بعيدا عن المهازل التقييمية لحكم اللقاء أو الفوز الصعب الذي حققه منتخبنا
الوطني أمام منتخب رواندا الذي جاء من أجل تقديم خدمة لأطراف أخرى، أوصته
بعدم تلقي أهداف كثيرة والاكتفاء بانهزام ضئيل خدمة لمصالحها.
لابأس
أن نعود لمردود منتخبنا الذي أدى كالعادة مباراة بطولية فضل فيها المدرب
رابح سعدان اللعب بطريقة 3ـ 5 ـ 2 التي أعطت أكلها في العديد من المناسبات.
لقد
حاول رفاق زياني منذ الدقيقة الأولى أخذ المبادرة والسيطرة على مجريات
الأحداث وخلقوا فرصا عديدة لم يفلحوا في تحويلها إلى أهداف بفعل السرعة
أحيانا وصمود الروانديين وتدخلات الحكم غير المنطقية وعدم معاقبته للخصم
بعد الخشونة والاندفاع البدني الذي سلكه لإحباط محاولاتنا.
وإلى غاية
تسجيل هدف في مرمانا تحكمنا جيدا في نسق اللعب وخلقنا ضغطا كبيرا بفضل
تمركز لاعبينا وحماسهم في تسجيل هدف مبكر كان سيغير الكثير من المعطيات
ويعطي الثقة الكاملة لممثليها، لكن الذي حدث أننا وجدنا أنفسنا بعد عشرين
دقيقة مطالبين بالعودة في النتيجة، وهي المهمة التي قمنا بها بعد أن جاء
هدف غزال في وقته، حيث سمح لنا بمواصلة الضغط وكللت مجهوداتنا بهدفين لم
يحتسبهما الحكم، الأول كان من طرف عنتر يحيى كما شاهدنا وهو هدف لا غبار
عليه، والثاني كان عن طريق مراد مغني الذي كان يتواجد في وضعية قانونية
عند تسجيل الهدف غير أن الحكم رأى غير ذلك وألغاه بسبب وضعية تسلل خيالية.
وما
يمكن ملاحظته والإشارة إليه هو أن سر نجاح منتخبنا في المحافظة على تركيزه
خلال الشوط الأول هو الالتزام المطلق الذي أبداه لاعبونا إزاء القرارات
الخاطئة والمجحفة في حق منتخبنا، حيث لم يفقدوا أعصابهم وواصلوا اللعب
وكلهم أمل في تسجيل هدف ثان ينهون به المرحلة الأولى بتفوق، وهو ما كان
لهم قبل ثوان عن نهايتها، عندما أفلح نذير بلحاج في تحويل هجوم إلى هدف
رائع.
ولم يختلف سيناريو الشوط الثاني عن الأول من حيث الرغبة التي
تملكت لاعبينا في إضافة أهداف أخرى، غير أنه ومع مرور الوقت، بدأت الأمور
تفلت منهم بفعل التسرع أحيانا واللهث وراء تسجيل هدف ثالث؟
ولعل ما زاد
في صعوبة مأمورية منتخبنا هو التوقفات العديدة التي تسبب فيها اللاعبون
الروانديون الذين حاولوا إنهاء المقابلة بفارق هدف واحد حتى يلبوا رغبة من
سيستفيدون من هذه النتيجة.
وإلا بماذا نفسر تضييع المنتخب الرواندي
للوقت رغم انهزامه بـ(2/1) ولماذا حاول المحافظة على هذه النتيجة وعدم
محاولة تسجيل هدف التعادل الذي قد يسمح له بحضور نهائيات كأس إفريقيا..
الواقع أن المهمة القذرة التي أداها الروانديون لم يكتب لها النجاح، بعد
أن استطاع المنتخب الجزائري تسجيل ثلاثة أهداف حافظ بها على الرتبة الأولى
وكذا على كامل حظوظه في الوصول إلى المونديال.
نعود ثانية للحديث عن
مردود منتخبنا الذي قدمه خلال الشوط الثاني، حيث سيطرت على فردياته بعض
السرعة والتسرع في حملاتهم على مرمى الخصم، وكأنهم في صراع مع الوقت، وهو
ما صعّب من مهمتهم أمام تشكيلة استعملت كل الطرق لمنع منتخبنا من إضافة
أهداف أخرى مثل السقوط المجاني فوق أرضية الميدان والتظاهر بالإصابة، وكذا
اعتمادهم الخشونة ورمي الكرة في أي اتجاه.
وإذا كان التغيير الذي قام
به المدرب رابح سعدان بإدخال يبدة مكان مغني وجبور مكان صايفي، قد فشل في
إضافة الزاد الذي كان ينقص منتخبنا خاصة بالنسبة للاعب جبور الذي ظهرت
عليه معالم نقص المنافسة وعدم جاهزيته للمقابلة. وقد اتضح ذلك من خلال ثقل
تحركاته وصعوبة تعامله مع بعض الكرات السهلة. فإن الوجه الجديد يبدةكان
دخوله متأخرا نوعا ما ولم يستطع التأقلم مع أجواء اللقاء، خاصة وأنه شارك
لأول مرة مع المنتخب الوطني وفي لقاء رسمي.
بقي الحديث كذلك عن توظيف
المدرب للمهاجم غيلاس في الدقائق الأخيرة، الأمر الذي لم يتمكن معه من
إبراز إمكاناته. ويمكن القول أن ضربة الجزاء التي استفاد منها زياني
وسجلها كانت المنقذ الحقيقي للفوز المستحق للخضر، ولولاها لأصبحت مهمتنا
صعبة أكثر خلال اللقاء الفاصل بالقاهرة.
ورغم أن المردود العام
لعناصرنا لم يكن إيقاعه مرتفعا، إلا أن الحماس والرغبة في الفوز لازمت كل
المجموعة، وهو ما يشير إلى أن العزيمة في مواصلة المشوار ستكون عاملا آخر
سيفتح الأبواب أمام منتخبنا لبلوغ الهدف والتأهل على المونديال، لأنه كان
الأحسن على الإطلاق خلال التصفيات.