استعرض الموضوع التالياذهب الى الأسفلاستعرض الموضوع السابق

تفسير سورة الفجر  Empty تفسير سورة الفجر

avatar
زائر
زائر
تمت المشاركة الجمعة ديسمبر 24, 2010 2:41 pm
( و الفجر ) أقسم الله تعالى الفجر , الذي هو آخر الليل و مقدمة النهار , لما في إدبار
الليل و إقبال النهار , من الآيات الدالة عل كمال قدرة الله تعالى
. و أنه وحده المدبر لجميع الأمور , الذي لا نبغي العبادة إلا له , و
يقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة , يحسن أن يقسم الله بها . و جائز أن يكون قد أراد تعالى
فجر يوم معين , فعن مسروق و مجاهد و محمد بن كعب أن المراد به هو فجر يوم النحر
خاصة , و هو خاتمة الليالي العشر
.

(
و ليال عشر ) هي العشر الأول من شهر ذي الحجة , و فيها الأضحى , و الوقوف بعرفة ,
الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان , فما رُئِي الشيطان أحقر و لا
أدحر منه في يوم عرفة , لما يرى من تَنَزُّل الأملاك و الرحمة من الله لعباده , و
يقع فيها كثير من أفعال الحج و العمرة , و هذه أشياء معظمة
, مستحقة لأن يقسم الله بها . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام "- يعني عشر ذي الحجة - قالوا : و لا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : " و لا الجهاد في سبيل الله , إلا رجلا خرج بنفسه و ماله , ثم لم يرجع
من ذلك بشيء
" . رواه البخاري .

(
و الشفع و الوتر ) قال ابن جرير : و الصواب من القول في ذلك
أن يقال : إن الله تعالى ذِكره أقسم بالشفع و الوتر , و لم يخصص نوعا من الشفع و
لا من الوتر , دون نوع , بخبر و لا عقل
, و كل شفع و
وتر , فهو مما أقسم به . مما قاله أهل التأويل أنه داخل في قسمه هذا , لعموم قسمه
بذلك
.

(
و الليل إذا يسر ) مقبلا أو مدبرا فهو بمعنى و الليل إذا سار و السير يكون صاحبه ذاهبا
أو آيبا
.

(
هل في ذلك قسم لذي حجر ) أي : لذي عقل و لب و حجا و دين , و إنما سمي العقل حجرا لأنه يمنع
الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال و الأقوال
. قال ابن
جرير
: أي : هل فيما أقسمت به من
هذه الأمور مقنع لذي حجر . و إنما عُني بذلك
: أن في هذا
القسم مكتفى لمن عقل عن ربه , مما هو أغلظ منه في الأقسام
.

(
ألم تر كيف فعل ربك بعاد ) ألم تعلم علما يقينيّا كيف عذب ربك عادا , فيعذب هؤلاء أيضا ,
لاشتراكهم فيما يوجبه من جحود الحق و المعاصي . و عاد قبيلة من العرب البائدة , و تلقب
بإرم أيضا , كانوا متمردين عتاة جبارين , خارجين عن طاعته مكذبين لرسله , جاحدين
لكتبه , فذكر تعالى كيف أهلكهم و دمرهم , و جعلهم أحاديث و عبر , و هؤلاء عاد
الأولى هم أولاد عاد بن إرم بن عَوص بن سام بن نوح
, قاله ابن
إسحاق و هم الذين بعث الله فيهم رسوله هودا عليه السلام , فكذبوه و خالفوه ,
فأنجاه الله من بين أظهرهم و من آمن معه منهم , و أهلكهم بريح صرصر عاتية
" سخرها عليهم سبع ليال و ثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى
كأنّهم أعجاز نخل خاوية , فهل ترى لهم من باقية
" . و قد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما موضع , ليعتبر بمصرعهم
المؤمنون
.

(
ذات العماد ) كانوا يسكنون بيوت الشَّعر التي ترفع بالأعمدة الشداد لأنهم ينتجعون الغيوث
و ينتقلون إلى الكلأ حيث كان , ثم يرجعون إلى منازلهم في الأحقاف في حضر موت
.

(
التي لم يُخلق مثلها في البلاد ) أي في العِظم و البطش و الأيدي , فقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة
و أقواهم بطشا , و لهذا ذكَّرهم هود عليه السلام بتلك النعمة و أرشدهم إلى أن
يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم فقال
: " و اذكروا إذ
جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح و زادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم
تُفلحون
" . و قال تعالى " فأمّا عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق و قالوا من أشدُّ منّا قوة
أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشدّ منهم قوة
" .

(
و ثمود ) هم قوم صالح عليه السلام .

(
الذين جابوا الصخر بالواد ) أي قطعوا صخر الجبال , واتخذوا فيها بيوتا لهم و مساكن تقيهم برد
الشتاء القارص و حر الصيف اللافح , قال تعالى
" و كانوا
ينحتون من الجبال بيوتا ءامنين
" , و المراد بالواد واديهم الذي كان بين جبلين من جبالهم التي ينحتون
منها البيوت و هو وادي القرى
.

(
و فرعون ذي الأوتاد ) أي الجنود الذين يشدون له أمره , أو هي أوتاد يشد بها من يعذّبه إذ
كان له أربعة أوتاد إذا أراد قتل من كفر به و خرج عن طاعته قيد كل يد بوتد و كل
رجل بوتد و يقتله , أو هي القوى و العَدد و العُدد التي تم له بها ملكه
, و رسخ بطشه و سلطانه .

(
الذين طغوا في البلاد ) هذا الوصف عائد إلى عاد و ثمود و فرعون و من تبعهم , فإنهم طغوا في
بلاد الله , و آذوا عباد الله , في دينهم و دنياهم , و لهذا قال
" فأكثروا فيها الفساد "

(
فأكثروا فيها الفساد ) و العمل بالكفر و شُعبه , من جميع أجناس المعاصي , و سعوا في محاربة الرسل
و صد الناس عن سبيل الله , فلما بلغوا من العتو ما هو موجب لهلاكهم أرسل الله
عليهم من عذابه ذنوبا و سوط عذاب
.

(
فصب عليهم ربك سوط عذاب ) أي : أنزل عليهم رجزا من السماء , و أحل بهم عقوبة لا يَرُدُّها عن القوم
المجرمين , بما طغوا في البلاد و أفسدوا فيها , و قد بيّن تعالى إهلاكهم مفصلا في
غير ما سورة و آية , فأهلك عاد بالريح الصرصر , و ثمود بالصيحة العاتية , و فرعون
بالغرق في البحر
.

(
إن ربك لبالمرصاد ) أي لهؤلاء الذين قصّ نبأ هلاكهم , و لكل جبار عات و طاغية ظالم ,
فالله تعالى يرصد خلقه فيما يعملون و يجازي كلا بسعيه في الدنيا و الآخرى , و سيعرض
الخلائق كلهم عليه فيحكم فيهم بعدله , و يقابل كلا بما يستحقه , و هو المنزه عن
الظلم و الجور
.

(
فأمّا الإنسان إذا ما ابتلاه
ربه فأكرمه و نعّمه فيقول ربي أكرمني
) فأما الإنسان إذا ما ابتلاه الله تعالى فأكرمه بالمال و الولد و الجاه
و نعمه بالأرزاق و الخيرات ليختبره في ذلك , فيعتقد أن ذلك من الله إكراما له ,
فيقول مفاخرا , ربي فضلني على غيري لمالي من فضائل و مزايا لم تكن لهؤلاء الفقراء
, و الأمر ليس كذلك , بل هو ابتلاء و امتحان كما قال تعالى
" أيحسبون أنّما نمدُّهم به من مال و بنين , نسارع لهم في الخيرات بل
لا يشعرون
" .

(
و أمّا إذا ما ابتلاه فقدر عليه
رزقه فيقول ربي أهانن
) و أما إذا اختبره و ضيّق عليه رزقه لينظر تعالى هل يصبر العبد المختبر
أو يجزع , فيقول ربي أهانن أي أذلني فأفقرني
.

(
كلاّ ) أي ليس كل من نعّمته في الدنيا فهو كريم عليّ , و لا كل من قدرت عليه رزقه
فهو مهان لديّ , فإن الله يعطي المال من يحب و من لا يحب , و يضيق على من يحب و من
لا يحب , و إنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين , إذا كان غنيا بأن
يشكر الله على ذلك , و إذا كان فقيرا بأن يصبر
, فيثيبه الله
على ذلك الثواب الجزيل , و إن كان ممن ليس كذلك فينقله إلى العذاب الوبيل
.

(
بل لا تكرمون اليتيم ) الذي فقد أباه و كاسبه , و احتاج إلى جبر خاطره و الإحسان إليه .
فأنتم لا تكرمونه بل تهينونه , و هذا يدل على عدم الرحمة في قلوبكم و عدم الرغبة في
الخير
.

(
و لا تحضون على طعام المسكين ) لا يأمرون بالإحسان إلى الفقراء و المساكين , و يحث بعضهم على بعض في
ذلك
.
و ذلك لأجل الشح على الدنيا و
محبتها الشديدة المتمكنة من القلوب و لهذا قال تعالى
" و تأكلون
التراث أكلا لمّا و تحبون المال حبّا جمّا
" .
قال الإمام : و إنما ذكر التحاض على الطعام , و لم يكتف بالإطعام فيقول " و لم
تطعموا المسكين " ليصرح لك بالبيان الجليّ أن أفراد الأمة متكافلون و إنه يجب
أن يكون لبعضهم على بعض عطف بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , مع إلتزام كلّ
لما يأمر به , و ابتعاده عما ينهى عنه
.

(
و تأكلون التراث ) أي الميراث .

(
أكلاً لمّا ) أي : من أي جهة حصل لهم , من حلال أو حرام . قال بكر بن
عبد الله
: اللمّ : الإعتداء في الميراث , يأكل ميراثه و ميراث غيره .

(
و تحبون المال حبّا جمّا ) أي جمعه و كنزه , حبّا كثيرا شديدا , و هذا كقوله تعالى " بل تؤثرون الحياة الدنيا و الآخرة خير و أبقى " , " كلا بل تحبون العاجلة و تذرون الآخرة " .

(
كلاّ ) ردع لهم عن ذلك , و إنكار لفعلهم . و ما بعده وعيد عليه بالإخبار عن
ندمهم و تحسرهم حين لا ينفعهم الندم
إذا دكت الأرض دكّا دكّا ) أي حركت حركة شديدة و زلزلت زلزالا قويا , و سويت الأرض و الجبال ,
فلم يبقى عليها شاخص البتّة
.

(
و جاء ربك ) لفصل القضاء بين خلقه , و ذلك بعدما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق
محمد صلى الله عليه و سلم , بعدما يسألون أولي العزم من الرسل واحدا بعد واحد ,
فكلهم يقول : لست بصاحب ذاكم , حتى تنتهي النوبة إلى محمد صلى الله عليه و سلم
فيقول : " أنا لها , أنا لها " فيذهب فيشفع عند الله في أن يأتي لفصل
القضاء فيشفعه الله في ذلك , و هي أول الشفاعات , و هي المقام المحمود , فيجيء
الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء
.

(
و الملك صفا صفا ) و تجيء الملائكة الكرام , أهل السماوات كلهم , صفا بعد صف , كل سماء يجيء
ملائكتها صفا , يحيطون بمن دونهم من الخلق , و هذه الصفوف صفوف خضوع و ذل للملك
الجبار
.

(
و جيء يومئذ بجهنم ) تقودها الملائكة بالسلاسل , قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يُؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام , مع كل زمام سبعون ألف ملك
يجرونها
" . رواه مسلم .

(
يومئذ يتذكر الإنسان ) ما قدمه من خير و شر .

(
و أنّى له الذكرى ) أي : و كيف تنفعه الذكرى ؟ فقد فات أوانها , و ذهب زمانها .

ثم يقول متحسرا على ما فرط في
جنب الله
( ياليتني قدمت لحياتي ) يعني : يندم على ما كان سلف منه من المعاصي – إن كان عاصيا – و يود لو
كان ازداد من الطاعات – إن كان طائعا – كما روى الإمام أحمد بن حنبل عن محمد بن
أبي عَميرة – و كان من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم – قال
: " لو أن عبدًا خر على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت هرمًا في طاعة الله
, لََحَقِرَهُ يوم القيامة , و لودَّ أنه يُردَّ إلى الدنيا كيْما يزداد من الأجر
و الثواب
" . إسناده صحيح .
و في الآية دليل على أن الحياة
التي ينبغي السعي في أصلها و كمالها , و في تتميم لذَّتها , هي الحياة في دار
القرار , فإنها دار الخلد و البقاء
.

(
فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ) أي : ليس أحد أشد عذابا من تعذيب الله من عصاه .

(
و لا يوثق وثاقه أحد ) أي : و ليس أحد أشد قبضا ووثقا من الزبانية لمن كفر بربهم , عز و جل , فإنهم يقرنون بسلاسل من نار , و يسحبون على وجوههم في الحميم , ثم في النار
يسجرون , فهذا جزاء المجرمين من الخلائق الظالمين
.

و أما من اطمأن إلى الله و آمن
به و صدق رسله , فيقال له
:
(
يا أيتها النفس المطمئنة ) إلى صادق وعد الله ووعيده في كتابه و على لسان رسوله فآمنت و اتقت و تخلت
عن الشرك و الشر فكانت مطمئنة بالإيمان و ذكر الله قريرة العين بحب الله و رسوله و
ما وعدها الرحمن
.

(
إرجعي إلى ربك ) إلى جواره و ثوابه و ما أعد لعباده في جنته .

(
راضية مرضية ) راضية عن الله , و عن ما أكرمها به من الثواب , و الله قد رضي عنها .

(
فادخلي في عبادي ) أي في جملة عبادي الصالحين الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون .

(
و ادخلي جنتي ) و هذا يقال لها عند الإحتضار , و في يوم القيامة , كما أن الملائكة
يبشرون المؤمن عند احتضاره و عند قيامه من قبره , و كذلك ها هن

تفسير سورة الفجر  Empty رد: تفسير سورة الفجر

avatar
joujou21
عضو متقدم
عضو متقدم
الجنس : انثى عدد المساهمات : 3002 نقاط التميز : 3565 تقييم العضو : 14 التسجيل : 30/08/2010
تمت المشاركة الجمعة ديسمبر 24, 2010 6:22 pm
بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك

تفسير سورة الفجر  Empty رد: تفسير سورة الفجر

avatar
زائر
زائر
تمت المشاركة الجمعة ديسمبر 24, 2010 6:23 pm
joujou21 كتب:بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك

شكرا للمرورك العطر

تفسير سورة الفجر  Empty رد: تفسير سورة الفجر

barca
barca
عضو محترف
عضو محترف
رقم العضوية : 2
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 30651 نقاط التميز : 40610 تقييم العضو : 915 التسجيل : 05/08/2009 الإقامة : guelma
http://www.guelma24.net
تمت المشاركة الجمعة ديسمبر 24, 2010 6:41 pm
الف شكر وتحية اختاه على الموضوع

تفسير سورة الفجر  Empty رد: تفسير سورة الفجر

avatar
زائر
زائر
تمت المشاركة الجمعة ديسمبر 24, 2010 6:43 pm
barca كتب:الف شكر وتحية اختاه على الموضوع

تسلم اخي بارصا نورت

تفسير سورة الفجر  Empty رد: تفسير سورة الفجر

بوك
بوك
عضو مطرود
عضو مطرود
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 9166 نقاط التميز : 10738 تقييم العضو : 181 التسجيل : 02/05/2010 الإقامة : *في المنتدى*
تمت المشاركة الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 5:27 pm
تفسير سورة الفجر  565164
تفسير سورة الفجر  161702

تفسير سورة الفجر  Empty رد: تفسير سورة الفجر

avatar
زائر
زائر
تمت المشاركة الإثنين يناير 03, 2011 11:53 am
بوك كتب: تفسير سورة الفجر  565164
تفسير سورة الفجر  161702

شكرا لمرورك
استعرض الموضوع التاليالرجوع الى أعلى الصفحةاستعرض الموضوع السابق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى