استعرض الموضوع التالياذهب الى الأسفلاستعرض الموضوع السابق

رمضانُ قلبٍ Empty رمضانُ قلبٍ

mreim
mreim
عضو مميز
عضو مميز
رقم العضوية : 6854
الجنس : انثى عدد المساهمات : 1483 نقاط التميز : 1718 تقييم العضو : 22 التسجيل : 28/07/2010 العمر : 30 الإقامة : المسيلة
تمت المشاركة الإثنين أغسطس 16, 2010 4:03 pm
  • تقييم المساهمة: 100% (1)
رمضانُ قلبٍ
عبد الله بن سليمان العُتَيِّق
يَهبُ الله، تعالى، عباده أياماً مليئة بفيض رحماته و أفضاله، يبعثُ فيهم فيها روحَ الإقبال عليه، و يُحيي فيهم حقائق التوجه إليه، ليُعطيهم في حال الإقبال مزيداً كثيراً، محض جودٍ منه عليهم، و هو الجواد الكريم. رمضان من تلك الأيام الموهوبة للعباد، و الممنوحة للخلق كلهم، فقد جعله الله زمنا مباركا، و خصَّه بالكثير من الخيرِ، و إن الخيرَ إنْ كان ليكْمُنُ في الإنسان، و لكن للظروفِ خصائص كما له.

في رمضان يقوم الإنسان بالإمساك و الحبس للنفس عن النقائصِ التي لا تليق به في حال الزمان، و إن كانت لا تليق في كل حال، و عن المُنقصاتِ للكمال، و القاطعات عن بلوغ التمام في الأعمال، ليكون الإمساك مِسكاً، و الحبْسُ حَسَباً، فتتحقق في الإنسان إثْرَ ذلك المعاني المقصودة من إلزام الإنسان بعبادة الإمساك، فتتم له عبودية الامتثال في الحبس. فذاك الإمساك هو سر رمضان، فليس الإمساك الظاهرُ إلا صورة لإمساكٍ باطنٍ، فالإمساك ما بين أن يكون شيئاً واجباً ظاهراً، في حبسِ النفسِ عن ممارسة الأشياء الظاهرةِ كـ : الأكل و الشرب و غيرها. وما بين أن يكون شيئاً واجباً، كمالاً، باطنيا، لا يقدر عليه إلا من أدرك و عرف سر الصيام المخصوص به شهر رمضان، و هو صيانة البواطنِ من الأدران، و العناية بها من الصارفاتِ عن كمال التمام في الإقبالِ على الإمساك عن النفسِ و حبسها عن مراداتها لتكون في جنة مرادات الله تعالى، فذاك سر الصيام الذي من أدركه أدرك كمالات الاختصاص المكنونة في ” الصوم لي، و أنا أجزي به”. فتلك هي حقيقة الصيام المُرادة، و سرُّه المُبتغَى.

عندما تتحقق النفس بحقيقة هذه الأسرار الصومية، و خصوصيتها في أيام رمضان، فإنها تتهيأ للقيام بوظائف اللجوء إلى الله تعالى في ظلال تلك المعرفة النورية، فتنطلق الروحُ في عبادات من أنواع شتَّى، تتمتع بأنوارها، و تتلمَّس أسرارها، فتكون فيها في حالين: حالِ تعبُّدٍ، قائمٍ على قانون دين، و حالِ تذَوُّقٍ، قائم على إدراكات الروح، و فتوحات الرب تعالى. و لا كمال للحال الثاني إلا على طريق الحال الأول، فالأول دربٌ و الثاني دأبٌ.

للقرآن في رمضان طعمٌ خاص، من حيثُ اختصاص إنزاله فيه، و من حيثُ فضائل الإكثار منه، و من حيثُ إقبال الناسِ عليه، فله في رمضان حالٌ ليس في غيره من أيام الأشهر الأخرى، فكأنه غدا قرآناً خاصا. و هنا تذوقٌ للتعبُّدِ بالقرآن، في أن يستشعر الإنسان القارئَ حين يقرأ القرآن في رمضان أنه مقصود به في كلِّ حرفٍ، فكأنه مُخاطباً به، و أيضاً أن ينظرَ للآي نظرةَ الاقتباسِ و استلهام الحكمة، و أن ينظرَ إلى القرآن نظرة الإجلال الفردية منه له، دون أية اعتبارات أخرى، فالحتمُ أنه سيكون في كل ذلك في حالِ كمالٍ من الإقبال على القراءةِ للقرآن، لأنه سيكون في كل لحظة على موعد مع جديد منه، و هنا سيكون الله متفضلاً على الإنسان بمنحه ما يقصده، فمن صدقَ في الطلب نال المطلوب. و لا سَبْقَ إلا لمن صدقَ. في مثل هذه الحال مع القرآن، و النفسُ حينها تجد من لذة القراءة ما لم تجده من قبل، و تكتشف من سر القرآن و نوره الكثير، فللأزمنة بركات، من الجميل أن يكون الإنسان معه ما يقيِّد و يكتبُ به ما يرِدُ على قلبه من معرفةٍ و فائدة حول آيٍ يقرأ فيها، و ليس في ذلك ما يمنع، لا من حيث الدين و لا من حيثُ العقل، فالفهوم ليست محصورة على أحد، على قاعدةِ ” رُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيه”. فللفوائد و المعارف أوقات طائرة، لا تقع إلا مرة، فإن صِيْدَت و إلا ذهبت حيث تحُطُ رِجلَ رحلها.

تميل النفوس في رمضان إلى الاختلاءِ بأرواحها، و الانعزال عن الناس بالاعتكاف في البُعد في محاريب القلب، ما بين اشتغال بذكر، أو عمارة بصلاة، أو مزاولة لفعل خيرٍ، و خلوة الروح من جميل منائح الله للإنسان في رمضان، فإنه سيكون فيها في إقبال على النفس، تأصيلاً في كمال، وتكميلاً بخصال، قد لا تتهيأ للإنسان إلا في رمضان آتٍ، و ما كل منتظرٍ مُدركٌ. فخلوة الروح بذاتها في رمضان محلٌّ خصبٌ ليكون الإنسان ناهضا بنفسه، و عامراً لوقته. و الخلوات مصانعُ الجلوات، و ما تمَّ لكاملٍ أمرٌ، و لا تحقَّقَ له شأن إلا و له في الخلوة بالروح نصيب كبيرٌ. و لأجل هذا كانت الأنبياء ذاتُ سُنةٍ في الاختلاء بأرواحهم، و خلوة الروح في رمضان تكمنُ في لزوم أماكن التعبُّدِ للتعبُّدِ بالقرآن أو الصلاة أو الذكر، و تكمن في لزوم أيامٍ عشْرٍ في آخره، كلها أو بعضها، يخلو الإنسان بروحه و ذاته وقتا طويلاً في الإقبال على محراب الله تعالى، لينهل من فيضِ الإقبالِ عليه.

في تلك الخلوات جود الإنسان على نفسه بالكثير الطيبِ من العمل الصالح المحمود، و حيث كان الإنسان ابناً لمجتمعه، و جزءاً منه، كان من جميل العمل في رمضان، و من كمائل الخيرِ فيه، أن يُقبل الإنسان بالجود على الآخرين، فيكون عوناً و مساعداً ومعطاءً لغيره ممن يحتاج إليه، فكما منحه الله ليقوم بذلك لنفسه و على نفسه، فهو أمره ليقوم بذلك على غيره و لغيره، ليعود عطاؤه عليه، فيكون كدولابِ ماءٍ متجدد السقاية. و الجودُ في أيام رمضان من أكمل الجود، فهو جودُ روحٍ، وجود الروح كمالٌ و جمالٌ في جلال. و لا يكون ذلك إلا فيه، لفضل الزمان ليس إلا. و لا حدَّ للجود، فالكريم لا يحكُمُ كرمَه قيدُ أحدٍ، و ما يُقيِّدُ الكرمَ إلا بخيلٌ، فالكريم ” يُعطي عطاءَ من لا يخشى الفقر” و هو موصوفٌ بسرِّ الجائدين الذين ” يُؤْثِرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة”. و لا أجودَ من الجود على النفس، و على من يتبع، على سُنَّةِ ” عليك بخاصةِ نفسكَ” و قانون ” ابدأ بمن تعول “.

من خلال ذلك يُدرك الإنسان أن الصيامَ ليس عملاً ظاهراً، و إنما أمرٌ أريدت منه أمورٌ كثيرة، لا يستوعبُ الناس حصرَها، و لو تكلَّفوا التنقيبَ، فالأسرارُ كِثارٌ و السعيُ عِثارٌ. فليكن رمضانُ الإنسان رمضانَ قلبٍ لا رمضان جسدٍ.
التوقــيـــــــــــــــــــــع


فَلترسُمني الدُّنيا،
طيراً في سَمَاءِ النّقاء
يكرهُ السُّجُون
وَيطيرُ حُراً كيفَ يشاء
لا يمسُّ الأرض إلا ساجداً لِربِّ السّماء

رمضانُ قلبٍ Empty رد: رمضانُ قلبٍ

بوك
بوك
عضو مطرود
عضو مطرود
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 9166 نقاط التميز : 10738 تقييم العضو : 181 التسجيل : 02/05/2010 الإقامة : *في المنتدى*
تمت المشاركة الإثنين أغسطس 16, 2010 4:10 pm
بارك الله فيك على هذا الطرح
الرائع جعله الله في
حسناتك
التوقــيـــــــــــــــــــــع


رمضانُ قلبٍ Image

رمضانُ قلبٍ 4869-14

رمضانُ قلبٍ Empty رد: رمضانُ قلبٍ

mreim
mreim
عضو مميز
عضو مميز
رقم العضوية : 6854
الجنس : انثى عدد المساهمات : 1483 نقاط التميز : 1718 تقييم العضو : 22 التسجيل : 28/07/2010 العمر : 30 الإقامة : المسيلة
تمت المشاركة الإثنين أغسطس 16, 2010 7:54 pm
شكرا على المرور
التوقــيـــــــــــــــــــــع


فَلترسُمني الدُّنيا،
طيراً في سَمَاءِ النّقاء
يكرهُ السُّجُون
وَيطيرُ حُراً كيفَ يشاء
لا يمسُّ الأرض إلا ساجداً لِربِّ السّماء

رمضانُ قلبٍ Empty رد: رمضانُ قلبٍ

bilel 24
bilel 24
عضو مميز
عضو مميز
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 1533 نقاط التميز : 1943 تقييم العضو : 22 التسجيل : 16/03/2010 العمر : 39
تمت المشاركة الثلاثاء أغسطس 17, 2010 6:43 am
شكرا لك الاخت مريم على الطرح الرائع وبارك الله فيكي الاخت
التوقــيـــــــــــــــــــــع


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
رمضانُ قلبٍ 106k

رمضانُ قلبٍ Empty رد: رمضانُ قلبٍ

ابتسام92
ابتسام92
عضو فعال
عضو فعال
الجنس : انثى عدد المساهمات : 933 نقاط التميز : 1044 تقييم العضو : 9 التسجيل : 27/02/2010 العمر : 31 الإقامة : الجزائر
تمت المشاركة الثلاثاء أغسطس 17, 2010 1:00 pm
جزاك الله خيرا
رمضانُ قلبٍ 565164
التوقــيـــــــــــــــــــــع


**** باك 2011***
ادعولي بالنجاح

رمضانُ قلبٍ Empty رد: رمضانُ قلبٍ

mreim
mreim
عضو مميز
عضو مميز
رقم العضوية : 6854
الجنس : انثى عدد المساهمات : 1483 نقاط التميز : 1718 تقييم العضو : 22 التسجيل : 28/07/2010 العمر : 30 الإقامة : المسيلة
تمت المشاركة الثلاثاء أغسطس 17, 2010 4:03 pm
شكرا على مروركم
الذي انار صفحتي
وزادها جمالا واشراقا
التوقــيـــــــــــــــــــــع


فَلترسُمني الدُّنيا،
طيراً في سَمَاءِ النّقاء
يكرهُ السُّجُون
وَيطيرُ حُراً كيفَ يشاء
لا يمسُّ الأرض إلا ساجداً لِربِّ السّماء

رمضانُ قلبٍ Empty رد: رمضانُ قلبٍ

فراسبيتو
فراسبيتو
عضو محترف
عضو محترف
رقم العضوية : 3079
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 7200 نقاط التميز : 10794 تقييم العضو : 40 التسجيل : 28/01/2010 الإقامة : الجزائر
تمت المشاركة الأربعاء أغسطس 18, 2010 4:08 pm
رمضان كريم
الله يعطيك العافية
التوقــيـــــــــــــــــــــع


رمضانُ قلبٍ Alazaheer.coma0a400

رمضانُ قلبٍ Empty رد: رمضانُ قلبٍ

mreim
mreim
عضو مميز
عضو مميز
رقم العضوية : 6854
الجنس : انثى عدد المساهمات : 1483 نقاط التميز : 1718 تقييم العضو : 22 التسجيل : 28/07/2010 العمر : 30 الإقامة : المسيلة
تمت المشاركة الأربعاء أغسطس 18, 2010 8:07 pm

رمضانُ قلبٍ 996225
رمضانُ قلبٍ 896542
التوقــيـــــــــــــــــــــع


فَلترسُمني الدُّنيا،
طيراً في سَمَاءِ النّقاء
يكرهُ السُّجُون
وَيطيرُ حُراً كيفَ يشاء
لا يمسُّ الأرض إلا ساجداً لِربِّ السّماء
استعرض الموضوع التاليالرجوع الى أعلى الصفحةاستعرض الموضوع السابق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى