المثل : ( من استرعى الذئب ظلم ):
الأصل في الراعي أن يكون حريصا على ما استرعي عليه من الأنعام والبهائم يتخير لها المراعي والمروج الخصبة والمياه الصافية النقية ويسوسها برفق ولطف يحنوا على مريضها ويهش له بعصاه ولا يشق على نادها وإن رده أو زجره ، ويخاف عليها السباع والذئاب والوحوش والسراق فإذا فعل ذلك كان راعيا أمينا يتسابق الناس إلى اكتسابه وإجارته على مواشيهم يحبونه ويبذلون له كل غال ونفيس ، أما إن كان غير أمين أو مستهتر أو متعجرف ،أو كسول لا يحيط رعيته بحمايته ولا يخشى عليها السباع واللصوص ولا يسقط لها الخَبَط ، بل يسوقها بالضرب سمي خائنا وحٌطمة ، واستحق بذلك أن يوصف بأنه ظالم ومن هنا قيل في المثل: ( من استرعى الذئب ظلم )بل وصف بأنه شر الرعاء كما قال صلى الله عليه وسلم فيما ثبت في صحيح مسلم : ( إن شر الرعاء الحطمة) وكان جزاؤه جهنم ولظى والحطمة ليعاقب بجنس صنيعه ، وابتعد عنه الناس ولم يأمنوه على مواشيهم هذا إذا كان ذلك في البهائم والمواشي فكيف بمن يفعل ذلك بمن ولاه الله رعيتهم من بني جلدته، فضيع الأمانة وأسلم الرعية وتعد الحدود ؟إن عقوبة ذلك الظالم الحطمة لا محالة أشد ، قال صلى الله عليه وسلم :فيما رواه البخاري من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه : (ما من وال يلي رعيَّة من المسلمين، فيموت وهو غاش لهم، إلا حرَّم الله عليه الجنة)، فهل يجوز لأحد بعد هذا أن يعين راعيا غاشا على استكمال مدة عقده فضلا أن يستأنف له عقدا جديدا أو يمكنه من الاستئجار لأحد أو يعينه على ذلك ؟ لاسيما وقد جربه وعرفه مع عدم اكتفائه بما يقع منه حتى يقع من أعوانه وملئه مثل ذلك ؟
إن أصل هذا المثل إنما يضرب فيمن يولي غير الأمين ، إنه ظلم للذيب حين يسترعى وهو معروف بالخيانة ، وظلم للرعية بجعل رعايتها في يد من يخونها .
وأول من أطلق هذه الكلمة مثلا هو أكثم بن صيفي ويعني بالذيب هنا الذيب بن عامر بن عبيد بن وهب ابن أخته أخو كلب وسبع، تشبيها له في خيانته بذيب الغنم والبادية .
وقد قاله أمير المؤمنين عمر –رضي الله عنه-في خطبته يوم الجمعة فعرض في خطبته أن قال: (يا سارية الجبل من استرعى الذئب ظلم) فالتفت الناس بعضهم إلى بعض فقال لهم علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- ليخرجن مما قال فلما فرغ سألوه فقال وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا وأنهم يمرون بجبل فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجه واحد وإن جاوزوا هلكوا فخرج مني ما تزعمون أنكم سمعتموه قال فجاء البشير بعد شهر فذكر إنهم سمعوا صوت عمر في ذلك اليوم قال فعدلنا إلى الجبل ففتح الله علينا(على ما ورد في الإصابة وغيرها).
وفي خيانة الذيب أشعار كثيرة منها ما حكاه ابن الأعرابي أن أعرابياً رَبَّى بالبادية ذئباً فلما شبَّ افترسَ سَخْلة له، فقال الأعرابي:
فَرَسْتَ شُوَيْهَتِي وفَجَعْتَ طِفْلاً ***وَنِسْوَاناً وَأنْتَ لَهُمْ رَبِيبُ
نَشَأتَ مَعَ السِّخَالِ وَأنْتَ طِفْلٌ *** فَمَا أدْرَاكَ أنَّ أبَاكَ ذِيبُ
إذَا كَانَ الطِّبَاعُ طِبَاعُ سُوءٍ *** فَلَيسَ بِمُصْلِحٍ طَبْعاً أدِيبُ
جنبنا الله الظلم والتزوير والكذب والباطل وإعانة الظالمين والركون إليهم ، (ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم وسلك سبيلهم إلى يوم الدين.
الأصل في الراعي أن يكون حريصا على ما استرعي عليه من الأنعام والبهائم يتخير لها المراعي والمروج الخصبة والمياه الصافية النقية ويسوسها برفق ولطف يحنوا على مريضها ويهش له بعصاه ولا يشق على نادها وإن رده أو زجره ، ويخاف عليها السباع والذئاب والوحوش والسراق فإذا فعل ذلك كان راعيا أمينا يتسابق الناس إلى اكتسابه وإجارته على مواشيهم يحبونه ويبذلون له كل غال ونفيس ، أما إن كان غير أمين أو مستهتر أو متعجرف ،أو كسول لا يحيط رعيته بحمايته ولا يخشى عليها السباع واللصوص ولا يسقط لها الخَبَط ، بل يسوقها بالضرب سمي خائنا وحٌطمة ، واستحق بذلك أن يوصف بأنه ظالم ومن هنا قيل في المثل: ( من استرعى الذئب ظلم )بل وصف بأنه شر الرعاء كما قال صلى الله عليه وسلم فيما ثبت في صحيح مسلم : ( إن شر الرعاء الحطمة) وكان جزاؤه جهنم ولظى والحطمة ليعاقب بجنس صنيعه ، وابتعد عنه الناس ولم يأمنوه على مواشيهم هذا إذا كان ذلك في البهائم والمواشي فكيف بمن يفعل ذلك بمن ولاه الله رعيتهم من بني جلدته، فضيع الأمانة وأسلم الرعية وتعد الحدود ؟إن عقوبة ذلك الظالم الحطمة لا محالة أشد ، قال صلى الله عليه وسلم :فيما رواه البخاري من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه : (ما من وال يلي رعيَّة من المسلمين، فيموت وهو غاش لهم، إلا حرَّم الله عليه الجنة)، فهل يجوز لأحد بعد هذا أن يعين راعيا غاشا على استكمال مدة عقده فضلا أن يستأنف له عقدا جديدا أو يمكنه من الاستئجار لأحد أو يعينه على ذلك ؟ لاسيما وقد جربه وعرفه مع عدم اكتفائه بما يقع منه حتى يقع من أعوانه وملئه مثل ذلك ؟
إن أصل هذا المثل إنما يضرب فيمن يولي غير الأمين ، إنه ظلم للذيب حين يسترعى وهو معروف بالخيانة ، وظلم للرعية بجعل رعايتها في يد من يخونها .
وأول من أطلق هذه الكلمة مثلا هو أكثم بن صيفي ويعني بالذيب هنا الذيب بن عامر بن عبيد بن وهب ابن أخته أخو كلب وسبع، تشبيها له في خيانته بذيب الغنم والبادية .
وقد قاله أمير المؤمنين عمر –رضي الله عنه-في خطبته يوم الجمعة فعرض في خطبته أن قال: (يا سارية الجبل من استرعى الذئب ظلم) فالتفت الناس بعضهم إلى بعض فقال لهم علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- ليخرجن مما قال فلما فرغ سألوه فقال وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا وأنهم يمرون بجبل فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجه واحد وإن جاوزوا هلكوا فخرج مني ما تزعمون أنكم سمعتموه قال فجاء البشير بعد شهر فذكر إنهم سمعوا صوت عمر في ذلك اليوم قال فعدلنا إلى الجبل ففتح الله علينا(على ما ورد في الإصابة وغيرها).
وفي خيانة الذيب أشعار كثيرة منها ما حكاه ابن الأعرابي أن أعرابياً رَبَّى بالبادية ذئباً فلما شبَّ افترسَ سَخْلة له، فقال الأعرابي:
فَرَسْتَ شُوَيْهَتِي وفَجَعْتَ طِفْلاً ***وَنِسْوَاناً وَأنْتَ لَهُمْ رَبِيبُ
نَشَأتَ مَعَ السِّخَالِ وَأنْتَ طِفْلٌ *** فَمَا أدْرَاكَ أنَّ أبَاكَ ذِيبُ
إذَا كَانَ الطِّبَاعُ طِبَاعُ سُوءٍ *** فَلَيسَ بِمُصْلِحٍ طَبْعاً أدِيبُ
جنبنا الله الظلم والتزوير والكذب والباطل وإعانة الظالمين والركون إليهم ، (ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم وسلك سبيلهم إلى يوم الدين.