سيد إبراهيم الحسيني
لهذا البحث خلفية
تعود به إلى ما قبل 2400 سنة على أقل تقدير. فمع أن أفلاطون اعترف بعجز
القوى الجسمية والروحية والعقلية للمرأة بالمقارنة مع الرجل، إلا أنه عدَّ
هذه الاختلافات مجرد فروقات كمية، ومن ثم زعم أن للنساء والرجال قابليات
متشابهة، وأن بمقدور المرأة أن تنهض بالمسؤوليات التي ينهض بها الرجل، وأن
تسند إلهيا الصلاحيات نفسها التي تسند إلى الرجل.
لكن خلافاً لهذه
الآراء، ذهب أرسطو إلى القول بوجود الاختلاف في قابليات المرأة والرجل
والتفاوت في استعداداتهما، فما أودعه قانون الخلقة من وظائف وتكاليف في كل
واحد منهما، وما فرضه عليهما من حقوق، ينطوي في القسم الأعظم منه على
اختلاف أساسي.
لقد خصص البروفسور ((ريك))، العالم النفسي الأمريكي
المشهور، سنوات طويلة من عمره لدراسة شؤون المرأة والرجل والفحص في
أحوالهما، وانتهى إلى نتائج على هذا الصعيد. يقول ريك: ((إن عالم الرجل
يختلف عن عالم المرأة اختلافاً كلياً. فإذا لم تستطع المرأة أن تفكر مثل
الرجل، أو أن تعمل كما يعمل، فإن ذلك يعود ... إلى ما بينهما من
الاختلافات الجسمية. بالإضافة إلى ذلك فإن أحاسيس هذين الموجودين لن
تتشابه في أي وقت من الأوقات، ولم يحصل أن أبدى كلاهما ردود فعل متساوية
إزاء الحوادث والوقائع.
يعمل الرجل والمرأة على نحو مختلف تبعاً لما
تمليه عليهما المقتضيات الجنسية المألوف التي ينطوي عليها كل منهما، وهما
تماماً كنجمين يتحركان في مدارين مختلفين. أجل، إن بمقدور هذين الإثنين أن
يفهم أحدهما الآخر وأن يكمله، بيد أنهما لن يكونا واحداً على الإطلاق.
لهذا السبب يستطيع الرجل والمرأة أن يعيشا معاً، وأن يعشق أحدهما الآخر،
وفي الوقت نفسه لا يتعب أحدهما من صفات الآخر وأخلاقه ولا يملها ولا يضجر
منها)).
أما السيدة كليود ألسون فتقول: ((يتمثل شاغلي الأكبر، بوصفي
امرأة مختصة بعلم النفس، بدراسة نفسية الرجال. لقد عهد إلي قبل مدة بإنجاز
دراسة حول العوامل النفسية للمرأة والرجل، فكان أن انتهيت إلى النتيجة
الآتية:
إن النساء يتبعن العواطف بينما يتبع الرجال العقل. كثيراً ما
يلحظ أن النساء لا يتساوين مع الرجال في الذكاء وحسب بل يتفوقن عليهم
أحياناً. تكمن نقطة الضعف الوحيدة بالنسبة إلى النساء في عاطفتهن الموّاجة
الشديدة.
يفكر الرجال على الدوام بنحو أكثر عملية، ويمارسون القضاء
بطريقة أفضل، وهم أحسن في التنظيم والتخطيط، وأكثر تفوقاً في إدارة الأمور
وتوجيهها، وبالنتيجة فإن التفوق الروحي للرجال على النساء ما هو إلا أمر
خططت له الطبيعة وهي التي صممته. وعليه لا تنفع جهود المرأة في مناهضة هذا
التكوين الواقعي، فمهما بذلت النساء من جهود في مواجهة هذا الواقع سيبدو
ذلك عقيماً. ما دامت النساء أكثر حساسية من الرجال فينبغي لهن أن يدعن
للحقيقة التي تفيد بأنهن بحاجة إلى إشراف الرجال على حياتهن ... إن
الأعمال التي تتطلب تفكيراً متواصلاً تبعث على كسل المرأة وتعبها)).
يقر
((اتوكلاين برغ)) بصحة وجود الفروقات الجسمية والنفسية واختلاف العلاقات
بين المرأة والرجل، على أساس المعطيات النفسية، ويكتب: ((تبدي النساء رغبة
أكبر بالأعمال المنزلية وبالأشياء والممارسات الذوقية، وأكثر شغفهن
بالأعمال التي لا تحتاج إلى الحركة والتنقل، وهن يحببن الأعمال التي تتطلب
قدراً مضاعفاً من الدقة والانتباه والحرص الشديد، كما هي الحال في الإشراف
على الأطفال ورعاية العجزة والمسنين والضعاف ... إن النساء بشكل عام هن
أكثر عاطفة من الرجال)).
أما الدكتور ((الكسيس كارل)) فقد ذهب إلى عمق
الاختلافات الخلقية بين المرأة والرجل، مضيفاً: ((على أساس عدم العناية
بهذه النقطة الأساسية والمهمة ظن أنصار حركة تحرير المرأة أن بمقدور
الجنسين أن يخضعا لنمط واحد من التربية والتعليم، وأن يتبوّآ أعمالاً
وصلاحيات ومسؤوليات متساوية ... إن على المرأة أن تسعى لبسط مواهبها
الطبيعية في اتجاه طبيعتها وتكوينها الخاص من دون تقليد أعمى للرجال. إن
مسؤولية النساء في طريق تكامل البشرية أكبر كثيراً من مسؤولية الرجال، ومن
ثم فعليهن أن لا يستخففن بهذا التكليف ويتخلين عنه)).