تأهل فالنسيا الإسباني إلى مربع الكبار من
الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" بعد فوزه الساحق على ضيفه ألكمار الهولندي
بنتيجة (4-0) في المباراة التي أقيمت على ملعب المستايا ضمن إياب الدور ربع
النهائي للمسابقة.
وسيواجه فالنسيا في نصف النهائي مواطنه اتلتيك بلباو الذي أخرج شالكه الألماني.
وأكد "الخفافيش" تمرسهم بلعب دور العقدة
الدائمة لكبار الكرة الهولندية بعد نجاح الفريق الإسباني أيضاً في إزاحة
أيندهوفن من الدور ثمن النهائي لذات المسابقة.
من جهة ثانية، كان لمعاني التنافس عناوين
كثيرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصفحات التاريخ، منها أن فالنسيا وألكمار
يسعيان للعودة إلى واجهة الأحداث على المستوى الأوروبي حيث يبحث فالنسيا عن
الصعود على المنصة الأوروبية كمتوج بالذهب لأول مرة منذ سنة 2004 تاريخ
حصوله على لقب المسابقة في نسختها القديمة تحت تسمية كأس الإتحاد الأوروبي،
بينما كان ألكمار يأمل في التتويج بلقب المسابقة للمرة الثالثة بعد سنتي
1981 و 2009.
كما أن صراع قطبي الكرة الأوروبية والحديث
عن بلاد الطواحين و الماتادور يستدعي دوماً جدلية التنافس الشرس على صعيد
المنتخبات والأندية، فإذا كان الإسبان يحملون في رصيدهم ستة ألقاب على
مستوى المسابقة، فإن نظراءهم الهولنديين يمتلكون في تاريخ مشاركتهم أربعة
تتويجات فقط كانت من نصيب فيينورد روتردام في مناسبتين وكل من أياكس
أمستردام وأيندهوفن في مناسبة واحدة.
الخفافيش يتمّون المهمة مبكراً
المباراة لتجاوز تخلفهم في مباراة الذهاب بنتيجة (2-1) بهولندا، بداية قوية
ترجمها هداف الفريق وقائده روبرتو سولدادو الذي استغل كرة مرتدة عن طريق
الخطأ من مدافع ألكمار نِك فيرغيفز وسدد كرة قوية تألق في إبعادها الحارس
الكوستاريكي إستيبان (12).
فرصة سولدادو الإفتتاحية كانت بمثابة
الإنذار الشديد اللهجة للخصم الهولندي بتلقي أهداف قادمة لاسيما مع
الإرتباك الواضح الذي لاح عليه الخط الخلفي لألكمار.
ولم تتأخر عقوبة فالنسيا لخصمه، وبعد ثلاث
دقائق فقط من الفرصة الأولى نجح المدافع المتقدم الدولي الفرنسي عادل رامي
في اقتناص كرة رأسية بعد عرضية متقنة من الظهير الجزائري سفيان فاغولي
ليضع فريقه في المقدمة مبكراً (15).
كان تأثير هدف السبق إيجابياً جداً على
معنويات أبناء المستايا، كما كان له مفعول عكسي على الضيوف الهولنديين
الذين دخلوا في دوامة فقدان التركيز والدخول مبكراً في متاهة الحسابات، ما
كلفهم هدفاً ثانياً مفاجئاً عبر نفس اللاعب أو لنقل "المدافع الهداف" عادل
رامي الذي استغل تمريرة عرضية من قدم الجناح الأرجنتيني تينو كوستا مهّدها
سولدادو في مرحلة ثانية قبل أن تستقر على قدم رامي من جديد الذي لم يجد
صعوبة تذكر في زيارة شباك إستيبان للمرة الثانية (17).
وتواصل ارتباك صفوف ألكمار في هذا الشوط،
وتتالت معه الفرص الخطيرة لأصحاب الأرض الذين كادوا أن ينهوا الأمور كلياً
بهدف ثالث لولا كرة سولدادو القريبة التي نقصتها الدقة (20).
كان على أبناء المدرب الهولندي غيرتيان
فيربيك الإستفاقة من سباتهم العميق وتجاوز الضغط الذي فرضته هجمات فالنسيا
المتكررة، وهو ماحدث مع موعد حلول أول فرصة جدية لألكمار في اللقاء إثر
تسديدة صاروخية من متوسط الميدان آدم ماهر أبدع في صدها وتحويلها إلى ركنية
الحارس البرازيلي دييغو ألفيش (24).
من جانبه، لم يتوقف هجوم فالنسيا عن تهديد
المرمى الهولندي وواصل هجماته خاصة عبر المميز سولدادو الذي كان مصدر
إزعاج دائم لدفاع ألكمار وكاد في مناسبتين أن يحرز الهدف الثالث قبل انتهاء
هذا الشوط، الأولى في الدقيقة (27) سدد فيها كرة بعقب القدم برعونة من
داخل منطقة الجزاء لم تشكل أي إحراج للحارس أستيبان، الذي عاد ليقف حجر
عثرة أمام نفس اللاعب في كرة ثانية كان فيها وجها لوجه مع سولدادو، ولكن
حارس ألكمار رفض وضع إسم كابتن الفريق المضيف ضمن قائمة الهدافين لينتهي
الشوط الأول بأفضلية واضحة لفالنسيا ترجمها واقع الميدان أداءً ونتيجة.
استعراض هجومي وتأهل مستحق
ألكمار بوجه مغاير تماماً لذلك الذي ظهر عليه في النصف الأول من المواجهة،
ولكن المفاجأة كانت تكرر نفس السيناريو المحكوم بصورة الهجوم الإسباني
الكاسح والدفاع الهولندي المستميت.
وكانت تحركات لاعبي فالنسيا وحيويتهم
الهجومية تنذر في كل مرة بمقدرتهم على تسجيل هدف ثالث يقضي على آمال ضيفهم
نهائياً في التأهل وهو ما لم تتأخر جماهير الميستايا في مشاهدته حقيقة
ميدانية بعد عمل جماعي ممتاز مهد إثره الدولي الجزائري المتألق سفيان
فوغالي بينية ذكية لسولدادو الذي قام بلعب دور الممول وأهدى كرة متقنة
للقادم من الخلف خوردي ألبا الذي أصاب مرمى ألكمار في مقتل ببصمه على الهدف
الثالث (56).
إثر هذا الهدف شهدت المباراة انخفاضاً
واضحاً في مستوى اللعب وكان يبدو أن ألكمار راضٍ بالنتيجة الحاصلة ومتبن
لواقع الإنسحاب وهو ما كان واضحاً من خلال مردوده الهجومي الباهت وعلى غرار
الشوط الأول لم يشهد شوط المباراة الثاني سوى فرصة واحدة تستحق الذكر كانت
عبر تمهيد ذكي من شارليسون بنشوب لزميله البلجيكي مارتن مارتينس الذي أخفق
في استغلال موقعه المناسب وسدد كرة صدها الحارس دييغو ألفيش قبل أن يشتتها
في مناسبة ثانية المدافع البرتغالي تينو كوستا (71).
مع اقتراب المباراة من نهايتها زادت مشاعر
الإحباط واليأس من سطوتها على لاعبي ألكمار الذين سلموا بفكرة ضياع بطاقة
التأهل لفائدة فالنسيا الذي أثبت أحقيته بها عبر هدف رابع رائع من جملة
هجومية وجماعية إسبانية خالصة مرت فيها الكرة على سولدادو الذي هيأها
للجناح المنطلق خوردي ألبا الذي قام بدوره بعرضية وجدت بديل سفيان فاغولي،
المهاجم بابلو هيرنانديز ليرسل كرة رائعة في أعلى المقص بعيداً عن متناول
حارس ألكمار (80).
ما تبقى من عمر المباراة كان دليلاً على
أن ألكمار كان حاضراً إسماً وكياناً في معقل المستايا ولكنه كان
غائباً فعلياً ما كبّده انسحاباً مؤلماً استقر على أربع إصابات كاملة لا
تعكس المشوار المميز الذي قام به في المسابقة، في حين أكد فالنسيا أن
احتمالات رؤية نهائي إسباني خالص أضحى أمراً قريب التحقق مع تأهل مواطنيه
أتلتيك بلباو وأتلتيكو مدريد إلى المربع الأخير الذي يسبق موعد حفلة الختام
الموافق في التاسع من أيار/مايو في بوخارست الرومانية .