الســلام عليــكم ورحمــة الله تعالى وبركــاته
الحمايــة الجنائيــة للمستهلكـ في ظــل أحكــام القانون رقم
03/09 المؤرخ في 2009/02/25 المتعلق بحمــاية المستهلكـ وقمـع الغش .
وفي الحقيقــة هــذا الموضوع عبــارة عن مداخلــة للأستاذة خالدي فتيحـة
ـ أستاذة مساعدة بالمركز الجامعي بالبويرة ـ
فقــط ومن أجل الالمام بالموضوع كما يجب، أضع قانون حمايــة المستهلكـ وقمع
الغش أولا هنـــا للتحميــل ، من اجل السهولة في الرجوع الى المواد
المذكورة في الموضوع أدناه ، للتحميــل من هنــا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
فأرجوو للجميــع الاستفادة
.
.
.
.
.
مقدمـــة :
يقصد بالمستهلك في مفهومة الضيق ، كل شخص يتعاقد قصد إشباع حاجاته الشخصية
والعائلية ، ويقابله المستهلك المهني وهو الشخص الذي يعمل لمتطلبات مهنته
فيقوم بتأجير محل لممارسة التجارة أو يشتري سلعة بغرض إعادة بيعها أو يقترض
مال لتطوير وترقية مؤسسته ، إذن هدف النشاط الذي يقوم به هو الذي يصنفه
ضمن المهنيين أو ضمن المستهلكين .
ونتج عن التطور الاقتصادي والاجتماعي خاصة في إطار الانفتاح عن الأسواق
العالمية ظهور شركات وأشخاص طبيعية قوية منافسة هدفها السعي لتقديم خدمات
يحتاجها المستهلك ، ترتب على هذا الوضع عدم التوازن بين المهني (المتدخل)
الذي يملك قوة اقتصادية وبين المستهلك وهو الطرف الضعيف في العلاقة ، عن
طريق الغش في المعاملات التجارية .
والحقيقة أن الغش في المعاملات التجارية مرتبط بالحياة الاجتماعية نتيجة
الحرب الأزلية بين النزهاء والمنحرفين ، لذلك نجد المجتمع يحارب هذه
الظواهر لتغيير المنكر ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن الرسول صلى الله
عليـه وسلم قـال :" من غشنا فليس منا " .
وعليه فمرتكب الفعل الضار (الغش) يكون مسؤول من قبل الدولة والمجتمع ، عن
طريق عقوبة نوقع عليه باسم المجتمع ، لهذا السبب ظهرت آليات ووسائل عديدة
ومتنوعة لحماية المستهلك.
في هذا الصدد تضمن قانون العقوبات جزاءات توقع على كل شخص يستغل المستهلك
بصفة غير شرعية عن طريق الغش أو التحايل أو المنافسة غير المشروعة ، إلا أن
قواعد قانون العقوبات لم تكن كافية لتوفير الحماية اللازمة للمستهلك مما
دفع المشرع للتدخل لسن قانون خاص بحماية المستهلك ، نظم به أحوال المستهلك
لخلق نوع من التوازن بين المستهلكين والمنتجين من جوانب متعددة منها الجانب
العقابي أو الجزائي ، وهذا بمقتضى القانون رقم 09-03 المؤرخ في 29 صفر
1430 الموافق ل25/02/2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش .
فكيف نظم المشرع أحكام الحماية القضائية الجزائية للمستهلك في هذا القانون ؟
وهل تكفي هذه الآليات القضائية الجزائية لتوفير الحماية المنشودة للمستهلك
؟
للإجابة على هاته الإشكالية أسعى إلى توضيح هذا الموضوع من خلال تناوله في
مبحثين ، أبين في الأول الأفعال المجرمة التي يرتكبها المتدخل(وهو كل شخص
طبيعي أو معنوي يتدخل في عملية عرض المنتوجات للاستهلاك) ضد المستهلك و
بالمقابل في المبحث الثاني أتطرق إلى الجزاءات الموازية التي جاء بها
القانون السابق ذكره ، وفي الأخير وكخاتمة لموضوعنا نقدم بطاقة تقييمية
للحماية الجزائية للمستهلك في ظل نفس القانون و مدى نجاعتها خاصة في واقع
عالم التجارة في بلادنا مستخلصة ما أمكنني الوقوف عنده من توصيات .
المبحث الأول : الأفعال المجرمة المرتبكة من طرف المتدخل
ضد المستهلك في ظل أحكام القانون رقم09-03 المؤرخ في 25/02/2009 المتعلق
بحماية المستهلك وقمع الغش .
المتدخل هو كل شخص طبيعي أو معنوي يتدخل في عملية عرض المنتوجات للاستهلاك
مهما كانت صفته سواء كان تاجرا أو منتجا أو مصنعا المهم أن تربطه
بالمستهلك علاقة ضمان سلامة هذا المنتوج ، ولما كانت مخالفة المتدخل
لقواعد الضمان متصورة قرر المشرع الجزائري مجموعة من النصوص القانونية
الرادعة تنوعت بين قانون العقوبات المعدل والمتمم وبين القانون رقم 09-03
المؤرخ في 25/02/2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش في شكل عقوبات
جزائية تدرجت حسب جسامة الفعل الإجرامي المرتكب بالتالي نتناول في هذا
المبحث الأفعال الإجرامية المحتمل ارتكابها من طرف المتدخل حسب القانون
السابق ذكره من خلال مطلبين يتضمن الأول الجرائم المتعلقة بمخالفة القواعد
الإجرائية لضمان سلامة وامن المنتوج ، ويخص الثاني الجرائم المتعلقة
بمخالفة القواعد الموضوعية لضمان السلامة الصحية للمستهلك.
المطلب الأول : الجرائم المتعلقة بمخالفة قواعد ضمان سلامة وامن المنتوج.
قد يرتكب المتدخل بعض الأفعال المجرمة المتعلقة بمخالفة القواعد الإجرائية
لضمان سلامة وامن المنتوج ، ويتعلق الأمر حسب نصوص القانون رقم 09-03
المؤرخ في 25/02/2009 بكل الأفعال ذات الصلة بالإخلال بالالتزام بضمان
سلامة وامن المنتوج وتتوزع إلى ثمانية أفعال معاقب عليها ضمن نصوص القانون
الجديد وهو ما سنتعرض له فيمايلي.
الفرع الأول: جريمة عرقلة ممارسة مهام الرقابة
يقصد بهذه الجريمة عرقلة ممارسة مراقبة المطابقة من طرف الأعوان المذكورين
في نص المادة الخامسة والعشرون (25) من القانون رقم 09-03 المؤرخ في
25/02/2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش كرفض تسليم الوثائق ومنع
الدخول الى المحال ، وتعتبر هذه الجريمة جنحة ، يتمثل ركنها المادي في رفض
تسليم الوثائق أو المنع من الدخول إلى المحال الصناعية أو محال التخزين أو
البيع أو بأية كيفية أخرى سواء من طرف الصانع أو المنتج أو البائع
(التاجر).
و تعتبر جريمة عرقلة ممارسة مهام الرقابة من الجرائم العمدية التي يجب لقيامها توفر القصد الجنائي حال ارتكاب السلوك الإجرامي .
ونشير إلى أن نصوص القانون رقم 89-02 المؤرخ في 07 /02/1989 المتعلق
بالقواعد العامة لحماية المستهلك الملغى والمرسوم التنفيذي رقم 90-39 ،
أشارت هي الأخرى إلى هذه الجريمة في نص المادة الخامسة والعشرون (25) منه
بنفس الطرح تقريبا .
الفرع الثاني : جريمة مخالفة امن المنتوج
تصنف جريمة مخالفة امن المنتوج على أنها جنحة ترتكب من طرف كل متدخل في عملية الاستهلاك إذا ثبت ارتكابه لأحد الأفعال الآتية :
- الإخلال بمميزات المنتوج وتركيبته وتغليفه وشروط تجميعية وصيانته
- تأثير المنتوج على المنتوجات الأخرى عند توقع استعماله مع هذه المنتوجات
- الإخلال بإلزامية عرض المنتوج ووسمه
والتعليمات المحتملة الخاصة باستعماله وإتلافه وكذلك كل الإرشادات أو
المعلومات الصادرة عن المنتج
- إمكانية تعرض بعض فئات المستهلكين لخطر جسيم نتيجة استعمال المنتوج ، خاصة الأطفال
مع الإشارة إلى أن القواعد المطبقة في مجال امن المنتوجات يحددها التنظيم.
إذن يعتبر الإخلال بالالتزامات المذكورة بمثابة عناصر الركن المادي في هذه
الجريمة، إذ تتحقق النتيجة الإجرامية بمجرد تحقق إحدى المخالفات المعينة،
بالإضافة إلى الركن المعنوي والمتمثل في القصد الجنائي أي ارتكاب الأفعال
السابقة عن نية قصد وإدراك تام .
الفرع الثالث : جرائم مخالفة قواعد : مطابقة المنتوجات ، إلزامية الضمان ، تجربة المنتوج ، إعلام المستهلك
نتناول في هذا الفرع أربعة أفعال مجرمة نظمها بالنص المشرع في القانون رقم
09-03 المؤرخ في 25/02/2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش وكلها
التزامات تقع على عاتق المتدخل ، ويتعلق الأمر بجريمة مخالفة إلزامية
مطابقة المنتوجات وجريمة مخالفة إلزامية الضمان وتنفيذ خدمات ما بعد البيع ،
بالإضافة إلى جريمة مخالفة تجربة المنتوج و جريمة مخالفة إعلام المستهلك.
أولا : جريمة مخالفة إلزامية مطابقة المنتوجات
يعتبر الالتزام بمطابقة المنتوج للمواصفات القانونية من أهم الالتزامات
التي تقع على المتدخل ، والهدف من ذلك أن يلبي كل منتوج معروض للاستهلاك من
حيث طبيعته وصنفه ومنشئه ومميزاته الأساسية وتركيبته ونسبة مقوماته
اللازمة وهويته وكمياته وقابليته للاستعمال والأخطار الناجمة عن استعماله ،
بالإضافة إلى ذلك يجب أن يستجيب لرغبات المستهلك المشروعة من حيث مصدره
والنتائج المرجوة منه والمميزات التنظيمية من ناحية تغليفه وتاريخ صنعه
وأقصى تاريخ لاستهلاكه وكيفية استعماله وشروط حفظه والاحتياطات المتعلقة
بذلك والرقابة التي أجريت عليه
ويقع الالتزام بالمطابقة على كل متدخل في عملية عرض المنتوج للاستهلاك ،
ويكون هذا في كل المراحل حتى قبل الإنتاج إلى غاية العرض النهائي للاستهلاك
ويترتب هذا الالتزام في كل الأوقات والمراحل ، وبهذا فهو يختلف عن
الالتزام بالضمان الذي سوف نتعرض له فيمابعد.
وعلى العموم يجب على كل متدخل إجراء رقابة مطابقة المنتوج قبل عرضه
للاستهلاك طبقا لما هو معمول به ووفقا للتشريع الساري في هذا المجال ، بحيث
تكون هذه الرقابة متناسبة مع طبيعة العمليات التي يقوم بها المتدخل حسب
حجم وتنوع المنتوجات موضوع الاستهلاك والوسائل التي يجب ان يمتلكها مراعاة
لاختصاصه والقواعد والعادات المتعارف عليها في هذا المجال .
ولايعفي المتدخل من الالتزام بالمطابقة ، إجراءات الرقابة التي يقوم بها أعوان قمع الغش المذكورين في المادة 25 من القانون الجديد
وتمثل جريمة مخالفة إلزامية مطابقة المنتوجات جنحة ، يجب لقيامها الى جانب
الركن المادي المتمثل في ارتكاب المتدخل احد الأفعال المذكورة أعلاه ، يجب
كذلك توفر الركن المعنوي أي ارتكاب الجريمة عن قصد وإدراك ، بالإضافة إلى
الركن الشرعي الذي نفصل فيه حين التعرض إلى الجزاء المترتب عن ارتكاب هذه
الجريمة.
ثانيا: جريمة مخالفة إلزامية الضمان وعدم تنفيذ خدمات ما بعد البيع.
يستفيد كل مستهلك يقتني منتوج سواء كان جهازا أو أداة أو آلة أو عتاد أو
مركبة أو أي مادة تجهيزية من الضمان بقوة القانون كما يمتد هذا الضمان إلى
الخدمات .
ويقوم الضمان عن كل نقص في قيمة أي من المنتجات أو نفعها بحسب الغاية
المقصودة ، بحيث يؤدي إلى حرمان المستهلك كليا أو جزئيا من الاستفادة بها
فيما أعدت من اجله ، بما فيها النقص الذي ينتج من الخطأ في مناولة السلعة
أو تخزينها ، ما لم يكن المستهلك هو من تسبب في وقوعه .
والعيب في المنتج يمكن تناوله من عدة جوانب ، إذ قد يكون له جانب مادي أو
وظيفي أو عقدي ، فمن الناحية المادية يعني العيب الذي يتلف الشيء أو يلحق
به الهلاك ويؤدي إلى الانتقاص من قيمته أو منفعته .
أما من الناحية الوظيفية فهو العيب الذي يصيب الشيء في أوصافه أو في خصائصه
بحيث يجعله غير صالح للغرض المعد من اجله ، في حين المقصود به من الناحية
العقدية هو تخلف صفة في المبيع التزم البائع للمشتري وجودها .
غير ان المتفق عليه فقها وقضاء هو المقصود بالعيب الوظيفي ، إذ يكون المبيع
معيبا منذ اللحظة التي يكون فيها غير صالح لتأدية الغرض المطلوب أو تصبح
صلاحيته لتأدية ذلك الغرض ضئيلة لو كان يعلمها المستهلك قبل الشراء لما أتم
الشراء أو كان ليدفع ثمنا اقل
وفي حالة ظهور العيب الخفي يجب على كل متدخل في خلال الفترة المحددة ،
استبداله أو إرجاع ثمنه أو تصليح المنتوج أو تعديل الخدمة على نفقته ، دون
أية أعباء إضافية من جانب المستهلك.
كما يلتزم المتدخل في إطار تنفيذ خدمة ما بعد البيع وبعدما تنقضي فترة
الضمان المحددة قانونا ، أو في الحالة التي لا يلعب فيها الضمان دوره ،
ضمان وصيانة وتصليح المنتوج المعروض في السوق .
وتقوم جريمتي مخالفة إلزامية الضمان وعدم تنفيذ خدمات ما بعد البيع في حالة
مخالفة المتدخل لقواعد الضمان وتنفيذ خدمات ما بعد البيع المنصوص عليها في
المادتين 13 و 16 من القانون رقم 09-03 المؤرخ في 25/02/2009 المتعلق
بحماية المستهلك وقمع الغش والتي تمثل الركن المادي في هاتان الجريمتان ،
بالإضافة إلى الركن المعنوي وهو القصد الجنائي أي ارتكاب الجريمة عن نية
وإدراك تام ، وكذلك الركن الشرعي .
ثالثا: جريمة مخالفة إلزامية تجربة المنتوج
يستفيد المستهلك أو مقتن لأي منتوج حسب أحكام القانون رقم 09-03 من حق
تجربته ، سواء كان جهازا او اداة او الة او عتاد أو مركبة أو أي مادة
تجهيزية .
وعليه يكون مرتكبا لجريمة مخالفة تجربة المنتوج كل من يمتنع عن تمكين المستهلك من تجربة المنتوج عن قصد وادراك انه فعل معاقب عليه .
رابعا : جريمة مخالفة إلزامية إعلام المستهلك
الإعلام هو عبارة عن بيان أو إشارة أو تعليمات يمكن أن تقدم توضيحا حول
واقعة أو قضية ما، وإعلام المستهلك التزام يقع على عاتق كل متدخل بحيث يجب
تبليغه بكل المعلومات المتعلقة بالمنتوج الذي يطرحه للاستهلاك بواسطة الوسم
ووضع العلامات أو بأية وسيلة أخرى مناسبة .
ويقصد بالوسم البيانات أو الإشارات أو علامات المصنع أو التجارة أو الصور
أو الرموز المرتبطة بسلعة غذائية معينة الموضوعة على الغلاف والتي تعتبر
ضرورية لإعلام المستهلك ، ويجب أن يكون بطريقة لا توحي بأي إشكال أو
اضطرابات في ذهن المستهلك ، بحيث لا يحمل أي عبارات أو إشارات تؤدي إلى
الشك والظن .
كما يجب أن تكون بيانات الوسم مرئية وسهلة القراءة ومتعذر محوها ومكتوبة
باللغة العربية وبلغة أخرى على سبيل الإضافة أو الإيضاح لتسهيل فهم
المستهلك وبطريقة مرئية ومقروءة ومتعذر محوها .
ومنه نلاحظ أن جريمة مخالفة إلزامية إعلام المستهلك هي الأخرى يجب لقيامها
توفر ثلاث أركان أساسية ، الركن المادي ويتمثل في قيام المتدخل بفعل
الامتناع عن تبليغ المستهلك بكل المعلومات المتعلقة بالمنتوج كعدم وسم
المواد الغذائية مثلا ، بالإضافة إلى الركن المعنوي والذي يعني توفر قصد
ونية عدم إعلام المستهلك وكذا الإدراك والوعي، ضف إلى ذلك الركن الشرعي أي
عقاب المشرع على الأفعال السابقة.
يتبـــع ...
الحمايــة الجنائيــة للمستهلكـ في ظــل أحكــام القانون رقم
03/09 المؤرخ في 2009/02/25 المتعلق بحمــاية المستهلكـ وقمـع الغش .
وفي الحقيقــة هــذا الموضوع عبــارة عن مداخلــة للأستاذة خالدي فتيحـة
ـ أستاذة مساعدة بالمركز الجامعي بالبويرة ـ
فقــط ومن أجل الالمام بالموضوع كما يجب، أضع قانون حمايــة المستهلكـ وقمع
الغش أولا هنـــا للتحميــل ، من اجل السهولة في الرجوع الى المواد
المذكورة في الموضوع أدناه ، للتحميــل من هنــا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
فأرجوو للجميــع الاستفادة
.
.
.
.
.
مقدمـــة :
يقصد بالمستهلك في مفهومة الضيق ، كل شخص يتعاقد قصد إشباع حاجاته الشخصية
والعائلية ، ويقابله المستهلك المهني وهو الشخص الذي يعمل لمتطلبات مهنته
فيقوم بتأجير محل لممارسة التجارة أو يشتري سلعة بغرض إعادة بيعها أو يقترض
مال لتطوير وترقية مؤسسته ، إذن هدف النشاط الذي يقوم به هو الذي يصنفه
ضمن المهنيين أو ضمن المستهلكين .
ونتج عن التطور الاقتصادي والاجتماعي خاصة في إطار الانفتاح عن الأسواق
العالمية ظهور شركات وأشخاص طبيعية قوية منافسة هدفها السعي لتقديم خدمات
يحتاجها المستهلك ، ترتب على هذا الوضع عدم التوازن بين المهني (المتدخل)
الذي يملك قوة اقتصادية وبين المستهلك وهو الطرف الضعيف في العلاقة ، عن
طريق الغش في المعاملات التجارية .
والحقيقة أن الغش في المعاملات التجارية مرتبط بالحياة الاجتماعية نتيجة
الحرب الأزلية بين النزهاء والمنحرفين ، لذلك نجد المجتمع يحارب هذه
الظواهر لتغيير المنكر ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن الرسول صلى الله
عليـه وسلم قـال :" من غشنا فليس منا " .
وعليه فمرتكب الفعل الضار (الغش) يكون مسؤول من قبل الدولة والمجتمع ، عن
طريق عقوبة نوقع عليه باسم المجتمع ، لهذا السبب ظهرت آليات ووسائل عديدة
ومتنوعة لحماية المستهلك.
في هذا الصدد تضمن قانون العقوبات جزاءات توقع على كل شخص يستغل المستهلك
بصفة غير شرعية عن طريق الغش أو التحايل أو المنافسة غير المشروعة ، إلا أن
قواعد قانون العقوبات لم تكن كافية لتوفير الحماية اللازمة للمستهلك مما
دفع المشرع للتدخل لسن قانون خاص بحماية المستهلك ، نظم به أحوال المستهلك
لخلق نوع من التوازن بين المستهلكين والمنتجين من جوانب متعددة منها الجانب
العقابي أو الجزائي ، وهذا بمقتضى القانون رقم 09-03 المؤرخ في 29 صفر
1430 الموافق ل25/02/2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش .
فكيف نظم المشرع أحكام الحماية القضائية الجزائية للمستهلك في هذا القانون ؟
وهل تكفي هذه الآليات القضائية الجزائية لتوفير الحماية المنشودة للمستهلك
؟
للإجابة على هاته الإشكالية أسعى إلى توضيح هذا الموضوع من خلال تناوله في
مبحثين ، أبين في الأول الأفعال المجرمة التي يرتكبها المتدخل(وهو كل شخص
طبيعي أو معنوي يتدخل في عملية عرض المنتوجات للاستهلاك) ضد المستهلك و
بالمقابل في المبحث الثاني أتطرق إلى الجزاءات الموازية التي جاء بها
القانون السابق ذكره ، وفي الأخير وكخاتمة لموضوعنا نقدم بطاقة تقييمية
للحماية الجزائية للمستهلك في ظل نفس القانون و مدى نجاعتها خاصة في واقع
عالم التجارة في بلادنا مستخلصة ما أمكنني الوقوف عنده من توصيات .
المبحث الأول : الأفعال المجرمة المرتبكة من طرف المتدخل
ضد المستهلك في ظل أحكام القانون رقم09-03 المؤرخ في 25/02/2009 المتعلق
بحماية المستهلك وقمع الغش .
المتدخل هو كل شخص طبيعي أو معنوي يتدخل في عملية عرض المنتوجات للاستهلاك
مهما كانت صفته سواء كان تاجرا أو منتجا أو مصنعا المهم أن تربطه
بالمستهلك علاقة ضمان سلامة هذا المنتوج ، ولما كانت مخالفة المتدخل
لقواعد الضمان متصورة قرر المشرع الجزائري مجموعة من النصوص القانونية
الرادعة تنوعت بين قانون العقوبات المعدل والمتمم وبين القانون رقم 09-03
المؤرخ في 25/02/2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش في شكل عقوبات
جزائية تدرجت حسب جسامة الفعل الإجرامي المرتكب بالتالي نتناول في هذا
المبحث الأفعال الإجرامية المحتمل ارتكابها من طرف المتدخل حسب القانون
السابق ذكره من خلال مطلبين يتضمن الأول الجرائم المتعلقة بمخالفة القواعد
الإجرائية لضمان سلامة وامن المنتوج ، ويخص الثاني الجرائم المتعلقة
بمخالفة القواعد الموضوعية لضمان السلامة الصحية للمستهلك.
المطلب الأول : الجرائم المتعلقة بمخالفة قواعد ضمان سلامة وامن المنتوج.
قد يرتكب المتدخل بعض الأفعال المجرمة المتعلقة بمخالفة القواعد الإجرائية
لضمان سلامة وامن المنتوج ، ويتعلق الأمر حسب نصوص القانون رقم 09-03
المؤرخ في 25/02/2009 بكل الأفعال ذات الصلة بالإخلال بالالتزام بضمان
سلامة وامن المنتوج وتتوزع إلى ثمانية أفعال معاقب عليها ضمن نصوص القانون
الجديد وهو ما سنتعرض له فيمايلي.
الفرع الأول: جريمة عرقلة ممارسة مهام الرقابة
يقصد بهذه الجريمة عرقلة ممارسة مراقبة المطابقة من طرف الأعوان المذكورين
في نص المادة الخامسة والعشرون (25) من القانون رقم 09-03 المؤرخ في
25/02/2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش كرفض تسليم الوثائق ومنع
الدخول الى المحال ، وتعتبر هذه الجريمة جنحة ، يتمثل ركنها المادي في رفض
تسليم الوثائق أو المنع من الدخول إلى المحال الصناعية أو محال التخزين أو
البيع أو بأية كيفية أخرى سواء من طرف الصانع أو المنتج أو البائع
(التاجر).
و تعتبر جريمة عرقلة ممارسة مهام الرقابة من الجرائم العمدية التي يجب لقيامها توفر القصد الجنائي حال ارتكاب السلوك الإجرامي .
ونشير إلى أن نصوص القانون رقم 89-02 المؤرخ في 07 /02/1989 المتعلق
بالقواعد العامة لحماية المستهلك الملغى والمرسوم التنفيذي رقم 90-39 ،
أشارت هي الأخرى إلى هذه الجريمة في نص المادة الخامسة والعشرون (25) منه
بنفس الطرح تقريبا .
الفرع الثاني : جريمة مخالفة امن المنتوج
تصنف جريمة مخالفة امن المنتوج على أنها جنحة ترتكب من طرف كل متدخل في عملية الاستهلاك إذا ثبت ارتكابه لأحد الأفعال الآتية :
- الإخلال بمميزات المنتوج وتركيبته وتغليفه وشروط تجميعية وصيانته
- تأثير المنتوج على المنتوجات الأخرى عند توقع استعماله مع هذه المنتوجات
- الإخلال بإلزامية عرض المنتوج ووسمه
والتعليمات المحتملة الخاصة باستعماله وإتلافه وكذلك كل الإرشادات أو
المعلومات الصادرة عن المنتج
- إمكانية تعرض بعض فئات المستهلكين لخطر جسيم نتيجة استعمال المنتوج ، خاصة الأطفال
مع الإشارة إلى أن القواعد المطبقة في مجال امن المنتوجات يحددها التنظيم.
إذن يعتبر الإخلال بالالتزامات المذكورة بمثابة عناصر الركن المادي في هذه
الجريمة، إذ تتحقق النتيجة الإجرامية بمجرد تحقق إحدى المخالفات المعينة،
بالإضافة إلى الركن المعنوي والمتمثل في القصد الجنائي أي ارتكاب الأفعال
السابقة عن نية قصد وإدراك تام .
الفرع الثالث : جرائم مخالفة قواعد : مطابقة المنتوجات ، إلزامية الضمان ، تجربة المنتوج ، إعلام المستهلك
نتناول في هذا الفرع أربعة أفعال مجرمة نظمها بالنص المشرع في القانون رقم
09-03 المؤرخ في 25/02/2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش وكلها
التزامات تقع على عاتق المتدخل ، ويتعلق الأمر بجريمة مخالفة إلزامية
مطابقة المنتوجات وجريمة مخالفة إلزامية الضمان وتنفيذ خدمات ما بعد البيع ،
بالإضافة إلى جريمة مخالفة تجربة المنتوج و جريمة مخالفة إعلام المستهلك.
أولا : جريمة مخالفة إلزامية مطابقة المنتوجات
يعتبر الالتزام بمطابقة المنتوج للمواصفات القانونية من أهم الالتزامات
التي تقع على المتدخل ، والهدف من ذلك أن يلبي كل منتوج معروض للاستهلاك من
حيث طبيعته وصنفه ومنشئه ومميزاته الأساسية وتركيبته ونسبة مقوماته
اللازمة وهويته وكمياته وقابليته للاستعمال والأخطار الناجمة عن استعماله ،
بالإضافة إلى ذلك يجب أن يستجيب لرغبات المستهلك المشروعة من حيث مصدره
والنتائج المرجوة منه والمميزات التنظيمية من ناحية تغليفه وتاريخ صنعه
وأقصى تاريخ لاستهلاكه وكيفية استعماله وشروط حفظه والاحتياطات المتعلقة
بذلك والرقابة التي أجريت عليه
ويقع الالتزام بالمطابقة على كل متدخل في عملية عرض المنتوج للاستهلاك ،
ويكون هذا في كل المراحل حتى قبل الإنتاج إلى غاية العرض النهائي للاستهلاك
ويترتب هذا الالتزام في كل الأوقات والمراحل ، وبهذا فهو يختلف عن
الالتزام بالضمان الذي سوف نتعرض له فيمابعد.
وعلى العموم يجب على كل متدخل إجراء رقابة مطابقة المنتوج قبل عرضه
للاستهلاك طبقا لما هو معمول به ووفقا للتشريع الساري في هذا المجال ، بحيث
تكون هذه الرقابة متناسبة مع طبيعة العمليات التي يقوم بها المتدخل حسب
حجم وتنوع المنتوجات موضوع الاستهلاك والوسائل التي يجب ان يمتلكها مراعاة
لاختصاصه والقواعد والعادات المتعارف عليها في هذا المجال .
ولايعفي المتدخل من الالتزام بالمطابقة ، إجراءات الرقابة التي يقوم بها أعوان قمع الغش المذكورين في المادة 25 من القانون الجديد
وتمثل جريمة مخالفة إلزامية مطابقة المنتوجات جنحة ، يجب لقيامها الى جانب
الركن المادي المتمثل في ارتكاب المتدخل احد الأفعال المذكورة أعلاه ، يجب
كذلك توفر الركن المعنوي أي ارتكاب الجريمة عن قصد وإدراك ، بالإضافة إلى
الركن الشرعي الذي نفصل فيه حين التعرض إلى الجزاء المترتب عن ارتكاب هذه
الجريمة.
ثانيا: جريمة مخالفة إلزامية الضمان وعدم تنفيذ خدمات ما بعد البيع.
يستفيد كل مستهلك يقتني منتوج سواء كان جهازا أو أداة أو آلة أو عتاد أو
مركبة أو أي مادة تجهيزية من الضمان بقوة القانون كما يمتد هذا الضمان إلى
الخدمات .
ويقوم الضمان عن كل نقص في قيمة أي من المنتجات أو نفعها بحسب الغاية
المقصودة ، بحيث يؤدي إلى حرمان المستهلك كليا أو جزئيا من الاستفادة بها
فيما أعدت من اجله ، بما فيها النقص الذي ينتج من الخطأ في مناولة السلعة
أو تخزينها ، ما لم يكن المستهلك هو من تسبب في وقوعه .
والعيب في المنتج يمكن تناوله من عدة جوانب ، إذ قد يكون له جانب مادي أو
وظيفي أو عقدي ، فمن الناحية المادية يعني العيب الذي يتلف الشيء أو يلحق
به الهلاك ويؤدي إلى الانتقاص من قيمته أو منفعته .
أما من الناحية الوظيفية فهو العيب الذي يصيب الشيء في أوصافه أو في خصائصه
بحيث يجعله غير صالح للغرض المعد من اجله ، في حين المقصود به من الناحية
العقدية هو تخلف صفة في المبيع التزم البائع للمشتري وجودها .
غير ان المتفق عليه فقها وقضاء هو المقصود بالعيب الوظيفي ، إذ يكون المبيع
معيبا منذ اللحظة التي يكون فيها غير صالح لتأدية الغرض المطلوب أو تصبح
صلاحيته لتأدية ذلك الغرض ضئيلة لو كان يعلمها المستهلك قبل الشراء لما أتم
الشراء أو كان ليدفع ثمنا اقل
وفي حالة ظهور العيب الخفي يجب على كل متدخل في خلال الفترة المحددة ،
استبداله أو إرجاع ثمنه أو تصليح المنتوج أو تعديل الخدمة على نفقته ، دون
أية أعباء إضافية من جانب المستهلك.
كما يلتزم المتدخل في إطار تنفيذ خدمة ما بعد البيع وبعدما تنقضي فترة
الضمان المحددة قانونا ، أو في الحالة التي لا يلعب فيها الضمان دوره ،
ضمان وصيانة وتصليح المنتوج المعروض في السوق .
وتقوم جريمتي مخالفة إلزامية الضمان وعدم تنفيذ خدمات ما بعد البيع في حالة
مخالفة المتدخل لقواعد الضمان وتنفيذ خدمات ما بعد البيع المنصوص عليها في
المادتين 13 و 16 من القانون رقم 09-03 المؤرخ في 25/02/2009 المتعلق
بحماية المستهلك وقمع الغش والتي تمثل الركن المادي في هاتان الجريمتان ،
بالإضافة إلى الركن المعنوي وهو القصد الجنائي أي ارتكاب الجريمة عن نية
وإدراك تام ، وكذلك الركن الشرعي .
ثالثا: جريمة مخالفة إلزامية تجربة المنتوج
يستفيد المستهلك أو مقتن لأي منتوج حسب أحكام القانون رقم 09-03 من حق
تجربته ، سواء كان جهازا او اداة او الة او عتاد أو مركبة أو أي مادة
تجهيزية .
وعليه يكون مرتكبا لجريمة مخالفة تجربة المنتوج كل من يمتنع عن تمكين المستهلك من تجربة المنتوج عن قصد وادراك انه فعل معاقب عليه .
رابعا : جريمة مخالفة إلزامية إعلام المستهلك
الإعلام هو عبارة عن بيان أو إشارة أو تعليمات يمكن أن تقدم توضيحا حول
واقعة أو قضية ما، وإعلام المستهلك التزام يقع على عاتق كل متدخل بحيث يجب
تبليغه بكل المعلومات المتعلقة بالمنتوج الذي يطرحه للاستهلاك بواسطة الوسم
ووضع العلامات أو بأية وسيلة أخرى مناسبة .
ويقصد بالوسم البيانات أو الإشارات أو علامات المصنع أو التجارة أو الصور
أو الرموز المرتبطة بسلعة غذائية معينة الموضوعة على الغلاف والتي تعتبر
ضرورية لإعلام المستهلك ، ويجب أن يكون بطريقة لا توحي بأي إشكال أو
اضطرابات في ذهن المستهلك ، بحيث لا يحمل أي عبارات أو إشارات تؤدي إلى
الشك والظن .
كما يجب أن تكون بيانات الوسم مرئية وسهلة القراءة ومتعذر محوها ومكتوبة
باللغة العربية وبلغة أخرى على سبيل الإضافة أو الإيضاح لتسهيل فهم
المستهلك وبطريقة مرئية ومقروءة ومتعذر محوها .
ومنه نلاحظ أن جريمة مخالفة إلزامية إعلام المستهلك هي الأخرى يجب لقيامها
توفر ثلاث أركان أساسية ، الركن المادي ويتمثل في قيام المتدخل بفعل
الامتناع عن تبليغ المستهلك بكل المعلومات المتعلقة بالمنتوج كعدم وسم
المواد الغذائية مثلا ، بالإضافة إلى الركن المعنوي والذي يعني توفر قصد
ونية عدم إعلام المستهلك وكذا الإدراك والوعي، ضف إلى ذلك الركن الشرعي أي
عقاب المشرع على الأفعال السابقة.
يتبـــع ...