الأثرة والإيثار
المعلم برمهنسا يوغانندا
ترجمة: محمود عباس مسعود
مزيد من تعاليم المعلم
برمهنسا يوغانندا Paramahansa Yogananda
على الرابط التالي:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
ما يبثه أو يبعث به الفرد للآخرين – قولاً وفعلاً وفكراً – سيجذبه إلى نفسه بنفس النوع والمقدار. ماهيته الحقة ستظهر من خلال قسمات وجهه وأفعاله. الآخرون سيشعرون باهتزازاته أو أمواجه النفسية وستكون ردود أفعالهم تجاهه موازية لنوعية تلك الإهتزازات.. سلباً أو إيجاباً.
من ينتهج الأنانية الشريرة درباً، سيحاول الآخرون سلبه كل ما لديه، أما إن كان بخلاف ذلك فسيبدي الآخرون كرماً نحوه وتعاطفاً معه.
لا يمكننا امتلاك كل شيء. ما لدينا قد وهبه الله لنا كي نستعمله استعمالاً مؤقتاً أثناء وجودنا على هذه الأرض. وعاجلا أم آجلا سنضطر للتخلي عن ممتلكاتنا، إما بفعل الحوادث أو السرقة أو التآكل والإهتراء أو الموت.
وهكذا عندما نحاول التمسك بأي شيء أو الإحتفاظ به لمجرد امتلاكه، فإننا نخادع أنفسنا.
وحتى هذه الأجسام التي عشنا ونعيش فيها لسنين عديدة سنتخلى عنها ذات يوم. لذلك من الخطأ أن نفرض على النفس الإعتقاد بامتلاك أشياء لا يمكن في الأصل امتلاكها في المطلق. عندما يُعطى لنا شيء ما يجب أن نعلم أنه لنا فقط لفترة ما، ويجب أن نكون على استعداد لمشاركة الآخرين به.
عندما يطمع الشخص بأكثر مما يحتاجه فهناك مشاكل كبيرة في انتظاره.
ما من شك يجب أن يكون لدينا احتياجات أساسية كالطعام والثياب وبعض الضمان المادي، ولكن في بحثنا عن هذه الأمور يجب أن نتخلص من الإحتياجات غير الضرورية، وبذلك أعني الرغبات الزاعقة والتحرّق لامتلاك أكثر من اللازم.
أسرة عالمية
يجب أن نضع نصب أعيننا أنه في سعينا لتحقيق احتياجاتنا ينبغي أيضاً مساعدة الآخرين فيما يحتاجونه ومشاركة الأقل حظاُ في ما نكسبه
{والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم}
ولنتذكر أننا جزء لا يتجزأ من الأسرة العالمية ولا يمكننا العيش بدونها. كيف ستكون الحياة بدون النجار أو المخترع أو المزارع؟ فمن خلال تبادل الخدمات والخبرات يريدنا الله أن نفكر بالآخرين، إذ من الخطأ الفادح أن يعيش الشخص لنفسه فقط.
عندما نفكر بسعادتنا يجب أن نفكر أيضاً بإسعاد الآخرين. ليس ضرورياً أن نتخلى عن كل شيء في سبيل الأسرة العالمية، لأن ذلك مستحيل. ولكن يجب أن نتعاطف مع الآخرين وننظر إلى حاجياتهم كما لو كانت حاجياتنا الخاصة.
الله يريدنا أن نعطي لبعضنا مثلما نأخذ من بعضنا. فالآخرون هم ذاتنا الكبرى. لكن الشخص العادي يفكر بنفسه أولا وآخراً.
لا شك أن حب البقاء غريزة قوية. لكن العالـَم يضخـّم ذلك الإحسان بنا ويوحي لنا بضرورة التمسك بكل ما هو لنا. ولكن يجب أن نتذكر أن عباد الله هم عيال الله وأننا كلنا أخوة على هذه البسيطة.
لقد وهب اللهُ الإنسانَ عقلاً وتصوّراً بواسطتهما يحس بالجوع والبرد، ويجب أن يدرك أن هناك آخرين من حوله يحسون أيضاً بالجوع والبرد مثله.
فعندما نبحث عن راحتنا يجب أن نحاول أيضاً مساعدة الآخرين ليحصلوا على الراحة. وبما أننا لا نحب الألم والمعاناة يجب أن نمد يد العون للمعوزين من حولنا كي نخفف معاناتهم ونبدد شقاءهم. فهم يتألمون مثلنا وبعضهم قد يتألم أكثر منا.
إن اقتصر تعاطف الشخص على أهله وأصدقائه دون سواهم فإنه يقيّد نفسه فتهرب السعادة من حياته لتحل محلها المشاكل غير المتوقعة.
يجب أن نكون على أهبة الإستعداد لمساعدة الغير على قدر استطاعتنا، وأن نفرح بتقديم العون لمن يعبر طريقنا. ويجب أن لا نعتبر ذلك تضحية منا لأننا إن فعلنا تصبح المساعدة عبئاً. بدل ذلك يجب أن نشعر بفرح باطني لأن العطاء مغبوط وهناك لذة يعرفها من يحاول مساعدة الآخرين مادياً ومعنوياً، وجبر خواطرهم.
لولا الأنانية لكان العالم جنة
لو أن العالم تخلى عن الأنانية الشريرة لرأينا الجنة على هذه الأرض.
إن بذور الحرب تكمن في قلب الأنانية الشريرة. الإنسان البدائي استعمل أول ما استعمل الهراوات الحجرية (الطبشات) ثم تطورت فيما بعد إلى القوس والنشاب لحماية أنانيته من أنانية الآخرين. بعد ذلك تم اختراع البنادق والمسدسات ثم الرشاشات ومن بعدها القنابل والغازات السامة - كل ذلك لحماية أنانية مجموعة من البشر من أنانية مجموعة أخرى.
لقد نمَت إمكانات الإنسان الهدّامة وتطورت أكثر من إمكاناته البنـّاءة. إن هذا الدُمّل الخبيث – دُمّل الأنانية الشريرة – سيُفقأ في نهاية المطاف. ولكن للأسف ستفنى أجسادٌ كثيرة قبل أن يستيقظ الإنسان ويدرك أن الأنانية القومية لا تقل شراً عن الأنانية الشخصية. فالأمة تتكون في الأساس من مجموعات صغيرة وتلك المجموعات تتكون من أفراد، ويجب أن يبدأ الإنسان بنفسه.
نتيجة للأنانية المقيتة تندلع الحروب ويتضعضع الميزان الإقتصادي ويحل الركود ثم الكساد.
الحدود بين الدول غير ثابتة، وحكومات العالم تخضع للتغير المستمر.
الأنانية التي تنشد السعادة دون اعتبار لحقوق الآخرين وسعادتهم، أو التي تدوس على حقوق ومصالح الآخرين لأغراضها الخاصة تولـّد الفقر والتعاسة والشقاء.
الإثراء على حساب الغير هو خطأ فادح. الشيوعية التي ظاهرها يعِد الجماهير بالوفرة والرفاهية لن تنجح وستنهار يوماً ما لأنها قائمة على الإكراه وقمع الحريات الشخصية ( ملاحظة: هذه المحاضرة ألقاها المعلم برمهنسا سنة 1937 وقد تحقق بالفعل ذلك الإستنتاج!)
العظماء ينادون بالإيثار المبني على الرغبة الروحية الصادقة في العطاء. (فأما من أعطى واتقى.. فسنيسّره لليُسرى.) (أنفق يا ابن آدم يُنفق عليك) (من سألك أعطه ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده خائباً)
إن اهتم الإنسان بيديه ورجليه فقط وأهمل رأسه فلن يعمل الدماغ لتوجيه المهارات الحركية. يجب تنسيق كافة فعاليات الجسم. وبالمثل فإن الأدمغة (ذوو الحل والعقد) في الأمم والمجتمعات يجب أن يعملوا بتنسيق مع اليدين والرجلين (العمالة) لإنه إن تضاربت المصالح سيختل النظام وتعمّ الفوضى وتحدث معاناة جراء ذلك.
في العالم معلـّمان اثنان. من يتخذ الله هادياً ومرشداً لا خوف عليه. ومن يتخذ الشيطان رائداً وقائداً سيعاني الأمرّين.
الكلمة المفتاحية بالنسبة لمعظم الناس في هذه الحياة هي "أنا". ذو الطباع والميول الروحية يفكر بالآخرين مثلما يفكر بنفسه. الذين يفكرون فقط بأنفسهم يجلبون لأنفسهم عداوة وسخط الناس من حولهم. أما الذين يراعون مشاعر ومصالح الغير فيجدون أن الآخرين يفكرون بهم ويراعون مشاعرهم.
إن كان هناك مائة شخص في بلدة ما، وكل واحد يريد أن يأخذ من الآخر فسيكون لكل واحد تسعة وتسعون خصماً. أما إن كان كل واحد يحاول مساعدة الآخر فسيكون لكل واحد تسعة وتسعون صديقاً.
لقد عشت بتلك الكيفية ولم أفقد شيئاً بإعطاء ما لديّ للآخرين. بل كل ما أعطيته عاد إليّ مضاعفاً من فضل اللهً. والآن لا أتشوق لشيء لأن ما أملكه في أعماقي أكبر وأثمن من أي شيء يمكن أن يمنحه لي العالم. ما يجدّ الإنسان في طلبه هو تحقيق السعادة، ومتى امتلك السعادة تنعدم الحاجة إلى الظروف الموصلة إليها.
ليس لديّ حساب في البنك لأن ضماني في هذا العالم هو مشاعر الناس الطيبة نحوي. لا أؤمن بأية ضمانة أرضية أخرى. إن تمكن المرء من العيش في قلوب إخوانه وأصدقائه فهذا هو الغنى الحقيقي.
عندما نكون إيثاريين نصبح سعداء. وإن انتهجنا هذا السبيل سيتأثر الآخرون من حولنا بسلوكنا ويحاولون محاكاتنا. يجب التخلص من الأنانية التي هي علة كل الشرور الفردية والقومية.
الإيثار يمدد الوعي
عندما تبعث بنوايا الخير إلى الآخرين يتمدد وعيك.
وعندما تفكر بجارك ينطلق جزء من كيانك مع ذلك التفكير.
لكن التفكير وحده لا يكفي، بل يجب أن نكون على أهبة الإستعداد لوضع التفكير قيد التطبيق.
في الزواج درسٌ من دروس الإيثار. شخصان يحاولان مقاسمة العيش مع بعضهما. ثم يأتي الأولاد فيقاسمهما الأبوان ما لديهما. ولكن التفكير فقط بالأسرة الصغيرة وحدها دون سواها (أي أنا وأنت أو نحن وبَسّ) هو ضرب من الأنانية.
سيأتي الوقت الذي به يفارقنا الأحبة وتلك سنة الحياة. وهذا مذكـّر لنا بأن غاية الإنسان هي توسيع حدود وعيه من خلال العمل من أجل الآخرين ومشاركتهم نعم الحياة.
الإيثار يجلب لصاحبه خيرات كثيرة وسعادة كبيرة، لأنه بالإيثار يصون المرء سعادته. غايتي هي إسعاد الآخرين لأن سعادتي هي من سعادتهم.
لا يمكننا تذوّق طعم الإنجاز ما لم نشمل الآخرين بسعادتنا. لا أقصد هنا أفراد الأسرة وحسب، بل كل الناس.
يجب أن نفكر بالآخرين ونساعدهم على قدر طاقتنا. هذا لا يعني أن نفقر أنفسنا، بل أن نبدي اهتماماً ودياً صادقاً نحو الآخر ورغبة في المشاركة.
يجب أن نطبق مبادئ الحق على أنفسنا أولا. لا يمكننا تعليم الإيثار للآخرين إن لم نكن إيثاريين. إن بدأنا بأنفسنا نصبح قدوة طيبة للآخرين.
لقد كرّستُ حياتي لخدمة الآخرين ومنفعتهم. تنقلت كثيراً وحاضرت جماهير غفيرة. لكنني أعلم أنني أقدم خدمة أفضل للآخرين من خلال كتاباتي وتعاليمي.
الحشود تأتي لتستمع إلى المحاضرات وليس بالضرورة محبة في الحقيقة. الناس يأتون لبعض الإلهام والراحة الروحية. لكنني أريد نفوساً باحثة الحق، مُحبة لله. لهذا السبب ركزت وأركز على ضرورة التأمل على الله.
كل الباحثين الجادين والمثابرين في سعيهم الروحي ستتكلل مساعيهم بالنجاح إن واصلوا السير برغبة واجتهاد.
يجب أن نحب الله من كل قلوبنا وأفكارنا ونفوسنا وقوتنا، وأن نحب جارنا كنفسنا.
وما هو المقصود من محبة الله من كل القلب والفكر والنفس والقوة؟
القلب يعني الشعور، والفكر يعني التركيز والنفس تعني التناغم الروحاني العميق في التأمل، والقوة تعني التوجه بكل طاقتنا إلى الله.
وهذا يعني محبة الله بكل الشعور وبكل التركيز في التأمل وبإعادة توجيه طاقة أو قوة الحياة من المادة إلى الروح وتحويل الإنتباه من الجسد إلى الله.
لا يمكن محبة الله بدون تأمل، لأنه بالتأمل فقط يمكننا أن ندرك طبيعتنا الروحية كنفس مرتبطة ارتباطاً أزلياً أبدياً بالله الذي خلقها على صورته.
يجب أن نبني في نفوسنا عرشاً لمحبة الله السامية. لا يوجد ما هو أهم من ذلك في الحياة. ما من طموح أسمى من محبته والتحدث عنه وتبصير الآخرين بالتعرف عليه. لا أريد شيئاً آخر من الناس غير ذلك.
من دواعي سروري مقاسمة تجربتي الروحية مع الراغبين الصادقين. ولا شيء يفرحني كالتحدث إليهم عن الله ومساعدتهم في ملامسة حضوره.
رائع أن نحب الله وأن نحب عباد الله. ومتى عثرنا عليه نشعر بحبه في الجميع. لا توجد قوة أعظم من قوة المحبة في الكون.
إنني أبصر الرب الأسمى متربعاً على عرش السموات والمحيطات وعلى عرش وعيي. أراه حاضراً في كياني وفي نفوس الجميع.. وأعانقه في كل صوره وأشكاله اللامتناهية في الخليقة.
والله يبارككم والسلام عليكم.
- بدوي محمد نور الإسلامعضو فعال
- رقم العضوية : 5704
الجنس : عدد المساهمات : 706 نقاط التميز : 2013 تقييم العضو : 17 التسجيل : 01/06/2010 العمر : 29 الإقامة : www.yahoo.com
تمت المشاركة الخميس سبتمبر 20, 2012 8:04 pm
- لمسة خيالعضو مميز
- رقم العضوية : 12518
الجنس : عدد المساهمات : 1700 نقاط التميز : 1959 تقييم العضو : 78 التسجيل : 03/05/2012 العمر : 27 الإقامة : سكيكدة وافتخر ليمعجبوش الحال ينتحر ويكتب في قبروا منقهر
تمت المشاركة الخميس سبتمبر 20, 2012 9:06 pm
التوقــيـــــــــــــــــــــع
لمـ♥̨̥̬̩سة خيآإل دآإئمـ♥̨̥̬̩آإآإ في آإلبـ♥̨̥̬̩آإل
- زائرزائر
تمت المشاركة السبت سبتمبر 22, 2012 9:52 pm
عوافي على الطرح الجميل والرائع
وسلمت يمناك على الانتقاء الاكثرمن رائع
ولاحرمنا جديدك الشيق
ودي لكـ
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى