سجّلت أوكرانيا هدفين نظيفين في شباك ضيفتها فرنسا لتدنو خطوة قيّمة على درب الوصول إلى البرازيل عقب المباراة التي جمعت بينهما اليوم في كييف ضمن مواجهة ذهاب الدور الحاسم الأوروبي المؤهل إلى كأس العالم 2014.
وعلى الملعب الأولمبي في العاصمة كييف وقّع هدفي أوكرانيا، الثنائي رومان زوزوليا (61) وأندريه يارمولينكو من علامة الجزاء (83).
ويمكن القول إنّ أبناء المدرب الأوكراني ميخائيل فومنكو قد نجحوا في إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد، إذ علاوة على الاقتراب خطوة كبيرة نحو المونديال، نجح في الثأر من هزيمته الأخيرة أمام ذات المنتخب ضمن منافسات دور المجموعات من كأس أمم أوروبا "يورو 2012" بنتيجة (2-0).
كما اقتربت أوكرانيا من فك النحس الذي يلازمها في الملحق حيث تملك تاريخاً مريراً بعدما خرجت خالية الوفاض وحرمت من المونديال أمام كرواتيا (1998) وألمانيا (2002) واليونان (2010) ومرة واحدة من اليورو أمام سلوفينيا (2000).
ووجدت فرنسا بقيادة مدربها وقائدها السابق ديدييه ديشان نفسها أمام كابوس تصفيات مونديال 1994 عندما رمت المنديل أمام بلغاريا وانهزمت بنتيجة (1-2) في باريس في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، غير أنّ أمل الفرنسيين يبقى قائماً على الرغم من صعوبته، ويظلّ زملاء نجم بايرن ميونيخ الألماني فرانك ريبيري المرشح لجائزة أفضل لاعب في العالم هذا العام، مطالبين بالتدارك في موقعة "ستاد دو فرانس" الثلاثاء المقبل.
تحويرات ديشان
ما يجدر الإشارة إليه في بداية المواجهة هو الخيار الفني الذي اعتمده المدرب ديدييه ديشان، الذي أرسى معالم خطة (4-2-3-1) باعتبارها الخطّة التي ميّزت فرنسا في عهد ديشان، ولكن ما لُوحظ هو الإبقاء على مهاجم ريال مدريد الإسباني كريم بنزيمة على دكة البدلاء ليحلّ محلّه أوليفييه جيرو إلى جانب "المتوهّج" في الفترة الأخيرة لويك ريمي صاحب 7 أهداف في الـ"بريميرليغ" حتى الآن بقميص نيوكاسل الإنكليزي، كما استهلّ الفتى المدلل الجديد لقلعة "السيدة العجوز" بول بوغبا أساسياً في حين ظلّ يوهان كاباي خيار الدكّة.
في النصف الأول من حوار البطاقة الحاسمة في الذهاب إلى البرازيل، سيطرت الخشونة الزائدة عن الحد في بعض الأحيان وأسلوب العنف كترجمة واضحة عن قيمة الرهان ورغبة المنتخبين في الخروج بنتيجة إيجابية أو على الأقل الخروج بأخف الأضرار في انتظار موعد الإياب في باريس بعد 4 أيام فقط.
اجتهاد يارمولينكو ورصانة الديوك
كانت البداية محتشمة من الجانبين، حيث استهلّ الفرنسيون المواجهة بمحاولة رأسية من أوليفييه جيرو بعد عرضية متقنة من زميله ماتيو ديبوشي، إلاّ أنّها لم تشكّل أية خطورة على مرمى الحارس الأوكراني أندريه بياتوف (6)، ليردّ أصحاب الأرض سريعاً من كرة للمهاجم "المزعج" أندريه يارمولينكو الذي ناور الدفاع الفرنسي لكنّ كرته استقرّت في أحضان هوغو لوريس بلا مشاكل (7).
وعاد منتخب "الزرق" ليمتلك المبادرة من جديد ويبادر بتهديد مرمى منافسه من عمل هجومي منسّق استهلّ بتمريرة نصري الذكية إلى نجم الفريق البافاري فرانك ريبيري وسط مناطق الجزاء والأخير أهدى كرة ذكية لرأس الحربة جيرو الذي كاد يدوّن الهدف الافتتاحي لولا تفطّن الدفاع الأوكراني (16).
مع الاقتراب من ربع الساعة الأخير في المباراة تسلم الأوكرانيون دفّة قيادة المباراة وسجّلوا بعض المحاولات الجادّة التي كادت تسفر عن أهداف لولا رصانة الدفاع الفرنسي في كل مرّة، وتبقى أبرزها فرصة مهاجم دنيبرو إدمار دي لاسيردا ذي الأصول البرازيلية والذي ارتمى إلى توزيعة زميله روسلان روتان برأسية رشيقة جاورت القائم (28)، كما كان يافين كونوبليانكا قاب قوسين أو أدنى من بلوغ الهدف غير أنّه فشل في استثمار لوحة فنية مشتركة بين يارمولينكو "رجل الشوط الأول" وإدمار إثر تسديدة كرة في موقع مناسب بقدم ماتيو ديبوشي الذي تدخّل في الوقت الحاسم (39).
ساعدت المخاوف المشتركة التي سيطرت على أداء المنتخبين الحكم التركي كونيت شاكير لإخراجه هذا الشوط نظيفاً في ظلّ غياب عنصري المفاجأة والجرأة من الدكة الفنية إذ غلبت الحسابات على واقع اللقاء ليمنع ارتقاءه إلى مستوى فنّي كبير.
زوزوليا يفاجئ ونصري يرفض العودة
على الرغم من أنّ بداية الشوط الثاني لم تكن توحي بأية سيناريوهات مغايرة لما انتهى عليه الشوط الأول عدا تسديدة أوكرانية عشوائية بقدم فيدتسكي (53)، بيد أنّ مهاجم دينامو كييف سابقاً ودنيبرو راهناً رومان زوزوليا كان يعدّ مفاجأة غير سارة لأبناء ديشان، حيث تمكّن من افتتاح باب التسجيل عقب استثماره لبينية ماكرة من إدمار، تسلمها وسط ارتباك واضح للخط الخلفي الفرنسي ووضع كرة على سهولتها دخلت المرمى بتهاون من لوريس ومدافعيه (61).
بعد التأخّر بهدف زوزوليا كان واجباً على الفرنسيين رد الفعل وهو ما جاء سريعاً بكرة سانحة أهداها جيرو لنصري الذي انفرد وجهاً لوجه بالحارس بياتوف ولكنّه أهدرها بغرابة (65).
بنزيمة يحضر وشبح زوزوليا يظهر مجدّداً
في الدقائق العشرين الأخيرة بادر ديشان بلعب آخر أوراقه الهجومية بدخول كل من كريم بنزيمة مكان جيرو (70) وماتيو فالبوينا بديلاً عن سمير نصري (80)، وكان من المتوقّع مع إجراء هذين التغييرين أن يضغط الديوك على نظرائهم وأن يتمكّنوا من خلق فرص واضحة لإدراك التعادل لكنّ كلمة السر في هذه المواجهة رومان زوزوليا عاد مجدّداً ليمثّل الكابوس المزعج للكتيبة الفرنسية، حيث أجبر مدافع أرسنال لوران كوسيلني على ارتكاب خطأ عليه داخل منطقة الجزاء لم يتردّد الحكم شاكير للإعلان عن ركلة جزاء دوّن منها المميّز يارمولينكو الهدف الثاني لمنتخب بلاده (82).
ما تبقّى من أحداث موقعة كييف لم تكن سوى عيّنة واضحة عن الوجه الشاحب الذي ظهر به سفراء عاصمة النور في الشوط الثاني، وما زاد الطين بلّة خروج كوسيلني بالبطاقة الحمراء بعد اعتدائه المجاني على المهاجم الأوكراني بالإضافة لخروج مدافع أوكرانيا كوتشر أيضاً بالبطاقة الحمراء.