شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث
فهذه المنظومة البيقونية التي تبين مصطلحات علم الحديث، ألفها طه بن محمد البيقوني، وقيل اسمه عمر بن محمد الدمشقي الشافعي المتوفى سنة(1080) هـ ، و قد قام بشرحها شرحِ العلامة سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْحُمَيْد حفظه الله تعالى
أبدأُ بالحمدِ مُصَــــــــــــل ياً علــــى مُحمَّدٍ خَيِر نبـــــــــيْ أُرسِـــــــلا
وذِي مِنَ أقسَامِ الحديث عـــــــــدَّة وكُلُّ واحدٍ أتــــــــــى وحـــــــدَّه
أوَّلُها (الصحيحُ) وهوَ ما اتَّصَــــلْ إسنادُهُ ولْم يُشَذّ أو يُعـــــــــــــلّ
يَرْويهِ عَدْلٌ ضَابِطٌ عَنْ مِثْلِـــــــــهِ مُعْتَمَدٌ في ضَبْطِهِ ونَقْلِـــــــــــــهِ
وَ(الَحسَنُ) الَمعْرُوفُ طُرْقاً وغَدَتْ رِجَالُهُ لا كالصّحيحِ اشْتـــــــَهَرَتْ
وكُلُّ ما عَنْ رُتبةِ الُحسْنِ قَصـــــْر فَهْوَ (الضعيفُ) وهوَ أقْسَاماً كُثُرْ
وما أُضيفَ للنبي (الَمرْفــــــوعُ) وما لتَابِعٍ هُــــــوَ (المقْـــــــطوعُ)
وَ(الُمسْنَدُ) الُمتَّصِلُ الإسنادِ مِــنْ رَاويهِ حتَّى الُمصــــْطفى ولْم يَبِنْ
ومَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يَتَّصـــــــــــِلْ إسْنَادُهُ للمُصْطَــــــفى فَـ(الُمتَّصِلْ)
(مُسَلْسَلٌ) قُلْ مَا عَلَى وَصْفٍ أتَى مِثْلُ أمَا والله أنْبأنِـــــــي الفَتــــى
كذَاكَ قَدْ حَدَّثَنِيـــــــــــهِ قائِمـــــــاً أوْ بَعْدَ أنْ حَدَّثَنِــــــــــي تَبَسَّمـــــَا
(عَزيزٌ) مَروِيُّ اثنَيِن أوْ ثَلاثــــهْ (مَشْهورٌ) مَرْوِيُّ فَــوْقَ ما ثَلاثَهْ
(مَعَنْعَنٌ) كَعَن سَعيدٍ عَنْ كَـــــرَمْ (وَمُبهَمٌ) مَا فيهِ رَاوٍ لْــــــم يُسَمْ
وكُلُّ مَا قَلَّت رِجَالُهُ (عَـــــــــــلا) وضِدُّهُ ذَاكَ الذِي قَـــــــــدْ (نَزَلا)
ومَا أضَفْتَهُ إلى الأصْحَــــابِ مِنْ قَوْلٍ وفعْلٍ فهْوَ (مَوْقُوفٌ) زُكِــنْ
(وَمُرْسلٌ) مِنهُ الصَّحَابُّي سَقَـــطْ وقُلْ (غَريبٌ) ما رَوَى رَاوٍ فَقَطْ
وكلُّ مَا لْم يَتَّصِلْ بِحَـــــــــــــــالِ إسْنَادُهُ (مُنْقَطِعُ) الأوْصَـــــــــــالِ
(والُمعْضَلُ) السَّاقِطُ مِنْـــهُ اثْنَانِ ومَا أتى (مُدَلَّساً) نَوعَـــــــــــــانِ
الأوَّل الإسْقاطُ للشَّيــــــــخِ وأنْ يَنْقُلَ مَّمنْ فَوْقَهُ بـــــــــــعَنْ وأنْ
والثَّانِ لا يُسْقِطُهُ لكــــــنْ يَصِفْ أوْصَافَهُ بما بهِ لا يَنْعَـــــــــــرِفْ
ومَا يَخالِفُ ثِقةٌ فيـــــــــــهِ الَملا فـ(الشَّاذُّ) و(الَمقْلوبُ) قِسْمَـانِ تَلا
إبْدَالُ راوٍ ما بِرَاوٍ قِــــــــــــــسْمُ وقَلْبُ إسْنَادٍ لمتــــــــــنٍ قِسْــــــمُ
وَ(الفَرَدُ) ما قَيَّدْتَهُ بثِقَــــــــــــــةِ أوْ جْمعٍ أوْ قَصِر على روايـــــــةِ
ومَا بعِلَّةٍ غُمُوضٍ أوْ خَــــــــــــفَا (مُعَلَّلٌ) عِنْدَهُمُ قَــــــــدْ عُــــــــرِفَا
وذُو اخْتِلافِ سنَدٍ أو مَـــــــــــتْنِ (مُضْطربٌ) عِنْدَ أهْلِ الفَـــــــــــــنِّ
وَ(الُمدْرَجاتُ) في الحديثِ ما أتَتْ مِنْ بَعْضِ ألفاظِ الرُّوَاةِ اتَّصَلَـــــتْ
ومَا رَوى كلُّ قَرِينٍ عــــــــنْ أخهْ (مُدَبَّجٌ) فَاعْرِفْهُ حَقًّا وانْتَخِــــــــــهْ
مُتَّفِقٌ لَفْظاً وخطــــــــــاً (مُـــتَّفقْ) وضِدُّهُ فيما ذَكَرْنَا (الُمفْتِــــــــرقْ)
(مُؤْتَلِفٌ) مُتَّفِقُ الخطِّ فَقَـــــــــــطْ وضِدُّهُ (مُختَلِفٌ) فَاخْشَ الغَلَـــــطْ
(والُمنْكَرُ) الفَردُ بهِ رَاوٍ غَــــــــدَا تَعْدِيلُهُ لا يْحمِلُ التَّفَـــــــــــــــرُّدَا
(مَتُروكُهُ) مَا وَاحِدٌ بهِ انفَـــــــــردْ وأجَمعُوا لضَعْفِه فَهُوَ كَـــــــــــرَدّ
والكذِبُ الُمخْتَلَقُ المصنُــــــــــــوعُ علَى النَّبيِّ فذَلِكَ (الموْضُــــــوعُ)
وقَدْ أتَتْ كالَجوْهَرِ المــــــــكْنُـــونِ سَمَّيْتُهَا: مَنْظُومَةَ البَيْقُــــــــوني
فَوْقَ الثَّلاثيـَــــن بأرْبَــــــعٍ أتَــــــتْ أقْسامُهَا ثمَّ بخيٍر خُتِمَــــــــــــــتْ
الشرح :
بسم الله الرحمن الرحيم
ابتدأ بالبسملة اقتداء بكتاب الله ، و يُروى في ذلك حديث : " كـل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر " ، و لكن الراجح أنه ضعيف من مراسيل الزهري .
و يغني في الاستدلال على مشروعية البداءة بالبسملة إرشاده عليه الصلاة و السلام لعلي بن أبي طالب بكتابة " بسم الله الرحمن الرحيم " حتى اعترض من اعترض من المشركين .
1- أبدأ بالحمد مصليا على ****** محمـد خير نبي أرسلا
قوله : " خير نبي أرسلا " ، لقوله صلى الله عليه و سلم : " أنا سيد ولد آدم ، و لا فخر " ، و يعارضه حديث : " لا تفضلوني على يونس بن متى " ، و لا معارضة ، لأن النهي عن تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على يونس بن متى هو أن يونس عليه الصلاة و السلام ورد في حقه شيء من العتاب ، فإذا فضل النبي صلى الله عليه و سلم على يونس بن متى بخصوصه ، قد يوهم شيئا من الازدراء لهذا النبي الكريم ، و إلا فالنبي صلى الله عليه و سلم خير الأنبياء و لا منازع في هذا .
و قوله : " نبي أرسلا " ، و لم يقل : " رسول أرسلا " ، لأجل أن يصف الرسول صلى الله عليه و سلم بالوصفين ، بالنبوة و الرسالة ، و فرق بعض أهل العلم بين الرسول و النبي ، و اختلفوا في ذلك
2- و ذي من اقسام الحديث عده ***** و كل واحد أتى و حده
" و ذي " أي : هذه ، و هذا إشارة إما إلى أنواع علوم الحديث التي يريد التحدث عنها ، و إما إلى منظومته هذه التي تضمنت بعض أنواع علوم الحديث .
" من اقسام الحديث عده " ، أي عدد من أنواع علوم الحديث ، و ذكر اثنين و ثلاثين ( 32 ) نوعا من أنواع علوم الحديث ، و العلماء اجتهدوا في تقسيم علوم الحديث ، فبعضهم جعلها تسعة وأربعين ( 49 ) نوعا ، و بعضهم زاد ، و أشهر من عُرف بهذا التقسيم ابن الصلاح فجعل مقدمته تحتوي على أربعة و ستين ( 64 ) نوعا ، و تبعه العلماء على ذلك ، كالحافظ العراقي في الألفية ، و كذلك الحافظ السخاوي في شرحه على الألفية و سمى كتابه (فتح المغيث)
" و كل واحد " من هذه الأنواع .
" أتى و حده " أي : جاء مع تعريفه .
3 - أولها الصحيح و هو ما اتصل ***** إسناده و لم يشذ أو يعل
4 - يرويـه عدل ضابط عن مثله ***** معتمد في ضبطه و نقله
" أولها " أي : أول هذه الأنواع .
قال : " و هـو ما اتصل إسناده و لـم يشذ أو يعل ، يرويه عدل ضابط عن مثله معتمد في ضبطه و نقله " .
نخلص من كلامه هذا إلى تعريف الحديث الصحيح ، فنقول : " ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه ، من غير شذوذ و لا علة " ، هذه خمسة شروط اشترطها العلماء للحديث الصحيح .
1 – اتصال السند : هو أن يكون كل راو من الرواة ، أخذ هذا الحديث عن شيخه ، أما إذا ساورنا الشك في كونه أخذه عن شيخه أو لا ، فالحيطة مطلوبة في هذه الـحال ، لأن أحاديث رسـول الله صلى الله عليه و سلم مبناها على الحيطة ، فلا يُقبل الحديث إلا إذا تيقنا أنَّ الراوي قد أخذ هذا الحديث عن شيخه ، أو على الأقل حصول غلبة الظن بذلك .
و يعرف علماء الحديث اتصال السند ، إما بتصريح الراوي بسماع هذا الحديث من شيخه ، كأن يقول : سمعت فلانا يقول كذا ، أو ما ينوب مناب " سمعت " كأخبرني ، أو حدثني ، أو رأيت ، أو غيرها من الصيغ التي تدل على أنه أخذ الحديث مباشرة عن الشيخ .
أما الصيغ التي لا تدل صراحة على الأخذ مباشرة ، كـ : " قال " و " عن " ، فإنها تحتمل أن تكون بواسطة ، فهذه الصيغ ، ينظر أهل الحديث فيها إلى حال من أطلق هذه الصيغة ، هل هو من المدلسين أو لا ، فالمدلس لا يُقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بأخذ الحديث عن شيخه مباشرة ، و إن لم يكن مدلسا فإنه يُقبل حديثه .
2 – أن يكون الراوي عدلا : و العدل : من عنده ملكة تحمله على ملازمة التقوى و البعد عن الفسق و خوارم المروءة .
و جعل أهل العلم للعدالة شروطا ، و هي : أن يكون مسلما ، عاقلا ، بالغا ، سالما مـن الفسق ، و من خوارم المروءة ، و الشرط الأخير ، المراد به : أن لا يخالف المرءُ عُرفَ بلده .
3 – أن يكون الراوي ضابطا : و الضابط : هو الذي يغلبُ صوابُه خطأَه ، و ليس المقصود أنه الذي لا يُخطئ .
و الضبط ينقسم إلى قسمين : ضبط صدر ، و ضبط كتاب .
أ – ضبط الصدر : [ أن يستحضر الراوي مرويه متى شاء في أي مكان شاء ، كما تلقاه عن شيخه ] ز .
ب – ضبط الكتاب : أن يكون الراوي يكتب الأحـاديث التي تلقـاها عن الشيوخ ، و يجعلها في كتاب ، و يصون كتابه ذلك .
و أهل الحديث يفضلون ضبط الكتاب على ضبط الصدر .
4 – انتفاء الشذوذ :
الشذوذ : هو ما يرويه الثقة مخالفا من هو أوثق منه أو أكثر عددا ، أو هو : ما يرويه المقبول مخالفا من هو أولى منه أو أكثر عددا .
5 – انتفاء العلة :
العلة : سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث .
و يعرفون الحديث المعلول بأنه : الذي اطُّلِع فيه بعد التفتيش على علة قادحة تمنع من قبوله .
و بعضهم يجعل انتفاء الشذوذ و انتفاء العلة شرطا واحدا ، لأن الشذوذ من العلل ، و لأنه يلزم على جعل انتفاء الشذوذ شرطا مستقلا ، أن يُزاد في التعريف : أن لا يكون مقلوبا ، و لا مدرجا ، و لا مضطربا .... إلخ .
و قد يقول قائل : يلزم على هذا ، أن نقول في تعريف الحديث الصحيح أن تقول : " الحديـث الصحيح : هو الحديث الذي انتفت منه العلة " ، لأنه إذا لم يتصل السند ، كان الحديث معلولا ، و إذا وُجد راو غير عدل أو غير ضابط فالحديث يكون معلولا .
فالجواب على هذا : أن علماء الحديث يفرقون بين العلة الظاهرة و العلة الخفية ، فاتصال السند و عدالة الرواة و ضبطهم ، الخلل فيه يكون ضمن العلل الظاهرة ، أي التي يدركها كل أحد .
لكن مقصونا من " انتفاء العلة " ، العلة الخفية ، التي لا تُدرك إلا من قبل الأئمة الجهابذة النقاد ، الذين يجمعون طرق الأحاديث ، و يعرفون أحوال الرواة و طبـقاتهم و أنسابهـم و كناهم و أبنـاءهم و بلادنهم و رحلاتهم و كل ما يتعلق بهؤلاء الرواة .
فهؤلاء الأئمة يكتشفون عللا من إسناد ظاهره الصحة ، بسبب معرفتهم الواسعة بالأسانيد و الرواة .
5- و الحسن المعروف طرقا و غدت ***** رجاله لا كالصحيح اشتهرت
تعريف البيقوني للحديث الحسن ، أخذه عن الخطابي ، و الحديث الحسن من أنواع علوم الحديث الذي كثر الخلاف فيه بين أهل العلم ، فاختلفوا في تعريفه ، فللخطابي تعريف ، و للترمذي تعريف ، و لابن الجوزي تعريف ، و لابن الصلاح و من جاء بعده تعريف .
تعريف الخطابي للحسن : " هو ما عُرف مخرجه ، و اشتهرت رجاله ، و عليه مدار أكثر الحديث ، و هو الذي يقبله أكثر العلماء ، و يستعمله عامة الفقهاء " ، و انتقد العلماء هذا التعريف ، لأنه لا يميز فيه بين الصحيح و الحسن و الضعيف .
مخرج الحديث : هو الراوي الذي تدور عليه أسانيد أهل البلد .
مثاله : كان في البصرة : قتادة بن دعامة السدوسي ، و في الكوفة : أبو إسحاق السبيعي ، في الشـام : الأوزاعي ، في مصر : الليث بن سعد ، في مكة : ابن جريج ، في المدينة : الزهري ، في اليمن : معمر بن راشد ، و هكذا ، فيُقال : " هذا مخرج أسانيد أهل البلد الفلاني " ، و معرفة مخرج الحديث لا يدل على ثبوت الحديث و صحته ، بل قد يكون الحديث صحيحا ، و قد يكون حسنا ، و قد يكون ضعيفا .
ثم إن قوله : " و اشتهرت رجاله " ، لم يذكر بماذا اشتهروا ، فابن لهيعة ، مشهور ، و لكنه مشهور بالضعف ، فلا يكون حديثه حسنا .
قوله : " و عليه مدار أكثر الحديث " ، هذا من البيان لقوله : " ما عُرف مخرجه " ، فـ : قتادة عليه مدار أكثر حديث أهل البصرة ، و هكذا .
وتعريف ابن الصلاح للحديث الحسن هو تعريف الحديث الصحيح ، إلا أنه يخف ضبط راويه ، وباقي الشروط لابد من وجودها .
و الحافظ ابن حجر في " نزهة النظر " عرفه بأنه : " ما اتصل سنده ، بنقل العلدل الذي خف ضبطه عن مثله إلى منتهاه ، من غير شذوذ و لا علة " .
و بعضهم يشترط في " خفة الضبط " شرطا ، فيقول : " الذي خف ضبطه خفةً لا تلحقه بمن يُعَدُّ تفرده تفردا منكرا " .
قول البيقوني : " غدت " أي : اشتهرت ، فمعنى قوله – إذا – : " و غدت رجاله لا كالصحيح اشتهرت " ، أي : اشتهرت رجاله ، لا كشهرة رجال الصحيح .
6- و كل ما عن رتبة الحسن قصر ***** فهو الضعيف و هو أقسام كثر
الحديث الضعيف : كل حديث فقد صفة الصحيح و الحسن .
و قال بعضهـم : هو ما قصر عن رتبة الحسن ، و من باب أولى يقصر عن رتبة الصحيح .
و الحافظ ابن حجر عرفه بقوله : " هو كل ما لم يجمع صفة القبول " .
قوله : " و هو أقسام كثر " ، و هذا صحيح ، لأن الضعيف ، إما أن يكون ضعفه لسقط في الإسناد ، أو لطعن في الراوي ، و السقـط في الإسناد تحته ستـة أنواع : المعلق ، و المرسل ، و المنقطع ، و المعضل ، و المدلس ، و المرسَل إرسالا خفيا ، و الطعن في الراوي له أحوال كثيرة ، ذكرها الحافظ ابن حجر في النخبة و أوصلها إلى عشرة أسباب ، خمسة منها يرجع إلى العدالة ، و خمسة ترجع إلى الضبط ، و ثم أنواع أخرى : كالمقلوب ، و المضطرب ، و المدرج ، و الشاذ ... إلخ ، و أوصلها بعضهم إلى ( 381 ) ، و سبب هذا هو التكلف ، و هذا لا طائل تحته .
7- و ما أضيف للنبي المرفوع **** و ما لتابع هو المقطوع
المرفوع ، و المقطوع ، مبحثان يتعلقان بالمتن ، و إن كان فيهما نوع من التعلق بالإسناد .
فالحديث الذي يأتينا :
1 - إما أن يكون من قول النبي صلى الله عليه و سلم أو فعله أو تقريره .
2 – و إما أن يكون من قول الصحابي أو فعله أو تقريره .
3 – و إما أن يكون من قول التابعي فمن دونه ، أو فعله أو تقريره .
فالأول يُقال له : المرفوع ، أي : أُضيف إلى صاحب الجناب الرفيع ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم .
و الثاني ، يُقال له : الموقوف ، و لم يذكره المصنف رحمه الله في هذا البيت ، بل ذكره بعد أبيات ، فهو لم يرتب المنظومة على الترتيب الذي عليه أهل الحديث .
و الثالث ، يقال له : مقطوع ، و قد يُقال له : موقوف ، لكن بقيد ، و هو أن يقال : موقوف على فلان التابعي ، أما بالإطلاق فلا يقال له إلا : المقطوع .
8- و المسند المتصل الإسناد من **** راويه حتى المصطفى و لم يبن
قوله : " و لم يبن " أي : لم ينقطع .
المسند : هو ما اتصل سنده ، ويـكون مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، وهذا تعريف الحاكم .
و عرفه ابن عبد البر : بأنه المرفوع ، و لا يشترط الاتصال .
و عرفه الخطيب : بأنه المتصل ، و لا يشترط الرفع .
9- و ما بسمع كل راو يتصل *** إسناده للمصطفى فالمتصل
المتصل : هو الحديث الذي ، يكون كل راو من رواته ، أخذ هذا الحديث عن شيخه ، إما بأن يقول : " سمعتُ " أو " حدثني " .
10- مسلسل قل ما على وصف أتى**** مثل أما و الله أنباني الفتى
11 - كذاك قد حدثــنيه قائـما **** أو بعد أن حــدثني تبسما
" أنباني " ، و في بعض النسخ : " أنبأني " و هو غلط ، لأن البيت ينكسر ، بل تُحذف الهمزة .
المسلسل : و هو الحديث الذي يُتناقل بين الرواة بصفة معينة ، و هذه الصفة إما أن تكون في أولئك الرواة أنفسهم ، أو في صيغة تلقيهم ، أو في المكان الذي تلقوا فيه ، أو في الزمان الذي تلقوا فيه ، و هكذا .
- مثاله : المسلسل بروايته في يوم العيد ، أو في مصلى العيد ، أو أن يرويه و هو يقبض على لحيته ، أو أن يتبسم إذا روى الحديث ، أو أن يتلفظ بلفظة معينة ، مثل " و الله ، إني لأحبك " ، " رحم الله فلانا ، كيف لو رأى عصرنا " ، أو يكون ذاك الحديث أول حديث يتلقاه الطالب عن شيخه ، أو يكون الحديث مسلسلا برواة لهم صفة معينة ، كأن يكونوا من بلد واحد ، أو سلسلة نسب واحدة ، أو أسماؤهم متفقة مثل " المحمدين " .
" قل ما على وصف أتى " : أي : أن يأتي على صفة معينة .
" مثل أما و الله أنباني الفتى " يعـني : مثاله : المسلـسل بصيغة التحـديث ، كأن يتسلسل بصيـغة " أنبأني " ، أو بالسماع .
" كذاك قد حدثنيه قائما " أي ، كأن يقول الراوي : " حدثني فلان و هو قائم " .
" أو بعد أن حدثني تبسما " ، كأن يحدثه بحديث ثم يتبسم ، ثم يتسلسل الحديث إلى آخر السند .
من فوائد الحديث المسلسل :
1 – أنه يكون أدعى لحفظ الحديث .
2 – أن يكون فيه نوع عبادة ، كقوله عليه الصلاة و السلام لمعاذ : " و الله إني لأحبك " .
3 – أنه من الطرائف ، التي يستملحها أهل الحديث .
12- عزيز مروي اثنين أو ثلاثه *** مشهور مروي فوقما ثلاثه
العزيز : هو الحديث الذي يرويه اثنان ، و لو في طبقة من طبقات السند ، بشرط : أن لا يقل في أي طبقة من الطبقات عن اثنين ، و يمكن أن يزيد .
و ليس المقصود هو أن يرويه اثنان عن اثنين عن اثنين إلى منتهى السند ، فإن هذا كما قال ابن حبان : " لا يوجد حديث بمثل هذه الصفة " .
و سمي العزيزُ عزيزاً لأحد أمرين :
1 – إما لقلته و ندرته ، و هذا ليس بصحيح ، بل هو كثير .
2 – و إما لكونه عزَّ ، أي : تقوى و تأيد ، بمجيئه من طريق أخرى ، كما قال تعالى : " فعززنا بثالث " أي : أيَّدنا الاثنين بالثالث .
قوله : " عزيز مروي اثنين أو ثلاثه " ، لعله يقصد بذلك أنه إذا وُجد في بعض الطبقات اثنان ، فلا بأس أن يوجد في طبقة أخرى أكثر من اثنين ، كثلاثة مثلا ، و هذا كما تقدم .
أما إذا كان يقصد أن رواية الثلاثة ، يُسمى حديثهم عزيزا ، فقد قال الشيخ سعد الحميد : " لا أعلم أحدا من أهل الحديث قال به " .
و الظاهر أنه يقصد المعنى الثاني ، لأنه قال بعدها :
" مشهور مروي فوقما ثلاثه " ، المشهور : هو ما رواه ثلاثة فأكثر ما يبلغ حد التواتر ، و ظاهر كلام المصنف ليس بصحيح ، لأنه يعتبر أن رواية الثلاثة : عزيزا ، و ليس كذلك ، بل يُسمى : مشهورا .
و سمي المشهورُ مشهوراً : لأن رواية الثلاثة فأكثر ، جعلت الحديث يشتهر عند أهل العلم .
و المشهور ينقسم إلى قسمين :
1 – مشهور اصطلاحي ، و هو الذي سبق ذكره .
2 – و مشهور غير اصطلاحي ، و هذا لا علاقة له بالكثرة ، بل المقصود به : ما اشتهر على ألسنة الناس .
و الذي يشتهر على ألسنة الناس ، قد يكون لا أصل له ، و قد يكون حديثا ، لكنه غريب ، و قد يكون عزيزا ، و قد يكون متواترا .
و هذه الشهرة :
1 – إما أن تكون عند عامة الناس ، كحديث : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده " .
2 – و إما مشتهر عند أهل العلم ، فالفقهاء اشتهرت بينهم بعض الأحاديث ، كحديث : " أبـغض الحلال إلى الله الطلاق " ، و الأصوليون اشتهرت بينهم بعض الأحاديث ، كحديث : " عفي عن أمتي الخطـأ و النسيان و ما استكرهوا عليه " ، و أهل الحـديث اشتهرت بينهم بعض الأحاديث ، كحديث : " قنت النبي صلى الله عليه و سلم شهرا ، يدعو على رعل و ذكوان و عصية " ، و أهل اللغة اشتهرت بينهم بعض الأحاديث ، كحديث : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل و ملائكة بالنهار " ، و هكذا .
و هذا كله ، لا علاقة له بالإسنـاد ، فقد يكون صحيحا ، و قد يكون حسنا ، و قد يكون ضعيفا ، و قد يكون موضوعا ، و قد يكون لا أصل له
13- معنعن كعن سعيد عن كرم *** و مبهم ما فيه راو لم يُسم
المعنعن : هو الذي تتكرر فيه " عن " .
و " عن " عندهم ، ليست صريحة في السماع ، فإن صدرت عن راو لم يُعرف بالتدليس ، و ثبت لقاء الراوي من ذلك الشيخ ، فالحديث : متصل ، و إن صدرت من راو لم يلق ذلك الشيخ ، فالإسناد : منقطع ، و إن صدرت من راو معروف بالتدليس فالإسناد ضعيف ، و الحكم الأخير ، إنما هو لأجل مناسبة هذا المختصر ، و إلا فإن في هذه المسألة تفصيلا .
المبهم : هو الراوي الذي لم يُسمَّ .
كأن يقول الراوي مثلا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن شيخ ، عن محمد بن إبراهيم التيمي .
فهذا : الشيخ ، هنا لم يُسمَّ ، فهو : مبهم .
و مثله كذلك : " حُدِّثْتُ عن إبراهيم التيمي " فالمحدِّث لا يُدرى من هو ؟ .
و هذا بخلاف الراوي المهمل ، فإنه : الراوي الذي سمي ، و لكنه لم يُنسب ، كأن يقول : حدثني محمد ، و لا ينسبه .
14- و كل ما قلت رجاله علا *** و ضده ذاك الذي قد نزلا
تكلم هنا عن : الإسناد العالي ، و الإسناد النازل .
و المقصود بالإسناد العالي : هو الإسناد الذي قلَّ عدد رجاله ، فيما بين الراوي و النبي صلى الله عليه و سلم ، أو بين الراوي و بين إمام ذي صفة علية .
العلو إلى النبي صلى الله عليه و سلم : فهذا علو مطلق .
و العلو إلى إمام ذي صفة علية : علو نسبي .
و المراد بالإمام ذي الصفة العلية : كأن يكون إماما مشهورا ، تلتقي فيه الأسـانيد ( مخـرج الحديث ) ، كقتادة مثلا ، و لو كان الإسناد بين قتادة و النبي صلى الله عليه و سلم نازلا ، فهو علة بالنسبة إلى قتادة ، لا بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه و سلم .
و قد يكون العلو إلى صاحب الكتاب ، كصحيح البخاري مثلا .
لماذا اهتم العلماء بالإسناد العالي ؟
الجواب : اهتموا به ، لأنه مظنة الصحة أكثر من غيره .
15- و ما أضفته إلى الأصحاب من **** قول و فعل فهو موقوف زكن
" زكن " : عُلم .
ذكر هنا الحديث الموقوف : و هو ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير ، و قد تقدم الكلام على هذا .
- و يمكن إطلاق الموقوف على ما أضيف إلى التابعي ، لكن بقيد ، كأن يقال : وقفه قتادة على الحسن البصري – مثلا – .
16- و مرسل منه الصحابي سقط **** ...............................
المرسل : هو ما أضافه التابعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، سواء كان التابعي صغيرا أو كبيرا .
و الناظم قال : " و مرسل منه الصحابي سقط " ، فجعل المرسل هو ما سقط منه الصحابي ، و بعضهم قال به ، و قد انتقد هذا التعريف جمعٌ من أهل العلم ، و قالوا : لو علمنا أن الساقط من الإسناد هو الصحابي ، لما كان هذا قدح في الحديث ، لأن جهالة الصحابي لا تضر ، إذْ هم عدول كلهم ، بل نحن ضعفنا الحديث المرسل لأننا لا نعرف ، هل سقط الصحابي وحده ، أو سقط الصحابي فأكثر ، و لهذا قالوا : " إن التابعي إذا أضاف الحديث إلى النبي صلى الله عليه و سلم ورد الاحتمال ، إما أن يكون أخذ هذا عن صحابي أو عن تابعي ، فعلى الاحتمال الثاني ( و هو أن يكون أخذه عن تابعي ) ، فإما أن يكون هذا التابعي ضعيفا أو ثقة ، فإن كان ضعيفا فالحديث ساقط ، و إن كان ثقة ، فيحتمل أن يكون أخذه عن صحابي أو عن تابعي آخر ، ثم هذا التابعي قد يكون ضعيفا و قد يكون ثقة ، فإن كان ضعيفا فالحديث ساقط ، و إن كان ثقة ، فيحتمل أن يكون أخذه عن صحابي أو عن تابعي آخر ، و هكذا ، و هو من حيث التصور الذهني على ما لا نهاية ، أما من حيث الوجود ، فأكثر ما وجدوا من رواية التابعين بعضهم عن بعض ، هو : ستة ، و هو حديث أبي أيوب الأنصاري في فضل قل هو الله أحد ، و هو عند الإمام أحمد – و هو عالي الطبقة – بإسناد تساعي " ، و قد تتبع أهل الحديث ذلك ، فوجدوا أن أقصا ما روى فيه التابعون بعضهم عن بعض هو : ستة .
إذن فالتعريف الصحيح للمرسل : هو ما أضافه التابعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم .
و بعضهم قيَّد التابعي : بالكبير ، فيعد مراسيل صغار التابعين ، من المعضلات .
............................. **** و قل غريب ما روى راو فقط
الحديث : إما أن يرد عن صحابي واحد فقط ، أو عن اثنين ، أو عن ثلاثة فأكثر ما لم يصل إلى حد التواتر ، فالأول : غريب ، و الثاني : عزيز ، و الثالث : المشهور .
و أما المتواتر : هو الذي كثرت طرقه كثرةً ، توقع في نفس الناظر في الحديث ، أنه مقطوع بنسبته إلى النبي صلى الله عليه و سلم .
و الغريب : يطلق عليه الفرد .
ثم إن الغرابة لا تختص بطبقة الصحابة ، بل متى ما حصل التفرد في أي طبقة من طبقات السند ، فهو غريب و فرد .
و الغريب ينقسم إلى قسمين : غريب مطلق ، و غريب نسبي
1 – الغريب المطلق : هو ما انفرد به الصحابي .
2 – الغريب النسبي : ما كانت الغرابة فيه إلى جهة معينة ، و قد يكون الحديث عزيزا أو مشهورا ، كأن يروي حديثا ثلاثةٌ من الصحابة ، روى عن كل واحد منهم : راويان فأكثر ، إلا صحابا واحدا ، انفرد واحد بالرواية عنه ، كأن يروي الحديث : أبو هريرة ، و ابن عمر ، و أبو سعيد ، يروي عن ابن عمر و أبي سعيد ، عن كل واحد منهما راويان فأكثر ، إلا أبو هريرة فينفرد عنه سعيد بن يسار ، فيقال : انفرد به سعيد بن يسار ، فهو غريب بالنسبة إلى أبي هريرة ، و إلا فالحديث مروي عن ابن عمر و أبو سعيد .
17- و كل ما لم يتصل بحال **** إسناده منقطع الأوصال
قوله في تعريف المنقطع : " و كل ما لم يتصل بحال " ، هذا الإطلاق يدخل فيه : المرسل الذي سبق تعريفه ، و يدخل فيه المعضل ، و المدلس ... إلخ ، فكل هذا عند البيقوني منقطع ، و هذا إذا نظرنا بالنسبة للمعنى اللغوي ، هو كلام صحيح ، لكن إذا نظرنا إلى اصطلاح أهل الحديث ، نجدهم جلعوا لكل نوعٍ من السقط في الإسناد : اسماً خاصا به .
فالمرسل : هو ما يضيفه التابعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم .
و المعلق – و لم يذكره البيقوني في منظومته – : هو ما سقط من أول إسناده راو فأكثر .
و هكذا كل نوع من أنواع السقط خصوه بلقبٍ خاص به .
المنقطع : ما سقط من وسط إسناده راو فأكثر لكن لا على التوالي .
أمثلة عن أنواع السقط في الإسناد :
يروي البخاري حديث إنما الأعمال بالنيات : عن الحميدي عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم .
مثال المرسل : لو روى البخاري الحديث السابق هكذا : عن الحميدي عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن النبي لى الله عليه و سلم ، فإن الإسناد هكذا يصدق عليه أنه أضافه التابعي ( علقمة ) إلى النبي صلى الله عليه و سلم .
مثال المعلق : لو روى البخاري الحديث السابق هكذا : عن سفيان بن عيينة ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم ، فإنه يصدق عليه أنه سقط من أول إسناده راو ، و هو " الحميدي " .
و كذا لو أسقط أكثر من واحد ، بأن رواه : عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم .
أو رواه : عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم .
أو رواه : عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم .
أو رواه : عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم .
أو حذف الإسناد كله ، و قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم .
مثال المنقطع : لو روى البخاري الحديث السابق : عن الحميدي عن يحيى بن سعيد .... إلخ ، فإن في الإسناد سقطا و هو بين " الحميدي " و " يحيى بن سعيد " ، فإن الحديث حينئذ يكون منقطعا .
18- و المعضل الساقط منه اثنان **** ................................
المعضل : هو ما سقط من وسط إسناده راويان فأكثر على التوالي .
بعض أهل العلم لا يشترط الوسطية في تعريف المعضل ، فيقول : " هو ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي " ، و على هذا التعريف يدخل فيه المعلق إذا سقط من أول إسناده راويان فأكثر ، فيكون : معلقا و معضلا في آن واحد ، و كذا المرسل إذا كان الساقط فيه أكثر من واحد ، كأن يقول محمد بن إبراهيم التيـمي في حديث إنما الأعمال بالنيات : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فإنه يكون مرسلا و معضلا في آن واحد .
و الأمر واسع في مثل هذا التعريف .
............................. **** و مـا أتى مدلَّـسًا نوعان
19 - الأول الإسقاط للشـيخ و أن **** ينقل عمن فوقه بعن و أن
20 - و الثان لا يسقطه لكن يصف **** أوصافه بما به لا ينعـرف
التدليس : مأخوذ من الدَّلَسِ ، و هو اختلاط النور بالظلام .
فكأن المدلس يُعَمِّي على الناظر في الحديث .
التدليس : رواية الراوي عمن لقيه و سمع منه ما لم يسمعه منه ، بصيغة تحتمل السماع و عدمه كـ : " عن " و " قال " .
[ فإن روى الراوي عمن عاصره ولم يلقه ، أو لقيه ولم يسمع منه ، فإنه يكون : مرسلا خفيا ] ز .
التدليس – كما قال الناظم - على قسمين :
و الواقع أنه أكثر من قسمين ، و لكنّ القسمين اللذين ذكرهما الناظم هي أشهر أنواعه :
1 – تدليس الإسناد : أن يسقط الراوي شيخه الذي حدثه بالحديث ، و يروي الحديث عن شيخ شيخه – الذي لقيه و سمع منه - ، بصيغة تحتمل السماع و عدمه .
2 – تدليس الشيوخ : هو أن يسمي شيخه أو ينسبه أو يكنيه أو يلقبه بما لا يُعرف به ، حتى لا يُعرف .
مثاله : عطية بن سعد العوفي ، هذا الراوي تكلم فيه أهل العلم لعدة أسباب ، من أهمها : تدليسه القبيح الذي يستخدمه ، و عطية بن سعد العوفي يروي عن أبي سعيد الخدري و هو صحابي ، و يروي عن محمد بن السائب الرائعي و هو تابعي كذاب .
محمد بن السائب الرائعي : اشتهر بكنية هي : أبو هشام ، لأن له ابناً اسمه : هشام ، و هو كذاب مثل أبيه ، و له ابن يُقال له : سعيد .
فيقول عطية بن سعد العوفي في بعض الأحيان : حدثني أبو سعيد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول كذا ، و هو لا يقول : " سمعتُ رسول الله صلى الله عليه و سلم " لأنه أبا سعيد هذا ( محمد بن السائب ) لم يدرك النبي صلى الله عليه و سلم ، ولا يقول : حدثني أبو سعيد الخدري ، لئلا يقع في الكذب .
و هذا تدليس قبيح من عطية بن سعد العوفي ، و لهذا تكلم أهل العلم فيه .
و ليس كل من دلس تدليس الشيوخ يكون فعله مذموما ، فقد يكون من باب التنويع في الرواية ، كما حصل من الخطيب البغدادي مع شيخه الأزهري ، فكونه يروي عنه – مثلا – عشرة أحاديث كلها يقول فيها : حدثني الأزهري ، حدثني الأزهري .... إلخ ، يرى أن في هذا شيئا من الملل ، فمرة يقول : حدثني الأزهري ، و مرة يقول : حدثني أبو بكر ، يعني ينوع اسمه ، و هو معروف عند أهل الاختصاص الذين لهم عناية بالأسانيد .
وتوجد أنواع أخرى للتدليس ، منها :
3 – تدليس البلدان .
4 – تدليس التسوية .
5 – تدليس القطع .
6 – تدليس الاستئناف .
7 – تدليس العطف .
21- و ما يخالف ثقة فيه الملا **** فالشاذ .........................
الشاذ : هو رواية المقبول ، لمن هو أولى منه ، أو أكثر عددا
............................. **** ....... و المقلوب قسمان تلا
22 - إبدال راو ما براو قســم **** و قلـب إسناد لمتن قسـم
المقلوب – عند البيقوني - قسمان :
1 - إبدال راو ما براو : كأن يكون في الإسناد راو اسمه : " كعب بن مرة " ، ينقلب على أحد الرواة ، فيقول : " مرة بن كعب " ، فيسمى مقلوبا ، و السبب في هذا هو أنه يوجد راو اسمه : " كعب بن مرة " و يوجد راو آخر يقال له : " مرة بن كعب " .
2 – قلب إسناد لمتن : فيكون إسنادٌ لحديث معين ، فيُؤخذ هذا الإسناد و يوضع لمتن حديث آخر .
و لكن كلا من هذين القسمين : من مقلوب الإسناد .
و الصحيح أن المقلوب ينقسم إلى قسمين :
1 – مقلوب السند : و له صور :
أ – إبدال اسم الراوي باسم أبيه : كما تقدم ، " كعب بن مرة " ، فيقول : " مرة بن كعب " .
ب- جعل إسناد حديث على متن حديث آخر : إما عن طريق السهو ، و إمـا عن طريق العـمد ، و العمد إما أن يكون : بقصد كما يصنعه الوضاعون ، و إما أن يكون : بقصد امتحان الراوي ، و هذا حصل لبعض الرواة ، لاختبارهم هل هم حافظون أو لا ، لكن بشرط أن يُبين أنه قلب الحديث ، و ذلك في نفس المجلس .
2 – مقلوب المتن : إبدال لفظة بلفظة .
مثاله : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله – ذكر منهم - : و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله " و هذا في صحيح مسلم في بعض الطرق .
و الصواب : " حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " .
23 - و الفرد ما قيدته بثقة **** أو جمع أو قصر على رواية
الفرد : و هو أن لا يروي الحديث إلا واحد ، سواء كان المتفرد هو الصحابي فقط ، أو تسلسل ذلك التفرد إلى باقي طبقات السند .
و قوله : " و الفرد ما قيدته بثقة " ، يقصد الفرد النسبي .
لأن الفرد قسمان : فرد مطلق ، و فرد نسبي .
الفرد المطلق : تقدم الكلام عليه ، في تعريف الفرد .
و الفرد النسبي : لا يُشترط أن يكون رواه صحابي واحد .
فمثلا : لو جاءنا حديث رواه أبو هريرة و ابن عمر ، و أنس بن مالك ، لكن لو لم يروه عن أبي هريرة إلا سعيد بن المسيب ، و لا يرويه عن سعيد بن المسيب إلا الزهري ، و لا يروه عن الزهري إلا الإمام مالك .
فيُقال تفرد به سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، لأن أبا هريرة له تلاميذ كثر ، فيكون فيه نوعُ استغراب ، فيكون التفرد بالنسبة لإسناد أبي هريرة .
و يكثر هذا في " معجم الطبراني الأوسط " ، فيقول : تفرد به فلان عن فلان ، أو لا نعلمه إلا من رواية فلان عن فلان .
و قد يكون التفرد بالنسبة لبلد معين ، كأن يكون عند أهل الشام فقط ، فلا يروه أهل الحـجاز ، و لا أهل اليمن ، و لا أهل العراق ...... إلخ ، فيقال مثلا : تفرد به الشاميون ، و قد يكون هو مشهورا أو عزيزا ، لكن هو فرد بالنسبة لبلد معين .
قوله : " و الفرد ما قيدته بثقة " ، كأن يقال : لم يروه ثقة إلا فلان .
قوله : " أو جمع " كأن يقال : تفرد به أهل الشام ، فهو تفرد بالنسبة لبلد معين ، لكن هم جمعٌ .
قوله : " أو قصر على رواية " مثل : تفرد الإمام مالك عن الزهري ، مثلا .
24 - و ما بعلة غموض أو خفا **** معلل عندهم قد عـرفا
طال النزاع في كلمة " معلول " ، فبعض اللغويين خطَّؤوا المحدثين في قولهم : " حديث معلول " ، قالوا : و الصواب أنه : " معلّ " ، و بعضهم قال : " معلل " .
و لكن الصواب في هذا هو ما عليه المـتأخرون ، كابـن هشام و غيره ، فإنهم ذكـروا أن كلـمة " معلول " ، تُقال لكل ذي علة ، فصح بذلك قول المحدثين : " حديث معلول " .
و العلة : سبب غامض خفي ، يقدح في صحة الحديث .
و الحديث المعلول : هو الحديث الذي عُثر فيه – بعد التفتيش – على علة قادحة .
- بعضهم يقول : إن العلة التي لا تقدح في صحة الحديث ، فإنها لا تسمى علة اصطلاحية .
25 – و ذو اختلاف سند أو متن **** مضطرب عند أهيل الفن
" أهيل " تصغير لـ " أهل " ، و هذا ليس تصغيرا لهم ، بل ضرورة الشعر ألجأته إلى ذلك .
المضطرب لغة : هو الاختلاف .
الحديث المضطرب : هو الحديث الذي وقع فيه الاختلاف ، بشرط أن يكون هذا الاختلاف : لا يمكن معه أن نجمع و لا أن نرجح بين الروايات .
أما إذا أمكن الجمع ، أو أمكن الترجيح ، فلا يكون مضطربا .
و الترجيح : يكون بالقوة ( بالأكثر أو بالأوثق ) ، و بالنسخ ( المتأخر ناسخ للمتقدم ) وغيرها .
26 – و المدرجات في الحديث ما أتت **** من بعض الفاظ الرواة اتصلت
تنبيه : [ يوجد نقص في تسجيل شرح العلامة سعد الحميد للبيقونية ، فأكملته بشرحه على نخبة الفكر ] .
الإدراج ، لغة : الإدخال ، يقال : أُدرج فلان في الكفن ، إذا أدخل فيه .
المدرج : الحديث الذي غُيِّرَ سياق إسناده ، أو أدخل في متنه ما ليس منه .
و من خلال هذا التعريف ، نتسطيع أن نعرف أن المدرج ينقسم إلى قسمين : مدرج الإسناد و مدرج المتن .
و للإدراج أسباب :
1 – لبيان حكم شرعي .
2 – لاستنباط حكم شرعي .
3 – شرح لفظ غريب .
4- أن يكون الإدراج عمدا ، و هو يعد من الوضع ، كما حصل لـ غياث بن إبراهيم ، أنه روى حديثا فيه : " لا سبق إلا في ثلاث : .......... " ، زاد " أو جناح " .
و الإدراج في المتن له صور ، قد يقع في أول المتن ، و في وسطه ، و في آخره :
1 – أن يقع الإدراج في الأول :
مثاله : حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار " ، فهذا رواه أبو قطن و شبابة عن شعبة بن الحجاج عن محمد بن زياد الطحان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم هكذا .
و باقي الرواة الذين رووه عن شعبة و هم من الثقات ، رووه مفصولا هكذا : عن أبي هريرة أنه قال : " أسبغوا الوضوء " فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه و سلم : " ويل للأعقاب من النار " .
فعبارة " أسبغوا الوضوء " من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه و سلم ، و على هذا فأبو قطن و شبابة أخطآ .
2 – أن يقع الإدراج في الوسط :
مثاله : حديث الزهري عن عروة عن عائشة ، في قصة بدء الوحي ، فرواية الزهري جاءت هكذا : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يتحنث ( وهو التعبد ) الليالي ذوات العدد " .
فالزهري أراد أن يبين معنى " التحنث " بأنه التعبد ، فهذا إدراج من الزهري في وسط الإسناد .
3 – أن يقع الإدراج في الآخر :
مثاله : حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " للعبد المملوك أجران ، و الذي نفسي بيده ، لولا الجهاد في سبيل الله و الحج و بر أمي ، لأحببت أن أموت و أنا مملوك " ، قالوا : هذا اللفظ : " لولا الجهاد ....... " مدرج ، فلفظ النبي صلى الله عليه و سلم : " للعبد المملوك أجران " ، و باقيه من كلام أبي هريرة .
و أما الإدراج في الإسناد ، فمن صوره :
1 - يمكن أن يكون بتغيير سياق الإسناد عن طريق تركيب إسناد على متن مستقل .
مثاله : حديث ثابت بن موسى الزاهد ، عندما دخل على شريك بن عبد الله النخعي و هو في المسجد يملي حديثا على تلاميذه ، يرويه عن الأعمش عن أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر ، و الحديث هو : " يعقد الشيطان على قافية أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ..... " ، لكن شريك بن عبد الله لما أملى الإسناد توقف ، لأجل أن يُملي المستملي على من بعده ، دخل ثابتُ بنُ موسى الزاهدُ المسجدَ و سمع الإسناد و حفظه ، فلما توقف شريك ، التفت إلى ثابت بن موسى الزاهد وهو مقبل عليه ، فأخذ يـداعبه و يقول : " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه في النهار " ، فانصرف ثابت بن موسى ، و هو يظن أن هذا الكلام هو متن ذلك الإسناد الذي أملاه شريك ، فأخذ يحدث به .
2 - أو دمج متنين و سياقهما بإسناد واحد .
3 - أو زيادة لفظة تأتي في حديث آخر ، تُؤخذ و تدمج في حديث مشابه ، و يُساق معه بنفس الإسناد .
بم يُدرك الإدراج ؟ :
1 – أن يرد هذ الإدراج منفصلا في رواية أخرى ، كما في رواية " أسبغوا الوضوء ".
2 – أن ينص إمام من أئمة الحديث الجهابذة النقاد بأن هذا اللفظ مدرج .
3 – أن يبين الراوي الذي أدرج ، أنه هو الذي أدرج هذه اللفظة ، كأن لو قال الزهري : " قلت : التحنث : التعبد " فهنا يكون قد صرح بذلك .
4 – إستحالة أن يكون النبي صلى الله عليه و سلم قد قاله ، كما في حديث أبي هريرة السابق : " لولا الجهاد و الحج و بر أمي لأحببت أن أموت و أنا مملوك " ، فلا يمكن للنبي صلى الله عليه و سلم أن يتمنى أن يكون مملوكا ، ثم إنه قال " و بر أمي " و أمه – عليه الصلاة و السلام – ماتت و هو صغير .
مصنفات في الإدراج :
- الفصل للوصل ، المدرج في النقل ، للخطيب البغدادي .
- تقريب المنهج في ترتيب المدرج ، اختصره الحافظ ابن حجر من كتاب الخطيب السابق ، و لكنه غير معروف إلى الآن .
27 – و ما روى كل قرين عن أخه **** مدبج فاعرفه حقا و انتخه
الأقران : هم الرواة المتقاربون في السن ، و المتاسوون في الشيوخ و الطبقة .
مثاله : شعبة بن الحجاج ، و سفيان الثوري .
في بعض الروايات ، نجد أن الأقران يروون عن بعضهما البعض ، فهذا ما يسمى بـ : رواية الأقران .
ألف أهل العلم في الأقران :
- الأقران ، لأبي الشيخ الأصبهاني ، يُعنى فيه بالأحاديث التي فيها رواية الأقران .
- أما المدبج ، فكما قال الحافظ : " و إن روى كل منهما - أي الأقران - عن الآخر : فالمدبج " .
كأن نجد في بعض الروايات : شعبة عن الثوري ، و في بعضها : الثوري عن شعبة ، فهذا يعد مدبجا .
فكل مدبج : هو رواية أقران ،و ليس كل رواية أقران : مدبجا .
تآليف في المدبج :
- المدبج ، للدارقطني ، و لم يصل إلينا .
28 – متفق لفظا و خطا متفق **** و ضده فيما ذكرنا المفترق
المتفق و المفترق : و هو أن تتفق أسماء الرواة و أسماء آبائهم فصاعدا ، و تفترق أشخاصهم .
أمثلة :
- عبد الله بن زيد : عبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي أُري الأذان ، و عبـد الله بن زيد بن عاصم و هو الذي روى حديث الوضوء الطويل ، و كلاهما صحابي أنصاري .
- عمر بن الخطاب : عمر بن الخطاب صحابي جليل ، و يوجد راو اسمه : عمر بن الخطاب في طبقة الإمام أحمد ، فحتى لا يظن ظان أن في الإسناد خطأً ، حيث يجد أن عمر بن الخطاب يروي عن أحد شيوخ الإمام أحمد ، فنقول : إنه يوجد عمر بن الخطاب آخر ، في طبقة الإمام أحمد .
- سليمان بن داود : و يوجد كثير من الرواة بهذا الاسم ، و منهم من هم متفاوتـون في الطبـقة ، و منهم من هم في طبقة واحدة ، فمن الذين هم في طبقة واحدة : سليمان بن داود الطيالسي صحاب المسند ( ت 204) ، و سليمان بن داود الهاشمي ( ت 219) ، و سليمان بن داود العتكي ، أبو الربيع الزهراني ( ت 234 ) .
تآليف في المتفق و المفترق :
- المتفق و المفترق ، للخطيب البغدادي .
29 – مؤتلف متفق الخط فقط **** و ضده مختلف فاخش الغلط
المؤتلف و المختلف : أن تتفق الأسماء خطا ، و تختلف في النطق ، و اختلافها في النطق : إما بسبب الشكل ، و إما بسبب الإعجام .
مثال ما كان الاختلاف فيها بسبب الشكل :
- محمد بن سَلَام ، و محمد بن سَلَّام .
- بَشِير ، و بُشَيْر .
- عَبِيدَة ، و عُبَيْدة .
مثال ما كان الاختلاف فيها بسبب الإعجام :
- بُرَيْد ، يَزِيد .
- بَشَّار ، يَسَار .
تآليف في المؤتلف و المختلف :
- المؤتلف و المختلف ، للدراقطني – مطبوع في خمسة مجلدات .
- مشتبه الأسماء ، و مشتبه النسبة ، لعبد الغني بن سعيد الأزدي ( تلميذ الدارقطني ) .
- تصحيفات المحدثين ، شرح ما يقع فيه التصحيف ، لأبي أحمد العسكري .
تنبيه : [ انتهى النقل من شرح العلامة سعد الحميد على نخبة الفكر ] .
30 – و المنكر الفرد به راو غدا **** تعديله لا يحمل التفردا
المنكر : هو الحديث الذي تفرد به راو واحد ، و هذا الراوي عدل ، لكنه لا يُحتمل تفرده .
و بعضهم يعرف المنكر : هو الحديث الذي يخالف فيه الضعيفُ من هو أولى منه .
31– متروكه ما واحد به انفرد **** و أجمعوا لضعفه فهو كرد
قوله : " كرد " : أي : هو رد ، أي : مردود ، و الكاف زائدة ، ألجأته إليها ضرورة النظم .
المتروك : هو ما يرويه راو مجمع على ضعفه .
و قيل إن المتروك : هو الذي يكون في سنده راو متهم بالكذب .
32 - و الكذب المختلق المصنوع **** على النبي فذلك الموضوع
الموضوع : هو الحديث المذكوب المختلق المصنوع المنسوب إلى النبي صلى الله عليه و سلم .
و الحديث الموضوع يُعرف :
1 – بأن يكون في إسناده راو معروف بأنه كذاب أو وضاع .
2 – أن يكون متن الحديث لا يمكن قبوله بحال ، و إن لم يوجد في إسناده من هو معروف بأنه كذاب أو وضاع ، و الأحاديث التي فيها نكارة ، تُعرف :
أ - إما بمصادمتها للقرآن ، مثل الحديث الذي ورد في تحديد عمر الدنيا وأنه سبعة آلاف سنة ، و أن النبي صلى الله عليه و سلم بُعث في الألف الأخيرة ، و ابن القيم ذكره في المنار المنيف و بين أنه حـديث موضوع ، و هو يناقض قول الله تعالى : " يسألونك عن الساعة أيان مرساها ، قل إنما علمها عند ربي ، لا يجليها لوقتها إلا هو ".
ب - أن يناقض حديثا صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم .
ج - أن يناقض ما عرف بالتاريخ ، كقول أحدهم : " حدثتني عائشة " ، فقيل له : ألقيت عائشة ؟ قال : نعم ، قالوا : و رأيتها ؟ قال : نعم ، قالوا له : صفها لنا ، قال : كانت أدماء ، قالوا : أيـن لقيتها ؟ قال : بواسط .
فكلامه يدل على أنه كذاب ، فعائشة توفيت سنة 58هـ أو 59هـ ، و فـي ذلك الوقت لم تبن مدينة واسط ، و عائشة لم تكن أدماء بل كان فيها حمرة ، و أيضا لا يمكن أن يراها ، لأنها كانت تحتجب من الرجال .
د - أن يقر هو على نفسه بالوضع .
هـ - أن يحدث بما لا يقبله العقل ، كما حدث أحدهم : أنه كان يمشي في طريق ، فأدركه الظمأ ، و إذا ببيت عالية و فيه جرة ، قال : فأخذت بندقة من الأرض فرميتها على تلك الجرة فثقبتها ، فانسكب الماء ، فوضع فمه تحت الماء فشرب حتى ارتوى ، ثم أخذ بندقة أخرى فقذفها فسد ذلك الثقب الذي انبثق منها ذلك الماء ، فهذا لا يقبله العقل .
كذلك حدث أنه رأى قردا ، ينفخ في الكير و يصوغ الذهب ، فقالوا له : إذا أراد أن ينفخ عى الكير كيف ينفخ - لأن القرد لا يمكن له أن ينفخ - ؟ قال : كان يشير إلى أحد المارة ، فيأمره أن ينفخ على الكير .
فإذا عُرف عن الراوي مثل هذه الأمور ، فإنهم يعرفون أنه كذاب .
أسباب الوضع في الحديث :
- الانتصار للمذاهب السياسية و العقدية .
- أسباب دنيوية : كأن يكون صاحب سلعة و يريد أن تُباع سلعته ، أو تحقيق منافع شخـصية أخرى ، كالأعمى الذي وضع حديث : " من قاد أعمى أربعين خط
- فراسبيتوعضو محترف
- رقم العضوية : 3079
الجنس : عدد المساهمات : 7200 نقاط التميز : 10794 تقييم العضو : 40 التسجيل : 28/01/2010 الإقامة : الجزائر
تمت المشاركة الخميس فبراير 25, 2010 7:40 pm
- العائد من الظلامعضو مميز
- الجنس : عدد المساهمات : 2184 نقاط التميز : 2895 تقييم العضو : 19 التسجيل : 24/08/2009 العمر : 31
تمت المشاركة الخميس فبراير 25, 2010 10:54 pm
شكرا جزيلا مجهود كبير وفعال
- فراسبيتوعضو محترف
- رقم العضوية : 3079
الجنس : عدد المساهمات : 7200 نقاط التميز : 10794 تقييم العضو : 40 التسجيل : 28/01/2010 الإقامة : الجزائر
تمت المشاركة الجمعة فبراير 26, 2010 12:24 am
- yara Crazyعضو محترف
- رقم العضوية : 2016
الجنس : عدد المساهمات : 8007 نقاط التميز : 10221 تقييم العضو : 158 التسجيل : 27/12/2009 العمر : 33 الإقامة : الجزائر
تمت المشاركة الثلاثاء يوليو 23, 2013 11:24 am
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى