فيها الضوء على خُلق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالا للكمال ، فكيف لا وقد أدبه ربه
فأحسن تأديبه، حتى خاطبه مثنياً عليه فقال: ( وإنك لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )
القلم 4
وكانت هذه الاخلاق مما قرب إليه النفوس، وحببه إلى القلوب، وصيره قائداً
تهوي إليه الأفئدة، وألان من شكيمة قومه بعد الإباء، حتى دخلوا في دين الله
أفواجاً.
وكان الحلم والاحتمال، والعفو عند المقدرة، والصبر على المكاره، صفاتٌ أدبه
الله بها، وكل حليم قد عرفت منه زلة، وحفظت عنه هَفْوَة، ولكنه صلى الله
عليه وسلم لم يزد مع كثرة الأذي إلا صبرا، وعلى إسراف الجاهل إلا حلما ،
وقالت عائشة : ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار
أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه، وما انتقم
لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بهاوكان أبعد الناس غضباً،
وأسرعهم رضاً.
وكان من صفة الجود والكرم على مالا يقادر قدره، كان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر
.كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس
وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لا يجهل، كان أشجع الناس، حضر
المواقف الصعبة، وفر عنه الكماة والأبطال غير مرة، وهو ثابت لا يبرح،
ومقبل لا يدبر، ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فَرَّة، وحفظت عنه
جولة سواه،
قال على :كنا إذا حمي البأس واحمرت الحَدَقُ، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه.
وكان أشد الناس حياء وإغضاء، قال أبو سعيد الخدري: كان أشد حياء من
العذراء في خِدْرها، وإذا كره شيئاً عرف في وجهه، جُلُّ نظره الملاحظة
وكان لا يثبت نظره في وجه أحد.
وكان أحق الناس بقول الفرزدق:
يغضي حياء ويغضي من مهابته
** فــلا يكلـم إلا حيـن يبتسـم
وكانأعدل الناس، وأعفهم، وأصدقهم لهجة، وأعظمهم أمانة، اعترف له بذلك
مجاوروه وأعداؤه، وكان يسمي قبل نبوته الأمين، ويُتَحاكم إليه في الجاهلية
قبل الإسلام ، روي الترمذي عن على أن أبا جهل قال له:
إنا لا نكذبك، ولكن نكذب بما جئت به،
فأنزل الله تعالى فيهم :
فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُون) الانعام 33)
وكان أشد الناس تواضعاً، وأبعدهم عن الكبر، يمنع عن القيام له كما يقومون
للملوك، وكان يعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد، ويجلس في
أصحابه وكان يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل بيده.
وكان أوفي الناس بالعهود، وأوصلهم للرحم، وأعظمهم شفقة ورأفة ورحمة بالناس،
أحسن الناس عشرة وأدباً، وأبسط الناس خلقاً، أبعد الناس من سوء الأخلاق،
لم يكن فاحشاً، ولا متفحشاً، ولا لعاناً، ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي
بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، وكان لا يدع أحدا يمشي خلفه، وكان لا
يترفع على عبيده وإمائه في مأكل ولا ملبس، ويخدم من خَدَمَه، ولم يقل
لخادمه أف قط، ولم يعاتبه على فعل شيء أو تركه، وكان يحب المساكين
ويجالسهم، ويشهد جنائزهم، ولا يحقر فقيراً .
ولنترك هند بن أبي هالة يصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال هند
فيما قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة،
ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه
بأشداقه ـ لا بأطراف فمه ـ ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً، لا فضول فيه ولا
تقصير، دمثاً ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت، لايذم شيئاً،
ولم يكن يذم ذواقاً ـ ما يطعم ـ ولا يمدحه، ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق
بشيء حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها ـ سماحة ـ وإذا أشار أشار
بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل
ضحكه التبسم.
وكان يخزن لسانه إلا عما يعنيه، يؤلف أصحابه ولا يفرقهم، يكرم كريم كل قوم،
ويوليه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم
بشره.
يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح
ويوهنه، معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا، لكل
حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق، ولا يجاوزه إلى غيره.
الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.
كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن ـ لا يميز لنفسه
مكاناً ـ إذا انتهي إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي
كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه ، من جالسه أو
قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها
أو بميسور من القول، وقد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده
في الحق متقاربين، يتفاضلون عنده بالتقوي، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر
وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم ـ لا تخشي فلتاته ـ
يتعاطفون بالتقوي، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويرفدون ذا الحاجة،
ويؤنسون الغريب .
كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صَخَّاب،
ولا فحاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يقنط منه.
ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رءوسهم
الطير، وإذا سكت تكلموا.لا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم عنده أنصتوا له
حتى يفرغ، حديثهم حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويعجب مما يعجبون منه
.
كان النبي صلى الله عليه وسلم أوقر الناس في مجلسه، وكان كثير السكوت، لا
يتكلم في غير حاجة، يعرض عمن تكلم بغير جميل، كان ضحكه تبسماً، وكلامه فصلا
لا فضول ولا تقصير، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم توقيراً له واقتداء به .
وعلى الجملة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم محلي بصفات الكمال المنقطعة النظير.
وهذه الخلال التي أتينا على ذكرها خطوط قصار من مظاهر كماله وعظيم صفاته،
أما حقيقة ما كان عليه من الأمجاد والشمائل فأمر لا يُدرك ، ومن يستطيع
معرفة كنه أعظم بشر في الوجود بلغ أعلى قمة من الكمال، استضاء بنور ربه،
حتى صار خلقه القرآن؟
وفيما يلى كلمات لمشاهد من حياة النبى المختار صلى الله عليه وسلم .
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالا للكمال ، فكيف لا وقد أدبه ربه
فأحسن تأديبه، حتى خاطبه مثنياً عليه فقال: ( وإنك لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )
القلم 4
وكانت هذه الاخلاق مما قرب إليه النفوس، وحببه إلى القلوب، وصيره قائداً
تهوي إليه الأفئدة، وألان من شكيمة قومه بعد الإباء، حتى دخلوا في دين الله
أفواجاً.
وكان الحلم والاحتمال، والعفو عند المقدرة، والصبر على المكاره، صفاتٌ أدبه
الله بها، وكل حليم قد عرفت منه زلة، وحفظت عنه هَفْوَة، ولكنه صلى الله
عليه وسلم لم يزد مع كثرة الأذي إلا صبرا، وعلى إسراف الجاهل إلا حلما ،
وقالت عائشة : ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار
أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه، وما انتقم
لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بهاوكان أبعد الناس غضباً،
وأسرعهم رضاً.
وكان من صفة الجود والكرم على مالا يقادر قدره، كان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر
.كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس
وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لا يجهل، كان أشجع الناس، حضر
المواقف الصعبة، وفر عنه الكماة والأبطال غير مرة، وهو ثابت لا يبرح،
ومقبل لا يدبر، ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فَرَّة، وحفظت عنه
جولة سواه،
قال على :كنا إذا حمي البأس واحمرت الحَدَقُ، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه.
وكان أشد الناس حياء وإغضاء، قال أبو سعيد الخدري: كان أشد حياء من
العذراء في خِدْرها، وإذا كره شيئاً عرف في وجهه، جُلُّ نظره الملاحظة
وكان لا يثبت نظره في وجه أحد.
وكان أحق الناس بقول الفرزدق:
يغضي حياء ويغضي من مهابته
** فــلا يكلـم إلا حيـن يبتسـم
وكانأعدل الناس، وأعفهم، وأصدقهم لهجة، وأعظمهم أمانة، اعترف له بذلك
مجاوروه وأعداؤه، وكان يسمي قبل نبوته الأمين، ويُتَحاكم إليه في الجاهلية
قبل الإسلام ، روي الترمذي عن على أن أبا جهل قال له:
إنا لا نكذبك، ولكن نكذب بما جئت به،
فأنزل الله تعالى فيهم :
فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُون) الانعام 33)
وكان أشد الناس تواضعاً، وأبعدهم عن الكبر، يمنع عن القيام له كما يقومون
للملوك، وكان يعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد، ويجلس في
أصحابه وكان يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل بيده.
وكان أوفي الناس بالعهود، وأوصلهم للرحم، وأعظمهم شفقة ورأفة ورحمة بالناس،
أحسن الناس عشرة وأدباً، وأبسط الناس خلقاً، أبعد الناس من سوء الأخلاق،
لم يكن فاحشاً، ولا متفحشاً، ولا لعاناً، ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي
بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، وكان لا يدع أحدا يمشي خلفه، وكان لا
يترفع على عبيده وإمائه في مأكل ولا ملبس، ويخدم من خَدَمَه، ولم يقل
لخادمه أف قط، ولم يعاتبه على فعل شيء أو تركه، وكان يحب المساكين
ويجالسهم، ويشهد جنائزهم، ولا يحقر فقيراً .
ولنترك هند بن أبي هالة يصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال هند
فيما قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة،
ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه
بأشداقه ـ لا بأطراف فمه ـ ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً، لا فضول فيه ولا
تقصير، دمثاً ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت، لايذم شيئاً،
ولم يكن يذم ذواقاً ـ ما يطعم ـ ولا يمدحه، ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق
بشيء حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها ـ سماحة ـ وإذا أشار أشار
بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل
ضحكه التبسم.
وكان يخزن لسانه إلا عما يعنيه، يؤلف أصحابه ولا يفرقهم، يكرم كريم كل قوم،
ويوليه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم
بشره.
يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح
ويوهنه، معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا، لكل
حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق، ولا يجاوزه إلى غيره.
الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.
كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن ـ لا يميز لنفسه
مكاناً ـ إذا انتهي إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي
كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه ، من جالسه أو
قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها
أو بميسور من القول، وقد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده
في الحق متقاربين، يتفاضلون عنده بالتقوي، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر
وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم ـ لا تخشي فلتاته ـ
يتعاطفون بالتقوي، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويرفدون ذا الحاجة،
ويؤنسون الغريب .
كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صَخَّاب،
ولا فحاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يقنط منه.
ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رءوسهم
الطير، وإذا سكت تكلموا.لا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم عنده أنصتوا له
حتى يفرغ، حديثهم حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويعجب مما يعجبون منه
.
كان النبي صلى الله عليه وسلم أوقر الناس في مجلسه، وكان كثير السكوت، لا
يتكلم في غير حاجة، يعرض عمن تكلم بغير جميل، كان ضحكه تبسماً، وكلامه فصلا
لا فضول ولا تقصير، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم توقيراً له واقتداء به .
وعلى الجملة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم محلي بصفات الكمال المنقطعة النظير.
وهذه الخلال التي أتينا على ذكرها خطوط قصار من مظاهر كماله وعظيم صفاته،
أما حقيقة ما كان عليه من الأمجاد والشمائل فأمر لا يُدرك ، ومن يستطيع
معرفة كنه أعظم بشر في الوجود بلغ أعلى قمة من الكمال، استضاء بنور ربه،
حتى صار خلقه القرآن؟
وفيما يلى كلمات لمشاهد من حياة النبى المختار صلى الله عليه وسلم .
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم