حارثة بن النعمان ابن نفع بن زيد بن عبيد بن مالك بن النجار الخزرجي
النجاري ، ويقال : ابن رافع ، بدل : ابن نفع .
إنه الرجل الذي رد عليه جبريل السلام ، إنه الرجل الذي سمع النبي
صلى الله عليه وسلم صوته في الجنة وهو يقرأ القرآن .
إنه الرجل الذي تكفل الله برزقه في الجنان .
إنه الرجل الذي ضرب القدوة والأسوة في البر والإحسان .
له من الولد : عبد الله ، وعبد الرحمن ، وسودة ، وعمرة ، وأم كلثوم
و يكنى : أبا عبد الله .
قال الواقدي : كانت له منازل قرب منازل النبي صلى الله عليه وسلم ،
فكان كلما أحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلا تحول له حارثة
رضي الله عنه عن منزل ، حتى قال :
" لقد استحييت من حارثة ، مما يتحول لنا عن منازله "
إسلامه
لقد اسلم حارثة رضي الله عنه على يد أول سفراء الإسلام الى المدينة
مصعب بن عمير رضي الله عنه ، وأسلمت أمه جعدة بنت عبيد وأسلمت
كذلك اسرته كلها.
وكان حارثة رضي الله عنه ممن استقبلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
عند هجرته الى المدينة وازدادت فرحته لما نزل رسول الله صلى الله عليه
وسلم في دار أبى أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
وذلك لأن حارثة رضي الله عنه كان من بني النجار فضمن بذلك أن يكون
قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فكان يتردد كثيرا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتبس من هديه
واخلاقه وعلمه ، ويتمنى من كل قلبه أن يفدي الحبيب بنفسه وبماله وبكل
ما يملك.
بره بوالدته
- عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :
( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" نمت فرأيتني في الجنة فسمعت صوت قارىء يقرأ ، فقلت : من هذا ؟
قالوا : هذا حارثة بن النعمان.
فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم : " كذاك البر، كذاك البر "
وكان أبر الناس بأمه )
- وقالت رضي الله عنها :
( كان رجلان من أصحاب رسول الله أبر من كان في هذه الامة بأمهما :
عثمان بن عفان ، وحارثة بن النعمان رضي الله عنهما ..
أما عثمان فإنه قال : ما قدرت أتأمل وجه أمي منذ أسلمت.
وأما حارثة فكان يطعمها بيده ، ولم يستفهمها كلاما قط تأمر به ، حتى
يسأل مَن عندها بعد أن يخرج : ماذا قالت أمي؟ )
رؤيته جبريل عليه السلام
عن حارثة رضي الله عنه انه قال :
( رأيت جبريل من الدهر مرتين :
يوم الصورتين " موضع بالمدينة " حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
الى بني قريظة ، مر بنا في صورة دحية ، فأمرنا بلبس السلاح .
ويوم موضح الجنائز حين رجعنا من حنين ، مررت وهو يكلم النبي صلى
الله عليه وسلم فلم أسلم.
فقال جبريل : من هذا يا محمد ؟
قال : " حارثة بن النعمان "
فقال : أما إنه من المائة الصابرة يوم حنين الذين تكفل الله بأرزاقهم في
الجنة ، ولو سلم لرددنا عليه )
وفي رواية عن حارثة رضي الله عنه قال :
( مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل عليه السلام جالس
في المقاعد يعني في صورة رجل فسلمت عليه ثم أجزت ، فلما رجعت
وانصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هل رأيت الذي كان معي ؟ "
قلت : نعم.
قال : " فإنه جبريل وقد رد عليك السلام " )
فيا له من شرف و وسام من أوسمة الشرف والمكانة وضع على صدر حارثة
رضي الله عنه يوم سلم عليه أمين السماء عليه السلام ، ليذكر اسمه عند الرحيم
الرحمن ، ويا لها من سعادة غمرت قلب حارثة رضي الله عنه
مواقف نبيله
- من مواقفه النبيلة أنه لما علم أن عليا تزوج فاطمة رضي الله عنهما في
منزل بعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ترك منزله القريب من رسول الله
صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة رضي الله عنهما لتقرعين رسول الله
صلى الله عليه وسلم بقربهما.
- وكذلك لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي رضي
الله عنها أنزلها في منزل من منازل حارثة رضي الله عنه بعد ان تحول
حارثة رضي الله عنه عن منزله .
- ويوم بدر قاتل حارثة رضي الله عنه قتال الأبطال ، وخاض المعركة ببسالة
وفداء ، وقوة وثبات ، وانقض على عثمان بن عبد شمس فأسره ولما بعثت
قريش في فداء الأسرى أرسل جبير بن مطعم في فداء عثمان ففاز حارثة
بالأجر والفداء.
جهاده
شهد حارثة رضي الله عنه المشاهد والغزوات كلها مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، وفي حنين كان من المائة الصابرة الذين أحاطوا برسول الله
خوفا عليه من أن يصيبه مكروه.
واستمر حارثة رضي الله عنه يتابع رحلة جهاده وكفاحه في حياة النبي
صلى الله عليه وسلم ، وفي عهد خلفائه الراشدين ، ولن ينسى التاريخ موقفه
لما حوصر عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال له :
( ان شئت قاتلنا دونك )
وفاته
ومات حارثة رضي الله عنه في خلافة معاوية رضي الله عنه بعد ان ملأ الدنيا
برا وعلما ، وبذلا وعطاء .
رضي الله عن حارثة وعن سائر الصحابة أجمعين