر بروتوكول عام 1967 المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لعام 1951، وفى عام 1973 تم التوصل لاتفاقية الأمم المتحدة لقمع جريمة الفصل العنصرى والمعاقبة عليها ثم اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على أشكال التمييز كافة ضد المرأة وذلك فى عام 1979، وفى عام 1984 صدرت عن الأمم المتحدة اتفاقية مناهضة التمييز وغيره من أنواع المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية، وفى العام التالى تم إنشاء لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفى عام 1989 صدر عن الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل، كما تم تعيين أول مفوض سامى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى عام 1993، وفى عام 1999 تم التوصل إلى اتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال.
وتُشكل تلك الاتفاقيات الدولية "القانون الدولي لحقوق الإنسان" International Human Rights Law ، إذ تضع مجموعة من الضوابط والنصوص المتعلقة بالتزامات الدول الموقعة عليها تجاه الأفراد. إذ نجد اتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لعام 1951 تنص فى المادة 32 على منع قيام أيّ من الدول الموقعة على الاتفاقية بطرد أي لاجئ أو طالب لجوء موجود على أراضيها إلا لأسباب تتعلق بالأمن القومى أو النظام العام " وإن حدث ما يخل بالأمن القومى أو النظام العام تنص الاتفاقية على ضرورة "منح الدولة المضيفة للاجئ أو طالب اللجوء فترة ملائمة حتى يتسنى له طلب اللجوء فى دولة ثالثة"1.
كما تُحدد الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية حقوق الأفراد كافة والتى تلزم الدول الموقعة على الاتفاقية باحترامها ومنها "الحق فى الإقامة، والتنقل، والتملك، وكذلك بعض الحقوق السياسية للأفراد ومنها الحق فى التعبير عن الرأى، وتنظيم والانضمام للأحزاب السياسية، وكذلك طلب اللجوء فى دولة أخرى". وتنص المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية لاستبعاد أشكال التمييز العنصرى كافة على "ضمان حق كل شخص دون أى تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجماعة الاثنية فى المساواة أمام القانون وخاصة التمتع بالحق فى مغادرة أى دولة والعودة إليها".
وبذلك يتضح وجود التزامات قانونية على الدول نحو احترام حقوق الأفراد وذلك وفقاً لما وقعت عليه طواعية من اتفاقيات دولية تتعلق باحترام حقوق الأفراد، إلا أن ما أصبح مشاهداً هو وجود اتجاه متنامي من الدول المختلفة لعدم تنفيذ كامل التزاماتها المنصوص عليها في سياق تلك القواعد القانونية. فعلى سبيل المثال اتجهت الدول كافة في الوقت الحالي إلى وضع مجموعة كبيرة من القيود على الحريات المدنية لمواطنيها إذ أصبحت الاتصالات الشخصية تخضع للمراقبة من قبل أجهزة الدولة، وكذلك أصبح هناك قيود على التجمعات. ويتبدى هذا الأمر بشكل أوضح فى قضايا اللاجئين و طالبي اللجوء، إذ نجد هناك ميلاً لتغليب الاعتبارات السياسية على الاعتبارات الإنسانية في التعامل مع اللاجئين، إذ أصبح استقبال الدول لطالبي اللجوء على أراضيها محكوماً فى غالبية الأحيان بما يمكن أن يحققه لها هذا الأمر من مصالح مع دولة الأصل بالنسبة لطالب اللجوء. وعادة ما تلجأ الدول فى هذا الصدد إلى بعض الاستراتيجيات منها طرد أو رفض استقبال طالبى اللجوء وإعادتهم مرة أخرى إلى دولة الأصل، وذلك رغم أن مبدأ حظر رد أو طرد أى لاجئ أو طالب لجوء يُعد أحد القواعد الدولية الأساسية فى القانون الدولى الإنسانى. وهناك أمثلة كثيرة لرد الدول لطالبى اللجوء مرة أخرى إلى دولة الأصل، ومن ذلك موقف الدول المجاورة لأفغانستان من استقبال طالبى اللجوء الأفغان خاصة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، إذ أعلنت الدول المجاورة لأفغانستان إغلاق حدودها أمام طالبي اللجوء الأفغان معلنة عدم قدرتها على استيعاب أى تدفق جديد لطالبى اللجوء الأفغان متجاهلة الاعتبارات الإنسانية والالتزامات الدولية فى هذا الصدد. ويتبدى هذا الأمر أيضاً فى موقف الصين من استقبال طالبى اللجوء من كوريا الشمالية إذ يتمثل موقف الحكومة الصينية فى هذا الصدد فى رفض دخول طالبى اللجوء الكوريين الشماليين، إذ عمدّت الصين إلى تشديد الإجراءات على الحدود رغبة منها فى الحفاظ على العلاقات مع جارتها كوريا الشمالية مستندة فى ذلك إلى معاهدة تُعلن أنها وقعتها سراً مع بيونج يانج فى هذا الصدد، بحيث ترفض الصين توفير الحماية لطالبى اللجوء من كوريا الشمالية ومن يقبض عليه وهو يعبر الحدود يُعاد مرة أخرى إلى بلاده. ووفقاً للقانون الكورى الشمالى يخضع هؤلاء العائدون للعقوبة، فوفقاً للقانون الكورى الشمالى فإن هذا يُعد جريمة كبرى ويخضع طالبو اللجوء العائدون لعقوبة تتمثل فى التعذيب أو العمل الجبرى وقد تصل إلى الإعدام2.
بالإضافة إلى ما سبق تلجأ الدول لاستراتيجيات أخرى منها المساهمة فى تقديم منح أو مساعدات مالية للاجئين و طالبى اللجوء فى مقابل عدم استقبالهم على أراضيها، ويُعد موقف اليابان من الأمثلة التى يمكن الإشارة إليها فى هذا الصدد إذ يقتصر دورها فى المساهمة فى حل مشكلات اللاجئين من خلال تقديم المساعدات المالية. وفى حالات أخرى تتبنى بعض الدول مفهوم دولة ثالثة آمنة Third Safe State إذ لا تقوم بطرد هؤلاء القادمين من طالبى اللجوء، لكنها تقبل استقبالهم مؤقتاً حتى يتسنى لهم تدبير أمورهم والانتقال إلى دولة ثالثة، وتسمح لهم خلال تواجدهم بالاتصال بدولة ثالثة تمهيدا للانتقال إليها.
ومن هذا المنطلق، فإن بروز مفهوم الأمن الإنساني فى مجال الدراسات الأكاديمية فى فترة ما بعد الحرب الباردة جاء لتجاوز التركيز على الأطر القانونية كأساس للتعامل مع مشكلات غياب أمن الأفراد للتركيز على الإصلاح المؤسسي. ففي ظل وجود مجموعة كبيرة من الأطر القانونية لتنظيم والتعامل مع كافة أبعاد قضايا حقوق الأفراد والتزامات الدول تجاه الأفراد، ومع وجود ميل من الدول للتركيز على الاعتبارات السياسية دون الإنسانية، فإن التعامل الأنسب مع حالات غياب الأمن الإنساني يكمن في (الإصلاح المؤسسي من خلال إصلاح المؤسسات التقليدية المعنية بتحقيق الأمن لتصبح مهيأة للتعامل مع مشكلات ومصادر تهديد أمن الأفراد، وإنشاء مؤسسات جديدة كفيلة بهذا الأمر، وكذلك البحث في آليات تنفيذ ما هو منصوص عليه من التزامات قانونية متعلقة بحقوق الأفراد الأساسية، وهذا هو جوهر مفهوم الأمن الإنساني.)
وفى واقع الأمر إن بروز مفهوم لم يأت كنتيجة إلى ميل الدول إلى عدم الاكتراث بالأطر القانونية فحسب، بل إن بروز المفهوم جاء أيضا كنتيجة لبعض التحولات التي شهدها المجتمع الدولي في فترة ما بعد الحرب الباردة و التي كشفت عن عمق وخطورة مصادر تهديد أمن الأفراد، وكان من أبرز تلك التطورات التغير فى طبيعة الصراعات، إذ صاحب نهاية الحرب الباردة تغير فى طبيعة الصراعات التى يشهدها العالم، إذ أصبحت الصراعات تدور بين الأفراد داخل حدود الدولة القومية وليس بين الدول. فتشير الإحصاءات إلى أنه خلال الفترة من عام 1990 وحتى عام 2001 شهد العالم سبعة وخمسين صراعاً رئيساً داخل 45 دولة في مختلف أنحاء العالم، كانت حكومة الدولة أحد أطراف الصراع. دارت النسبة الأكبر من تلك الصراعات خلال الفترة من عام 1990 وحتى عام 1993 كان أكثرها فى عام 1992 حيث بلغ عدد الصراعات الداخلية التى شهدها العالم 55 صراعاً، والنسبة الأقل منها كان ما بين عامى 1996-1998، ففى عام 1998 بلغ عدد الصراعات الداخلية التى شهدها العالم 36 صراعاً، وفى عام 2001 كان هناك 24 صراعاً داخلياً نصفهم مستمر بحد أدنى ثمان سنوات. ومن بين العشرين دولة الأقل فى دليل التنمية البشرية لعام 2002 توجد 16 دولة منها تعانى من صراعات داخلية3. فالسمة الأساسية للصراعات هى أنها أصبحت تدور داخل حدود الدولة القومية والنسبة الأكبر من ضحايا تلك الصراعات من المدنيين وليسوا عسكريين، خاصة أنه فى بعض الأحيان تكون السيطرة على المدنيين أحد أهداف الجماعات المتصارعة.
وتتسم تلك الأنماط من الصراعات بالانتهاك الشديد لحقوق الأفراد، إذ يُقدر أنه خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين لقي 5 مليون شخص حتفهم من جراء الصراعات الداخلية كما يترتب عليها واحدة من أخطر مشاكل الأمن البشرى وهى مشاكل اللاجئين، إذ بلغ عدد لاجئ وطالبى اللجوء فى العالم وفقاً لإحصاءات عام 2004 حوالى 11.5 مليون لاجئ وطالب لجوء من بينهم 7.77 مليون لاجئ وطالب لجوء منذ ما يزيد على خمس سنوات. وخلال عام 2004 وحده كان هناك 1.01 مليون لاجئ وطالب لجوء جديد، بالإضافة إلى ما يزيد على 21.3 مليون نازح داخلى. وفى عام 2004 كان هناك 3.16 مليون نازح داخلى جديد4. وتُعد مشكلات اللاجئين واحدة من أخطر مشاكل الأمن الإنساني في القرن الحادي والعشرين نظراً لما تفرضه من مخاطر شديدة على أطراف العلاقة كافة.
وعلى هذا الأساس، شكل التغير فى طبيعة الصراعات فى فترة ما بعد الحرب الباردة عاملاً رئيسياً فى تأكيد (فشل المنظور التقليدي للأمن) فى التعامل مع طبيعة مصادر تهديد أمن الأفراد فى فترة ما بعد الحرب الباردة. فإذا كان مفهوم الأمن القومي يرتكز على أن أمن الدولة يّجب أمن الفرد ويحتويه، ومادامت الدولة آمنة فالأفراد بالضرورة آمنون، إلا أن هذا المنظور الأمني لم يعد ملائماً فى الوقت الحالي، فقد تكون الدولة آمنة -وفقاً للمفهوم التقليدي للأمن- فى وقت يتناقص فيه أمن مواطنيها، كما أن الدول أصبحت فى أحيان عدة مصدراً لتهديد أمن مواطنيها، وهو ما دفع بعض الباحثين للدعوة لطرح مفهوم للأمن بديلاً لمفهوم الأمن الواقعي ممثلاً فى مفهوم الأمن الإنساني ليرتكز بالأساس على تحقيق أمن الأفراد.
يضاف لما سبق أن العولمة شكلت أحد العوامل المهمة والمؤثرة فى هذا الصدد إذ دفعت ما وجهته العولمة من تحديات للأمن الإنساني عدداً من الباحثين إلى الربط بين تحديات العولمة من ناحية، وبروز مفهوم الأمن الإنسانى الذى جاء كرد فعل ونتيجة لهذه التحديات وللبحث عن سبل مواجهتها وذلك من ناحية أخرى. وبوجه عام، فرغم ما تقدمه العولمة من فرص للتقدم البشرى فى مجالات عدة ممثلة فى سرعة انتقال المعرفة، وفتح الحدود، إلا أنها فى المقابل تفرض تحديات خطيرة على الأمن البشرى خاصة فى الدول النامية. إذ اعتمدت العولمة كظاهرة على خدمة مصالح الدول المتقدمة على حساب الدول النامية بحيث أصبحت تستخدم كأداة للتفاوض بين الدول المتقدمة والدول النامية لفرض ضغوط على الأخيرة فيما يتعلق بفتح أسواقها وبما يحقق مصالح الأولى، بحيث أصبحت فوائد العولمة تسير فى اتجاه واحد ولصالح الدول المتقدمة التى وضعت تلك القواعد. فعلى سبيل المثال، نجد أن التحرير التجارى وفقاً للاتفاقيات الدولية الخاصة بالزراعة، والتى هدفت بالأساس إلى تحقيق الأمن الغذائى، أسهم فى خلق مشكلة أمن غذائى خاصة فى الدول النامية وهو ما يتبدى بالأساس فى السماح للدول المتقدمة ولسياستها الحمائية على سلع بعينها بتوجيه أضرار بالغة لصغار المنتجين فى الدول النامية.
من ناحية ثانية، نجد أن هناك غياباً لنقاط الالتقاء بين القواعد التجارية وقوانين الاستثمار محلياً ودولياً من ناحية، وبين القانون الدولى لحقوق الإنسان من ناحية أخرى. إذ نجد أن القوانين التجارية أو قوانين الاستثمار لا تنص على ضرورة الربط بين الجوانب الاقتصادية من ناحية والجوانب الإنسانية أو مراعاة الأبعاد الإنسانية للقرارات الاقتصادية من ناحية أخرى. فعلى سبيل المثال فإن الاتفاقيات الدولية الخاصة بالاستثمارات المشتركة سواء كانت اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف تسهم، فى غالبيتها، فى وضع أنظمة حماية قوية للمستثمر الأجنبى فى الدولة المضيفة، وهو الأمر الذى من شأنه وضع قيود على الدولة المضيفة فيما يتعلق بالمواءمة بين الالتزامات المنصوص عليها من ناحية، وبين حماية حقوق مواطنيها والتأكد من أن تلك الالتزامات لا تسبب أضراراً للمواطنين وذلك من ناحية أخرى5. ورغم أن البعض أرجع هذا الأمر6 إلى أن كلا من القانون التجارى الدولى والقانون الدولى الإنسانى وضعا بانفصال عن بعضهما البعض ووفقاً لمسارات مختلفة، إلا أن هذا الأمر يجب أن يُفسر فى سياق العلاقة بين الدول المتقدمة والدول النامية وهو ما يتبدى فى رغبة الأولى فى السيطرة على الدول النامية وتوجيه أنشطتها بما يحقق مصالحها.
من ناحية ثالثة، هناك بعض الدراسات التى تربط بين أنشطة المنظمات والشركات متعددة الجنسيات وانتهاكات حقوق الأفراد فى الدول التى تعمل فيها، ولا يقصد بانتهاك حقوق الأفراد فى هذا الصدد انتهاك الحقوق السياسية للأفراد ممثلة فى الحق فى التعبير عن الرأى والحق فى التجمع، لكنه يبرز بالأساس فى المجال الاقتصادى وهو ما يتبدى فى محاولة تلك المنظمات والشركات ممارسة تأثير على اتجاه تطور القوانين الاقتصادية المحلية بما يخدم مصالحها بالأساس. وتبرز خطورة هذا البعد فى أمرين يتمثل أولهما فى عدم وجود آليات لمحاسبة تلك المنظمات والشركات على ما تقوم به من أنشطة من شأنها إلحاق ضرر بالأفراد، أما الأمر الثاني فيتبدى فى أن القانون الدولي العام وقوانين الاستثمار والتجارة وكذلك قوانين حقوق الإنسان لا تفرض التزامات مباشرة على تلك الشركات لاحترام أو تأكيد احترام أنشطة تلك المنظمات لحقوق الأفراد الأساسية7.
وفى واقع الأمر، تبرز خطورة العولمة على الأمن الإنساني فى أن العولمة ليست عملية اقتصادية فحسب بل هى عملية متعددة الأبعاد لها أبعاد ثقافية واجتماعية وسياسية وأمنية واقتصادية وهو الأمر الذى من شأنه فرض تداعيات خطيرة على كافة جوانب حياة الأفراد، فقد حددت دراسة ضمن تقرير التنمية البشرية لعام 1999 بعنوان "عولمة ذات وجه إنسانىGlobalization with a Human Face " مخاطر العولمة على الأمن الإنسانى فى سبعة عناصر رئيسة هى عدم الاستقرار المالى، وغياب الأمن الوظيفى، وغياب الأمن الصحى، وغياب الأمن الثقافى، وغياب الأمن الشخصى، وغياب الأمن البيئى، وغياب الأمن السياسى والمجتمعى. ويتبدى عدم الاستقرار المالى كأحد مخاطر العولمة على الأمن الإنسانى فيما تفرضه سياسات العولمة من أزمات مالية، ومن أبرز الأمثلة فى هذا الصدد الأزمة المالية فى جنوب شرقى آسيا فى منتصف عام 1997، والتى نتجت بالأساس من تدفقات رأس المال الأجنبى على المنطقة والتى بلغت قيمتها فى عام 1996 حوالى 93 بليون دولار فى كل من إندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وماليزيا، والفليبين، وتايلاند. ومن شأن تلك التدفقات المالية الهائلة فى عصر العولمة خلق أزمات واضطرابات فى سوق رأس المال فى الدول المستقبلة لها، إذ أكدت الدراسة فى هذا الصدد على أنه فى عصر العولمة، فإن أزمات مالية مشابهة يتوقع لها أن تحدث وفى مناطق عدة.
ويتمثل البعد الخاص بغياب الأمن الوظيفى فيما أكدت عليه الدراسة من أن ضغوط المنافسة العالمية دفعت بالدول إلى تطبيق سياسات عمالية أكثر مرونة تقوم على غياب أطر قانونية تضمن حقوق والتزامات طرفى الشراكة فى العمل وذلك كنوع من أنواع اتجاه الدولة لتقليص التزاماتها تجاه الموظفين فيما يتعلق بالضمانات الاجتماعية. ويبرز غياب الأمن الصحى كأحد تداعيات العولمة على الأمن الإنسانى كنتيجة لفتح الحدود وما يترتب عليه من سهولة انتقال الأمراض. فالعدوى أصبحت الآن تنتقل بسرعة هائلة، إذ تشير الدراسة إلى أنه فى عام 1998 بلغ عدد المصابين بالإيدز فى العالم حوالى 33 مليون فرد منهم حوالى 6 مليون شخص انتقلت إليهم العدوى فى عام 1998 وحده، وبذلك فهناك فى المتوسط 16 ألف شخص تنتقل إليهم العدوى يومياً، يعيش 95% منهم فى الدول النامية والدول الأقل نمواً فى العالم. ووفقاً لإحصاءات عام 2003 بلغ عدد المصابين بالإيدز فى العالم حوالى 40 مليون شخص تتركز النسبة الأكبر منهم فى الدول النامية، كما يوجد حوالى 3 مليون شخص فى المتوسط يموتون سنوياً من جراء العدوى8. أما الشق الخاص بغياب الأمن الثقافى فيبرز فى أن ما تقوم عليه العولمة من انتقال المعرفة وامتزاج الثقافات يتم بطريقة غير متكافئة، تقوم على انتقال المعرفة والأفكار من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة وفى أحيان كثيرة تمثل الأفكار الوافدة تهديداً للقيم الثقافية المحلية.
ويتمثل غياب الأمن الشخصى فى عصر العولمة فى أن أمن الأفراد أصبح أكثر تعرضاً للخطر، إذ سهلت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عمل الجماعات الإرهابية، فالجريمة أصبحت تنفذ فى دولة ما، بواسطة أشخاص من دولة ثانية، وأسلحة من دولة ثالثة، وتمويل من دولة رابعة، والضحايا قد يكونون من دول أخرى. أما عن تداعيات العولمة على البيئة فقد أكد التقرير على أن غياب الأمن البيئى يعد أحد تحديات العولمة، فالبيئة هى العنصر الأكثر ضرراً فى ظل العولمة وما يفرضه هذا من مخاطر على الأمن البشرى. فالضغط على الموارد وسوء استخدامها أصبح يهدد أمن البشر فى الدول الغنية والفقيرة على حد سواء، خاصة أن استهلاك الموارد البيئية فى معظم الأحيان يتسم بعدم التوازن بين الدول الغنية والفقيرة. إذ يشير التقرير فى هذا الصدد إلى أن 20% من سكان العالم المتقدم يستهلكون 84% من الورق فى العالم وما يسببه ذلك من ضغط على الموارد البيئية. أما العنصر الأخير الذى حددته الدراسة تمثل فى غياب الأمن السياسى والمجتمعى إذ أضفت العولمة طابعاً جديداً على النزاعات تمثل فى سهولة انتقال الأسلحة عبر الحدود وهو ما أضفى عليها تعقيداً وخطورة، وكذلك انتعاش دور شركات الأسلحة والتى أصبحت تقوم بتقديم تدريب للحكومات ذاتها، وهو ما يمثل تهديداً خطيراً للأمن الإنسانى9.
ورغم أن دور العولمة كمصدر تهديد للأمن الإنسانى، وإن كان فى حالات كثيرة، يُعد دوراً جوهرياً إلا أنه فى حالات أخرى لا يتجاوز دور الوسيط أو الأداة المسهلة ومن ذلك مثلاً دور العولمة فى إذكاء بعض النزاعات والعمليات الإرهابية وما إلى ذلك، إذ إن دور العولمة تمثل فى تعقيد تلك الأنماط من مصادر التهديد للأمن الإنساني وكذلك زيادة تأثيرها دون العمل على بروزها. ومن هذا المنطلق، لا يمكننا التعويل على العولمة بصورة مطلقة كمصدر رئيس لتهديد الأمن البشرى.
وفى هذا السياق، يصبح المطلوب هو البحث عن آلية ملائمة لمواجهة تحديات الأمن الإنسانى فى القرن الحادى والعشرين، بحيث يتطلب التعامل مع مشكلات الأمن الإنساني البحث عن إطار جديد من "الحكم الرشيد الإنسانى".
وبوجه عام، يُقصد بمفهوم الحكم الرشيد الإنساني نظامُ للحكم يقوم على مراعاة الاعتبارات الإنسانية، وتتمثل العلاقة بين المفهومين فى أنه بينما يركز مفهوم الأمن الإنساني على تحقيق ظروف الأمان والرخاء البشرى، نجد أن مفهوم الحكم الرشيد الإنساني ينصرف إلى إيجاد مجموعة من القواعد العامة التي تتعامل مع قضايا الأمن الإنساني فى هذا الصدد. ومن ثم، فكلاهما يكمل الأخر.
وبوجه عام، فإن هذا النظام للحكم الرشيد لا يكون على المستويات المحلية فحسب، بل يشمل المستويات الإقليمية والعالمية. وهو ما يتطلب إصلاح ما تُعانيه المستويات الثلاث من خلل فى صدد الحديث عن سبل تحقيق الأمن الإنسانى.
فعلى المستويات المحلية، فإن جزءاً كبيراً من مشكلات الأمن الإنسانى يكمن علاجه فى إصلاح ما نُعانيه من أوضاع مختلة على المستوى الداخلى، والتى يتطلب التعامل معها وجود إدراك بكافة أبعادها وتداعياتها بما يمكن أن يسهم فى التخفيف من حدتها. ومن أكثر ما تُعانيه الدول وخاصة الدول النامية من أوضاع مختلة تكمن فى قضايا التسلح، فرغم ما شهده العقد الأخير من القرن العشرين من اتجاه نحو تخفيض نسب الإنفاق العسكرى وإعادة تخصيصها للإنفاق على قضايا التعليم والصحة والقضايا التنموية بوجه عام، إلا أننا ما زلنا نلاحظ ارتفاع نسب الإنفاق العسكرى فى عددٍ من الدول غالبيتها إن لم يكن كلها يندرج فى إطار الدول النامية مما يزيد من خطورة المشكلة. وتُثير قضايا الإنفاق العسكرى إشكالية رئيسية تتعلق بالتوفيق بين اعتبارات الأمن الإنسانى والأمن القومى. إذ تميل الدول إلى تغليب اعتبارات الأمن القومى على الاعتبارات المتعلقة بالأمن الإنسانى. ومن ثم، فإن تحقيق التوازن بين الإنفاق العسكرى والإنفاق التنموى يُعد أمراً غاية فى الأهمية خاصة بالنسبة للدول النامية التى تبرز فيها تلك الإشكالية بصورة أساسية، وهو ما يتطلب إطاراً ملائماً للتوفيق بين اعتبارات الأمن التقليدى واعتبارات الأمن الإنسانى.
من ناحية ثانية، تُعانى كافة الدول تقريباً من عدم الارتباط بين الأبنية والمؤسسات الاقتصادية والسياسية ومؤسسات الحماية الاجتماعية، فالقرارات الاقتصادية والسياسية تتخذ دون دراسة كافية لنتائجها الاجتماعية والإنسانية مما يزيد قضايا الأمن الإنسانى تعقيداً.
على المستوى الإقليمى، يُقصد بمفهوم الحكم الرشيد كإطار لتحقيق الأمن الإنسانى التركيز على تقوية المؤسسات الإقليمية فى التعامل مع مشاكل ومصادر تهديد الأمن الإنسانى خاصة أن المنظمات الإقليمية تتسم بالفاعلية فى التعامل مع غالبية مشكلات الأمن الإنسانى التى تتسم فى معظمها بأنها ذات طبيعة متداخلة ومتشابكة ولا يمكن لدولة واحدة مواجهتها بمفردها، ومن ذلك مشكلات اللاجئين على سبيل المثال، إذ تتسم بعض المناطق بأنها ذات طبيعة خالصة من حيث عملية اللجوء. ومن ثم، فإن التعاون الإقليمى سيكون أكثر ملائمة فى هذا الصدد، إذ إن قضايا الأمن الإنسانى لا تقل أهمية عن القضايا التجارية والقضايا الاقتصادية التى تطرح بشدة كقضايا للتعاون الإقليمى بشأنها.
أما المستوى الثالث( العالمي) لمثل هذا الإطار من الحكم الرشيد كمدخل لتحقيق الأمن الإنسانى فيبرز من خلال التركيز على الإصلاح المؤسسى على المستوى العالمى وإنشاء مؤسسات على المستوى العالمى كفيلة بالتعامل مع مصادر تهديد الأمن الإنسانى، وكذلك إصلاح نظام المساعدات الدولية. فإصلاح نظام المساعدات يُعد من القضايا المهمة والمؤثرة فى التعامل الكفء مع مشكلات الأمن الإنسانى فى الوقت الحالى. وهنا يجب التأكيد على أمر أساسى وهو ضرورة تغيير الفكر الخاص بالمساعدات من زاويتين تتعلق الأولى بضرورة وجود إدراك لدى الدول المقدمة للمساعدات بإلزامية تقديمها للمساعدات للدول الفقيرة، فضغط الأولى المتزايد على الموارد البيئية سبب وما زال يسبب ضرراً متزايداً للأخيرة. وعلى هذا الأساس، فالدول المتقدمة ملزمة بتعويضها عن تلك الأضرار. ومن ذلك، يكفى أن نشير إلى أنه إذا كان 5/1 سكان العالم فى الدول المتقدمة يستهلكون 84% من إنتاج الورق فى العالم، فإنها فى المقابل عليها تعويض 5/4 سكان هذا العالم عن هذا الاستهلاك المتزايد للموارد البيئية10. أما الأمر الثانى هو أنه بالنظر إلى نظام المساعدات فى الوقت الحالى نجد أنه ما زال يحمل طابع الحرب الباردة من حيث تركيز توجيه المساعدات إلى الدول الحليفة وتوجيه جزء كبير من تلك المساعدات إلى الإنفاق العسكرى فى دول تتسم بارتفاع إنفاقها العسكرى، والأهم من ذلك هو التهديد المستمر باستخدام سلاح قطع المساعدات للضغط على الدول المتلقية لتلك المساعدات. وهو ما يتطلب ضرورة إيجاد لجنة فى الأمم المتحدة تكون مهمتها التنسيق الدولى لقضايا المساعدات بحيث تتولى اللجنة مهمة توجيه الدول نحو مجالات توجيه المساعدات. كما أن هناك ضرورة لصياغة ميثاق دولى خاص بتوجيه المساعدات والذى يجب أن يركز على أوجه توجيه المساعدات ويضع ضوابط على الدول المتلقية لتلك المساعدات تتعلق بإنفاقها العسكرى وضرورة تخفيضه كشرط مسبق لحصولها على المساعدات، وكذلك تحديد أوجه إنفاق أو توجيه تلك المساعدات والتى يجب أن ترتكز على القضايا التنموية فحسب. فمن الضرورى وجود اتفاقية دولية أو ميثاق دولى يضع الأسس الملزمة للدول فى استخدام وتوجيه تلك المساعدات.
أما المحور الأهم فى هذا الصدد فيتمثل فى ضرورة إصلاح الأمم المتحدة ومن ذلك ما اقترحته لجنة الحكم الرشيد وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى إذ اقترحا تشكيل مجلس الأمم المتحدة للأمن الاقتصادى United Nations Economic Security Council على غرار مجلس الأمن الدولى ويمكن تطوير الفكرة لتصبح مجلس الأمن الإنسانى United Nations Human Security Council وأهمية مجلس الأمن الإنسانى فى حال إنشائه فى تعامله مع قضايا الأمن الإنسانى فى مجملها فى حين أن مجلس الأمن الاقتصادى يتعامل مع قضايا الأمن الاقتصادى فحسب. أما فيما يتعلق بالربط بين طبيعة عمل هذا المجلس وعما إذا كان سيمثل أساساً للتدخل الدولى الإنسانى، هنا يجب التأكيد على أن فكرة إنشاء المجلس ستكون شبيهة بنفس الفلسفة التى يقوم عليها عمل مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين إذ تقوم بعمل اجتماعى- إنسانى بالأساس، فتدخل المفوضية فى أى دولة لحماية اللاجئين أو النازحين الداخليين لا يُنظر إليه على أنه تدخل فى الشئون الداخلية لتلك الدولة وإنما هو عمل له طبيعة اجتماعية بالأساس ليس له أبعاد سياسية وهى ذات الفكرة التى فى سياقها تتم الدعوة لإنشاء مجلس الأمن الإنسانى ليقوم بعمل ذى طبيعة اجتماعية بالأساس.
باحثة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار
رئاسة مجلس الوزراء- مصر
ماجستير فى العلوم السياسية
شبكة إمارات نيوز - قسم الدراسات - الباحثة خديجة عرفة:*
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
يشهد المجتمع الدولي منذ نهاية الحرب الباردة ظهور مجموعة جديدة من المفاهيم المغايرة للمنظومة المفاهيمية التي ظلت لفترة طويلة حاكمة لمسار العلاقات الدولية ومن بينها مفاهيم مثل العولمة، والتدخل الدولي الإنساني، وإجراءات بناء الثقة، والحرب الاستباقية، والأمن الإنساني وغيرها من المفاهيم و التي أصبحت أحد الأدوات الدبلوماسية غير التقليدية لإدارة العلاقات الدولية، فعادة ما تكون هناك قوى دولية تدفع بالمفاهيم الجديدة بما يحقق مصالحها الذاتية. ورغم أن هذه المفاهيم ليست جديدة، إذ إن هناك جذور لهذه المفاهيم منذ فترات سابقة، إلا إن الجديد هو السياق التاريخي والتحولات العالمية التى أفرزت هذه المفاهيم فى سياقها.
هذا، ويُشكل مفهوم الأمن الإنساني أحد تلك المفاهيم، فقد طُرح المفهوم من خلال تقرير التنمية البشرية لعام 1994، ثم أخذت بعض الدول في تبنى المفهوم كأحد أدوات سياستها الخارجية ومن بينها اليابان وكندا، وفى عام 2004 طرح الاتحاد الأوروبي للإستراتيجية الأوروبية لتحقيق الأمن الإنساني. وبوجه عام، يتخذ مفهوم الأمن الإنساني من الفرد وحدته الأساسية في التحليل انطلاقاً من أن أمن الدول رغم أهميته لم يعد ضامناً أو كفيلاً بتحقيق أمن الأفراد، والأكثر من ذلك إنه في أحيان كثيرة تفقد الدولة الشرعية فتتحول ضد أمن مواطنيها. ومن هذا المنطلق، جاء بروز مفهوم الأمن الإنساني فى محاولة لإدماج البعد الفردي ضمن دراسات الأمن، وذلك من خلال التركيز على تحقيق أمن الأفراد داخل وعبر الحدود بدلاً من التركيز على أمن الحدود ذاته، وهو ما جاء انعكاساً لمجموعة كبيرة من التحولات التي شهدتها البيئة الدولية فى فترة ما بعد الحرب الباردة و التي كشفت عن مدى خطورة مصادر تهديد أمن الأفراد وعدم ملائمة الاقتراب التقليدي للأمن لتحديد السبل الكفيلة بتحقيق الأمن الإنساني.
وعلى هذا الأساس، يمكننا تعريف مفهوم الأمن الإنساني على إنه "مفهوم الأمن الإنساني جوهره الفرد، إذ يُعنا بالتخلص من كافة ما يهدد أمن الأفراد السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي من خلال التركيز على الإصلاح المؤسسي وذلك بإصلاح المؤسسات الأمنية القائمة، وإنشاء مؤسسات أمنية جديدة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية مع البحث عن سبل تنفيذ ما هو قائم من تعهدات دولية تهدف إلى تحقيق أمن الأفراد، وهو ما لا يمكن تحقيقه بمعزل عن أمن الدول".
وعلى هذا الأساس، يتضح أن جوهر مفهوم الأمن الإنساني هو الإصلاح المؤسسي وهو ما يُشكل الفرق الجوهري بينه وبين مفهوم حقوق الإنسان، فرغم أن البعض قد يتصور أن كليهما يعنى الشئ ذاته ممثلاً في ضرورة توافر حد أدنى من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأفراد كافة بصرف النظر عن النوع، أو الدين، أو الجنس. بيد أنه في واقع الأمر، توجد مجموعة من التباينات بين المفهومين، فإذا كان مفهوم حقوق الإنسان يرتكز بالأساس على تحديد مجموعة واسعة من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللازم توافرها للأفراد، فإننا في المقابل نجد مفهوم الأمن الإنساني يمكن أن يسهم في خلق ترتيب أو وضع أولويات لتلك المجموعة واسعة النطاق من الحقوق الإنسانية من خلال إعلائه من شأن بعض الحقوق وذلك وفقاً لأجندات وحالات متباينة، ففي حالات الدول التي تُعانى من النزاعات المسلحة تصبح الأولوية في تلك الحالة للتركيز على البعد السياسي لمفهوم الأمن الإنساني من خلال العمل على حماية الأفراد من آثار تلك الحروب والنزاعات، بينما في حالات الدول التي تُعانى من أزمات اقتصادية تصبح الأولوية لتحقيق الأمن الاقتصادي للأفراد.
من ناحية ثانية، يمكن النظر إلى مفهوم الأمن الإنساني على كونه يخطو خطوة أبعد من مفهوم حقوق الإنسان وذلك فيما يتعلق بكون مفهوم حقوق الإنسان –في أغلب الأحيان- يأخذ شكل المطالبات القانونية ممثلة في ضرورة توافر تشريعات قانونية كفيلة بوضع التزامات محددة تجاه حقوق بعينها كاتفاقيات حقوق الطفل أو المرأة أو اللاجئين وغيرها من الاتفاقيات القانونية سواء أخذت الطابع العالمي أو الإقليمي. إلا أننا نجد مفهوم الأمن الإنساني يخطو خطوة أبعد نحو التركيز على الإصلاح المؤسسي. فمفهوم الأمن الإنساني يركز على كيفية إصلاح المؤسسات القائمة والمعنية بتحقيق أمن الأفراد أو إنشاء مؤسسات جديدة كفيلة بهذا الأمر. وربما ترجع أهمية هذا التطور نحو الإصلاح المؤسسي إلى ما أُثبت من عدم فاعلية القواعد القانونية وحدها لضمان احترام حقوق الأفراد، فوجود القاعدة القانونية أصبح لا يعنى بالضرورة الالتزام بتنفيذها، إضافة إلى الطبيعة المعقدة لمشاكل الأمن الإنساني في الوقت الحالي و التي أصبحت تتطلب أطراً أكثر ملائمة، وهنا تبرز أهمية الإصلاح المؤسسي، إذ يتجاوز مفهوم الأمن الإنساني التركيز على وضع مجموعة جديدة من القواعد القانونية الكفيلة بالتعامل مع مصادر تهديد الأمن الإنساني إلى التركيز على سبل تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها، وهو ما يتبدى بالأساس فيما أصبح مشاهداً من وجود ميل من الدول للتركيز على الاعتبارات السياسية واعتبارات الرشاد دون الاعتبارات الإنسانية وهو ما تجسد في وجود انفصال بين ما يوجد من اتفاقيات وقواعد قانونية تُشكل القانون الدولي الإنساني وبين مدى تنفيذ الدول لتعهداتها المنصوص عليها، بحيث أصبح وجود القاعدة القانونية لا يعنى بالضرورة الالتزام بها، وهو ما يرجع بالأساس إلى رغبة الدول الكبرى فى إيجاد الآليات الملائمة و التي من شأنها تحقيق مصالحها الخاصة، فنجد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصادر عام 1948 ينص على أن حقوق الإنسان أصبحت مسئولية عالمية من خلال التأكيد على عالمية الحقوق وتمحورها حول المساواة بين جميع الأفراد، والاعتراف بأن إعمال حقوق الإنسان هدف جماعي للإنسانية، وتحديد مجموعة من الحقوق المدنية، والسياسية، والاجتماعية لجميع الأفراد، وإيجاد نظام دولي لتعزيز إعمال حقوق الإنسان، وإرساء مبدأ خضوع الدولة للمساءلة بشأن التزاماتها الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي. كما تلا صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التوصل إلى مجموعة مهمة من الاتفاقيات الدولية وإنشاء بعض اللجان المعنية بمناقشة قضايا حقوق الإنسان منها إنشاء لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وذلك عام 1946، وفى عام 1948 تم التوصل إلى اتفاقية منع والمعاقبة على جريمة الإبادة الجماعية، وفى عام 1951 تم التوصل إلى اتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ثم الاتفاقية الدولية المتعلقة بالأشخاص عديمى الجنسية وذلك فى عام 1954، وفى عام 1957 تم التوصل إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على العمل بالسخرة، وفى عام 1965 تم التوصل إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على أشكال التمييز العنصرى كافة، وفى العام التالى صدرت عن الأمم المتحدة كل من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفى عام 1967 صدر بروتوكول عام 1967 المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لعام 1951، وفى عام 1973 تم التوصل لاتفاقية الأمم المتحدة لقمع جريمة الفصل العنصرى والمعاقبة عليها ثم اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على أشكال التمييز كافة ضد المرأة وذلك فى عام 1979، وفى عام 1984 صدرت عن الأمم المتحدة اتفاقية مناهضة التمييز وغيره من أنواع المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية، وفى العام التالى تم إنشاء لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفى عام 1989 صدر عن الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل، كما تم تعيين أول مفوض سامى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى عام 1993، وفى عام 1999 تم التوصل إلى اتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال.
وتُشكل تلك الاتفاقيات الدولية "القانون الدولي لحقوق الإنسان" International Human Rights Law ، إذ تضع مجموعة من الضوابط والنصوص المتعلقة بالتزامات الدول الموقعة عليها تجاه الأفراد. إذ نجد اتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لعام 1951 تنص فى المادة 32 على منع قيام أيّ من الدول الموقعة على الاتفاقية بطرد أي لاجئ أو طالب لجوء موجود على أراضيها إلا لأسباب تتعلق بالأمن القومى أو النظام العام " وإن حدث ما يخل بالأمن القومى أو النظام العام تنص الاتفاقية على ضرورة "منح الدولة المضيفة للاجئ أو طالب اللجوء فترة ملائمة حتى يتسنى له طلب اللجوء فى دولة ثالثة"1.
كما تُحدد الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية حقوق الأفراد كافة والتى تلزم الدول الموقعة على الاتفاقية باحترامها ومنها "الحق فى الإقامة، والتنقل، والتملك، وكذلك بعض الحقوق السياسية للأفراد ومنها الحق فى التعبير عن الرأى، وتنظيم والانضمام للأحزاب السياسية، وكذلك طلب اللجوء فى دولة أخرى". وتنص المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية لاستبعاد أشكال التمييز العنصرى كافة على "ضمان حق كل شخص دون أى تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجماعة الاثنية فى المساواة أمام القانون وخاصة التمتع بالحق فى مغادرة أى دولة والعودة إليها".
وبذلك يتضح وجود التزامات قانونية على الدول نحو احترام حقوق الأفراد وذلك وفقاً لما وقعت عليه طواعية من اتفاقيات دولية تتعلق باحترام حقوق الأفراد، إلا أن ما أصبح مشاهداً هو وجود اتجاه متنامي من الدول المختلفة لعدم تنفيذ كامل التزاماتها المنصوص عليها في سياق تلك القواعد القانونية. فعلى سبيل المثال اتجهت الدول كافة في الوقت الحالي إلى وضع مجموعة كبيرة من القيود على الحريات المدنية لمواطنيها إذ أصبحت الاتصالات الشخصية تخضع للمراقبة من قبل أجهزة الدولة، وكذلك أصبح هناك قيود على التجمعات. ويتبدى هذا الأمر بشكل أوضح فى قضايا اللاجئين و طالبي اللجوء، إذ نجد هناك ميلاً لتغليب الاعتبارات السياسية على الاعتبارات الإنسانية في التعامل مع اللاجئين، إذ أصبح استقبال الدول لطالبي اللجوء على أراضيها محكوماً فى غالبية الأحيان بما يمكن أن يحققه لها هذا الأمر من مصالح مع دولة الأصل بالنسبة لطالب اللجوء. وعادة ما تلجأ الدول فى هذا الصدد إلى بعض الاستراتيجيات منها طرد أو رفض استقبال طالبى اللجوء وإعادتهم مرة أخرى إلى دولة الأصل، وذلك رغم أن مبدأ حظر رد أو طرد أى لاجئ أو طالب لجوء يُعد أحد القواعد الدولية الأساسية فى القانون الدولى الإنسانى. وهناك أمثلة كثيرة لرد الدول لطالبى اللجوء مرة أخرى إلى دولة الأصل، ومن ذلك موقف الدول المجاورة لأفغانستان من استقبال طالبى اللجوء الأفغان خاصة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، إذ أعلنت الدول المجاورة لأفغانستان إغلاق حدودها أمام طالبي اللجوء الأفغان معلنة عدم قدرتها على استيعاب أى تدفق جديد لطالبى اللجوء الأفغان متجاهلة الاعتبارات الإنسانية والالتزامات الدولية فى هذا الصدد. ويتبدى هذا الأمر أيضاً فى موقف الصين من استقبال طالبى اللجوء من كوريا الشمالية إذ يتمثل موقف الحكومة الصينية فى هذا الصدد فى رفض دخول طالبى اللجوء الكوريين الشماليين، إذ عمدّت الصين إلى تشديد الإجراءات على الحدود رغبة منها فى الحفاظ على العلاقات مع جارتها كوريا الشمالية مستندة فى ذلك إلى معاهدة تُعلن أنها وقعتها سراً مع بيونج يانج فى هذا الصدد، بحيث ترفض الصين توفير الحماية لطالبى اللجوء من كوريا الشمالية ومن يقبض عليه وهو يعبر الحدود يُعاد مرة أخرى إلى بلاده. ووفقاً للقانون الكورى الشمالى يخضع هؤلاء العائدون للعقوبة، فوفقاً للقانون الكورى الشمالى فإن هذا يُعد جريمة كبرى ويخضع طالبو اللجوء العائدون لعقوبة تتمثل فى التعذيب أو العمل الجبرى وقد تصل إلى الإعدام2.
بالإضافة إلى ما سبق تلجأ الدول لاستراتيجيات أخرى منها المساهمة فى تقديم منح أو مساعدات مالية للاجئين و طالبى اللجوء فى مقابل عدم استقبالهم على أراضيها، ويُعد موقف اليابان من الأمثلة التى يمكن الإشارة إليها فى هذا الصدد إذ يقتصر دورها فى المساهمة فى حل مشكلات اللاجئين من خلال تقديم المساعدات المالية. وفى حالات أخرى تتبنى بعض الدول مفهوم دولة ثالثة آمنة Third Safe State إذ لا تقوم بطرد هؤلاء القادمين من طالبى اللجوء، لكنها تقبل استقبالهم مؤقتاً حتى يتسنى لهم تدبير أمورهم والانتقال إلى دولة ثالثة، وتسمح لهم خلال تواجدهم بالاتصال بدولة ثالثة تمهيدا للانتقال إليها.
ومن هذا المنطلق، فإن بروز مفهوم الأمن الإنساني فى مجال الدراسات الأكاديمية فى فترة ما بعد الحرب الباردة جاء لتجاوز التركيز على الأطر القانونية كأساس للتعامل مع مشكلات غياب أمن الأفراد للتركيز على الإصلاح المؤسسي. ففي ظل وجود مجموعة كبيرة من الأطر القانونية لتنظيم والتعامل مع كافة أبعاد قضايا حقوق الأفراد والتزامات الدول تجاه الأفراد، ومع وجود ميل من الدول للتركيز على الاعتبارات السياسية دون الإنسانية، فإن التعامل الأنسب مع حالات غياب الأمن الإنساني يكمن في (الإصلاح المؤسسي من خلال إصلاح المؤسسات التقليدية المعنية بتحقيق الأمن لتصبح مهيأة للتعامل مع مشكلات ومصادر تهديد أمن الأفراد، وإنشاء مؤسسات جديدة كفيلة بهذا الأمر، وكذلك البحث في آليات تنفيذ ما هو منصوص عليه من التزامات قانونية متعلقة بحقوق الأفراد الأساسية، وهذا هو جوهر مفهوم الأمن الإنساني.)
وفى واقع الأمر إن بروز مفهوم لم يأت كنتيجة إلى ميل الدول إلى عدم الاكتراث بالأطر القانونية فحسب، بل إن بروز المفهوم جاء أيضا كنتيجة لبعض التحولات التي شهدها المجتمع الدولي في فترة ما بعد الحرب الباردة و التي كشفت عن عمق وخطورة مصادر تهديد أمن الأفراد، وكان من أبرز تلك التطورات التغير فى طبيعة الصراعات، إذ صاحب نهاية الحرب الباردة تغير فى طبيعة الصراعات التى يشهدها العالم، إذ أصبحت الصراعات تدور بين الأفراد داخل حدود الدولة القومية وليس بين الدول. فتشير الإحصاءات إلى أنه خلال الفترة من عام 1990 وحتى عام 2001 شهد العالم سبعة وخمسين صراعاً رئيساً داخل 45 دولة في مختلف أنحاء العالم، كانت حكومة الدولة أحد أطراف الصراع. دارت النسبة الأكبر من تلك الصراعات خلال الفترة من عام 1990 وحتى عام 1993 كان أكثرها فى عام 1992 حيث بلغ عدد الصراعات الداخلية التى شهدها العالم 55 صراعاً، والنسبة الأقل منها كان ما بين عامى 1996-1998، ففى عام 1998 بلغ عدد الصراعات الداخلية التى شهدها العالم 36 صراعاً، وفى عام 2001 كان هناك 24 صراعاً داخلياً نصفهم مستمر بحد أدنى ثمان سنوات. ومن بين العشرين دولة الأقل فى دليل التنمية البشرية لعام 2002 توجد 16 دولة منها تعانى من صراعات داخلية3. فالسمة الأساسية للصراعات هى أنها أصبحت تدور داخل حدود الدولة القومية والنسبة الأكبر من ضحايا تلك الصراعات من المدنيين وليسوا عسكريين، خاصة أنه فى بعض الأحيان تكون السيطرة على المدنيين أحد أهداف الجماعات المتصارعة.
وتتسم تلك الأنماط من الصراعات بالانتهاك الشديد لحقوق الأفراد، إذ يُقدر أنه خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين لقي 5 مليون شخص حتفهم من جراء الصراعات الداخلية كما يترتب عليها واحدة من أخطر مشاكل الأمن البشرى وهى مشاكل اللاجئين، إذ بلغ عدد لاجئ وطالبى اللجوء فى العالم وفقاً لإحصاءات عام 2004 حوالى 11.5 مليون لاجئ وطالب لجوء من بينهم 7.77 مليون لاجئ وطالب لجوء منذ ما يزيد على خمس سنوات. وخلال عام 2004 وحده كان هناك 1.01 مليون لاجئ وطالب لجوء جديد، بالإضافة إلى ما يزيد على 21.3 مليون نازح داخلى. وفى عام 2004 كان هناك 3.16 مليون نازح داخلى جديد4. وتُعد مشكلات اللاجئين واحدة من أخطر مشاكل الأمن الإنساني في القرن الحادي والعشرين نظراً لما تفرضه من مخاطر شديدة على أطراف العلاقة كافة.
وعلى هذا الأساس، شكل التغير فى طبيعة الصراعات فى فترة ما بعد الحرب الباردة عاملاً رئيسياً فى تأكيد (فشل المنظور التقليدي للأمن) فى التعامل مع طبيعة مصادر تهديد أمن الأفراد فى فترة ما بعد الحرب الباردة. فإذا كان مفهوم الأمن القومي يرتكز على أن أمن الدولة يّجب أمن الفرد ويحتويه، ومادامت الدولة آمنة فالأفراد بالضرورة آمنون، إلا أن هذا المنظور الأمني لم يعد ملائماً فى الوقت الحالي، فقد تكون الدولة آمنة -وفقاً للمفهوم التقليدي للأمن- فى وقت يتناقص فيه أمن مواطنيها، كما أن الدول أصبحت فى أحيان عدة مصدراً لتهديد أمن مواطنيها، وهو ما دفع بعض الباحثين للدعوة لطرح مفهوم للأمن بديلاً لمفهوم الأمن الواقعي ممثلاً فى مفهوم الأمن الإنساني ليرتكز بالأساس على تحقيق أمن الأفراد.
يضاف لما سبق أن العولمة شكلت أحد العوامل المهمة والمؤثرة فى هذا الصدد إذ دفعت ما وجهته العولمة من تحديات للأمن الإنساني عدداً من الباحثين إلى الربط بين تحديات العولمة من ناحية، وبروز مفهوم الأمن الإنسانى الذى جاء كرد فعل ونتيجة لهذه التحديات وللبحث عن سبل مواجهتها وذلك من ناحية أخرى. وبوجه عام، فرغم ما تقدمه العولمة من فرص للتقدم البشرى فى مجالات عدة ممثلة فى سرعة انتقال المعرفة، وفتح الحدود، إلا أنها فى المقابل تفرض تحديات خطيرة على الأمن البشرى خاصة فى الدول النامية. إذ اعتمدت العولمة كظاهرة على خدمة مصالح الدول المتقدمة على حساب الدول النامية بحيث أصبحت تستخدم كأداة للتفاوض بين الدول المتقدمة والدول النامية لفرض ضغوط على الأخيرة فيما يتعلق بفتح أسواقها وبما يحقق مصالح الأولى، بحيث أصبحت فوائد العولمة تسير فى اتجاه واحد ولصالح الدول المتقدمة التى وضعت تلك القواعد. فعلى سبيل المثال، نجد أن التحرير التجارى وفقاً للاتفاقيات الدولية الخاصة بالزراعة، والتى هدفت بالأساس إلى تحقيق الأمن الغذائى، أسهم فى خلق مشكلة أمن غذائى خاصة فى الدول النامية وهو ما يتبدى بالأساس فى السماح للدول المتقدمة ولسياستها الحمائية على سلع بعينها بتوجيه أضرار بالغة لصغار المنتجين فى الدول النامية.
من ناحية ثانية، نجد أن هناك غياباً لنقاط الالتقاء بين القواعد التجارية وقوانين الاستثمار محلياً ودولياً من ناحية، وبين القانون الدولى لحقوق الإنسان من ناحية أخرى. إذ نجد أن القوانين التجارية أو قوانين الاستثمار لا تنص على ضرورة الربط بين الجوانب الاقتصادية من ناحية والجوانب الإنسانية أو مراعاة الأبعاد الإنسانية للقرارات الاقتصادية من ناحية أخرى. فعلى سبيل المثال فإن الاتفاقيات الدولية الخاصة بالاستثمارات المشتركة سواء كانت اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف تسهم، فى غالبيتها، فى وضع أنظمة حماية قوية للمستثمر الأجنبى فى الدولة المضيفة، وهو الأمر الذى من شأنه وضع قيود على الدولة المضيفة فيما يتعلق بالمواءمة بين الالتزامات المنصوص عليها من ناحية، وبين حماية حقوق مواطنيها والتأكد من أن تلك الالتزامات لا تسبب أضراراً للمواطنين وذلك من ناحية أخرى5. ورغم أن البعض أرجع هذا الأمر6 إلى أن كلا من القانون التجارى الدولى والقانون الدولى الإنسانى وضعا بانفصال عن بعضهما البعض ووفقاً لمسارات مختلفة، إلا أن هذا الأمر يجب أن يُفسر فى سياق العلاقة بين الدول المتقدمة والدول النامية وهو ما يتبدى فى رغبة الأولى فى السيطرة على الدول النامية وتوجيه أنشطتها بما يحقق مصالحها.
من ناحية ثالثة، هناك بعض الدراسات التى تربط بين أنشطة المنظمات والشركات متعددة الجنسيات وانتهاكات حقوق الأفراد فى الدول التى تعمل فيها، ولا يقصد بانتهاك حقوق الأفراد فى هذا الصدد انتهاك الحقوق السياسية للأفراد ممثلة فى الحق فى التعبير عن الرأى والحق فى التجمع، لكنه يبرز بالأساس فى المجال الاقتصادى وهو ما يتبدى فى محاولة تلك المنظمات والشركات ممارسة تأثير على اتجاه تطور القوانين الاقتصادية المحلية بما يخدم مصالحها بالأساس. وتبرز خطورة هذا البعد فى أمرين يتمثل أولهما فى عدم وجود آليات لمحاسبة تلك المنظمات والشركات على ما تقوم به من أنشطة من شأنها إلحاق ضرر بالأفراد، أما الأمر الثاني فيتبدى فى أن القانون الدولي العام وقوانين الاستثمار والتجارة وكذلك قوانين حقوق الإنسان لا تفرض التزامات مباشرة على تلك الشركات لاحترام أو تأكيد احترام أنشطة تلك المنظمات لحقوق الأفراد الأساسية7.
وفى واقع الأمر، تبرز خطورة العولمة على الأمن الإنساني فى أن العولمة ليست عملية اقتصادية فحسب بل هى عملية متعددة الأبعاد لها أبعاد ثقافية واجتماعية وسياسية وأمنية واقتصادية وهو الأمر الذى من شأنه فرض تداعيات خطيرة على كافة جوانب حياة الأفراد، فقد حددت دراسة ضمن تقرير التنمية البشرية لعام 1999 بعنوان "عولمة ذات وجه إنسانىGlobalization with a Human Face " مخاطر العولمة على الأمن الإنسانى فى سبعة عناصر رئيسة هى عدم الاستقرار المالى، وغياب الأمن الوظيفى، وغياب الأمن الصحى، وغياب الأمن الثقافى، وغياب الأمن الشخصى، وغياب الأمن البيئى، وغياب الأمن السياسى والمجتمعى. ويتبدى عدم الاستقرار المالى كأحد مخاطر العولمة على الأمن الإنسانى فيما تفرضه سياسات العولمة من أزمات مالية، ومن أبرز الأمثلة فى هذا الصدد الأزمة المالية فى جنوب شرقى آسيا فى منتصف عام 1997، والتى نتجت بالأساس من تدفقات رأس المال الأجنبى على المنطقة والتى بلغت قيمتها فى عام 1996 حوالى 93 بليون دولار فى كل من إندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وماليزيا، والفليبين، وتايلاند. ومن شأن تلك التدفقات المالية الهائلة فى عصر العولمة خلق أزمات واضطرابات فى سوق رأس المال فى الدول المستقبلة لها، إذ أكدت الدراسة فى هذا الصدد على أنه فى عصر العولمة، فإن أزمات مالية مشابهة يتوقع لها أن تحدث وفى مناطق عدة.
ويتمثل البعد الخاص بغياب الأمن الوظيفى فيما أكدت عليه الدراسة من أن ضغوط المنافسة العالمية دفعت بالدول إلى تطبيق سياسات عمالية أكثر مرونة تقوم على غياب أطر قانونية تضمن حقوق والتزامات طرفى الشراكة فى العمل وذلك كنوع من أنواع اتجاه الدولة لتقليص التزاماتها تجاه الموظفين فيما يتعلق بالضمانات الاجتماعية. ويبرز غياب الأمن الصحى كأحد تداعيات العولمة على الأمن الإنسانى كنتيجة لفتح الحدود وما يترتب عليه من سهولة انتقال الأمراض. فالعدوى أصبحت الآن تنتقل بسرعة هائلة، إذ تشير الدراسة إلى أنه فى عام 1998 بلغ عدد المصابين بالإيدز فى العالم حوالى 33 مليون فرد منهم حوالى 6 مليون شخص انتقلت إليهم العدوى فى عام 1998 وحده، وبذلك فهناك فى المتوسط 16 ألف شخص تنتقل إليهم العدوى يومياً، يعيش 95% منهم فى الدول النامية والدول الأقل نمواً فى العالم. ووفقاً لإحصاءات عام 2003 بلغ عدد المصابين بالإيدز فى العالم حوالى 40 مليون شخص تتركز النسبة الأكبر منهم فى الدول النامية، كما يوجد حوالى 3 مليون شخص فى المتوسط يموتون سنوياً من جراء العدوى8. أما الشق الخاص بغياب الأمن الثقافى فيبرز فى أن ما تقوم عليه العولمة من انتقال المعرفة وامتزاج الثقافات يتم بطريقة غير متكافئة، تقوم على انتقال المعرفة والأفكار من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة وفى أحيان كثيرة تمثل الأفكار الوافدة تهديداً للقيم الثقافية المحلية.
ويتمثل غياب الأمن الشخصى فى عصر العولمة فى أن أمن الأفراد أصبح أكثر تعرضاً للخطر، إذ سهلت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عمل الجماعات الإرهابية، فالجريمة أصبحت تنفذ فى دولة ما، بواسطة أشخاص من دولة ثانية، وأسلحة من دولة ثالثة، وتمويل من دولة رابعة، والضحايا قد يكونون من دول أخرى. أما عن تداعيات العولمة على البيئة فقد أكد التقرير على أن غياب الأمن البيئى يعد أحد تحديات العولمة، فالبيئة هى العنصر الأكثر ضرراً فى ظل العولمة وما يفرضه هذا من مخاطر على الأمن البشرى. فالضغط على الموارد وسوء استخدامها أصبح يهدد أمن البشر فى الدول الغنية والفقيرة على حد سواء، خاصة أن استهلاك الموارد البيئية فى معظم الأحيان يتسم بعدم التوازن بين الدول الغنية والفقيرة. إذ يشير التقرير فى هذا الصدد إلى أن 20% من سكان العالم المتقدم يستهلكون 84% من الورق فى العالم وما يسببه ذلك من ضغط على الموارد البيئية. أما العنصر الأخير الذى حددته الدراسة تمثل فى غياب الأمن السياسى والمجتمعى إذ أضفت العولمة طابعاً جديداً على النزاعات تمثل فى سهولة انتقال الأسلحة عبر الحدود وهو ما أضفى عليها تعقيداً وخطورة، وكذلك انتعاش دور شركات الأسلحة والتى أصبحت تقوم بتقديم تدريب للحكومات ذاتها، وهو ما يمثل تهديداً خطيراً للأمن الإنسانى9.
ورغم أن دور العولمة كمصدر تهديد للأمن الإنسانى، وإن كان فى حالات كثيرة، يُعد دوراً جوهرياً إلا أنه فى حالات أخرى لا يتجاوز دور الوسيط أو الأداة المسهلة ومن ذلك مثلاً دور العولمة فى إذكاء بعض النزاعات والعمليات الإرهابية وما إلى ذلك، إذ إن دور العولمة تمثل فى تعقيد تلك الأنماط من مصادر التهديد للأمن الإنساني وكذلك زيادة تأثيرها دون العمل على بروزها. ومن هذا المنطلق، لا يمكننا التعويل على العولمة بصورة مطلقة كمصدر رئيس لتهديد الأمن البشرى.
وفى هذا السياق، يصبح المطلوب هو البحث عن آلية ملائمة لمواجهة تحديات الأمن الإنسانى فى القرن الحادى والعشرين، بحيث يتطلب التعامل مع مشكلات الأمن الإنساني البحث عن إطار جديد من "الحكم الرشيد الإنسانى".
وبوجه عام، يُقصد بمفهوم الحكم الرشيد الإنساني نظامُ للحكم يقوم على مراعاة الاعتبارات الإنسانية، وتتمثل العلاقة بين المفهومين فى أنه بينما يركز مفهوم الأمن الإنساني على تحقيق ظروف الأمان والرخاء البشرى، نجد أن مفهوم الحكم الرشيد الإنساني ينصرف إلى إيجاد مجموعة من القواعد العامة التي تتعامل مع قضايا الأمن الإنساني فى هذا الصدد. ومن ثم، فكلاهما يكمل الأخر.
وبوجه عام، فإن هذا النظام للحكم الرشيد لا يكون على المستويات المحلية فحسب، بل يشمل المستويات الإقليمية والعالمية. وهو ما يتطلب إصلاح ما تُعانيه المستويات الثلاث من خلل فى صدد الحديث عن سبل تحقيق الأمن الإنسانى.
فعلى المستويات المحلية، فإن جزءاً كبيراً من مشكلات الأمن الإنسانى يكمن علاجه فى إصلاح ما نُعانيه من أوضاع مختلة على المستوى الداخلى، والتى يتطلب التعامل معها وجود إدراك بكافة أبعادها وتداعياتها بما يمكن أن يسهم فى التخفيف من حدتها. ومن أكثر ما تُعانيه الدول وخاصة الدول النامية من أوضاع مختلة تكمن فى قضايا التسلح، فرغم ما شهده العقد الأخير من القرن العشرين من اتجاه نحو تخفيض نسب الإنفاق العسكرى وإعادة تخصيصها للإنفاق على قضايا التعليم والصحة والقضايا التنموية بوجه عام، إلا أننا ما زلنا نلاحظ ارتفاع نسب الإنفاق العسكرى فى عددٍ من الدول غالبيتها إن لم يكن كلها يندرج فى إطار الدول النامية مما يزيد من خطورة المشكلة. وتُثير قضايا الإنفاق العسكرى إشكالية رئيسية تتعلق بالتوفيق بين اعتبارات الأمن الإنسانى والأمن القومى. إذ تميل الدول إلى تغليب اعتبارات الأمن القومى على الاعتبارات المتعلقة بالأمن الإنسانى. ومن ثم، فإن تحقيق التوازن بين الإنفاق العسكرى والإنفاق التنموى يُعد أمراً غاية فى الأهمية خاصة بالنسبة للدول النامية التى تبرز فيها تلك الإشكالية بصورة أساسية، وهو ما يتطلب إطاراً ملائماً للتوفيق بين اعتبارات الأمن التقليدى واعتبارات الأمن الإنسانى.
من ناحية ثانية، تُعانى كافة الدول تقريباً من عدم الارتباط بين الأبنية والمؤسسات الاقتصادية والسياسية ومؤسسات الحماية الاجتماعية، فالقرارات الاقتصادية والسياسية تتخذ دون دراسة كافية لنتائجها الاجتماعية والإنسانية مما يزيد قضايا الأمن الإنسانى تعقيداً.
على المستوى الإقليمى، يُقصد بمفهوم الحكم الرشيد كإطار لتحقيق الأمن الإنسانى التركيز على تقوية المؤسسات الإقليمية فى التعامل مع مشاكل ومصادر تهديد الأمن الإنسانى خاصة أن المنظمات الإقليمية تتسم بالفاعلية فى التعامل مع غالبية مشكلات الأمن الإنسانى التى تتسم فى معظمها بأنها ذات طبيعة متداخلة ومتشابكة ولا يمكن لدولة واحدة مواجهتها بمفردها، ومن ذلك مشكلات اللاجئين على سبيل المثال، إذ تتسم بعض المناطق بأنها ذات طبيعة خالصة من حيث عملية اللجوء. ومن ثم، فإن التعاون الإقليمى سيكون أكثر ملائمة فى هذا الصدد، إذ إن قضايا الأمن الإنسانى لا تقل أهمية عن القضايا التجارية والقضايا الاقتصادية التى تطرح بشدة كقضايا للتعاون الإقليمى بشأنها.
أما المستوى الثالث( العالمي) لمثل هذا الإطار من الحكم الرشيد كمدخل لتحقيق الأمن الإنسانى فيبرز من خلال التركيز على الإصلاح المؤسسى على المستوى العالمى وإنشاء مؤسسات على المستوى العالمى كفيلة بالتعامل مع مصادر تهديد الأمن الإنسانى، وكذلك إصلاح نظام المساعدات الدولية. فإصلاح نظام المساعدات يُعد من القضايا المهمة والمؤثرة فى التعامل الكفء مع مشكلات الأمن الإنسانى فى الوقت الحالى. وهنا يجب التأكيد على أمر أساسى وهو ضرورة تغيير الفكر الخاص بالمساعدات من زاويتين تتعلق الأولى بضرورة وجود إدراك لدى الدول المقدمة للمساعدات بإلزامية تقديمها للمساعدات للدول الفقيرة، فضغط الأولى المتزايد على الموارد البيئية سبب وما زال يسبب ضرراً متزايداً للأخيرة. وعلى هذا الأساس، فالدول المتقدمة ملزمة بتعويضها عن تلك الأضرار. ومن ذلك، يكفى أن نشير إلى أنه إذا كان 5/1 سكان العالم فى الدول المتقدمة يستهلكون 84% من إنتاج الورق فى العالم، فإنها فى المقابل عليها تعويض 5/4 سكان هذا العالم عن هذا الاستهلاك المتزايد للموارد البيئية10. أما الأمر الثانى هو أنه بالنظر إلى نظام المساعدات فى الوقت الحالى نجد أنه ما زال يحمل طابع الحرب الباردة من حيث تركيز توجيه المساعدات إلى الدول الحليفة وتوجيه جزء كبير من تلك المساعدات إلى الإنفاق العسكرى فى دول تتسم بارتفاع إنفاقها العسكرى، والأهم من ذلك هو التهديد المستمر باستخدام سلاح قطع المساعدات للضغط على الدول المتلقية لتلك المساعدات. وهو ما يتطلب ضرورة إيجاد لجنة فى الأمم المتحدة تكون مهمتها التنسيق الدولى لقضايا المساعدات بحيث تتولى اللجنة مهمة توجيه الدول نحو مجالات توجيه المساعدات. كما أن هناك ضرورة لصياغة ميثاق دولى خاص بتوجيه المساعدات والذى يجب أن يركز على أوجه توجيه المساعدات ويضع ضوابط على الدول المتلقية لتلك المساعدات تتعلق بإنفاقها العسكرى وضرورة تخفيضه كشرط مسبق لحصولها على المساعدات، وكذلك تحديد أوجه إنفاق أو توجيه تلك المساعدات والتى يجب أن ترتكز على القضايا التنموية فحسب. فمن الضرورى وجود اتفاقية دولية أو ميثاق دولى يضع الأسس الملزمة للدول فى استخدام وتوجيه تلك المساعدات.
أما المحور الأهم فى هذا الصدد فيتمثل فى ضرورة إصلاح الأمم المتحدة ومن ذلك ما اقترحته لجنة الحكم الرشيد وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى إذ اقترحا تشكيل مجلس الأمم المتحدة للأمن الاقتصادى United Nations Economic Security Council على غرار مجلس الأمن الدولى ويمكن تطوير الفكرة لتصبح مجلس الأمن الإنسانى United Nations Human Security Council وأهمية مجلس الأمن الإنسانى فى حال إنشائه فى تعامله مع قضايا الأمن الإنسانى فى مجملها فى حين أن مجلس الأمن الاقتصادى يتعامل مع قضايا الأمن الاقتصادى فحسب. أما فيما يتعلق بالربط بين طبيعة عمل هذا المجلس وعما إذا كان سيمثل أساساً للتدخل الدولى الإنسانى، هنا يجب التأكيد على أن فكرة إنشاء المجلس ستكون شبيهة بنفس الفلسفة التى يقوم عليها عمل مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين إذ تقوم بعمل اجتماعى- إنسانى بالأساس، فتدخل المفوضية فى أى دولة لحماية اللاجئين أو النازحين الداخليين لا يُنظر إليه على أنه تدخل فى الشئون الداخلية لتلك الدولة وإنما هو عمل له طبيعة اجتماعية بالأساس ليس له أبعاد سياسية وهى ذات الفكرة التى فى سياقها تتم الدعوة لإنشاء مجلس الأمن الإنسانى ليقوم بعمل ذى طبيعة اجتماعية بالأساس.
باحثة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار
رئاسة مجلس الوزراء- مصر
ماجستير فى العلوم السياسية
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 3:19 pm
البطاقة الفنية
1*مفهوم حاسة السمع: السمع هي قدرة الأذن على التقاط ترددات الموجات الصوتية المنتقلة عبر الهواء و ادراكها.
2*الجهاز السمعي: هو الجزء المسؤول عن حاسة السمع و الذي يتكون من:
1- الأذن: و هي المستقبل لحاسة السمع، و حفظ التوازن ، وتتكون من الاذن الخارجية ،الأذن الداحلية و الوسطى
1-1الاذن الخارجية:تتكون من الصوان ، قناة الاذن الحارجية ، طبلة الادن
أ)الصوان: وظيفته تحديد اتجاه الطوت و ثجميع الاصوات و توجييهها الى الأذن عبر القناة ثم الى الطبل
ب) فناة الادن الحارجية:هي الانبوب الذي ينقل من خلاله الصوت الى غشاءالطبلة
ج )طبلة الأذن: غشاء جلدي رقيق مخروطي يفع في نهاية القناة الخارجية
1-2الاذن الداخلية: تتكون من
أ)القنوات شبه هلالية : مسؤولة عن عملية الاتزان ، تزويد الدماغ بالمعلومات عن حركة الرأس.
ب) القوقعة: مسؤولة عن عملية السمع تتكون من الخلايا الشعرية الحسية العصبية التي تخول الاهتزازات الواصلة من الاذن الوسطى الى السيالة العصبية كما تتصل مع الياف العصب السمعي الذي ينقل هده السيالة الى المراكز الدماغية.
1-3 الاذن الوسطى: تحافظ على توازن الضغط على الطبلة وتتكون من :
أ) فناة استاكيوس:انبوب عضلي متصل بالبلعوم يقوم بتسهيل خرطة العضيمات و غشاء الطبل
ب)العضيمات الثلاث: المطرقة و السندان و الركاب
2- الجهاز العصبي: المسؤول عن ترجمة الذببذبات الصوتية الى أصوات مفهومة و يتكون من العصب السمعي و المركز السمعي في الدماغ.
وظيفة الجهاز السمعي:3*
- تفوم الذن باستقبال ذبذبات الصوتية القادمة من المحيط الخارجي عبر مختلف مكوناتها و تتحول الى اشارات كهربائية تنتقل عبر العصب السمعي الى مراكز السمع في الدماغ حيث يتم تحليلها و التعرف عليها
4*مفهوم الصوت: يصدر الصوت عند اهتزاز الاجسام نتيجة لتأثرها بالطاقة الحركية و المغناطيسية او الكهربائية وينتفل الصوت عبر موجات تنتقل في الوسط
أ) سرعة الصوت: 331 متر/ ثانية في الهواء
ب) تردد الصوت: هو عدد الموجات الكاملة في الثانية الواحدة ، وحدتها الهيرتز وهو يتناسب عكسيا مع طول الموجة مثال : موجة صوتية دات تردد منخفض = صوت غليض
موجة صوتية دات تردد مرتفع = صوت حاد رفيع
5* المجال السمعي للانسان:
- الادن ذات السمع الطبيعي تكون حساسة للاصوات التي يتراوح تردد موجاتها ما بين 2000 و 5000 هرتز
-أشد حساسية للاصوات تتراوح تردد موجاتها مابين 3000 و4000 هرتز
- تكون حساسية الأذن أفضل ما يمكن عند ترددات من 500 الى 4000 هرتزو هي ترددات عناصر الكلام كي تقوم الاذن بوظيفتها على اكمل وجه
- الهمس :في حدود 30 ديسيبال
- الحديث العادي : 60 ديسيبال
- الصوت المزعج: 90 ديسيبال
- شدة الصوت التي تؤدي الى ألم في الاذن : 120 ديسيبال
6* الادراك السمعي: هو القدرة على فهم الاصوات و تفسيرها
- التمييز السمعي: القدرة على تمييز شدة الصوت و ارتفاعه او انخفاضه و الاصوات اللغوية و الكلمات المتشابهة و المختلفة
- الخلفية السمعية : تميز الصوت عن غيره من الاصوات الشبيهة و هنا تتم عملية احتيار المثسر السمعي المناسب
- الذاكرة السمعية التتبعية: اعادة انتاج كلام ذي نغمة معينة ، لابد من الاحتفاظ بها لفترة معينة لاسترجاعها لاجراء المقارنة.
7* أهمية حاسة السمع في الاتصال:
- اكتساب لغة مسموعة و منطوقة
- التكيف الاجتماعي
- التواصل بين الافراد
8* اختبارات السمع
طرق قياس السمع:
أ) الطرق التقليدية: تعتمد على الملاحضة و الكلام بدون استعمال اجهزة معقدة
ب) الطرق الحديثة: تعتمد على طرق الكترونية متطورة
9* اختبارات الادراك السمعي:
أ) اختبار ويبمان للنمييز السمعي: يتالف من 40 زوج من المفردات التي لا معنى لها ،30 زوج تختلف في واحدة من الاصوات تامتجانسة ،10 الباقية لا تختلف بل وضعت لتمويه الطفل الهدف منه التمييز بين الاصوات المتجانسة
ب) اختبار التحليل السمعي:يتألف من كلمات بسيطة و مركبة اذا حدف جزء منها يبقى جزء يشكل كلمة دات معنى معروف
ج) اختبار سعة الذاكرة السمعية:يتضمن كلمات شائعة في اللغة و يطلب اعادتها لمعرفة مدى قوة الذاكرة السمعية
د) اخنبار الذاكرة السمعية التتبعسة:يقيس قدرة الفرد على تذكر سلسلة من المفردات بنفس الترتيب
1*مفهوم حاسة السمع: السمع هي قدرة الأذن على التقاط ترددات الموجات الصوتية المنتقلة عبر الهواء و ادراكها.
2*الجهاز السمعي: هو الجزء المسؤول عن حاسة السمع و الذي يتكون من:
1- الأذن: و هي المستقبل لحاسة السمع، و حفظ التوازن ، وتتكون من الاذن الخارجية ،الأذن الداحلية و الوسطى
1-1الاذن الخارجية:تتكون من الصوان ، قناة الاذن الحارجية ، طبلة الادن
أ)الصوان: وظيفته تحديد اتجاه الطوت و ثجميع الاصوات و توجييهها الى الأذن عبر القناة ثم الى الطبل
ب) فناة الادن الحارجية:هي الانبوب الذي ينقل من خلاله الصوت الى غشاءالطبلة
ج )طبلة الأذن: غشاء جلدي رقيق مخروطي يفع في نهاية القناة الخارجية
1-2الاذن الداخلية: تتكون من
أ)القنوات شبه هلالية : مسؤولة عن عملية الاتزان ، تزويد الدماغ بالمعلومات عن حركة الرأس.
ب) القوقعة: مسؤولة عن عملية السمع تتكون من الخلايا الشعرية الحسية العصبية التي تخول الاهتزازات الواصلة من الاذن الوسطى الى السيالة العصبية كما تتصل مع الياف العصب السمعي الذي ينقل هده السيالة الى المراكز الدماغية.
1-3 الاذن الوسطى: تحافظ على توازن الضغط على الطبلة وتتكون من :
أ) فناة استاكيوس:انبوب عضلي متصل بالبلعوم يقوم بتسهيل خرطة العضيمات و غشاء الطبل
ب)العضيمات الثلاث: المطرقة و السندان و الركاب
2- الجهاز العصبي: المسؤول عن ترجمة الذببذبات الصوتية الى أصوات مفهومة و يتكون من العصب السمعي و المركز السمعي في الدماغ.
وظيفة الجهاز السمعي:3*
- تفوم الذن باستقبال ذبذبات الصوتية القادمة من المحيط الخارجي عبر مختلف مكوناتها و تتحول الى اشارات كهربائية تنتقل عبر العصب السمعي الى مراكز السمع في الدماغ حيث يتم تحليلها و التعرف عليها
4*مفهوم الصوت: يصدر الصوت عند اهتزاز الاجسام نتيجة لتأثرها بالطاقة الحركية و المغناطيسية او الكهربائية وينتفل الصوت عبر موجات تنتقل في الوسط
أ) سرعة الصوت: 331 متر/ ثانية في الهواء
ب) تردد الصوت: هو عدد الموجات الكاملة في الثانية الواحدة ، وحدتها الهيرتز وهو يتناسب عكسيا مع طول الموجة مثال : موجة صوتية دات تردد منخفض = صوت غليض
موجة صوتية دات تردد مرتفع = صوت حاد رفيع
5* المجال السمعي للانسان:
- الادن ذات السمع الطبيعي تكون حساسة للاصوات التي يتراوح تردد موجاتها ما بين 2000 و 5000 هرتز
-أشد حساسية للاصوات تتراوح تردد موجاتها مابين 3000 و4000 هرتز
- تكون حساسية الأذن أفضل ما يمكن عند ترددات من 500 الى 4000 هرتزو هي ترددات عناصر الكلام كي تقوم الاذن بوظيفتها على اكمل وجه
- الهمس :في حدود 30 ديسيبال
- الحديث العادي : 60 ديسيبال
- الصوت المزعج: 90 ديسيبال
- شدة الصوت التي تؤدي الى ألم في الاذن : 120 ديسيبال
6* الادراك السمعي: هو القدرة على فهم الاصوات و تفسيرها
- التمييز السمعي: القدرة على تمييز شدة الصوت و ارتفاعه او انخفاضه و الاصوات اللغوية و الكلمات المتشابهة و المختلفة
- الخلفية السمعية : تميز الصوت عن غيره من الاصوات الشبيهة و هنا تتم عملية احتيار المثسر السمعي المناسب
- الذاكرة السمعية التتبعية: اعادة انتاج كلام ذي نغمة معينة ، لابد من الاحتفاظ بها لفترة معينة لاسترجاعها لاجراء المقارنة.
7* أهمية حاسة السمع في الاتصال:
- اكتساب لغة مسموعة و منطوقة
- التكيف الاجتماعي
- التواصل بين الافراد
8* اختبارات السمع
طرق قياس السمع:
أ) الطرق التقليدية: تعتمد على الملاحضة و الكلام بدون استعمال اجهزة معقدة
ب) الطرق الحديثة: تعتمد على طرق الكترونية متطورة
9* اختبارات الادراك السمعي:
أ) اختبار ويبمان للنمييز السمعي: يتالف من 40 زوج من المفردات التي لا معنى لها ،30 زوج تختلف في واحدة من الاصوات تامتجانسة ،10 الباقية لا تختلف بل وضعت لتمويه الطفل الهدف منه التمييز بين الاصوات المتجانسة
ب) اختبار التحليل السمعي:يتألف من كلمات بسيطة و مركبة اذا حدف جزء منها يبقى جزء يشكل كلمة دات معنى معروف
ج) اختبار سعة الذاكرة السمعية:يتضمن كلمات شائعة في اللغة و يطلب اعادتها لمعرفة مدى قوة الذاكرة السمعية
د) اخنبار الذاكرة السمعية التتبعسة:يقيس قدرة الفرد على تذكر سلسلة من المفردات بنفس الترتيب
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 5:42 pm
للمرأة في هذه الأيام دور كبير إما في إصلاح المجتمع أو إفساده ولذلك كان هناك حرص من أعداء الأمة الإسلامية على كسب المرأة المسلمة في صفهم ومحاولة إغرائها وتزييف الأمور عليها
فجعلوا حجابها تخلفا وتشددا وجعلوا تبرجها وسفورها تحضرا وتمدنا وجعلوا سكونها في بيتها وخروجها لجاجتها تسلطا وتجبرا وجعلوا خروجها واختلاطها بالرجال تقدما وتحررا, فلقد قلبوا لها الأمور فجعلوا الحلال في عينها حراما وجعلوا الحرام حلالا واستخدموا لتحقيق ما يريدون أناس من بني جلدتنا جعلوهم يتحدثون بألسنتنا لكي ينشروا من خلالهم ما يريدون ويدافعوا عما يهدفون ولذلك وجدنا تلك الشرذمة من الرجال والنساء الذين لا يكلون ليلا ولا نهارا عن الحديث عن المرأة وحقها وعن ظلم الإسلام لها بل إنهم يدافعون عن تبرجها وسفورها واختلاطها بالرجال بدعوى الحرية والمدنية وللأسف رأينا مجموعة كبيرة من المسلمات يستجبن لتلك الدعوات التحررية الفاجرة التي تريد للأمة أن تسقط وللمسلمين أن يهزموا وللعفة أن تنتهك وللأخلاق أن تنضحل وصدق من قال " فتح الباب من الداخل أيسر من فتحه من الخارج " فهؤلاء العلمانيون ومن على شاكلتهم استطاعوا أن يفتحوا الأبواب الداخلية لتلك الأمة والتي تمثل مصدر الحماية لها من الانهيار والتفرق واستطاعوا أن يصلوا إلى الكثير مما يريدوه أعدائنا لنا وكانت من أهم وسائلهم في تحقيق ذلك وهو ما نؤكد عليه " المرأة المسلمة ".
وإذا كانت المرأة المسلمة تشك فيما قلته فإني أدعوها إلى التدبر والتفكير في تلك الكلمات التي قالها هؤلاء العلمانيون وغيرهم من أعداء تلك الأمة في الداخل والخارج لنعرف معا حقيقية الأمر فلعلنا نكون مخطئين فيما ذهبنا إليه أو نكون على صواب, ومن هذه الأقوال على سبيل المثال لا الحصر: -
قال أحدهم " لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن "
وقال آخر " ليس هناك طريق لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة سافرة متبرجة "
ويقوا أحد شعرائهم _ وهو محمد صادق الزهاوي _ يخاطب المسلمة العراقية فيقول:
مزقي ياابنة العراق الحجابا وأسفري فالحياة تبغي انقلابا
مزقيه وأحرقيه بلا ريث فـــقـد كان حارســـا كــذابــا
وبعضهم كان يقول " كأس وغانية تفعلان بأمة محمد مالا يفعله ألف مدفع "
وفي الدلالة على النوايا الخبيثة لدى أعداء الإسلام من وراء هذه الدعوة يقول محمد طلعت حرب باشا في كتاب له بعنوان " المرأة والحجاب " :- "إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوربا من قديم الزمان لغاية في النفس يدركها كل من وقف على مقاصد أوروبا بالعالم الإسلامي ".
إن المرأة وسط تلك الهجمة الشرسة التي تتعرض لها وهذا الاستغلال الخبيث لقدرتها على الهدم من خلال جسدها وعاطفتها وقدرتها على الإغواء وتحريك الشهوات الكامنة تحتاج إلى ان تفهم قيمتها الحقيقية في تلك الحياة وتعرف قيمة ما قدمه الإسلام لها والذي يتهمونه بأنه لم ينصف المرأة على الرغم من ذلك التكريم الذي تحظى به المرأة في الشريعة الإسلامية , ولكن للأسف أنهم لا يريدون إلا التشكيك والتضليل حتى ولو على حساب إظهار الحقيقة, فالمرأة المسلمة لها في الإسلام مكانة جعلت غيرها من الغربيات غير المسلمات يحسدونها على تلك المكانة ويصفونها بأنها " ملكة " وهذه المكانة العظيمة جعلت الكثير من النساء غير المسلمات يدخلن في الإسلام بسبب تكريمه للمرأة واحتفائه بها ومع ذلك ولآني أحب أن أدلل على ما أقوله فإني أعرض تلك الشهادات لمجموعة من العلماء والمثقفين والذين وصلوا إليها بعد دراسة وتمحيص في أوضاع المرأة في كافة العصور وفي وضعها في العصر الإسلامي لعلها توضح للمرأة المسلمة عظم مكانتها في الإسلام:-
يقول الدكتور محمد عبد العليم مرسي: " لم تعرف البشرية دينا كالدين الإسلامي عنى بالمراة أجمل عناية وأتمها, ولم يعرف تاريخ الحضارات الإنسانية حضارة كالحضارة الإسلامية قامت على أكتاف الرجال والنساء سواء بسواء, بل وضعت المرأة في مكانة مساوية للرجل لا تقل عنه ولا تتأخر, كما أعلم بذلك سيد الخلق أجمعين ونبي هذه الأمة الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم حين قال مؤكدا "إنما النساء شقائق الرجال " ".
يقول بشر الطرزي الحسيني من كبار علما تركستان: " وبالإجماع فإن مقام المرأة في المجتمع العربي قبل الإسلام كان نازلا (!!) إلى حد ينكره الضمير الإنساني وفي هذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " والله إنا كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل " فقد أفاد بهذا القول الوجيز ما كانت المرأة عليه في العهد الجاهلي من انحطاط وذلة, ثم ما صارت إليه من رفعة وعزة في ظل تعاليم الإسلام ومبادئه الحكيمة ".
يقول " ول. ديورانت " في كتاب " قصة الحضارة ": " الإسلام رفع مكانة المرأة في بلاد العرب وأن لم ير عيبا في خضوعها للرجل.. وهو يحرم على النساء ولاية الحكم, لكنه يسمح لها بحضور الصلاة في المساجد... وقضى القرآن على عادة وأد البنات ( سورة الإسراء / 31 ) كما سوى بين الرجل والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل حلال وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها, وأن ترث وتتصرف في مالها كما تشاء ( النساء / 4, 32 ) .. وقضى على ما تعود عليه في الجاهلية من انتقال النساء من الآباء إلى الأبناء فيما ينتقل لهم من متاع ".
والأقوال كثيرة ولكن المهم هو فهمها وأدراك معانيها ولتعلم الأخت المسلمة أنها غالية عندنا وأن الأمة تحتاج إليها وإلى عودتها إلى دينها وطاعة ربها وأخذ مكانها الحقيقي في تنمية المجتمع المسلم ورخاءه فتكون مسلمة نافعة لأمتها ساعية بجهدها ومالها وكل ما تملك إلى عزة تلك الأمة ونصرتها فالأمة كما نعلم ولا يخفى ذلك عن أحد تمر بأزمة حقيقية تحتاج إلى الجهد والبذل والعطاء والدعوة إلى الإسلام وتصحيح المفاهيم تبيين حقيقة الإسلام وتمسك الناس به والعمل له وهذا مطلوب من الرجال والنساء على حدا سواء فأحوالنا سيئة وأعداءنا لا يملون ولا يكلون من سعيهم لهدم الإسلام والقضاء عليه , ولذا أدعوك أختي المسلمة بالعودة إلى رحاب الإسلام قولا وعملا حتى تكوني من المسلمات المؤمنات الصادقات الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه .
وأخيرا أدعوا الله عزوجل أن تكون الرسالة قد وصلت وأن تجد صداها لدى الأخوات المسلمات والله من وراء القصد والسلام عليم ورحمة الله وبركاته .
المصادر والمراجع : -
1- كتاب " الإسلام ومكانة المرأة " للدكتور / محمد عبد العليم مرسي .
2- كتاب " صفحات مشرقات من حياة الصحابيات " للدكتور / محمد طلعت عفيفي .
فجعلوا حجابها تخلفا وتشددا وجعلوا تبرجها وسفورها تحضرا وتمدنا وجعلوا سكونها في بيتها وخروجها لجاجتها تسلطا وتجبرا وجعلوا خروجها واختلاطها بالرجال تقدما وتحررا, فلقد قلبوا لها الأمور فجعلوا الحلال في عينها حراما وجعلوا الحرام حلالا واستخدموا لتحقيق ما يريدون أناس من بني جلدتنا جعلوهم يتحدثون بألسنتنا لكي ينشروا من خلالهم ما يريدون ويدافعوا عما يهدفون ولذلك وجدنا تلك الشرذمة من الرجال والنساء الذين لا يكلون ليلا ولا نهارا عن الحديث عن المرأة وحقها وعن ظلم الإسلام لها بل إنهم يدافعون عن تبرجها وسفورها واختلاطها بالرجال بدعوى الحرية والمدنية وللأسف رأينا مجموعة كبيرة من المسلمات يستجبن لتلك الدعوات التحررية الفاجرة التي تريد للأمة أن تسقط وللمسلمين أن يهزموا وللعفة أن تنتهك وللأخلاق أن تنضحل وصدق من قال " فتح الباب من الداخل أيسر من فتحه من الخارج " فهؤلاء العلمانيون ومن على شاكلتهم استطاعوا أن يفتحوا الأبواب الداخلية لتلك الأمة والتي تمثل مصدر الحماية لها من الانهيار والتفرق واستطاعوا أن يصلوا إلى الكثير مما يريدوه أعدائنا لنا وكانت من أهم وسائلهم في تحقيق ذلك وهو ما نؤكد عليه " المرأة المسلمة ".
وإذا كانت المرأة المسلمة تشك فيما قلته فإني أدعوها إلى التدبر والتفكير في تلك الكلمات التي قالها هؤلاء العلمانيون وغيرهم من أعداء تلك الأمة في الداخل والخارج لنعرف معا حقيقية الأمر فلعلنا نكون مخطئين فيما ذهبنا إليه أو نكون على صواب, ومن هذه الأقوال على سبيل المثال لا الحصر: -
قال أحدهم " لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن "
وقال آخر " ليس هناك طريق لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة سافرة متبرجة "
ويقوا أحد شعرائهم _ وهو محمد صادق الزهاوي _ يخاطب المسلمة العراقية فيقول:
مزقي ياابنة العراق الحجابا وأسفري فالحياة تبغي انقلابا
مزقيه وأحرقيه بلا ريث فـــقـد كان حارســـا كــذابــا
وبعضهم كان يقول " كأس وغانية تفعلان بأمة محمد مالا يفعله ألف مدفع "
وفي الدلالة على النوايا الخبيثة لدى أعداء الإسلام من وراء هذه الدعوة يقول محمد طلعت حرب باشا في كتاب له بعنوان " المرأة والحجاب " :- "إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوربا من قديم الزمان لغاية في النفس يدركها كل من وقف على مقاصد أوروبا بالعالم الإسلامي ".
إن المرأة وسط تلك الهجمة الشرسة التي تتعرض لها وهذا الاستغلال الخبيث لقدرتها على الهدم من خلال جسدها وعاطفتها وقدرتها على الإغواء وتحريك الشهوات الكامنة تحتاج إلى ان تفهم قيمتها الحقيقية في تلك الحياة وتعرف قيمة ما قدمه الإسلام لها والذي يتهمونه بأنه لم ينصف المرأة على الرغم من ذلك التكريم الذي تحظى به المرأة في الشريعة الإسلامية , ولكن للأسف أنهم لا يريدون إلا التشكيك والتضليل حتى ولو على حساب إظهار الحقيقة, فالمرأة المسلمة لها في الإسلام مكانة جعلت غيرها من الغربيات غير المسلمات يحسدونها على تلك المكانة ويصفونها بأنها " ملكة " وهذه المكانة العظيمة جعلت الكثير من النساء غير المسلمات يدخلن في الإسلام بسبب تكريمه للمرأة واحتفائه بها ومع ذلك ولآني أحب أن أدلل على ما أقوله فإني أعرض تلك الشهادات لمجموعة من العلماء والمثقفين والذين وصلوا إليها بعد دراسة وتمحيص في أوضاع المرأة في كافة العصور وفي وضعها في العصر الإسلامي لعلها توضح للمرأة المسلمة عظم مكانتها في الإسلام:-
يقول الدكتور محمد عبد العليم مرسي: " لم تعرف البشرية دينا كالدين الإسلامي عنى بالمراة أجمل عناية وأتمها, ولم يعرف تاريخ الحضارات الإنسانية حضارة كالحضارة الإسلامية قامت على أكتاف الرجال والنساء سواء بسواء, بل وضعت المرأة في مكانة مساوية للرجل لا تقل عنه ولا تتأخر, كما أعلم بذلك سيد الخلق أجمعين ونبي هذه الأمة الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم حين قال مؤكدا "إنما النساء شقائق الرجال " ".
يقول بشر الطرزي الحسيني من كبار علما تركستان: " وبالإجماع فإن مقام المرأة في المجتمع العربي قبل الإسلام كان نازلا (!!) إلى حد ينكره الضمير الإنساني وفي هذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " والله إنا كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل " فقد أفاد بهذا القول الوجيز ما كانت المرأة عليه في العهد الجاهلي من انحطاط وذلة, ثم ما صارت إليه من رفعة وعزة في ظل تعاليم الإسلام ومبادئه الحكيمة ".
يقول " ول. ديورانت " في كتاب " قصة الحضارة ": " الإسلام رفع مكانة المرأة في بلاد العرب وأن لم ير عيبا في خضوعها للرجل.. وهو يحرم على النساء ولاية الحكم, لكنه يسمح لها بحضور الصلاة في المساجد... وقضى القرآن على عادة وأد البنات ( سورة الإسراء / 31 ) كما سوى بين الرجل والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل حلال وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها, وأن ترث وتتصرف في مالها كما تشاء ( النساء / 4, 32 ) .. وقضى على ما تعود عليه في الجاهلية من انتقال النساء من الآباء إلى الأبناء فيما ينتقل لهم من متاع ".
والأقوال كثيرة ولكن المهم هو فهمها وأدراك معانيها ولتعلم الأخت المسلمة أنها غالية عندنا وأن الأمة تحتاج إليها وإلى عودتها إلى دينها وطاعة ربها وأخذ مكانها الحقيقي في تنمية المجتمع المسلم ورخاءه فتكون مسلمة نافعة لأمتها ساعية بجهدها ومالها وكل ما تملك إلى عزة تلك الأمة ونصرتها فالأمة كما نعلم ولا يخفى ذلك عن أحد تمر بأزمة حقيقية تحتاج إلى الجهد والبذل والعطاء والدعوة إلى الإسلام وتصحيح المفاهيم تبيين حقيقة الإسلام وتمسك الناس به والعمل له وهذا مطلوب من الرجال والنساء على حدا سواء فأحوالنا سيئة وأعداءنا لا يملون ولا يكلون من سعيهم لهدم الإسلام والقضاء عليه , ولذا أدعوك أختي المسلمة بالعودة إلى رحاب الإسلام قولا وعملا حتى تكوني من المسلمات المؤمنات الصادقات الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه .
وأخيرا أدعوا الله عزوجل أن تكون الرسالة قد وصلت وأن تجد صداها لدى الأخوات المسلمات والله من وراء القصد والسلام عليم ورحمة الله وبركاته .
المصادر والمراجع : -
1- كتاب " الإسلام ومكانة المرأة " للدكتور / محمد عبد العليم مرسي .
2- كتاب " صفحات مشرقات من حياة الصحابيات " للدكتور / محمد طلعت عفيفي .
- زائرزائر
تمت المشاركة الأحد يونيو 09, 2013 6:24 pm
شكرا جزيلا لك اخي
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الثلاثاء يونيو 11, 2013 1:16 pm
السدود
أقسام فرعية-:- الموارد المائية | السدود |
من المعلوم أن الماء هو شريان الحياة وعصبها وهو الركيزة الأساسية الأولى التي تقوم عليها التنمية الشاملة وبالنظر إلي أن سلطنة عمان تقع ضمن المنطقة الجافة وشبة الجافة والتي تكون فيها الأمطار غير منتظمة ؛ فأن المحافظة على المياه وتنمية مواردها كان وما زال هدفا رئيسيا من أهداف الحكومة الرشيدة ؛ وقد تضافرت الجهود للارتقاء بمستوى الموارد المائية وأساليبها وتوفير ما من شأنه ضمان نموها واستمرارها وأتضح ذلك من خلال إقامة مشاريع السدود لتحقيق الاستفادة القصوى من مياه الأمطار لدعم المياه الجوفية ولتزويد السكان بالمياه لاستخدامها لأغراض الزراعة ودعم مياه الأفلاج وغيرها بالمنطقة بالنسبة لسدود التخزين السطحي بدلاً من ضياعها في الصحراء أو البحر.
ويبلغ عدد سدود التغذية الجوفية بالسلطنة بلغ حتى الآن 21 سدا موزعة على مختلف المناطق بسعة تخزينية اجمالية تقدر بأكثر من 7788 مليون م3، منها 4 سدود في منطقة جنوب الباطنة و4 سدود في منطقة شمال الباطنة، و6 سدود في المنطقة الداخلية و3 سدود في محافظة مسندم وسد واحد في كل من محافظة مسقط ومنطقتي الشرقية والظاهرة ومحافظة ظفار.
اما سدود التخزين السطحي فبلغ عددها 40 سدا موزعة كالآتي: 30 سدا في الجبل الاخضر و7 سدود في جبل شمس و3 سدود في جبل السراة بولاية عبري. اما عن سدود الحماية من تداخل مياه البحر، فيوجد في السلطنة سد واحد من هذا النوع ويوجد في ولاية صور والذي يمنع دخول مياه البحر السطحية التي تحدث عادة اثناء فترات المد من التوغل الى الاراضي الزراعية وبالتالي تدهور تلك الاراضي.
مفهوم السد:
السد هو إنشاء هندسي يقام فوق واد أو منخفض بهدف حجز المياه. والسدود من أقدم المنشآت المائية التي عرفها الإنسان . وعادة ما يتم تصنيفها حسب أشكالها والمواد التي استخدمت في بنائها والأهداف التي شيدت من أجلها. إن الأنواع الشائعة من السدود هي التي تنشأ من نوع واحد من المواد أو ذات الردم الترابي والردم الصخري مع قالب ترابي ، أو ذات الواجهة الخرسانية ، والسدود الخرسانية التي تعتمد على الجاذبية أو القوس أو الدعامات الواقية.
وتستعمل في إقامة السدود أنواع متعددة من مواد البناء الأساسية وبصفة خاصة التراب والخرسانة والحجارة ، أما المواد الأخرى مثل الطوب والأخشاب والمعادن والإسفلت والبلاستيك والمطاط وغيرها من المواد الغريبة فهي تستخدم على نطاق ضيق ، ويعتمد اختيار المادة التي يبنى منها السد بصفة أساسية على الاعتبارات الاقتصادية حيث أنه من الممكن تشييد السد من أي مادة تقريبا.
ويمكن أيضا تصنيف السدود كسدود تخزين لإمدادات المياه والري وتوليد الطاقة والملاحة وغيرها من الأغراض ، ثم سدود الحماية من الفيضانات وسدود التغذية الجوفية والسدود تحت سطح الأرض والسدود التي تشيد لأغراض خاصة ومعينة. ويمكن أن يفي السد بأكثر من غرض من هذه الأغراض.
تمثل التضاريس والجيولوجيا والمناخ والعوامل الأساسية في ترجيح أفضل المزايا لأنواع السدود حيث أن أفضل موقع ملائم لإقامة السد هو الموقع الضيق بالوادي ، الذي تكون فيه الجيولوجيا مناسبة كأساس للسد والمنطقة التي أمام السد قادرة على تخزين كميات كبيرة من المياه.
أهم أجزاء السد جسم السد والمفيض وبحيرة التخزين :
والمفيض عبارة عن وسيلة لتحويل أو لتصريف مياه الفيضان الزائدة من بحيرة التخزين لمنعها من أن تتجاوز حد الامتلاء مما قد يتسبب في إحداث أضرار بالسد ، أما بحيرة التخزين فهي أي شكل من أشكال أحواض تخزين المياه أو بحيرة صناعية.
أنواع السدود :
سدود تغذية جوفية :
وهي عادة تقام على مجاري الأودية الرئيسة لحجز مياه الأمطار بشكل مؤقت إلى أن يتم ترشيحها إلى الخزان الجوفي وفي هذا السياق تم إنشاء 18 سداًً للتغذية الجوفية في مختلف مناطق السلطنة.
سدود التخزين السطحي :
وهي تقام في المناطق الجبلية لتعترض مجاري الأودية لحجز المياه إلى أن يتم تفريغها في خزانات مجهزة لتوزيعها على الأحياء السكنية أسفل السد وتم إنشاء 40 سداً للتخزين السطحي كالسدود يوجد في الجبل الأخضر وجبل شمس.
سدود الحماية :
من تداخل مياه البحر وهي تنشا للحد من زحف مياه البحر إلى المناطق السكنية والزراعية خصوصاً في فترات المد وقد تم بناء سد واحد على خور الرصاغ بولاية صور في المنطقة الشرقية.
مفهوم التغذية الجوفية :
إن التغذية الجوفية هي إحدى الوسائل العملية لزيادة موارد المياه في البلاد القاحلة. وفي المناطق الحارة الجافة يمكن أن يزيد معدل التبخر على معدل هطول الأمطار بعدة أضعاف. وفي مثل هذه الظروف فإن التخزين السطحي لا يكون مجديا بسبب فاقد المياه الكبير. من هنا جاءت فكرة تخزين مياه الفيضانات تحت الأرض. وقد سميت هذه العملية بالتغذية الجوفية الصناعية أو تخزين واسترجاع مياه الخزان الجوفي .
وقد إعتبرت فكرة التغذية الجوفية واحدة من الوسائل العملية القليلة المستخدمة في تعزيز وزيادة موارد المياه في الأقطار الجافة. وباستعمال التغذية الجوفية الصناعية للخزانات الجوفية فقد أمكن جني عدة ميزات منها أن سعة تخزين معظم المنشآت السطحية ، والطريقة رخيصة نسبيا بالإضافة إلى أنه يمكن تفادي مشاكل ترسيب الطين وتتم تنقية إمدادات المياه تنقية طبيعية لإستخدامها في أغراض الشرب. وفي الوقت نفسه يتم تخفيض فاقد المياه عن طريق التبخر.
وفي سلطنة عمان ، فإن من أهم الميزات الإضافية لتخزين مياه الأمطار في جوف الأرض عملية تخفيض وإبطاء وإيقاف تداخل مياه البحر المالحة في المناطق الساحلية والتي أصبحت مشكلة خطيرة في معظم أجزاء البلاد لا سيما سهل الباطنة.
ويوضح الشكل القاعدة التي يقوم عليها مشروع سد التغذية الجوفية . فالسد الذي بني على المجرى الغريني يقوم بتخزين المياه في زمن الفيضان ومن ثم يسمح للمياه التي تم تخزينها وتنقيتها بالتدفق ببطء وبذلك يمكنها أن تغذي الطبقة الغرينية السميكة الواقعة خلف السد وفي الوقت المناسب يتم سحبها للإستخدام.
إن التغذية الجوفية تحدث بصفة أساسية في أدنى الوادي بالنسبة للسد وليس في بحيرة التجميع نفسها عكس ما هو معتقد حيث أن أرضية البحيرة سرعان ما يسدها الطين. وعليه فإن التغذية الجوفية في هذه المنطقة تصبح غير مجدية . وعلى كل فإن المياه التي يسمح لها بالتدفق من بحيرة التجميع تصبح صافية وتتسرب بسهولة إلى داخل الخزانات الجوفية الحصوية في أسفل المنحدرة من السد ، وقد يكون من الصعب للغاية تحيد النسبة المئوية التي يمكن إستردادها من كمية مياه التغذية الجوفية الزائدة التي أوجدها السد بالمنطقة.
يتم تصميم السدود بحيث أن أقصى معدل للتدفق من الفتحات يضمن كفاية مساحة المنطقة المغمورة من المجرى في أسفل المنحدر لتسريب كل الحجم المتدفق من السد. ولا يمثل معدل التسرب في الطبقات الغرينية بأسفل المنحدر أي عائق لإستخدام كل المياه المتوفرة في التغذية الجوفية . وتوجد بالطبقات الغرينية في أغلب الأحيان سعة تخزينية أكبر مما يكفي لتغذية جوفية واحدة غير أن المواقع المفضلة في هذا المجال هي تلك المواقع التي تكفي سعتها لعدة تغذيات جوفية في فترة زمنية قصيرة.
أقسام فرعية-:- الموارد المائية | السدود |
من المعلوم أن الماء هو شريان الحياة وعصبها وهو الركيزة الأساسية الأولى التي تقوم عليها التنمية الشاملة وبالنظر إلي أن سلطنة عمان تقع ضمن المنطقة الجافة وشبة الجافة والتي تكون فيها الأمطار غير منتظمة ؛ فأن المحافظة على المياه وتنمية مواردها كان وما زال هدفا رئيسيا من أهداف الحكومة الرشيدة ؛ وقد تضافرت الجهود للارتقاء بمستوى الموارد المائية وأساليبها وتوفير ما من شأنه ضمان نموها واستمرارها وأتضح ذلك من خلال إقامة مشاريع السدود لتحقيق الاستفادة القصوى من مياه الأمطار لدعم المياه الجوفية ولتزويد السكان بالمياه لاستخدامها لأغراض الزراعة ودعم مياه الأفلاج وغيرها بالمنطقة بالنسبة لسدود التخزين السطحي بدلاً من ضياعها في الصحراء أو البحر.
ويبلغ عدد سدود التغذية الجوفية بالسلطنة بلغ حتى الآن 21 سدا موزعة على مختلف المناطق بسعة تخزينية اجمالية تقدر بأكثر من 7788 مليون م3، منها 4 سدود في منطقة جنوب الباطنة و4 سدود في منطقة شمال الباطنة، و6 سدود في المنطقة الداخلية و3 سدود في محافظة مسندم وسد واحد في كل من محافظة مسقط ومنطقتي الشرقية والظاهرة ومحافظة ظفار.
اما سدود التخزين السطحي فبلغ عددها 40 سدا موزعة كالآتي: 30 سدا في الجبل الاخضر و7 سدود في جبل شمس و3 سدود في جبل السراة بولاية عبري. اما عن سدود الحماية من تداخل مياه البحر، فيوجد في السلطنة سد واحد من هذا النوع ويوجد في ولاية صور والذي يمنع دخول مياه البحر السطحية التي تحدث عادة اثناء فترات المد من التوغل الى الاراضي الزراعية وبالتالي تدهور تلك الاراضي.
مفهوم السد:
السد هو إنشاء هندسي يقام فوق واد أو منخفض بهدف حجز المياه. والسدود من أقدم المنشآت المائية التي عرفها الإنسان . وعادة ما يتم تصنيفها حسب أشكالها والمواد التي استخدمت في بنائها والأهداف التي شيدت من أجلها. إن الأنواع الشائعة من السدود هي التي تنشأ من نوع واحد من المواد أو ذات الردم الترابي والردم الصخري مع قالب ترابي ، أو ذات الواجهة الخرسانية ، والسدود الخرسانية التي تعتمد على الجاذبية أو القوس أو الدعامات الواقية.
وتستعمل في إقامة السدود أنواع متعددة من مواد البناء الأساسية وبصفة خاصة التراب والخرسانة والحجارة ، أما المواد الأخرى مثل الطوب والأخشاب والمعادن والإسفلت والبلاستيك والمطاط وغيرها من المواد الغريبة فهي تستخدم على نطاق ضيق ، ويعتمد اختيار المادة التي يبنى منها السد بصفة أساسية على الاعتبارات الاقتصادية حيث أنه من الممكن تشييد السد من أي مادة تقريبا.
ويمكن أيضا تصنيف السدود كسدود تخزين لإمدادات المياه والري وتوليد الطاقة والملاحة وغيرها من الأغراض ، ثم سدود الحماية من الفيضانات وسدود التغذية الجوفية والسدود تحت سطح الأرض والسدود التي تشيد لأغراض خاصة ومعينة. ويمكن أن يفي السد بأكثر من غرض من هذه الأغراض.
تمثل التضاريس والجيولوجيا والمناخ والعوامل الأساسية في ترجيح أفضل المزايا لأنواع السدود حيث أن أفضل موقع ملائم لإقامة السد هو الموقع الضيق بالوادي ، الذي تكون فيه الجيولوجيا مناسبة كأساس للسد والمنطقة التي أمام السد قادرة على تخزين كميات كبيرة من المياه.
أهم أجزاء السد جسم السد والمفيض وبحيرة التخزين :
والمفيض عبارة عن وسيلة لتحويل أو لتصريف مياه الفيضان الزائدة من بحيرة التخزين لمنعها من أن تتجاوز حد الامتلاء مما قد يتسبب في إحداث أضرار بالسد ، أما بحيرة التخزين فهي أي شكل من أشكال أحواض تخزين المياه أو بحيرة صناعية.
أنواع السدود :
سدود تغذية جوفية :
وهي عادة تقام على مجاري الأودية الرئيسة لحجز مياه الأمطار بشكل مؤقت إلى أن يتم ترشيحها إلى الخزان الجوفي وفي هذا السياق تم إنشاء 18 سداًً للتغذية الجوفية في مختلف مناطق السلطنة.
سدود التخزين السطحي :
وهي تقام في المناطق الجبلية لتعترض مجاري الأودية لحجز المياه إلى أن يتم تفريغها في خزانات مجهزة لتوزيعها على الأحياء السكنية أسفل السد وتم إنشاء 40 سداً للتخزين السطحي كالسدود يوجد في الجبل الأخضر وجبل شمس.
سدود الحماية :
من تداخل مياه البحر وهي تنشا للحد من زحف مياه البحر إلى المناطق السكنية والزراعية خصوصاً في فترات المد وقد تم بناء سد واحد على خور الرصاغ بولاية صور في المنطقة الشرقية.
مفهوم التغذية الجوفية :
إن التغذية الجوفية هي إحدى الوسائل العملية لزيادة موارد المياه في البلاد القاحلة. وفي المناطق الحارة الجافة يمكن أن يزيد معدل التبخر على معدل هطول الأمطار بعدة أضعاف. وفي مثل هذه الظروف فإن التخزين السطحي لا يكون مجديا بسبب فاقد المياه الكبير. من هنا جاءت فكرة تخزين مياه الفيضانات تحت الأرض. وقد سميت هذه العملية بالتغذية الجوفية الصناعية أو تخزين واسترجاع مياه الخزان الجوفي .
وقد إعتبرت فكرة التغذية الجوفية واحدة من الوسائل العملية القليلة المستخدمة في تعزيز وزيادة موارد المياه في الأقطار الجافة. وباستعمال التغذية الجوفية الصناعية للخزانات الجوفية فقد أمكن جني عدة ميزات منها أن سعة تخزين معظم المنشآت السطحية ، والطريقة رخيصة نسبيا بالإضافة إلى أنه يمكن تفادي مشاكل ترسيب الطين وتتم تنقية إمدادات المياه تنقية طبيعية لإستخدامها في أغراض الشرب. وفي الوقت نفسه يتم تخفيض فاقد المياه عن طريق التبخر.
وفي سلطنة عمان ، فإن من أهم الميزات الإضافية لتخزين مياه الأمطار في جوف الأرض عملية تخفيض وإبطاء وإيقاف تداخل مياه البحر المالحة في المناطق الساحلية والتي أصبحت مشكلة خطيرة في معظم أجزاء البلاد لا سيما سهل الباطنة.
ويوضح الشكل القاعدة التي يقوم عليها مشروع سد التغذية الجوفية . فالسد الذي بني على المجرى الغريني يقوم بتخزين المياه في زمن الفيضان ومن ثم يسمح للمياه التي تم تخزينها وتنقيتها بالتدفق ببطء وبذلك يمكنها أن تغذي الطبقة الغرينية السميكة الواقعة خلف السد وفي الوقت المناسب يتم سحبها للإستخدام.
إن التغذية الجوفية تحدث بصفة أساسية في أدنى الوادي بالنسبة للسد وليس في بحيرة التجميع نفسها عكس ما هو معتقد حيث أن أرضية البحيرة سرعان ما يسدها الطين. وعليه فإن التغذية الجوفية في هذه المنطقة تصبح غير مجدية . وعلى كل فإن المياه التي يسمح لها بالتدفق من بحيرة التجميع تصبح صافية وتتسرب بسهولة إلى داخل الخزانات الجوفية الحصوية في أسفل المنحدرة من السد ، وقد يكون من الصعب للغاية تحيد النسبة المئوية التي يمكن إستردادها من كمية مياه التغذية الجوفية الزائدة التي أوجدها السد بالمنطقة.
يتم تصميم السدود بحيث أن أقصى معدل للتدفق من الفتحات يضمن كفاية مساحة المنطقة المغمورة من المجرى في أسفل المنحدر لتسريب كل الحجم المتدفق من السد. ولا يمثل معدل التسرب في الطبقات الغرينية بأسفل المنحدر أي عائق لإستخدام كل المياه المتوفرة في التغذية الجوفية . وتوجد بالطبقات الغرينية في أغلب الأحيان سعة تخزينية أكبر مما يكفي لتغذية جوفية واحدة غير أن المواقع المفضلة في هذا المجال هي تلك المواقع التي تكفي سعتها لعدة تغذيات جوفية في فترة زمنية قصيرة.
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الثلاثاء يونيو 11, 2013 8:04 pm
إن تتبع المسار الذي تطورت فيه تقنية الاتصالات عبر عصور الاتصال المعروفة: الاتصال الشفوي, والكتابة, والطباعة, وعصر الاتصال الالكتروني, ثم تتبع مسار تطور استخدام وسائل الاتصال في الوطن العربي, يكشفان أن استخدام الطباعة والصحافة قد دفع المد القومي نحو تحقيق إنجازات سامية تكللت بالنجاح في معظمها مع الحرب العالمية الثانية, من خلال استقلال البلدان العربية, تماماً كما كان لعصر الكتابة آثار مهمة في النهضة الحضارية التي شهدتها الأمة العربية في أوج مجدها.
غير أن استخدام تقانة (تكنولوجيا) الاتصال الالكتروني كانت له آثار السلبية في الشخصية القومية, لأن الأنظمة السياسية قد نجحت بتوظيف هذه التقنية كذراع لها للحفاظ على الوضع القائم كما هو عليه.
مقدمة : قبل ألف عام ونيف من الزمان, كان العرب, معهم من الشعوب القديمة الهنود والصينيون, يتفوقون تقنياً على الغرب الذي كان يغط في سبات عميق من الجهل والتخلف. وبدأ الغرب يستيقظ, فأفرز ثورات مشهودة تجارية ودينية واجتماعية وصناعية, وأخيراً اتصالية أدت إلى تفوق الغرب, وعززت من مكانته وهيمنته وقوته. فما هي العوامل التي أدت إلى التفوق التقني, وما ملامح التقنية الاتصالية, وما هي آثارها فينا ونحن على أعتاب قرن جديد؟
ربما لا يستطيع أحد أن يدعي القدرة على الإجابة عن هذه الأسئلة الخطيرة في عجالة كهذه. لكن ما أسعى إلى تقديمه هنا هو الاستعانة بالمنظور التاريخي لتطور الأحداث الاجتماعية والاتصالية التي قادت إلى الوضع الحالي, لعل ذلك يفتح الطريق أمام رؤية علاجية.
لقد بدأت الحياة تدبّ في أوصال أوروبا في القرنين الرابع عشر والخامس عشر. وقد شهدت تلك المرحلة اختراع المطبعة, فبدأ عصر الاتصال الجماهيري (أو عصر المطبعة, كما يسميه بعضهم). وقد جاء هذا العصر في أعقاب حقبتين معروفتين في تاريخ الاتصال: الأولى الحقيبة الشفوية, التي امتدت عبر آلاف السنين. واعتمد فيها الإنسان الذاكرة مرجعاً وسنداً ومخرناً للمعرفة, وتُوجت في مرحلة منها باختراع الأبجدية على أيدي الكنعانيين والفينيقيين, هذه الأبجدية التي ما نزال نستخدمها في الشرق والغرب على حد سواء. ومع تدوين كتب الحضارة الإغريقية, بدأت الحقبة الثانية مع مشارف ميلاد المسيح, وشهد عصر الكتابة انجازات عملية وقيام حضارات قوية كالحضارة العربية.
غير أن اختراع الطباعة كانت له آثار كبيرة في تفجير المعرفة وجعلها متاحة للجميع. وقد صاحب ذلك زيادة في الناتج الزراعي قاد إلى تغييرين رئيسيين في النظام الاجتماعي: ظهور الفلاحين الأغنياء, وظهور طبقة التجار. أما الفلاحون الفقراء فهاجروا إلى المدن للبحث عن عمل, فنمت المدن واتسعت. وقام التجار باستثمار أموالهم في بناء السفن والصناعات الحربية, بل إن التجارة الأسبان والبرتغاليين قاموا بتمويل الحملات الأولى لاكتشاف طرق الهند. وسرعان ما حذا والانكليز والهولنديون حذوهم. وقد مكن مجمل هذه الأعمال أوروبا الغربية من السيطرة على طرق التجارة الدولية.
وواجه التاجر العربي التقليدي منافسة مع شركات الهند الشرقية, وأصبحت خدمات الملاحة الأوروبية المتقدمة بديلاً من خدمات المواصلات البحرية والبرية والداخلية العربية. وأدى ذلك إلى القضاء على التجارة العربية القائمة على التوابل والبهارات والسكر والحرير والشاي والقطن, فانقطع مورد رئيسي من موارد الثراء والقوة العربية. وعمل الغربيون على تعزيز مواقعهم الجديدة كسادة للبحار والتجارة, فتاجروا بالعبيد الإفريقيين, واقتحموا العالم الجديد ونهبوا كنوزه. وقاد هذا إلى ازدياد نفوذ طبقة التجار وثرواتهم, وسقط النظام الإقطاعي, وظهر نظام جديد قائم على التجارة والاستعمار والصناعة. لقد استثمر التجار أموالهم في بناء صناعات كانت في أشد الحاجة إلى المواد الخام. فتدخلت دولهم لحماية مصالحهم, وهو مما قاد إلى استعمار بلدان العالم الثالث. وهيمن الغربيون على موارد هذه البلدان المادية والبشرية, وقام أرباب العمل هؤلاء بتحديد أسعار المواد الأولية بأبخس الأثمان, كما قاموا بإيجاد أسواق طلب على منتجاتهم في مختلف الأقطار التي سيطروا عليها. ولتعزيز مواقعهم, قام التجار الأوروبيون بالتحالف مع النخبة الحاكمة في الدول المستعمرَة وساعدوها على تحقيق الاستقرار مقابل مساعدتهم على الحصول على المواد الخام بالأسعار التي يريدون, والسماح لهم ببيع منتجاتهم المصنعة في أسواق دولهم التابعة.
هذه العمليات والتحالفات أدت في مجملها إلى تطور بنية اتصالية أولية من سكك الحديد وأنظمة البريد, كما أدت إلى قيام مشاريع استثمارية مشتركة هدفها النهائي تسهيل وصول المواد الخام إلى المصانع الأوروبية لتدور وتشغل العمالة لإنتاج سلع استهلاكية مربحة. وبالتأكيد, فإن هذا النمط من استنزاف الموارد الأولية والبشرية في أقطار آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية بشكل منتظم عبر قرون القهر أدى إلى تدمير النظم الاجتماعية فيها. وتعميق الفجوة بين الدول المستعمرة وبقية دول العالم, فتحقق تقدم هناك, وتخلف هنا.
وقد شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر مولد عدد من الاختراعات الالكترونية, فبدأت تظهر ملامح تقنية اتصالية جديدة كان لها آثار عميقة في قرننا الحالي, ذلك أن عصر الاتصال الالكتروني قد حمل معه مجتمع المعلومات (Information Society) الذي يعتبر مرحلة متقدمة لما يسمى بالمجتمع الصناعي (Information Society).
غير أن التنافس بين الدول الأوروبية للسيطرة على العالم قاد إلى خوضها غمار حربين عالميتين طاحنتين, أكلتا الأخضر واليابس في مواقع المعارك, وكانت النتيجة أخراج أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية من مضمار السيادة الأول, فشهد العالم في النصف الثاني من القرن العشرين ظهور قطبين للقوة الأعظم (Super-Power), كما شهد استقلال الدول المستعمرة التي ظهرت فيها طبقة متوسطة لم تستطيع أن تحذو حذو مثيلاتها في أوروبا في العصور الوسطى بسبب خضوعها لمرحلة جمود طويلة في ظلال الاستعمار الأوروبي(2).
ومع أواخر القرن الحالي انهار الاتحاد السوفياتي, وبدأ الحديث عن مولد نظام عالمي جديد, السيطرة الرئيسية فيه لدولة واحدة. ويمكننا اعتبار حرب الخليج عام 1991 بداية المرحلة الجديدة, حيث استخدمت تقانة الاتصال بفعالية مؤثرة عملت على تعزيز نظام القطب الواحد.
أولاً: تقانة الاتصال القديمة والحديثة
إن الذي يهمنا من تقانة الاتصال هو وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري ذات الآثار المختلفة في المجتمع. لذا, فإن مصطلح تقانة الاتصال يعني "التقنيات والمؤسسات والأساليب التي بواسطتها تُنتج المعلومات وتعلب وتوزع على مستقبلين متفرقين فوق رقعة جغرافية".
هنالك بون شاسع بين تقانة الاتصال الالكتروني التي بدأت تتشكل ملامحها في نهاية القرن التاسع عشر مع اختراع الهاتف والإذاعة, وتقانة الاتصال الحديثة المستخدمة في نهاية القرن العشرين. من هنا, يمكننا التفريق بين نوعين, أو جيلين, لوسائل الإعلام الالكترونية: النوع الأول القديم, ويتألف من وسائل الإعلام التقليدية مثل الإذاعة والسينما والتلفزيون, والنوع الثاني الحديث, الذي يتألف من الجيل الجديد من وسائل الإعلام الحديثة, كالتلفزيون السلكي أو الفيديوتكس.
ويعتبر القرن العشرون, على أية حالة, مميزاً من بقية عصور الاتصال الثلاثة السابقة – الاتصال الشفوي والكتابة والطباعة – لا ستخدام وسائل الإعلام الالكترونية فيه, التي قيل الكثير عن أهميتها وآثارها, خصوصاً في مجال التنمية بالنسبة إلى بلدان العالم الثالث, وتتميز وسائل الجيل الأول بأن المرسل فيها يتكون من فئة محدودة من الناس تعمل حول قناة (إذاعة أو تلفزة مثلاً), وتتصف بالإبداع والمعرفة, وتعمل في مؤسسة وتقوم على إرسال أنواع مختلفة من الرسائل الإعلامية إلى جمهور كبير عبر هذه القناة.
أما تقانة الاتصال الالكترونية الحديثة فتقوم على استخدام "الترانزيستور" ورقائق السليكون (Semiconductor Chips) صاحبة الذاكرة الالكترونية التي تستطيع أن تختزن الكثير من المعلومات وتختزن في الوقت نفسه التعليمات اللازمة لتحريك هذه المعلومات. إن فن تزويد هذه الرقائق بالتعليمات والمعلومات يسمى البرمجة (Programming). وعليه, فإن الجديد بشأن تقانة المعلومات هذه ينبع من قدرة دائرتها الضيقة (Micro-circuit) على اختزان المعلومات واسترجاعها – مهما كبر حجم تلك المعلومات – بأقصى سرعة وبتكلفة قليلة. ومن مثل هذه التقانة هناك التلفزيون السلكي (Cable T. V.) أو الفيديوتكس. فالتلفزيون الموصول بالسلك هو في الحقيقة مرتبط بمحطة إرسال ترسل أنواعاً مختلفة من المعلومات تتحول إلى كهرباء تحمل صوتاً وصورة ومعلومة. والجدير بالملاحظة أنه إذا اختلف حجم السلك, أو عدد الأسلاك فيه, فإن القنوات التي يستطيع أن يحملها ذلك السلك تصبح غير محدودة. ففي الولايات المتحدة, مثلاً, إن جميع أنظمة التلفزيون السلكي التي تصنع اليوم لا تقل طاقتها الاستيعابية عن 54 قناة, وبعضها يصل إلى 104 قنوات, بل إنه إذا تم استخدام حزمة من الألياف الزجاجية (Fiber Optic Bundles), فإن قوة القنوات تصبح غير محدودة. ولو شئنا, لشبهنا التلفزيون السلكي بمجلة يستطيع المتلقّي انتقاء ما يشاء منها: كالبرامج الرياضية, أو الصحية, أو أخبار الطقس, أو الأفلام السينمائية, أو الأوبرا, أو قناة كاملة بلغة أجنبية ... الخ. ومن ميزات هذه التقنية الجديدة أنها تسمح بالانتقائية, بما يتمشى وذوق المتلقي. فالذي يعشق الرياضة قد ينحصر مجمل ما يتعرض له في النهاية بالبرامج الرياضية في الأغلب.
إلى هنا والأمور عادية, أو هكذا قد تبدو. لكن الجديد في مجال الثورة الاتصالية الحالية أوسع وأكبر, لأن هذه التقنية تسمح أيضاً بتحويل جهاز الاستقبال نفسه إلى جهاز إرسال. فبإدخال رقيقة في جهاز الاستقبال, فإنه يتحول إلى ما يشبه الهاتف, ويصير تجاوبياً (Interactive) أو قناة بمسربين, يستطيع الشخص بفعلها أن يحجز مقعداً في الطائرة, أو في الأوبرا, بعد أن يرى على ضوء ربطه بالمكان المعني خارطة للمقاعد, والمحجوز منها, فيختار مقعداً أو اثنين, ويحجزهما بإرسال الأوامر من خلال حاسوبه, كما يرسل رقم بطاقته البنكية, فُتقتطع من حسابه أجرة التذكرة, وفي الوقت نفسه, تتقاضي شركة التلفزيون السلكي من دار الأوبرا, أو شركة الطيران, بدل هذه الأتعاب, أجراً محدداً قد لا يزيد على ربع دولار.
تتميز التقانة الحديثة إذاً بأنها قناة بمسربين, وهي أيضاً مكلفه أكثر من القديمة لأن المشترك يدفع أجرة شهرية بدل اشتراكه فيها. بل إن هذه التقنية تتيح للمرء الاتصال بشبكات المعلومات المختلفة, وعبر الأقمار الصناعة, بشبكات مثيلة وفي قارات أخرى. لذلك, يمكننا القول بأن هذا النوع من الإعلام هو "إعلام الأغنياء", لأن استخدامه يقتصر على الناس الذين يستطيعون دفع الثمن. ويبقى الإعلام القديم لفقراء الناس الذين يستخدمون التقانة القديمة, إذاً فهو "إعلام الفقراء".
ومن مضاعفات هذه التقنية الجديدة أنها بالتأكيد ستعمق فجوة المعلومات بين الذين يملكونها ويستخدمونها – بما يعنيه ذلك من قدرة للوصول إلى المعلومات والمعرفة – وبين أولئك الذين لا يستطيعون امتلاكها أو استخدامها. وبالمقابل, فإن هناك ثمناً يدفعه مستخدم "الإعلام الغني", وقد يكون هذه الثمن باهظاً, لأنه على رقيقة السليكون من معلومات يمكن استرجاعه من شخص آخر ينفذ إلى تلك الرقيقة إذا ما توصل إلى المفاتيح التي تمكنه من ولوج أسرارها, مهما بعدت المسافات. وقد قرأنا في الصحف إبان حرب الخليج عن تمكن بعض الأفراد العاديين من ولوج شبكات البنتاغون والاطلاع على بعض الخطط السرية.
وإذا كانت تقانة الاتصال القديمة (الإذاعة والصحافة والتلفزة والسينما) قنوات أحادية الاتجاه والمسرى, فإنها كانت أدوات تستخدم لإحداث التغيير الاجتماعي في مجالات التنمية المختلفة, كما أنها تميزت بقدرتها على إحداث الإجماع كلما استطاعت أن تشحذ الرأي العام وتستقطبه حول قضية مهمة. أما في التقنية الحديثة, فإن المجتمع يصبح مشرذماً متفرقاً إلى وحدات متباينة تفرق اهتمامات أفراده, والبرامج التي يمكن أن توفرها هذه التقنية لمشتركيها. وسيقود هذا حتماً إلى تطوير مناهج جديدة للبحث الإعلامي لسبر آثار التقنية الجديدة في متلقيها.
ولا ننسى أيضاً تقنية الأقمار الصناعية المرتبطة بها شبكات الإعلام المختلفة, الأوروبية والأمريكية على نطاق واسع, والتي يمكن التقاط برامجها مباشرة بواسطة قرص التقاط خاص (Dish), هذه التقانة خاصة بالأغنياء أيضاً.
فإذا كانت هذه ملامح التقانة الاتصالية التي سنودّع بها القرن العشرين لنستقبل القرن القادم, فإن السؤال الذي يلقي بظله عليها هو: ما هي آثار هذه التقنية فينا وفي مستقبلنا؟
ثانياً: العرب وتقنية الاتصالات الإعلامية
بعد الحرب العالمية الثانية, ونتيجة لتباين الفجوة في التنمية بين الدول المتقدمة والدول النامية, أوصى علماء الاتصال باستخدام الوسائل الجديدة للراديو والتلفزيون كقنوات إعلامية تساعد على جسر تلك الفجوة, مؤملين الدول الفقيرة باللحاق بسرعة قصيرة نسبياً بمناحي التقدم للدول المتقدمة, وباعتبار أن هذه الوسائل غير مكلفة وذات آثار فاعلة في إحداق التغيير الاجتماعي المأمول
وتهافتت الدول النامية, ومن بينهما الدول العربية, على استخدام التقنيات الجديدة للإذاعة والتلفزة والسينما, أو تقوية ما كان متوافراً لديها منها. وعلى رغم أن التنمية المرجوة, أو القفزة التنموية (Frog-leap), للحاق بدول العالم المتقدمة في فترة وجيزة لم تتحقق, بل على العكس من ذلك, إذ إن نتائج الأبحاث أشارات إلى تعميق تلك الفجوة وازديادها اتساعاً بين الدول المتقدمة والدول النامية من جهة, وبين أفراد وفئات المجتمع النامي الواحد نفسه من جهة ثانية, وعلى رغم هذا, فإن منظري العصر لا يتوانون عن تقديم النصح باستخدام تقانة أكثر تطوراً, كالأقمار الصناعية, والتلفزيون السلكي, وأنظمة التفاعل ذات المسربين, باعتبارها ستقود إلى التنمية المأمولة, ولكونها مظهراً لازماً من مظاهر العصر الحديث. وما زال الكثير من الدول النامية يهدر الإمكانات المادية الشحيحة أصلاً على شراء تقانة متقدمة متطورة سريعة التغير بأسعار عالية لتحقيق هذا الغرض النبيل في الظاهر, والذي يحمل في الواقع معاني أخرى لها صلة بأمور أخرى.
1- المرحلة الأولى: النهوض
إن استعراض تاريخ الاتصال الجماهيري الحديث في الوطن العربي, يكشف أن الصحافة قد استُخدمت اعتباراً من الربع الأول للقرن التاسع عشر, وتمثلت بظهور صحف رسمية (تابعة للسلطة), وأخرى شعبية, في مصر وسوريا ولبنان والعراق قبل أن تمتد إلى بقية الأقطار العربية, التي كانت في مجملها خاضعة للعثمانيين, أو النفوذ الأوروبي بشكل مباشر أو غير مباشر. ومع تنامي العمل الصحفي لم تتوانَ تلك القوى عن وضع قوانين للمطبوعات والنشر في محاولة جادة لتأطير المادة التي تنشر ضمن أطر محددة, بحيث تكون نتائجها الجانبية محدودة التأثير, غير أن جميع هذه المحاولات ذهبت أدراج الرياح, لأن الصحافة حملت معها رياح التغيير. وقد اعترف المؤرخون بمساهمة الصحافة في قيام النهضة الفكرية في القرن التاسع عشر وتحقيق الاستقلال الذي سعى إليه العرب, لما أسهمت به في مجال الدعوات الفكرية والسياسية السائدة آنئذ, مثل التجزئة والوحدة الوطنية والإقليمية, والرابطة العثمانية, والجامعة الإسلامية والقومية العربية(4).
لقد تميزت الصحافة منذ نشأتها وحتى الحرب العالمية الثانية بأنها كانت صحافة "رأي وتوجيه لا صحافة خبر وحسب, وكانت تعتمد على نشر المقالات الطويلة والآراء والتعليقات التوجيهية رغم ما كان يتعرض له بعضها من تعطيل وإيذاء من قبل السلطات وما كانت تعانيه من قوانين المطبوعات القاسية"(5).
من أجل هذا, فإن التأثير الذي نجم عن هذه الصحافة كان قوياً ومميزاً, أوجزه أديب مروة بما يلي: "وقد فهم العرب الصحافة على أنها أداة جهاد, ووسيلة حرب ونضال, وسبيل للثورة, والانعتاق, إما من نير الأجانب, وإما من نير التقاليد والعادات البالية ... فقد حاربت الصحافة العربية الجهل والفقر والأمية والحجاب, ثم ناضلت لتحرير الأم والأمة, وكافحت لإصلاح اللغة وقد أدركتها الركاكة, ثم حاربت الطغيان والعدوان والإقطاعية والحاكمين الطغاة, وعدت بنفسها مدرسة وطنية لا مشروعاً تجارياً, بدليل أنها قامت على مناكب أفراد علماء لا على شركات تموّل, وهنا موطن الضعف في الصحافة العربية لأن الصحيفة رسالة وتجارة لا غنى لجناح عن الآخر" (6).
إن هذه انجازات يفاخر بها كل قطر عربي, فالمشانق التي نصبها جمال السفاح في دمشق وبيروت, حملت على أعوادها صحفيين أحراراً – مع من حملت – قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل نهضة أمتهم.
2- المرحلة الثانية: الاحتواء
في المرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية حصلت البلدان العربية على استقلالها تباعاً. وقد تعزز العمل الصحفي باستخدام التقنية الالكترونية للإذاعة والتلفزيون.
ومن جملة الأسباب التي دعت إلى استخدام التقنية الجديدة, قدرتها غير المنازعة على تغطية الإقليم الحديث الاستقلال تغطية إعلامية شاملة, موصلة بذلك نفوذ الحكومة المركزية إلى الأطراف, مهما كانت نائية. فبعد أن كانت الصحافة مقتصرة على المدن الرئيسية, وفي الأغلب العاصمة, وعلى فئة محدودة من القراء, هم النخبة, جاءت الإذاعة بمرسلاتها القوية كقناة اتصال شعبي لتملاً الفراغ الناجم عن: أ- عدم تطور البنية الاتصالية التحتية في القطر, ب- ارتفاع نسبة الأمية في القطر.
وهكذا, أصبحت الإذاعة وسيلة وطنية على مستوى القطر الواحد, وقومية على مستوى الوطن العربي برمته. ولإعطائها مزيداً من الشرعية, استخدمت كذراع للتنمية, فوُزعت أجهزة الراديو مجاناً في بعض الأقطار العربية.
من هنا نجد أن بعض الإذاعات العربية, ذات المرسلات القوية, تحتل في الخمسينيات والستينيات, مع اشتداد فجر المد القومي, مكانة مرموقة لم تضاهها مكانة أخرى إلا مكانة بعض القادة في قلوب الشعوب. وعززت الصحافة مكانة الإذاعة التي لم تنسَ فضلها, فبقيت حتى يومنا هذا تقرأ أقوال الصحف من استوديوهاتها. ولتعزيز موقعها, عمدت السلطة إلى وضع قوانين جديدة للمطبوعات والنشر عملت كلها في محصلتها النهائية على تقييد الكلمة, وتمجيد السلطة وعدم السماح بتوجيه النقد بها.
وبعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967, تقدم التلفزيون والسينما واحتلا مكانهما كقوة تخديرية غير منازعة في الوطن الكبير, لا تخدر الأحاسيس فقط, وإنما العقول والقلوب والبصيرة.
وفي السبعينيات, أخذ الباحثون العرب يكتشفون آثار الإعلام السلبية, كالغزو الثقافي, والتبعية الإعلامية, والهيمنة الثقافية, والسيطرة على العقول, وتبعية المؤسسات, والصورة السلبية للعرب في الغرب (7).
وشهدت نهاية المرحلة الثانية سقوط النظام الاتصالي في وحل الشعبية, وسقوط الوعي العربي أسيراً لذلك النظام الاتصالي الذي مكّن النخبة من استخدام الإعلام لتشكيل الرأي العام بصورة تجعل من الحفاظ على الوضع الراهن, الهدف النهائي له. ولم يكن هذا الوضع أفضل بكثير من الوضع الذي شكله تحالف الاستعمار مع السلطة قبل الاستقلال. فكان لا بد من ازدياد الفجوة اتساعاً مع مرور كل يوم. 3- المرحلة الثالثة: الإغراق
مع قدوم الثمانينيات, أدركت السلطة ضخامة الفجوة التي تفصل بين العرب والغرب المتقدم, فعقدت الندوات للبحث في المسألة, وتناولها المفكرون والباحثون في كتاباتهم. وفي معظم هذه الأحوال, تناسوا أن إسرائيل متقدمة جداً في مجال تقنية الاتصال: صناعة واستخدماً.
وقد لخص عبد المطلب بن نشنو الموقف العربي في مجال التقانة عموماً, بقوله: " ..... ولا يمكن للمرء الحديث عن صناعة عربية وطنية في حقل صناعة الأجزاء الرئيسية في صناعة الالكترونيات الدقيقة أو في صناعة الماكنات ذات التحكم الرقمي أو الإنسان الآلي"
أما في التقرير الذي أعدته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وصدر مطبوعاً تحت عنوان "الإعلام العربي حاضراً ومستقبلاً: نحو نظام عربي جديد للإعلام والاتصال", فقد ورد ما يلي: "تتوفر قنوات المعلومات في الوطن العربي بشكل مبعثر وغير مخطط, بل إن بعضها يقوم بوظيفته بشكل مثالي, وبعضها لا يعرف دوره تماماً, وتنمو أو تتوقف هذه القنوات حسب مواقف الدول العربية والعوامل المؤثرة فيها من الناحية الاقتصادية والسياسة والاجتماعية, وحتى الآن لم يتم التنسيق بين أي من هذه القنوات بشكل مخطط ومدروس على المستوى العربي". ويرد في التقرير نفسه حول وسائل الاتصال الجماهيري ما يلي: "وفي الخلاصة نلاحظ أن التقنيات المستعملة لدى البلدان العربية هي من أحدث ما هو متوفر في أسواق الدول الصناعية, والعرب من أكثر المستهلكين لها في العالم, حتى غدت بعض المحطات الإذاعية والتلفزيونية العربية معارض لأحدث وأضخم ما هو متوفر في العالم إذاً من الواضح أن العرب يستخدمون فقط تقانة الاتصال, ولا يصنعونها, ولا يتوفر تنسيق على المستوى القومي بين هذه الأقطار, هذا على الصعيد العام.
أما على صعيد التقنية الاتصالية نفسها, فقد شهدت الثمانينيات استخدام القمر الصناعي (عربسات) ودخول العرب عصر الفضاء.
وفي التسعينيات, انتشرت القنوات الفضائية العربية, وفتحت السماء أحضانها لاستقبال الأقمار الصناعية لمختلف المحطات ناقلة رسائل لا يطالها حتى مقص الرقيب. وفي أعقاب حرب الخليج, جاءت هذه التقنية لا لتعميق الفجوة بين أفراد الوطن الواحد, بل بين الأقطار العربية الفقيرة والغنية. وازداد الانبهار بهذه التقنية, والتهافت على استخدامها, حتى قامت مؤسسات في الوطن العربي بالترويج لها, وتنظيم توزيعها عبر قنوات محدودة بحجة أن الأطباق تباع في السوق لمن يرغب, فلماذا لا يتم التنظيم عبر مؤسسات رسمية. وهكذا اكتمل طوق الاحتواء.
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الثلاثاء يونيو 11, 2013 8:11 pm
تأثير الجهد العضلي على الفلب و الدورة الدموية
للرياضة تأثير مفيد على الصحة العامة.. فالرياضة اليومية (أو يومًا بعد يوم) لها فائدة حتى ولو كانت لمدة عشرة دقائق يوميًّا، وهي أفضل من الرياضة كل أسبوع حتى لمدة عدة ساعات، وهي ذات تأثير حتى على نفسية المريض، وهي تساعد على خفض ضغط الدم المرتفع، وأيضًا تساعد على الإقلال من الطعام والتدخين.. وهي ذات تأثير مباشر على الدورة الدموية وتمنع أمراض شرايين القلب التاجية.. وقد رؤي أيضًا أن الناس الذين يقومون برياضة مستمرة يفقدون وزنًا رغم عدم إقلال كمية الأكل التي يتناولونها.
والرياضة أيضًا (الحركة) تساعد على الهضم وعدم الإمساك.. وهي أيضًا تساعد على علاج حالات الاكتئاب النفسي.. الرياضة والحركة، حتى المشي لمدة ساعة يوميًّا تساعد على الإقلال من نسبة الدهنيات بالدم والكولسترول وخفض كمية السكر بالدم.
وترفع كفاءة القلب والدورة الدموية، وتجعل الأنسجة قابلة على استخلاص أكبر كمية من الأوكسجين في الدم.. وهي تجعل الفائض الفسيولوجي للقلب كبيرًا حتى وإن فرض أن أصيب الإنسان بسدد بالشريان التاجي فإن الانسداد لا يؤثر على قلبه مثلما تؤثر الحالة نفسها على الإنسان الذي لا يقوم بالحركة.. وهي تجعل القلب لا يسرع وبالتالي يقتصد في حاجته للطاقة التي يستعملها.. وهي تجعل وظائف الرئتين أحسن والعضلات في حالة صحية متكاملة.
في الإنسان الطبيعي يرتفع تمثيل الجلوكوز بواسطة الساق التي تؤدي تمرينًا إلى ما يتراوح من 7 أضعاف إلى 20 ضعف المستوى الأساسي وذلك تبعًا لشدة التمرين، ويصاحب هذه الزيادة في استهلاك الجلوكوز زيادة في إنتاجه بواسطة الكبد. ونتيجة لذلك تبقى مستويات الجلوكوز في الدم على حالها أو تنخفض قليلاً أثناء التمرين القصير الأمد، وتحدث الزيادات في استهلاك الجلوكوز بفعل التمرين بدون ارتفاع إنسولين المصل، كما يحدث أثناء التمرين انخفاض في إفراز الجسم من الأنسولين. وينتج عن التمرين الجسماني في الأشخاص الطبيعيين زيادة في حساسية الأنسولين وارتباطه بالمستقبلات.
ينصح مرضى السكري بالتمارين نظرًا لأنها تخفض مستويات الجلوكوز في الدم.. وقد يزيد التمرين من قدرة احتمال الجلوكوز في المرضى الذين يصابون بالسكري بعد البلوغ، كما يمكن تحقيق سيطرة ناجعة على السكري الخفيف بالحمية الغذائية والتمرين في السمان الذين يصابون بهذا المرض بعد البلوغ.
إن ممارسة التمارين بانتظام قد تؤدي أيضًا إلى تقليل الحاجة للأنسولين في مرضى السكري المعتمدين على الأنسولين.. ذلك أن التمرين الجسماني يؤدي في كثير من الأحيان إلى تحسين حساسية الأنسولين ولياقة القلب والأوعية ومستويات الدسم (الشحم) في الدم، بصورة مستقلة عن التغييرات في ضبط جلوكوز الدم على المدى الطويل. غير أن نقص سكر الدم هي مضاعفة معروفة جيدًا للتمرين في مرضى السكري المعتمدين على الأنسولين، إن التمرين قد يؤدي إلى تحريك كمية أكبر في الأنسولين الذي يحقن تحت الجلد، ولكن تمرين الساق لا يؤثر على معدل امتصاص الأنسولين من مكان الحقن في الذراع، ولذلك ينصح بحقن الأنسولين في الذراع أو جدار البطن للحد من مشكلة نقص سكر الدم بفعل تمرين الساق، وفي دراسة لوحظ هبوطًا قدره 50 ٪ أو أكثر في مستوى جلوكوز الدم مقارنة بمستواه قبل التمرين وذلك في مرضى السكري الذين تمرنوا على دراجة ثابتة لمدة20 دقيقة.. كما لوحظ في الدراسة أن جلوكوز الدم يهبط إلى أدنى مستوى له بعد حوالي 120 دقيقة من التمرين.
ويمكن حدوث نقص في جلوكوز الدم إلى أدنى حد ممكن عن طريق ما يلي:
- تناول كربوهيدرات إضافية قبل التمرين.
- استعمال منطقة لا يشملها التمرين كمكان لحقن الأنسولين.
- تخفيض جرعة الأنسولين إذا ظلت هذه المشكلة تعاود المريض.
للرياضة تأثير مفيد على الصحة العامة.. فالرياضة اليومية (أو يومًا بعد يوم) لها فائدة حتى ولو كانت لمدة عشرة دقائق يوميًّا، وهي أفضل من الرياضة كل أسبوع حتى لمدة عدة ساعات، وهي ذات تأثير حتى على نفسية المريض، وهي تساعد على خفض ضغط الدم المرتفع، وأيضًا تساعد على الإقلال من الطعام والتدخين.. وهي ذات تأثير مباشر على الدورة الدموية وتمنع أمراض شرايين القلب التاجية.. وقد رؤي أيضًا أن الناس الذين يقومون برياضة مستمرة يفقدون وزنًا رغم عدم إقلال كمية الأكل التي يتناولونها.
والرياضة أيضًا (الحركة) تساعد على الهضم وعدم الإمساك.. وهي أيضًا تساعد على علاج حالات الاكتئاب النفسي.. الرياضة والحركة، حتى المشي لمدة ساعة يوميًّا تساعد على الإقلال من نسبة الدهنيات بالدم والكولسترول وخفض كمية السكر بالدم.
وترفع كفاءة القلب والدورة الدموية، وتجعل الأنسجة قابلة على استخلاص أكبر كمية من الأوكسجين في الدم.. وهي تجعل الفائض الفسيولوجي للقلب كبيرًا حتى وإن فرض أن أصيب الإنسان بسدد بالشريان التاجي فإن الانسداد لا يؤثر على قلبه مثلما تؤثر الحالة نفسها على الإنسان الذي لا يقوم بالحركة.. وهي تجعل القلب لا يسرع وبالتالي يقتصد في حاجته للطاقة التي يستعملها.. وهي تجعل وظائف الرئتين أحسن والعضلات في حالة صحية متكاملة.
في الإنسان الطبيعي يرتفع تمثيل الجلوكوز بواسطة الساق التي تؤدي تمرينًا إلى ما يتراوح من 7 أضعاف إلى 20 ضعف المستوى الأساسي وذلك تبعًا لشدة التمرين، ويصاحب هذه الزيادة في استهلاك الجلوكوز زيادة في إنتاجه بواسطة الكبد. ونتيجة لذلك تبقى مستويات الجلوكوز في الدم على حالها أو تنخفض قليلاً أثناء التمرين القصير الأمد، وتحدث الزيادات في استهلاك الجلوكوز بفعل التمرين بدون ارتفاع إنسولين المصل، كما يحدث أثناء التمرين انخفاض في إفراز الجسم من الأنسولين. وينتج عن التمرين الجسماني في الأشخاص الطبيعيين زيادة في حساسية الأنسولين وارتباطه بالمستقبلات.
ينصح مرضى السكري بالتمارين نظرًا لأنها تخفض مستويات الجلوكوز في الدم.. وقد يزيد التمرين من قدرة احتمال الجلوكوز في المرضى الذين يصابون بالسكري بعد البلوغ، كما يمكن تحقيق سيطرة ناجعة على السكري الخفيف بالحمية الغذائية والتمرين في السمان الذين يصابون بهذا المرض بعد البلوغ.
إن ممارسة التمارين بانتظام قد تؤدي أيضًا إلى تقليل الحاجة للأنسولين في مرضى السكري المعتمدين على الأنسولين.. ذلك أن التمرين الجسماني يؤدي في كثير من الأحيان إلى تحسين حساسية الأنسولين ولياقة القلب والأوعية ومستويات الدسم (الشحم) في الدم، بصورة مستقلة عن التغييرات في ضبط جلوكوز الدم على المدى الطويل. غير أن نقص سكر الدم هي مضاعفة معروفة جيدًا للتمرين في مرضى السكري المعتمدين على الأنسولين، إن التمرين قد يؤدي إلى تحريك كمية أكبر في الأنسولين الذي يحقن تحت الجلد، ولكن تمرين الساق لا يؤثر على معدل امتصاص الأنسولين من مكان الحقن في الذراع، ولذلك ينصح بحقن الأنسولين في الذراع أو جدار البطن للحد من مشكلة نقص سكر الدم بفعل تمرين الساق، وفي دراسة لوحظ هبوطًا قدره 50 ٪ أو أكثر في مستوى جلوكوز الدم مقارنة بمستواه قبل التمرين وذلك في مرضى السكري الذين تمرنوا على دراجة ثابتة لمدة20 دقيقة.. كما لوحظ في الدراسة أن جلوكوز الدم يهبط إلى أدنى مستوى له بعد حوالي 120 دقيقة من التمرين.
ويمكن حدوث نقص في جلوكوز الدم إلى أدنى حد ممكن عن طريق ما يلي:
- تناول كربوهيدرات إضافية قبل التمرين.
- استعمال منطقة لا يشملها التمرين كمكان لحقن الأنسولين.
- تخفيض جرعة الأنسولين إذا ظلت هذه المشكلة تعاود المريض.
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الثلاثاء يونيو 11, 2013 8:11 pm
تاثير الانسان علي التوازن البيئي
ستخدم الإنسان معطيات العلم الحديث لزيادة الإنتاج وتحسينه بهدف تأمين الغذاء، وأدت هذه المعطيات إلى خلل خطير في التوازن البيئي، مما أدى إلى ظهور العديد من المشاكل التي لم يكن متوقعاً ظهورها، منها ما أضر بالإنسان ومنها ما أضر بالطبيعة.
ووفقاً لتقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن الآفات الزراعية تسبب خسائر بالغة للمحاصيل الزراعية تبلغ 35-40%، وتُعد الحشرات من أخطر أنواع هذه الآفات، إذ سُجل منها نحو 10 آلاف نوع، كما يوجد نحو 30 ألف نوع من النباتات تندرج تحت اسم الأعشاب، منها 1800 نوع تسبب أضراراً اقتصادية هامة وخطيرة على المحاصيل الزراعية. ولهذا لجأ الإنسان إلى العديد من الوسائل لحماية محاصيله من الآفات، فاستخدم نبات العنصل لمكافحة القوارض، والكبريت لمكافحة الحشرات، كما استعمل الأعداء الحيويين، واستخدم أيضاً المبيدات الكيميائية للقضاء على هذه الآفات، إلا أن هذه المبيدات تركت آثارها السلبية الكبيرة على الطبيعة والإنسان، وألحقت الأذى بالأعداء الحيويين، فتقلصت أعدادهم. فما هي هذه الأضرار؟ وما هي الوسائل التي يمكن أن تحد من خطورتها؟
المشاكل الناتجة عن استخدام المبيدات
تُعد المبيدات الزراعية مواد سامة لا يمكن إنكارها. وكما أن لهذه المبيدات جوانب إيجابية في القضاء على الحشرات، فإن لها آثاراً سلبية غير مرغوبة على البيئة وصحة الإنسان والحيوان والنبات.
ومن أهم هذه الآثار على الإنسان وصحته الحالات الكثيرة الناجمة عن تسمم المواد الغذائية نتيجة استخدام المبيدات إضافة إلى التأثيرات السرطانية، فقد ثبت أن العديد من الكيماويات الزراعية لها تأثيرات سرطانية على الإنسان، ولها أيضاً تأثيرات جانبية تُحدث التشوهات الخلقية والأورام ناجمة عن تراكم المبيدات بكميات قليلة خلال فترات طويلة.
التأثيرات الجانبية على النباتات
ثبت أن معظم المبيدات المستخدمة في الزراعة لوقاية النباتات تسبب تأثيرات مختلفة جانبية، إذ تنفذ هذه المواد إلى الأنسجة النباتية، مما يترتب عليه حدوث تغيرات في تركيبة النباتات الكيميائية. ويختلف التأثير تبعاً لنوع المبيد المُستخدم وطبيعته، ونوع النبات، والظروف البيئية السائدة حول النباتات، ونوع التربة. فعلى سبيل المثال، أدت معاملة بذور القطن بمبيد الثيميت بتراكيز مرتفعة إلى نقص الوزن وعدد البذور في لوزة القطن، كما حدث نقص في استطالة بادرات القطن التي عولجت بذرتها بمركب الدايستون وحدث تأخر في إزهارها.
التأثيرات الجانبية على الكائنات الحية الدقيقة
تكمن الخطورة أيضاً في وصول المبيدات إلى التربة بسبب الإخلال بالتوازن الموجود بين مكونات الطبيعة، إذ وجدت الدراسات أن المبيدات تؤدي عموماً إلى انخفاض تعداد المجموعات الميكروبية الرئيسة في التربة (الفطريات والبكتريا)، ويؤدي هذا أيضاً إلى انخفاض نشاط الميكروبات وإنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون واستهلاك الأكسجين.
ومن المعروف أن الكائنات الدقيقة في التربة موجودة بأعداد كبيرة، وتعمل هذه الكائنات على هدم العديد من الكيميائيات مثل البروتينات والسكريات ومخلفات النباتات وغيرها، كي تستخدمها مصدراً للمادة العضوية.
التلوث البيئي
تُستخدم المبيدات الزراعية في البيئات الزراعية المفتوحة. وتصل هذه المبيدات إلى الغلاف الجوي عن طريق التطاير والانجراف، ويمكن أن تصل إلى المياه الجوفية نتيجة التسرب، ويمكن أن تصل إلى الكائنات الحية المختلفة نتيجة وجودها في مخلفات المحاصيل أو نتيجة الانتقال والتراكم في مكونات السلاسل الغذائية.
ويمكن لهذه المبيدات أن تُحدث أضراراً خطيرة لدى بعض أنواع الأسماك والطيور والحيوانات البرية، مثل: تغير السلوك، ونقص التناسل. كما تؤثر مبيدات الآفات أيضاً على نحل العسل والحشرات الملقحة الأخرى، مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض معدل التلقيح في الأزهار، إضافة إلى ضعف قوة طوائف النحل نتيجة لموت عدد كبير من الشغالات التي تقوم بجمع الرحيق، ومن ثم انخفاض إنتاج العسل. ويمكن أن تظهر هذه المشكلة بوضوح أثناء الرش الجوي باستخدام الطائرات.
وتؤثر المبيدات على الأعداء الحيويين النافعين من متطفلات ومفترسات، وتؤدي إلى هلاكها بطريقة مباشرة نتيجة تعرضها لفعل المبيدات السام، إذ إنها غالباً ما تكون حساسة لها، ويكون تأثير المبيدات الشديدة السمية مهلكاً بالنسبة إلى جميع أنواع الحشرات النافعة منها والضارة.
الحد من أضرار المبيدات
يرى الدكتور زكريا الناصر (من كلية الزراعة في جامعة دمشق) أن الحد من الأضرار الناتجة عن استخدام المبيدات على التربة والماء يتطلب استخدام المبيد المناسب، وتطبيقه على البذور، أو معاملة جذور الشتلات بالمبيدات بدلاً من رش المبيد مباشرة على سطح التربة، وعدم غسل العبوات وأدوات الرش في مياه الآبار، والامتناع عن إلقاء عبوات المبيدات في المجاري المائية، إضافة إلى عدم رش المبيدات رشاً جوياً إلا في حالات الضرورة القصوى وبعيداً عن المناطق السكنية.
ولحماية الحياة البرية من المبيدات، ينصح الدكتور الناصر بالامتناع عموماً عن استخدام المبيدات في المناطق المحمية، واستخدام مبيدات ذات عمر قصير في البيئة، وتقليل تطبيق المبيدات خصوصاً الحشرية منها أثناء هجرة الطيور وفترات التزاوج.
وأخيراً، فإنه لحماية المستهلك من الآثار المتبقية للمبيدات، لا بد من القيام بعمليات تحليل هذه المتبقيات، ومراقبة آثارها في المحاصيل الزراعية (سواء التي تُستخدم غذاءً للإنسان أم المستخدمة أعلافاً حيوانية) أثناء مرحلة نضج المحاصيل، والتأكد من صحة التقديرات عن مدى أمانها.
ستخدم الإنسان معطيات العلم الحديث لزيادة الإنتاج وتحسينه بهدف تأمين الغذاء، وأدت هذه المعطيات إلى خلل خطير في التوازن البيئي، مما أدى إلى ظهور العديد من المشاكل التي لم يكن متوقعاً ظهورها، منها ما أضر بالإنسان ومنها ما أضر بالطبيعة.
ووفقاً لتقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن الآفات الزراعية تسبب خسائر بالغة للمحاصيل الزراعية تبلغ 35-40%، وتُعد الحشرات من أخطر أنواع هذه الآفات، إذ سُجل منها نحو 10 آلاف نوع، كما يوجد نحو 30 ألف نوع من النباتات تندرج تحت اسم الأعشاب، منها 1800 نوع تسبب أضراراً اقتصادية هامة وخطيرة على المحاصيل الزراعية. ولهذا لجأ الإنسان إلى العديد من الوسائل لحماية محاصيله من الآفات، فاستخدم نبات العنصل لمكافحة القوارض، والكبريت لمكافحة الحشرات، كما استعمل الأعداء الحيويين، واستخدم أيضاً المبيدات الكيميائية للقضاء على هذه الآفات، إلا أن هذه المبيدات تركت آثارها السلبية الكبيرة على الطبيعة والإنسان، وألحقت الأذى بالأعداء الحيويين، فتقلصت أعدادهم. فما هي هذه الأضرار؟ وما هي الوسائل التي يمكن أن تحد من خطورتها؟
المشاكل الناتجة عن استخدام المبيدات
تُعد المبيدات الزراعية مواد سامة لا يمكن إنكارها. وكما أن لهذه المبيدات جوانب إيجابية في القضاء على الحشرات، فإن لها آثاراً سلبية غير مرغوبة على البيئة وصحة الإنسان والحيوان والنبات.
ومن أهم هذه الآثار على الإنسان وصحته الحالات الكثيرة الناجمة عن تسمم المواد الغذائية نتيجة استخدام المبيدات إضافة إلى التأثيرات السرطانية، فقد ثبت أن العديد من الكيماويات الزراعية لها تأثيرات سرطانية على الإنسان، ولها أيضاً تأثيرات جانبية تُحدث التشوهات الخلقية والأورام ناجمة عن تراكم المبيدات بكميات قليلة خلال فترات طويلة.
التأثيرات الجانبية على النباتات
ثبت أن معظم المبيدات المستخدمة في الزراعة لوقاية النباتات تسبب تأثيرات مختلفة جانبية، إذ تنفذ هذه المواد إلى الأنسجة النباتية، مما يترتب عليه حدوث تغيرات في تركيبة النباتات الكيميائية. ويختلف التأثير تبعاً لنوع المبيد المُستخدم وطبيعته، ونوع النبات، والظروف البيئية السائدة حول النباتات، ونوع التربة. فعلى سبيل المثال، أدت معاملة بذور القطن بمبيد الثيميت بتراكيز مرتفعة إلى نقص الوزن وعدد البذور في لوزة القطن، كما حدث نقص في استطالة بادرات القطن التي عولجت بذرتها بمركب الدايستون وحدث تأخر في إزهارها.
التأثيرات الجانبية على الكائنات الحية الدقيقة
تكمن الخطورة أيضاً في وصول المبيدات إلى التربة بسبب الإخلال بالتوازن الموجود بين مكونات الطبيعة، إذ وجدت الدراسات أن المبيدات تؤدي عموماً إلى انخفاض تعداد المجموعات الميكروبية الرئيسة في التربة (الفطريات والبكتريا)، ويؤدي هذا أيضاً إلى انخفاض نشاط الميكروبات وإنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون واستهلاك الأكسجين.
ومن المعروف أن الكائنات الدقيقة في التربة موجودة بأعداد كبيرة، وتعمل هذه الكائنات على هدم العديد من الكيميائيات مثل البروتينات والسكريات ومخلفات النباتات وغيرها، كي تستخدمها مصدراً للمادة العضوية.
التلوث البيئي
تُستخدم المبيدات الزراعية في البيئات الزراعية المفتوحة. وتصل هذه المبيدات إلى الغلاف الجوي عن طريق التطاير والانجراف، ويمكن أن تصل إلى المياه الجوفية نتيجة التسرب، ويمكن أن تصل إلى الكائنات الحية المختلفة نتيجة وجودها في مخلفات المحاصيل أو نتيجة الانتقال والتراكم في مكونات السلاسل الغذائية.
ويمكن لهذه المبيدات أن تُحدث أضراراً خطيرة لدى بعض أنواع الأسماك والطيور والحيوانات البرية، مثل: تغير السلوك، ونقص التناسل. كما تؤثر مبيدات الآفات أيضاً على نحل العسل والحشرات الملقحة الأخرى، مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض معدل التلقيح في الأزهار، إضافة إلى ضعف قوة طوائف النحل نتيجة لموت عدد كبير من الشغالات التي تقوم بجمع الرحيق، ومن ثم انخفاض إنتاج العسل. ويمكن أن تظهر هذه المشكلة بوضوح أثناء الرش الجوي باستخدام الطائرات.
وتؤثر المبيدات على الأعداء الحيويين النافعين من متطفلات ومفترسات، وتؤدي إلى هلاكها بطريقة مباشرة نتيجة تعرضها لفعل المبيدات السام، إذ إنها غالباً ما تكون حساسة لها، ويكون تأثير المبيدات الشديدة السمية مهلكاً بالنسبة إلى جميع أنواع الحشرات النافعة منها والضارة.
الحد من أضرار المبيدات
يرى الدكتور زكريا الناصر (من كلية الزراعة في جامعة دمشق) أن الحد من الأضرار الناتجة عن استخدام المبيدات على التربة والماء يتطلب استخدام المبيد المناسب، وتطبيقه على البذور، أو معاملة جذور الشتلات بالمبيدات بدلاً من رش المبيد مباشرة على سطح التربة، وعدم غسل العبوات وأدوات الرش في مياه الآبار، والامتناع عن إلقاء عبوات المبيدات في المجاري المائية، إضافة إلى عدم رش المبيدات رشاً جوياً إلا في حالات الضرورة القصوى وبعيداً عن المناطق السكنية.
ولحماية الحياة البرية من المبيدات، ينصح الدكتور الناصر بالامتناع عموماً عن استخدام المبيدات في المناطق المحمية، واستخدام مبيدات ذات عمر قصير في البيئة، وتقليل تطبيق المبيدات خصوصاً الحشرية منها أثناء هجرة الطيور وفترات التزاوج.
وأخيراً، فإنه لحماية المستهلك من الآثار المتبقية للمبيدات، لا بد من القيام بعمليات تحليل هذه المتبقيات، ومراقبة آثارها في المحاصيل الزراعية (سواء التي تُستخدم غذاءً للإنسان أم المستخدمة أعلافاً حيوانية) أثناء مرحلة نضج المحاصيل، والتأكد من صحة التقديرات عن مدى أمانها.
- mosbahahmed60عضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 442 نقاط التميز : 452 تقييم العضو : 5 التسجيل : 08/06/2013 العمر : 64 الإقامة : قسنطينة
تمت المشاركة الثلاثاء يونيو 11, 2013 8:12 pm
الملونات الصناعية تم تداولها في الأغذية بشكل كبير لأنها تدير الربح
على صانعي هذه المواد ومستخدميها وتعدد الألوان يجعل المستهلك في حيرة حيث يقدم
على شرائها ومن ذلك الآيس كريم بألوانه المتعددة التي تجذب الكبار قبل الصغار.
تاريخ الملونات ومضارها:
يعتبر وليم هنري بيركنسن أول من وضع أسس علم الملونات الحديثة في عام 1856م بعد حصوله على الصبغة البنفسجية من التركيبة الكيميائية وتمثل بذرتين نيتروجين مرتبطتين برابطة مزدوجة وتشكل هذه المجموعة الكيميائية اليوم أكبر مجموعة ملونات مستخدمة في الصناعة بجميع أشكالها سواء مستحضرات التجميل أو الأغذية أو الأدوية وخلافها من المجالات الصناعية الأخرى الاندفاع في استخدام هذه الملونات ظهر أكثر من (80) لونا صناعيا عام 1900م وتم بعد ذلك اكتشاف علاقة بين استخدام الملونات الصناعية وبروز أعراض مرضية على المستهلكين لهذه الملونات.
وبعد دراسات عديدة أصدر كل من الدكتور هيس والدكتور برنارد (7) ألوان صناعية تستخدم في المواد الغذائية وهي: Amaranth - ponceaue 3- Erythrosine - Indigotine - Green sf light - Naphtol yellow - orange 1.
وعلى الرغم من وجود ملونات ذات مصادر طبيعية إلا أن الصانعين فضلوا الملونات الاصطناعية لأسباب اقتصادية كرخص السعر وسهولة الإنتاج وثبات اللون والحصول على درجات مختلفة في الألوان الاصطناعية والقليل منها يكفي للوصول إلى الغرض المطلوب، كما أن مشكلة الملونات الطبيعية أنها تحمل طعم منتجاتها الأصلية معها بعد الاستخلاص حيث يعتبر انعدام الرائحة من مزايا الملونات الاصطناعية.
مضار الملونات
بعض الملونات خطيرة وغير مجازة من الهيئات الصحية العالمية لأنها تسبب تشوه الأجنة والسرطانات وتؤثر على أداء وظائف الأعضاء، والبعض الأخر منها ينحصر تأثيره على المستهلك مقارنة بكمية المادة المستهلكة فربما تكون المادة الملونة مجازة ولكنها تؤثر إذا تم الإكثار منها وهذه تخضع لعدة عوامل منها حساسية الجسم ومداومة الاستهلاك وتتمثل الآثار في حكة جلدية وضيق في التنفس واضطرابات معوية وإسهال.
المواد الغذائية يمكن أن تتلوث بفعل المواد الحافظة والملونة والنكهات. و التقدم الصناعي ساهم بشكل ملحوظ في تلويث الكثير من المواد الغذائية سواء كانت ذات مصدر حيواني أو نباتي، إذ لعبت هذه المواد دورا مهما في زيادة الإنتاج الغذائي وتحسينه، إلا أن استخدامها بطريقة سيئة وغير مدروسة يجعلها تلعب دورا سلبيا في التأثير في صحة الإنسان.
في عصرنا أصبح أبناؤنا يتعرضون لأعراض وأمراض شتى وعلل كثيرة نتيجة تناولهم الأطعمة المصنعة والتي تحتوي على ألوان زاهية ومواد حافظة، ولكنها ـ على المدى البعيد سامة، تؤدي إلى أمراض شتى، وهنا نتساءل: منذ متى كنا نسمع بسرطان القولون عند الأطفال؟
لقد كثر هذا المرض حتى أصبح مهددا حياة أطفالنا، والأهل للأسف، لا يفقهون إن السبب هو تناول أطفالهم لأنواع من الأطعمة ذات ألوان جميلة لكنها تخفي وراءها الموت الزؤام، ففي السبعينيات تنبهت الدول الغربية إلى هذا الخطر، وأصدرت نشرات تحذر من الموت القادم عبر الألوان والمواد الحافظة، فأصدرت تعليمات إلى مصانع الأغذية تحذرهم فيها من استعمال الملونات في الأطعمة إلا التي أخذت من مواد طبيعية فاللون الأحمر مثلا مأخوذ من الكرز الطبيعي والأصفر من الليمون والبرتقالي من البرتقال والجزر، والأخضر من النعناع ولكنها ما زالت تصدّر إلينا الملونات الصناعية والكيميائية، وبالتالي فان أكثر مصانع الأغذية ما زالت تستعمل تلك المواد تحت اسم ملونات مصرح بها.
وقد صدرت في التسعينيات نشرة من إحدى الجامعات العربية عنوانها (انهم يدسون السم في طعام طفلك)، هذه النشرة أثلجت الصدور وطمأنت النفوس لان الإنسان أصبح يعرف المواد السامة من المواد غير السامة عبر مقارنتها مع غلاف المنتج والذي وصفته منظمة الصحة العالمية بالاشتراك مع هيئات المواصفات والمقاييس للمعايير الصحية، ولكن للأسف فان الشركات تكتب نوع المادة الملونة أو الحافظة بخط صغير لا يرى تماما كما تفعل شركات الدخان عندما تكتب عبارة صغيرة على كل علبة دخان (التدخين يؤدي الى السرطان ننصحك بالإقلاع عنه) وكأن الإنسان يضحك على نفسه، أن يقرأ عبارة الخطر على علب الطعام أو الحلويات وغيرها ويأكل ولا ينتبه للخطر المحدق به، ولكن ما مصير الآباء الذين يجهلون مثل هذه الأمور عند شراء أبنائهم لهذه المنتجات؟.
الملونات الصناعية واستخداماتها الغذائية بات يشكل استخدامها خطورة على حياة الناس, كون البحوث العلمية قد أثبتت إضرارها بالصحة العامة, ناهيك بكونها تسبب العديد من الأمراض أهمها التسرطن, وتشوهات الأجنة, والغدة الدرقية وغير ذلك من الأمراض التي تؤذي الجسم الإنساني.
و النداء حول استخدامات الملونات الصناعية في الأغذية, إنما يأتي هذا النداء من دراسات لمتخصصين أكاديميين يؤكدون منع استعمال الملونات الكيميائية في الصناعات الغذائية, خاصة في صناعة الحلويات والشرابات لأن الأطفال هم الأكثر عرضة لهذه الاستخدامات.
وعندما نتحدث عن الملونات الصناعية الغذائية لا نتحدث من فراغ كما قلنا, كون هذه الملونات تملأ أسواقنا المحلية ودونما رقيب في العديد من الصناعات الغذائية وحتى الدوائية, وهناك اتجاه بات شبه مؤكد في العالم المتقدم والمتطور نحو وقاية الأطفال من استخداماتها, لأن الأطفال يختلفون تماماً عن الكبار في مرحلة النمو والتمثيل الغذائي, لذلك نجد أنه من الضروري جداً أن نبعدهم عن أي شيء فيه ضرر على صحتهم, وعملية الإبعاد يجب أن تتمثل في الرقابة الشديدة من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة وحتى وزارة الصحة والبلديات في المحافظات, هذه الرقابة يجب أن تنطلق في متابعة المعامل التي تعج بها مناطقنا والتي تعمل في غالبيتها دونما ترخيص وفي بيوتات يفترض أن تكون البلديات على علم تام بها, ولأنه كما أشرنا فإن أسواقنا تعج بمثل هذه الصناعات التي يدخل في تركيبها الملونات, وهنا نتوجه بالسؤال إلى الجهات المعنية عن إمكانية عمل فحوصات مخبرية لهذه الصناعات والتعرف على مقدار الضرر الذي تحدثه للآدميين? أم أن الاتجاه لدى تلك الجهات هو ترك هذه الصناعات الغذائية المخالفة لأبسط قواعد الصحة العامة تنتشر في الأسواق ويزداد ضررها يوماً بعد يوم?!
طبعاً لابد من إجراءات سريعة حيال هذه المسألة الجد خطيرة, من هذه الإجراءات دراسة المواصفات للمواد المصنوعة من الملونات, بعيداً عن أي ضغوطات جانبية, وتبيان مقدار الضرر الذي تلحقه, خاصة تلك التي تصنع للاستخدامات الغذائية, ومنع بيعها في الأسواق ناهيك بوضع معايير محلية لأي صناعة غذائية تلزم المنتجين لها ومتابعتها في السوق. هذا بالإضافة لقيام الجهات المعنية بإغلاق كل البيوتات والمعامل التي يصنع فيها العديد من هذه المواد التي تدخل الملونات في تصنيعها, خاصة تلك التي لا تحمل سجلاً صناعياً أو ترخيصاً نظامياً, وفرض أشد العقوبات بحق أصحابها. بمعنى أنه لا يكتفى بإغلاق المحال لمدة معينة ويعاود العمل بها مجدداً كما يحدث الآن, وذلك حماية لنا ولأطفالنا, وحرصاً على الصحة العامة وهنا نتوجه للأهل ألا ينساقوا وراء الإعلانات التي تشوق الأطفال لشراء مثل هذه الصناعات لأنها ضارة بصحتهم وقد تسبب لهم أمراضاً مزمنة أشرنا لبعض منها.
كما نتوجه للجهات المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه الصناعات وعدم طرحها في الأسواق إلا بعد التأكد من عدم أذيتها وليتذكر الجميع أن غالبية دول العالم قد تعاملت مع مثل صناعة كهذه بمسؤولية عالية حرصاً على صحة رعاياها.
- زائرزائر
تمت المشاركة الثلاثاء يونيو 11, 2013 9:54 pm
مجهود ملحوظ مرسي عليك خونا حميد
- اطياف السماءعضو محترف
- رقم العضوية : 13271
الجنس : عدد المساهمات : 8892 نقاط التميز : 9872 تقييم العضو : 133 التسجيل : 15/09/2012 العمر : 27 الإقامة : حمام دباغ
تمت المشاركة الأربعاء يونيو 12, 2013 11:01 am
رائعة واكثر من رائعة
بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى ان شاء الله
دمت بحفظ الله ورعايته
بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى ان شاء الله
دمت بحفظ الله ورعايته
التوقــيـــــــــــــــــــــع
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى