واهمٌ ذاك الذي يعتقد بأن "الشعائر" التي يقوم بها بطل التنس الإسباني والمصنف الأول على العالم رافاييل نادال خلال وجوده في الملاعب لخوض المنافسات، هي غير ذات دلالة.
كثيراً ما تم الكلام عن تصرفات نادال "الغريبة" داخل الملعب أثناء خوض المباريات، فهو نفسه عندما سئل عنها صرح قائلاً بأنها: "مجرد حركات روتينية" تعوّد على القيام بها في اللقاءات كونها تمنحه "شعوراً بالراحة". لكن أحد المتخصصين بدراسة ومعالجة الأمراض النفسية لا يوافق البطل الإسباني الرأي ويرى بأنها قد تكون عوارض مرض نفسي يعرف بـ "اضطراب الوسواس القهري".
وقد دعا الدكتور كريستوفر مورغان كل من يعنى بعالم التنس أو مقرب من النجم الإسباني إلى عدم التقليل من قيمة تلك الحركات أو حتى السخرية منها لأن ذلك حسب رأيه قد يؤدي لو كانت الحالة مرضية إلى التأثير على نادال من الناحية النفسية ما قد ينعكس على أدائه في الملعب.
وقد استشاط الدكتور مورغان غضباً من تعليق طال نادال خلال مباراته في الدور الثالث منذ أيام في بطولة أستراليا الكبرى التي وصل فيها الأخير إلى المباراة النهائية قبل أن يخسر من السويسري ستانيسلاس فافرينكا بسبب إصابة طفيفة في الظهر منعته من معادلة رقم الأميركي بيت سامبراس بـ ١٤ لقباً في الدورات الأربع الكبرى.
حتى إن الدكتور اتصل بالقناة السابعة الناقلة للمباراة ليشتكي من تصرف معلقَي المباراة وبطلَي التنس السابقَين جيم كورييه وليتون هيويت وذلك بعد أن تناول الأخيران تصرفات نادال التي يكررها مراراً بنوع من السخرية.
وتابع الدكتور مورغان قائلاً: "ما أزعجني حقاً هو أنني أعتقد بأنه بات من المعروف أن نادال يعاني من تلك الحالة، وبالتالي كان من الأفضل عدم التطرق لذلك الموضوع لأن من شأنه أن يؤدي إلى إزعاج صاحب الشأن".
ما هي تلك الشعائر؟
لمن لا يتابع رياضة التنس أو قد يكون سقط منه سهواً عدم الانتباه إلى تلك الحركات التي يقوم بها البطل الإسباني رافاييل نادال والتي يفعلها مراراً وتكراراً قبل وبعد كل نقطة أو إرسال، سنقوم بسردها عليكم.
١- لا يدوس نادال على خطوط الملعب البيضاء أبداً بين النقاط، فهو يتنقل بينها دون أن يمسها برجليه وعندما يمر من فوقها يمر برجله اليمنى أولاً.
٢- عندما يستريح نادال على مقعده دائماً ما يضع قوارير المياه والعصير خاصته على الأرض باتجاه معين ومصطفة بقياسات معينة جنباً إلى جنب، حتى إنه يوجه الشعارات التي على القوارير باتجاه القسم الذي سيلعب منه النقاط القادمة من المباراة.
٣- قبل أي إرسال أو تلق لكرة يقوم نادال بالعديد من الحركات المتتالية فهو أولاً يعدّل قميصه من عند الكتف عدة مرات، ثم يقوم بتمرير أصابعه على أنفه ثم تثبيت شعره خلف أذنيه من الجانبين ويكرر ذلك أكثر من مرة، ثم أخيراً يقوم الماتادور بتعديل وضعية سرواله القصير الذي يرتديه (من الخلف) قبل أن يهم بضرب الكرة.
نتيجةً لتكرار تلك الحركات أو الشعائر إذا صح القول، يرى دكتور مورغان بأنها ذات أهمية كبيرة لدى البطل الإسباني ومن الممكن أن تكون كما أسلفنا ذات دلالة "مرضية"، لذا يطلب الدكتور المختص بألّا يتم السخرية أو الإشارة لتلك الحركات ما من شأنه أن يعكّر مزاج نادال وهو ما حصل في أستراليا المفتوحة هذه السنة عندما رأى نادال أن مُخرج البطولة دائماً ما يضيء على تلك اللقطات وبشكل ممنهج بالإضافة لانزعاجه من تصريح هيويت عن أنه يلبس قميصه ويقوم بخلعه مراراً وتكراراً في كل مرة يهم فيها بمغادرة حجرات ملابس اللاعبين.
من هنا يعود الدكتور مورغان ليشدد بأن الإضاءة على تلك الحركات يُعد تقليلاً من احترام من يعاني من "الوسواس القهري" ويؤدي إلى توتر الشخص المعني والتأثير على تركيزه.
رأي مخالف لمعسكر نادال
من جانبهم، رفض أعضاء معسكر نادال التدريبي كلام الدكتور مورغان جملة وتفصيلاً واصفاً أحدهم الماتادور بأنه شخص طبيعي لا يعاني من أية اضطرابات نفسية وبأن ما يقوم به لا يتعدى كونه حركات طبيعية يعتقد بأنها تساعده على التركيز أكثر وإخراج أفضل طاقة ممكنة منه، مشدداً في الوقت عينه على أن البطل الإسباني لا يكن أي ضغينة لكورييه وهيويت ويحترمهما كثيراً.
أما توني نادال عم ومدرب اللاعب فصرّح باعتقاده بأن من يقوم بحركات لا معنى لها ويكررها دائماً من الممكن أن تصبح ذات معنى ودلالة لديه، لكنه أردف قائلاً: "لقد قال لي رافاييل في الماضي أن بإمكانه التوقف عن القيام بتلك الشعائر، وعندما طلبت منه ذلك توقف بالفعل في 2012 ولم تؤثر على أدائه، لكن لو كان بالفعل يحتاج القيام بتلك الأشياء ليؤدي جيداً فهذا قد يكون فعلاً سيئاً".
وفي حالة شبيهة، اعترف لاعب التنس السابق سكوت درابر في 2005 أنه عانى كثيراً من مرض الوسواس القهري في بداياته الاحترافية وأنه عولج للتخلص منه كونه كان يحرمه من النوم في بعض الأحيان إذ يصحو في الليل ويبدأ بترتيب الأشياء عدة مرات في أماكنها، لكنه في المقابل لا يرى بأن حالة نادال هي مرضية.
رأي وخلاصة
[rtl]في النهاية لو أمعنّا النظر في آراء محبي رياضة التنس عموماً ورافاييل نادال خصوصاً لا بد أن لسان حالهم يقول: لو كانت شعائر نادال ضرورية لتُخرج منه هذا المستوى الرائع من التنس والتنافسية والتركيز فأهلاً وسهلاً بها عاديةً كانت أم مرضية. [/rtl]