استعرض الموضوع التالياذهب الى الأسفلاستعرض الموضوع السابق

زكاة الحلى Empty زكاة الحلى

avatar
خالد
عضو متقدم
عضو متقدم
رقم العضوية : 12507
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4200 نقاط التميز : 5413 تقييم العضو : 142 التسجيل : 01/05/2012 العمر : 36 الإقامة : في دارنا
تمت المشاركة الخميس سبتمبر 13, 2012 8:59 pm
زكـــاة الحــلي

أ.د.إبراهيم بن محمد الصبيحي
المقدمة:
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركا فيه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى من تمسك بهديه إلى يوم الدين أما بعد:
فإن المسلم الغيور لينشرح صدره حينما يرى شباب بلادنا خاصة، وشباب عالمنا الإسلامي عامة إلى الالتزام بالإسلام مع اقبالهم وعنايتهم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد  : حفظاً وتفقها، ودراسة، واتخاذهما منهج حياة، ويزين هذا وعي وإدراك ومعرفة بما يحيط بهم ورصد لكل ما يحاك حولهم من مؤامرات ومخطاطات خبيثة لصدهم عن الدين، فبارك الله في جهاد شباب أمتنا وسدد خطاهم، وأبان لهم طريق الحق.
وإن الفضل في هذا يعود إلى الله تعالى، ثم إلى جود رجال مخلصين نذروا أنفسهم خدمة لأمتهم، ونصرة لدينهم، ورفعاً لمستوى أبنائهم، فجزاهم الله خير ما ي جزى به عباده المخلصين، وإننى لأشيد بجه9ود شيخين جليلين وعالمين كريمين هما سماحة شيخنا العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، وفضيلة شيخنا الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، حفظهما الله، وبارك في بقية أعمارها.
ثم إن هذه النهضة العلمية العظيمة مرتبطة بجهود علماء الدعوة الإصلاحية المباركة التي قادها ورسم خطاها وأسس دعائمها الإمام الشيخ المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله رحمة واسعة وإن هذه الدعوة المباركة مبنية على منهج إمام أهل السنة والجماعة الإمام المبجل أحمد بن حنبل في العقيدة والفقه، وقواعد الاستنباط.
وإن من أبرز أصول هذا المنهج الوقوف مع الدليل، وعدم التعصب لأقوال الرجال، حتى إنه ليروى عن الإمام أحمد رحمه الله الأراء المتعددة في المسألة الواحدة مما يدل على تجدد العطاء، والبحث عما يعضده الدليل، وعدم الجمود على قول معين قد ظهر الحق خلافه، وهذا هو منهج الأئمة الأعلام من الصحابة الكرام والتابعين لم بإحسان.
وإنني لأنصح شباب أمتنا أن يعنوا بمعرفة الأسس والضوابط التي بنى عليها الأئمة مناهجهم ومدارسهم في كيفية معرفة فقه الكتاب والسنة، وطريقتهم في التوفيق بين الأدلة التي ظاهرها التعارض.
وإن من أبرز هذه الأسس علم أصول الفقه، فمن رام الوصول إلى أرجح الأراء، وأدقها، فينهل من قواعده العظام، وليدقق في تطبيق الأمثلة على تلك القواعد، وليسأل ربه الفقه في الدين.
ولن يكون الصواب حليف الذين أعرضوا عنه، وقد قيل: من حرم الأصول حرم الوصول، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا من لم يعرف مناهج العلماء في التفقة في الدين.
وإن العناية بهذا العلم وتحصيله من أعظم الأسباب في كسرب حدة التعصب لآراء الرجال الذي ربما بلي به بعض شبابنا المعاصر حين إنه لا يعرف من طرق الترجيح إلا محبة شيخه الذي يأخذ عنه، ومعرفة ظواهر الأدلة التي عرضها الشيخ، واعتمد عليها في فتواه، فيرى أن مخالفة من يتعصب له قدح في الدين، فيضلل إخوانه وربما يكون الصواب حليفهم.
هذا ومن المسائل التي تعددت فيها الأقوال، وتعارضت فيها الفتاوى، وصارت حديث المجالس، بل ربما حصل الخلاف فيها بين المرأة وزوجها: مسألة زكاة الحلي، لأ، كل واحد منهما يذهب إلى قول أحد المفتين.
لذا بذلت الجهد في دراستها دراسة علمية مؤصلة، فبنيتها على منهج المحدثين في نقد الأسانيد والحكم على المتون، كما اعتمدت على منهج الأصوليين في التفقه والاستنباط والترجيح، والجمع بين الأدلة المتعارضة وتقديم الخاص على العام، وربط المجمل ببيانه، وتحديد متى يجب تقديم قول الصحابي إذا خالف روايته، ومتى يجب تقديم روايته على رأيه، متوخيا في ذلك أصول مذهب الإمام أحمد وهو مذهب جمهور أهل العلم، لما ظهر لدى من رجحان مذهبهم على مخالفيهم.
وقد اعتمدت في الجانب اللغوي على أدق التعريفات التي اعتمدها جهابذة أئمة اللغة، والمتفقة مع دلالات السنة المطهرة.
وقد بذلت في هذا البحث قصارى جهدي فحررت مسائله، وبينت مجمله، ورددت فروعه إلى أصولها وأمثلته إلى قواعدها، كما عنيت بجمع أدلة الجمهور من شتى المصادر لأنني لم أر أحد قصد جمعها وتولى الأجابة عن أدلة المخالفين واعتراضاتهم، إلا ما وقفت عليه مما صدر حديثاً عن فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام بعنوان القول الجلي في زكاة الحلي، وهي محاولة طيبة، لكنه لم يستكمل فيها جمع الأدلة، كما لم يستكمل دراستها، ولعل عذر الشيخ أن عمله هذا جاء ضمن شرحه لكتاب بلوغ المرام، ولم يقصدها بالتأليف، كما ذكر هذا في مقدمته.
وقد أضفت إلى تلك الأدلة ما رأيته صالحا للاستدلال به، وإن لم أجد أحدا سبقني إليه، كما تعرضت للإجابة عن أدلة المخالفين، واعتراضاتهم، بما رأيته صالحا، وإن لم يسبقني إليه أحد، فاسأل الله التوفيق والتسديد في الأمور كلها. هذا وقد بنيت هذا البحث على تمهيد وبابين، وخاتمة وفهارس.
فذكرت في التمهيد ما يعين القارئ الكريم على فهم الدراسات الواردة في الأبواب، فعرفت: الزكاة، والحلى، والأواقي، والورق، والرقة، والدراهم، وحددت فيه نصاب الذهب تحديداً لم أرح أحدا سبقني إليه، كما عنيت بدراسة الزكاة في العهد المكي ومدى تأثير ذلك على فهم الأدلة.
أما الباب الأول: فذكرت فيه أدلة الذين لا يرون وجوب الزكاة مع بيان دلالاتها، ومدى تأثيرها في قوة ما ذهبوا إليه.
أما الباب الثاني: فجعلت من فصلين، فخصصت الفصل الأول لتحليل أدلة الموجبين لزكاة الحلى، وبيان مدى دلالاتها على ما احتجوا بها عليه، كما خصصت الفصل الثاني: لدراسة الاعتراضات التي احتجوا بها على مذهب مخالفيهم، ثم ختمته بالنتيجة العلمية التي توصلت إليها من خلال هذه الدراسة الموسعة، والله الهادي إلى الصواب، وهو حسبنا ومعيننا. سبحانه وتعالى. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
حرر في مدينة الرياض
في 9/1/1411هـ



التمهيد
مما يعين القارئ الكريم على فهم الدراسة التي أوردتها في هذه الرسالة: معرفته بأرجح الأقوال في المسائل التي تعتبر محور الخلاف بين الأئمة في إيجاب زكاة الحلي، ولذا عنيت في هذا التمهيد بدراسة تعريف الزكاة، والحلى، والأواقي، والدراهم، والورق، والرقة عند أهل اللغة، وتمييز التعريف الذي قصد في لغة السنة، من مطلق التعريف الذي استعمل في لغة العرب، كما عنيت بتحديد نصاب الذهب خاصة، لأن غالب الذهب المتخذ حلياً ليس ذهبا خالصاً.
وأكثر الناس اليوم لا يفرق بين نصاب الذهب الخالص، وبين نصاب الذهب المختلط بغيره، كما عنيت أيضاً بدراسة أحكام الزكاة في العهد المكي، لأن هذا يعين على فهم الأحاديث الواردة في عموم الزكاة، كما يسهل التمييز بين ما ورد في التشريع الأول للزكاة، مما ورد في التشريع الثاني لها لئلا تتداخل الأحكام، وأسأل الله التوفيق والتسديد أنه نعم المولى ونعم النصير.
أولاً: ما يطلق عليه لفظ الزكاة:
I- إطلاقها عند اللغويين:
قال الليث: الزكاة: زكاة المال، وهو تطهيره، والزكاة الصلاح، وقال الأزهري: قال الله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (المؤمنون:4) قال بعضهم: الذين هم للزكاة أي العمل الصالح فاعلون.
ومنه قوله عز وجل: خَيْراً مِنْهُ زَكَاة (الكهف: من الآية81) أي خيرا منه عملا صالحا وقال غيره: قيل لما يخرج من المال للمساكين من حقوقهم زكاة، لأنه تطهير للمال وتثمير وإصلاح ونماء.أ.هـ( ). وقال أبو علي: الزكاة صفوة الشيء، وزكاة إذا أخذ زكاته، وتزكى أي تصدق، وفي التنزيل العزيز وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ قال بعضهم: الذين هم للزكاة مؤتون، وقال آخرون: الذين هم للعمل الصالح فاعلون.
وجاء أيضاً في لسان العرب: وأصل الزكاة في اللغة الطهارة والنماء والبركة والمدح، وكله قد استعمل في القرآن والحديث، وهي من الأسماء المشتركة بين المخرج والفعل، فيطلق على العين، وهي الطائفة من المال المزكى بها، وعلى المعنى، وهي التزكية.أ.هـ( ).

Ii- إطلاقها عند الأصوليين:
الزكاة عندهم من المجمل الذي لا يعرف معناه منه، بل هو بحاجة إلى بيان، ولا يجوز العمل به حتى يرد ما يبينه، فالعمل إذاً بالبيان لا بالإجمال.
قال أبو الخطاب رحمه الله: وأما المجمل فهو: كل لفظ لا يعرف معناه منه، وقيل: لا يعرف معناه من لفظه، والأول: أصلح، لأنه يرجع إلى لفظه.
وهو على ضربين: لا عرف له في الشرع، ولا في اللغة، وهو مثل قوله عز أسمه: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ فإن هذا الحق ليس له عرف في الشرع ولا في اللغة.
وحكم هذا أن لا يجوز المصير إليه حتى يرد ما يفسره، ومجمل له عرف في اللغة وهو مثل الصلاة والزكاة والحج، فإن الصلاة لها معنى في اللغة وهو الدعاء، و الدليل عليه قوله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ أي أدع لهم.
وأما الزكاة فمعناها في اللغة: الزيادة والنماء، يقال زكا المال إذا نماء فحكم هذا لا يصار إليه حتى يرد دليل يفسره، وقد اختلف أصحاب الشافعي، فمنهم من قال مثل قولنا، ومنهم من قال هو عام في جميع الأشياء وقال أحمد رحمه الله في كتاب طاعة الرسول: لا يجوز العدول إلى هذا حتى يرد ما يفسره.أ.هـ( )
وقال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ( ).
المسألة الرابعة: وأختلف في المراد بالزكاة هنا، فقيل: الزكاة المفروضة لمقارنتها بالصلاة وقيل صدقة الفطر، قاله مالك.
فعلى الأولى – وهو قول الأكثر – فالزكاة في الكتاب مجملة بينها النبي  ( ).
وقال الإمام النووي رحمه الله: وذكر أصحابنا في كتب الأصول والفروع خلافاً في هذه وهل مجملة أم لا؟ فقالوا: قال أبو اسحاق المروزي وغيره من أصحابنا هي مجملة، قال البنديجي: هذا هو المذهب، لأن الزكاة لا تجب إلا في مال مخصوص إذا بلغ قدراً مخصوصاً، ويجب قدر مخصوص، ولي في الآية ( ) بيان شيء من هذا، فهي مجملة بينتها السنة، إلا أنها تقتضي أصل الوجوب.
وقال بعض أصحابنا ليست مجملة بل هي عامة، بل كان ما تناوله اسم الزكاة فالآية تقتضى وجوبه، والزيادة عليه تعرف بالسنة، قال القاضي أبو الطيب في تعليقه وآخرون من أصحابنا: فائدة الخلاف أنا إذا قلنا: مجملة فهي حجة في أصل وجوب الزكاة، ولا يحتج بها في مسائل الخلاف، وإن قلنا ليست مجملة كانت حجة في أصل وجوب الزكاة، وفي مسائل الخلاف تعلقاً بعمومها، والله أعلم.أ.هـ ( ).
ج- ما تطلق عليه عند الفقهاء:
تطلق الزكاة عند الفقهاء، على زكاة الفطر، وعلى الزكاة المفروضة، كما تطلق على عارية الحلى، وهو مذهب جمهور أهل العلم وبه قال جمع من الصحابة  ، وهم أصحاب لسان، وفقه في الدين فيجب اعتبار تفسيرهم.
قال ابن قدامة رحمه الله بعد إيراد حديث عمرو بن شعيب في زكاة الحلى: ويحتمل أنه أراد بالزكاة إعارته، كما فسره به بعض العلماء، وذهب إليه جماعة من الصحابة وغيرهم.أ.هـ ( ).
ثانياً: تعريف الحلي:
الحلي: ما تزين به من مصوغ المعدنيات أو الحجارة، كذا في اللسان والقاموس.
وقال الليث: الحلي كل حلية حليت بها امرأة أو سيف ونحوه، والجمع حلي، قال الله عز وجل: مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ.
وقال أبو علي: وإما يحال الحلي للمرأة، وما سواها فلا يقال إلا حلية للسيف.أ.هـ.
وقال ابن الأثير في مادة (حلا) وفيه (أنه جاءه رجل وعليه خاتم من حديد، فقال: (ما لي أرى عليك حلية أهل النار) الحلي اسم لكل ما يتزين به من مصاغ الذهب والفضة ( ).
وقال ابن الأثير أيضاً في مادة (سخب) بعد ما أشار إلى قوله  (تصدقن ولو من حليكن، فجعلت المرأة تلقى القرط والسخاب) قال رحمه الله: هو خيط ينظم فيه خرز ويلبسه الصبيان والجوارى، وقيل: هو قلادة تتخذ من قرنفل ومحل وسك ونحوه، وليس فيها من اللؤلؤ والجواهر شيء ( ).
فتبين بهذا أن الحلى اسم لما يتزين به من المصاغات، وليس هو اسماً لكل مصاغ.
وبسبب هذا التعريف اللغوي للحلي فرق جمهور العلماء بين حلي الذهب والفضة المتخذ للزينة، وبين سائر مصاغات الذهب والفضة المتخذة للنفقة أو للتجارة أو للكراء أو للادخار، فلم يوجبوا الزكاة في النوع الأول، لأنه يشمله اسم الحلي، والأصل عدم وجوبها فيما تتزين به النساء وتتحلى به، وأوجبوها في الثاني، لأن اسم الحلي وكذا الزينة لا يشمله، فيجب أن يبقى على حكم أصله، وهو وجوب الزكاة في الذهب والفضة.
وسيأتي مزيد بيان لهذا في الاعتراض الرابع على القياس من الفصل الثاني من الباب الثاني – إن شاء الله – والله أعلم.
ثالثاً: تعريف الأواقي:
الأواقي: جمع أوقية، قال في اللسان: الأوقية زنة سبعة مثاقيل، وزنة أربعين درهما ( ). وقال الفيروز آبادي: الأوقية بالضم سبعة مثاقيل، وأربعون درهما ( ).
فهذا يدل على أنه يراد بالأوقية عند الاطلاق: وزن المعدود مع بيان عدده إلا أنها لم قيدت بالورق في السنة صارت خاصة، بعدد الدراهم، وهذا محل اتفاق بين أئمة اللغة والشريعة.
قال الجوهر: والأوقية في الحديث: أربعون درهما، وكذلك كان فيما مضى ( ). وقال مجاهد في تفسير حديث أن النبي  : لم يصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقية ونش، قال: الأوقية أربعون درهما والنش: عشرون ( ).
وقال الأزهري في تفسير قول النبي  : (ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة) قال: خمس أواق مائتا درهم، وهذا يحقق ما قال مجاهد ( ).
وقد أطلق الزمخشري على الأوقية أنها أربعون درهما، ولم يذكر غبر هذا ( ).
وذكر أبو عبيدة أن الأربعين درهما تسمى أوقية، كما تسمى العشرون نشا ( ).
ووافق ابن الأثير أبا عبيد على أن الأوقية اسم لأربعين درهما ( ) ونقل الإمام ابن حجر الإجماع على أن مقدار في حديث (ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة) أربعون درهما ( ) وقال العيني: وأجمع أهل الحديث والفقه وأئمة اللغة على أن الأوقية الشرعية أربعون درهما، وهي أوقية الحجاز ( ).
قلت: ومما يدل أيضاً على أن الأوقية المذكورة في الحديث السابق أربعون درهماً ما رواه البخاري عن أنس  أن فيما كتب له أبو بكر  حينما وجهه إلى البحرين: وفي الرقة ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها.أ.هـ.( ). فهذا الحديث مفسر وموضح لحديث (ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة) وهو في محل النزاع فيجب المصير إليه، لأن في هذا جمعاً بين السنن. والله أعلم.

رابعاً: تعريف الورق والرقة:
قال الجوهري: الورق: الدراهم المضروبة، وكذلك الرقة، والهاء عوض من الواو، وفي الحديث: (في الرقة ربع العشر)( ).
وقال ابن فارس: الرقة: من الدراهم.أ.هـ( )، وقال الأزهري: الورق: اسم للدراهم، وكذلك الرقة، يقال أعطاه ألف درهم رقة لا يخالطها شيء من المال غيرها، وروى عن النبي  أنه قال (وفي الرقة ربع العشر).
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال: الورق والرقة: الدراهم خالصة، والوراق: الرجل الكثير الورق.أ.هـ ( )، وقال الفيروز آبادي: الورق: الدراهم المضروبة، وقال أبو عبيد في الرقة: لا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب يقع إلا على الورق المنقوشة ذات السكة السائرة في الناس، وكذلك الأواقي ليس معناها إلا الدراهم، كل أوقية أربعون درهم.أ.هـ( )، وقال الحربي: الورق: يعني الدراهم.أ.هـ( ). وقال أبو الهيثم: الورق والرقة: الدراهم خاصة.
وقال ابن منظور: الورق والرقة: الدراهم.أ.هـ( ). هذا وقد رد الشنقيطي رحمه الله على الذين زعموا أن لفظ الرقة، ولفظ الأوقية الثابت في الصحيح يشمل المصوغ كما يشمل المسكوك بقوله: وقد قدمنا إلى التحقيق خلافه.أ.هـ( ).
هذا ما استطعت الوقوف عليه، من كلام الأئمة الذين رأوا أن المراد بالورق، والرقة الدراهم المضروبة خاصة إلا أن هناك رأيا آخر في المراد بهما. ففي المخصص: الرقة: الفضة وربما سميت الفضة ورقا.أ.هـ( ).
وقال أبو عبيدة: الورق الفضة كانت مضروبة كدراهم أولا .أ.هـ( ).
أما ابن الأثير فقد اختلف رأيه فيهما، فقال مرة في تفسير قوله  : (فهاتوا صدقة الرقة) يريد الفضة والدراهم المضروبة منها، وأصل اللفظة الورق، وهي الدراهم المضروبة خاصة.أ.هـ( ).
وقال في موضع آخر: الورق: الفضة.أ.هـ.( ) قال الزيعلي: قال ابن قتيبة: الرقة: الفضة سواء كانت الدراهم أو غيرها نقله ابن الجوزي في التحقيق.أ.هـ( )، وقال ابن حجر: الورق: الفضة.أ.هـ( ).
وعند الاختلاف لا بد من الترجيح، والراجح من الأقوال أن المراد بالرقة الواردة في أحاديث الزكاة الدراهم المضروبة خاصة أما الورق فهو اعم من ذلك إذ يشمل المضروب وغير المضروب لما يأتي:
I- اتفاق الأئمة على أن المراد بالأواقي في حديث: (ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة) الدراهم، فأفاد هذا الحديث أن محل الصدقة الدراهم المسكوكة من الورق، لا نفس الورق إذا لم يكن مسكوكا.
Ii- دلالة حديث رسول الله  على أن الرقة عين الدراهم وذلك فيما رواه انس بن مالك  أن أبا بكر  كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله  على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط – الحديث، وجاء في آخره (وفي الرقة ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها) رواه البخاري ( ).
فهذا يدل على أن الرقة في لسان الشارع يراد بها المضروب خاصة ولا يصح أن يترك الدليل الشرعي الخاص، إلى عموم اللغة المختلف فيها.
ج - خص جمهور أئمة اللغة الرقة بالمضروب، وهذا يدل على أن هذه هي لغة جمهور العرب، فنبغي أن تفسر بها السنة، خصوصاً مع ورود ما يؤيد هذا في السنة نفهسا كما سبق، ولا ينبغي حمل السنة على غريب اللغة، لأن في هذا هجراً لفصيحها بلا دليل.
د- أن الذين أطلقوا الرقة على الفضة، لم يذكروا شاهد من كلام العرب فلا يحتج بقولهم، لما ذكر أبو عبيد من أنه لا يحفظ من كلام العرب ما يدل عليه، وقوله أصل معتبر يرجع إليه، فلا تصح معارضته بقول غيره إلا لمن جاء بما يشهد له من فصيح كلام العرب، أما قول أبي عبيدة في الورق، فلا يعارض قول أبي عبيد في الرقة، لاختلاف الاسمين، كما ورد في لسان العرب 10/374. من اختلاف أنواع النبات الذي يسمى بالرقة عما يسمى بالورق عند الاطلاق، وحاصله أن الرقة تطلق على بعض ما يطلق عليه لفظ الورق فبينهما عموم وخصوص، وهذا متفق مع ما ذهب إليه أبو عبيد من أن الرقة خاصة في المضروب، والمضروب جزء من الورق الذي يصلح إطلاقه على الفضة، ثم إن أبا عبيدة لم يقل بأن الرقة عين الورق حتى يصح أن يحتج بقوله في الورق على عموم الرقة، ويستفاد من هذا التفريق بين لفظي الرقة والورق أن الأصل في تحديد مقدار الزكاة في السنة، الدراهم المعدودة المضروبة، وليس الأصل في تحديدها الفضة غير المضروبة إذ لم يرد الأمر بإيجابها في الورق إلا مع تقييده بالأواقي التي هي الدراهم. والله أعلم.
خامساً: تعريف الدراهم:
قال الجوهري: الدرهم: فارسي معرب، قال الشاعر:
لو أن عندي مائتي درهام
يحاز في آفاقها خاتامي
وجمع الدرهم: الدراهم.أ.هـ( ).
وقال المقري: الدرهم الإسلامي: اسم للمضروب من الفضة، وهو معربن ثم قال: وكانت الدراهم في الجاهلية مختلفة، فكان بعضها خفافاً هي الطبرية، وبعضها ثقالاً، وكانت تسمى العبدية، وقيل البغلية نسبة إلى ملك يقال له رأس البغل، فجمع الخفيف والثقيل وجعلا درهمين متساويين، فجاء كل درهم ستة دوانق.أ.هـ( ).
وقال الحافظ ابن حجر: والمراد بالدرهم: الخالص من الفضة سوءا كان مضروبا أو غير مضروب، قال عياض: قال أبو عبيد: أن الدرهم لم يكن معلوم القدر حتى جاء عبدالملك بن مروان فجمع العلماء، فجعلوا كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، قال: وهذا يلزم منه أن يكون النبي  أحال بنصاب الزكاة على أمر مجهول، وهو مشكل، والصواب أن معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن شيء منها من ضرب الإسلام، وكانت مختلفة في الوزن بالنسبة إلى العدد، فعشرة مثلا وزن عشرة، وعشرة وزنه ثمانية، فاتق الرأي على أن تمبدع بكتابة عربية ويصير وزنها وزنا واحدا.
وقال غيره: لم يتغير المثقال في الجاهلية ولا في الإسلام، وأما الدراهم فأجمعوا على أن كل سبعة مثاقيل عشرة دراهم، ولم يخالف في أن نصاب الزكاة مائتا درهم يلغ مائة وأربعين مثقالاً من الفضة الخالصة إلا ابن حبيب الأندلسي..الخ ( ).
قلت: فهذا وما سبق يدل على ضعف القول الذي صدره الحافظ في أول كلامه، ومما يشهد لهذا ما قاله: ابن رفعة رحمه الله: قال أصحابنا: وكان غالب ما يتعامل به من أنواع الدراهم في عصر النبي  والصدر الأول بعده: نوعان من أنواع الدراهم: الطبرى، والبغلى.أ.هـ( ).
وقال أبو عبيد: أن الدراهم التي كانت نقد الناس على وجه الدهر لم تزل نوعين: هذه السود الوافية، وهذه الطبرية العتق، فجاء الإسلام وهي كذلك، فلما كانت بنو أمية وأرادوا ضرب الدراهم نظروا في العواقب فإن هم ضربوا أحدهما بمفرده أضر ذلك بأرباب الأموال أو أهل الزكاة، فجمعوا الدرهمين وقسموهما على اثنين فخرج كل درهم ستة دوانيق.أ.هـ بتصرف ( ).
فهذا مما يؤكد ما قلنا خلافا لما جاء في الفتح، كما أنه يدل على أن رأي أبي عبيد غير ما نسب إليه، والله أعلم.
سادساً: تحديد نصاب الذهب والفضة:
قال الموفق ابن قدامة رحمه الله: ومن ملك ذهبا أو فضة مغشوشة أو مختلطا بغيره، فلا زكاة فيه حتى يبلغ قدر الذهب والفضة نصابا، لقوله عليه السلام: (ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة).
فإن لم يعلم قدر ما فيه منهما وشك هل بلغ نصابا أو لا خير بين سبكهما ليعلم قدر ما فيه منهما، وبين أن يستظهر ويخرج ليسقط الفرض بيقين.أ.هـ( ).
وقال النووي: إذا كان له ذهب أو فضة مغشوشة فلا زكاة فيها حتى يبلغ خالصها نصاباً. هكذا نص عليه الشافعي  والمصنف وجميع الأصحاب في كل الطرق إلا السرخسي. فقال في الأمالي: لا تجب الزكاة في مائتين من الفضة المغشوشة..الخ، ثم قالك وهذا الوجه الذي انفرد به السرخسي غلط مردود بقوله  (ليس فيما دون خمس أواقي من الورق صدقة)( ).
وقد قام فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي بدراسة موسعة ومؤصلة في تحديد نصاب الذهب والفضة حسب وزن الكيلو جرام. فتوصل إلى أن نصاب الذهب (85) جراماً، ونصاب الفضة 595 جراماً وذلك من الفضة والذهب الخالص وفقاً لمذهب الجمهور ( ).
قلت: يلاحظ على بعض الفتاوى عدم تفريقها بين الذهب الخالص من غيره عند تحديد النصاب، وذلك أن الذهب الموجود بأيدي الناس اليوم ليس كله ذهباً خالصاً، بل هو مختلف العيارات، فالجنية السعودي مثلاً عيار 22، والحلي له عدة عيارات، فمنه عيار: 21، 18، 16، ولا شك أن قلة العيارات تعني كثرة المواد المضافة من غير الذهب، وهي لايصح أن تعتبر من جملة نصاب الذهب، فينبغي مراعاة فصلها عند تحديد نصابه لأن الذهب الخالص هو عيار 24، فعلى هذا فإن نصاب الذهب على مختلف أنوعه هو النتائج للعمليات الحسابية التالية:
1- السبيكة الذهبية عيار (24) 85×24÷24=85جراماً.
2- الجنية السعودي عيار (22) 85×24÷22=92,72جراماً.
3- الحلي عيار (21) 85×24÷21=97,14جراماً.
4- الحلي عيار (18) 85×24÷18=113,33جراماً.
5- الحلي عيار (16) 85×24÷16=127,5جراماً.
وإن كان الذهب على غير هذه العيارات المذكورة فيمكن معرفة الذهب الخالص بسلوك هذه الطريقة الحسابية، والله الموفق.
سابعاً: بيان الزكاة في العهد المكي:
من المقرر لدى علماء الشريعة أن الزكاة قرينة الصلاة في كتاب الله تعالى، وقد نزلت عدة آيات في مكة المكرمة قبل الهجرة النبوية تحث المؤمنين وتأمرهم بأداء الزكاة، بل لقد أثنى الله سبحانه وتعالى في تلك الآيات على الذين هم للزكاة فاعلون، والذين في أموالهم حق معلوم، وكانت هله الزكاة أحكام تخصها وإليك جملة من الآيات الواردة في بيان وجوب الزكاة في العهد المكي: وشيئاً من فقهها:
1- قال تعالى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ( ).
2- قال تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً( ).
3- قال تعالى: فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ( ).
4- قال تعالى: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ( ).
5- قال تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُوم( ).
6- قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ( ).
7- قال تعالى: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ( ).
8- قال تعالى: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ( ).
9- قال تعالى: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ( ).
10- قال تعالى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ( ).
11- قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَنا( ).
12- قال تعالى: الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى( ).
فهذه جملة آيات من كتاب الله تعالى، نزلت بمكة المكرمة مما يؤيد صحة القول بأ، الزكاة شرعت مرتين: المرة الأولى قبل الهجرة، والمرة الثانية بعد الهجرة، وبطبيعة الحال فإن لكل تشريع أحكاماً تخصه مع اتفاقهم على وجوب أصل الزكاة.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ الأكثرون على أن المراد بالزكاة ههنا زكاة الأموال مع أن هذه الآية مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة، والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجباً بمكة، قال تعالى في سورة الأنعام وهي مكية وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ.
وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة ههنا زكاة النفس من الشرك والدنس كقوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا وكقوله تعالى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاة على أحد القولين في تفسيرها وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادا، وهو زكاة النفوس، وزكاة الأموال، فإنه من جملة زكاة النفوس، والمؤمن الكامل هو الذي يفعل هذا، والله أعلم ( ).
وقال الإمام ابن خزيمة رحمه الله تعال: باب ذكر البيان أ، فرض الزكاة كان قبل الهجرة إلى أرض الحبشية، إذ النبي  مقيم بمكة قبل هجرته إلى المدينة، ثم أورد فيه كلام جعفر بن أبي طالب مع النجاشي، وجاء فيه: وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام.أ.هـ( ).
وقال الدكتور يوسف القرضاوي تحت عنوان: الزكاة في العهد المكي زكاة مطلقة: إن الزكاة التي ذكرت في القرآن المكي، لم تكن هي بعينها الزكاة التي شرعت بالمدينة، وحددت نصبها ومقاديرها وأرسل السعاة لجبايتها وصرفها،وأصبحت الدولة مسؤلة عن تنظيمها.
الزكاة في مكة كانت زكاة مطلقة من القيود والحدود، وكانت موكولة إلى إيمان الأفراد، وأريحيتهم وشعورهم بواجب الأخوة نحو إخوانهم من المؤمنين، فقد يكفي في ذلك القليل من المال، وقد تقتضي الحاجة بذل الكثير أو الأكثر.أ.هـ( ).
وقال ابن عاشور في تفسير قوله تعالى: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (الذريات:19)، قال رحمها الله تعالى: والحق للسائل والمحروم هو النصيب الذي يعطونه إياهما، أطلق عليه لفظ الحق، أما لأن الله أوجب على المسلمين الصدقة بما تيسر قبل أن يفرض عليهم الزكاة فإن الزكاة فرضت بعد الهجرة، فصارت الصدقة حقاً للسائل والمحروم أو لأنهم الزموا ذلك أنفسهم حتى صار كالحق للسائل والمحروم، وبذلك يتناول قول من قال: إن هذا الحق هو الزكاة.أ.هـ( ).
وقال في تفسير قوله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (المعارج: من الآية 24-25)، وتسمية مع يعطونه من أموالهم من الصدقات باسم (حق) للإشارة إلى أنهم جعلوا السائل والمحروم كالشركاء لهم في أموالهم من فرط رغبتهم في مواساة إخوانهم إذ لم تكن الصدقة يومئذ واجبة، ولم تكن الزكاة قد فرضت، ومعنى كون الحق معلوما أنه يعلمه كل واحد منهم، ويحسبونه ويعمله السائل والمحروم بما اعتاد منهم.
ومجئ الصلة جملة أسمية لإفادة ثبات هذه الخصلة فيهم، وتمكنها منهم دفعا لتوهم الشح في بعض الأحيان لما هو معروف بين غالب الناس عن معاودة الشح للنفوس.أ.هـ( ).
قلت: وعلى ضوء ما سبق يمكن أن نستنتج أهم الأحكام التي تخص الزكاة في العهد المكي.
1- وجوب الزكاة في الأموال كلها، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ( ).
فهذه الآية مكية وهي تدل على وجوب الحق في كل ما تنتجه الأرض قال ابن عباس  عنهما: معروشات ما انبسط على الأرض مما يفرش مثل الكروم والزروع والبطيخ، وغير معروشات، ما قام على ساق مثل النخل وسائر الأشجار.أ.هـ( ).
ولا يصح أن يقال بأن الآية خاصة بالزروع، لكونها التي تحصد لأن لفظ الحصاد عام في كل ما أخذ من موضعه،كالزيتون والرمان.
قال الإمام ابن العربي: فإن قيل فقد قال تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ والذي يحصد الزرع، قلنا: جهلتم، بل هو عام في كل نبت في الأرض، وأصل الحصاد إذهاب الشيء عن موضعه الذي هو فيه، قال تعالى: مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ وقال حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِين.أ.هـ( ).
ومما يدل أيضاً على وجوب الزكاة في الأموال كلها قوله تعالى: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ( )، فهذه الآية مكية وهي تدل بعمومها على ما قلناه.
2- عدم تحديد المقدار المخرج ولا المخرج منه بل هذا أمر متروك لرب المال: قال تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ سورة المعارج، قال أبو السعود: أي نصيب معين يستوجبونه على أنفسهم تقرباً إلى الله تعالى ( ).
3- يجزئ في الزكاة بذل جزء من المال أو جزء من المنفعة، لما صح عن جمع من الصحابة  من اعتبار إعارة الحلي زكاته،وهم أصحاب لسان يحتج بلغتهم، ولمعاصرتهم التنزيل، ولم يرد في التشريع المكي تحديد أحدهما دون الآخر، بل ورد ما يدل على اعتبار كل ذلك زكاة قال الله تعالى: وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ( ).
وقد اختلف السلف في معنى هذه الآية هل المراد بها الزكاة أو غيرها، قال الإمام ابن كثير رحمها لله: وترجع كلها إلى شي واحد وهو ترك المعاونة بمال أو منفعة، ولذا قال محمد بن كعب: وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ قال المعروف ولهذا جاء في الحديث "كل معروف صدقة"( ).
ومما يزيد الأمر وضوحاً في حديثي أبي هريرة وجابر  عن النبي  أنه قال: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدى منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار". الحديث وجاء فيه: (ولا صاحب ابل لا يؤدى منها حقها، ومن حقها حلبها يوم وردها)( ). أما حديث جابر فجاء فيه: (ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدى حقها..) الحديث، وجاء فيه: قلنا يا رسول الله وما حقها: قال (إطراق فحلها وإعارة دلوها ومنيحتها وحلبها على الماء وحمل عليها في سبيل الله)( ).
فهذان الحديثان يدلان على ما دلت عليه الأدلة المكية من وجوب أصل الزكاة مع إجمالها للقدر والمخرج منه، إلا أنهما أبانا أن إعطاء جزء من منفعة المال يعتبر من أداء بعض الحق المتعلق في هذه الأموال.
فلما تقررت أحكام الزكاة في السنة الثانية من الهجرة انحصر وجوبها في إخراج جزء مخصوص من مال مخصوص بشروط معينة، وصار إخراج الحقوق الأخرى المتعلقة بالأموال أمراً مستحباً، لأنه ليس في المال حق واجب سوى الزكاة.
فعلى من نظر في مجموع أدلة الزكاة أن يتحرى الدقة في فهم دلالاتها عند التوفيق بينها لأن بعضها جاء مجملاً والآخر مفسرا له، أو عاما والآخر مخصصا له، ومن لم يسلك هذا المنهج بدقة، فستتعارض لديه بعض النتائج التي سيتوصل إليها مع ما قرره أهل العلم من القواعد الأصولية، وإليك مثالاً على هذا، وهو ما أورده أبو عبيد رحمه الله على المالكية والحنفية من الاحتجاج عليهم بمقتضى قولهم الآخر فقال: قال أهل العراق: لا صدقة في الإبل والبقر العوامل، لأنها شبهت بالمماليك، و الأمتعة، ثم أوجبوا الصدقة في الحلي، وأوجب أهل الحجاز الصدقة في الإبل والبقر العوامل، وأسقطوها عن الحلى وكلا الفريقين قد كان يلزمه في مذهبه أن يجعلها واحداً، إما إسقاط الصدقة عنهما، وإما إيجابها فيهما جميعاً، وكذلك هما عندنا سبيلهما واحد، لا تجب الصدقة عليهما لما قصصنا من أمرهما.أ.هـ( ).
لت: وكذلك مذهب الإمامين الشافعي وأحمد فقد قالا بإسقاطها عنهما جميعاً، فصار مذهبهما مطردا في التقعيد الأصولي، والفهم لأدلة الزكاة، والله أعلم.


الباب الأول: أدلة الذين لا يرون
وجوب الزكاة وفقهها
ذهب جمهور أهل العلم إلى عدم وجوب الزكاة في الحلي المستعمل أو المعد للاستعمال وهذا ثابت عن خمسة من الصحابة  وهم عائشة، وأسماء، وجابر، وأنس، وابن عمر، ولم يثبت عن غيرهم القول بخلافه إلا ما روى عن ابن مسعود  ، كما صرح به أبو عبيد ( )، وقال الحسن البصري رحمه الله: لا نعلم أحدا من الخلفاء قال في الحلي زكاة، وقال يحيى بن سعيد: سألت عمرة عن زكاة الحلي فقالت: ما رأيت أحد يزكيه ( ).
وهذا هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في الفتاوى 25/16،17، تلميذه ابن القيم كما في أعلام الموقعين 2/100/110.
وقد اعتمدوا على كثير من الأدلة المتفرقة في بطون كتبهم، لذا رأيت أن أجمعها في هذا الباب، مع بيان وجه الدلالة منها، والإجابة عن الاعتراضات الموجهة إليها، فإن لم أجد جوابا مدونا، اجتهدت في الإجابة عنها لظني أن هذه الاعتراضات لو وجدت في عصر الأئمة لأجابوا عنها أحسن جواب، فأسأل الله التوفيق إنه نعم المولى ونعم النصير.
الدليل الأول: حديث (تصدقن ولو من حليكن)
روى الإمام البخاري رحمه الله عن زينت امرأة عبدالله بن مسعود  قالت: كنت في المسجد فرأيت النبي  فقال: (تصدقن ولو من حليكن)( ).
وجه الاستدلال به:
قال ابن العربي رحمه الله: هذا الحديث الذي ذكره أبو عيسى، والذي ذكره البخاري يوجب بظاهره أنه لا زكاة في الحلي لقوله للنساء (تصدقن ولو من حليكن) ولو كانت الصدقة واجبة لما ضرب المثل به في صدقة التطوع.أ.هـ( ).
وقد عقد الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: باب العرض في الزكاة، وأورد فيه جملة أحاديث منها هذا الحديث، ثم قال بعده: فلم يستثن صدقة الفرض من غيرها، فجعلت المرأة تلقى خرصها وسخابها، ولم يخص الذهب والفضة من العروض.أ.هـ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: قوله: فلم يستثن، وقوله: فلم يخص، كل من الكلامين للبخاري ذكرهما بيانا لكيفية الاستدلال على أداء العرض في الزكاة، ثم رد عل الذين حملوا هذا الحديث على الوجوب بقوله: لأنه لو كان للإيجاب هنا لكان مقدراً، وكانت المجازفة فيه وقبول ما تيسر غي جائز، ويمكن أن يكون تمسك بقوله "تصدقن" فإنه مطلق يصلح لجميع أنواع الصدقات واجبها، ونفلها، وجميع أنواع المتصدق به عينا وعرضا، ويكون قوله: "ولو من حليكن" للمبالغة أي ولو لم تجدن إلا ذلك، وموضع الاستدلال منه للعرض قوله "وسخابها" لأنه قلادة تتخذ من مسك ( ) وقرنفل، ونحوهما تجعل في العنق.أ.هـ( ).
أما ما ذكره أبو الطيب السندي، والمباركفوري في شرحيهما لسنن الترمذي من أن الأمر في الحديث للوجوب كما في تحفة الأحوذى 3/279.
فإن في هذا بعداً، ومما يرده، ما قاله الإمام الطحاوي رحمه الله – وهو من سادات الحنيفة – في شرحه لهذا الحديث حيث قال: فبين أبو هريرة  في هذا الحديث أن رسول الله  إنما أراد بقوله: "تصدقن" في الصدقة التطوع التي تكفر الذنوب، ثم قال: فقال: لها رسول الله  : (تصدقن به على عبدالله، وعلى بنيه، فانهم له موضوع) فكان ذلك على الصدقة بكل الحلي، وذلك من التطوع لا من الزكاة، لأن الزكاة لا توجب الصدقة بكل المال، وإنما توجب الصدقة بجزء منه.أ.هـ( ).
وقد اعترض أحد الموجبين للزكاة على الاستدلال بهذا الحديث: فقال فالجواب على هذا: أن الأمر بالصدقة من الحلي ليس فيه اثبات وجوب الزكاة فيه، ولا نفيه، وإنما فيه الأمر بالصدقة حتى من حاجيات الإنسان، ونظير هذا أن يقال: تصدق ولو من دراهم نفقتك، ونفقة عيالك، فإن هذا لا يدل على انتفاء وجوب الزكاة في هذا الدراهم.أ.هـ.
قلت: أما قوله أن الأمر بالصدقة من الحلي ليس فيه اثبات وجوب الزكاة فيه، فصحيح لما سبق بيانه من أن هذا الحديث إنما ورد في صدقة التطوع.
وأما قوله: "ولا نفيه عنه" فغير صحيح بل إن الحديث يدل على نفي وجوب صدقة الحلي، وذلك أنه لم يكن من عادة الصحابيات التصدق من حليهن أصلاً لا الصدقة الواجبة، ولا الصدقة المستحبة، وقد أقرهن النبي  على ذلك، إذ لم يأمرهن بالصدقة به ابتداء وإنما حثهن على الصدقة منه إذا لم يجدن غيره، ثم إن حاجيات الإنسان إذا لم تكن محلا للصدقة المستحبة، فالأولى بها أن لا تكون محلا للصدقة الواجبة.
أما قوله: ونظير هذا أن يقال: تصدق ولو من دراهم نفقتك..الخ. فهذا مثال غير صحيح، لأن الدراهم محل للصدقة الواجبة والمستحبة باتفاق المسلمين، فلا يصح أن يمثل بها لما لا زكاة فيه وهي السخاب ( )، ثم هل الصحابيات يجهلن التصدق من الدراهم، حتى يصح أن يمثل به لما ضرب لهن به من الحث على صدقة التطوع.
والمثال الصحيح: أن يقال: تصدقن ولو من ثيابكن، لأن الأصل في الثياب عدم وجوب الزكاة فيها بالاتفاق، وهذا هو أصل ما تصدقن به من السخاب فهذان المثلان اتفقا في عدم وجوب الزكاة في أصلهما، فصح التمثيل بهما، ولا يصح ما ضربه من مثال لوجود الاختلاف بينهما.
ثم إن الإمام البخاري قد اعتبر هذا الحديث من الأدلة على صحة دفع العرض في الزكاة، كما سبق، والعرض هو المتاع الذي لا نقد فيه كما في لسان العرب 7/168. فما مثل به يخالف ما ذهب إليه الإمام البخاري، ووجه هذه المخالفة أنه مثل للعرض الذي لا نقد فيه بعين النقد، وهي الدراهم، وبهذا يظهر سلامة استنباط جمهور أهل العلم من أن هذا الحديث يدل على عدم وجوب زكاة الحلي، والله أعلم.




الدليل الثاني: حديث "ليس في الحلي زكاة"
روى هذا الحديث جماعة من أهل العلم مرفوعا: منهم الديلمى في كتابه فردوس الأخبار 3/439، والبيهقي في الخلافيات، لوحه 144، وفي المعرفة أيضاً، ورواه بان الجوزي في التحقيق لوح 196، ورواه الطبرى ( ) كما في المبدع 2/369.
رووه جميعا من طريق أحمد بن عمر بن جوصا عن إبراهيم بن أيوب عن عافية بن أيوب عن الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر أن النبي  قال: "ليس في الحلي زكاة".
قال البيهقي في الخلافيات لوحة 144: الصحيح أنه موقوف على جابر، وقال في المعرفة: وما يروى عن عافية بن أيوب عن الليث عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا: ليس في الحلي زكاة، فباطل لا أصل له، إنما يروى عن جابر من قوله، وعافية بن أيوب مجهول، فمن احتج به مرفوعاً كان مغررا بدينه، داخلا فيما نعيب به المخالفين من الاحتياج برواية الكذابين.أ.هـ( ).
وقال الألباني: في سنده علة أخرى، فإنه من إبراهيم بن أيوب الراوي له عن عافية، فقد ذكره أبو العرب في الضعفاء، ونقل عن أبي طاهر أحمد بن محمد بن عثمان المقدسي أنه قال: إبراهيم بن أيوب حوراني ضعيف، قال أبو العرب: وكان أبو طاهر من أهل النقد والمعرفة بالحديث بمصر، وقال أبو حاتم: لا أعرفه.
فهذه هي علة الحديث، وإن الباحث المدقق ليعجب من ذهول كل من تكلم على الحديث عنها، وانصرافهم إلى تعلله بما ليس بعلة قادحة، وذلك كله مصداق لقول القائل: كم ترك الأول للآخر، وللحديث علة أخرى وهي الوقف، فقال ابن أبي شيبة 4/27، وعبده بن سليمان عن عبدالملك عن أبي الزبير عن جابر قال: لا زكاة في الحي، قلت: إنه يكون فيه ألف دينار؟ قال: يعار ويلبس.
وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وأبو الزبير قد صرح بالسماع، وقد تابعه عمرو بن دينار قال: سمعت رجلاً يسأل جابر بن عبدالله عن الحلي: أفيه الزكاة؟ فقال جابر: لا، فقال وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: كثير.أ.هـ( ).
هذا ما وقفت عليه من الطعون الموجهة إلى هذا الحديث وهي منحصرة في ثلاثة أمور: ضعف إبراهيم بن أيوب، وجهالة عافية بن أيوب، والوقف، وسأتكلم على هذه الأمور الثلاثة بالترتيب فيما يلي:
الطعن الأول: ضعف إبراهيم بن أيوب: إن ما قاله الشيخ الألباني من أنه لم ير أحداً بقه إلى الطعن في هذا الحديث من قبل إبراهيم بن أيوب صحيح، ولكن هل هذا الطعن صحيح هذا ما سيظهر فيما يأتي إن شاء الله.
إن إطباق المحدثين على عدم الطعن في هذا الحديث من قبل إبراهيم مع أنهم تصدوا لدراسته ليبعث على الريبة في صحة القول بضعفه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الشيخ وقف على ترجمة في لسان الميزان، فاعتمدها حجة، ولم يبحث عن إبراهيم بن أيوب، خصوصا وأنه جاء في إسناد حديث جابر غير منسوب، فكان أولى به أن يتحرى ويدقق، وبعد البحث الطويل في ما لدي من كتب الرجال تبين لي أن من يسمى بإبراهيم بن أيوب خمسة وهم:
1- إبراهيم بن أيوب الحوراني الدمشقي الزاهد، وكان رجلاً صالحا، وقد اثنى عليه الأئمة خيرا كالخطيب البغدادي وابن عساكر، وقال السمعاني في النسب إلى حوران: والمشهور بالنسبة إليها إبراهيم بن أيوب الشامي الحوراني، كان من عباد الله الصالحين.أ.هـ.
وقال ابن أبي حاتم: إبراهيم بن أيوب الحوراني الدمشقي من العباد، وقال ابن ماكولا: أما الحوراني بفتح الحاء المهملة، والراء، فهو إبراهيم ابن أيوب الشامي الحوراني، كان من الصالحين.أ.هـ.
مات سنة 238 كما قال ابن عساكر ( ).
2- إبراهيم بن أيوب الدمشقي، حكى عن الأوزعي وحكى عنه الحسن ابن الصباح البزار، وهو غير الأول، وقد فرق بينهما ابن عساكر في تاريخه حيث عقد لكل واحد ترجمة ( ).
3- إبراهيم بن أيوب الطبري البغدادي شيخ سليمان بن أحمد الطبراني كما في تاريخ بغداد 6/45.
4- إبراهيم بن أيوب الجرجاني شيخ من أهل استراباذ، كما في تاريخ جرجان ص515.
5- إبراهيم بن أيوب العنبري أبو إسحاق الفرساني الأصبهاني، سمع من الثورى، والمبارك بن فضالة، وكان صاحب تهجد وعبادة لم يعرف له فراش أربعين سنة، كما في كتاب ذكر أخبار اصبهان 1/172، وقال السمعاني في النسب إلى فرسان: ومن القدماء أبو إسحاق إبراهيم ابن أيوب الفرساني العنبري من أهل اصبهان، وكان صاحب ليل وعبادة لم يعرف له فراش منذ أربعين سنة.أ.هـ( ).
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: لا أعرفه.أ.هـ( ).
وترجم له الذهبي في الميزان وقال: قال أبو حاتم: مجهول، قاله عنه ابن الجوزي، وما رأيته في كتاب ابن أبي حاتم، بل فيه أنه روى عنه النضر بن هشام وعبدالرزاق بن بكر الاصبهانيان.أ.هـ( ).
قلت: لعل الذهبي وقف على نسخة لم يذكر فيها قول أبي حاتم وإلا فإنه مذكور كما في النسخة المطبوعة.
هذا كل ما وقفت عليه ممن يقال لهم إبراهيم بن أيوب، إلا أن الحافظ ابن حجر رحمه الله: عقد ترجمة لإبراهيم بن أيوب في اللسان وقال فيها: إبراهيم بن أيوب الجوزجاني، ذكره أبو العرب في الضعفاء ونقل عن أبي الطاهر أ؛مد بن محمد بن عثمان المقدسي أنه قال: إبراهيم بن أيوب حوراني ضعيف، قال أبو العرب، وكان أبو الطاهر من أهل النقد والمعرفة بالحديث بمصر.
حدثنا إبراهيم بن أيوب الفرساني الأصبهاني عن الثوري وقائد الأعمش قال أبو حاتم: مجهول، قاله عنه ابن الجوزي..الخ ( ).
كذا جاءت هذه الترجمة في النسخة المطبوعة، وإنه ليظهر لمن تأملها أن المراد به راو غير الخمسة الذين مر ذكرهم، لأنه وصفه بأنه جوزجانياً حورانياً فرسانياص اصبهانياًن وقد جهله أبو حاتم، وضعفه المقدسي،إلا أنه بعد الرجوع إلى مخطوطتين للسان الميزان، وهما: مخطوطة المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة رقم 380، ومخطوطة أحمد الثالث رقم 2944 تبين أنه وقع في النسخة المطبوعة، تصحيف، وزيادة وخلط ترجمتين في ترجمة واحدة وبيان هذا فيما يلي:
I- صحف الحوراني إلى الجوزجاني.
Ii- زيدت كلمة "حدثنا" بعد قول أبي العرب: وكان أبو طاهر من أهل النقد والمعرفة بالحديث بمصر.
Iii- ادخل ترجمة إبراهيم بن أيوب الفرساني الأصبهاني في ترجمة إبراهيم بن أيوب الحوراني، وحق هذه الترجمة أن تفصل عن سابقتها، وإن تعطى رقماً تسلسلياً، ويمكن تحقيق هذا… بحذف كلمة "حدثنا" ووضع بدلها رقماً. لأنه بهذا تنفصل الترجمتان.
Iv- وقع اختلاف بين المخطوطتين في المقدسي، فجاء في نسخة المحمودية: المقدسي، إما نسخة أحمد الثالث فجاء فيها: المدبى، كذا بلا نقط، ولعله وقع تصحيف فيها، لتوافق المطبوعة مع مخطوطة المحمودية.والله أعلم.
ثم إن إبراهيم بن أيوب الحوراني المشهور بهذه النسبة ليس جوزجانياً ولا أصبهانياً كما أن الأصبهاني الفرساني لم ينسب إلى جوزجانان في المصادر التي بين أيدينا ( ).
فتبين بهذا أن اعتبار الشيخ الألباني تجهيل أبي حاتم للفرساني الأصبهاني تجهيلاً للحوراني. غير صحيح، ولعل الشيخ اعتمد على نسخة اللسان المطبوعة دون غيهرا. كما هو ظاهر إحالته عليها فقط، ولو نظر في كتاب الجرح وا
التوقــيـــــــــــــــــــــع


زكاة الحلى 735245218
زكاة الحلى 496443645

زكاة الحلى Empty رد: زكاة الحلى

avatar
زائر
زائر
تمت المشاركة الخميس سبتمبر 13, 2012 9:30 pm


تَسلٍـم ألآيآدي
ع أإلموضوع أإلقيم
الله يـ ع’ـطيگ الــ ع’ـآفيه
بارك الله فيك وسدد خُطاك
وجزاك الفردوس الأعلى
ومآ ننح’ـرم منگ يآرب
بآنتظـآر ج’ـديدگ

زكاة الحلى 134688270461

زكاة الحلى Empty رد: زكاة الحلى

avatar
خالد
عضو متقدم
عضو متقدم
رقم العضوية : 12507
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4200 نقاط التميز : 5413 تقييم العضو : 142 التسجيل : 01/05/2012 العمر : 36 الإقامة : في دارنا
تمت المشاركة الخميس سبتمبر 13, 2012 9:45 pm
شكرا الاخت ايمان على المرور العطر والرد جميل
الله يجمعنا في الفردوس الاعلى
تشكراتي لك
يفرحني ويسعدني ردك في مواضيعي
تحياتي لك
التوقــيـــــــــــــــــــــع


زكاة الحلى 735245218
زكاة الحلى 496443645
استعرض الموضوع التاليالرجوع الى أعلى الصفحةاستعرض الموضوع السابق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى