زمان الخزي العربي
ماهي
المواقف التي اتخذتها الحكومات العربية حتى الآن من المذابح التي ارتكبتهاقوات
الاحتلال الأمريكي في الأيام الماضية في الفلوجة، وفي مدينة الصدر، وباقيأحياءبغداد
والمدن والقرى العراقية؟. هذه المواقف تتلخص في أمر من اثنين: إماالصمتالتام،
أي عدم الادلاء بأي تصريح أو تعليق أو إعلان أي موقف على الاطلاق. كأنمايجري
في العراق لا يعني هذه الحكومات من قريب أو بعيد، أو كأنه لم يحدث شيءيستحقالتعليق
أو إعلان موقف.
وإماإصدار
بيانات أو الإدلاء بتصريحات رسمية تعلق على ما جرى. الغريب أن كلالبيانات
والتصريحات التي صدرت عن حكومات عربية تكاد تكون نسخة واحدة، تعبر كلها عننفس
الموقف. أما الموقف فهو يتلخص في التعبير عن القلق، وفي دعوة "كل الأطراف"
فيالعراق إلى ضبط النفس وعدم تصعيد "العنف". كأن
ما جرى في العراق في الأيام الماضيةمنمجازر
ومذابح أمر هامشي عارض لا يستدعي سوى "القلق".. كأن استشهاد 700 عراقي في
الفلوجةوحدها في خلال ثلاثة أو
اربعة أيام، لا يستدعي التعبير عن "الغضب" أو "الاستنكار" أو"الإدانة" أو
ما شابه ذلك.. وكأن الذي يجري في العراق هو مجرد نزاعداخليبين
"اطراف متساوية" وليس حربا تشنها قوات احتلال تمتلك أحدث الأسلحةوالمعداتالعسكرية
على شعب أعزل جريمته الوحيدة انه يطالب بالاستقلال.
باختصار، فإنالحكوماتالعربية
في مجموعها احجمت عن ادانة المذابح التي ارتكبتها قوات الاحتلالفيالعراق،
وعن توجيه أي لوم لسلطات الاحتلال، أو دعوتها للالتزام بالقوانين الدوليةالتي
تلزمها بحماية المدنيين وممتلكاتهم. أي بعبارة أخرى، أحجمت الحكوماتالعربية
عن قول شيء أو فعل شيء يمكن أن يحمي شعب العراق في مواجهة الابادة التييتعرض
لها، أو يمكن ان يجنبه مزيدا من المذابح تهدد سلطات الاحتلال علنا
بارتكابهافيالأيام
القادمة.
المذهل ان هذا
الموقف، الذي اتخذته الحكومات العربية مما جرى فيالعراقليس
له أي تفسير مفهوم. هذا أمر يتعلق بحرب ابادة تشنها قوات الاحتلال علىالمدنوالقرى
والمدنيين.. أمر يتعلق بمجازر بحق الأبرياء بمعنى الكلمة.. فما الذييمكنان
يبرر احجام الحكومات العربية عن ادانة هذا الذي يجري، وتصر على حمايةالمدنيينالعراقيين،
وتطالب سلطات الاحتلال بالتوقف عن العدوان على المدن والقرى؟.الكارثةان
الحكومات العربية بهذا الموقف المخزي تساهم في اعطاء الضوء الأخضر لقواتالاحتلالبالمضي
قدما في حملة الابادة والمذابح في الفلوجة وفي كل مدن وقرى العراق.الحكوماتالعربية
بهذا الموقف تترك أهل العراق وحدهم بلا سند ولا معين في مواجهةأكبرآلة
بطش عسكرية في العالم.