تصوروا
معي بأننا في يوم الأحد 15 نوفمبر2009 , وهو اليوم الموالي لمباراتنا مع
مصر, وقد تأهلنا إلى المونديال , وعشنا ليلة ليست ككل الليالي , غنينا
فيها ورقصنا , وهتفنا بصوت واحد "تحيا الجزائر" .
-- صبيحة الأحد 15
نوفمبر الجزائريون لن يستيقظوا لأنهم أصلا لن يناموا ليلتها, كيف لا وقد
تحقق حلم انتظروه قرابة ثلاثة عقود من الزمن, شاركوا في بلوغه كلهم
بجوارحهم وأعصابهم, كبارهم وصغارهم, نسائهم ورجالهم.
-- يوم الأحد 15
نوفمبر سيكون عطلة مدفوعة الأجر في الجزائر بقرار من الحكومة أو بدونه ,
رغم أن الجزائريين يقدسون العمل والعطاء و يدركون بأن حالنا لن يستقيم إلا
بالمزيد من العمل والبذل والجهد ونكران الذات و حب الخير والتآخي بيننا .
--
يوم الأحد 15 نوفمبر الصحف الجزائرية ستتفنن في إيجاد عناوين لإصداراتها
وهناك حتى من يكتب "تحيا الجزائر" في مكان اسم الجريدة , وهناك من سيكتب
"فعلها الرجال" وأخر سيعنون "النصر من أرض مصر"
-- صبيحة الأحد 15
نوفمبر الوفد الجزائري البطل سيكون باكرا في مطار القاهرة على موعد مع
رحلة العودة إلى الجزائر وبحوزتهم بطاقة التأهل يتعجلون ركوب الطائرة و
يتمنونها رحلة سريعة سرعة البرق تحط بهم في أرض الرجال في بضعة دقائق.
--
صبيحة الأحد15 نوفمبر مطار الزعيم الراحل هواري بومدين رمز عزة الجزائر و
شموخها لن تطير منه ولن تحط فيه طائرة إلى غاية وصول الأبطال , ولن يسع
الجماهير الكبيرة التي ستأتي مهنأة و مستقبلة بالأحضان .
-- يوم
الأحد 15 نوفمبر لا حديث في كل الجزائر سوى عن سيناريو المباراة و الأداء
الرجولي للاعبين و فرحتهم في نهاية اللقاء وأي التصريحات والدموع التي
أثرت بهم. الكل يروي كيف عاش اللقاء, وكيف كان رد فعله أثناء و بعد
المباراة وكيف تصرف بعد تسجيلنا الهدف أو الأهداف.
-- يوم الأحد 15
نوفمبر الجزائريون الأحرار لن يذكروا أختنا الكبرى مصر إلا بكل الخير لأن
انتصارنا وتأهلنا لن يكون على حساب مصر ولكنه انتصار لأنفسنا وشبابنا
ووطننا وانتصار على هذا الزمن اللعين الذي فعل بالجزائر ما لم يفعله
الأعداء .
-- يوم الأحد 15 نوفمبر كل ما نتمناه أن لا نحصي ضحايا
آخرين بسبب نوبات قلبية أو بسبب حوادث المرور نتيجة الإفراط في التعبير عن
الفرحة و السعادة مثلما حدث في الاحتفالات السابقة عندما فقدنا أكثر من
عشرين مواطنا ومئات الجرحى بسبب ذالك الإفراط .
-- يوم الأحد 15
نوفمبر ستكون قد مرت 15 يوما على الاحتفالات بالذكرى الخامسة والخمسين
لاندلاع ثورة التحرير المجيدة , وسيكون التاريخ موعدا لانطلاق ثورة
جزائرية جديدة في كرة القدم والرياضة الجزائرية وفي كل مناح الحياة أساسها
الحب و الأخوة والجهد والعمل والافتخار والاعتزاز بوطننا الغالي رغم الداء
والأعداء ...
-- يوم الأحد 15 نوفمبر سنهنئ المصريين على صمودهم و
جهودهم لأن روح المقاومة لديهم أعطتنا القوة , وتحديهم ألهمنا ولن نهينهم
لأننا نكبر بهم . أما إذا تفوقوا علينا سيتأجل حلمنا و سنعترف لهم بأن
منتخبهم أفضل, ونعود إلى رشدنا لنجدد العهد على الاستمرار في العمل و
العطاء وبذل الجهد لأن بلدنا و شعبنا أكبر بكثير من أي فوز أو خسارة في
لعبة اسمها كرة القدم , غير أن الفوزسيحي فينا الروح الوطنية و حبنا
لوطننا في وقت لن يقتل فينا الإقصاء اعتزازنا ببلدنا الذي بذل مليون ونصف
المليون من أجدادنا أرواحهم الغالية من أجل عزتنا ... و نحيا الجزائر .