الرئيسية
المنشورات
أحدث الصور
التسجيل
دخول
هز الحاج الحسن برأسه وقال :
– حجا مبرورا ، وسعيا مشكورا ، وذنبا مغفورا .
ابتسم الرجل ، وقال : أجمعين انشالله
وأنت هل حججت قبل هذا ؟
أجاب الحسن بعد تردد :
– والله يا أخي لحجتي هذه قصة طويلة ولا أريد أن أوجع رأسك بها.
ضحك الرجل ، وقال :
– بالله عليك أخبرني ، فكما ترى نحن لانفعل شيئا سوى الانتظار .
ابتسم الحسن وقال :
– نعم, الانتظار وهو ما تبدأ به قصتي ، فقد انتظرت سنين طويلة حتى حججت ، فبعد ثلاثين عاما من العمل معالج فيزيائي في مستشفى خاص استطعت أن أجمع كلفة الحج ، وفي نفس اليوم الذي ذهبت لأخذ حسابي من المستشفى صادفت إحدى الأمهات التي أعالج ابنها المشلول وقد كسا وجهها الهم والغم وقالت لي : أستودعك الله يا أخ الحسن فهذه آخر زيارة لنا لهذا المستشفى ,
استغربت كلامها وحسبت أنها غير راضية عن علاجي لابنها وتفكر في نقله لمكان آخر فقالت لي : لا يا أخ الحسن ، يشهد الله إنك كنت لابني أحن من الأب وقد ساعده علاجك كثيرا بعد أن كنا قد فقدنا الأمل به .
ومشت حزينة !!!
استغرب الرجل وقاطع الحسن قائلا :
– غريبة , طيب إذاكانت راضية عن أدائك ، وابنها يتحسن فلم تركت العلاج ؟
أجابه الحسن :
– هذا ما فكرت به وشغل بالي فذهبت إلى الإدارة وسألت
فتبين أن والد الصبي فقد وظيفته ولم يعد يتحمل نفقة العلاج
حزن الرجل وقال :
- لاحول ولا قوة إلا بالله , مسكينة هذه المرأة .
وكيف تصرفت ؟
أجاب الحسن :
– ذهبت إلى المدير ورجوته أن يستمر بعلاج الصبي على نفقة المستشفى ولكنه رفض رفضا قاطعا وقال لي : هذه مؤسسة خاصة وليست جمعية خيرية .
خرجت من عند المدير حزينا مكسور الخاطر على المرأة ,
وفجأة وضعت يدي على جيبي الذي فيه نقود الحج
فوقفت في مكاني لحظة ثم رفعت رأسي إلى السماء وخاطبت ربي قائلا :
اللهم أنت تعلم بمافي نفسي وتعلم أنه لاشيء أحب إلى قلبي من حج بيتك ،وزيارة مسجد نبيك ، وقد سعيت لذلك طوال عمري ولكن أثرت هذه المسكينة وابنها على نفسي فلاتحرمني فضلك ،
وذهبت إلى المحاسب ودفعت كل ما معي له عن أجرة علاج الصبي لستة أشهر مقدما ، وتوسلت إليه أن يقول للمراة بأن المستشفى لديه ميزانية خاصة للحالات المشابهة .
تأثر الرجل و دمعت عيناه وقال :
– بارك الله فيك ،وفي أمثالك,
ثم قال : إذا كنت قد تبرعت بمالك كله فكيف حججت إذن ؟ فاجاب : رجعت يومها إلى بيتي حزينا على ضياع فرصة عمري في الحج ، ولكن الفرح ملأ قلبي لأني فرجت كربة المرأة وابنها ، فنمت ليلتها ودمعتي على خدي فرأيت في المنام أنني أطوف حول الكعبة، والناس يسلمون علي ويقولون لي : حجا مبرورا ياحاج الحسن فقد حججت في
السماء قبل أن تحج على الأرض , دعواتك لنا ياحاج الحسن ,
فاستيقظت من النوم وأنا أشعر بسعادة غيرطبيعية ،
فحمدت الله على كل شيء ورضيت بأمره .
وما إن نهضت من النوم حتى رن الهاتف ،وإذا به مدير المستشفى الذي قال لي : أنجدني فصاحب المستشفى يريد الذهاب إلى الحج هذا العام وهو لايذهب دون معالجه الخاص ،
لكن زوجة معالجه في أيام حملها الأخيرة ولا يستطيع تركها، فهلا أسديتني خدمة ..
فرافقته في حجه .. فسجدت لله شكرا .. وكما ترى
فقد رزقني الله حج بيته دون أدفع شيئا ، والحمد لله وفوق ذلك فقد أصر الرجل على إعطائي مكافأة مجزية
لرضاه عن خدمتي له ، وحكيت له عن قصة المرأة المسكينة فأمر بأن يعالج ابنها في المستشفى على نفقته الخاصة
وأن يكون في المستشفى صندوق خاص لعلاج الفقراء ، وفوق ذلك فقد عين زوجها بوظيفة في إحدى شركاته . ورجع إلي مالي الذي دفعته .. أرأيت فضلا أعظم من فضل ربي ؟!
نهض الرجل وقبل الحسن على جبينه قائلا :
– والله لم أشعر في حياتي بالخجل مثلما أشعر الآن فقد كنت أحج المرة تلو الأخرى وأحسب نفسي قد أنجزت شيئا عظيما ، وأن مكانتي عند الله ترتفع بعد كل حجة ولكني ادركت الآن أن حجك بألف حجة من أمثالي ؛ فقد
ذهبت أنا إلى بيت الله ، أما أنت فقد دعاك الله إلى بيته ،
ومضى وهو يردد تقبل الله مناً ومنكم.
