موضة السراويل الطايحة

انتشرت بين شبابنا موضة السروال الطايح وتسمى اختصارًا(طيحني)، وبانتشارها صارت الملابس الداخلية جزءًا من المشهد في الفضاء العام، تظهر حوافها بوضوح خلف السراويل الناصلة في الساحات والشوارع وواجهات العرض بأسواق الملابس. خرجت هذه الموضة الغريبة من السجون الأمريكية حيث لا يسمح للسجين بلبس الحزام تحرزًا من استخدامه في الاعتداء على الآخرين، ومع الحركة وجاذبية الأرض نزلت سراويل السجناء، وبسبب الملل من رفعها بين الحين والآخر تركت لمصيرها، فالسجين عادة لا يبالي كثيرًا بالحشمة، لأن السجن مكان قاسٍ وعنيف يولد في نفس الإنسان الشعور بالضآلة والدونية، ومع هذا الشعور تتراجع القيم المعنوية. ومن السجن انتقلت الموضة إلى الأحياء الفقيرة، وكالعادة تلقف أباطرة الموضة الوضع الجديد للسروال وصمموا سراويل طايحة تسمى( لوويست)، تقلصت فيها مساحة الحجر إلى حد مخيف، وأطلقوها في حفلات عروض الموضة لتنتشر كالنار في مخزن تبن في سائر أرجاء العالم. بدافع التقليد انساق شبابنا وراء الموضة الجديدة، ولبسوا سراويل طيحني معلنين القطيعة التامة مع تراث محلي عريق يحتفي برفع السروال وربطه بإحكام شديد بالتكة، فأجدادنا عليهم رحمة الله. كانوا يحرصون على رفع سراويلهم إلى حافة السرة، وقشط التكة إلى حد تركها أثرًا على هيئة طوق على الجلد، وتحسبًا لأي انقطاع مفاجئ للتكة أضافوا فوقها حزام جلدي سميك، في عصرهم كان من العيب أن يعري المواطن شعر رأسه فما بالك بأسفل ظهره، وكانوا ينعتون كل ضعيف خامل بأنه(مرخي التكة).

الموضة الجديدة مرشحة لمزيد من الانتشار بين فئات أخرى في المجتمع كالصبيان والبنات، ما لم يقف أنصار رفع السراويل صفًا واحدًا في مواجهتها للحد من استفحالها، بأعمال كافة الوسائل السليمة المشروعة، لأن القانون لا يجيز التدخل بالقوة لرفع أي سروال طايح، إذًا ماذا بوسع المواطن الملتزم برفع سرواله إلى السرة أو ما دونها بسنتمتر واحد فقط لا غير أن يفعل أمام مد موجة طيحني، التي تهدد بوضعه في خانة المتخلف عن عصره لأن سرواله مرفوع مش طايح؟

القانون ليس في صالحه وإذا تجرأ بدافع الغيرة على شباب الوطن، رجال الغد وأمل المستقبل، ودعا بأدب أي شاب إلى رفع سرواله، لن يضمن عدم نخصه بميلبو أو موس فرش، أو على أقل تقدير اتهامه في أمه، فضلا عن أن دعاة حقوق الإنسان سوف ينشطون على الفيس بوك، صارخين باتهام المحافظين على رفع سراويلهم بانتهاك حق الإنسان في تقرير مصير سرواله، وحريته في إنزاله إلى الحد الذي يرضي طموحه ويشعره بتحقق ذاته في المجتمع. ما العمل إذًا؟

اعتقد أننا نملك في هذه المواجهة الصعبة أسلحة قليلة، ولكنها فعالة إذا أحسن استخدامها والسلاح الأول هو الدعوة بالتي هي أحسن، فليسع أنصار رفع السراويل في البداية إلى إقناع شباب طيحني بضرورة رفعهم لسراويلهم، لنذكرهم بأن نزول سراويلهم يجرنا إلى الخلف حضاريًا وثقافيًا، ففي فترة المد الثوري ضد قوى الاستعمار والامبريالية والرجعية والعملاء في خمسينات وستينات القرن الماضي، كانت طليعة المثقفين تصرخ بكل العزة والشموخ والكرامة في أذن المواطن: ارفع رأسك يا أخي.. لقد مضى زمن الذل والهوان وأنت الآن حر، وها نحن بعد أكثر من نصف قرن بسبب تقليدكم الأعمى للموضة نخاطبكم بحسرة: ارفع سروالك يا أخي.. لقد بانت الفرعة والكانتيرة وأنت الآن عريان. ومع دعوتهم إلى نبذ سروال طيحني لابد من دعم الحزام وتوفيره بأقل سعر ممكن أسوة بالدقيق لتشجيع الشباب على اقتنائه، فتغطية مؤخرات شبابنا، رجال الغد وأمل المستقبل، واجب وطني لا يقل أهمية عن إشباع البطون لكل من يعنيه شأن الوطن، وتضاف للمرتب علاوة مستحقة لكل موظف ملتزم برفع سرواله، بعد استيفاء كافة الشروط التي تحددها الرقابة لضمان وصول العلاوة إلى مستحقيها. الجمعيات الأهلية يمكن لها لعب دور بارز في مواجهة طيحني، فهي حتمًا ستنحاز إلى صف أنصار رفع السراويل، بإقامة حفل سنوي لتكريم كافة المواطنين الملتزمين برفع السروال، ومنحهم شهادات التقدير ونشر صورهم بالسراويل المرفوعة جدًا على صدر صفحات الصحف، والإشادة بهم في كل المحافل باعتبارهم مواطنين نموذجيين رفعوا سراويلهم واحكموا ربطها، وليكن من بين مسوغات الحصول على قرض أو سكن أو خانة في العرس الجماعي علم وخبر يفيد بأن حامله مرفوع السروال، ولم يشهد أحد بأنه سبق وشاهد سرواله طايح، أيضًا يمكن أن يضيف المدرسون إلى درجات أعمال السنة بضع درجات ينالها كل طالب ملتزم برفع السروال.أعتقد أن هذه الإجراءات ستكون مجدية في الحد من انتشار سروال طيحني ، وأثناء المواجهة ربما نكتشف أساليب أخرى تساعدنا على الوصول إلى الهدف المنشود، علينا أن نخلص النية ونعقد العزم من أجل بناء مجتمع نموذجي مرفوع السراويل

اخ من هذه الدنيا و هذا الزمن

السلام عليكم ورحمة الله
اشكرك جزيل الشكر اختي بلقيس على طرحك الجد مميز
فعلا موضة السراويل الهابطة هي تقليد اعمى للغرب الذي اضحينا
نساله الله الهداية للجميعلنقلده فقط في الامور السلبية ، للاسف الشديد انسلخنا من كل القيم الاخلاقية

ربي يسترنا ويحسن اخرتنا
شكرا لمرورك اخي

موضة لابد ان تنتهي
شكرا لك اختي بلقيس ع الطرح المهم