الرئيسية
المنشورات
أحدث الصور
التسجيل
دخول
ولكنى لم أعلم أنى كنت سأهرب من مشاكلى إلى ذلك الكابوس المفزع والمخيف الذى راودنى فى تلك الليلة شديدة الظلام , فلقد رأيت أنى أسير وحيدا فى شارع طويل مظلم ليس به أى دليل على وجود حياة به , فلقد كان شارع بلا مبانى أو بيوت وكان طريق السير به غير ممهد وملئ بالطوب والحجارة التى أدمت قدماى الحافيتين أثناء السير عليها , وأخذت أسير بلا وجهة أو هدف محدد وإذ بى أسمع ذلك الصوت المخيف الذى يتردد صداه فى قوة مرعبة وهو يردد عدة مرات قائلا "سأقتلك .. سأدمرك .. سأمزقك" والتفتت باحثا عن مصدر هذا الصوت فى رعب وخوف شديدين ولكنى لم أجد شيئا ولم أجد من يصدر هذا الصوت الذى هز كل أوصالى.
وفجأة لمحته من بعيد , كلا إنه ظله , بالتأكيد هذا ظله
ولكن ما هذا الظل الضخم وهذه الهيئة شديدة الكبر
بالتأكيد إنها لأحد المخلوقات التى نراها فى أفلام الرعب , ولكنى كنت أحسب أنى لا أراها إلا فى تلك الأفلام فقط ولم أكن أعلم أنى سأجدها على أرض الواقع , وبدأت أتراجع فى بطء وحذر كى لا يشعر ذلك الكائن العجيب بى , ولكنه وللأسف شعر بى وإذ به يلتفت إلى و وجدته بدأ فى التحرك وبسرعة شديدة نحوى ولم أجد ساعتها ما أفعله سوى الهروب والجرى بأقصى سرعة أعطانى إياها ربى , وظللت أجرى وأجرى وأنا أحس بهذا الكائن يقترب منى رويدا رويدا وأنا أزيد من سرعتى كى لا يلحقنى.
أستمريت أنا فى الجرى والهروب وكأنى أسرع العدائين فى مسابقات ألعاب القوى , وبينما أنا منهمك وأبذل كل ما فى وسعى للهرب من ذلك الشئ المفزع وقدماى تتقطع من الطوب والحجارة التى أجرى عليها , إذ بى مرة واحدة أسقط فى حفرة عميقة موحلة ومليئة بالطين وشعرت بأن جسدى وملابسى وكلى قد ملئت بالطين والوحل ولم أشعر ساعتها بنفسى وغبت عن الوعى فترة لا أعلمها , وفجأة أحسست بهذه اليد الرقيقة الطيبة التى تفيقنى من غيبوبتى وإذا بى أرى شعاع الشمس وقد أضاء الدنيا من حولى ودققت النظر فوجدته واقفا أمامى بنظرته الحنونة الطيبة وهو يمد إلى يده كى أخرج من تلك الحفرة .
وجدته شيخا طيبا رقيقا , سألنى عما حدث وقصصت عليه ما جرى لى , فما كان منه إلا أن ابتسم ابتسامة صغيرة وأدخل يده فى جيبه ثم أخرجها وهى تمسك بفوطة مبللة مسح بها على وجهى وباقى جسدى مرة واحدة عدت بعدها غاية فى النظافة والهندمة وأحسست وكأنى قد خرجت لتوى من حمام السباحة فى منزلنا الكبير.
شكرت هذا الشيخ بشدة ورجوته كى يعرفنى بنفسه , فما كان منه إلا أن رمقنى بتلك الإبتسامة الساحرة وقال لى : ألا تعرفنى , ألم ترنى من قبل
إننى
إننى
إننى
"مندوب شركة إريال , وحبيت أقولك إنه بيقضى على أصعب البقع حتى لو كانت من الطين"
مع تحيات ريان
