تستند هذه الرواية إلى شهادات شخصية، وإلى موسوعات ووثائق ومذكرات وكتب تاريخية.
لكن
كل مايعبر رؤية الروائي يتلون بألوانها. تلونت حتى الشهادات بهوى رواتها.
ولعل في المذكرات التاريخية نفسها أطياف من رؤى أصحابها. لذلك قاطعتها
بالوثيقة، كيلا يسجل المؤرخ أن مناخ الرواية وأحداثها غير صحيحة. مع أني
لم أقصد تأليف رواية تاريخية.
لكني أبحت لنفسي أن أستقرئ وأن
أشيّد الممكن والمستحيل، بحقوق الروائي الذي يريد أن يصوغ مثلا جميلة
ومؤثرة، وخالدة أكثر من أصولها وظلالها. مندفعة برغبتي في أن تكون محبوبة.
وأترك للمختص البحث في الصلة بين النماذج وأصولها، بين الوثيقة وأدائها،
بين الحقيقة الفنية والحقيقة الواقعية.
----------------------------------------------------------------
الفصل الاول
عاد
إلى مدينته! لا، عاد إلى إحدى المدن التي عاش فيها! مدينته مطمورة تحت
التراب. ولاتقع في جزء الخريطة الذي قد يفاوض عليه! استخرج فيها من رماد
القرون مسرح من الزمن الروماني، وفسيفساء، ونقود أموية. لكن عقد بيته
والشرفة التي تفرج فيها على غزالة الراجعة من العين، والفونوغراف الذي سمع
به أغنيات أسمهان لن تستخرج من أنقاضها.
هل كان من قرب ومن بعد
يحوم حولها متنقلا بين بلاد الشام واوربا لاجئا من اليأس أو الشوق؟ لو
بقيت لخرج منها كالشباب الذين يقصدون المدن الكبيرة، يتبع عطشه إلى
الدنيا. لقصد المدن التي قصدها أبوه دون أن يتاجر بالغنم مثله، باحثا عن
النساء محاولا أن يمسك بجوهر الحياة، يتصور أنه يزيد عمره وهو ينفقه.
ولاستمتع بكل عودة إلى بلدته الصغيرة، حاملا حقيبته على حضنه في سيارة تنط
وتترنح على الطريق الترابي، وإذ ينزل منها بين أشجار الزيتون تكون النساء
قد لمحنه وهن يبعدن الشمس بأكفهن عن عيونهن، ويكن أرسلن صبيّة تركض لاهثة
لتعلن لأهله ولكل من تصادفه: رجع! رجع! فتنطلق الزغاريد ويخجل قيس بها، ثم
يستسلم لأفراح لها طريقتها في التعبير عن فورانها. لن يصبر! سيخرج إلى
البيادر والبساتين متفقدا طريق العين، باحثا عن الصبايا اللواتي لمسهن أو
قبلهن أو نظر من بعد إليهن. سيأتي حشد منهن في ذلك المساء. وسيقرأ طموح
الأمهات: لو يطلب بناتهن! لن يسألن عن النساء اللواتي عرفهن في غربته، فأي
رجل لايفعل ذلك! سيكتفين بما ترسمه أمه وكأنه كان بطلا وحيدا في البلاد
البعيدة، ناجحا ومحترما ومعشوقا، حتى أن تلك البلاد نفسها لم تتركه يفلت
منها إلا بعد إصراره على العودة إلى بلدته العزيزة! سيصدقن كل ماترويه وهن
يحاولن أن يرسمن بصورهن الخاصة البلاد التي كبر فيها وتجول في طولها
وعرضها. وسيستقبلنها في احتفال وهي تبحث له عن عروسه التي وصف لها
تفاصيلها المرغوبة !
لكن ذلك لم يكن مصير قيس! وصل إلى مطار رأى
فيه موظفين جديين، ولم يسمع الزغاريد. كان المعسكر الاشتراكي قد ألغي فلم
يعد قيس مشبوها بل أصبح مواطنا في بلاد صارت كلها ضحية. وصل في الزمن الذي
كان اليساريون فيه لايزالون يفسرون الانقلاب العالمي كأنه إصلاحات ضرورية،
ويشعر القوميون والمؤسسات الرسمية فيه بأن كارثة نزلت بالدنيا، أفقدتهم
سندا يتكئون عليه ولو لم يحبوا طرازه. غرب ثلث الأرض وبدأت العتمة! فشعر
حتى "رجل الشارع" بأن الكون يترنح. وصل قيس وقتذاك فأصبح استجوابه جلسات
يفسر فيها ماحدث لمستمعين يريدون أن يعرفوا التفاصيل علّهم يستنتجون مصير
بلادهم الصغيرة. ألا يبدو أنها عاشت بالتوازن بين اليمين واليسار وبين
الغرب والشرق لأنها ليست بعد "معسكرا" قوياً !
مرض قيس منذ أول
أيامه في الدنيا. كي ينجو، نصح الشيخ أباه بأن يبدل اسمه فيتغير نجمه،
فسماه قيسا! كان أبوه كأهل بلاده مسحورا بهوى قيس الذي رددته ألف سنة
مديدة. مفتونا كالرجال بهوى ليلى التي يحبها الرجال لكنهم يتزوجون أخرى،
يعشقونها وهم يعرفون أنها لايمكن أن تكون زوجة. قال لابنه وكان بعد صبيا:
ياقيس، النساء زينة الدنيا. لكل امرأة مذاقها. اسرح بينهن لكن تزوج امرأة
صغيرة لم يقبّل فمها غير أمها، ولتكن لك منها أسرة. لاتبخل على زوجتك
بحقها فيك! ولكن لاتقصّر على نفسك في حقوقك! ولتكن غنيا فدون مال لن تأتي
النساء إليك ولن تستطيع أن تدللهن!
- adminالمدير العام
تمت المشاركة الإثنين سبتمبر 28, 2009 8:08 pm
نفذ قيس وصية أبيه؟ روحه دعته إلى ذلك! هام قيس القديم في
الصحراء، لكن المنفى فتح لقيس الجديد مدى واسعا كي يهيم. عرف فيه اللوعة
وهو سعيد بالنساء. لذلك كان معهن رقيقا وفظا. ولو عاد أبوه الآن لقال له
قيس: يابا، كثرة النساء لم ترو العطش إلى الحبيبة!
هل أراد قيس أن
يودع ثلاثة عقود من عمره في مقهى ماريا؟ أحب ذلك المقهى المزين بصور
الفنانين والكتاب الذين جلسوا فيه، وجمع المرايا والثريات في الطابق
العلوي، إلى المقاعد الخشب في الطابق الأول. كان يجلس فيه كل يوم ولو
قليلا. ومنه التقط المرأة التي فرط لها تسعا وتسعين وردة حمراء. كم مرة
التقى هنا بطوران روبرت زميله في قسم الفلسفة! كان في الصف عشرون طالبا من
اليهود وطالب واحد غير يهودي. كانوا يستعينون بقيس في الدروس. فقال قيس
لطوران روبرت مرة: تدّعون أنكم الشعب المختار مع أنكم لستم أكثر ذكاء منا.
هاأنت مثل زملائك تستعين بي! غاب طوران سنتين. أدى الخدمة العسكرية في
إسرائيل. فسأله قيس:
- أنت ابن هذا البلد أم من إسرائيل؟
-
لاتعرف ياقيس أن إسرائيل نفسها لنا؟ في هذا البلد ولد هرتزل ونوردو. ومن
هنا أكثر قياديي إسرائيل! اسمع ياقيس! لك أنت قرية في فلسطين. لكن لي جبل
كامل هو جبل طرعان!
- مع ذلك لم تبق على الجبل! لماذا عدت إذن؟
- عدت في مهمة ثقافية.
- مهمة ثقافية أم تجسسية؟
- ثقافية ياقيس. ثقافية! مهمتي أن أجمع كل كلمة تكتب عن الشرق الأوسط. وسأرصد كل رصاصة يمكن أن ترسل إلى بلد عربي!
كان
طوران يقصده كلما رآه في مقهى نرسيس قرب الجامعة. رأى حذاءه مرة ملوثا
بالوحل فسأله: أين غطست؟ فسر له قيس أنه يعبر منطقة موحلة من بيته البعيد.
بيتك بعيد؟ هل تريد بيتا في وسط البلد؟ أستطيع أن أؤمنه لك في أسبوع!
تأمله قيس. له مثل تلك السلطة؟! كم الخرق متسع إذن! أبعد قيس نظرته عنه
إلى فتاة جميلة مرت. فسأله طوران: تريدها؟ تكرر ذلك في مقهى ماريا أيضا.
نادى طوران الفتاة التي نظر إليها قيس: تعالي، يريدك قيس! جفل قيس:
ياسيدتي، نتحدث حديثا خاصا سنكمله أولا! عادت الفتاة إلى طاولتها. وسأل
قيس طوران: هل أنت موساد، مهمتك أن تقدم البنات اليهوديات لمن يريدهن؟
ياطوران أعرف أن راكوشي اليهودي الذي عاد بعد الانتصار على النازية صفى
قيادة الداخل، قتل رايك ووضع اليهود في المراكز القيادية "لأنهم الوحيدون
الموثوقون". لكني أتساءل هل ستلعبون الدور نفسه الآن؟ ضحك طوران:
- لك نظرة استراتيجية ياقيس! أنا معجب بك! تعال معي لنلتقي بشينغري ايرفين! صار صاحب دار نشر!
- كما أصبحت أنت مخرجا مسرحيا في أشهر مسارح البلد؟! لاأريد أن أراه!
- لم تنس أنه حارب العرب في سلمة قرب يافا؟ لكنك لم تقصر فيه. قلت له لاتهاجم النظام الاشتراكي لأنكم أنتم تحكمون فيه.
- لو كان هناك نظام اشتراكي حقيقي لاعتقلك!
- نحن لسنا أكثرية هنا، ياقيس!
- صحيح! النور أكثر منكم عددا. قوتكم كيفية وليست كمية. تحكمون المال والفكر والسياسة!
مر
بالمقهى فيكتور الذي انحاز ضد تيتو ذات يوم وهرب من يوغوسلافيا. وكان
مختصا في الشؤون العربية. ويسر له قيس السفر إلى لبنان والأرض المحتلة
مرات. زار إسرائيل وكتب عن العرب. وضع فيكتور الرسائل التي وصلته على
الطاولة الصغيرة أمام قيس: اقرأ: "أتى اليوم الذي ستعلق فيه على المشنقة
أيها الفاشي عدو الساميين"! يهددونني أيضا بالهاتف! اشترى اليهودي ميكسا
روبرت، يعني روبرت ماكسويل، الجريدة الناطقة باسم الحكومة. وضع رئيسا لها
يوسف كوفاتش وطردني منها في اليوم نفسه. لم يجلس فيكتور وقتا طويلا.
لايستطيع أن يبقى في مكان واحد! هل سنلتقي ياقيس مرة أخرى؟ ربما، ربما!
مر
بالمقهى بعده غابور ناج الذي يحب العرب. كان رئيس قسم العلاقات الخارجية
في اللجنة المركزية. أخذ مكانه اليهودي يوسف كوفاتش. وطار هو إلى أعلى
فصار نائب وزير الخارجية، ثم أبعد سفيرا ثم طرد. ماهو مصيري؟ أبحث عن عمل!
ربما نلتقي ياقيس مرة أخرى!
أتى صديق قيس المحبوب، جورج ماكاّي.
يهددونك أيضا؟ اسمع ياجورج. يصر الصهيونيون على تبرئة اليهود من دم
المسيح، مع أن بطرس بين في إنجيله بصراحة أنهم سلموا السيد المسيح. فإما
أن الإنجيل الذي تدرّسه الكنيسة كاذب، وبطرس كذاب، ويجب أن يلغى حتى اسم
كنيسة القديس بطرس مركز البابا في روما. أو أن الكنيسة مخترقة بالصهيونية.
قال ماكاّي: صحيح! لكني لاأجرؤ أن أكتب عن ذلك. لو كتبته هل أجد من
يشنره؟! ربما نلتقي ياقيس ذات يوم! ربما! كان جورج ماكاّي مستشارا للشؤون
العربية في اللجنة المركزية كان!
لمح طوران وهو يدخل إلى المقهى
جورج ماكاّي فلم يقترب من قيس إلا عندما ابتعد ماكاّي. سأل قيسا وهو يجلس
إليه: استمعت إلى خائن الشعب اليهودي؟! فليجد الآن من ينشر كتبه! وهل كانت
تنشر كتبه حقا ياطوران؟! كان كتابه ينزل إلى السوق فتجمعونه في اليوم
نفسه! وهكذا تفعلون حيثما تستطيعون ذلك. لكنكم تصرخون إذا مسّ النسيم قبر
يهودي. فيالحرصكم على الحرية! كتب جورج ماكاّي عن آنا سينتش بطلتكم! نسيت
ذلك ياطوران؟ يذكّره قيس بتآمر المنظمة الصهيونية على اليهود! كانت آنا
سنتش من القلة التي رحّلت بالاتفاق بين ايخمن النازي وكستنر الصهيوني، شرط
أن تمنع المنظمة اليهود الباقين من مقاومة النازية. وصلت آنا سنتش إلى
فلسطين، ونظمت في الكتيبة اليهودية، ثم أنزلها البريطانيون بالمظلة في
منطقة الريف الجديد، ووصلت إلى كستنر في بوهايلست فسلمها للنازيين الذين
عذبوها حتى الموت! مع ذلك انتخب كستنر نائبا في إسرائيل. لكنه اغتيل خلال
محاكمة ايخمن كيلا يكون ممن يمكن أن يعترف ايخمن بتعاونهم معه. فهم طوران
مايقصده قيس! لكنه معجب بمتابعة قيس تلك الدقائق. ياقيس، لاتضيع وقتك في
الحقد! أحبك، لذلك أقول لك ارحل اليوم قبل الغد! صارت هذه البلاد لنا!
انتفض قيس. قيلت هذه الكلمات نفسها لأبيه وقيس مايزال في المدرسة ومايزال
يسكن في بيته وبلدته! قالها لأبيه في فلسطين صاحبه اليهودي يوسف. ياطوران،
يبدو أنكم لن تتركوا لنا إلا خطا أرقّ من حدّ السيف!
الصحراء، لكن المنفى فتح لقيس الجديد مدى واسعا كي يهيم. عرف فيه اللوعة
وهو سعيد بالنساء. لذلك كان معهن رقيقا وفظا. ولو عاد أبوه الآن لقال له
قيس: يابا، كثرة النساء لم ترو العطش إلى الحبيبة!
هل أراد قيس أن
يودع ثلاثة عقود من عمره في مقهى ماريا؟ أحب ذلك المقهى المزين بصور
الفنانين والكتاب الذين جلسوا فيه، وجمع المرايا والثريات في الطابق
العلوي، إلى المقاعد الخشب في الطابق الأول. كان يجلس فيه كل يوم ولو
قليلا. ومنه التقط المرأة التي فرط لها تسعا وتسعين وردة حمراء. كم مرة
التقى هنا بطوران روبرت زميله في قسم الفلسفة! كان في الصف عشرون طالبا من
اليهود وطالب واحد غير يهودي. كانوا يستعينون بقيس في الدروس. فقال قيس
لطوران روبرت مرة: تدّعون أنكم الشعب المختار مع أنكم لستم أكثر ذكاء منا.
هاأنت مثل زملائك تستعين بي! غاب طوران سنتين. أدى الخدمة العسكرية في
إسرائيل. فسأله قيس:
- أنت ابن هذا البلد أم من إسرائيل؟
-
لاتعرف ياقيس أن إسرائيل نفسها لنا؟ في هذا البلد ولد هرتزل ونوردو. ومن
هنا أكثر قياديي إسرائيل! اسمع ياقيس! لك أنت قرية في فلسطين. لكن لي جبل
كامل هو جبل طرعان!
- مع ذلك لم تبق على الجبل! لماذا عدت إذن؟
- عدت في مهمة ثقافية.
- مهمة ثقافية أم تجسسية؟
- ثقافية ياقيس. ثقافية! مهمتي أن أجمع كل كلمة تكتب عن الشرق الأوسط. وسأرصد كل رصاصة يمكن أن ترسل إلى بلد عربي!
كان
طوران يقصده كلما رآه في مقهى نرسيس قرب الجامعة. رأى حذاءه مرة ملوثا
بالوحل فسأله: أين غطست؟ فسر له قيس أنه يعبر منطقة موحلة من بيته البعيد.
بيتك بعيد؟ هل تريد بيتا في وسط البلد؟ أستطيع أن أؤمنه لك في أسبوع!
تأمله قيس. له مثل تلك السلطة؟! كم الخرق متسع إذن! أبعد قيس نظرته عنه
إلى فتاة جميلة مرت. فسأله طوران: تريدها؟ تكرر ذلك في مقهى ماريا أيضا.
نادى طوران الفتاة التي نظر إليها قيس: تعالي، يريدك قيس! جفل قيس:
ياسيدتي، نتحدث حديثا خاصا سنكمله أولا! عادت الفتاة إلى طاولتها. وسأل
قيس طوران: هل أنت موساد، مهمتك أن تقدم البنات اليهوديات لمن يريدهن؟
ياطوران أعرف أن راكوشي اليهودي الذي عاد بعد الانتصار على النازية صفى
قيادة الداخل، قتل رايك ووضع اليهود في المراكز القيادية "لأنهم الوحيدون
الموثوقون". لكني أتساءل هل ستلعبون الدور نفسه الآن؟ ضحك طوران:
- لك نظرة استراتيجية ياقيس! أنا معجب بك! تعال معي لنلتقي بشينغري ايرفين! صار صاحب دار نشر!
- كما أصبحت أنت مخرجا مسرحيا في أشهر مسارح البلد؟! لاأريد أن أراه!
- لم تنس أنه حارب العرب في سلمة قرب يافا؟ لكنك لم تقصر فيه. قلت له لاتهاجم النظام الاشتراكي لأنكم أنتم تحكمون فيه.
- لو كان هناك نظام اشتراكي حقيقي لاعتقلك!
- نحن لسنا أكثرية هنا، ياقيس!
- صحيح! النور أكثر منكم عددا. قوتكم كيفية وليست كمية. تحكمون المال والفكر والسياسة!
مر
بالمقهى فيكتور الذي انحاز ضد تيتو ذات يوم وهرب من يوغوسلافيا. وكان
مختصا في الشؤون العربية. ويسر له قيس السفر إلى لبنان والأرض المحتلة
مرات. زار إسرائيل وكتب عن العرب. وضع فيكتور الرسائل التي وصلته على
الطاولة الصغيرة أمام قيس: اقرأ: "أتى اليوم الذي ستعلق فيه على المشنقة
أيها الفاشي عدو الساميين"! يهددونني أيضا بالهاتف! اشترى اليهودي ميكسا
روبرت، يعني روبرت ماكسويل، الجريدة الناطقة باسم الحكومة. وضع رئيسا لها
يوسف كوفاتش وطردني منها في اليوم نفسه. لم يجلس فيكتور وقتا طويلا.
لايستطيع أن يبقى في مكان واحد! هل سنلتقي ياقيس مرة أخرى؟ ربما، ربما!
مر
بالمقهى بعده غابور ناج الذي يحب العرب. كان رئيس قسم العلاقات الخارجية
في اللجنة المركزية. أخذ مكانه اليهودي يوسف كوفاتش. وطار هو إلى أعلى
فصار نائب وزير الخارجية، ثم أبعد سفيرا ثم طرد. ماهو مصيري؟ أبحث عن عمل!
ربما نلتقي ياقيس مرة أخرى!
أتى صديق قيس المحبوب، جورج ماكاّي.
يهددونك أيضا؟ اسمع ياجورج. يصر الصهيونيون على تبرئة اليهود من دم
المسيح، مع أن بطرس بين في إنجيله بصراحة أنهم سلموا السيد المسيح. فإما
أن الإنجيل الذي تدرّسه الكنيسة كاذب، وبطرس كذاب، ويجب أن يلغى حتى اسم
كنيسة القديس بطرس مركز البابا في روما. أو أن الكنيسة مخترقة بالصهيونية.
قال ماكاّي: صحيح! لكني لاأجرؤ أن أكتب عن ذلك. لو كتبته هل أجد من
يشنره؟! ربما نلتقي ياقيس ذات يوم! ربما! كان جورج ماكاّي مستشارا للشؤون
العربية في اللجنة المركزية كان!
لمح طوران وهو يدخل إلى المقهى
جورج ماكاّي فلم يقترب من قيس إلا عندما ابتعد ماكاّي. سأل قيسا وهو يجلس
إليه: استمعت إلى خائن الشعب اليهودي؟! فليجد الآن من ينشر كتبه! وهل كانت
تنشر كتبه حقا ياطوران؟! كان كتابه ينزل إلى السوق فتجمعونه في اليوم
نفسه! وهكذا تفعلون حيثما تستطيعون ذلك. لكنكم تصرخون إذا مسّ النسيم قبر
يهودي. فيالحرصكم على الحرية! كتب جورج ماكاّي عن آنا سينتش بطلتكم! نسيت
ذلك ياطوران؟ يذكّره قيس بتآمر المنظمة الصهيونية على اليهود! كانت آنا
سنتش من القلة التي رحّلت بالاتفاق بين ايخمن النازي وكستنر الصهيوني، شرط
أن تمنع المنظمة اليهود الباقين من مقاومة النازية. وصلت آنا سنتش إلى
فلسطين، ونظمت في الكتيبة اليهودية، ثم أنزلها البريطانيون بالمظلة في
منطقة الريف الجديد، ووصلت إلى كستنر في بوهايلست فسلمها للنازيين الذين
عذبوها حتى الموت! مع ذلك انتخب كستنر نائبا في إسرائيل. لكنه اغتيل خلال
محاكمة ايخمن كيلا يكون ممن يمكن أن يعترف ايخمن بتعاونهم معه. فهم طوران
مايقصده قيس! لكنه معجب بمتابعة قيس تلك الدقائق. ياقيس، لاتضيع وقتك في
الحقد! أحبك، لذلك أقول لك ارحل اليوم قبل الغد! صارت هذه البلاد لنا!
انتفض قيس. قيلت هذه الكلمات نفسها لأبيه وقيس مايزال في المدرسة ومايزال
يسكن في بيته وبلدته! قالها لأبيه في فلسطين صاحبه اليهودي يوسف. ياطوران،
يبدو أنكم لن تتركوا لنا إلا خطا أرقّ من حدّ السيف!
- العائد من الظلامعضو مميز
- الجنس : عدد المساهمات : 2184 نقاط التميز : 2895 تقييم العضو : 19 التسجيل : 24/08/2009 العمر : 31
تمت المشاركة الإثنين سبتمبر 28, 2009 11:10 pm
اين الاصدقاء الاخرين
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى