بسم الله الرحمن الرحيم :
الأ بذكر الله تطمئن القلوب الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
فإن
القلب هو وعاء الأعمال ، وهو الموجّه والمخطّط والمتصرّف ، وهو محل
المعارف ، به يعرف العبد ربّه ومولاه ، وأسماءه وصفاته ، وبه يتدبر آياته
الشرعية والكونية ، وهو المطية التي يقطع بها العبد سفر الآخرة ، جعله
الله محلَّ نظره من عباده كما قال صلى الله عليه وسلم : إن الله لا ينظر
إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم ولهذا كان صلاح القلب
وسلامته واستقامته رأس كل خير ، وسبب كل فلاح في الدنيا والآخرة ، كما أن
فساده وقسوته رأس كل شر ، وسبب كل ضياع . والقلب كالجسد ، فهو يصح ويمرض ،
ويجوع ويشبع ، ويسعد ويشقى ، ويكسى ويعرى ، وكل ذلك بحسب نوع المؤثرات
التي تحيط به ، ولهذا كانت القلوب ثلاثة :
الأول :
القلب السليم : وهو الذي تمكَّن فيه الإيمان ، وأصبح عامراً بحب الله
ورسوله ، وهو الذي سَلِمَ من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ، ومن كل شبهة
تعارض خبره ، وهو الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به ، كما قال
تعالى : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) .
الثاني :
القلب الميت : وهو ضد الأول ، فلا حياة فيه ، وصاحبه لا يعرف ربَّه ، ولا
يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه ، بل هو واقف مع شهواته ولذاته ، منقاد لها ،
أعمى يتخبط في طريق الضلالة ، إن أحب أو أبغض فلهواه ، وإن أعطى أو منع
فلهواه ، فهواه مقدِّم عنده على رضا مولاه.
الثالث :
القلب المريض : وهو الذي غزته الشبهات والشهوات حتى شغلته عن حب الله
ورسوله ، فأصبح معتلاً فاسداً ، وهو قلب له حياة وبه مرض ، وهو لما غلب
منهما ، إن غلب عليه مرضه التحق بالقلب الميت ، وإن غلبت عليه صحته التحق
بالقلب السليم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
تقبلوا تحياتي اخوكم ايوان