- barcaعضو محترف
تمت المشاركة السبت ديسمبر 21, 2013 6:10 pm
التربية عبر العصور
تمهيد الفصل
سنحاول في هذا الفصل التطرق إلى سير عملية التربية عبر العصور بدا من العصر البدائي وصولا إلى العصر الراهن (نوعا ما ) كما سنتطرق إلى الحقائق التربوية ومفاهيم التربية التي كانت موجودة لدى الأجيال السابقة وصولا إلى مفهومها في وقتنا الراهن وسنتطرق لها وفق التسلسل الزمني لوقوع هذه الأنماط التربوية والفكرية
1-1 تطور الفكر التربوي عبر العصور :
لقد مر الفكر التربوي بمراحل عديدة وأزمنة وعصور مديدة تطور من خلالها واكتسب المعنى الأصلي له هو و غيره من العلوم والمعارف الأخرى التي بدورها تنشأ و تتطور وتكتسب الحقائق و الدقة و تبتعد عن الأخطاء والغموض فكلما جاء جيل عالج المفهوم الذي كان علية الجيل الأخر مع الاجتهاد في تحسينه و تطويره وهنا نسترسل في ذكر المراحل التي تطور فيها الفكر التربوي .
1-2 التربية في العصر البدائي :
اتسمت التربية في المجتمعات البدائية بالتقليد و المحاكاة و كان جوهرها التدريب الآلي والتدريجي والمرحلي، إذ كان يقلد الناشئ عادات مجتمعه وطراز حياته تقليديا عبود يا خالصا ونظرا لأن المتطلبات الحياتية لم تكن معقدة وكثيرة فلم تكن هناك مؤسسة أو مدرسة تقوم بنقل التراث وكان يقوم بالعملية التربوية أو التدريبية وعملية تكيف الإفراد مع البيئة ، الولدان أو العائلة أو احد الأقارب وفي أواخر المرحلة البدائية كان يقوم بها الكاهن أو شيخ القبيلة .
- خصائص التربية في المجتمعات البدائية :
تذكر على شكل عناصر كالأتي :
1/ كانت العملية التربوية تتميز بالتوزيع إذ يشارك فيها الأبوان والأسرة و العائلة.
2/ كانت العملية التربوية متدرجة ومرحلية وتبدأ من مرحلة الأكل إلى مرحلة الرعي ثم مرحلة الفروسية وتعلم شؤون الحرب إلى إن تصل إلى مرحلة الشيخوخة.
3/ كانت تقوم على المحاكاة و التقليد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خليف يوسف الطراونة ، أساسيات في التربية ، دار الشروق للنشر و التوزيع ، رام الله ط1 ، 2004 ، ص 47،48
- أنواع التربية البدائية: تنقسم إلى قسمين هما
1/ التربية العملية: وهي تقوم على تنمية قدرة الإنسان الجسدية اللازمة لسد الحاجات الأساسية مثل الطعام الملبس والمأوى وكان يقوم بها الأبوان والأسرة.
-التربية النظرية: وهي التي كان يقوم بها الكاهن أو شيخ القبيلة من خلال إقامة الحفلات والطقوس الملائمة لعقيدة الجماعة المحلية.
1-3 التربية في العصور القديمة :
بتطور الحياة وتعقدها أصبح من الصعب على الوالدين أو العائلة القيام بعملية التربية ، ومن هنا نشأت مهنة جديدة هي مهنة المربين أو الإطار الذي يرضى عنه المجتمع ، وكانت العملية التربوية تتم في الساحات العامة أو أماكن العبادة إلى إن تطورت الأمور ونشأت المدارس النظامية ومع هز ا التحول والتطور ظهرت الكتابة وبدأت الحضارات تسجل نظمها وقوانينها وشرائعها ومن هنا وصلت ألينا بعض المعلومات عن تلك الحضارات القديمة وأساليبها التربوية وطرقها في نقل التراث وتطبيع الإفراد وبطابع الجماعة .
ومن الأمثلة عن التربية في العصور القديمة مايلي :
- التربية الصينية:
كانت الغاية من التربية هي تعريف الفرد على صراط الواجب وكانت وظيفتها تقوم بالمحافظة على أعمال الحياة وما يتعلق بها من عادات وتقاليد والسير بموجب هذه المعاملات وكان ذلك يقوم عن طريق المحاكاة والإعادة والتكرار وظل الأمر كذالك إلى أن جاء كونفوشيوس وأوجد مفهوما جديدا للتربية والتي تهتم بدراسة الفضيلة وخدمة الأقارب وأدب اللباس وأشياء كثيرة في شؤون الفلسفة الروحية وكان ذالك يتم عن طريق المدارس التي كانت تهتم بنظام الامتحانات التي يدخلها التلميذ .
خليف يوسف الطراونة ، نفس المرجع ،ص 47/48
وتقسم الامتحانات إلى ثلاثة أقسام :
1/ امتحانات الدرجة الأولى: وتجرى كل ثلاثة أعوام وهي عبارة عن كتابة ثلاث رسائل مختارة من كتاب كونفوشيوس ويوضع الطالب أثناء الامتحان في غرفة لمدة (24 ساعة) .
2/امتحانات الدرجة الثانية : وتجري بعد أربعة أشهر من الامتحانات الأولى وهي تشبه الامتحانات الأولى إلا أنها تستمر ثلاثة أيام.
3/ امتحانات الدرجة الثالثة : والتي تقام في العاصمة وتدوم ثلاثة عشر يوما طبعا نسبة النجاح في هذه الامتحانات قليلة ، إلا أنها المعيار الذي يختار بناء عليه موظفو الحكومة والناجح في كل هذه الامتحانات يكون موضع ثقة الشعب واحترامه وكان الناجحون يرتدون لباسا خاصا بهم ولهم أوسمة يحملونها ولهم الصدارة في الحفلات والاجتماعات و الأعياد الرسمية ¹
- التربية عند المصريين القدماء :
نظرا لتعقد المجتمع والحياة المصرية القديمة ، كان لابد للمصري أن يتقدم خطوات أبعد من الإجراءات التربوية البسيطة التي كانت موجودة في مجتمعات أقل في المستوى الحضاري ولتعقد الحياة المصرية القديمة فلم يكن من المستطاع أن يكتسب الفرد الخبرات اللازمة لخلقه عضوا في المجتمع من مجرد عمليات تقليد الكبار ولهذا كان تعليما و نظاما مدرسيا معينا لابد من وجوده وفتحت المدارس ومعاهد علمية ، طرق أبوابها التلاميذ ليكتسبوا الخبرات الثقافية والتكنولوجية اللازمة لمجتمع ضرب سهما وافرا في التقدم الحضاري وخاصة في ميدان الصناعة ، على إن غرض المدارسبصورتها النظامية كان أكثر اهتماما بالأمور المتعلقة بتعلم اللغة و الأدب وإيديولوجية الدولة وقد اخضع الكهنة لنفوذهم الفنونوالحرف ومختلف المناشط الفنية العليا في الدولة ولم تكن هذه الفنون والحرف والتعلم في المدارس لكل من يريد تعلمها .²
1- خليف يوسف الطراونة ،نفس المرجع ، ص 48/49
2- سعد مرسي احمد ، تطور الفكر التربوي، عالم الكتاب ، القاهرة، ط11 ، 1998 ص103
ومن ناحية السياسية فقد شهدت مصر القديمة تطورا واضحا في نظام السياسة منذ أيام توحيد البلاد في عهد( مينا ) وقد ساعد هذا في توحيد على قيام النهضة المصريين شاملة في جميع النواحي إما النظام التربوي فكان يقسم إلى مايلي :
1/ مرحلة تعليم أولية للأطفال في المدرس ملحقة بالمعابد في مكان خاص بالعلم
2/ مرحلة متقدمة وهي عبارة عن مدارس نظامية يقوم بالتعليم فيها معلمون مختصون إلا أنها كانت تقتصر على أبناء الفراعنة والطبقة الأولى والخاصة
3/ مرحلة التعليم المهني
4/ مرحلة التعليم العالي كان لديهم جامعات تدرس علوم الرياضيات والفلك والطب والهندسة .
- التربية عند بني إسرائيل :
قبل ظهور المسيحية كانت التربية لدى العبرانيين تربية أسرية منزلية فلم تكن لديهم أي مدارس نظامية فكان الفتيان يتعلمون القراءة والكتابة أما الفتيات فكن يتعلمن الغزل والحياكة وتهيئة الطعام ورعاية شؤون المنزل والفناء والرقص كما اهتم العبرانيون بالتربية اهتماما كبير مما ساعد على المحافظة على عادتهم ومعتقداتهم هذا طوال العصور،رغم تشردهم في مختلف بلاد العالم
وقد مرت التربية عند العبرانيين بمرحلتين أساسيتين:
- المرحلة الأولى:التربية الدينية والقومية
في هذه الفترة الأولى قبل ظهور المسيحية كان العبرانيون قوما بدائيين محور حياتهم الأسرة وتوجيهاتها فلم يعرفوا الدولة ولا رئيسا لهم إلا الإله كما لم يعرفوا المدارس عامة بل اعتمدوا في تربية صغارهم على الوالدين في المنزل إذ كان الأطفال يربون على الإخلاص للإله ( يهود ) وكما تقول التوراة ( كونوا قديسين مثلما أنا قديس أنا ربكم الخالد ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خليف يوسف الطراونة ، مرجع سابق ص49
-المرحلة الثانية : تقدم التعليم العام
اختلف التعليم بعد ظهور الديانة المسيحية في هذه الفترة إذ أخذ العبرانيون بالتربية العسكرية كثيرا حيث أصبحت التربية عامة تهدف إلى تعليم الأطفال شؤون الثقافة والفكر، بعد أن كانت مقتصرة على تعليم المبادئ الخلقية الطيبة والعادات الدينية المقدسة وكان الطفل اليهودي يدخل المدرسة في سن السادسة حيث يتعلم فيها القراءة والكتابة وشيئا من التاريخ الطبيعي وكثيرا من الهندسة والفلك ويتضح مدى اهتمام اليهود وعنايتهم بإنشاء المدارس من الفترة التالية الواردة في التلموذ ( إذ لا يتجاوز عدد الأطفال خمسة وعشرين ، قاد المدرسة معلم واحد ، وإذا جاوز هذا العدد فعلى المدينة أن تؤجر مساعد له وإذا جاوز الأربعين لازمها معلمان ) ومما هو جدير بالذكر إن التربية النصرانية بينت التربية الشرقية الجامدة والمحافظة والتي تحد من حرية الفرد ونموه الشخصي وركزت على هذا الجانب الأخير وساعدت على تطويرها كثيرا.
سعيد التل ، المرجع في مبادئ التربية، دار الشروق للنشر والتوزيع ،عمان، ط1، 1993 ص13/14
-التربية عند اليونان والرومان :
التربية الغربية كتربية اليونان والرومان قد تميزت بروح التجديد والابتكار والحرية الفردية وكانت غاية التربية أن يصل الإنسان إلى الحياة السعيدة و الجميلة ويكون ذالك بوصوله إلى الكمال الجسمي و العقلي وكان الإغريق هم أول من تناول التربية من زوايا فلسفية وكانت التربية محور اهتمام فلاسفة أثينا حتى أن البعض يرى بان الثقافة والأفكار اليونانية هي أساس معظم الثقافات التي ظهرت في أوربا وهم ينكرون ما قدمته الحضارات الأخرى.
أما التربية، عند الرومان فكان للدين اثر كبير على الرومان على عكس ماكانت التربية اليونانية التي لم يكن للدين اثر عليها،كما أن التربية اليونانية تربية علمية فنية مثالية في حين أن التربية الرومانية كانت علمية مادية ،نفعية وكان غايتها خلق الفرد المتمرس في الفنون العسكرية والمتدرب على الشؤون الحياتية العلمية .
خليف يوسف الطراونة ، مرجع سابق ،ص5
-التربية عند العرب :
كان العرب في الجاهلية ينقسمون إلى قسمين كبيرين هما البدو والحضر وكانت العائلة هي أهم الوسائط التربية عند العرب وخاصة البدو ومنهم وكان أهم ما يتعلمه البدو هو الصيد والرماية والقنص وإعداد آلات الحرب بالإضافة إلى تعلم القتال لردع العداء ومنازلة الوحوش الصحراوية وكانت الوسيلة التربوية المتبعة في ذلك كله هي المحاكاة والتقليد أو طريقة النصح والإرشاد من الكبار السن وشيوخ العشائر. ¹
وفي غمار التقاليد الجامدة المتبنية عاش سكان شبه الجزيرة العربية وكانت ذخيرتهم العقلية مايتوارثونه جيلا عن جيل ويقول دي بور De Boer < ولم تكن عندهم الثمرات التي يتوصل إليها بالاجتهاد والتضامن الاجتماعي ولا الآثار الفنية الجميلة التي يؤتيها الفراغ والترف ولم يصلوا في التمدن إلى مرتبة أعلى من ذلك إلا بإطراف تلك الصحراء ، في دول تكونت بعض الشيء كثيرا ما كانت تتعرض لغارات يشنها البدو ...> وهكذا كان الحل في شبه الجزيرة العربية ولم تكن وحدة سياسية ولكن كانت هناك وحدة اللغة والاهتمام بالشعر وقوافيه وأوزانه ، حتى أن العرب انزلوا الشعراء بينهم منزلة حسنة وقد تخيرت القبائل أرجح رجالها عقلا وأعلى حكمة ليكونوا شيوخا فيها يحكمون بين الناس وترابطت القبائل فيم بينها بروابط التجارة والسوق الأدبية حتى انه يقال أن قصائد الشعر الساحرة كانت تنزل في أول الأمر منزلة وحي الكهان و كانت القبائل ترفع السيوف بعد سلام سعيا وراء خير أو رد للإهانة .²
وكانت التربية مقتصرة على تعليم الأطفال القراءة والكتابة وقليل من الحساب ³
1- خليف يوسف الطراونة، نفس المرجع ص51
2- سعد مرسي احمد، مرجع سابق ص 205/206
3- خليف يوسف الطراونة ، مرجع سابق ص53
1-4 التربية في القرون الوسطى:
1/ التربية المسيحية:
أثرت ولادة سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام على المجتمع الروماني تأثيرا كبيرا إذ كان لها كبير الأثر على نقل السلطة الرومانية من المستوى المدني الدنيوي إلى المستوى الروحي وكان هدف الدين المسيحي تخليص المجتمع والعالم بأكمله من النظام الوثني الفاسد حذرت الكنيسة من أن عملية الإصلاح لاتتم في الأمة إلا من خلال تغيير الأفراد أنفسهم وبهذا اصطبغت التربية المسيحية بالصبغة الدينية الصرفية والتي بدأت من الأسرة ثم الكنيسة وبقي الحال كذلك إلى أن أضيفت تربية دنيوية وحيدة وهي الفروسية وذلك في عصر الإقطاع الزراعي على يد بعض الأباطرة والملوك الأقوياء ولم يسمح للمسيحيين بإنشاء مدرس إلا بعد أن ظهر رجال أقوياء منهم أثروا على أباطرة الرومان وقاموا بإنشاء مدارس خاصة بهم إلى جانب المدارس الرومانية الوثنية وبالتدرج انتقلت سلطة المدارس الرومانية للكنيسة وبقى الحال كذالك لفترة طويلة من الزمن إلا أن التعليم في هذه الفترة كان مقتصرا على رجال الكنيسة وأبناء الطبقات العليا فوصلت دول أوربا المسيحية في ذالك الوقت إلى عصر الظلم والانحطاط .
2/ التربية في العهد الإسلامي :
بعد أن كانت التربية قبل الإسلام مقتصرة على تعليم الأطفال القراءة والكتابة وقليلا من الحساب جاء الإسلام بتربية جديدة فحرص على التعليم وقد حرص القران الكريم والرسول عليه الصلاة والسلام على حث المؤمنين على طلب العلم فقال الله تعالى:«قل هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعلمون » .« وقل ربي زدني علما» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم << طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة >>
خليف يوسف الطراونة ، نفس المرجع ،ص52/53
وكان للتربية الإسلامية خلفية جسدية تهتم بأخلاق الفرد وتنمية القوى الجسدية وخلق المحارب وبث روح الفضيلة ،وغرس الصفات النبيلة عنده كالإخلاص والوفاء وكرم الضيافة ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية لاعب ولدك سبعا وأدبه سبعا واصحبه سبعا ثم اترك بعد ذالك << تصابوا لصبيانكم >> .
وهذا القول يعتبر منهجا تربويا كاملا وتقدميا ولقد استفاد المسلمون من الثقافات القديمة فأضافوا إليها الكثير من تعاليمهم وفلسفتهم وطرق حياتهم وجوهر التربية الإسلامية نابع من الفلسفة الدينية الإسلامية وهي أن الإسلام ليس مجرد شريعة ودين وإنما هو فلسفة كاملة وطريقة حياة شاملة تدعوا العقول للعمل و التفكير ولم تكن المدارس بالمفهوم الحديث موجودة في العصر الإسلامي فقد كان التعليم في المساجد و الكتاتيب وحوانيت الوراقين وهكذا كان للتربية الإسلامية مكانة واضحة وملحوظة في هذا الإطار الحضاري وكان لها أصولها التي جاءت من العصور الجاهلية القديمة وتبلورت بالإسلام الذي رفعها إلى التقدم والانتشار.
واهتمام التربية الإسلامية المتوازن بالدنيا والآخرة انعكس على اهتمامها بتربية الإنسان ، حيث اهتمت بجوانب الشخصية المختلفة اهتماما متوازنا فجمعت بين (تأديب النفس ،تصفية الروح ، تثقيف العقل. تقوية الجسم ) .
ومن ثم اهتمت بتدريس جميع أنواع العلوم وهدفها في ذالك تعميق الإيمان بالله تعالى في نفوس المسلمين، من خلال فهمهم لقوانين الكون ونظامه المحكم الذي يدل على عظمة الخالق عز وجل وقدرته وسلطاته .
خليف يوسف الطراونة ، نفس المرجع ، ص 53
1-5 التربية في العصر الحديث : ( عصر النهضة )
كان لهذه النهضة اثر كبير في إيجاد نضام جديد يخدم ظهور الدول الحديثة وظهور تنظيمات سياسية ( مركزية ولامركزية ) والسعي إلى النمو الاقتصادي والتغير الاجتماعي ،الذي حدث بعد إن كانت النظم الفكرية في العصور الوسطى الأوروبية تقدم على حركة الأديرة ( الدير ) والنظام الكنسي في التعليم فالحاجة إلى التعليم ، إذ جاءت لتخدم تلك الدول الحديثة وتساعدها في نشر ثقافتها والسيطرة على عملية التربية .
ولقد تميزت هذه الفترة بالسمات التالية :
1/ استبدلت الأبحاث اللفظية الجدلية بالأبحاث الواقعية العملية.
2/ أصبحت التربية تقيم وزنا للصحة النفسية والجسدية وتعنى بتدريب الجسم كما تعنى بإطلاق سراح العقل وتحريره من قيوده.
3/ صارت التربية تهدف إلى تكوين الإنسان ككل في جسمه وعقله وذوقه .
ومن أهم نتائج عصر النهضة و الثورة الفكرية ظهور التربية الواقعية فاتجهت الأنظار إلى اللغات وآراءها ، إلى الدين وإصلاحه في القرنين الخامس عشر والسادس عشر ، أما في القرن السابع عشر بدأت الروح العلمانية تظهر ظهورا واضحا ، إذ امتازت التربية في هز القرن بنزعتها النقدية الإصلاحية حتى ظهرت النزعة التربوية القومية وفكرة التربية الشعبية العامة ثم بعدها ظهرت النزعة الطبيعية على يد جون جاك روسو والتي تعتبر الغاية من التربية هي تنمية مواهب الطفل واستعداداته الطبيعية بطريقة سليمة أما في القرن التاسع عشر فقد أصبحت علما يقوم على أساس عملية عقلية ، وظهرت على أثرها الأبحاث والدراسات التربوية المختلفة والمتنوعة ، وفي القرن العشرين ظهرت فلسفات تدعوا إلى تغيير إطار المدرسة التقليدية ، إطار الصف والمعلم داعيا إلى إضافة الوسائل التربوية والمخترعات الحديثة في العملية التربوية حيث أصبحت التربية عملية مستمرة ودائمة ولاقتصر على مرحلة الطفولة والمدارس ، دون تفريق بين طبقة وأخرى ، أو جنس وأخ
خليف يوسف الطراونة ، نفس المرجع ، ص 55/56
1-6 التربية المعاصرة:
تحتل التربية المعاصرة مكانا لم تحتله في أي عهد من العهود وهذا يلاحظ من خلال ما يوليه رجال السياسة والفلسفة والعلم والفكر من اهتمام بالعملية التربوية ويعتمد كثير من رجال الفكر على التربية في نشر فكرة أو معتقد جديد أو مبدأ من المبادئ أو فلسفة من الفلسفات .
ويرى علماء العصر الحديث أن العملية التربوية عبارة عن عملية تفاعل بين المربي و المتربي ليصلا معا إلى الهدف التربوي.
ومن مميزات التربية المعاصرة أن التربية أصبحت متقدمة على التعليم وأعطيت الأهمية اكبر لإعداد الإنسان الصالح لكل مكان وليس المواطن الصالح لوطنه فقط وهذا لا يلغي مفهوم التربية الوطنية ولكن توسيع من الانتماءات القطرية إلى القومية فالعامية الإنسانية.
و استعمال الأساليب الحديثة والمتطورة وذلك باستعمال الأدوات والأجهزة الحديثة في العملية التربوية .
خليف يوسف الطراونة ، نفس المرجع ، ص56/57
خلاصة الفصل
بعد أن تطرقنا إلى سيرورة عملية التربية عبر العصور من الإنسان البدائي إلى إنسان اليوم يمكن القول أننا من خلال سردنا لهذه الوقائع التاريخية والتربوية قد توصلنا إلى حوصلة من الأفكار والنتائج إلا وهي وجود ما يسمى بالأصالة والمعاصرة كمفهومين يشكلان المعنى التربوي للمجتمعات والتربية عموما بينا أن اختلاف الأفكار التربوية باختلاف الأعراف والتقاليد بين سيطرة شيوخ القبائل على التربية وتسلط الكنيسة من جهة أخرى وصولا إلى عهد التحرر في الحضارة الإسلامية ومنه يمكن القول أننا توصلنا إلى حقيقة وهي أن التربية تأخذ ماهيتها من المجتمع الذي تنبت فيه فمفهوم التربية عند الفراعنة ليس كمفهومها عند الصينيين ولا عند العرب فلكل مجتمع فكره وتفكيره.
- yara Crazyعضو محترف
- رقم العضوية : 2016
الجنس : عدد المساهمات : 8007 نقاط التميز : 10221 تقييم العضو : 158 التسجيل : 27/12/2009 العمر : 33 الإقامة : الجزائر
تمت المشاركة الأحد ديسمبر 22, 2013 12:06 am
يسلموووووووووووا خي بارصااا جزااك الله خيرا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى