و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمدٍ
و على آله و صحبه أجمعين .. أما بعد إخوتي و أخواتي فالله:
و على آله و صحبه أجمعين .. أما بعد إخوتي و أخواتي فالله:
فهذه رسالتي الأخيرة إلى كل من عصى الله و لم يتب،
عسى أن يقرئها فيرجع إلى ربه رجعة حسنة، و يتوب إلى فاطر السماوات و الأرض قبل أن يفوت الأوان، و
يذوق ما أعتده الله للكافرين، نار جهنم و العياذ بالله، و ساءت مرتفقا ...
-
-
إخوتي فالله:
موضوعنا لليوم هو التوبة .. التوبة .. التوبة .. كلنا سمعنا بها، و نسمع بها، و سنسمع بها إلى أن يبعث الله
الناس أجمعين مع الأنبياء و المرسلين و الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ..
قال الله سبحانه و تعالى : {و توبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} (صدق الله العظيم)
ويلك أخي العزيز، إن لم تعرف معنى التوبة !! ويلك إن لم تكن التوبة ملاذك الأخير لربك إن ارتكبت معصية !!
أن لا تعرف التوبة، مصيبة !! بل طامة كبرى !! إن لم تعرف التوبة، فأنت إذاً إنسان بلا ضمير !! أنت إنسان لم
يخشع قلبه لله !! أنت عبدٌ جحود !! تعصي الله و لا تستغفر لذنبك، و تواصل المعصية و لا تتوب ...
اسمعني هنا !! و لا تغادر الموضوع، فأنت ستواجه رب
العالمين، و ستحاسب وصولاً إلى هذا اليوم، الذي دخلت فيه هذا الموضوع، وصولاً إلى عبارتي: (و تواصل
المعصية و لا تتوب)، عندها ماذا ستقول لله ؟! ما هو عذرك ؟!!خرجت من الموضوع مسرعاً لأنني أعرف
معنى التوبة ؟! و أنا أستغفر الله لكل ذنوبي ؟! و الله إن معظمكم، ليعصي الله في أمور دينه، و هو يعلم أنه
اقترف إثماً عظيماً، و يعلم بأن الله سيحاسبه عليه، و لكن ... و بأسفٍ شديد، يواصل و يستمر على
عصيانه ...
أتعلم أخي العزيز، أنك كالبهيمة (أعزكم الله) بتصرفك هذا ؟ تفعل ما يحلو لكَ ثم تتناسى ما اقترفت
يداك ؟ بل أنت أسوء من الأنعام و أضل سبيلا !! و الله شاهدٌ على ما أقول !!
ستقول لي: ذنوبي أكبر من أن يتجاوز الله عنها، و أنا ما أظن الله بغافرٍ ذنوبي جميعا !!
إن كان كذلك، فانظر إلى رحمة الله بالعباد، و تجاوزه عنهم، سبحانه و تعالى لا إله إلا هو الغفور الرحيم:
{ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور
الرحيم} (صدق الله العظيم)
و إليك حديث نبيك محمدٍ (صلى الله عليه وسلم)، أفضل البشر و أكرمهم خلقاً، و خاتم الأنبياء و المرسلين،
انظر ماذا قال (صلى الله عليه وسلم):
روى ابن ماجه رحمه الله أن الرسول محمدًا (صلى الله عليه وسلم) قال: (التائب من
الذنب كمن لا ذنب له)
الله أكبر !! الله أكبر !! فهل لك أخي المسلم عذرٌ و حجة بعد ذلك ؟! هل هناك ما يمنعك من التوبة إلى الله
الآن ؟! لا و الله مالك من عذر و لا حجة .. فقد أتتك آيات الله البينات، و حديث حبيبك المصطفى (صلى الله عليه
وسلم)، لقد جاءتك التنبيهات و التحذيرات على طبقٍ من ذهب، فهل يا ترى تتوب ؟
فإن عزمت نفسك على التوبة الآن، فما أبركها من ساعة !! فغيرك الكثير فاتهم قطار التوبة بسبب عنادهم و
تجرئهم على حدود الله !! أما أنت، فقد وصلت إلى المحطة في الوقت المناسب .. أنت الآن على وشك أخذ
رحلة من عالم العصيان و الذنوب إلى عالم الرحمة و المغفرة، على سكة من نور، أنت الآن باتجاه صفحة
جديدة، ستكون سبب نجاتك من الهلاك و الظلام بإذن الله ..
و ما دمت كذلك، فلا بد أن تعرف أن للتوبة شروطاً يجب مراعاتها، حتى تقبل توبتك و تحسن عند رب العالمين:
1- الندم على الذنب شرط أساسي لقبول التوبة، فالتوبة أصلاً تعني الندم على ما اقترفت جوارحك من آثام
و معاصي، و هنا يجب الإخلاص في التوبة .
2- الإقلاع النهائي عن المعاصي، فلا يجوز لعاقل أن يقترف المعاصي، فيتوب إلى الله، ثم يعود إلى نفس
المعاصي، و يعود للتوبة مرة أخرى !!! فهذا لا يجوز و التوبة الصادقة تكون بالابتعاد النهائي عن ما كنت تفعله ..
3- العزيمة هي المفتاح الأساسي للتوبة أخي العزيز، فشد عزيمتك، و اجعل رضا الخالق لك هدفاً تضعه
نصب عينيك، و ابتعد عن رضا المخلوق فهو لن ينفعك من دون الله شيئاً .
أخي المسلم، أختي المسلمة:
إن التوبة تطهير للقلوب من نجاسة الشيطان، و من وسوسته لابن آدم، فهي تهذب أخلاق المرء، و تجعله أكثر
مراقبةً لنفسه أمام الله سبحانه و تعالى ..
فاحرصوا كل الحرص، على أن تخلصوا التوبة لله سبحانه و تعالى، عندها، ستحاسبون يوم القيامة، وصولاً إلى
هذا اليوم، فستعرفون بإذنه تعالى ماذا ستقولون ..^^