السلام في الإسـلام
بقلم/ محمد بن عبد السلام الأنصاري
السلام لفظة جميلة تستمتع بها الآذان، وتستأنس بها النفوس، وترتاح لها الأفئدة، وكيف لا يكون ذلك وهي مطلب كل حي، ومبتغى كل كائن.
وهذه اللفظة المبارك أطلقها الباري -جل وعلا- على ذاته العلية؛ فسمى بها نفسه المقدسة بهذا اللفظ الكريم "السلام"، كما قال تعالى في كتابه: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23].
وسمى دينه الذي ارتضاه لعباده إلى قيام الساعة بالإسلام؛ إذ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]. وقال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].
وسمى دار كرامته التي أعدها لأوليائه بدار السلام، كما قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [يونس: 25].
وتحية أهل الجنة فيما بينهم السلام: ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 10].
والملائكة الكرام يحيون أهل الجنة بالسلام: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23، 24].
وطريق الحق الذي ينتهي إلى دار السلام هو السلام: ﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 16].
وعلامة السلامة الحاقنة للدم والعرض، المحرمة للتعرض لصاحبها هي من ألقى السلام: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 94].
وأمر الله -عز وجل- نبيه الكريم أن يصفح عن الجاهلين بقوله لهم "سلام": ﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 89].
وكذا وصف الله عباده الصالحين أنهم يقولون "سلام" للجاهلين اللاغين: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ [القصص: 55].
وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يجنح للسلام إن رضيه المشركون المعتدون بدلا من الحرب: ﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ﴾ [الأنفال: 61].
وإلقاء السلام على من عرف المُسلِّم ومن لم يعرف من أفضل الإسلام، كما روى البخاري في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: ) أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ (.
وروى البخاري في صحيحه معلقًا، عن عَمَّار بن ياسر قال: ) ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ: الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ، وَالْإِنْفَاقُ مِنْ الْإِقْتَارِ (.
وأولى الحقوق التي على المسلم للمسلم: أن يرد عليه السلام؛ كما روى البخاري في صحيحه عن أبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: ) حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ... (.
وأول ما أُمر به آدم -عليه السلام- عند لقياه للملائكة بأن يلقي عليهم السلام، لتكون تحيته وتحية ذريته من بعده التي يرضاها الله -عز وجل-، كما روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ) خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ "وَرَحْمَةُ اللَّهِ"، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ (.
فهذا هو السلام؛ وهذه هي اللفظة المباركة في نصوص الشريعة.
فكيف يدعي مدعٍ بأن لفظة العنف -وإن لم يصرح بها لفظًا- هي الأصل في تعامل المسلم؟! فالذين قد نهجوا طريقة العنف، وسلكوا سبل الشدة والغلظة، قد نكبوا طريق السلام، وابتعدوا عن سلوك سبل السلام.
فمن أراد دار السلام، فعليه بسلوك السلام في حياته؛ ليصل إلى دار السلام بسلام.
- بدوي محمد نور الإسلامعضو فعال
- رقم العضوية : 5704
الجنس : عدد المساهمات : 706 نقاط التميز : 2013 تقييم العضو : 17 التسجيل : 01/06/2010 العمر : 29 الإقامة : www.yahoo.com
تمت المشاركة السبت سبتمبر 22, 2012 5:33 pm
- لمسة خيالعضو مميز
- رقم العضوية : 12518
الجنس : عدد المساهمات : 1700 نقاط التميز : 1959 تقييم العضو : 78 التسجيل : 03/05/2012 العمر : 27 الإقامة : سكيكدة وافتخر ليمعجبوش الحال ينتحر ويكتب في قبروا منقهر
تمت المشاركة السبت سبتمبر 22, 2012 8:26 pm
- زائرزائر
تمت المشاركة الأحد فبراير 10, 2013 3:59 pm
جزاك الْلَّه خَيْر الْجَزَاء
وَشُكْرَا لَطـــرَحُك الْهَادَف وَإِخْتِيارِك الْقَيِّم
رِزْقِك الْمَوْلَى الْجِنـــــــــــــة وَنَعِيْمَهَا
وَجَعَل مَا كُتِب فِي مَوَازِيّن حَســــنَاك
وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك فِي الْدُنَيــا وَالْآخــــرَّة وَأَجْزَل لَك الْعَطـــاء
الْلَّه يُعْطِيـــــك الْعــافِيَّة
دمت بالف خير
لك أرق التحيـآآ
وَشُكْرَا لَطـــرَحُك الْهَادَف وَإِخْتِيارِك الْقَيِّم
رِزْقِك الْمَوْلَى الْجِنـــــــــــــة وَنَعِيْمَهَا
وَجَعَل مَا كُتِب فِي مَوَازِيّن حَســــنَاك
وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك فِي الْدُنَيــا وَالْآخــــرَّة وَأَجْزَل لَك الْعَطـــاء
الْلَّه يُعْطِيـــــك الْعــافِيَّة
دمت بالف خير
لك أرق التحيـآآ
- عبدالحميد19عضو محترف
- رقم العضوية : 13498
الجنس : عدد المساهمات : 10035 نقاط التميز : 12443 تقييم العضو : 105 التسجيل : 07/10/2012 العمر : 34 الإقامة : برج بوعريريج
تمت المشاركة الأحد فبراير 10, 2013 4:39 pm
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى