إنتـهاء القرارات الإدارية
خطـة البحث :
المبحث الأول :
نهاية القرارات الإدارية عن طريق إرادة الإدارة
المطلب الأول : نهاية القرارات الإدارية عن طريق الإلغاء
المطلب الثاني : نهاية القرارات الإدارية عن طريق السحب
المبحث الثاني :
نهاية القرارات الإدارية عن تغيير إرادة الإدارة
نهاية القرارات الإدارية عن طريق القضاء
نهاية القرارات الإدارية عن طريق النهاية الطبيعية
مقدمة :
القرار الإداري عمل قانوني يصدر عن
الإدارة بما لها من سلطة عامة فيحدث مركزا قانونيا جديدا أو يؤثر في مركز
قانوني سابق وحتى ينشأ القرار الإداري فإنه لا ينشأ من فراغ إذ فلابد من
توافر مقومات يرتكز عليها وتمده بأسباب الحياة والإستمرار وهذه المقومات
هي الأركان وشروط الصحة ثم يدخل القرار الإداري صوره النهائي ويقتضي
القرار الإداري ونحن إذا شبها بحياة الكائن الحي لاتجد مبالغة في ذلك فما
هي طرق و أساليب و نهاية القرار الإداري و كيف يمكن إلغاء القرار الإداري
؟
المبحث الأول :
إن النظام القانوني للقرارات الإدارية لا
يتوقف على قواعد تكوينها أو تطبيقها بل أيضا قواعد إنهائها و هناك طريقتين
لأنها القرارات الإدارية عن طريق إرادة الإدارة أي أن الإدارة هي التي
تقوم بنفسها بأنها لقراراتها الإدارية أو بغير إرادة عن طريق القضاء بدعوى
الإبطال أو بالنهاية الطبيعية و لكن المشكل هذا هو عدم احترام القرارات
الإدارية و بالتالي المراكز القانونية التي أنشأتها فإنه بالنسبة لإنهاء
القرار الإداري بواسطة دعوى الإبطال أو الإلغاء فيكون أيضا بالنسبة للماضي
و هذا ما يسمى بالأثر الرجعي للإلغاء القضائي أما إذا انتهت القرارات عن
الطريق الإداري فهي تلغى بقرار إداري آخر من نفس الطبيعة أو من نفس السلطة
لكن المشكل يبقى مطروح في القرار الإداري الملغى لأنه أكيد أنشأ مراكز
قانونية فكيف يمكن تصدر قرار يلغي هاته المراكز القانونية و بالتالي يؤدي
إلى عدم استقرار الأعمال الإدارية لهذا فإن المبدأ المهم هو المبدأ
المتعلق بعدم رجعية الأعمال الإدارية أي لا يكون له أثر لا في المستقبل و
نشوء المركز القانوني يجب احترامه و إلا أدى إلى فوضى و عدم مصداقية في
الإدارة و السبب الآخر هو أن الحق المكتسب يكون ناجم عن قانون إداري صدر
في الماضي وولد أثره في المستقبل . فالقاضي الإداري الذي ألغى حقوق مكتسبة
يكون بنفس السياق فيكون له أثر في المستقبل فقط لكن إذا كنا نعمل بمبدأ
كهذا فإننا نتعثر بشيء آخر هو أنه إذا نشأ حق من قرار إداري أساسه منعدم (
بفقدانه إلى حد أركانه الثلاثة ) ومنه فالحق الذي ينشاه باطل و بالتالي
فهنا اندلعت عملية اكتشاف القانون الإداري للتفرقة بين الإلغاء و السحب
فالأولى لا يكون إلا في المستقبل و السحب يكون في المستقبل و الماضي (كأن
لم يكن )فهو لا يحترم حق المكتسب بعكس الإلغاء و منه فالإلغاء يختلف عن
السحب من حيث أن الإلغاء يقضي على آثار القرار الإداري بأثر فوري بينما
يقضي السحب على آثار القرار الإداري بأثر رجعي و لذا يجب التطرق لكل منهما
في :
المطلب الأول :نهاية القرارات الإدارية بواسطة الإلغاء :
الإلغاء الإداري للقرارات هو إنهاء و
إعدام الآثار القانونية للقرارات الإدارية بالسبة للمستقبل فقط، و ذلك
اعتبارا من تاريخ الإلغاء مع ترك وإبقاء آثارها السابقة قائمة بالنسبة
للماضي وسلطة الإلغاء الإداري للقرارات الإدارية تنصب على القرارات
الإدارية غير المشروعة والإدارية مقيدة في إستعمال سلطة الإلغاء الإداري
بالمدة القانونية وهي شهران .أما بالنسبة للإلغاء الإداري للقرارات
الإدارية المشروعة ومدى إمكانية إلغائها إداريا فيجب التميز في هذا الشأن
بين القرار الإداري الفردي والقرار الإداري التنظيمي
مثال كان يوظف شخص أو يستفيد شخص من سكن
فالقرار الفردي المشروع لا يجوز للإدارة
العامة أن تمس بإلغاء أو تعديله على إعتبار أنها أنشأت مراكز قانونية
ذاتية وفردية أي ولدت حقوقا ذاتية مكتسبة لأصحابها لا يجوز المساس بها وأن
استعمال الإدارة العامة لسلطة الإلغاء في وجه هذا النوع من القرارات يشكل
اغتصابا لحقوق مكتسبة وإستثناء على هذه القاعدة فإنه يجوز إلغاء القرار
الإداري في الحالات الآتية :
1-إذا كان مؤقتا ومثال ذلك قرار الإستلاء على عقار معين يلغى بعد انتهاء أسباب الإستلاء .
2-إذا كان إلغاؤه متروكا لتقدير الإدارة حيث تلغي الإدارة قرارات ندب وإعادة الموظفين مثلا متى ترى أن حاجة العمل تقتضي ذلك .
3-إذا كان الإلغاء لا يمس حقوقا مكتسبة لأحد كقرار رفض منح الجنسية
أما بالنسبة للقرار التنظيمي المشروع
فإنه يجوز للإدارة أن تعدلها أو تلغيها وفقا لمتطلبات الصالح العام وفي
حدود الأوضاع والإجراءات القانونية المقررة وذلك راجع إلى أن القرار
التنظيمي يخلف مراكز قانونية عامة وموضوعية ولا ينشئ مراكز قانونية ذاتية
وشخصية ولذلك لا يعتبر تعديل أو إلغاء قرار تنظيمي إغتصابا لحق مكتسب
والقيد الوحيد الذي يجد من سلطة الإدارة في إلغاء القرار التنظيمي هو
مقتضبات المصلحة العامة وقواعد المشروعية والموضوعية والشكلية أي أن قرار
تنظيمي يلغي سهولة فلا يصطدم بمبدأ الحق المكتسب كما أمه يلغى في كل وقت
لأنه لا يؤدي إلى حقوق فردية لحقوق المكتسبة
سحب القرارات الإدارية :
يقصد بالسحب إزالة آثار هذه القرارات
بالنسبة للمستقبل والماضي على السواء وذلك بإعدام آثارها بأثر رجعي
اعتبارا من تاريخ صدورها يجعلها كأنها لم تكن وهذا يؤدي إلى ملاحظة تكمن
في الإشارة إلى مبدأ عدم رجعية الأعمال الإدارية وبالتالي فالسحب يسيء إلى
هذا المبدأ مما يؤدي إلى إصابة خطيرة لحقوق الأفراد وحرياتهم ويجب أن
يتقيد السحب بشروط قد ترقى إلى درجة ضمانات الفرد في مواجهة عمليات سحب
القرارات الإدارية وإنطلاقا من ذلك يجب التمييز بين القرار الفردي والقرار
التنظيمي (السحب يستند إلى عدم المشروعية).
1-بالنسبة للقرار الفردي
: القرار الفردي يسحب في أي وقت حتى وإن أنشأ حقوق مكتسبة فالسحب جاء من
أجل إنهاء القرار الإداري الباطل فمادام لا يمكن إلغاء القرار الفردي كما
أشرنا سابقا لأنه أنشأ حق مكتسب فأنشأ وخدعة قانونية وهي السحب فيكون
القرار كأن لم يكن، وهذا بشرط أن يكون القرار أنشأ حق مكتسب وباطل وسحب
القرار الإداري يكون مقبول فيكون السحب إذا تعذر الإلغاء ويكون في أي وقت
ولكن بشروط هي :
-أن يستند لشرعية (وليس بالملاءمة) بمعنى بشروط أنه يمكن سحب القرار الإداري إستنادا إلى أنه باطل (للعيوب 04) إستنادا إلى أنه غير ملائم والملاءمة تكمن في عملية التفسير .
-أن يتم السحب خلال شهرين حتى تتراجع على
القرار وبالتالي لا يحق للفرد خلال مدة الشهرين أن يطالب بسحبه وأساس
الشهرين لأنها المدة المحددة لمباشرة الرقابة القضائية على ذلك القرار
فقانون الإجراءات المدنية يمنع الفرد من إلغاء قرار إداري إلا بعد مرور
شهرين من صدوره م 280
ق . إ . م وبعدها يطالب بسحبه أمام القضاء عن طريق الإلغاء القضائي ومنه
السحب يجنب العمل القضائي أي فإنه إذا انقضت هذه المدة القانونية فإن
القرار يكتسي الإلغاء والسحب معا مما يجعله يولد حقوقا مكتسبة للأفراد لا
يجوز تمسها الإدارة بالإلغاء ولا بالسحب ويضاف إلى هذين الشرطين شرط 3
2-بالنسبة للقرار التنظيمي
: لا يمكن أن يشكل أبدا موضوعا للسحب ولا يمكن لأي فرد الاحتجاج بحق نشأ
عنه، ولكن الإستثناء يمكن أن يسحب القرار لتنظيم مرفق أو مركز قانوني معين
واستفاد بعد ذلك المعنيون من هذا القرار بأن تم فعلا إنشاء حقوق مكتسبة
فلا يمكن أن يسحب وإذا لم يستفيدوا منه يمكن سحبه .مثال : المرسوم المتعلق
بإجراءات العفو من الخدمة الوطنية للدخول في مهنة ما فإنه يمكن سحبه إذا
لم يستفد منه شخصيا أي إعفاء أشخاص من الخدمة الوطنية .
مثال آخر : أنه في حالة مرسوم تنظيمي
أعلن عن مسابقة وطنية للدخول في مهنة ما فإنه يمكن أن تسحب المسابقة
الوطنية إذا لم تنشأ حقا مكتسبا الذي ينشأ يوم إعلان النتائج لكن قبل
إعلان .
المطلب الثاني : نهاية القرارات الإدارية عن طريق القضاء :
تنقضي وتزول القرارات الإدارية بالقضاء
على آثارها القانونية بواسطة حكم قضائي نهائي حائز على قوة الشيء المقضي
به بعد تحريك ورفع دعوى الإلغاء من ذوي الصفة والمصلحة القانونية من
الأفراد أمام السلطات القضائية المختصة وطبقا للإجراءات والشكليات قانونا
ولمعرفة ماهية وأحكام الإلغاء القضائي للقرارات الإدارية يجب دراسة دعوى
الإلغاء .
الفرع الأول: تعريف دعوى الإلغاء وخصائصها :
دعوى الإلغاء هي دعوى قضائية عينية أو
موضوعية والتي يحركها ويرفعها أصحاب الصفة القانونية والمصلحة أمام القضاء
الإداري طالبين فيها الحكم بإلغاء قرار إداري نهائي غير مشروع ويختص
القاضي بالنظر في مدى شرعية أو عدم شرعية القرار الإداري المطعون فيه بعدم
الشرعية ومن خلال هذا التعريف نجد خصائص لدعوى الإلغاء وهي كالتالي :
- دعوى الإلغاء دعوى قضائية وليست بطعن أو تظلم إداري :
لم تكتسب دعوى الإلغاء الصفة والطبيعة القضائية إلا في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 أي بعد 1872
حيث كانت دعوى الإلغاء قبل هذا التاريخ مجرد طعن أو تظلم إداري رئاسي وذلك
في ظل فترة إنعدام وجود القضاء الإداري البات وسيادة فترة القضاء المحجوز
وبعد استغلال (ق إ) أصبحت (دعوى الإلغاء) موجودة قانونيا في شكل دعوى
قضائية