استعرض الموضوع التالياذهب الى الأسفلاستعرض الموضوع السابق

مَـهَـانَـةُ نَـفْـس ! Empty مَـهَـانَـةُ نَـفْـس !

فراسبيتو
فراسبيتو
عضو محترف
عضو محترف
رقم العضوية : 3079
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 7200 نقاط التميز : 10794 تقييم العضو : 40 التسجيل : 28/01/2010 الإقامة : الجزائر
تمت المشاركة الخميس فبراير 25, 2010 10:39 pm
مَـهَـانَـةُ نَـفْـس !



عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


حينما تَسْمُو الـنَّفْس البشرية فإنها تَرتَقِي مَطالِع الجوزاء !
ويَتْعب الجِسْم في تحقيق غاياتها ومطالِبها ..

وإذا كانت النفوس كبارا = تعبت في مرادها الأجسام

وتَسْتَلِذّ نَفْس الْحُرّ الْمُرَّ في سبيل التطلّع إلى العلياء

ومَن تَكُن العلياء هِمّة نَفْسِه = فَكُلّ الذي يَلقاه فيها مُحَـبَّبُ

وحِين تعلو هِمّة الـنَّفْس يَزداد قَدْرُها .. ويَرتفِع ثمنها !

يقول الإمام الشافعي :

علَيَّ ثياب لو يُباع جميعها = بِفَلْسٍ لكان الفَلْس منهن أكثرا
وفيهن نَفْسٌ لو يُقاس بمثلها = نفوس الوَرَى كانت أجَلّ وأخطرا
وما ضَرّ نَصْل السّيف إخلاق غِمده = إذا كان عَضْبا حيث أنفذته بَرى
فإن تكن الأيام أزْرَتْ بِبَزّتِي = فَكَم مِن حُسام في غِلافٍ مُكَسّرا

أما حين تَهُون الـنَّفْس على صاحِبها .. فإنه يَهون هو في أعْين الناس

مَن يَهُن يَسْهُل الهوان عليه = ما لِجُرْح بِمَيّتٍ إيـلامُ

فإن الناس تَضَع الإنسان حيث يَضَع نَفْسَه

كما قال الجرجاني :

أرى الناس مَن دَاناهم هَان عندهم = ومَن أكْرَمَتْه عِزّة الـنَّفْسِ أُكْرِمَا

ومَتى هانَتِ الـنَّفْس عند صاحِبها دَسّاها وحقّرها بِكل خُلُق مرذول !
وصَغّرها بما يَشِينها
وتَخَلّق بِكل خُلُق دنيء
ولا يَرْضى بِالدُّون إلا دنيء !

قال ابن القيم :
فلو كانت النفس شَريفة كبيرة لم تَرْضَ بالدُّون ، فأصْلُ الخير كلّه بتوفيق الله ومشيئته ، وشَرَف الـنَّفْس ونُبْلها وكبرها . وأصْل الشّر خستها ودناءتها وصغرها . قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) ،
أي : أفْلَح مَن كَبّرها وكَثّرها ونَمّاها بِطَاعَةِ الله ، وخَابَ مَن صَغّرها وحَقّرها بِمَعَاصِي الله ، فالـنُّفُوس الشريفة لا تَرْضَى من الأشياء إلا بأعلاها وأفضلها وأحْمَدها عاقبة ، والـنُّفُوس الدنيئة تَحُوم حَول الدَّنَاءات وتَقَع عليها ، كما يَقَع الذُّبَاب على الأقْذَار ، فالـنَّفْس الشَّرِيفة الْعَلِيّة لا تَرْضَى بالظُّلْم ولا بالفواحش ولا بالسرقة والخيانة ، لأنها أكبر من ذلك وأجَلّ ، والنّفْس الْمَهِينة الْحَقِيرة والْخَسِيسة بالضِّدّ مِن ذلك ؛ فَكُلّ نَفْسٍ تَمِيل إلى ما يُناسبها ويُشاكلها . اهـ .

وقال في ذِكْر عقوبات الذّنُوب :
ومِن عُقُوبَاتها : أنها تُصَغّر الـنَّفْس وتَقْمَعَها وتُدَسّيها وتُحَقّرها حتى تصير أصْغَر كل شيء وأحْقَره ، كما أن الطاعة تُنَمِّها وتُزَكّيها وتُكَبّرها .
قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) ، والمعنى : قد أفْلَح مَن كَبّرها وأعلاها بِطاعة الله وأظْهَرها ، وقَد خَسِرَ مَن أخْفَاها وحَقّرها وصَغّرَها بِمَعْصِية الله ... فالطاعة والْبِرّ تُكَبّر الـنَّفْس وتُعِزّها وتُعْلِيها حتى تصير أشرف شيء وأكْبَره وأزْكَاه وأعْلاه ، ومع ذلك فهي أذلّ شيء وأحْقَره وأصْغَره لله تعالى ، وبِهَذا الذّل حَصَلَ لها هذا العِزّ والشَّرَف والـنّمُو ؛ فما صَغّر النفس مثل مَعْصِية الله ، ومَا كَبّرها وشَرّفها ورَفعها مثل طاعة الله . اهـ .

وإن مما تَهُون بِه الـنَّفْس أن يَعتَاد الإنسان خُلُقا مِن أخلاق المنافِقين ..
بل قد يَسْتَسِيغ ما غَصّ به عُـبّاد الأوثان !
أو يَسْتَحْسِن ما اسْتَقْبَحه أهل الجاهلية الأولى !

وكَفَى بِذَنْبٍ قُـبْحًا أن يَتَبرّأ مِنه أهل الجاهلية ! فيَخْشَى أحدهم أن يُعيَّرَ بِه !

وحَسْبُك مِن خُلُق رَذَالَة أن يَعِيبَـه من كان يَعبد الأصنام والأوثان !

ذلكم هو " الْكَذِب " الذي عُيِّر بِه " مُسَيلِمة " فاقْتَرَن اسمه بِوصْفِ الْكَذِب ! فلا يُذكَر إلا ويُعَرّف بـ " الكَذّاب " !

والكَذِب خُلُق من أخلاق المنافِقين ، ففي خِصال الـنِّفاق : " إذا حَدّث كَذَب " كما في الصحيحين .
قال منصور الفقيه :

الصِّـدق أوْلَى مَا بِهِ = دَانَ امرؤ فاجْعَلْه دِينا
وَدَعِ النّفاق فما رَأيْـ = ـتُ مُنافِقًا إلاَّ مَهينا

وإنما يَكذِب الكَذّاب مِن دناءة نَفْسِه ..

قال محمد بن كعب القرظي : لا يَكْذِب الكَاذِب إلا مِن مَهَانَة نَفْسِه عليه .

والكّذِب أبْغض خُلُق إلى صاحِب الْخُلُق العظيم صلى الله عليه وسلم .
قالت عائشة رضي الله عنها : ما كان خُلُق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن الكذب ، فإن كان الرجل يَكذب عنده الكذبة فما يَزال في نفسه عليه حتى يَعلم أنه قد أحدث منها توبة . رواه عبد الرزاق ومِن طريقه الترمذي وابن حبان .

والمؤمن يُطْبَع على الخلال كلها إلاَّ الخيانة والكذب . كما قال أبو أمامة رضي الله عنه .

وأخرج البيهقي في الشُّعَب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لا تَجِد المؤمن كَذّابا
وقال عمر أيضا : لا تَنْظُروا إلى صلاة أحَدٍ ولا إلى صيامه ، ولكن انْظُرُوا إلى مَن إذا حَدّث صَدق ، وإذا ائتمن أدَى ، وإذا أشْفَى وَرِع .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في خطبته : ليس فيما دون الصدق من الحديث خير ، مَن يَكذب يَفْجُر ، ومَن يَفْجُر يَهلك .

وقال أنس رضي الله عنه : إن الرجل ليُحْرَم قيام الليل وصيام النهار بالكِذبة يَكذبها .


وقال محمد بن سيرين : الكلام أوسع من أن يَكذب ظَريف .

وقال عمر بن عبد العزيز : ما كَذَبْتُ منذ عَلِمْتُ أن الكَذِب يَضُرّ أهله .

وقال الغازي بن قيس : ما كَذَبْتُ منذ احْتَلَمْتُ
.
وقال : والله ما كَذَبْتُ كِذبة قَطّ منذ اغتسلت ، ولولا أن عمر بن عبد العزيز قَالَه ما قُلْتُه

وإذا كان الكذب بِضاعة شيطانية .. فإن الصِّدْق مَنْجَاة ، وهو بِضاعة أهل الإيمان ..
قال كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يُحدِّث بِخبر توبة الله عليه : فو الله ما علمت أن أحدًا من المسلمين أبْلاه الله في صِدق الحديث منذ ذَكَرْتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا أحسن مما أبلاني الله به ، والله ما تعمدت كِذبة منذ قلتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي . رواه البخاري ومسلم .

وقال علي رضي الله عنه : زِين الحديث الصِّدق .

وخُلِّد في ذِكْر ربعي بن حراش أنه ما كَذَب كذبة !
قال وكيع : لم يَكذب ربعي بن حراش في الإسلام كِذبة . رواه الترمذي .
وروى أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة قال : كان يُقال : إن ربعي بن حراش رضي الله عنه لم يكذب كذبا قط ، فأقبل ابناه من خراسان قد تأجّلا ، فجاء العَريف إلى الحجاج فقال : أيها الأمير إن الناس يَزعمون أن ربعي بن حراش لم يكذب قط ، وقد قدم ابناه من خراسان وهما عاصيان ! فقال الحجاج : عَليّ به ، فلما جاء قال : أيها الشيخ . قال : ما تشاء ؟ قال : ما فَعل ابناك ؟ قال : المستعان الله خَلّفتُهما في البيت . قال : لا جَرَم ! والله لا أسوؤك فيهما ، هما لك .

وأصى الخلفاء مُعلّمي أبنائهم بتعليمهم الصِّدْق .
قال أسعد بن عبيد الله المخزومي :

أمَرَني عبد الملك بن مروان أنْ أُعَلِّم بَنِيه الصِّدق كما أُعَلّمُهم القرآن .

وقال مطر الوراق : خَصلتان إذا كانتا في عبدٍ كان سائر عمله تَبَعًا لهما :

حُسْن الصلاة ، وصِدْق الحديث .

وقال الفضيل : لم يَتَزَيّن الناس بشيء أفضل مِن الصدق وطَلَب الحلال .

وقال عبد العزيز بن أبي روّاد : إبْرَار الدنيا : الكَذِب وقِلّة الحياء ؛ فَمَنْ طَلَب الدّنيا بِغيرهما فقد أخطأ الطريق والْمَطْلَب .
وإبْرَار الآخرة : الحياء ، والصِّدق ؛ فمن طلب الآخرة بغيرهما فقد أخطأ الطريق والْمَطْلَب . اهـ .

وقال يوسف بن أسباط : يُرْزَق العبد بالصِّدْق ثلاث خِصال :

الْحَلاوة والْمَلاحَة والْمَهَابة

قيل لِلُقْمان الحكيم : ما بَلَغَ بك ما نَرى ؟
قال : صِدْق الحديث ، وأداء الأمانة ، وتَرْك ما لا يَعْنِيني .

وإن أعظَم الكذب ما بَلَغ الآفاق ..
وفي رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم : الرجل الذي أتيت عليه يُشْرَشْر شِدْقه إلى قَفَاه ، ومنخره إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ؛ فإنه الرجل يَغدو من بيته فيكذب الكِذبة تَبلغ الآفاق . رواه البخاري .
أوْ ما أدّى إلى الطعن في الأعراض ..
وكل كَذِب تَعدّى ضَرَرُه ..

قال ابن حبان : كل شيء يُسْتَعَار لِيُتَجَمّل به سَهْل وُجُوده ، خَلا اللسان ، فإنه لا يُنْبِئ إلاّ عَمّا عُوِّد ، والصِّدق يُنْجِى ، والكَذب يُرْدِي ، ومَن غَلب لِسانه أمّرَه قومُه ، ومن أكثر الكذب لم يترك لنفسه شيئا يُصَدّق به ، ولا يكذب إلا مَن هَانت عليه نَفسه .
قال : وأنشدني الكريزي :

كَذَبْتَ ومَن يَكْذِب فإن جزاءه = إذا ما أتى بالصدق أن لا يُصَدّقا
إذا عُرف الكذاب بالكذب لم يزل = لدى الناس كذابا وإن كان صادقا

وقال ابن حبان :
أنشدني الأبرش:

الكِذْبُ مُرديك ، وإن لم تخف = والصِّدْقُ منجيك على كل حال
فانطق بما شئت تجد غِبَّه = لم تُبْتَخَسْ وَزنة مثقال

وقال ابن حبان :
لو لم يكن للكذب من الشَّين إلاَّ إنزاله صاحبه بحيث أن صَدَق لم يُصدّق ، لكان الواجب على الْخَلْق كافَّة لزوم التثبت بالصدق الدائم ، وإن من آفة الكذب أن يكون صاحبه نسيا ، فإذا كان كذلك كان كالمنادي على نفسه بالْخِزْي في كل لحظة وطرفة .
قال : وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي :

إذا ما المرء أخطأه ثلاث = فَبِعْه ولو بِكَفّ مِن رَماد
سلامة صدره والصدق منه = وكتمان السرائر في الفؤاد

وأصدق من هذا وأبلغ قول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم :
عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا . رواه البخاري ومسلم .

فاخْتَر لِنفسك مَنْزِلتها ومكانتها في الدنيا والآخرة ..

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) .

مَـهَـانَـةُ نَـفْـس ! Empty رد: مَـهَـانَـةُ نَـفْـس !

rym
rym
عضو مميز
عضو مميز
رقم العضوية : 2913
الجنس : انثى عدد المساهمات : 1686 نقاط التميز : 1898 تقييم العضو : 11 التسجيل : 23/01/2010 العمر : 36
تمت المشاركة الخميس فبراير 25, 2010 10:42 pm
شكرا على مواضيعك لكن بلعقل والله حبيت نعلق عليها كامل بصح مقدرتش ما شاء الله كاين بزاف مَـهَـانَـةُ نَـفْـس ! 56594 مَـهَـانَـةُ نَـفْـس ! 56594 مَـهَـانَـةُ نَـفْـس ! 56594 إذا ما المرء أخطأه ثلاث = فَبِعْه ولو بِكَفّ مِن رَماد
سلامة صدره والصدق منه = وكتمان السرائر في الفؤاد شكرا
التوقــيـــــــــــــــــــــع


ما دعوة أنفع يا صاحبي .... من دعوة الغائب للغائب

ناشدتك الرحمن يا قارئاً .... أن تسأل الغفران للكاتب

مَـهَـانَـةُ نَـفْـس ! Empty رد: مَـهَـانَـةُ نَـفْـس !

العائد من الظلام
العائد من الظلام
عضو مميز
عضو مميز
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 2184 نقاط التميز : 2895 تقييم العضو : 19 التسجيل : 24/08/2009 العمر : 31
تمت المشاركة الخميس فبراير 25, 2010 10:57 pm
فراسبيتو راك هايل خويا انا عجبتيني ونعلق على كل مواضيعك بربي نشاله لانها مميزة فعلا
التوقــيـــــــــــــــــــــع


<br>

مَـهَـانَـةُ نَـفْـس ! Empty رد: مَـهَـانَـةُ نَـفْـس !

فراسبيتو
فراسبيتو
عضو محترف
عضو محترف
رقم العضوية : 3079
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 7200 نقاط التميز : 10794 تقييم العضو : 40 التسجيل : 28/01/2010 الإقامة : الجزائر
تمت المشاركة الجمعة فبراير 26, 2010 12:31 am
ربي يخليك الاخ عادل ربي ما يحرمنا منك انت راك منور المنتدى
استعرض الموضوع التاليالرجوع الى أعلى الصفحةاستعرض الموضوع السابق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى