السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أطرقت في عباب صمتي علّي أجد من كلام البشر ما ينطق ...كفكفت دمعي حين ساورتني ظنون البحث عن بقايا البقايا الصامدة ، فما وجدت من أنيس يخفّف كلكل الأرزاء التي تعاقبت على ساحنا من حرب أكتوبر إلى جريمة أسطوا"مرمرة"...
كلفوا البكاء وساروا نادبين ، كافورهم في البلاط ينادي جلاّده ، فيستجيبوا واحدا فواحدا،،،
سيّدي السّلطان العربي : هل تريدني أن أتعلّم غيرجلد أجساد المعذّبين ؟؟ أنت سيّدي فلا أعصينّ لك أمرا...
وراح جلاّدي يوجّه السياط نحو جسدي النحيل الهزيل ، فلا يهتزّ ما بقي منه بقايا البقايا ...
الرّوح منّي تسائلني : هلاّ اكتفيت من النهاية ؟ فأجيب : سأفتح صفحات جرمهم ، لأرى البداية..وسط أدراجي مبعثرة الكتب ، لاحت قصيدة شهيدة ، فرحت أنتشي من دمي شهيد شاهد، فإذا بنزار يقول :
الممثّلـــــــــــون
حين يصير الفكر في مدينة
مسطحاً كحدوة الحصان
مدوراً كحدوة الحصان
وتستطيع أي بندقية يرفعها جبان
أن تسحق الإنسان
حين تصير بلدة بأسرها
مصيدةً… و الناس كالفئران
و تصبح الجرائد الموجهة
أوراق نعيٍ تملأ الحيطان
يموت كل شيء
الماء, والنبات, والأصوات,
والألوان
تهاجر الأشجار من جذورها
ويهرب من مكانه المكان
وينتهي الإنسان
* * * *
حين يصير الحرف
في مدينةٍ
حشيشهً يمنعها
القانون
ويصبح التفكير
كالبغاء , و اللواط , والأفيون
جريمة يطالها القانون
حين يصير الناس في مدينةٍ
ضفادعاً مفقوءة العيون
فلا يثورون و لا يشكون
ولا يغنون و لا يبكون
ولا يموتون ولا يحيون
تحترق الغابات و الأطفال و الأزهار
تحترق الثمار
و يصبح الإنسان في موطنه
أذل من صرصار
* * * *
حين يصير العدل
في مدينةٍ
سفينة يركبها
قرصان
و يصبح الإنسان في
سريرهِ
محاصراً بالخوف و
الأحزان
حين يصير الدمع
في مدينةٍ
أكبر من مساحة
الأجفان
يسقط كل شيء
الشمس والنجوم والجبال والوديان
والليل و النهار و
البحار و الشطآن
....... و الإنسان
* * * *
حين تصير خوذة
…كالرب في السماء
تصنع بالعباد ما تشاء
تمعسهم… تهرسهم
تميتهم… تبعثهم
تصنع بالعباد ما تشاء
حين يصير الحكم في مدينةٍ
نوعاً من البغاء
ويصبح التاريخ في مدينةٍ
ممسحةً …والفكر كالحذاء
حين تصير نسمة الهواء
تأتي بمرسومٍ من السلطان
وحبة القمح التي نأكلها
تأتي بمرسوم من السلطان
وقطرة الماء التي نشربها
تأتي بمرسوم من السلطان
حين تصير أمة بأسرها
ماشية تعلف في زريبة السلطان
يختنق الأطفال في أرحامهم
وتجهض النساء
وتسقط الشمس على ساحاتنا
منشفة سوداء
* * * *
متى سترحلون ؟
المسرح انهار على رؤوسكم
متى سترحلون ؟
والناس في القاعة يشتمون…و يبصقون
كانت فلسطين لكم
دجاجة من بيضها
الثمين تأكلون
كانت فلسطين لكم
قميص عثمان الذي به
تتاجرون
طوبى لكم
على يديكم أصبحت حدودنا من ورقٍ
فألف تشكرون
على يديكم أصبحت بلادنا
امرأةً مباحةً
فألف تشكرون
* * * *
حرب حزيران
انتهت
فكل حربٍ بعدها, ونحن
طيبون
أخبارنا جيدة
وحالنا و الحمد لله على أحسن ما يكون
جمر النراجيل,
على أحسن ما يكون
وطاولات الزهر…مازالت على أحسن ما
يكون
والقمر المزروع في سمائنا
مدور الوجه على أحسن ما يكون
وصوت فيروز,من الفردوس
يأتي"نحن راجعون"
تغلغل اليهود في ثيابنا"ونحن راجعون"
صاروا على مترين
من أبوابنا"ونحن راجعون"
ناموا على فراشنا"ونحن راجعون"
وكل ما نملك أن نقول:
"إنا إلى الله لراجعون"
* * * *
حرب حزيران
انتهت…
وحالنا والحمد لله
عل أحسن ما يكون
كتابنا عل رصيف الفكر عاطلون
من مطبخ السلطان يأكلون
وبسيفه الطويل يضربون
كتابنا ما مارسوا التفكير من قرون
لم يقتلوا …لم يصلبوا
لم يقفوا على حدود الموت و الجنون
كتابنا يحيون في إجازة
وخارج التاريخ يسكنون
حرب حزيران انتهت
جرائد الصباح ما تغيرت
الأحرف الكبيرة الحمراء…ما تغيرت
الصور العارية النكراء …ما تغيرت
والناس يلهثون…
تحت سياط الجنس يلهثون
تحت سياط الأحرف الكبيرة الحمراء
…يسقطون
الناس كالثيران في بلادنا
بالأحمر الفاقع يؤخذون
* * * *
حرب حزيران انتهت
وضاع كل شيء
الشرف الرفيع و القلاع و الحصون
و المال و البنون
لكننا باقون في محطة الإذاعة:
"فاطمةٌ تهدي إلى
والدها سلامها"
"خالدٌ يسأل عن أعمامه
في غزة
وأين يقطنون؟"
"نفيسة قد وضعت مولودها .."
"وسامرٌ حاز على شهادة
الكفاءة"
"فطمئنونا عنكم"
"عنواننا المخيم
التسعون"
* * * *
حرب حزيران
انتهت
كأن شيئاً لم يكن
لم تختلف أمامنا الوجوه والعيون
محاكم التفتيش
عادت… و المفتشون
والدونكيشوتيون…مازالوا يشخصون
والناس من صعوبة البكاء …يضحكون
ونحن قانعون…
بالحرب قانعون…بالسلم قانعون
بالحرِ قانعون…والبرد قانعون
بالعقم قانعون…والنسل قانعون
بكل ما في لوحنا المحفوظ في
السماء… قانعون
وكل ما نملك أن نقول
"إنا إلى الله لراجعون"
* * * *
احترق المسرح من أركانه
ولم يمت بعد
""""الممثلون""""
نزار قباني
أطرقت في عباب صمتي علّي أجد من كلام البشر ما ينطق ...كفكفت دمعي حين ساورتني ظنون البحث عن بقايا البقايا الصامدة ، فما وجدت من أنيس يخفّف كلكل الأرزاء التي تعاقبت على ساحنا من حرب أكتوبر إلى جريمة أسطوا"مرمرة"...
كلفوا البكاء وساروا نادبين ، كافورهم في البلاط ينادي جلاّده ، فيستجيبوا واحدا فواحدا،،،
سيّدي السّلطان العربي : هل تريدني أن أتعلّم غيرجلد أجساد المعذّبين ؟؟ أنت سيّدي فلا أعصينّ لك أمرا...
وراح جلاّدي يوجّه السياط نحو جسدي النحيل الهزيل ، فلا يهتزّ ما بقي منه بقايا البقايا ...
الرّوح منّي تسائلني : هلاّ اكتفيت من النهاية ؟ فأجيب : سأفتح صفحات جرمهم ، لأرى البداية..وسط أدراجي مبعثرة الكتب ، لاحت قصيدة شهيدة ، فرحت أنتشي من دمي شهيد شاهد، فإذا بنزار يقول :
الممثّلـــــــــــون
حين يصير الفكر في مدينة
مسطحاً كحدوة الحصان
مدوراً كحدوة الحصان
وتستطيع أي بندقية يرفعها جبان
أن تسحق الإنسان
حين تصير بلدة بأسرها
مصيدةً… و الناس كالفئران
و تصبح الجرائد الموجهة
أوراق نعيٍ تملأ الحيطان
يموت كل شيء
الماء, والنبات, والأصوات,
والألوان
تهاجر الأشجار من جذورها
ويهرب من مكانه المكان
وينتهي الإنسان
* * * *
حين يصير الحرف
في مدينةٍ
حشيشهً يمنعها
القانون
ويصبح التفكير
كالبغاء , و اللواط , والأفيون
جريمة يطالها القانون
حين يصير الناس في مدينةٍ
ضفادعاً مفقوءة العيون
فلا يثورون و لا يشكون
ولا يغنون و لا يبكون
ولا يموتون ولا يحيون
تحترق الغابات و الأطفال و الأزهار
تحترق الثمار
و يصبح الإنسان في موطنه
أذل من صرصار
* * * *
حين يصير العدل
في مدينةٍ
سفينة يركبها
قرصان
و يصبح الإنسان في
سريرهِ
محاصراً بالخوف و
الأحزان
حين يصير الدمع
في مدينةٍ
أكبر من مساحة
الأجفان
يسقط كل شيء
الشمس والنجوم والجبال والوديان
والليل و النهار و
البحار و الشطآن
....... و الإنسان
* * * *
حين تصير خوذة
…كالرب في السماء
تصنع بالعباد ما تشاء
تمعسهم… تهرسهم
تميتهم… تبعثهم
تصنع بالعباد ما تشاء
حين يصير الحكم في مدينةٍ
نوعاً من البغاء
ويصبح التاريخ في مدينةٍ
ممسحةً …والفكر كالحذاء
حين تصير نسمة الهواء
تأتي بمرسومٍ من السلطان
وحبة القمح التي نأكلها
تأتي بمرسوم من السلطان
وقطرة الماء التي نشربها
تأتي بمرسوم من السلطان
حين تصير أمة بأسرها
ماشية تعلف في زريبة السلطان
يختنق الأطفال في أرحامهم
وتجهض النساء
وتسقط الشمس على ساحاتنا
منشفة سوداء
* * * *
متى سترحلون ؟
المسرح انهار على رؤوسكم
متى سترحلون ؟
والناس في القاعة يشتمون…و يبصقون
كانت فلسطين لكم
دجاجة من بيضها
الثمين تأكلون
كانت فلسطين لكم
قميص عثمان الذي به
تتاجرون
طوبى لكم
على يديكم أصبحت حدودنا من ورقٍ
فألف تشكرون
على يديكم أصبحت بلادنا
امرأةً مباحةً
فألف تشكرون
* * * *
حرب حزيران
انتهت
فكل حربٍ بعدها, ونحن
طيبون
أخبارنا جيدة
وحالنا و الحمد لله على أحسن ما يكون
جمر النراجيل,
على أحسن ما يكون
وطاولات الزهر…مازالت على أحسن ما
يكون
والقمر المزروع في سمائنا
مدور الوجه على أحسن ما يكون
وصوت فيروز,من الفردوس
يأتي"نحن راجعون"
تغلغل اليهود في ثيابنا"ونحن راجعون"
صاروا على مترين
من أبوابنا"ونحن راجعون"
ناموا على فراشنا"ونحن راجعون"
وكل ما نملك أن نقول:
"إنا إلى الله لراجعون"
* * * *
حرب حزيران
انتهت…
وحالنا والحمد لله
عل أحسن ما يكون
كتابنا عل رصيف الفكر عاطلون
من مطبخ السلطان يأكلون
وبسيفه الطويل يضربون
كتابنا ما مارسوا التفكير من قرون
لم يقتلوا …لم يصلبوا
لم يقفوا على حدود الموت و الجنون
كتابنا يحيون في إجازة
وخارج التاريخ يسكنون
حرب حزيران انتهت
جرائد الصباح ما تغيرت
الأحرف الكبيرة الحمراء…ما تغيرت
الصور العارية النكراء …ما تغيرت
والناس يلهثون…
تحت سياط الجنس يلهثون
تحت سياط الأحرف الكبيرة الحمراء
…يسقطون
الناس كالثيران في بلادنا
بالأحمر الفاقع يؤخذون
* * * *
حرب حزيران انتهت
وضاع كل شيء
الشرف الرفيع و القلاع و الحصون
و المال و البنون
لكننا باقون في محطة الإذاعة:
"فاطمةٌ تهدي إلى
والدها سلامها"
"خالدٌ يسأل عن أعمامه
في غزة
وأين يقطنون؟"
"نفيسة قد وضعت مولودها .."
"وسامرٌ حاز على شهادة
الكفاءة"
"فطمئنونا عنكم"
"عنواننا المخيم
التسعون"
* * * *
حرب حزيران
انتهت
كأن شيئاً لم يكن
لم تختلف أمامنا الوجوه والعيون
محاكم التفتيش
عادت… و المفتشون
والدونكيشوتيون…مازالوا يشخصون
والناس من صعوبة البكاء …يضحكون
ونحن قانعون…
بالحرب قانعون…بالسلم قانعون
بالحرِ قانعون…والبرد قانعون
بالعقم قانعون…والنسل قانعون
بكل ما في لوحنا المحفوظ في
السماء… قانعون
وكل ما نملك أن نقول
"إنا إلى الله لراجعون"
* * * *
احترق المسرح من أركانه
ولم يمت بعد
""""الممثلون""""
نزار قباني