الاسرة
مؤسسة من أهم المؤسسات الاجتماعية.. والحياة فيها تحتاج إلى نظام.. لتنظيم
أعمالها وعلاقات أفرادها.. فهي مؤسسة ذات أنشطة متعددة.. تربوية واقتصادية
وثقافية واجتماعية وإدارية.. إلخ.
وللنظام في الاسرة أثره الكبير في
تنظيم العيش فيها.. من مجالات النظام الاسري، فهو إرادة الحياة فيها،
ويؤثّر في سلوك أفرادها من الناحيتين الحسنة والسيئة، والإشراف عليها
وتوجيهها وترشيدها.. وتلك مهمة الأبوين..
فكلما كانت هناك إدارة جيدة،
وإشراف سليم لتنظيم الحياة في الاسرة، كالصرف المالي، وتربية الأبناء
وإرشادهم، والإستفادة من الوقت، ومواعيد النوم والاستيقاظ والطعام، وحل
المشاكل.. إلخ، كلما كانت هناك إدارة جيدة أمكن إيجاد نظام جيد في الاسرة،
ينعكس أثره على حياة الأفراد، ويسير الحياة داخل الاسرة بشكل جيد.
فوجود
ميزانية مالية للاسرة تنظم فيها الواردات والمصروفات حسب دخلها، بعيداً عن
التبذير والتضييق والتقتير.. فوجود الميزانية مسألة أساسية، يتعاون أفراد
الاسرة على تنفيذها والرضاء بها، فتجزأ الميزانية، مثلاً، حسب احتياجات
العائلة، للطعام والملابس والتعليم، وادخار جزء من الوارد للإحتياط
والطوارئ.. إلخ.
فالتضييق في الصرف على أفراد العائلة، وحرمانهم مع
وجود المال الكافي، خطأ يرتكب بحقهم.. كما إن البذخ والإسراف، وتبذير
المال في قضايا ليست أساسية، أو لا حاجة إليها، عمل يضر بوضع الاسرة،
وربما يصل حد التصرف المحرم، إذا كان إسرافاً أو تبذيراً..
ويحل بنا
الندم على تضييع المال، عندما نشعر بالحاجة إليه، فنضطر إلى الاقتراض، أو
طلب المساعدة من الآخرين، مما يجعلنا نشعر بالخجل وفضل الآخرين علينا..
وكثيراً ما يتعذّر علينا الحصول على المال المطلوب، فنظل في حيرة وندم،
ونقع في المشكلة، أو نضيّع الفرصة..
والقرآن الكريم يضع لنا سياسة مالية متوازنة بقوله الكريم:
«ولا تَجْعَل يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ ولا تَبْسُطْها كُلَّ البَسْطِ فتَقْعُدَ مَلُوماً مَدْحُورا». «الإسراء / ۲۹»
فقد
لا يشعر أحدنا بقيمة المال في هذه المرحلة وأهميته، ولكننا سنشعر بالخطأ
بعد ضياع المال.. وعندما يقبض بعض الآباء أيديهم عن الصرف المعقول،
ويحرمون اسرهم وأبناءهم من سد حاجاتهم، والنّفقة على شؤونهم العامة، فإنهم
يسيئون إلى أبنائهم، ويقصرون بحقهم.. ويبقى على الأبناء في هذه الحالة أن
يتفاهموا مع آبائهم بالحسنى، ويشرحوا لهم المسألة باحترام.. وعندما تحدث
الحاجة إلى المال، ويصعب توفيره من دخل العائلة، لابد من البحث عن ساعات
عمل تغطي النقص في الصرف المالي.. إن البحث عن عمل موقف سليم يعبر عن ثقة
الشخص بنفسه، وقدرته على إدارة شؤونه الذاتية.. وفي كل الأحوال ليس من
الصحيح أن تتحول مشكلة العوز المالي إلى تأزم العلاقة بين الأبناء والآباء.
ومن المسائل الأساسية في نظام الاسرة مسألة تنظيم الوقت.. فكثير من الاسر لا تحسن استعمال الوقت، أو الاستفادة منه..
ويلاحظ
على بعض أفرادها الكسل والخمول.. فنجد مثلاً السهر الطويل والاستمرار في
النوم إلى ساعات متأخّرة في النّهار.. أو تضييع الوقت بالثرثرة، أو
الإسراف في مشاهدة التلفزيون.. فيتأثّر بذلك - مثلاً - وضع الأبناء
الدراسي، أو روح الجد والنشاط.. وتلك عادة غير حسنة، لابد من التغلّب
عليها..
إن وضع نظام ناجح في الاسرة يعتمد بشكل كبير على أساس
الاستفادة من الوقت، كالتعوّد على النوم المبكر، والنهوض المبكر..
واستثمار الوقت داخل الاسرة بالدراسة، أو الأعمال اليدوية، والفنية
النافعة، كالرسم والتخريم والحياكة والتطريز، أو التدريب على استعمال بعض
الأجهزة العلمية وغيرها..
وبالتعود على العمل والجد يربى الأبناء على تلك العادة الحسنة، ويكتسبوا صفة الجدّ والنّشاط والعمل.