استعاد منتخب البرازيل هيبته العالمية بعد سنوات من التخبّط منذ الخروج من رُبع نهائي كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، وأحرز لقب كأس القارات للمرّة الرابعة في تاريخه والثالثة على التوالي، بعد فوزه الكبير على نظيره الإسباني بطل العالم وأوروبا (3-0) في المباراة النهائية أمام نحو 74 ألف متفرّج على ملعب "ماراكانا" في ريو دي جانيرو.
وبذلك نجح منتخب البرازيل في منع منافسه من إكمال رباعية فريدة (بعد الفوز في يورو 2008 و2012 وبينهما مونديال 2010) وتحقيق لقب المسابقة للمرّة الأولى في تاريخه، كما كسر سلسلة إسبانية من المباريات الرسمية دون خسارة لتتوقّف عند 29 مباراة متتالية، إذ تعود آخر خسارة لـ "لاروخا" إلى المواجهة أمام سويسرا (0-1) في الدور الأوّل من مونديال جنوب أفريقيا وتحديداً منذ 16 حزيران/يونيو 2010، كما أن الإسبان فشلوا في تحقيق فوزهم الأوّل رسمياً على منافسهم منذ 79 عاماً، فالفوز الرسمي الوحيد لهم كان في كأس العالم بإيطاليا في 27-5-1934.
وسبق لـ"سيليساو" أن تُوّجوا بالبطولة أعوام 1997 في السعودية (6-0 على أستراليا في النهائي)، و2005 في ألمانيا (4-1 على الأرجنتين في النهائي)، و2009 في جنوب أفريقيا (3-2 على الولايات المتّحدة الأميركية في النهائي)، وهو النهائي الخامس لهم في المسابقة، إذ خسروا نهائي 1999 أمام المكسيك المضيفة (3-4).
وهذه المباراة التاسعة التي تجمع بين المنتخبين، فرفع منتخب البرازيل غلّته إلى خمسة انتصارات، أربعة منها رسمية، كان أوّلها على "ماراكانا" بالذات في مونديال 1950 وبنتيجة (6-1)، ثمّ (2-1) في مونديال تشيلي 1962، و(1-0) في مونديال المكسيك، أما الفوز الخامس فكان ودّياً في سلفادور دي باهيا (1-0) عام 1981.
فيما فاز المنتخب الإسباني مرّتين فقط، وكان الفوز الثاني ودّياً في خيخون (3-0) عام 1990، وسيطر التعادل على مباراتين بنتيجة واحدة (0-0) الأولى في مونديال الأرجنتين 1978 والثانية ودّية في فيغو عام 1999.
شوط للذكرى
لم يكد لاعبو المنتخب الإسباني ينتشرون في مراكزهم بعد ركلة البداية، إلا وكان مضيفّهم قد تقدّم نحو مرماهم باندفاع جنوني تُوِّج بهدف مبكّر، فكانت التمريرة العرضية من هالك نحو الثنائي نيمار وفريد في الجهة اليمنى وبينهما تاه المدافعان جيرار بيكيه وألفارو أربيلوا وسقطا معاً فاقتنص فريد الكرة بينهما وهو على الأرض ودفعها نحو المرمى مسجّلاً بداية مثالية (2).
هذا الهدف زاد عزيمة أصحاب الأرض، وكاد الثاني أن يأتي سريعاً بعد تمريرة من نيمار حوّل أربيلوا مسارها وتابعها فريد بالكعب فوصلت أمام أوسكار الذي سدّد الكرة أرضية مرّت بالكاد بجوار القائم الأيمن (، ثم سدّد باولينيو كرة خادعة أمسكها كاسياس على دفعتين (13).
جاءت الصحوة الإسبانية خجولة مع تقدّم غير منظّم نحو مرمى الحارس جوليو سيزار، فكان أوّل ردّ فعل بتسديدة بعيدة أطلقها أندريس إنييستا وحولّها سيزار إلى ركلة ركنية (19).
وعاد الأصفر والأزرق للتهديد من ركلة حرّة هيّأها نيمار بلمسة خفيفة إلى هالك الذي أطلقها قويّة مسحت العارضة (29)، ثم أهدر فريد فرصة ذهبية بعد انطلاقة سريعة من نيمار وبينية ضرب بها خطّ الدفاع، لكن صاحب الهدف الأوّل رفض التوقيع على الثنائية وسدّد الكرة في جسم كاسياس (32).
الفرصة الأخطر لإسبانيا جاءت بعد تمريرة عرضية لعبها خوان ماتا بذكاء من خلف المدافعين إلى بيدرو رودريغيز الذي واجه سيزار منفرداً وسدّد الكرة نحو المرمى إلا أن ديفيد لويز أصلح الخلل في سوء التغطية وأبعد الكرة بثقة قبل عبورها خط المرمى إلى ركنية (41).
وأنهى نيمار الشوط كما بدأ بهدفٍ ثانٍ بعد لعبة ثنائية مع أوسكار وتسديدة قوية يسارية بعد أن عاد من التسلّل بذكاء، استقرت في سقف المرمى عن يمين كاسياس (44).
شوط احتفالي
رغم محاولة دل بوسكي استدراك هشاشة خطّ دفاع منتخبه بالدفع بسيزار أزبلكويتا بدلاً أربيلوا منذ انطلاقة الشوط الثاني، إلا أن ذلك لم يجدِ نفعاً، إذ نجح فريد في أوّل نزال مع أزبلكويتا في إضافة الهدف الثالث بعد تمريرة من هالك تركها نيمار بأريحية ودهاء فوصلت لفريد الذي وجد أزبلكويتا في مواجهته وسدّد الكرة من لمسة ذكية في الزاوية الأرضية عن يسار كاسياس (47).
لكن التبديل الثاني بدخول خيسوس نافاس مكان ماتا في الدقيقة (52) بدا وكأنه آتى ثماره سريعاً، إذ كسب نافاس ركلة جزاء بعد إعاقة من قبل مارسيلو، لكن سيرخيو راموس أطفأ بصيص الأمل الإسباني بإهداره الركلة إذ سدّدها برعونة بجوار القائم الأيمن (55).
واستنفد أبطال العالم أوراقهم قبل انقضاء ربع ساعة على بداية هذا الشوط بدخول دافيد فيا بدلاً من فرناندو توريس الحاضر الغائب في المباراة.
لكن مجريات اللقاء في نصف الساعة الأخير سارت كما اشتهى جمهور "سيليساو"، إذ تكرّرت المحاولات البرازيلية وتنوّعت خاصة عبر الارتداد الهجومي السريع الذي كلّف جيرارد بيكيه بطاقة حمراء بعد عرقلة نيمار زميله الجديد في برشلونة، قبل أن ينفرد بكاسياس (69)، ولعب نيمار الركلة الحرّة لكن فوق العارضة (70).
وحاول ثنائي برشلونة الهجومي بيدرو وفيا حفظ ماء وجه منتخبهما بفرصتين ثمينتين، فسدّد الأوّل من مسافة قريبة وتألّق سيزار في تحويلها لركنية (81)، والثاني من خطّ منطقة الجزاء طار لها سيزار وأبعدها قبل أن يشتتها تياغو سيلفا (86).
مرّت الدقائق الأخيرة دون إضافة من الطرفين، ليكون الفوز هديّة مثالية لمدرِّب منتخب البرازيل لويس فيليبي سكولاري الذي أعاد رسم ملامح منتخب برازيلي قادر على مقارعة كبار العالم، وفي تاريخ يعني لسكولاري الكثير، إذ كان تُوِّج في اليوم والتاريخ ذاته بلقب كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان بفوزه على ألمانيا (2-0) في يوم الأحد 30-6-2002.