كرّر بايرن ميونيخ سيناريو لقاء الذهاب، فاكتسح
اليوم الأربعاء مضيفه برشلونة بثلاثيّة نظيفة وتاريخيّة، بعد رباعيّة
ذهاباً، ليقطع تذكرته لنهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم المقرّر في
العاصمة الإنكليزية لندن في 25 أيّار/مايو الحالي.
وكان بوروسيا دورتموند سبق مواطنه للمباراة النهائية بعد تخطّيه ريال
مدريد (4-1 ذهاباً في ألمانيا و0-2 إياباً) ليضرب الألمان موعداً تاريخياً
غير مسبوق في نهائي البطولة القارية الأم.
سجّل أهداف اللقاء، الهولندي اريين روبن في الدقيقة 48 وجيرارد بيكيه في الدقيقة 72 خطأً في مرماه، وتوماس مولر في الدقيقة 76.
سيناريو تاريخيّ
لم يسبق لبرشلونة أن سقط أوروبياً على نحو مماثل |
لا تندمل جراحه في وقت قريب ولا بعيد حتى، رغم استعادة برشلونة لقب الدوري
المحلّي من ريال مدريد منطقياً، فمجموع الخسارة 0-7 على مُجمل المباراتين
ذهاباً وإياباً أمر لم يسبق أن تحقّق في تاريخ النادي أوروبياً، وهي نتيجة
أعقبت سنوات شغلت كاتالونيا خلالها العالم وملأت أسماع الناس بالحديث عن
فريقها الأسطوري بقيادة جوسيب غوارديولا، الذي لا يعرف أحد مشاعره الحالية
وهو يشاهد ما بناه ينهار أمام فريق سيقوده بعد ما يقارب الشهرين.
هي المرّة العاشرة التي يبلغ فيها بايرن ميونيخ المباراة النهائية
للمسابقة القارية والثالثة في الأعوام الأربعة الأخيرة، ويسعى إلى لقبها
الخامس بعد أعوام 1974 و1975 و1976 و2001، وواصل مشواره نحو الثلاثية
التاريخية: الدوري الذي حسم لقبه، والكأس المحلّية التي سيلاقي شتوتغارت في
مباراتها النهائية، والمسابقة القارية الأم.
شهدت صفوف الفريقين تغييرات مختلفة أبرزها، غياب النجم الأرجنتيني
ليونيل ميسي، الذي جلس على دكّة البدلاء لمعاناته من الإصابة، واشتراك
دافيد فيا كأساسي والبرازيلي ادريانو مكان جوردي البا الموقوف، والكاميروني
اليكس سونغ مكان سيرجيو بوسكيتس المُصاب، فيما شهدت صفوف بايرن مشاركة
الكرواتي ماريو ماندزوكيتش مكان ماريو غوميز، والبلجيكي دانيال فان بويتن
مكان البرازيلي دانتي، الذي يحمل بطاقة صفراء.
أحداث اللقاء
بيكيه مسجلاً في مرماه |
في كلّ زوايا الملعب حتى خُيّل لنا أنّه أكثر عدداً، فيما برشلونة لهث
بحماسة متوتّرة وراء أمرين: هدف مبكّر يذكي بصيص الأمل، وسعي لا طائل منه
وراء هويته الفنيّة المفقودة بقرار تكتيكي برع الداهية يوب هاينكس في
حياكته.
أمامَ ما تقدّم، لم يكلّ بايرن عن ممارسة ضغط عالٍ ومتقدّم شلّ منافسه
كلياً، سيما وسطاً وهجوماً، فكان الدور الأبرز لخطّ الدفاع الكاتالوني
خصوصاً جيرارد بيكيه من ناحية، وساعد الدفاع الكسندر سونغ، إذ أفضى الصحو
الذهني والبدني للثنائي المذكور إلى الإبقاء على نظافة شباك فيكتور الفيس،
فيما نظيره مانويل نوير كان محمياً من عشرة لاعبين جابوا الأخضر دون ملل!
شحّت الفرص المباشرة والحقيقية ولعلّ أبرزها جاءت من اختراقات الطائر
بحقٍّ مؤخّراً الهولندي اريين روبن، الذي لم يترك لاعباً إلا وراوغه فوصل
العمق الكاتالوني مراراً، سواء شخصياً أو بتمريراته ويقيناً لولا يقظة
بيكيه لكان سيناريو الذهاب تكرّر نتيجةً وليس أداءً فقط.
من ناحيته وفي ظلّ مشاركة عقيمة للنجوم انيستا وتشافي وفابريغاس، لم يجد
برشلونة سوى اجتهادات بدرو الأنشط والأخطر لتحريك المياه الراكدة، فكان
للأخير تسديدة بعيدة المدى (24) ذكرتنا لماذا دفع بايرن 24 مليون يورو عام
2011 لاستقدام العملاق نوير.
ندرة الفرص دفعتنا لتدوين تسديدة تشافي الطائشة من داخل المنطقة في
الدقيقة 31، حين استقبل تمريرة قصيرة من بدرو على الطائر ولكن برعونة
بائنة، علماً بأن وضعيته كانت جيدة لتقديم أفضل مما أُنجز.
الشوط الثاني، نهج على منوال سابقه أداءً، مع فارق تأكيد حجز تذكرة لندن
للألمان، حين انطلق روبن "بمزاج" على الميمنة في الدقيقة 49 فراوغ ادريانو
كما حلا له وبطريقته المعهودة وسدّد يسارية لا تردّ بعيداً عن فالديس؛ 1-0
لبايرن.
أولى ردّات الفعل لفيلانوفا، جاءت في الدقيقة 55، حين أخرج تشافي وزجّ
بالتشيلي الكسيس سانشيز من مبدأ محاولة انتشال الفريق معنوياً وهو يلعب في
قواعده وأمام جماهيره، وتبعه بورقة ثانية بعد 10 دقائق حين سحب انيستا ودفع
بتياغو الكانتارا.
لم تسر رياح التبديلين برشلونية رغم بعض الفرص الخجولة، بل جاءت من رجال
يوب هاينكس وتحديداً ريبيري، الذي توغّل في الدقيقة 72 وعكس عرضية وجدت
تدخّلاً خاطئاً من بيكيه هزّ شباك فريقه للمرّة الثانية في اللقاء والسادسة
على مجمل اللقاءين.
شهيّة بايرن لم تبلغ ذروتها، فأمام انهيار منافسه على الأصعدة كافة
وبشكل لم نعهده منذ سنوات طوال، كان بطل ألمانيا يتابع بنفس الوتيرة، لا بل
يعلو أداءً مع تقدمّ عمر اللقاء، وترجم نواياه أرقاماً حين تقدّم ريبيري
مجدّداً وعكس عرضية تدرّس قابلها مولر بين كماشة ثلاثية من ضمنها الحارس
فالديس، مانحاً فريقه فوزاً ثلاثياً تاريخياً وكارثياً في آن على فريق دمغ
العالم الكروي بطابعه في السنوات الأخيرة، فعشقته الملايين وكرهته مثلها،
والسبب واحد.