صوموا تصحُّوا.. بدنياً ونفسياً
قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } [ البقرة : 183 ].
إلا أن الله تعالى وهو الرحمن الرحيم الذي خلق الإنسان وعلِمَ قدراته وإمكاناته قال بعد هذه الآية: { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ، وذلك رحمةً منه بالعباد، وحتى لا يكون في الصوم عذاب أو إهلاك لهم أو مشقة عليهم.
ونحن في هذا المقال نتناول بعض الجوانب الطبية المتعلقة بالصوم، وفوائد الصوم الصحية.
تغييرات الصوم
من التغيرات التي تحدث في الجسم عند الصوم:
1- التحول الغذائي في المواد السكرية والنشوية:
معروف أن الجسم به ميزان خلقه الله تعالى يعمل على تثبيت تركيز نسبة السكر بالدم، ولكي تظل هذه النسبة ثابتة، فإن الجسم إذا دخله طعام فإنه يقوم بتحويل السكر الزائد بالدم بعد امتصاصه من الأمعاء إلى مواد يمكن اختزانها مثل الجليكوجين الذي يخزن في الكبد أو في العضلات، وبذلك يحافظ على مستوى تركيز السكر بالدم عند المعدل الطبيعي.
أثناء الصوم تنخفض نسبة السكر الموجودة بالدم، والذي هو الغذاء المهم للأعضاء، وخصوصاً المخ، وعند ذلك يقوم الجسم بإعادة استخراج السكر من مخازنه بالكبد، أو من أماكن أخرى بالجسم؛ كي يعيد نسبته إلى المعدل الطبيعي، حتى لا تتأثر وظائف بعض الأعضاء المهمة مثل المخ، مما قد يؤدي إلى الشعور بعدم التركيز أو الدوخة أو الغيوبة.
ومن المعروف أن الشخص الذي يزن 70كجم يختزن في كبده 100 جم من الجليكوجين "السكر المخزون" وهذه الكمية كافية لأن تمد الجسم بحاجته من السكر لمدة 6 ساعات، بعد ذلك يقوم الجسم بإنتاج الجلوكوز من مصادر غير كربوهيدراتية أخرى مثل الأحماض الأمينية. وإذا كان الصائم ممن يقومون بأعمال عضلية كبيرة، فإنه يتم إنتاج الجلوكوز من الدهون الموجودة بالجسم بعد نفاد الجليكوجين الموجود بالعضلات.
2- التحول الغذائي في المواد الدهنية:
يقوم الجسم أثناء الصوم بالحصول على الجلوكوز من المواد الدهنية، وذلك عن طريق سلسلة من التفاعلات ينتج منها بالنهاية الجلوكوز وثاني أكسيد الكربون والماء وبعض الأجسام الكيتونية.
وباختصار، فإن التغيرات التي تحدث في عملية التحويل الغذائي أثناء الصوم تشمل إخراج الجليكوجين من أماكن تخزينه في الكبد، وتحول ذلك الموجود من العضلات، كما تشمل أكسدة المواد الدهنية من أجل الحصول على الطاقة اللازمة، مع ارتفاع في نسبة الأجسام الكيتونية، وكذلك عملية إنتاج جلوكوز من الأحماض الأمينية والتي تعد مضادة لعملية تكون الكيتون، أو تكون مصدراً للحصول على الجلوكوز، وهذه العمليات تعتبر تنقية للجسم وزيادة في حساسية تفاعلاته لمواجهة أي ضغط أو إجهاد.
3- التغييرات التي تطرأ على الجهاز الهضمي:
حركة الأمعاء تكون هادئة في أثناء الصوم، وكذلك تقل العصارة المعدية وعصارة الأمعاء وإفرازات البنكرياس، وبذلك فإنه طوال فترة الصوم يكون الجهاز الهضمي في حال راحة، مما يعود بالنفع على الجسم.
4- التغيرات التي تحدث للقلب:
يدفع القلب 10% من الدم إلى القناة الهضمية لإجراء عملية الهضم والامتصاص، وعند الصيام تكون القناة الهضمية في فترة راحة، وبالتالي لا تكون هناك حاجة لدفع هذه النسبة من الدم إليها، الأمر الذي يخفف الحِمل على القلب ويساعد على راحته، ولذلك فإن مرضى الذبحة الصدرية سيلاحظون أن نوبات آلام الصدر تقل عند الصوم " مع ملاحظة أن بعض مرضى القلب يحتاجون للعلاج المنتظم بالفم أوالحقن في أثناء النهار ".
ولقد قيَّض الله سبحانه وتعالى بعض العلماء المسلمين لدراسة أثر الصوم على الإنسان، وسوف نذكر على سبيل المثال هنا البحث الذي أجراه الدكتور محمد منيب بيجين وفريقه في تركيا، الذي قام بعمل التحاليل المختلفة على دم مائة شخص ذكورا وإناثاً وفي أعمار مختلفة، ومناطق مختلفة، وأخذ من كل فرد عينة دم قبل شهر رمضان، والأخرى أواخره، لدراسة أثر الصوم على صحة الإنسان العادي، وكانت التحاليل تركز على مجموعة الشحوم في الدم ومجموعة البروتين والسكريات والكوليسترول والبولينا وغيرها.
ولقد لاحظ الباحث أن هناك فروقاً مهمة في بعض هذه المواد المذكورة، أما الفوسفوليبيد فقد سجل ارتفاعات مهمة، الأمر الذي يفيد في عدم حدوث تصلب الشرايين.
كما وجد أيضاً أن نسبة بيتاليبوبروتين إلى نسبة الفاليبوبروتين قد تغيَّرت بشكل واضح في اتجاه يساعد على عدم حدوث تصلب بالشرايين، الأمر الذي يثبت أن شهر رمضان شهر الشفاء من مرض تصلب الشرايين، كما لاحظ الباحث أيضاً أن عملية تحويل السكر المختزن في الكبد والعضلات، وكذلك عملية استخدام احتياطيات الدهون أثناء الصوم تفيد في تجديد وتنشيط العمليات الفسيولوجية، والتخلص من الفضلات الزائدة بالجسم.
ويتضح من هذا البحث أن الصوم أحسن وسيلة لتجنب تصلب الشرايين وهو من الأمراض التي تؤدي إلى حدوث مشكلات بالقلب والكلى، وكل أجزاء الجسم، ويعتبر كارثة مرضية، وصدق القائل: ( صوموا تصحوا ) .
الصيام يحسّن الصحة ويخفف الوزن
ثبت علمياً أن الصيام الدوري فعال في تحسين الصحة وتخفيف الوزن تماماً كتقليل السعرات المستهلكة، حتى وإن لم تقل الكمية الكلية المتناولة من الطعام.
وكانت الدراسات الطبية أكدت أهمية الغذاء محدود السعرات وفوائده في حماية الجسم والوقاية من الأمراض، وزيادة حساسية الإنسان للأنسولين المنظم لسكر الدم ومقاومة التوتر، وقد أظهرت الدراسة الجديدة أن للصيام فوائد صحية مشابهة لتقليل الغذاء بنسبة 40%.
ووجد الباحثون في المعهد الوطني للشيخوخة، في اختباراتهم المعملية، أن الحيوانات التي تم إطعامها ضعف الكمية يوماً بعد يوم وصامت في الأيام الأخرى، أي دون تقليل السعرات الكلية المتناولة، شهدت نفس الفوائد التي يحققها الغذاء محدود السعرات في السيطرة على سكر الدم، كما أظهرت خلاياها الدماغية تحملاً أكبر للسموم العصبية المحقونة في المخ.
ويقول الباحثون إن السبب في ظهور تلك التحسنات الصحية الناتجة عن تقليل الطعام لم يتضح بعد، ولكن يعتقد أنه قد يرجع إلى الانخفاض الطويل الأجل للسعرات الحرارية المستهلكة، مشيرين إلى أن الخطوة الثانية تتمثل في مقارنة صحة مجموعة من الأشخاص تناولوا ثلاث وجبات عادية يومياً مع مجموعة أخرى تناولت نفس نوعية الغذاء وكميته لمدة أربع ساعات، وصامت لمدة عشرين ساعة قبل تناول الطعام ثانية.
وأشار الخبراء إلى أن الإفراط في الأكل يعتبر مشكلة كبيرة وخصوصاً بين الأطفال، ولم تتضح بعد أفضل طريقة لحمل الناس على تقليل تناولهم للطعام، ولكن يعتقد أن إهمال وجبة يومياً قد يساعد على ذلك، لا سيما مع تفشي وباء البدانة وقلة النشاط البدني في العالم اليوم، لذلك فان أي طريقة قد تساعد على تخفيف الوزن ستكون قيّمة ومحط اهتمام.
ولاحظ الباحثون أن الصيام يوماً بعد يوم يقلل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة كالسكري والتلف العصبي الدماغي المشابه لمرض الزهايمر.
ولاحظ الباحثون أن حيوانات التجارب المحمية استهلكت طعاماً أقل بنسبة 40 % من تلك التي تغذت بشكل طبيعي وفقدت 49% من وزنها خلال فترة الدراسة، بينما كان وزن الحيوانات الصائمة أقل بقليل من تلك التي تغذت طبيعياً.
ويرى الخبراء أن تراكيز سكر الدم والأنسولين كانت أقل عند الحيوانات الصائمة وتلك التي تناولت غذاء محدود السعرات، من التي سمح لها بتناول الطعام وقتما شاءت.
من ناحية أخرى، وجد الباحثون بعد حقن المجموعات الثلاث من الحيوانات بسم عصبي يتلف الخلايا في منطقة الدماغ التي تعرف باسم "تحت المهاد"، بصورة مشابهة لما يحدث في مرض الزهايمر، أن أدمغة الحيوانات الصائمة كانت أكثر مقاومة للتلف من أدمغة الحيوانات محدودة السعرات أو من تغذت طبيعياً.
ما أجمل أن يكون الصوم وقاية وعلاجاً
إنَّ الصوم عامة، وصوم رمضان خاصة، من النعم الربانية التي تصحح ما انكسر من التوازن في بناء الجسد والتكوين النفسي. إنَّ الصوم يقلل من الأخطار التي قد تسبب الأمراض، مثل ارتفاع مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية والسمنة، والضغوط النفسية، وداء السكري وارتفاع ضغط الدم والكلى.
كما أنَّ الصوم يساعد في علاج كثير من الأمراض، مثل داء السكري والأمراض القلبية الوعائية، والتخلص من الدهون الزائدة العائمة تتجول أينما شاءت وتترسَّب أينما شاءت، مثل الدهون في الأوعية الدموية وتحت الجلد وفي الكبد، فيخفف الصوم من انسداد الأوعية الدموية، ويقلل من ارتفاع ضغط الدم؛ لقلة كميات السوائل في الأوعية الدموية، وتقلّ معها نوبات الشقيقة (وجع الرأس النصفي).
وتستريح المعدة وتستعيد أنفاسها وترمم ما هُدم منها، وكذلك الأمعاء تتخلص من الرواكد والأخماج، وتتحسَّن حركة الجهاز الهضمي، ويهدأ القولون العصبي المزاج، وتتم السيطرة على الإمساك والتهابات القناة الهضمية والكبد والبنكرياس. أمَّا الجلد فإنه خير مستفيد من شهر رمضان؛ لأنَّه يتخلَّص من السوائل الزائدة ممَّا يقلل من نمو الجراثيم والمواد المهيجة، فتتحسَّن حالات الحساسية وحب الشباب والصدفية وغيرها.
إنَّ متعة الروح في صوم رمضان تساعد الجسد على الانتظام في عمله؛ ممَّا يؤدي إلى التوازن العصبي ليبعد الضغط العصبي فينتظم النوم والتشنجات النفسية.
رمضان فرصة سنوية للتخلص من رواسب السنة الماضية وبداية سنة صحية جديدة
- زائرزائر
تمت المشاركة السبت يوليو 21, 2012 6:08 pm
- ملكة الاحساسعضو مميز
- رقم العضوية : 11259
الجنس : عدد المساهمات : 1663 نقاط التميز : 2140 تقييم العضو : 20 التسجيل : 22/12/2011 العمر : 37 الإقامة : الطارف
تمت المشاركة السبت يوليو 21, 2012 8:07 pm
والله شيء رائع بتذكيرنا بشيء من الدين يختص بالصحة ياسبحان الله في كل شيء مهتم
تقبلي مروري وودي
.
.
.
.
فلور
تقبلي مروري وودي
.
.
.
.
فلور
التوقــيـــــــــــــــــــــع
- زائرزائر
تمت المشاركة الأحد يوليو 22, 2012 12:07 am
بارك الله فيكِ أختي على ردكِ الطيب
و مشكورة على مرورك العطر
و مشكورة على مرورك العطر
- زائرزائر
تمت المشاركة الأحد يوليو 22, 2012 12:25 am
chokran laki okhti soundous
- صافيعضو فعال
- الجنس : عدد المساهمات : 545 نقاط التميز : 902 تقييم العضو : 46 التسجيل : 28/12/2011 العمر : 39 الإقامة : وهران
تمت المشاركة الأحد يوليو 22, 2012 3:21 am
موضوع رائع شكرا شكرا
جزاك الله كل الخير سندس
جزاك الله كل الخير سندس
التوقــيـــــــــــــــــــــع
- لمسة خيالعضو مميز
- رقم العضوية : 12518
الجنس : عدد المساهمات : 1700 نقاط التميز : 1959 تقييم العضو : 78 التسجيل : 03/05/2012 العمر : 27 الإقامة : سكيكدة وافتخر ليمعجبوش الحال ينتحر ويكتب في قبروا منقهر
تمت المشاركة السبت يوليو 28, 2012 11:55 pm
شكرااا لك
التوقــيـــــــــــــــــــــع
لمـ♥̨̥̬̩سة خيآإل دآإئمـ♥̨̥̬̩آإآإ في آإلبـ♥̨̥̬̩آإل
- بائعة الوردعضو مشارك
- الجنس : عدد المساهمات : 118 نقاط التميز : 142 تقييم العضو : 21 التسجيل : 15/07/2012 العمر : 25 الإقامة : الجزائر
تمت المشاركة الإثنين يوليو 30, 2012 12:58 am
شكرااااااااااااااا
التوقــيـــــــــــــــــــــع
- زائرزائر
تمت المشاركة الإثنين يوليو 30, 2012 6:46 pm
مشكورين علي تواجدكم الرائع و على ردودكم العطرة
لكم خالص احترامي
لكم خالص احترامي
- مريمعضو متقدم
- رقم العضوية : 53
الجنس : عدد المساهمات : 3269 نقاط التميز : 3778 تقييم العضو : 83 التسجيل : 17/09/2009
تمت المشاركة الإثنين يوليو 30, 2012 7:01 pm
شكرا جزيلا سندس على الطرح الموفق
التوقــيـــــــــــــــــــــع
أميرة بتواضعي
مريم مريووووووووووومة كوووول
مريم مريووووووووووومة كوووول
وجودك بتوقيعي يشرفني
- زائرزائر
تمت المشاركة الثلاثاء يوليو 31, 2012 9:55 pm
يعطيك العافيه علي الطرح) ...
ب إنتظآر جديدك وعذب أطروحآتك
إحترآمي وتقديري...)
♥ امونه♥
- RoOomaعضو مشارك
- الجنس : عدد المساهمات : 207 نقاط التميز : 244 تقييم العضو : 6 التسجيل : 24/06/2012 العمر : 40 الإقامة : الحراش
تمت المشاركة الخميس أغسطس 02, 2012 3:32 pm
التوقــيـــــــــــــــــــــع
في النت لاتشوه رموزك ولاتقترب من كاتبك المفضل اكثر من اللازم
ولا من شاعرك المفضل كي يبقى رمزك رمزك
ويبقى مفضلك مفضلك فعندما تقترب منهم
تجدهم اكثر جمودا وقسوه من كلماتهم وحروفهم الرقيقه فهذا واقع وقد لامسته..!
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى