استعرض الموضوع التالياذهب الى الأسفلاستعرض الموضوع السابق

اسباب تراجع و تخلف العالم الاسلامي Empty اسباب تراجع و تخلف العالم الاسلامي

بوك
بوك
عضو مطرود
عضو مطرود
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 9166 نقاط التميز : 10738 تقييم العضو : 181 التسجيل : 02/05/2010 الإقامة : *في المنتدى*
تمت المشاركة الأربعاء مايو 12, 2010 7:05 pm
أسباب تراجع و تخلف العالم الإسلامي

لا يخفى على ذي عقل أو بصر أو بصيرة ما آلت إليه حال المسلمين في الوقت الحاضر، من انحطاط لم تصل إليه أمة من الأمم، خاصة أن الأمة الإسلامية كانت تحكم العالم شرقه وغربه، وتصدر العلوم إلى كل أهل الأرض قاطبة، فصارت مطمع الطامعين، وقشة في مهب الرياح تذهب بها حيثما أرادت وتحل هي حيث حلت، ولكن...
هل وصل المسلمون إلى المكان الذي لا رجعة منه ولا تراجع فيه؟ وما الأسباب التي جعلت المسلمين يصلون إلى تلك الحال بداية؟ ثم بعد ذلك ما الحل وما العلاج؟
بداية لا بد من الاعتراف بعدد من الأمور:
- أن الكون يسير وفق ناموس وقوانين ثابتة لا تحابي أحدا، وإن كان القرآن الذي وضع معالم تلك القوانين وهذه النواميس قد نزل على المسلمين.
- أن المسلمين الآن ليسوا في مرحلة تدبير المؤامرات، إنما هم الآن في حرب ضروس لا ترحم من يهزم فيها.
- أن الأعداء كثر ومتعددو التوجهات والمشارب.
- أن نؤمن أن ما وصلنا إليه الآن أساسه الفرقة والتشرذم.
- أن ما وصلت إليه الأمة له حلول.
أسباب تراجع الأمة
وإذا اتفقنا على هذه النقاط أو تلك الأمور، نرى بعد ذلك الأسباب التي أدت بالأمة إلى تلك الحال، وما أوصلتها إلى هذه المرحلة من الذلة والمهانة:
أولا: من المعلوم أن أي أمة أقامت حضارة، أو شيدت مجدًا فلا بد أن عندها أسسا ومبادئ كانت هي السبب في إقامة هذا الحضارة وتشييد هذا المجد، وهذه الأسس وتلك المبادئ هي بمثابة القواعد التي يرتفع عليها البناء، فإذا اختلت هذه القواعد فماذا نتوقع لهذا البناء سوى الانهيار، وهو ما تم مع الأمة الإسلامية تماما، فقد تخلت الأمة عن دستورها ومنهجها التي صارت عليه في بادئ الأمر، وهو شرع الله عز وجل، بما يتبع ذلك من تخلف في كل المجالات التي كان القرآن يأمرنا بها أو يحضنا عليها، من طلب للعلم ومن تواصلنا مع ربنا ومن طاعة قائدنا ومؤسس دولتنا.
ومن مظاهر ذلك وكما يقول الشيخ عيد محمد شبايك في خطبته بمسجد الأشراف - القاهرة - مصر، الفهم الخاطئ لهذا المنهج والدستور، ومن الفهم الخاطئ والذي ساد عند كثير من المسلمين في هذا العصر، فهم أمر الله لنا بالتوكل عليه، ففهمه كثير من الناس على أنه لا داعي للعمل ما دام الله قد وعد بالرزق والنصر، وما دمنا نحن نتوكل على الله في هذين، فمما ساد بين الناس أن الله قادر على أن يأخذ عدونا، وعلى هذا الأساس يرون أننا لا نملك من أمرنا شيئا، وأن الله لن يترك دينه، وغير ذلك من العبارات والأقاويل.
ثانيًا: مما لا جدال فيه ولا مراء، أن كل مؤسس لنظام ناجح هو أولى بالاتباع من أتباع هذا النظام، فطالما أن النظام أثبت نجاحه بل وتفوقه على كل ما سبقه من نظم، فذلك أكبر داع لاتباع صاحب هذا النظام، ومؤسسه والمخطط له، وهو رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولذا فقد كان في التخلي عن طريقه ومنهجه، تخل عن النجاح والازدهار الذي حققه هذا النظام، ومن مظاهر ذلك ما يقع فيه المسلمون الآن من التخلي الظاهر عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعمل بما تميليه الأهواء، فنجد، وكما يقول فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي في خطبته للجمعة بمسجد عمر بن الخطاب بالدوحة، نجد من يفتي بحرمة دخول الانتخابات في ظل الاحتلال وينسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفاوض غطفان وغيرها من القبائل ويرسل إليهم الرسل، ويعمل بالخديعة كما حدث مع نعيم بن مسعود، وغير ذلك الكثير وكل ذلك وهو يجاهد المشركين لفك حصارهم عنه.
ثالثا: النقطتان السابقتان، لا بد أن يتبعهما نقطة ثالثة، وهي أن يعمل الأعداء على النيل من هذه الأمة أو تلك الحضارة التي تخلت عن أسسها وإبعادها عن هذا النهج الذي هو السبب في تفوقهم عليهم بأكبر قدر ممكن وبأقصى ما يملكون من إمكانات، وهو ما يظهر للجميع فيما أطلقوا عليه الحرب الباردة ضد المسلمين.
رابعا: طالما أن العدو قد تمكن من الأمة وتأكد من ضعفها ووهنها فلا بد ومن الطبيعي أن يعمل على أن يزيلها وأهلها من طريقه كلية، وهو ما يتم الآن مع المسلمين في كل مكان، وها نحن نرى ما يقع للمسلمين في كل مكان.
يتساءل توبي هاف قائلاً "لماذا أخفق العلم العربي في أن ينجب العلم الحديث ؟و لماذا انهار و تراجع الفكر العلمي و العمل في الحضارة العربية الإسلامية بعد القرن الثالث عشر ؟مع أن العلم العربي كان منذ القرن الثامن حتى نهاية القرن الرابع عشر أكثر العلوم تقدماً في العالم، و قد تجاوز بكثير ما كان في الغرب و في الصين ،و في كل ميدان للبحث في الفلك و الكيمياء و الرياضيات و الطب و البصريات "(17)ثم يضيف "إذا كان العلم العربي كان له التفوق التقني و العلمي على مدى أكثر من خمسة قرون فلماذا لم ينجب العلم الحديث؟"(18) .
إن هاف يعتبر أن العلوم التي أطلق عليها الغربيون تسمية العلوم الطبيعية كان المسلمون يسمونها (علوم الأوائل ) و ذلك في مقابل أو موازاة العلوم الإسلامية المتعلقة بدراسة القرآن و الحديث و الفقه و الكلام و الشعر و اللغة العربية، و بدافع من حب الاستطلاع و لدوافع دينية بلغ العلم العربي و الإسلامي من القرن الثامن إلى القرن الرابع عشر أعلى مستوى له من التقدم العلمي و لم يكن ذلك بغاية خدمة العلوم الطبيعية ( علوم الأوائل ) بذاتها بقدر ما كان عائداً إلى الحاجة إلى تطوير العلوم الإسلامية نفسها ،فمن أجل تقسيم المواريث اعتُبر الحساب موضوعاً مهماً للدراسة و من أجل تأدية الشعائر كانت الحاجة لتحديد المواقيت و من ثم إلى استخدام الهندسة و إلى ابتكار حساب المثلثات و ذلك بغية اكتساب عمليات حسابية تحدد الاتجاه إلى مكة حيث هي تمثل قبلة المصلين .
و إذا أخذنا بتتبع الأسباب التفصيلية التي تدرس أسباب إخفاق العالم العربي في أن ينجب العلم الحديث رغم أنه كان المرشح المؤهل لذلك و هذه الأسباب هي كما ذكرها هاف ،التي تعد دراسته الأولى من نوعها لجهة إنصافها لدور الحضارة العربية الإسلامية أولاً، و التمحيص في الأسباب العقائدية و السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية التي أدت إلى تدهور الحضارة الإسلامية ثانياً، و ثالثاً و أخيراً دراستها المقارنة و المثيرة بين الحضارة الإسلامية و الحضارتين الغربية و الصينية، و هي المقارنة التي من شأنها أن تثير الكثير من التساؤلات و تضيء بنفس الوقت العديد من الجوانب التي غالباً ما يغفل عنها الباحثون المسلمون بحكم أنهم ينظرون إلى حضارتهم برؤية ذاتية تحمل الكثير من التجميل و أحياناً بعض الادعاء و المبالغة . يعيد هاف هذه العوامل إلى أسباب عرقية و سيطرة السنية الأرثوذكسية الدينية و الطغيان السياسي إضافة إلى وسائل متصلة بالبواعث النفسية و العوامل الاقتصادية فضلاً عن إخفاق فلاسفة الطبيعة العرب في أن يطوروا و يستخدموا المنهج التجريبي (19).
هذه العوامل الأساسية انبثقت عنها عوامل فرعية هي ناتجة عنها بالضرورة،فالطغيان السياسي و سيطرة السنية الدينية أفرز تعصباً دينياً و بخاصة تجاه العلوم الطبيعية، مما أدى إلى نشوء ما يسمى بالعلوم السريّة بدلاً من دراسة العلوم اليونانية و العقلية بشكلٍ حر و منفتح تماماً،و هو ما نلحظه عند ملاحظة مدى صعود علوم التصوف و الحركات السرية في القرنيين الثاني و الثالث عشر، بحيث سيطرت عقلية أشبه بالسرية على عقول الكثير من المثقفين و العلماء العرب المسلمين سواء اعتقاداً إيمانياً بالخلاص عبر التصوف، أو ممارسةً للتقية و خوفاً من الحاكم الجائر الذي انحاز لمذهب معين سعى لفرضه بالسيف و البطش .

و لندخل في أمثلةٍ تفصيلية أكثر دقة لنحاول الإجابة عن سؤال إخفاق العلم العربي بشكلٍ أكثر جلاءً و تعمقاً، فمؤرخوا علم الفلك الغربي على سبيل المثال من أمثال كيندي و جولد شتين و عبد الحميد صبره و غيرهم يتساءلون جميعهم بحيرة بعد اطلاعهم على التقدم الذي أحرزه علم الفلك العربي في القرون الثاني عشر و الثالث عشر و الرابع عشر مقارنة مع نماذج العلم الحديث التي انبثقت من تجديدات جهود العلماء المحدثين من مثل كوبر نيكوس و جاليلو و كبلر، فلماذا لم يستطع ابن الشاطر مثلاً أو خلفاؤه و هم كثيرون أن يقوموا بالوثبة الكبيرة نحو نظام مركزية الشمس، و هي الوثبة التي فتحت الباب الميتافيزيقي للثورة العلمية الأوروبية في القرنيين السادس عشر و السابع عشر و بدلاً من ذلك جمد العلم العربي و بدأ في التدهور .
إن ذلك يدعو للحيرة بشكل كبير فلماذا لم يتابع العرب السير إلى الخطوة الأخيرة حتى الثورة العلمية الحديثة التي كانوا أقرب إليها مما كنا نتصور ،إذ أنها لم تكن تتطلب أكثر من نماذج رياضية، فنماذج الأجرام لابن الشاطر و كذلك تلك لدى كوبرنيكوس متماثلة تماماً مع اختلافات ضئيلة في بعض مقاييسها ،بيد أن الانتقال الميتافيزيقي كان من شأنه أن يحدث انشقاقاً فكرياً مع النظرة الإسلامية التقليدية إلى الكون كما كان يفهمه العلماء المسلمون، أما التحول الكوبرنيكي فإنه قد خلع ثلاث حركات إلى الأرض جاعلاً الشمس في المركز و قد أحدثت هذه النقلة الفكرية قدراً كبيراً من الصدام مع الدوائر الدينية و الفكرية في الغرب لكنها حققت تحولاً جذرياً في رؤيتنا إلى العالم ميتافيزيقياً وفكرياً و علمياً. لكن العلماء العرب توقفوا تماماً عند حافة واحدةٍ من أكبر الثورات العلمية في التاريخ ثم انحدروا باتجاه العودة إلى الدراسات الكلاسيكية في الفلك التي تدور حول التقاويم القمرية.
إن المعرفة العلمية الحديثة هي معرفة كونية و إنسانية بلا شك، فهي ليست موروثة لمجتمع قومي أو جماعة عرقية أو أمة معينة إنها معرفة ذات سمة عالمية و تستطيع الحضارات جميعها أن تسهم في اكتشافها و ابتكارها حسب جهودها العلمية و العوامل الأخرى المحيطة التي من شأنها أن تساعد في إظهار هذه المعرفة و إبرازها فكما قال هاف بحق فإن الاكتشاف الرياضي اتخذ سمة العالمية بغض النظر عن الجذور الثقافية للمكتشف و هذا الاكتشاف خلق قنوات اتصال و أهَّب لولادة ابتكارات أضاءت جميعها الطريق لكل الشعوب(20) .
فالعلم العربي أسهم بقدرٍ كبير في المعرفة العلمية و المنهجية و الرياضية إلى ما يمكن تسميته العلم العالمي الحديث فإذا عدنا الآن لمناقشة الأسباب التي حللها هاف و رأى أنها مثلت تعليلاً لإخفاق العلم العربي عن الدخول في الحداثة، فإننا نجده يعتبر أن عدم حيازة العلم كمؤسسة على استقلاله في الحضارة العربية الإسلامية كان أول العوائق ،ذلك أنه تم تمثيل العلوم اليونانية وفقاً لمقتضيات الثقافة الإسلامية ،حيث افترض العلماء المسلمون أن الحقيقية العلمية يجب أن تكون في نسقٍ متسق و منسجم و متناغم مع الدين، و أن يكون له أيضاً دوره ووضعه الجوهري في هذا النسق (21)، فالمعرفة العلمية لم تحظ باستقلال عن المعرفة الدينية، بل إن الأولى كانت مضطرة إلى أن" تتأسلم" حتى تكون قادرة على الذيوع و الانتشار، لقد كانت بحاجة إلى شرعية دينية دائمة تبرز جدواها أو التفرغ لها،خاصة بعد أن احتكرت العلوم الفقهية و العقائدية و علوم الحديث و الأصول الاهتمام الأكبر للمشتغلين بالبحث و التفكير بوصفها أفضل العلوم .
و كما أن الاستقلال العلمي كمؤسسة لها اعتبارها كان متعذراً في الحضارة العربية الإسلامية بالرغم من الاهتمام به و الحثِّ عليه إلا أن ذلك لم يكن يقع سوى تحت عبء جهود فردية و إبداعات شخصية أغراها حب الاطلاع أكثر من رغبتها في تأسيس معرفة علمية لها قواعدها و أسسها العلمية التراكمية .
و الأمر نفسه أيضاً ينطبق على مفهوم القانون كونه يحتاج إلى مؤسساتٍ قضائية ذات استقلالية تامة حتى يستطيع أن يمارس دوره و فاعليته و يكون له دورٌ في تعزيز المفهوم القانوني لدى المجتمع، فعلى الرغم من وجود مآثر و مفاخر قضائية تتعلق بعددٍ من القضاة النزيهين الذين كان لهم قرارهم المبدئي بالرغم من موقف الحاكم أو الخليفة،إلا أن ذلك للأسف لم يتطور إلى مؤسسة لها استقلاليتها التامة عن السلطة التنفيذية، إذ بقي تعيين القضاة محصوراً من قبل الخلفاء أو السلاطين،و لذلك غالباً ما شعر الحكام السياسيون بأنهم قادرون على أن يقرروا لأنفسهم ما ينبغي عليه القانون في أنظمتهم على حد تعبير هاف، و لذلك لم تطور الشريعة الإسلامية الإجراءات أو النصوص اللازمة التي بمقتضاها يمكن للأمير أو من يمثل السلطة التنفيذية أن يُحاسب على أفعال خارجة عن القانون قد ارتكبها، ففي التاريخ الإسلامي كان الجهاز القضائي يتكون من علماء يمارسون وظائفهم بموجب تفويض من السلطة التنفيذية و من ثم فإنهم يعتمدون عليها(22) و حسب هارولد بريمان فإن فصل القضاء الكنسي عن القضاء العلماني للأباطرة و الملوك كان شرطاً ضرورياً لتطوير الفكرة الأوروبية الحديثة عن الاستقلال و هذا ما مكن العلم من التطور كمهمة لها استقلالها، و لكن لما كان الإسلام لم يعرف الكيانات و الجماعات التعاونية فإن ذلك حال دون تطور الأدوار لجماعات مستقلة مهنية توفر لها الامتيازات القانونية و تقيم معايير جامعية متعلقة بالعلم كالموضوعية و الإنصاف و عدم التحيز دون اعتبارات سياسية أو دينية أو شخصية (23)،و هو ما تطور في العالم الغربي إلى نقابات و مؤسسات مهنية مستقلة في حين لم تأخذ مثل هذه المهن شخصيتها القانونية المستقلة .
و يضيف هاف أمراً آخر يتعلق بالتعليم في الحضارة العربية الإسلامية أو ما يسميه سلوكيات الحياة الثقافية في الإسلام من حيث طبيعة العلاقة بين المعلمين و التلاميذ، ذلك أن الفلاسفة المسلمين كالفارابي و ابن سينا و ابن رشد و ابن طفيل جميعهم كانوا يرون أن العامة غير قادرة على استيعاب الحقائق العليا للفلسفة و هو ما تحدث عنه الغزالي في أحد كتبه ( لجم العوام عن التحدث في علم الكلام ) إذ تحدث عن ما يسميه ( المعنى الباطن للشريعة ) و هو ما يتناقض تماماً مع ضرورة تعميم المفهوم العلمي و يحرّم المناقشة العلمية و لا يساعد على بث الروح العلمية في المجتمع فضلاً عن قيم العالمية و الشمولية(24)، فإنجاز الثورة العلمية يقتضي حتماً تحطيم العلاقات و الصلات الترابطية بين أفراد المجتمع العلمي طالما أنهم يسعون جميعاً إلى اكتشاف الحقيقة و يدأبون في البحث عنها .
يبقى في النهاية ما يُسمى التصور العام للعلوم في الإسلام من حيث كونها علوماً إلهية و لذلك فمثل هذا التصور يرفض العلوم العقلية كما يسميها إذا لم تكن متكيفة أو متوافقة مع العلوم النقلية مما يجعل روح الإبداع في الفلسفة أو غيرها من العلوم محدوداً خوف التمرد أو الخروج عن التصور الديني لنظام العالم الطبيعي كما كان سائداً في تلك الفترة و تتحول العلوم عندها إلى محاولة توفيقية بين علوم العقل و النقل، خوف الوقوع في إحراج فقهي أو لاهوتي من شأنه أن يجر على صاحبه الكثير من المشاكل و الصعوبات و لذلك بقيت حرية التفكير محدودة نوعاً ما في تصور عام وضعه علماء الدين أو اللاهوت ، وبغياب مؤسسات قانونية ومهنية تدعم التصورات المنشقة أو المخالفة لن يكون لمثل هذه الآراء أو الأفكار حظ أو نصيب من الولادة فما بالك بانتشارها وذيوعها وهو مبدأ أساس في عملية تراكم المعرفة من أجل إنتاج العلم .
ثم جاء باب إغلاق باب الاجتهاد ليضع حداً نهائياً أمام استحداث مبادئ قانونية أو تصورات جديدة يمكن أن تضاف إلى الشريعة الإسلامية ، وإذا كان إغلاق باب الاجتهاد لا يعدو سوى أن يكون فتوى من قبيل الفتاوى المتعددة التي صدرت في عصور الانحطاط إلا أن أثره القانوني والعلمي كان كارثياً لجهة الإدعاء الشائع بافتراض الكمال والثبات في الشريعة وما على الأجيال اللاحقة إلا التقليد لما كان قد أنجز وصك سابقاً .لقد جمدت المدونة الفقهية والقانونية وتكلست مجموعة التصورات والأحكام ، وهو ما نلحظه واضحاً لدى تتبع الأحكام السياسية والدستورية مثلاً مقارنة مع ضخامة التشريعات وأحكام المعاملات، إننا نجد ضموراً في الفقه السياسي وتضخماً مفرطاً في فقه العبادات .
وأمام هذه المداخل التفسيرية المتعددة التي قدمها هاف والتي هي بلا شك تحمل الكثير من الصحة والصدقية يمكننا أن نفهم معنى الانحطاط الذي طرأ على الحضارة العربية الإسلامية في قرونها المتأخرة ، إنها تمثل إجابة معرفية عن إخفاق العلم العربي عن ابتكار حداثته ،لكنها بنفس الوقت تحمل إجابة شاملة عن تخلف أوجه النشاط في الحضارة العربية الإسلامية في المجالات المختلفة، ذلك أن الطاقة المحركة العلمية قد فقدت فاعليتها ولذلك امتنعت السياسة والاقتصاد والثقافة عن الإبداع الخلاق ورضيت بذاتها التي اهتلكها الزمن رويداً رويداً في حين كانت هذه الطاقة تشتغل بأقصى سرعتها في مكان آخر من العالم، مما جعل الآخر الأوروبي يعيد تجديد ذاته في السياسة والاقتصاد والاجتماع وأصبح مفهوم الانحطاط لديه ماضياً في حين أصبح حاضراً وواقعاً لدينا، فهل التجربة التاريخية ستُتيح لنا الاستفادة من أخطاءنا وخبرات غيرنا أم أننا سنبقى ندور مجدداً في فلك الترداد والاستنساخ .

حلول عملية
إن مما تميز به المسلمون عن غيرهم من الأمم، وكما يقول الشيح الشيخ صالح آل طالب فيه خطبته بالحرم المكي، أن الله زود الأمة بدين عصي على الفناء، وله قدرة على بعث الروح الهامدة وتجديد الأفهام البالية، وليس عليها إلا العمل مع اليقين التام أن نصر الله لهم آت لا محالة، ولكن نصر الله مشروط بأنه لا يعطى إلا لمن ينصره {إِن تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، ونصر الله يتمثل في:
- أن ننفذ ما أمرنا الله به، وأن نسير على نهجه وطريقه، وربنا يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، ولذا فلا بد أن يكون الانطلاق للعالمية من الناحية الأخلاقية، فقائدنا يقول: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، حتى ننقي أنفسنا مما بثه الأعداء فينا في فترة الحروب الباردة.
- أن يجتمع على السعي نحو الانتصار الحكام والمحكومون، بأن يلتفوا جميعا حول كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فبذلك يمكن أن ينشأ تضامن إسلامي ناجح، به ينتصر المسلمون.
- أن نرتقي إلى مستوى الشمول الذي جاء به القرآن الكريم وأرشدنا إليه، فلا بد من تطوير الحالة السياسية كما نسعى لتطوير الحالة الاقتصادية ومثلهما تماما الحالة العلمية والتكنولوجية، وغيرها من الجوانب التي نستطيع بتكاملها أن ينشأ مجتمع مسلم كامل الأركان.
- ألا نيئس من روح الله؛ لأنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون.
- أن نصبر على ذلك ولا نتعجل النصر، واليقين في {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.
التوقــيـــــــــــــــــــــع


اسباب تراجع و تخلف العالم الاسلامي Image

اسباب تراجع و تخلف العالم الاسلامي 4869-14

اسباب تراجع و تخلف العالم الاسلامي Empty رد: اسباب تراجع و تخلف العالم الاسلامي

مقنين الصحراء
مقنين الصحراء
عضو مشارك
عضو مشارك
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 350 نقاط التميز : 404 تقييم العضو : 4 التسجيل : 20/11/2009 الإقامة : في قلب ......
http://google.com
تمت المشاركة الأربعاء مايو 12, 2010 8:07 pm
اسباب تخلف العالم الاسلامي ضعف الايمان وعدم التمسك بالله وطاعته والجري وراء ملدات الدنيا مما جعلنا نعصي الله في امور صلاحنا ونرضي الغرب في اعمالنا..........................؟؟

بكل صراحة عدم التمسك بالله والدين الاسلامي وكدلك اتباع المصلحة الشخصية لا الاسلامية.
التوقــيـــــــــــــــــــــع


يارب وفقني الى كل مافيه خير وصلاح يارب العالمين
يارب مقنين الصحراء يجيب الباكالوريا هو
وكل من قرأ هدا التوقيع يارب
العالمين

اسباب تراجع و تخلف العالم الاسلامي Empty رد: اسباب تراجع و تخلف العالم الاسلامي

بوك
بوك
عضو مطرود
عضو مطرود
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 9166 نقاط التميز : 10738 تقييم العضو : 181 التسجيل : 02/05/2010 الإقامة : *في المنتدى*
تمت المشاركة الأربعاء مايو 12, 2010 8:25 pm
مشكور و بارك الله فيك
أن يجتمع على السعي نحو الانتصار الحكام والمحكومون، بأن يلتفوا جميعا حول كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فبذلك يمكن أن ينشأ تضامن إسلامي ناجح، به ينتصر المسلمون.
- أن نرتقي إلى مستوى الشمول الذي جاء به القرآن الكريم وأرشدنا إليه، فلا بد من تطوير الحالة السياسية كما نسعى لتطوير الحالة الاقتصادية ومثلهما تماما الحالة العلمية والتكنولوجية، وغيرها من الجوانب التي نستطيع بتكاملها أن ينشأ مجتمع مسلم كامل الأركان.
التوقــيـــــــــــــــــــــع


اسباب تراجع و تخلف العالم الاسلامي Image

اسباب تراجع و تخلف العالم الاسلامي 4869-14
استعرض الموضوع التاليالرجوع الى أعلى الصفحةاستعرض الموضوع السابق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى