** محمد ناصر
*** شهيدة فلسطين .
.... أمي .... أمي ....
فلسطين والشهداء ينهضون :
رؤيا ساكنة , حزينة , فلسطين
_ ما بك ؟
_ ما بك أنت يا أمي ؟
_ يا لها من منارات شاهقة
_ أي منارات ؟
_ تلك التي أمامنا
_ أنا لا أرى سوى قبور
_ صغيرة أنت 1
توقفت الأم , تأملت الوجه الصغير والخدين المدورين , لكن الُبَِِنَّية
الصغيرة ابتسمت لأمها والتزمت الأم الصمت واقتربت من أبنتها , طوقتها بذراعيها وعلى صدرها الكبير , الحنون , عصرتها بقوة ...
ذرفت العينان دمعتين ساخنتين ... تركت البُنَيّّةُ الصدر الكبير , سحبت نفسها , حدقت في أمها ... مسحت الدمعتين الزاحفتين.
_ هل تذكرك المقبرة بعزيز فقدته؟
_ ليس عزيزا علىّْ قلبي , سوى الذين غنوا النشيد الحماسي ومضوا .
راحت الشمس تحجب : الضوء , وراح الليل يبسط العتمة ... ساكنة وحزينة فلسطين .
وكبرت
البُنَيّة ... صارت في ربيع العمر زهرة متفتحة , حلوة ... صارت تمر
بالمنارات كل يوم ... صارت تعرف الياسمين .. البرتقال ... الزعتر البلدي
... الزيتون ... .
كان غامضا ذاك النشيد الحماسي وغامضا لغز " المنارات
" .كان الوقت صباحا ... والبُنَيّة تحمل الكتب المدرسية , وكانت فلسطين
هذه المرة في عاصفة ... والهتافات تتعالى : تحيا فلسطين بلادي , سقطت
الكتب من يد البُنَيِّة ... ارتعش الجسد ... غلى الدم ... عرفت البُنَيّة
انه النشيد الحماسي ... راحت تحمل العلم الفلسطيني
وتغني :
تحيا
فلسطين بلادي ... بين الجموع وصخب الهتافات ... كان العلم الفلسطيني في
يدها اليمنى ... كان اللغز الغامض لا يزال يراودها ... وكان رصاص الغدر
يخترق ذراعها الأيمن ... شعرت بثقل ذراعها ... لكنها قامت ... حملت العلم
الفلسطيني بيدها اليسرى وراحت تغني النشيد الحماسي : تحيا فلسطين بلادي .
وعادت
رصاصة الغدر , تخترق الصدر , سقطت البُنَيّة على الأرض ... وراحت الدماء
تبحث عن اللغز الغامض ... أصروا على شفاة البُنَيّة ... اندهش الجميع ...
حينها قالت لهم ,قبل أن تغمض العينين وتدير الرأس جانباً .
_ قولوا
لأمي , عرفت سر صمتها ... عرفت لماذا طوقتني بذراعيها , وعاصرتني على
صدرها الكبير بقوة ...قولوا لها سر المنارات وقولوا أنت أم شهيدة فلسطين ,
وأنا شهيدة فلسسسسطين اليومية ...