شعر فارس الهيتي
تِبْكي النَخِيلُ عَلى العِراق
عَلى السهولِ
عَلى الجِبَالِ
عَلَى حِكَاْيَاتٍ مَضَتْ....
تَبْكِي عَلَى أعْذَاقِ تَمْرٍ قَدْ ذَوَتْ ....
تَبْكِي عَلَى سَعفاتِها الخُضرِ الطَويلةِ
مِنْ سَمَاهَا قَدْ هَوَتْ....
يَاُ صَوت هَذي الأرض
يَنقُلهُ الصدَى..
أَينَ الرجَالْ؟؟
أَينَ الفَوَارس في الجَنوبِ؟؟
وَأَينَ طَعْمُ الطِيبِ يَا أَهلَ الشَمَالْ؟؟
إنَّ النِساءَ تَحسّرتْ..
وَعَاثَ في الأرضِ الضَلالْ..
يَا أَيّهَا المَوت الذي اختَارَ العِرَاق
هَيهَاتَ أن يَهوِي العِقَالْ !!
تَبْكِي عَلَى (بَكر) الشهيدِ
بِدَمْعَةٍ تَغْلِي غَضَبْ
تَبْكِي عَلى نَهر الفرات
وماءه العذبِ الذي
كالطينِ أَصْبَحَ فِي المَحَاجِرِ
بَعْدَما الدَمعُ نَضَبْ..
وَتَئِنُّ في صَمتٍ كَئيبْ
ويرجعُ الصوت الغريبْ
أَنَا هُنَا !!
أَينَ الرحِيلْ؟
يَا أيّها القَمَرُ الجَميلْ
يَا صَوتَ دجلةَ والفرات
وشَهقَة تَعْلو الأصيلْ..
امضِ إلى حَيثُ السماءِ
وَهَاكَ شَمعكَ والرطَبْ
امضِ وَودّعْ زَيفَ هَذا الكَونِ خَلفَكْ
امْضِ إلى النجمِ البَعيدِ
وَمِنْ بَعِيدٍ هَاتِ كَفّكْ !!
إني مَريضٌ يَا أبي
خُذنِي مَعَكْ..
خُذْني إلى بَلَدي
إلى صَوتِ الكَنَائس والجَوامِعْ
خُذْني لِنَحتَضن الشَوارعْ
خُذني إلى حيث الحدائق والمزارعْ
أَنَا لا أَخَافُ مِنَ القَنَابلِ والمَدافِعْ..
إني أُحِبكَ يَا أَبي
إني أُنَازعْ...
قَلبي مَعَكْ
وَيَكَادُ يَقْتَلِع الضُلوعَ وَيَتبَعَكْ
كَيفَ السبيلُ لأُرجِعَكْ ؟؟؟
آهٍ مِنَ الخَتَمِ اللعينْ
آهٍ مِنَ الزَمَنِ المُهينْ
آهٍ مِنَ – الأُردنّ- تمنَعني ..
وَروحي مِنْ بَعيدٍ تَسمَعَكْ
كل النخيلِ مع الفراتِ مع الورودِ
تُوَدِّعَكْ..
يا بكرُ مَنْ يُرثِي أَباكْ
ومن يعين القلب – إنْ يبكي – سواكْ
أَنَا مُذْ خَرَجتُ مِنَ العرَاقْ
ضَيَّعتُ روحي فِي الزُحَامْ
وشربتُ مِنْ أَيدي اللئِامْ
أَني أُحِبُكَ يَا بُنيَّ
وإِنّني مَنْ ضَيَّعَكْ......