تدخل، اليوم، جنوب إفريقيا التاريخ من بابه الواسع، مع إجراء قرعة نهائيات
كأس العالم التي تحتضنها بعد 188 يوم من الآن، رغم الشكوك التي تحوم حول
قدرة بلاد نيلسون مانديلا على ضمان النقل والإقامة لجماهير المنتخبات
المشاركة التي يصل عددها إلى 32 بلدا.
تشرع جنوب إفريقيا، من الآن، في
رحلة رفع التحدي من خلال عملية القرعة وتوزيع المنتخبات الـ32 على 8
مجموعات للتنافس على اللقب العالمي للمونديال المقرر من 11 جوان إلى 11
جويلية المقبلين، من خلال الآمال المعلقة على العرض الفني الذي يسبق عملية
القرعة، والذي تم إعداده منذ نحو عام تقريباً وسينقل إلى نحو 200 بلد،
وتشارك فيه المغنية البنينية أنجيليك كيدجو و''الزولو الأبيض'' جوني كليغ.
لكن مراسيم عملية القرعة لن تكون معيارا لمدى استعداد جنوب إفريقيا للعرس
العالمي، كما كان الحال خلال استضافتها لبطولة كأس القارات في جوان الماضي؛
حيث لم تشهد البطولة أية أحداث، لكنها لا تعدو كونها بطولة صغيرة لا ترقى
إلى قيمة وحجم نهائيات كأس العالم.
والأكيد أن جنوب إفريقيا التي تعتبر
القوة الاقتصادية الأولى في القارة السمراء، لن تجد أية صعوبة في تجهيز 10
ملاعب (5 جديدة و5 تم تجديدها) لاستضافة المباريات، لكن مهمتها الصعبة
تكمن في كيفية تمكين العالم من نسيان معاناتها من أعلى معدلات الجريمة في
العالم؛ حيث تشير الإحصائيات إلى حدوث ما يربو عن 50 جريمة قتل في اليوم
الواحد، بالإضافة إلى 250 ألف سرقة في العام، و500 ألف حالة اغتصاب كل عام.
وهي أرقام دائماً ما تقارن بأرقام أحد البلدان في حالة حرب. هذه الأرقام
تدفع الجميع إلى التخوف من وقوع اضطرابات خلال المنافسة، رغم وعود مؤسسات
الشرطة في هذا البلد بتشغيل 190 ألف شرطي منذ العام 2009، ورفع احتياطي
رجال الشرطة من 45 ألفا إلى 100 ألف خلال عام 2010، وخطة شاملة في مجال
الأمن بقيمة نحو مليون أورو. ليبقى التخوف الكبير هو الحوادث التي تحصل
خارج الملاعب والفنادق. ففي سبتمبر الماضي، تعرض راكبان لشبكة الحافلات
الجديدة في جوهانسبورغ، عنصر أساسي لنقل المشجعين في كأس العالم، إلى
الإصابة برصاص ''مافيا'' سيارات الأجرة الجماعية.
وتعتبر وسائل النقل
أيضاً مشكلة كبيرة بالنسبة لجنوب إفريقيا، مما يطرح السؤال التالي وهو: كيف
سيتم التنقل بين المدن التسعة المضيفة (ملعبان في جوهانسبورغ)، في بلد
تبلغ مساحته ثلاثة أضعاف ونصف مساحة ألمانيا، التي استضافت نهائيات كأس
العالم الأخيرة في العام .2006 فالطائرة التي ليست في متناول الجميع في
الأوقات العادية، يمكن أن ترتفع أسعار تذاكرها في كأس العالم. كما أن
المشجعين سيعانون من ارتفاع أسعار الفنادق.. فالعثور على غرفة بأقل من 100
دولار في الليلة الواحدة سيكون صعباً للغاية. جنوب إفريقيا استضافت أكثر من
5,9 ملايين سائح في العام 2008، لكنها تتوفر فقط على 200 ألف غرفة فندقية
وفقاً للمتحدث باسم اللجنة المحلية المنظمة ريتش مخوندو. أما في كأس
العالم، فيرتقب وصول 450 ألف زائر.
وبالعودة إلى كرة القدم، فإن مستوى
منتخب البلد المنظم يعتبر مصدر قلق آخر في البلاد، وسيكون المشوار الجيد
لأصحاب الأرض مفتاح النجاح للعرس الكروي العالمي وضمانة لامتلاء الملاعب
بالجماهير. بيد أن منتخب ''البافانا بافانا'' الخالية صفوفه من النجوم،
يعاني حالياً من أزمة النتائج المخيبة، وبلوغه الدور نصف النهائي لكأس
القارات لم يكن سوى خدعة. فمدربه البرازيلي جويل سانتانا أقيل منتصف أكتوبر
الماضي، بعدما حصد 8 هزائم في مبارياته التسع الأخيرة مع منتخب جنوب
إفريقيا. وكان خليفته مدربا برازيليا آخر هو كارلوس ألبرتو باريرا، الشهير
بقيادته منتخب البرازيل إلى إحراز لقب كأس العالم عام .1994 ومنذ تعيينه،
لم يتردد باريرا (66 عاماً) في إطلاق الخطابات الحربية ''كأس العالم هي
القتل، القتل، القتل''. وحدد الدور ربع النهائي هدفاً له مع منتخب جنوب
إفريقيا في كأس العالم. ويحبس الشعب الجنوب إفريقي أنفاسه قبل عملية سحب
القرعة اليوم الجمعة.